الجمعة، 22 أبريل 2016

عبد الله المفلح: أمريكا تريد أن تتخلى عنا لكنها لا تريدنا أن نتخلى عنها !


عبدالله المفلح

بقلم د. عبد الله المفلح
التوتر الأمريكي اليوم يشبه توتر المرأة التي تقترب من سن اليأس فتبدأ بإنكار الحقائق الدامغة مثل توقف الطمث وظهور التجاعيد وترهل الجسد  .
حلال على الروس تمريغ الأنف الأمريكي باعتراض المقاتلات الأمريكية في الجو وتهديدها . وحلال على الإيرانيين تمريغ الأنف الأمريكي باحتجاز القوارب الأمريكي وبحارتها . وحرام على السعودية أن تدافع عن نفسها وتفرض وجودها وتوقف الأعداء عند حدهم !
أمريكا تريد أن تتخلى عنا لكنها لا تريدنا أن نتخلى عنها !
Come on Mr. President
أمريكا متوترة جداً من حقيقة أن السعودية قللت من اعتمادها عليها ، بعد أن وجدتها تنحاز إلى صف الإيرانيين . ومتوترة جداً من أن القوة السعودية الصاعدة آخذة في تغيير قواعد اللعبة التي كان يعتقد الأمريكان أن تغييرها حقاً حصرياً لهم إلى يوم القيامة .
أمريكا لا تريد السعودية حليفاً بل عبداً ، والسيد أوباما أعلن عن ذلك صراحة في لقائه بجريدة ذي أتلانتك ، حين ذكر " أنه حزين لأن العقيدة السياسية الخارجية تجبره على التعامل مع السعودية كحليف للولايات المتحدة " ...
" السيد أوباما يريد أن يكون السعوديون أمريكيين أكثر من الأمريكان وإيرانيين أكثر من الإيرانيين  ، وأن يقدموا مصلحة أمريكا وإيران على مصلحة بلدهم " .
Come on Mr. President
يزورنا السيد أوباما على وقع مناقشة الكونغرس لمشروع قرار يجرم الحكومة السعودية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2011 ويطالبها بمليارات الدولارات كتعويضات للضحايا ال3000 الذين سقطوا . بالتأكيد لن يتكلم السيد أوباما عن مليون عراقي تسببت حكومته في قتلهم ، ولن يتكلم عن عشرات الألوف من الأفعان الذين سقطوا ضحايا طائراته وصواريخه . وقطعاً لن يتكلم عن 400 ألف سوري سقطوا ضحايا حمايته لنظام الأسد ومنع حكومته تسليح الثوار . دع عنك ملايين المهجرين وعشرات الألوف من الجرحى .
Come on Mr. President
يعلم السيد أوباما جيداً جداً أن السعودية أكثر من تضرر من القاعدة ، وعملياتها العسكرية داخل السعودية أشهر من أن تحصى ، لكنه يتجاهل هذا عمداً . هو يعرف الحقيقة لكنه يفضل أن يتجاهلها ، لأن تجاهلها مربح أكثر من الاعتراف بها ، أو هكذا يظن !
يأتي السيد أوباما في وقت طالب فيه وزير دفاعه آشتون كارتر وبملء فيه وقاحة دول الخليج أن تعمر العراق الذي دمرته أمريكا وإيران وميليشياتها . يبدو أن ذاكرة السيد أوباما قصيرة جداً لتنس أن من دمَّر العراق هو من غزاه في 2003 ، وأطلق يد الميلشيات الشيعية مثل كتائب الموت وجيش المهدي وعصائب الحق وفيلق بدر حتى  قتلت عشرات الألوف من السنَّة ، ووقتها لم تكن هناك داعش ولا أخواتها . هل نسىي السيد أوباما فظائع سجن أبو غريب وسجن الجادرية واستخدام قذائف اليورانيوم المنضب في الفلوجة ؟!
Come on Mr. President
الاحتلال الأمريكي الإمبريالي هو السبب في كل مصائب هذه المنطقة . بل إن أردنا الدقة أكثر ، فهو السبب في مصائب هذا العالم .
من قتل عشرات الملايين من الهنود الحمر كي يقيم على جثثهم دولة " الحرية الأمريكية " ؟ من قتل ملايين المدنيين في اليابان بقنابله الذرية في هيروشيما ونغازاكي ؟
من فجَّر قوارب الصيادين الكوبيين الفقراء ؟ من قاد الانقلابات العسكرية في إندونيسيا ودول أمريكا الجنوبية ؟
من يحمي جنوده القتلة من المحاكمات العسكرية ويرفض التوقيع على الحق بمقاضاتهم ؟
من يرفض التوقيع على معاهدة كيوتو للمناخ ؟
رئيس هذه الدولة المجرمة المتوحشة هو ذاته الذي يخطب ويعظ عن التسامح والاعتدال وضرورة إيقاف القتلة والمجرمين ومحاسبتهم !
Come on Mr. President
يزورنا السيد أوباما في نهاية حياته الرئاسية ، وهي نهاية مأساوية إذا نظرنا للأمر من زاوية السلام في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل ، وإذا نظرنا للوضع في الخليج . لم يدر بخلد السيد أوباما أن لعبته السرية مع إيران لم تعد تنطلي على أحد . وأن الملك سلمان لا يمكن أن يقبل وعوداً لا تساوي ثمن الحبر الذي كُتبت به ، وأنَّه سيحمي بلده ، وسيرتب البيت العربي ، شاء أوباما أو أبى .
أوباما متضايق جداً أن المملكة لم تخبره بعاصفة الحزم إلا بعد انطلاقها . ومتضايق جداً أن السعودية تتدخل في الشأن السوري لحماية مصالحها ، في حين لا يضايقه أن ترسل إيران قواتها أو يرسل حزب الله مقاتليه أو ترسل الميليشيات الشيعية العراقية جنودها ، أو ترسل روسيا طائراتها . فقط يضايقه أن دولة سنيَّة تتدخل ، ومن دون إرسال جنود أو طائرات !
 Come on Mr. President
أمريكا متضايقة جداً من كون السعودية قادرة على بناء تحالفات كبيرة تقلل كثيراً من اعتماديتها على الدعم الأمريكي ، كالتحالف العربي في عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب . وهي تحالفات قد تنتهي مع تدهور العلاقة السعودية الأمريكية إلى أن تكون واسعة وكبيرة وكافية ، هذا إذا اعتبرنا أن السعودية لن تبني علاقات بديلة للعلاقة مع أمريكا مع دول مثل الصين وروسيا والهند .
يعلم الجميع أن مشروع القرار الأمريكي في الكونغرس هو للضغط على السعودية كي توقف تمددها وتكبح جماح قوتها المتصاعدة .
الأمريكان خائفون جداً على مشروعهم الاستعماري القائم على أرجحية الميزان العسكري لإيران على دول الخليج . كي يبقوا الأغلبية السنية تحت رحمة الأقلية الشيعية المدعومة غربياً ، كي لا ينهض ذلك المارد السني فجأة !
إن القارىء لكتابات المحللين الاقتصاديين الأمريكان يجد هلعاً حقيقياً من أن تقدم السعودية على مغامرة فتسيل سنداتها ، فيهتز الاقتصاد الأمريكي برمته ! وللمرة الأولى منذ زمن الراحل فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله ، أمريكا تخشى من أن تقدم السعودية على عمل شيء ما ...
هؤلاء المحللون على حق ، فالسعودية اليوم ليست سعودية الأمس ، هي اليوم تبني قواعد في جزر أفريقية . وتدعم حكومات أفريقية ، وتضرب عملاء إيران في اليمن ، وتحاصرهم في لبنان ، وتتحالف مع تركيا في سوريا ،  وتحاصر إيران وميليشياتها سياسياً من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ...
للسعودية اليوم شعبية جارفة في طول العالم العربي والإسلامي وعرضه ، بعد أن وقفت في وجه إيران وإرهابها وإرهاب عملائها .
لا أعتقد أن السيد أوباما يريد أن يُجرِّب الرد السعودي ، ليسأل إيران وهي تجيبه 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق