الخميس، 3 مارس 2016

لماذا غابت الإمارات ومصر عن البيان المشترك لإدانة التدخل الروسي في سوريا ؟



في أخبار رئيسية, تسريبات سرية, تقارير ودراسات 3 أكتوبر,2015

عرب برس – خاص

بعد التدخل الروسي في سوريا من أجل حماية نظام بشار الأسد الذي كان قريبا من السقوط بيد المعارضة، أصدرت 7 دول عربية وغربية وهي فرنسا وألمانيا وقطر والسعودية وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية بيان مشتركا دعت فيه إلى وقف روسيا لضرباتها الجوية في سوريا.

وأوضح البيان أن الدول الموقعة تعرب عن قلقها العميق حيال التواجد العسكري الروسي في سوريا ، خاصة هجمات سلاح الجو الروسي في منطقة حماه وحمص وإدلب ، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين ولم تصب أهدافاً لتنظيم ” داعش” ، مشددا على أن هذه العمليات العسكرية قد تؤدي إلى التصعيد وخلق بيئة للتطرف .

ولكن من الملفت أن كل من الإمارات ومصر غابتا عن هذا البيان المشترك، حيث يؤكد هذا الغياب أن كلا الدولتين قد اختارت الوقوف مع الجانب الروسي لدعم نظام بشار الأسد وضرب المعارضة الإسلامية التي حققت انتصارات كبيرة على النظام السوري مؤخرا.

ويؤكد هذا التحليل ما نشره “عرب برس” سابقا حول اتفاق موسكو السري الذي جمع كل من الإمارات والأردن ومصر وإيران وسوريا، والذي يهدف إلى حماية نظام بشار الأسد والوقوف ضد المعارضة السورية وخاصة الإسلامية منها.

فالإمارات ومصر وحتى الأردن قد اخترات الوقوف مع التدخل الروسي من أجل حماية النظام السوري وضرب المعارضة السورية سواء الإسلامية منها وحتى المعتدلة المتمثلة بالجيش الحر وهذا ما يفسر الضربات الجوية الروسية للمعارضة المعتدلة وعدم الاكتفاء بضرب تنظيم “داعش” كما أشيع في بداية التدخل الروسي في سوريا.

وقد تضمن اتفاق موسكو السري لحماية نظام بشار الاسد على العديد من البنود لحل الأزمة السورية وفقا للرؤية الروسية والأمريكية وبالتنسيق مع بعض قادة العرب والنظام الايراني إلى جانب نظام بشار الأسد.

فحسب المعلومات التي حصل عليه “عرب برس” فإن الاتفاق الذي وافق عليه قادة العرب الثلاثة وهم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري الجنرال عبدالفتاح السيسي تضمن الموافقة على تقسيم سوريا إلى دويلات لضمان بقاء بشار الاسد في القسم العلوي الذي يشمل الساحل السوري ومنطقة العاصمة، بينما ستستقر المعارضة السورية في القسم السني بعد أن تتمكن من دحر عناصر تنظيم “داعش” من المناطق المخصصة لتكون جزء من دولة المعارضة.

وتضمن الاتفاق التدخل العسكري لروسيا في سوريا بأن تقوم بالانزال العسكري في اسرع وقت ممكن إلى جانب تسليح جيش النظام السوري لضمان عدم سقوطه، لأنه في حال سقوطه سيستولي الإسلاميين على الحكم وهذا ما لاتريده إسرائيل ولا الزل الغربية وكذلك التحالف العربي الثلاثي المتمثل بالإمارات والأردن ومصر وهي الدول التي اجتمع قادتها في موسكو ووقعوا على اتفاق موسكو السري من أجل سوريا.

ونص الاتفاق على خلق جبهة موحدة ضد “داعش” والمحظور في روسيا، تستند لتدشين تحالف بين جيشي العراق وسوريا والأكراد وبدعم لوجستي من دول المشرق العربي، حيث إن مسلحي التنظيم الإرهابي يتحركون بقوة للاستيلاء على مواقع الجيش العراقي والسوري، مشيرة إلى أن الجيش العراقي أعلن في مايو الماضي استيلاء “داعش” على 10 دبابات “أبرامز” أمريكية تابعة للجيش العراقي.

وتشجيعا من الدول العربية على الموقف الروسي تم الاتفاق على استثمارات خليجية في روسيا تقدر بعشرات المليارات من الدولارات كما تم الاتافق على صفقات اسلحة روسية إلى الدول العربية حتى تتخل روسيا وتنفذ اتفاق موسكو السري فقد وافقت الإمارات على الاستثمار في روسيا وايضا وافقت مصر على شراء الأسلحة الروسية فقد وقعت اتفاقيات لتوريد سلاح من روسيا بنحو 3.5 مليار دولار كما تمت الموافقة على بناء محطة طاقة نووية في مصر، وفي حالة تنفيذ المشروع يُتوقع أن تصل قيمة العقد لـ6 مليارات دولار، ويفترض أن يكون العقد لبناء محطتين للطاقة النووية، ويعد هذا أكبر عقد مدني بين مصر ورسيا منذ أيام “السد العالي”، حد تعبيرها.

ومن الجانب الآخر فإن الاتفاق لم يدشن إلا بعد الموافقة الأمريكية اتفق الجانبان الروسي والأمريكي على موضوع بقاء مؤسسات الدولة السورية وعدم هدمها منعا لإحداث فراغ تملؤه الجماعات المتطرفة، وواشنطن فوضت موسكو إدارة هذا الملف، وبينهما تفاهم غير معلن على أن بقاء بشار الأسد مرتبط بضمان ان إزاحته لا تعني استيلاء المتطرفين على الحكملكن صيغة هذا البقاء ومداه الزمني لم تحسم إلى الآن، وهو ما يمكن استنتاجه من ابدال تركيا مصطلح إسقاط النظام السوري ورئيسه، ب “دعم الديموقراطية وتعزيزها في سوريا“.

وكانت زيارة الزعماء الثلاثة (الأردني والمصري والإماراتي) ، التحضير مع موسكو للاتافق السري الذي نص على العمل من أجل الوصول إلى مقاربة في شأن الأسد تقبل بها السعودية وروسيا، خصوصا أن الأخيرة هي التي طرحت بعد زيارة ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع محمد بن سلمان واجتماعه ببوتين، تأليف تحالف لمواجهة التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها داعش.

اتفاق موسكو نجح إلى حد بعيد في إقناع السعودية وحلفائها بالحل السياسي للأزمة السورية. وهو ما تجلى في استقبال الرياض رجل المخابرات السوري القوي علي مملوك المقرب من الأسد.هذا فضلا عن زيارات لمسؤولين سوريين لدول عدة، أبرزها سلطنة عمان، التي يرجح أن تكون المكان الذي يدار فيه عمليات التفاوض حول ملف التسوية السياسية للأزمة السورية، بالقياس إلى الدور الذي اضطلعت به مسقط في مفاوضات الملف النووي الإيراني.

اتفاق موسكو لم يقتصر على الملف السوري، فالملف الليبي كان جزءا من المحادثات بين عبدالله الثاني وبوتين. إذ يتوقع مراقبون أن مثلث (عمان- القاهرة- أبوظبي) سينخرط في الأزمة الليبية ويدعم الجنرال خليفة حفتر.

وكان الملف اليمني حاضرا أيضا في اتفاق موسكو السري وذلك من خلال استثمار علاقة روسيا بإيران،الداعمة للحوثيين، للضغط عليها لحلحلة الوضع في اليمن، مما يريح السعودية ويجعلها تخفف شروطها حيال الأزمة السورية.

وهذا يفسر التراجع الحوثي في اليمن والانتصارات التي حققها التحالف العربي وأيضا تراجع التصريحات الايرانية ضد التحالف العربي ، وتراجع دعم طهران لجماعة الحوثي حيث نص الاتفاق أن تتراجع ايران عن دعم الحوثي في مقابل دعم نظام بشار الأسد الموالي لإيران.

ويهدف اتفاق موسكو السري إلى إعادة ترميم علاقات موسكو مع دول المنطقة وحضورها لديها، بعدما أصيبت بالعطب نتيجة موقف موسكو الداعم لسوريا وإيران. فروسيا تتحسب للمستقبل من وحي اقتناع بأن إبقاء بشار بات شبه مستحيل، وهي تريد صلات تمكنها بعد اليوم التالي من إزاحته، من تثبيت وجودها وحضورها في المنطقة.

وكانت نتائج الاتفاق السري مذهلة فقد حصلت موسكو على صفقات مليارية من قبل الجانب العربي فقد اتفق محمد بن زايد مع يوتين على التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وذلك من خلال التنسيق بصورة وثيقة في إطار منتدى الدول المصدرة للغاز، كما أن هناك مشروعا كبيرا لشركتي “روس نفط” و”كريسنت بتروليوم” لتطوير حقل نفطي في إمارة الشارقة، كما تجري “روس نفط” مفاوضات مع شركة إماراتية أخرى هي “مبادلة للبترول” حول تطوير حقلين في سيبيريا الشرقية.

كما فازت موسكو بصفقة كبرى مع الأردن وهو بناء أول محطة كهروذرية، تتولى شركة “روس أتوم” الروسية تشييدها، وأوضحت الدائرة الصحفية للكرملين أنه من المخطط إنجاز تشييد المحطة بحلول عام 2020. وبعد تشغيل المحطة، من المقرر أن تبلغ نسبة الطاقة النووية بالأردن نحو 15 %. أما قيمة المشروع فتقدر بـ5.4 مليارات دولار.

صفقات سياسية وتجارية وعسكرية تضمنت اتفاق موسكو السري الذي لم يقتصر فقط على الملف السوري ولكنه كان الملف الرئيسي في الاتفاق إلى جانب تضمين الملفات الأخرى في الاتفاق وهما ملف ليبيا واليمن والإرهاب وحرب داعش في مقابل حصول موسكو على صفقات مليارية مع الدول العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق