الاثنين، 14 أكتوبر 2019

الواسطة و مخالفة الحكومة ةو النواب للمادة 50 و115 من الدستور


الدولة والدستور والقيم

الشيخ راشد الحمود الجابر الصباح

عندما نقيمِّ الوضع العام لما يدور في بلدنا وما آلت اليه الامور من تذمر على جميع المستويات، بسبب الاحتقان السياسي المستمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأثير ذلك سلبا على الوطن والمواطن. نجد ان ما أورثته السنون التي مرت بها الحكومات السابقة، والتي كانت تحاول بان تكوِّن لها اغلبية في مجلس الامة، من خلال تسهيل امور النائب في مؤسسات الدولة وتغطية احتياجاته الانتخابية فقد أخذ هذا الانحراف الدستوري يتفاقم مع مر السنين، وجعل السلطة التشريعية تغزو حقوق السلطة التنفيذية وتتدخل في اختصاصاتها، مما جعل من هاتين السلطتين صانعتين للفساد الاداري، الى ان وصل هذا الفساد الى قمته.
وقد كان ذلك التسهيل الحكومي للنواب يتعارض مع المادة (50) من الدستور والتي تنادي بفصل السلطات. فما جاء بالمذكرة التفسيرية عن هذه المادة هو حماية للسلطة التشريعية من تدخل السلطة التنفيذية باختصاصاتها، ولكن الواقع أصبح عكس ذلك!.
وكذلك المادة (115) التي تقول بأن على مجلس الامة في بداية عمله تشكيل لجنة للعرائض والشكاوى للمواطنين وتنظر بشكواهم مع المختصين. فالمادة تعني تحت قبة البرلمان، وتؤكد بأنه لا يجوز للنائب التدخل في اختصاصات السلطتين القضائية والتنفيذية.
فهاتان المادتان (50) و(115) لو تم العمل بهما لما وصلت الامور الى ما هي عليه الآن من تشنج بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. ولحافظنا على مستوى لغة الحوار وآدابه، الذي أصبح متدنيا ولا يطاق.
واذا أرادت الحكومة ان تكون لها اغلبية فعليها المحافظة على الدستور، لأن مواده تحصن الحكومة اذا ما دققنا في تفسيره، وهذا ما جاء به المشرع، لأن دولتنا ليست حزبية.
اذن الدستور واضح وصريح والخطأ هو في كيفية التعامل معه فاذا أردنا ان نحافظ على مقومات الدولة والوحدة الوطنية وتحقيق نداءات سمو الأمير التنموية وجعل الكويت مركزا ماليا وتحقيق غيرها من طموحات لخدمة البلد في هذا الجو البرلماني، فالمهمة ستكون صعبة أو معدومة بدون التمسك بالدستور، والعمل بمواده لنرتقي في ادائنا ونتجاوز المحن. فبغير ذلك ليس هناك ما يحمي سمو رئيس الحكومة ونوابه والوزراء من العبث بالدستور اذا ما حافظوا على ادائهم وبأمانة، وتجنبوا الحلول الدبلوماسية الآنية، لاننا دولة تحتاج الى قرار.
وكما هو معروف فإن الحكومة بيدها كل الخيوط، فلماذا تقدم هذه التنازلات للسلطة التشريعية التي يزداد تمردها على الحكومة؟! فإذن هذه تجربة فاشلة ولابد من تغيير هذا الاسلوب وهذا النهج.
أما حل المجلس حلا غير دستوري فستكون له ردة فعل »دستورية« ويحتاج الى الصمود من السلطة، وهي بغنى عنه. فالوضع الحالي لا يصلحه حل المجلس دستوريا او غير دستوري، ولا تغيير حكومات او تدويرها او المحاصصة، لان هذه الحلول قد استخدمت عدة مرات دون نتيجة. والحلول ليست بتغيير الاشخاص ولكن بالتعامل مع نصوص الدستور.
فاذن نحن نكرر بان التمسك بالمادتين (50) و (115) والمواد المساندة لهما هو الحل للوضع القائم، ومنها نحافظ على القيم، ونتطلع الى هذا العهد الميمون لمعالجة هذا الاحتقان السياسي المزمن جراء التسهيلات للنائب، والتي كان لها ظروفها في الماضي، اما اليوم وبعد ان اختلفت الاوضاع وتغيرت المفاهيم فنحن ننادي باستخدام الادوات الدستورية لكي نحمي بلدنا من المعاناة، وهذا تحول سيذكره التاريخ.
ندعو الله ان يحفظ صاحب السمو أميرنا المفدى وسمو ولي عهده الامين، وان يعين سمو رئيس مجلس الوزراء وأهل الكويت المحبين.

تاريخ النشر 15/02/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق