ذكر الطبري في تاريخه[(5/113)] من طريق أبي مخنف "الشيعي الساقط" عند ذكر قصة التحكيم المكذوبة: قال ".. وكان –أي علياً- إذا صلى الغداة يقنت فيقول: اللهم العن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبدالرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد. فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس والأشتر وحسناً وحسيناً" ! وهذه الراوية باطلة؛ لأنها من رواية الشيعي المحترق أبي مخنف لوط بن يحيى[ينظر: رسالة "مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري" للدكتور يحيى اليحيى] ولذا قال ابن كثير بعد ذكرها في "البداية والنهاية"[ 7/295] : "ولا يصح هذا".
ومعلومٌ قول الطبري في مقدمة تاريخه : " فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه ، أو يستشنعه سامعه ، من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة ، ولامعنى في الحقيقة ، فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قِبلنا ، وإنما أتي من قِبل بعض ناقليه إلينا ، وأنّا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا " .
وأيضًا : يلزم من يحتج بهذه الحكاية الباطلة على ذم معاوية - رضي الله عنه - أن يقول مثل ذلك في علي - رضي الله عنه - لأنه هو البادئ باللعن والسب! والله يقول ( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) ، فإن اعتذر لعلي فليعتذر لمعاوية.
=========
رد شبهة قنوت علي جيش معاوية
المصنف لابن أبي شيبة،
حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغفل [كذا، والصحيح: معقل] ، قال: صليت مع عليٍّ صلاة الغداة، قال: فقنت فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبي الأعور السلمي وأشياعه، وعبد الله بن قيس وأشياعه.
انهم في حرب ومعاويه ايضاً كان يقنت في صلاته ويدعو على علي والسبب هو دم عثمان وعلي مع الحق ومعاوية كان متاول ولكنه ليس بكافر
فكيف بالحسن يترك امارة المسلمين بيد كافر ويبايع كافر؟
بجرت قلم كفر الرافضه اخزاهم الله وسود وجوهمم اكثر سواداً مما هم عليه الحسن ولا يهمهم هذا المهم ان يكفرو الحسن مرضات للشييطان الزنديق السيستاني والخميني والخامنائي لعائن الله عليهم
المصنف لابن أبي شيبة،
حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مغفل [كذا، والصحيح: معقل] ، قال: صليت مع عليٍّ صلاة الغداة، قال: فقنت فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبي الأعور السلمي وأشياعه، وعبد الله بن قيس وأشياعه.
انهم في حرب ومعاويه ايضاً كان يقنت في صلاته ويدعو على علي والسبب هو دم عثمان وعلي مع الحق ومعاوية كان متاول ولكنه ليس بكافر
فكيف بالحسن يترك امارة المسلمين بيد كافر ويبايع كافر؟
بجرت قلم كفر الرافضه اخزاهم الله وسود وجوهمم اكثر سواداً مما هم عليه الحسن ولا يهمهم هذا المهم ان يكفرو الحسن مرضات للشييطان الزنديق السيستاني والخميني والخامنائي لعائن الله عليهم
جاء في ((مسند أبي حنيفة)): عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: ما قنت أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، وما قنت علي حتى حارب أهل الشام، وكان يقنت على معاوية.
ومن طريق أبي حنيفة أخرجه أبو يوسف في ((الآثار)) غير أنه أوقفه على إبراهيم بلفظ فيه اختلاف قال: عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أن عليا رضي الله عنه قنت يدعو على معاوية رضي الله عنه حين حاربه، فأخذ أهل الكوفة عنه، وقنت معاوية يدعو على علي، فأخذ أهل الشام عنه.
قلت: هذا الأثر إسناده ضعيف فيه حماد وقد مر معنا قريبًا حاله، أبو حنيفة قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)): ((ضعفه النسائي من جهة حفظه، وابن عدى، وآخرون.
وترجم له الخطيب في فصلين من تاريخه، واستوفى كلام الفريقين معدليه ومضعفيه))
===================
===================
الرد على من منع قنوت النوازل في حالة اقتتال المسلمين
الحمد لله مُنزل الكتاب ومُشرع القنوت لأسباب، والصلاة والسلام على خير من قنت وأناب، وعلى آله وصحبه الأحباب.
أما بعدُ:
حدث بحث بيني وبين أحد إخواني الأفاضل من طلاب العلم حول جزئية من مسائل قنوت النوازل، وذكر أن أحد أئمة المساجد ترك العمل بهذه السنة، بحجة أنه سأل أحد المشايخ السلفيين داخل البلاد، وأنه منعه من القنوت في هذه النازلة بعد إذن الجهة المخولة بهذا الأمر – الأوقاف - بحجة أن هذا قتال فتنة.
فقلت: نبحث في آثار سلفنا الصالح، مثلا عند فتنة مقتل الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، أو عند اقتتال الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج، وانتهى الحديث على هذا النحو.
ثم أجريت بحثًا في المسألة فوجدت فيها أثرًا بل أكثر من أثر يقطع النظر – كما قيل: إذا جاء الأثر بطل النظر وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل -.
وأنا أسأل وأتساءل هل هذا الأخ الذي سُئل له سلف في المسألة، أم هو رجم بالغيب؟!
كما أذكر نفسي وإخواني بقول الإمام المبجل أحمد بن حنبل رحمه الله: (إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام).
ارجو لمن وقف على بحثي هذا أن ينتبه ويرشده، وينصح أئمة المساجد بأن يأخذوا بأثر علي رضي الله عنه، لحديث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الدين النصيحة)).
ولعله لا يخفي على الكثير أن أهل العلم ذكروا من أسباب القنوت في النوازل الحرب مع الكفار، وفي قول يشرع في القحط والطاعون والزلازل والبراكين والفيضانات.
فلماذا يُخرج اقتتال المسلمين بعضهم مع بعض في الفتن، مثل ما يحدث الآن في بلادنا ليبيا وهو أرجح وأولي من بعض الأسباب وأهم، لأن فيه دماء مسلمين تزهق، وأطفال وشيوخ ونساء تقتل ليس لهم فيما يحدث ناقة ولا جمل.
وهذا أوان الشروع في المقصود.
رواية الشعبي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن أبي شيبة في ((مصنفه)) قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُرْوَةُ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبِيُّ، قَالَ: لَمَّا قَنَتَ عَلِيٌّ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ أَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ، قَالَ: فَقَالَ: ((إنَّمَا اسْتَنْصَرْنَا عَلَى عَدُوِّنَا)).
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات؛ هشيم وهو: بن بشير بوزن عظيم بن القاسم بن دينار السلمي أبو معاوية بن أبي خازم بمعجمتين الواسطي ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي وقد صرح بالإخبار؛ وعروة الهمداني وهو: ابن الحارث الكوفي أبو فروة الأكبر ثقة؛ الشعبي وهو: عامر بن شراحيل أبو عمرو ثقة كما في التقريب.
ثم وقفت على كلام لابن التركماني في ((الجوهر النقي)) قال: ((وفي مصنف ابن أبى شيبة عن هشيم أن عروة الهمداني هو أبو فروة بن الحارث قال حدثنى الشعبى قال: لما قنت علي في صلاة الصبح أنكر الناس ذلك فقال علي إنما استنصرنا على عدونا، وهذا سند صحيح)) انتهى.
فالحمد لله على توفيقه.
رواية عبد الرحمن بن معقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: صَلَّيْت مَعَ عَلِيٍّ صَلاَةَ الْغَدَاةِ، قَالَ: فَقَنَتَ، فَقَالَ فِي قُنُوتِهِ: ((اللَّهُمَّ عَلَيْك بِمُعَاوِيَةَ وَأَشْيَاعِهِ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَأَشْيَاعِهِ، وَأَبِي الأعور السُّلَمِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ ابْنِ قَيْسٍ وَأَشْيَاعِهِ)).
قلت: من طريقه أخرجه ابن المنذر في ((الأوسط)) بلفظ: صليت مع علي الغداة، فقنت، فقال في قنوته: ((اللهم عليك بفلان، وأصحابه، وأشياعه أبي الأعور السلمي، وعبد الله بن فلان وأشياعه)).
هذا الأثر مداره على حصين وله طريقان:
الطريق الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ مَعقِلٍ، قَالَ: ((صَلَّيْت خَلْفَ عَلِيٍّ الْمَغْرِبِ، فَقَنَتَ)).
وأخرجه الطبري في ((تهذيب الآثار)) قال: حدثنا تميم بن المنتصر الواسطي، قال: أخبرنا إسحاق يعني الأزرق، عن شريك، عن حصين به، ولفظه ((صليت مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه الفجر، فقنت على سبعة نفر: منهم فلان وفلان وأبو فلان وأبو فلان)).
الطريق الثاني: أخرجه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به، بلفظ: ((صَلَّيْتُ خَلْفَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْمَغْرِبَ فَقَنَتَ وَدَعَا)).
قلت: حصين وهو: ابن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي ثقة تغير حفظه في الآخر كما في التقريب؛ وعبد الرحمن بن معقل وهو: بن مقرن المزني أبو عاصم الكوفي ثقة كما في التقريب ولم أجد لحصين سماع من عبد الرحمن بن معقل.
لعل أثر عبد الرحمن بن معقل يكون حسنًا لغيره بما شهد له من رواية شريك عند ابن أبي شيبة في ((المصنف)) وشعبة عند الطحاوي في ((شرح معاني الآثار))، ويكون أثر الشعبي شاهد له أيضًا، وبما سيأتي من متابع.
ووجدت لحصين متابعين:
الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ عَبْدِ الرحمنِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَنَتَ فِي الْفَجْرِ رَجُلاَنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عَلِيٌّ، وَأَبُو مُوسَى.
وأبو حصين هو: عمرو بن مرة رضي الله عنه وهو: صحابي ولم أجد لأبي حصين عمرو ابن مرة من عبد الرحمن بن معقل سمعًا.
المتابع الثاني: أخرجه الفسوي في ((المعرفة والتاريخ)) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثني أبي قال: ثنا شعبة عن عبيد أبي الحسن سمع عبد الرحمن بن معقل يقول: شهدت علي بن أبي طالب قنت في صلاة العتمة بعد الركوع يدعو في قنوته على خمسة رهط على معاوية وأبي الأعور.
قلت: هذا الأثر إسناده صحيح رجاله ثقات؛ عبيد الله بن معاذ هو: ابن معاذ بن نصر ابن حسان العنبري أبو عمرو البصري ثقة حافظ؛ وأبيه هو: معاذ بن معاذ بن نصر بن حسان العنبري أبو المثنى البصري القاضي ثقة متقن؛ شعبة هو: ابن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام الواسطي ثم البصري ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول هو أمير المؤمنين في الحديث وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا؛ عبيد هو: ابن الحسن المزني أو الثعلبي أبو الحسن الكوفي ثقة
أما ما أخرجه الطبري في ((تهذيب الآثار)) قال: حدثنى عيسى بن عثمان بن عيسى قال حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن عبد الله بن خالد عن عبد الرحمن بن معقل قال صليت خلف علي المغرب فلما رفع رأسه من الركعة الثالثة قال: ((اللهم العن فلانا وفلانا وأبا فلان وأبا فلان))، قال الأعمش: وكان معنا أبو بردة فاستحييت أن أذكر أبا فلان فقال أبو بردة: وأبو فلان كان فيهم.
قلت: هذا الأثر إسناده ضعيف جدًا، فيه عيسى بن عثمان بن عيسى بن عبد الرحمن النهشلي الكوفي الكسائي صدوق كما في التقريب، ويحيى بن عيسى وهو الرملي التميمي النهشلي الفاخوري بالفاء والخاء المعجمة الجرار بالجيم وراءين الكوفي نزيل الرملة صدوق يخطىء ورمي بالتشيع كما في التقريب، والأعمش مدلس وقد عنعنه، وعبد الله بن خالد وهو: العبسي الكوفي، سُئل عنه يحيى بن معين فقال: شيخ مشهور كما في ((الجرح والتعديل)).
وقد تابع يحيى بن عيسى على روايته عن الأعمش وجاء فيه أن الرجل المبهم من كلام أبي بردة هو: أبو سفيان ولا يفرح به؛ أخرجه الطبري في ((تهذيب الآثار)) قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش، قال: حدثنا الأعمش، عن عبد الرحمن بن معقل، قال: صلى علي رضي الله عنه المغرب، فلما رفع رأسه من الركعة الثالثة، قال: ((اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا، وأبو بردة حاضر وهو يحدث، قال: يقول: إي والله، وأبا سفيان)).
قال ابن عدي في ((الكامل في ضعفاء الرجال)): قال عثمان [وهو الدارمي] قال وسمعت محمد بن عبد الله بن نمير يضعف أبا بكر بن عياش في الحديث قلت كيف حاله في الأعمش قال هو ضعيف في الأعمش وغيره.
وحال الأعمش قد مر مع أنه مدلس وقد عنعن.
فيبقي بهذا اللفظ في لعن علي رضي الله عنه لخال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما على ضعفه.
رواية عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم
أخرج الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) قال: وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ، فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَهُ [أي: علي] الْفَجْرَ فَقَنَتَ قَبْلَ الرَّكْعَةِ .
قلت: هذا الأثر لعله يصل لدرجة الحسن لغيره بما قبله. وعوف هو: ابن أبي جميلة بفتح الجيم الأعرابي العبدي البصري ثقة رمي بالقدر وبالتشيع كما في التقريب؛ وقبيصة بن عقبة هو: ابن محمد بن سفيان السوائي بضم المهملة وتخفيف الواو والمد أبو عامر الكوفي صدوق ربما خالف كما في التقريب؛ وعلي بْن شيبة هو ابْن الصلت بْن عصفور أَبُو الحسن السدوسي مولاهم وهو أخو يعقوب بْن شيبة ترجمته في ((تاريخ بغداد)).
رواية عبد الرحمن بن سويد الكاهلي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَن سُفْيَانَ، عَن حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُوَيْد الْكَاهِلِيِّ، أَنَّ عَلِيًّا قَنَتَ فِي الْفَجْرِ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ، وَلا نَكْفُرُك، وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُكَ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ وَنَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَك، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ.
قال ابن التركماني رحمه الله في ((الجوهر النقي)): ((يحتاج إلى النظر في أمر الكاهلى هذا وكذلك عبد الله بن غنام المذكور في السند)) انتهى.
وقال الإمام الألباني رحمه الله في ((إرواء الغليل)): ورجاله ثقات غير الكاهلي هذا فلم أجده.
قلت: وبهذا الطريق أخرجه سحنون في ((المدونة))، وأخرجه البيهقي بلفظ مختصر في ((الكبرى)) قال: وأخبرنا أبو نصر بن عبد العزيز بن قتادة أنبأ أبو الحسن محمد بن الحسن ابن إسماعيل السراج ثنا عبد الله بن غنام ثنا علي بن حكيم أنبأ شريك عن مطر بن خليفة عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي قال: كأني أسمع عليا رضي الله عنه في الفجر حين قنت وهو يقول: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك.
رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج سحنون بن سعيد في ((المدونة)) قال: وكيع عن سفيان عن عبد الأعلى عن التغلبي عن أبي عبد الرحمن السلمي ((أن عليا كبر حين قنت في الفجر وكبر حين ركع)).
قلت: عبد الأعلى عن التغلبي هذا خطأ تصحف من عبد الأعلى بن عامر الثعلبي بالمثلثة والمهملة الكوفي صدوق يهم كما في التقريب، وعلى هذا يكون هذا الأثر إسناده ضعيف.
رواية علقمة والأسود عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج عبد الرزاق في ((المصنف)) قال: وقال ابن المجالد عن أبيه عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: ما قنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء من الصلوات إلا إذا حارب فإنه كان يقنت في الصلوات كلهن ولا قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان حتى ماتوا حتى [كذا] لا قنت علي حتى حارب أهل الشام فكان يقنت في الصلوات كلهن وكان معاوية يقنت أيضا فيدعو كل واحد منهما على صاحبه.
قلت: هذا الأثر مداره على إبراهيم وهو: ابن يزيد النخعي وإسناده ضعيف فيه ابن المجالد وهو: سعيد بن المجالد بن سعيد بن عمير بن الناعطي لم أجد من ذكره بجرح ولا تعديل، وأبيه المجالد فيه ضعف.
وقد أرسله علقمة والأسود.
وله طريق أخر أخرجه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) قال: حدثنا محمد بن شعيب ثنا يعقوب الدشتكي ثنا هشام بن عبيد الله السني نا محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود قالا: قال عبد الله: ما قنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في شيء من الصلوات إلا في الوتر وإنه كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلهن يدعو على المشركين وما قنت أبو بكر ولا عمر ولا عثمان حتى ماتوا ولا قنت علي حتى حارب أهل الشام وكان يقنت في الصلوات كلهن وكان معاوية يدعو عليه أيضا يدعو كل واحد منهما على الآخر.
ثم قال الطبراني رحمه الله: ((لم يرو هذا الحديث عن حماد عن إبراهيم بن علقمة عن علقمة والأسود عن عبد الله إلا محمد بن جابر ورواه الحسن بن الحر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عمر)) انتهى.
وأخرجه ابن الجوزي في ((التحقيق في أحاديث الخلاف)) قال: أخبرنَا أَبُو المعمر أَنبأَنَا ابْن مَرْزُوق أَنبأَنَا أَبُو بكر بن ثَابت قَالَ حَدثنَا عَلّي بن أبي عَلّي الْمعدل أَنبأَنَا أَبُو زرْعَة أَحْمد بن الْحُسَيْن الرَّازِيّ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْحَنْظَلِي حَدثنَا أبي حَدثنَا هِشَام بن عبد الله، به.
ثم قال: ابْن جَابر اسْمه مُحَمَّد وَقد ضعفه يَحْيَى وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لَا يحدث عَنهُ إِلَّا من هُوَ شَرّ مِنْهُ وَقَالَ الفلاس مَتْرُوك الحَدِيث انتهى.
وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)): ((رواه الطبراني في الأوسط وفيه شيء مدرج عن غير ابن مسعود بيقين وهو قنوت علي ومعاوية في حال حربهما فإن ابن مسعود مات في زمن عثمان.
وفيه محمد بن جابر اليمامي وهو صدوق ولكنه كان أعمى واختلط عليه حديثه وكان يلقن)) انتهى.
وقال العلامة بدر الدين العيني رحمه الله في كتابه ((عمدة القاري)): ((وقال شيخنا زين الدين رحمه الله: ابن مسعود لم يدرك محاربة علي أهل الشام، ولا موت عثمان، فإنه مات في زمن عثمان.
قلت: يحتمل أن يكون قوله ولا عثمان إلى آخره من كلام إبراهيم أو من علقمة أو من الأسود)) انتهى كلام العيني.
قلت: هذا الأثر إسناده ضعيف فيه حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري مولاهم أبو إسماعيل الكوفي فقيه صدوق له أوهام كما في التقريب.
ومحمد بن جابر وهو: اليمامى السحيمى أبو عبد الله عن حماد بن أبى سليمان وقيس بن طلق، وليس بالقوى كما في التاريخ الكبير.
وهشام بن عبيد الله السنى وهو: الرازي قال ابن حبان: كان ينتحل مذهب الكوفيين، يروى عن مالك وابن أبى ذئب، وكان يهم في الروايات ويخطئ إذا روى عن الاثبات، فلما كثر مخالفته الاثبات بطل الاحتجاج به، كما في المجروحين.
ويعقوب بن يوسف الدشتكى قال أبو حاتم: صدوق كما في الجرح والتعديل.
ومحمد بن شعيب وهو: بن داود أبو عبد الله التاجر الأصبهاني، قال فيه الهيثمي في غير هذا الحديث في مجمع الزوائد: شيخ الطبراني محمد بن شعيب فإني لم أعرفه.
وقال أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان: حدث عن الرازيين بما لم نجده بالري، ولم نكتب إلا عنه.
وقال أبو نعيم في ذكر أخبار أصبهان: يروي عن الرازيين غرائب.
ثم وقفت على كلام لفضيلة الشيخ محمد بن عمر بازمول حفظه الله في ((الأحاديث والآثار الواردة في قنوت الوتر رواية ودراية)) حاشية (ص23) قال: ((وقال في مجمع البحرين (1/331): ((قنوت علي ومعاوية مدرج من قول علقمة والأسود، فإن ابن مسعود مات قبل بيعة علي))اهـ.
قلت: محمد بن جابر ضعيف. لكن للحديث شواهد يرتقي بها إلى الحسن لغيره)) اهـ.
رواية علقمة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
جاء في ((مسند أبي حنيفة)): عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: ما قنت أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، وما قنت علي حتى حارب أهل الشام، وكان يقنت على معاوية.
ومن طريق أبي حنيفة أخرجه أبو يوسف في ((الآثار)) غير أنه أوقفه على إبراهيم بلفظ فيه اختلاف قال: عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، أن عليا رضي الله عنه قنت يدعو على معاوية رضي الله عنه حين حاربه، فأخذ أهل الكوفة عنه، وقنت معاوية يدعو على علي، فأخذ أهل الشام عنه.
قلت: هذا الأثر إسناده ضعيف فيه حماد وقد مر معنا قريبًا حاله، أبو حنيفة قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)): ((ضعفه النسائي من جهة حفظه، وابن عدى، وآخرون.
وترجم له الخطيب في فصلين من تاريخه، واستوفى كلام الفريقين معدليه ومضعفيه)) انتهى.
قلت: ولعل هذا الأثر يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بما قبله وما بعده.
وفي صحة نسب ((مسند أبي حنيفة))كلام.
رواية الأسود بن يزيد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج محمد بن الحسن في ((الآثار)) قال: أخبرنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صحبه سنتين في السفر والحضر فلم يره قانتا في الفجر حتى فارقه. قال: إبراهيم: وإن أهل الكوفة إنما أخذوا القنوت عن علي رضي الله عنه، قنت يدعو على معاوية حين حاربه، وأما أهل الشام فإنما أخذوا القنوت عن معاوية رضي الله عنه قنت يدعو على علي كرم الله وجهه حين حاربه.
قلت: هذا الأثر إسناده ضعيف فيه أبي حنيفة وشيخه حماد وقد مر معنا قريبًا حالهما، ولعل هذا الأثر يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بما قبله.
وقوله: (علي كرم الله وجهه)، هذا من كلام الشيعة الشنيعة، والله عز وجل ترضي عن الصحابة رضي الله عنهم في كتابه العزيز قال تعالى: ) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ( [الفتح : 18]، فرضي الله عنهم وأرضاهم.
رواية إبراهيم النخعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((كَانَ عَبْدُ اللهِ لاَ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ، وَأَوَّلُ مَنْ قَنَتَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَكَانُوا يَرَوْنَ، أَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لأَنَّهُ كَانَ مُحَارِبًا)).
قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه المغيرة بن مقسم بكسر الميم الضبي مولاهم أبو هشام الكوفي الأعمى ثقة متقن إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم كما في التقريب، وقد عنعنه وهو من روايته عن إبراهيم.
وأبو الأحوص وهو: سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي ثقة متقن صاحب حديث كما في التقريب.
وأخرجه الطحاوي من طريق أبي الأحوص في ((شرح معاني الآثار)) قال: فقد يجوز أن يكون علي رضي الله عنه كان يرى القنوت في صلاة الفجر في سائر الدهر، وقد يجوز أن يكون فعل ذلك في وقت خاص للمعنى الذي كان فعله عمر رضي الله عنه من أجله.
فنظرنا في ذلك، فإذا روح بن الفرج قد حدثنا قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم قال: ((كان عبد الله لا يقنت في الفجر وأول من قنت فيها علي رضي الله عنه وكانوا يرون أنه إنما فعل ذلك لأنه كان محاربا)).
قلت: هذا الأثر أيضًا يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بما قبله.
رواية أبي جعفر الباقر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أخرج ابن أبي شيبة في ((المصنف)) قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ ذَاكَرْت أَبَا جَعْفَرٍ الْقُنُوتَ، فَقَالَ: خَرَجَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِنَا، وَمَا يَقْنُتْ وَإِنَّمَا قَنَتَ بَعْدَ مَا أَتَاكُمْ.
قلت: إسناده صحيح رجاله ثقات غير أنه منقطع لأن أبا جعفر هو: الباقر محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ثقة فاضل من الرابعة مات سنة بضع عشرة كما في التقريب قال: ابن حجر في تهذيب التهذيب ((روى عن أبيه وجديه الحسن والحسين وجد أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرسل))، وهو رحمه الله لم يدركه حيث قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه مظلومًا في رمضان سنة أربعين؛ وكيع وهو: ابن الجراح بن مليح الرؤاسي بضم الراء وهمزة ثم مهملة أبو سفيان الكوفي ثقة حافظ عابد كما في التقريب؛ وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني أبو يوسف الكوفي ثقة تكلم فيه بلا حجة كما في التقريب؛ وأبو إسحاق وهو: عمرو بن عبد الله السبيعي جد إسرائيل ثقة مكثر عابد كما في التقريب.
قال ابن التركماني في ((الجوهر النقي)): ((وهذا أيضًا سند صحيح وأبو جعفر أظنه الباقر وروايته عن علي مرسلة فدل هذان الأثران على أن القنوت في الفجر ما كان معروفا ولم يفعله علي قديما وإنما فعله بعد لضرورة الاستنصار إلى العدو وقد تقدم أن أبا حنيفة اخرجه في مسنده)) انتهى.
قلت: قول ابن التركماني: ((وهذا أيضًا سند صحيح))، فيه قُصُور لما علمت من الانقطاع بين أبي جعفر وبين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه.
نستخلص مما سبق من هذه الآثار، أن قنوت النوازل عند اقتتال المسلمين بعضهم مع بعض في الفتن له أصل، وأن قنوت الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفعل الصحابي حجة إذا لم يعارض كما هو متقرر في أصول الفقه.
وحادثة قنوت علي بن أبي طالب رضي الله عنه جاءت من عدة روايات، فيها ما إسناده صحيح ومنها الحسن ومنها ما هو أقل من ذلك؛ رواية الشعبي إسنادها صحيح وروايات عبد الرحمن بن معقل منها ما كان إسناده صحيح ومنها الحسن، ورواية عبد الله بن عباس ورواية إبراهيم النخعي لعلهما تصلان لدرجة الحسن لغيره، ورواية أبي جعفر الباقر إسنادها صحيح وإن كان لم يدرك جد أبيه علي رضي الله عنه، وذكرها الشافعي وأبو حاتم الرازي والطحاوي والذهبي والزيلعي وابن التركماني، وهذه أقوالهم.
قال البيهقي في ((معرفة السنن والآثار)): ((قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ: اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَأَنَّ عَلِيًّا قَنَتَ فِي حَرْبٍ يَدْعُو عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَخَذَ أَهْلُ الْكُوفَةِ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَنَتَ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ يَدْعُو عَلَى عَلِيٍّ، فَأَخَذَ أَهْلُ الشَّامِ عَنْهُ ذَلِكَ.
وقال ابن عبد البر في ((الاستيعاب في معرفة الأصحاب)) في ترجمة أبي الأعور السلمي: ((اسمه عمرو بن سفيان بن قائف بن الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة ابن بهثة بن سليم. وقال بعضهم فيه: سفيان بن عمرو والأول أكثر وقد قيل فيه الثقفي وليس بشيء. يعد في الصحابة.
وقال أبو حاتم الرازي: لا تصح له صحبة ولا رواية وشهد حنيناً كافراً ثم أسلم بعد هو ومالك بن عوف النصري وحدث بقصة هزيمة هوازن بحنين ثم كان هو وعمرو بن العاص مع معاوية بصفين وكان من أشد من عنده على علي وكان علي يذكره في القنوت في صلاة الغداة يقول: اللهم عليك به مع قوم يدعو عليهم في قنوته)) انتهى من كلام ابن عبد البر.
وقال الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)): ((فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الْمَغْرِبَ لَا يُقْنَتُ فِيهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ حَرْبٌ, وَأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّمَا كَانَ قَنَتَ فِيهَا مِنْ أَجْلِ الْحَرْبِ, فَقُنُوتُهُ فِي الْفَجْرِ أَيْضًا عِنْدَنَا كَذَلِكَ)) انتهى.
وقال الذهبي في كتابه ((تنقيح كتاب التحقيق في أحاديث التعليق)) بعدما ساق أثرًا لعلي رضي الله عنه وغيره: ((فهذا يوضح أنهم قنتوا، وأنهم تركوا، وأنهم كانوا لا يرون القنوت راتباً في الصبحِ)) انتهى.
وقال الزيلعي في ((نصب الراية)): ((بل اتفق أن طارقا صلى خلف [رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأبي بكر. وعمر. وعثمان. وعلي] كل منهم، وأخذ بما رأى، ومن المعلوم أنهم كانوا يقنتون في النوازل، وهذا الحديث يدل على أنهم ما كانوا يحافظون على قنوت راتب، والله أعلم)) انتهى ثم ساق أثرًا لعلي رضي الله عنه وغيره.
وقال ابن التركماني في ((الجوهر النقي)): ((وهذا أيضًا سند صحيح وأبو جعفر أظنه الباقر وروايته عن علي مرسلة فدل هذان الأثران على أن القنوت في الفجر ما كان معروفا ولم يفعله علي قديما وإنما فعله بعد لضرورة الاستنصار إلى العدو وقد تقدم أن أبا حنيفة اخرجه في مسنده)) انتهى.
أما ما جاء من لعْن عليٍّ رضي الله عنه لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما فهو كذب من وضع الرافضة.
أخرج ابن جرير الطبري في ((تاريخ الرسل والملوك)) قال: قال أبو مخنف: حدثني أبو جناب الكلبي أن عمراً وأبا موسى حيث التقيا بدومة الجندل، أخذ عمرو يقدم أبا موسى في الكلام، يقول: إنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت أسن مني، فتكلم وأتكلم. فكان عمرو قد عود أبا موسى أن يقدمه في كل شيء، اغتزى بذلك كله أن يقدمه فيبدأ بخلع علي. قال: فنظر في أمرهما وما اجتمعا عليه، فأراده عمرو على معاوية فأبى، وأراده على ابنه فأبى، وأراد أبو موسى عمراً على عبد الله بن عمر فأبى عليه، فقال له عمرو: خبرني ما رأيك؟ قال: رأيي أن نخلع هذين الرجلين، ونجعل الأمر شورى بين المسلمين، فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا. فقال له عمرو: فإن الرأي ما رأيت، فأقبلا إلى الناس وهم مجتمعون، فقال: يا أبا موسى، أعلمهم بأن رأينا قد اجتمع واتفق، فتكلم أبو موسى فقال: إن رأيي ورأي عمرو قد اتفق على أمر نرجو أن يصلح الله عز وجل به أمر هذه الأمة. فقال عمرو: صدق وبر، يا أبا موسى، تقدم فتكلم. فتقدم أبو موسى ليتكلم، فقال له ابن عباس: ويحك! والله إني لأظنه قد خدعك. إن كنتما قد اتفقتما على أمر، فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك، ثم تكلم أنت بعده، فإن عمراً غادر، ولا آمن من أن يكون قد أعطاك الرضا فيما بينك وبينه، فإذا قمت في الناس خالفك - وكان أبو موسى مغفلاً - فقال له: إنا قد اتفقنا. فتقدم أبو موسى فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها، ولا ألم لشعثها من أمرٍ قد أجمع رأيي ورأي عمرو عليه؛ وهو أن نخلع علياً ومعاوية، وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر فيولوا منهم من أحبوا عليهم، وإني قد خلعت علياً ومعاوية، فاستقبلوا أمركم. وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً؛ ثم تنحى. وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه. وأثبت صاحبي معاوية، فإنه ولي عثمان ابن عفان والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه. فقال أبو موسى: ما لك لا وفقك الله، غدرت وفجرت! إنما مثلك كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث. قال عمرو: إنما مثلك كمثل الحمار يحمل أسفاراً. وحمل شريح بن هانىء على عمرو فقنعه بالسوط، وحمل على شريح ابنٌ لعمرو فضربه بالسوط، وقام الناس فحجزوا بينهم. وكان شريح بعد ذلك يقول: ما ندمت على شيء ندامتي على ضرب عمرو بالسوط ألا أكون ضربته بالسيف آتياً به الدهر ما أتى. والتمس أهل الشأم أبا موسى! فركب راحلته ولحق بمكة.
قال ابن عباس: قبح الله رأي أبي موسى حذرته وأمرته بالرأي فما عقل. فكان أبو موسى يقول: حذرني ابن عباس غدرة الفاسق، ولكني اطمأننت إليه، وظننت أنه لن يؤثر شيئاً على نصيحة الأمة. ثم انصرف عمرو وأهل الشأم إلى معاوية، وسلموا عليه بالخلافة، ورجع ابن عباس وشريح بن هانىء إلى علي، وكان إذا صلى الغداة يقنت فيقول: اللهم إلعن معاوية وعمراً وأبا الأعور السلمي وحبيباً وعبد الرحمن بن خالد والضحاك بن قيس والوليد. فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت لعن علياً وابن عباس والأشتر وحسناً وحسيناً.
قلت: هذه قصة مشهورة تشم منها رائحة الكذب، فيها أبو مخنف وهو: لوط بن يحيى، قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)): ((أخباري تالف، لا يوثق به.
تركه أبو حاتم وغيره.
وقال الدارقطني: ضعيف.
وقال ابن معين: ليس بثقة.
وقال - مرة: ليس بشئ.
وقال ابن عدى: شيعي محترق، صاحب أخبارهم.
قلت: روى عن الصعق بن زهير، وجابر الجعفي، ومجالد.
روى عنه المدائني، وعبد الرحمن بن مغراء.
مات قبل السبعين ومائة)) انتهى .
وأبو جناب الكلبى وهو: حيى بن أبى حية، قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)): ((سمع الشعبى وطبقته.
قال يحيى القطان: لا أستحل أن أروى عنه.
وقال النسائي والدارقطني: ضعيف.
وقال أبو زرعة: صدوق يدلس.
وقال ابن الدورقى عن يحيى: أبو جناب ليس به بأس إلا أنه كان يدلس.
وروى عثمان عن ابن معين: صدوق.
ثم قال عثمان: هو ضعيف.
وقال الفلاس: متروك)) انتهى .
هذا والله أعلم، وأسأل الله عن يفقهنا في ديننا وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يردنا للحق ردًا جميلا، ويجنبنا وجميع المسلمين كيد الفجار وشر الأشرار، وأن يدفع عن بلادنا وسائر بلاد المسلمين كل سوء ومكروه، وبالله التوفيق، وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الأربعاء غرة ذي القعدة سنة 1435 هـ
الموافق لـ: 27 أغسطس سنة 2014 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق