الثلاثاء، 15 أكتوبر 2019

التحيز المكان الجهة في كتب الشيعة

##

6-الفصل التاسع: نسبتهم المكان و الجهة و الحد و التحيز إلى الله.

و العياذ بالله. الرد على ان الوهابية واليهود و نسبتهم الصورة و الشكل لله / الوجه / الصوت النزول /

اليد / الرجل العين الجهة/ الحيز المكان الحد

###

قال جل في علاه (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقة بيدي) وقال تعالى (بل يداه مبسوطتان) فهل الله وهابي

هذا فيه تفصيل إن كان المقصد بالجهة وغيرها شيئ موجود مخلوق فالله ليس داخل المخلوقات وإن كنت تقصد بالجهة ما راء العالم والمخلوقات فلا ريب ولا شك أن الله فوق العلم بائن من خلقه وقد قال تعالى (ثم إستوى على العرش) وقال تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح) وقال تعالى (تعرج الملائكة والروح) وقال تعالى (أأمنتم من في السماء ) وقال عليه السلام للجارية أين الله فقالت في السماء فقال عليه السلام أعتقها فإنها مؤمنه) فهل الله والرسول عليه السلام وهابيان

الجهة المكان الحد
المكان / الجهة
إثبات الجهة لله سبحانه وتعالى

وجود الحجب الأربعة بين الله وخلقه يقتضي إثبات الجهة لله سبحانه وتعالى ، ويؤكد هذا المعنى أن جبرائيل عليه السلام يخبر أنه أقرب الخلق إلى الله مكاناً ، وهذا هو عين معتقد أهل السنة والجماعة

في كتب الشيعة 
 روى علي بن إبراهيم القمي في بداية سورة الإسراء : عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم الجواليقي ، عن أبي عبدالله ، قال : جاء جبرئيل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فأخذ واد باللجام ، وواحد بالركاب ، وسوى الآخر ثيابه عليه … ثم ذكر بعض الأمور التي جرت في حادثة الإسراء ، إلى أن قال : ثم مررنا بملائكة من ملائكة الله عز وجل ، خلقهم الله كيف شاء ، ووضع وجوههم كيف شاء ، ليس شيء من أطباق أجسادهم إلا وهو يسبح الله ويحمده من كل ناحية بأصوات مختلفة ، وأصواتهم مرتفعة بالتحميد والبكاء من خشية الله ، فقال جبرئيل : يا محمد ، أتعظم ما ترى ؟ إنما هذا خلق من ربك ، فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى ؟ وما لا ترى أعظم من هذا من خلق ربك !! إن بين الله وبين خلقه سبعون ألف حجاب ، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة حجب : حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من الغمام ، وحجاب من الماء !!! أقول : وجود الحجب الأربعة بين الله وخلقه يقتضي إثبات الجهة لله سبحانه وتعالى ، ويؤكد هذا المعنى أن جبرائيل عليه السلام يخبر أنه أقرب الخلق إلى الله مكاناً ، وهذا هو عين معتقد أهل السنة والجماعة ، إلا أنه يجب ألا يفوت علينا أن إسناد الرواية سلسلة من السلاسل الذهبية الإسنادية في كتب الشيعة ، فلا تغفل عن المقصد .

الراوية الرابعة حول مكان الله تبارك وتعالى ؟!

نعم ، زوجه الله تعالى من فوق عرشه ، وهذه الراوية موافقة لما ورد في البخاري أيضاً نم ذكر نفس الحادثة ، وبنفس اللفظ أن الله زوج محمداً صلى الله عليه وسلم من فوق عرشه ، فهل بقي شك لمرتاب حول مكان الله تبارك وتعالى ؟! 

في رواية الشيعة
روى علي بن إبراهيم القمي في تفسير قول الله تعالى : ( وما جعل أدعياءكم أبناءكم ) عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله ، قال : كان سبب نزول ذلك …. وذكر قصة زيد بن حارثة ، وتبني رسول الله صلى الله عليه وسلم له في الجاهلية ، ثم زواج زيد من زينب بنت جحش رضوان الله عليهما ، ثم ما حصل بينهما من التنافر … إلى أن قال : فجاء زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، أخبرتني زينب بكذا وكذا ، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ، اذهب فاتق الله ، وأمسك عليك زوجك ، ثم حكى الله ، فقال : ( أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها – إلى قوله – وكان أمر الله مفعولاً ) ، فزوجه الله من فوق عرشه ! أقول : نعم ، زوجه الله تعالى من فوق عرشه ، وهذه الراوية موافقة لما ورد في البخاري أيضاً نم ذكر نفس الحادثة ، وبنفس اللفظ أن الله زوج محمداً صلى الله عليه وسلم من فوق عرشه ، فهل بقي شك لمرتاب حول مكان الله تبارك وتعالى ؟!

الرواية الخامسة : ؛ فالتشبيه الوارد في الرواية يثبت المكان لله سبحانه وتعالى .

فهذه رواية واحدة وردت بأكثر من إسناد صحيح ، أن من زار قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما فهو بمنزلة من زار الله تعالى في عرشه أو فوق عرشه حسب اختلاف الألفاظ في الروايات ، وبما أن الحسين رضي الله عنه مستقر في قبره ؛ فالتشبيه الوارد في الرواية يثبت المكان لله سبحانه وتعالى .
في كتب الشيعة
روى ابن قولويه في كامل الزيارات ( 26 ) : عن محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام ، قال : قلت لأبي عبدالله : ما لمن زار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كمن زار الله في عرشه . الرواية الثامنة : وروى ابن قولويه أيضاً في كامل الزيارات ( 437 ) : حدثني أبي وعلي بن الحسين وجماعة مشائخي ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيغ ، عن صالح بن عقبة ، عن زيد الشحام ، قال : قلت لأبي عبدالله : ما لمن زار قبر الحسين ؟ قال : كمن زار الله في عرشه . وروى ابن قولويه أيضاً ( 551 ) وحدثني محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد الأنباري ، عن محمد بن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله ، قال : من زار قبر الحسين بن علي عارفاً بحقه كان كمن زار الله في عرشه . وقال أيضاً ( 554 ) : حدثني جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي ، عن عبيدالله بن نهيك ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن جعفر بن محمد الصادق ، قال : من زار الحسين يوم عاشوراء فكأنما زار الله فوق عرشه . فهذه رواية واحدة وردت بأكثر من إسناد صحيح ، أن من زار قبر الحسين بن علي رضي الله عنهما فهو بمنزلة من زار الله تعالى في عرشه أو فوق عرشه حسب اختلاف الألفاظ في الروايات ، وبما أن الحسين رضي الله عنه مستقر في قبره ؛ فالتشبيه الوارد في الرواية يثبت المكان لله سبحانه وتعالى .

=====

الأسئلة في مسألة “علو الله مكانا أم مكانة” و الجهة والحد
انقل سؤال من محاورة في منتدى التوحيد انقله للفائدة

أنصحك بقراءة كتاب العلامة سفر الحوالي ” منهج الأشاعرة في العقيدة “..كتاب رائع ومفيد يكفي أنه أتى على عقيدة الأشاعرة من القواعد مستشهدا بكلام أئمتهم وكبرائهم.. أما في ما يخص مسألة العلو ومخالفتهم لأهل السنة فهذا ما ورد في خصوصه : ” يُثبت أهل السنة والجماعة علو الله تعالى على خلقه إثباتا تتعاضد فيه نصوص الوحي بفطر النفوس بنظر العقول، حسب المنهج المتسق الذي سبقت الإشارة إليه آنفا، وأي كتاب في العقيدة السلفية تجده يقرر ذلك بوضوح ويسر . أما الأشاعرة فينكرون العلو ، وفي مقابل ذلك يؤمنون بالرؤية ، بل بما هو دونها من جهة قوة الثبوت وهو الصراط مثلا . فهاهنا موضع اختلاف مع أهل السنة ( العلو ) ، وموضع اتفاق ( الرؤية ) ، فهل هذا اظطراب عارض ، أم تناقض منهجي ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تتضح من خلال الإجابة على سؤال وجهه أهل السنة ، ويوجهونه إلى الأشاعرة : وهو كيف تنكرون العلو مع ثبوت النصوص فيه بما يقدر بالمئات ، بل الألوف وإطباق كل من يُعتد بعقله من الملِّيين وغيرهم على إثباته ؟ وجوابهم : إن هذا من باب العقليات لا من باب السمعيات ، فإذا طلبنا منهم الإيضاح قالوا : إن العقل يُحيل الجهة على الله تعالى أي يحكم باستحالة ثبوت جهة له سبحانه ، لأن إثبات الجهة من خصائص الأجسام ، ونحن ننزه الله تعالى عن الجسمية . وإذا سُئلوا : وبما أثبتم الرؤية ؟ قالوا أثبتناها بالعقل لا بمجرد السمع لأن العقل يُجيز الرؤية دون اشتراط المقابلة والجهة وانطلاق شعاع من عين الرائي إلى المرئي…إلخ. فانظر إلى عقلهم هذا الذي حكم باستحالة العلو ، ولم يحكم باستحالة ذاتين منفصلتين يرى كل منهما الآخر بلا جهة ولا مقابلة !! . وبهذا سخر منهم المعتزلة قائلين : ” من أثبت الرؤية وأنكر الجهة فقد أضحك الناس على عقله ” ثم نأتي لبيان وجه آخر من أوجه التناقض فنسألهم : قد علمنا بما أثبتم الرؤية وانكرتم العلو فبم أثبتم الصراط ؟ وجوابهم : إن هذا من باب السمعيات ، نؤمن به لأنه غير مستحيل في العقل( !!!!! ) ، وقد اخبر به الصادق ! وهنا يُقال لهم : فأين نصوص إثبات العلو التي تعد بما ذكرنا مع صراحة الفطرة والعقل في إثباته من نصوص ( الصراط ) التي هي أقل بدرجات ، بل لم يرد صريحا في القرآن ، ولم يتواتر ، على شرطكم- من السنة ؟ فظهر تناقضهم في العقليات بين العلو والرؤية ، وظهر تناقضهم في السمعيات بين الصراط والعلو ، وهكذا شأن منهج الأشاعرة التوفيقي ، وإن شئتَ فقل لتلفيقي في كل مسألة .”

===============

والأدلة تظافرت بأن الله عز وجل في السماء، فيجب إثبات ذلك من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل ،والسماء في لغة العرب العلو أو سقف الشيء، فهو عز وجل فوق سماواته مستو على عرشه، حيث لا مكان يحده. هذه عقيدة أهل السنة والجماعة وما عداها زيغ لا أصل له. وعليك ببعض الكتب المليحة كالطحاوية بشرح الحنفي، أو رسالة ابن أبي زيد القيرواني، أو شرح عقيدة مالك الصغير للقاضي عبد الوهاب البغدادي،أو النور المبين في بيان عقائد الدين للغرناطي رحم الله الجميع. وأيضا كتاب الإبانة عن أصول الديانة للأشعري كتاب عظيم ماتع.

=========

أود التنبيه فقط إلى أن كتاب الإبانة يعد نقلة نوعية لأبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى وفيه من موافقة السلف في الجملة قدر طيب وهو حجة على المنتسبين إليه ولله الحمد, لكن ليس كل حروفه منضبطا على مقالات السلف إنما هو في الجملة موافق للسلف وذلك أن الأشعري لم يكن خبيرا بقالات السلف التفصيلية , وينظر كتاب الشيخ الدكتور المحمود (موقف ابن تيمية من الأشاعرة ) وأنصحك أخي الحبيب “التواضع” بقراءة كتاب “اجتماع الجيوش الإسلامية ” للعلامة ابن القيم-النسخة المحققة- , فإنه أسهب في حشد الأدلة حتى استحقت أن تسمى جيوشا , وأخشى أن سماعك للأستاذ عدنان إبراهيم هداه الله ووفقه هو السر في سؤالك..فأرى أنه لا ينبغي سماع دروسه إلا في حالات استثنائية وشروط ..لأنه متأثر بعلوم الفلاسفة والمناطقة إلى حد الانبهار , وله تخليط كثير من جراء ذلك فتارة يقول بكلام المعتزلة وتارة بقول الأشاعرة وتارة يقرر كلام الفلاسفة , مع ذكائه وسعة معرفته بالكلاميات لكن العلم الحق هو قال الله قال رسوله ولسنا بحاجة أن نتسول من اليونان أمورا تتعلق بأشرف ما عندنا :العقيدة! ..والله الموفق
=============


بخصوص كلامك عن الحد ..فأهل السنة يقولون لمخالفيهم :ماتعنون بالحد؟
فإن كنتم تعنون بنفيكم للحد نفي كونه سبحانه فوق السماوات وفوق خلقه كلهم ..فهذا باطل وإن كنتم تعنون أن الله محدود كما أن المخلوقات تحد بحدود كالجدران مثلا ..فهذا منفي عن الله سبحانه وكذلك الأمر بالنسبة للمكان .فإذا نفاه ناف..اسفصلنا منه عن مراده , فإن أراد أن الله ليس فوق الكون رددنا عليه كلامه وأبطلناه وإن أريد أن الله ليس محتوىً في مكان كما هو الحال في المخلوقات فهذا نعم صحيحي .. ولا ينبغي التكلف فوق هذا القدر ,لأن الله نهى عن ذلك أشد النهي..فنؤمن بفوقيته سبحانه وأنه لا شيء فوقه وأنه فوق كل الكون وفوق عرشه مستو سبحانه أي عال عليه ..وهو بائن عن خلقه غير مختلط بهم ولا محايث ..وكفى ..وعلى هذا إجماع أهل السنة والجماعة وعليه انطبعت فطائرهم ولا يقاس عالم الغيب على عالم الشهادة..ويلزم من هذا أن النقطة التي ينتهي عندها الكون أن يكون الله فوق ذلك ..فنؤمن بهذا دون تكييف أو محالة تخيل ,لأن ذلك فوق التصور إذ العقل إنما يقيس على ما عنده من معطيات ..وحسب العقل أن يعرف أن الله فوق كل شيء بذاته وليس فوقه شيء ..بذلك جاءت النصوص الصريحة وعليها إجماع الأمة

======

## 
8-التحيز / الحد / التركيب / التجسيم
####

التحيز

يقول شيخنا الراجحي في شرح العقيدة الطحاوية (1/145) : ” فالواجب الوقوف في باب أسماء الله وصفاته عند ما جاء في الكتاب والسنة نفيا وإثباتا، وينظر في هذا الباب يعني: باب الأسماء والصفات فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي فيثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إلا المخاطب بها مثل هذه الألفاظ الذي ذكرها المصنف، ومثل المركب والجسم والحيز والجوهر والجهة والعرض والحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، وقد لا تحويه الجهات الست كل هذه الألفاظ مجملة ألفاظ تحتمل حقا وباطلا.

ولا ينبغي للإنسان أن يطلق مثل هذه الألفاظ بل يعتصم بنصوص الكتاب، نصوص الكتاب والسنة كافية، والناس لهم في مثل إطلاق هذه الألفاظ ثلاث أقوال طائفة من الناس تنفيها وتقول: ليس مركبا ولا جسما ولا حيزا ولا جوهرا ولا تحويه الجهة، وطائفة تثبتها وتقول: هو جوهر هو عرض، وطائفة تفصل وهم المتبعون للسلف الصالح فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها أن ما أثبت بها ثابت وما نفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإيهام كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية هذه الألفاظ لم يرد بها نص من الكتاب ولا من السنة، فمثلا إذا قال: الله ليس مركبا نقول: ما مرادك بمركب، التركيب له معاني: أحدها: التركيب لمتباينين فأكثر، ويسمى تركيب مزج كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع والأعضاء يكون هذا المعنى منفيا عن الله. والثاني: تركيب الجوار كمصراعي الباب ونحو ذلك نقول: لازم من إثبات صفات الله إثبات هذا التركيب. الثالث: التركيب من الأجزاء المتماثلة ويسمونها الجواهر المفردة، وهذا يكون الجسم مركب من الجواهر المفردة، وهل يمكن التركيب من جزئين أو أكثر؟ كل هذا باطل لا يقال: إن صفات الله مركبة بهذا المعنى. الرابع: التركيب من الهيولة الصورة كالخاتم مثلا هيولها الفضة وصورتها معروفة هذا لا يقال في صفة الله. الخامس: التركيب من الذات والصفات هذا يسمونه تركيبا لأجل أن ينفوا به الصفات يقولون: هذا صحيح يقولون: الله مركب يعني: له ذات وصفات نقول: هذا صحيح الله له ذات وصفات لكن تسمية غير تسميتكم، وهذا تركيب باطل لا يعرف في اللغة ولا في استعمال الشرط فلا نوافقكم على هذه التسمية. السادس: التركيب من الماهية ووجوبها وهذا يرفضه الذهن، كذلك الجسم يقول: الله ليس بجسم نقول: ما مرادكم بجسم؟ يطلق الجسم على ما تركب من جزءين فصاعدا أو ما تركب من ثلاثة أجزاء ويقال: والحق أن لفظ جسم لفظ مجمل لا يثبت ولا ينفى إلا بعد الاستفسار، فإن أردتم بنفي الجسم نفي الصفات فهذا باطل، وإن أردتم به أن الله مستغنن عن غيره عال على خلقه بائن منهم فهذا حق لكن لا ينبغي التعبير بالجسمية لا تقولوا جسم وهو ليس بجسم الجوهر يقول: الله جوهر أو ليس بجوهر فما مرادكم بجوهر؟ يطلق الجوهر على ما يقابل العرض، ويطلق عند أهل الكلام على العين التي لا تقبل الانقسام، وكل هذا معاني باطلة فهي من الألفاظ المجملة، كذلك التحيز والحيز يراد بالتحيز الوجود في محل أو مكان والحيز المكان والمحل، وبهذا الكلام اصطلحوا على تسمية استواء الله على العرش وعلوه على خلقه تحيزا نقول: هذا باطل تسمية التحيز باطل، فالله مستو على عرشه، وأما تسمية التحيز فهذا باطل.

والجواب أن يقال: من المعروف أن الموجود شيئ إنما ينسب إلى الوجود فإن كان موجودا هو أشرف الموجودات فواجب أن ينتسب من الموجود المحسوس إلى الحيز الأشرف وهي السماوات ولشرف هذا الحيز قال الله -تعالى-: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون (57)} أما إذا أردتم بنفي التحيز والحيز أن الله مستغن عن خلقه بائن منهم عال على خلقه فهذا حق لكن ينبغي التعبير بألفاظ النصوص كذلك يقولون: إن الله منزه عن الحدود ما مرادكم بالحدود؟.

يقولون: بأن الله له حد أو ليس له حد بقول مجمل لا بد من استفصال الشيخ الطحاوي -رحمه الله- أراد بلفظ الحد الرد على المشبهة كداود والجواربي وأمثالهم من القائلين بأن الله جسم وأنه جثة وله أعضاء، لكن أهل الكلام جروا الطحاوي وأدخلوا في عباراته معنى باطلا فنقول مثلا ما مرادكم بالحد إذا قلتم: الله له حد أو ليس له حد، إن أردتم بالحد العلم والقول، والمعنى أن العباد يحدون الله ويعلمون لله حدا فهذا منتف بلا منازعة، فالعباد لا يعلمون لله حدا فالله -تعالى- له حد يعلمه والعباد لا يعلمون لله حدا كما قال سهل بن عبد الله وقد سئل عن ذات الله فقال: ذات الله موصوفة بالعلم غير مدركة بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدينا وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا إحاطة ولا حلول وتراه العيون في العقبى ظاهرا في ملكه وقدرته وقد حجب الخلق عن معرفة كنه ذاته ودلهم عليه بآياته فالقلوب تعرفه والعيون لا تدركه ينظر إليه المؤمن بالأبصار من غير إحاطة ولا إدراك نهاية .

فإن أردتم بقولكم: إن لله له حدا وأن العباد قد يعلمون لله حدا فهذا باطل، وإن أردتم بنفي الحد وقلتم: إن الله ليس لله حدا يعني: أن البشر لا يعلمون حدا ولا يحدون شيئا من صفاته فهذا حق فإن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا وأنهم لا يحدون شيئا من صفاته.

قال أبو داود والطياليسي: كان سفيان وشعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وشريك وأبو عوانة لا يحدون ولا يشبهون ولا يمثلون يروون الحديث ولا يقولون: كيف، وإذا سئلوا قالوا: بالأثر فمراد الشيخ الطحاوي -رحمه الله -تعالى- هنا أن يتعالى عن الحدود أن يتعالى على أنه يحيط أحد بحده؛ لأن المعنى أن الله متميز عن خلقه منفصل عنهم مباين لهم سئل عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: بم نعرف ربنا؟ قال بأنه على العرش بائن من خلقه قيل: بحد قال بحد يعني: أنه متميز عن خلقه منفصل لم يدخل في ذاته شيء من صفاته وفي خلقه ولا في خلقه شيء من ذاته، ومن نفى الحد بهذا المعنى معنى جعل الله فوق من المخلوقات.

فإذا قال: ليس لله حد يعني: أن الله إذا قال لله حد يعني: بأن الله منفصل عن مخلوقاته بائن منهم فهذا صحيح، وإذا قال: ليس لله حد أراد بذلك أن الله خلق من المخلوقات فهذا باطل، وإذا قال: لله حد يعني: لله حد يعلمه فهذا صحيح، وإذا قال: ليس لله حد يعني: العباد لا يعلمون لله حدا فهذا صحيح فلا بد من التفسير كذلك الغايات قوله: يتعالى عن الحدود والغايات اصطلح نفاة الحكمة والتعليل من الجبرية وغيرهم من المعتزلة وغيرهم على تسمية الحكم والغايات التي يفعل من أجلها أغراضا فيسمونها الغاية فيقولون: إن الله منزه عن الغايات التي يتكلم ويفعل لأجلها ويفعل لأجلها غرضا وقالوا لضعفاء العقول: اعلموا أن ربكم منزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض والجهات والتركيب والتجسيم والتشبيه، واستقر ذلك في قلوب المبلغين عنهم فيبقى السامع إذا صرحوا بذلك يبقى السامع متحيرا بين نفي هذه الحقائق التي أثبتها الله لنفسه وأثبتها له جميع رسله وسلف الأمة وبين إثباتهم، فنقول لهم: أنتم قلتم إن الله منزه عن الغايات فما مرادكم بالغايات إن أردتم بالغايات هذا المعنى من أنه سبحانه لا يفعل ولا يتكلم لحكمة ومصلحة ورحمة فهذا باطل، وإن أرتم بنفي الغايات أن الله لا يحتاج إلى أحد ولا يفعل لحاجة ولا يفعل لمؤثر لمؤثر يؤثر فيه وموجب يوجب عليه فهذا حق لكن ينبغي الاعتصام بألفاظ النصوص؛ لأنها أسلم.

كذلك قول الطحاوي: يتعالى عن الأركان والأعضاء والأدوات والجوارح، أهل الكلام لهم مصطلحات فيسمون إثبات الصفات لله تجسيما وتشبيها وتمثيلا ويسمون العرش حيزا وجهة، ويسمون الصفات أعراض ويسمون الأفعال حوادث، ويسمون الحكم والغايات التي يفعل لأجلها أغراضا، ويسمون إثبات الوجه واليدين أبعاضا فيقولون: الله منزه عن الأعراض والأغراض والأبعاض والجهات والتركيب والتجسيم والتشبيه فيستدلون بهذه الألفاظ الأركان والأعضاء والأدوات والجوارح على نفي بعض الصفات الثابتة بالأدلة القطعية كاليد والوجه ، ولكن لا يقال لهذه الصفات: إنها أعضاء أو جوارح أو أدوات أو أركان؛ لأنها تحتمل معاني باطلة؛ لأن الركن جزء ماهية فيقال: إذا سميتها أركانا، والركن جزء ماهية والله -تعالى- هو الأحد الصمد لا يتجزأ ولا يتفرق {قل هو الله أحد (1) الله الصمد (2)} وقولكم: الأعضاء فيها معنى التفريق والتبعيض أي: التقطيع وجعل الشيء أعضاء وهذا المعنى منفي، ومن هذا المعنى قول الله -تعالى-: {الذين جعلوا القرآن عضين (91)} والجوارح فيها معنى الاكتساب والانفتاح، والأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة ودفع المضرة فكل هذه المعاني منتفية عن الله -تعالى- فإذا أريد بذلك بها ذلك فهو بحق، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله لكن ينبغي التعبير بالألفاظ الشرعية؛ لأن الألفاظ الشرعية صحيحة المعاني سالمة من الاحتمالات الفاسدة فلا يجوز العدول عنها نفيا ولا إثباتا لئلا يثبت بها معنى فاسد أو ينفى معنى صحيح, كذلك إن أريد بنفي الصفات نفي الجوارح والأعضاء نفي الصفات الثابتة، إن أريد بها نفي الصفات الثابتة كالوجه واليدين فهذا باطل فهذه ثابتة كما قال أبو حنيفة رحمه الله في الفقه الأكبر: له يد ووجه ونفس كما ذكر الله -تعالى- في القرآن بذكر اليد والوجه والنفس فهو له صفة بلا كيف، ولا يقال: إن يده قدرته ونعمته؛ لأن فيها إبطال الصفة.

وهذا الذي قاله الإمام أبو حنيفة ثابت بالأدلة القطعية قال الله -تعالى-: {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} وقال -تعالى-: {كل شيء هالك إلا وجهه} وقال: {ويبقى وجه ربك صلى الله عليه وسلمèŒ الجلال والإكرام (27)} وقال سبحانه: {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك} وقال: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} وقال: {واصطنعتك لنفسي (41)} وقال: {ويحذركم الله نفسه} وقال في حديث الشفاعة: “لما يأتي الناس آدم فيقولون له: (…خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء) وقال صلى الله عليه وسلم (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) من خلقه هذا كله ثابت كذلك الجهة نفيها مجمل فلا يجوز إطلاق نفيه ولا إثباته إلا مع البيان التفصيلي كما سبق بالأمس الرد على نفاة الرؤية ” أهـ .

=============

وفي شرح الفتوى الحموية (1/592) : ” وكقول، شبهة التجسيم وشبهة التركيب هذه من أبرز الشبه التي نفى المعطلة الصفات بسببها، تمسكوا بقضية شبهة التجسيم وشبهة التركيب؛ لأنهم يزعمون أن من أثبت لله الصفات أو أثبت أن الله عال على الخلق فقد زعم أن الله جسم، ومن أثبت لله – عز وجل – هذه الصفات العلم القدرة، السمع، البصر، الحياة، الكلام، الوجه، اليدين فقد زعم أن الله مركب من هذه الصفات. واضح؟ ولهذا من الألفاظ المجملة المبتدعة لفظ التجسيم، ولفظ التركيب؛ لأنه يراد به معنى حق ويراد به معنى باطل فتشبث بهذه الألفاظ أهل البدع من المعطلة؛ لأجل نفي ما يستحقه الله – عز وجل – من الأسماء والصفات لاحظوا، جاءوا بهذه الألفاظ؛ ليشوشوا على أذهان العامة، يعني عامة الناس ما يقبل أن تقول له: إن الله مركب أو إن الله جسم، فنفى الصفات بهذه الأسماء التي تنفر منها النفوس والفطر السليمة. . الألفاظ أهل البدع من المعطلة لأجل نفي ما يستحقه الله – عز وجل – من الأسماء والصفات لاحظوا جاءوا بهذه الألفاظ؛ ليشوشوا على أذهان العامة، يعني عامة الناس ما يقبل أن تقول له: إن الله مركب أو إن الله جسم، فنفى الصفات بهذه الأسماء التي تنفر منها النفوس والفطر السليمة ” أهـ .

يقول شيخنا الراجحي في شرح العقيدة الطحاوية (1/145) : ” فالواجب الوقوف في باب أسماء الله وصفاته عند ما جاء في الكتاب والسنة نفيا وإثباتا، وينظر في هذا الباب يعني: باب الأسماء والصفات فما أثبته الله ورسوله أثبتناه وما نفاه الله ورسوله نفيناه، والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي فيثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني، وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها، فإن كان معنى صحيحا قبل، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص دون الألفاظ المجملة إلا عند الحاجة مع قرائن تبين المراد، والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إلا المخاطب بها مثل هذه الألفاظ الذي ذكرها المصنف، ومثل المركب والجسم والحيز والجوهر والجهة والعرض والحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، وقد لا تحويه الجهات الست كل هذه الألفاظ مجملة ألفاظ تحتمل حقا وباطلا.

ولا ينبغي للإنسان أن يطلق مثل هذه الألفاظ بل يعتصم بنصوص الكتاب، نصوص الكتاب والسنة كافية، والناس لهم في مثل إطلاق هذه الألفاظ ثلاث أقوال طائفة من الناس تنفيها وتقول: ليس مركبا ولا جسما ولا حيزا ولا جوهرا ولا تحويه الجهة، وطائفة تثبتها وتقول: هو جوهر هو عرض، وطائفة تفصل وهم المتبعون للسلف الصالح فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها أن ما أثبت بها ثابت وما نفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإيهام كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية هذه الألفاظ لم يرد بها نص من الكتاب ولا من السنة، فمثلا إذا قال: الله ليس مركبا نقول: ما مرادك بمركب، التركيب له معاني: أحدها: التركيب لمتباينين فأكثر، ويسمى تركيب مزج كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع والأعضاء يكون هذا المعنى منفيا عن الله. والثاني: تركيب الجوار كمصراعي الباب ونحو ذلك نقول: لازم من إثبات صفات الله إثبات هذا التركيب. الثالث: التركيب من الأجزاء المتماثلة ويسمونها الجواهر المفردة، وهذا يكون الجسم مركب من الجواهر المفردة، وهل يمكن التركيب من جزئين أو أكثر؟ كل هذا باطل لا يقال: إن صفات الله مركبة بهذا المعنى. الرابع: التركيب من الهيولة الصورة كالخاتم مثلا هيولها الفضة وصورتها معروفة هذا لا يقال في صفة الله. الخامس: التركيب من الذات والصفات هذا يسمونه تركيبا لأجل أن ينفوا به الصفات يقولون: هذا صحيح يقولون: الله مركب يعني: له ذات وصفات نقول: هذا صحيح الله له ذات وصفات لكن تسمية غير تسميتكم، وهذا تركيب باطل لا يعرف في اللغة ولا في استعمال الشرط فلا نوافقكم على هذه التسمية. السادس: التركيب من الماهية ووجوبها وهذا يرفضه الذهن، كذلك الجسم يقول: الله ليس بجسم نقول: ما مرادكم بجسم؟ يطلق الجسم على ما تركب من جزءين فصاعدا أو ما تركب من ثلاثة أجزاء ويقال: والحق أن لفظ جسم لفظ مجمل لا يثبت ولا ينفى إلا بعد الاستفسار، فإن أردتم بنفي الجسم نفي الصفات فهذا باطل، وإن أردتم به أن الله مستغنن عن غيره عال على خلقه بائن منهم فهذا حق لكن لا ينبغي التعبير بالجسمية لا تقولوا جسم وهو ليس بجسم الجوهر يقول: الله جوهر أو ليس بجوهر فما مرادكم بجوهر؟ يطلق الجوهر على ما يقابل العرض، ويطلق عند أهل الكلام على العين التي لا تقبل الانقسام، وكل هذا معاني باطلة فهي من الألفاظ المجملة، كذلك التحيز والحيز يراد بالتحيز الوجود في محل أو مكان والحيز المكان والمحل، وبهذا الكلام اصطلحوا على تسمية استواء الله على العرش وعلوه على خلقه تحيزا نقول: هذا باطل تسمية التحيز باطل، فالله مستو على عرشه، وأما تسمية التحيز فهذا باطل.

لو تأملت فالإجابة في كلام العلامة الراجحي في كلامه حول لفظ المركب والمجسم , فلفظ المركب إستعملته المعطلة لنفي الصفات عن الله تبارك وتعالى وهذا فهم خاطئ كما تقدم , والأصل هو الإثبات مع التنزيه أخي الحبيب , فإن قلنا أن الله [ سميعٌ بصير ] فذلك إثبات مع العلم أن المؤمن كما في النصوص الواردة لا يجب حمل هذه الألفاظ على حمل المركب وهو من الألفاظ المجملة كما قال شيخنا الراجحي في شرح العقيدة الطحاوية , والأصل أن يثبت ما أثبته الله تبارك وتعالى لنفسه في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الصحيحة , لأن الله تبارك وتعالى أعلم بنفسه من غيرهِ أخي الحبيب وبالجملة نقول.

بل قولنا بأن الله [ سميعُ بصير ] ليس من التركيب في شيء .

وفي شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام محمد خليل هراش , في تفسير سورة المجادلة وقوله تعالى [ قد سمع الله قول التي تجادلك ] فقال رحمه الله تعالى : [ وكل من السمع والبصر صفة كمال ، وقد عاب الله على المشركين عبادتهم ما لا يسمع ولا يبصر ] أهـ ..

قال إبن القيم رحمه الله تعالى : (( أما الفلاسفة فأثبتوا وجود الصانع بطريق التركيب, وهو أن الأجسام مركبة, والمركب يفتقر إلى أجزائه, وكل مفتقر ممكن, والممكن لا بد له من وجود واجب, وتستحيل الكثرة في ذات الواجب بوجه من الوجوه؛ إذ يلزم تركيبه, وافتقاره, وذلك ينافي وجوبه, وهذا هو غاية توحيدهم, وبه أثبتوا الخالق على زعمهم )) .

فالقول بالتركيب أخي الحبيب كان السبب الأول للفلاسفة والمتكلمة مثل أرسطوا لنفي الصفات عن الله تبارك وتعالى , ومثل هذه الشبهة في غير محلها , الله؛ إذ لو كان موصوفا بالعلم والقدرة ونحو ذلك من الصفات لكان مركبا, والمركب مفتقر إلى جزئه, وجزؤه غيره, والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه , فالواحد عندهم لا يصدر عنه إلا واحد؛ لأن صدوره عن اثنين يقتضى تعدد المصدر؛ وذلك يستلزم التركيب الممتنع.

فمدار كلامهم في التوحيد والصفات كله على لفظ التركيب.

وبهذا فإن هذا الكلام لا يصح جملةً ولا تفصيلاً , ولا يمكن قبوله ومثل هذه الشبهة تنفى بالتنزيه والإثبات , فكوننا أثبتنا لا يلزمنا أن نقول أن الله تبارك وتعالى والعياذُ بالله مركب , وإنا نثبت لله تبارك وتعالى ما أثبته لنفسه مع التنزيه , فكيف يقال الله [ مركب ] والعياذُ بالله وهو القائل [ ليس كمثله شيء ] وهذه كفيلة بدفع كل الشبهات من المتكلمة والفلاسفة .

ولهذا فقد جعل الفلاسفة التركيب عمدتهم لنفي الصفات .

فالمتكلمون تأثروا بالفلاسفة في استعمال هذا اللفظ المجمل, وأخذوا به في بعض صوره, فألزمهم الفلاسفة بالأخذ به في بقية الصور.

قال شيخ الإسلام عن الفلاسفة: (( أخذوا لفظ التركيب الذي وافقتهم بعض أهل الكلام على نفي معناه, وتوسعوا فيه, حتى جعلوه أعم مما وافقهم عليه أولئك المتكلمون, ونفوه, وصاروا كالجهمية المحضة التي تنفي الأسماء والصفات, أو تثبتها على وجه المجاز )).

وفي تعريف المركب أخي الحبيب رضا . (( أن المركب مفتقر إلى جزئه, وجزؤه غيره, والمفتقر إلى غيره لا يكون واجبا بنفسه )) .

وهذا فرية لا يمكن للإنسان قبولها , والرد عليها واضح كما في كلام شيخنا العلامة الراجحي في شرح العقيدة الطحاوية , فالمثبت منزه كما هو معروف , ولفظ المركب وهو من الألفاظ المجملة كالتجسيم إستعمل هذا اللفظ لنفي الصفات كما إستعمل غيره , ولهذا فإن هذه الشبهة إستندت على ألفاظ مجملة إحتملت حقاً وباطلاً , كالتركيب, والجزء, والغير, والافتقار , ولهذا أخي الحبيب فإن قيل وفقك الله تعالى للخير .

” كل مركب” فيدخل في التركيب ما ركبه المركب, كالأجسام المركبة من مفرداتها من الأغذية, والأدوية, والأشربة, ونحو ذلك. ويدخل فيه ما يقبل تفريق أجزائه كالإنسان, والحيوان. ويدخل فيه ما يتميز بعض جوانبه عن بعض. ويدخل فيه الموصوف بصفات لازمة له, وهذا هو المراد عند هؤلاء.

فالإجابة على مثل هذا الكلام .. حينئذ يكون المراد أن كل ما كان له صفة لازمة له فلابد في ثبوته من الصفة اللازمة له, وهذا حق, وهب أنكم سميتم هذا تركيبا فليس ذلك ممتنعا. فلا توجد الذات إلا مع وجود صفتها الملازمة لها, ولا توجد الصفة إلا مع وجود الذات الملازمة لها.

وكما تقدم في الكلام حول التركيب من شرح العقيدة الطحاوية نقول : ولا ينبغي للإنسان أن يطلق مثل هذه الألفاظ بل يعتصم بنصوص الكتاب، نصوص الكتاب والسنة كافية، والناس لهم في مثل إطلاق هذه الألفاظ ثلاث أقوال طائفة من الناس تنفيها وتقول: ليس مركبا ولا جسما ولا حيزا ولا جوهرا ولا تحويه الجهة، وطائفة تثبتها وتقول: هو جوهر هو عرض، وطائفة تفصل وهم المتبعون للسلف الصالح فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا تبين ما أثبت بها أن ما أثبت بها ثابت وما نفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإيهام كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية هذه الألفاظ لم يرد بها نص من الكتاب ولا من السنة، فمثلا إذا قال: الله ليس مركبا نقول: ما مرادك بمركب، التركيب له معاني: أحدها: التركيب لمتباينين فأكثر، ويسمى تركيب مزج كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع والأعضاء يكون هذا المعنى منفيا عن الله. والثاني: تركيب الجوار كمصراعي الباب ونحو ذلك نقول: لازم من إثبات صفات الله إثبات هذا التركيب. الثالث: التركيب من الأجزاء المتماثلة ويسمونها الجواهر المفردة، وهذا يكون الجسم مركب من الجواهر المفردة، وهل يمكن التركيب من جزئين أو أكثر؟ كل هذا باطل لا يقال: إن صفات الله مركبة بهذا المعنى. الرابع: التركيب من الهيولة الصورة كالخاتم مثلا هيولها الفضة وصورتها معروفة هذا لا يقال في صفة الله. الخامس: التركيب من الذات والصفات هذا يسمونه تركيبا لأجل أن ينفوا به الصفات يقولون: هذا صحيح يقولون: الله مركب يعني: له ذات وصفات نقول: هذا صحيح الله له ذات وصفات لكن تسمية غير تسميتكم، وهذا تركيب باطل لا يعرف في اللغة ولا في استعمال الشرط فلا نوافقكم على هذه التسمية. السادس: التركيب من الماهية ووجوبها وهذا يرفضه الذهن، كذلك الجسم يقول: الله ليس بجسم نقول: ما مرادكم بجسم؟ يطلق الجسم على ما تركب من جزءين فصاعدا أو ما تركب من ثلاثة أجزاء ويقال: والحق أن لفظ جسم لفظ مجمل لا يثبت ولا ينفى إلا بعد الاستفسار، فإن أردتم بنفي الجسم نفي الصفات فهذا باطل، وإن أردتم به أن الله مستغنن عن غيره عال على خلقه بائن منهم فهذا حق لكن لا ينبغي التعبير بالجسمية لا تقولوا جسم وهو ليس بجسم الجوهر يقول: الله جوهر أو ليس بجوهر فما مرادكم بجوهر؟ يطلق الجوهر على ما يقابل العرض، ويطلق عند أهل الكلام على العين التي لا تقبل الانقسام، وكل هذا معاني باطلة فهي من الألفاظ المجملة، كذلك التحيز والحيز يراد بالتحيز الوجود في محل أو مكان والحيز المكان والمحل، وبهذا الكلام اصطلحوا على تسمية استواء الله على العرش وعلوه على خلقه تحيزا نقول: هذا باطل تسمية التحيز باطل، فالله مستو على عرشه، وأما تسمية التحيز فهذا باطل.

والجواب أن يقال: من المعروف أن الموجود شيئ إنما ينسب إلى الوجود فإن كان موجودا هو أشرف الموجودات فواجب أن ينتسب من الموجود المحسوس إلى الحيز الأشرف وهي السماوات ولشرف هذا الحيز قال الله -تعالى-: {لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون (57)} أما إذا أردتم بنفي التحيز والحيز أن الله مستغن عن خلقه بائن منهم عال على خلقه فهذا حق لكن ينبغي التعبير بألفاظ النصوص كذلك يقولون: إن الله منزه عن الحدود ما مرادكم بالحدود؟.

والمسلمون وجمهور العقلاء عندهم أن الله حي, عليم, قدير, ولا يجوز أن يفارقه كونه حيا, عالما, قادرا, بل لم يزل ولا يزال كذلك, وكونه حيا, عالما, قادرا, من لوازم ذاته, وهي ملازمة لذاته, لا يجوز عليه الافتراق بوجه من الوجوه, فامتنع أن تكون صفاته هذه أغيارا بهذا الاعتبار.

وإن فسر الغيران بما ليس احدهما هو الآخر, أو بما يجوز العلم بأحدهما مع عدم العلم بالآخر, فلا ريب أن صفة الموصوف التي يمكن معرفتها بدونه غير له بهذا الاعتبار, لكن إذا كانت تلك الصفة لازمة له, وهو لازم لها, لم يكن في ذلك ما يوجب أن يكون أحدهما مفتقرا إلى الآخر, مفعولا للآخر, ولا علة فاعلة, ولا غائية, ولا صورية, أكثر ما في ذلك أن تكون الصفة مفتقرة إلى الذات افتقار الحال إلى محله القابل له, وهم يسمون القابل علة قابلة, لكن فيما يحدث لها من المقبولات, لا فيما يكون لازما لها أزلا وأبدا, وإن قدر أنهم يسمون جميع ذلك علة, ومعلولا, فتكون الذات علة قابلة للصفة بهذا الاعتبار, وكون الصفة معلولة هو معنى كونها صفة قائمة بالموصوف…

الوجه الثاني: أن الذات المتصفة بصفات لازمة لها, التي لها حقيقة تمتاز بها عن سائر الحقائق, وتباين غيرها من الموجودات, من غير أن يجوز عليها تفريق, وتبعيض, وتجزئة, وتقسيم, فهذه لو قدر أنها مخلوقة, لم تكن مما يسمى مركبا في اللغة المعروفة والاصطلاح.

وإذا سمى مُسمٍّ هذه مركبا, كان: إما غالطا في عقله لاعتقاده اشتمالها على حقيقتين: وجودها, وحقيقتها المغايرة لوجودها, أو على حقيقتين: ذات قائمة بنفسها معقولة مستغنية عن صفاتها, وصفات زائدة عليها قائمة بها, أو على جواهر منفردة أو معقولة, أو نحو ذلك من الأمور التي يثبتها طائفة من الناس, ويسمونها تركيبا , والعقلاء يخالفونهم في ذلك على فضلاً عن تسميته بالمركب أخي الحبيب رضا وفقك الله تعالى للخير .

وإعلم أن إثبات معان متعددة في الموجود الواجب وغيره أمر ضروري, لا بد منه, والفلاسفة مع فرط مبالغتهم في السلب, يقولون: إنه موجود واجب, وأنه معقول, وعاقل, وعقل, ولذيذ, وملتذ به, وعاشق, ومعشوق, وعشق, إلى أنواع أخر .

وأما أهل الملل فمتفقون على أنه حي, عليم, قدير, ومن المعلوم أن من جعل كونه حيا هو كونه عالما, وكونه عالما هو كونه قادرا , فهو من أعظم الناس جهلا, وكذبا, وسفسطة, وكذلك من جعل الحياة هي الحي, والعلم هو العالم, والقدرة هي القادر, فيبين العقل الصريح أن كل صفة ليست هي الأخرى, ولا هي نفس الموصوف, وكذلك من جعل العشق هو العاشق, واللذيذ هو اللذة, ونفس العقل الذي هو مصدر عقل يعقل عقلا هو العقل الذي هو العاقل القائم بنفسه, فمن جعل هذا هذا, كان في المكابرة والجهل والسفسطة من جنس الأول, فمن جعل المعاني هي الذات القائمة بنفسها, أو كل معنى هو المعنى الآخر, كان من أعظم الناس جهلا وكذبا وسفسطة, وكان أجهل من النصارى الذين يقولون أحد بالذات, ثلاثة بالأقنوم, ويقولون: مع ذلك أن أقنوم الكلمة هو المتحد بالمسيح دون غيره, وأنه إله حق من إله حق. هذا والله أعلم بالصواب .
=======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق