الأربعاء، 16 أكتوبر 2019

نبذة و ترجمة حال الاخباري سيف بن عمر في ميزان رواية التاريخ ردا على مرتضى العسكري


مرتضى العسكري عميد كلية علوم الدين بالنجف في كتابه "عبد الله بن سبأ و أساطير أخرى " قال أن كل المؤرخين الذين تحدثوا عن ابن سبأ إنما أخذوا معلوماتهم من الطبري و الطبري أخذ كل معلوماته من طريق سيف بن عمر .. و سيف بن عمر هذا ضعفه علماء الجرح و التعديل فقال عنه ابن حجر أنه ضعيف الحديث وضعفه ابن معين وقال الدارقطني عنه أنه متروك .

لكن هؤلاء إنما ضعفوه في روايته للحديث فقط ولكنهم هم أنفسهم أشادوا به في روايته للتاريخ .. فالذهبي قال عنه أنه (كان إخباريا عارفا) و ابن حجر قال عنه أنه (ضعيف الحديث عمدة في التاريخ) وروى ابن حجر عن سيف في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة أكثر من 260 رواية .. أما الدارقطني فقد روى عن سيف في كتاب المؤتلف و المختلف أكثر من سبعين رواية تاريخية وفي أحدها مثلا تجده يرجح رواية سيف عن رواية غيره فيقول أن رواية سيف أصح .. فهذا يدل عن أن الدارقطني يأخذ بروايات سيف التاريخية و يترك روايته للحديث . على الرغم أننا نجده يأخذ بروايات أبو مخنف الذي ضعفه علماء الجرح و التعديل محدثا و إخباريا .

فسيف هو مؤرخ من الطراز الأول له كتابين هما كتاب الردة و كتاب الفتوح يتحدثان عن مرحلة تاريخية حساسة جدا في تاريخ الإسلام

وقالوا بل إن علماء الجرح و التعديل لم يقولوا عنه أنه ضعيف الحديث فقط بل قالوا أنه وضاع فكيف نصدق رجل يكذب على رسول الله.. أين جاء ذلك ؟ يقول عنه ابن حبان (اتهم بالزندقة ، يروي الموضوعات عن الأثبات) وقال أيضا نقلا عن ابن نمير (وكان سيف يضع الحديث) وقال الحاكم أبو عبد الله (اتهم بالزندقة) وتابعه على هذا أبو نعيم الأصبهاني و أبو داوود السجستاني .

الآن دعونا نحلل هذا الكلام .. أولا قول ابن حبان (يروي الموضوعات عن الأثبات) ليس معناها أن سيف يضع الحديث .. إنما معناها واضح .. أنه يروي أحاديث موضوعة تنقل إليه من رجال يظنهم أثبات .. فتهمة وضع الحديث حسب رأي ابن حبان هي ليست في سيف .. و إنما في رجل آخر في السند .

لكن ابن حبان ينقل عن ابن نمير قوله (وكان سيف يضع الحديث) .. وهنا تقرير صريح من ابن نمير أن سيف يضع الحديث .. وهنا تعارض بين قول ابن حبان و قول ابن نمير الذي نقله ابن حبان ..

لما نقل ابن الجوزي في كتاب الفضائل و المثالب و المزي في كتاب تهذيب الكمال رواية ابن نمير نفسها جاءت هكذا (و قالوا إنه كان يضع الحديث) .. وفي هذه العبارة يلقي ابن نمير مسؤولية القول عن عاتقه إلى صاحبها المروية عنه .. فيقول قالوا عنه أنه كذا .. وهذه الرواية هي الأصح لأنها ذكرت في مصدرين مختلفين و لأن ابن حبان الذي نقل الرواية الأولى هو نفسه عارضها و ألقى تهمة الوضع عن سيف إلى شخص آخر .. ثم جاء ابن حجر و قال عن سيف (أفحش ابن حبان القول فيه) .. و بهذا أكد صحة الرواية الثانية .

وبعد البحث لن تجد حديثا واحدا وضعه سيف بنفسه .. إنما ستجد حديثين هما أساس المشكلة كلها ...

الحديث الأول نقله سيف عن شيخه سعد الإسكاف حيث يقول في الحديث "كنا عند سعد بن طريف الإسكاف فجاء ابنه يبكي فقال مالك ؟ قال ضربني المعلم فقال أما والله لأخزينهم حدثني عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله معلموا صبيانكم شراركم" .. هذا الحديث موضوع ... والحديث كما نرى يرويه سيف على عهدة سعد الإسكاف .. حيث قال كنت جالسا عند سعد و حدث كذا وكذا ..ولما ذكر ابن حبان هذا الحديث في كتاب "المجروحين" في ترجمته لسعد الإسكاف أورد الحديث عن سعد الإسكاف .. دون ذكر سيف .. وقال صراحة أن سعد الإسكاف طبعه أنه يضع الحديث على الفور .. ولما أورد ابن حبان في نفس الكتاب ترجمة سيف لم يذكر فيها أي أحاديث .. يعني تهمة وضع هذا الحديث هي على عاتق سعد الإسكاف و ليس على عاتق سيف .. إنما سيف ققط نقله و كان يظن سعد الإسكاف ثقة .. لذلك قال عنه ابن حبان أنه يروي الموضوعات عن الأثبات .. ولما أخرج ابن عدي نفس الحديث في كتابه الكامل أيضا جعل العلة في الحديث على سعد و لم يجعلها على سيف .. و مرة أخرى أخرج ابن الجوزي نفس الحديث و جعل تهمة وضع الحديث على سعد مع أن ابن الجوزي عرف بالتساهل في الحكم بالوضع في كتابه الموضوعات .

الحديث الثاني هو "اللهم إنك باركت لأمتي في صحابتي فلا تسلبهم البركة" قال عنه ابن الجوزي أنه حديث موضوع على رسول الله فيه مجهولون و ضعفاء و أقبحهم حالا سيف .. كما نرى كلمة أقبحهم حالا تعني أقبحهم حالا في الجهل والضعف .. ولم يوجه إليه تهمة الوضع .. ثم جاء السيوطي وتعقبه بأن هذا الحديث له طريق آخر غير طريق سيف فيه محمد بن الوليد بن أبان وهو معروف عند علماء الجرح و التعديل أنه يضع الحديث و كذاب و يقلب الأسانيد و المتون .. فلم يتفرد به سيف حتى يتهم بوضعه .. بل هو مرو من طريق آخر فيه رجل مشهور بالوضع .

هذا بالنسبة لاتهام سيف بأنه وضاع .. وتبين أنه بريء من هذا أما بالنسبة للاتهام بالزندقة فلم يقل أحد على سيف أنه زنديق أبدا إنما قالوا (اتهم بالزندقة) .. فلم يذكر ابن نمير و لا ابن حبان ولا من بعدهما أي دليل على أن سيف زنديق و لا أي يوجد أي دليل على أن أحدا اتهمه بالزندقة .. و كيف يكون زنديقا و أي قاريء لكتابه سيعرف كيف أن هذا رجل يدافع عن صحابة رسول الله .

فالخلاصة أن سيف بن عمر مؤرخ معتبر قوي في رواية التاريخ و إن كان ضعيف في رواية الحديث .. و هذا شيء عادي و ليس غريبا أبدا .. فحتى القرآن الكريم .. سنده من الحفاظ الكرام تجد فيهم من هو ضعيف في رواية الحديث .. لكنه حجة في القرآن و لا يماثله أحد فشروط رواية الحديث تخمتلف عن شروط أي رواية أخرى .. وهذا لا يعني أن كل الروايات التاريخية التي رواها سيف صحيحة .. فقد يروي رواية يكون في رجالها راو ضعيف في رواية التاريخ .. أو يكون في رجالها راو وضاع .. يعني لو أن هناك أي رواية معلولة فعلتها لن تكون في سيف و إنما ستكون في أي رجل آخر في السند .. وهذا رد على من يرد كل الروايات التي ذكرها سيف فقط لأن فيها سيف .. هذا خطأ .. و الصحيح هو أن روايات سيف كلها بعد التحقيق ستخرج منها بروايات قوية تاريخيا و مثبتة كثيرة وستخرج منها أيضا بروايات ضعيفة علتها ليست في سيف .

وبالنسبة لمن قال أن الطبري انفرد وحده بروايات سيف بن عمر فهذا خاطيء فهناك روايات لسيف ليست عند الطبري .. مثل الرواية التي عند ابن عساكر في تاريخه و الرواية التي عند المالقي غي كتابه التمهيد و البيان و الرواية التي عند الذهبي في كتاب تاريخ الإسلام .

وقالوا أن كل من أورد حكاية ابن سبأ من المؤرخين إنما نقلها عن الطبري


===============

عرض الأقوال في حال سيف بن عمر وفي درجة مروياته وتحقيق الراجح في ذلك http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2016/09/blog-post_18.html?m=1



حقيقة حال سيف بن عمر التميمي د. خالد الغيث

https://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2019/10/blog-post_13.html

 الرد على مرتضى العسكري على نفيه وجود شخصية عبدالله بن سبأ

https://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2019/10/blog-post_16.html

روابط للرد على كتاب مائة و خمسون صحابي مختلق مرتضى العسكري http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2016/09/blog-post_18.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق