السبت، 21 مايو 2016

الرد الحديدي على ضلالات كمال الصليبي كتبه البراق

مما ينسف كلام كمال صليبي وتابعه قشاش

عن ارض التوراة

ان التوراة تحدثت ان الارض الموعودة لبني اسرائيل تمتد من الفرات الي النيل و الحجاز و عسير خارج حدود الفرات والنيل

=====

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحابته الكرام ومن تبعهم با حسان وبعد ان الدفاع عن الوطن لايكون فقط بالنفس والمال وانما يكون بالكلم وبالقلم ولا نلبث حقيقة ان تظهر هناك هجمات شرسه تحاول النيل والتقليل بطرق مبا شره وغير مبا شرة – وتلك الهجما ت الخا طئه تا تي في صور شتى منها ضلالات –ومزا عم ونظريا ت شخصية هي اشبه بالهلوسا ت –لايخرج صا حبها عن كونه – مخالف للجميع ومصا در للرا ي والري الاخر ومصاد م على غير هدى ولديه مزا عم لاتمت للحقيقة بصلة فهذا يريد حسب تصوره انه سيا تي على ما لم يا تي عليه الاولون والاخرون على غير هدى اوبصيره ومثل هذا يريد ان يوسع من مسا حة معروفيته بمخا لفة ما هو عليه اجما ع الخا صة والعا مة من اجل مزيد من الشهره من طريق ( خا لف تعرف) وعلى راس كل جيل يخرج مثل هولاء الذين يجدون من الرعا ع وانصا ف المتعلمين ومن في نفوسهم وقلوبهم مرض من يوا فقهم وان كا نوا بعيدين عن الوا قع فالطيور على اشبا هها تقع كثير منا لم يطلع على نظريا ت المؤرخ اللبنا ني كمال الصليبي التي طرحها قبل ثلاثين عا م واصر عليها مؤخرا وجدت امتعاظا وانتقا دا مبررا كما وجدت من القليلين قبولا وترحيبا –والرجل في لقا ء له بمجلة (دير شبيفل) الالما نية اوكما هو رسم اسمها نظر في التا ريخ بل ان ما سا قه يعتبر وجها ت نظرية بقوله للمجلة المذكورة حرفيا كما سياتي ايضاحه وبيا نه ( والذي يعرفه العا مة قبل الخا صة ا ن التا ريخ امانة عظيمة لا يجرؤ عا قل ولا منصف ان يكتبه حسب هوا ه ا وحسب رؤاه اوحسب وجهة نظره ثم يتجرء دون حيا ء ومن غير برها ن على تهميش بديها ت وطبيعيا ت ومسلما ت توصل اليها جها بذة التا ريخ وفوق ذلك يحا ول في اقناع الاخرين بصوا ب نظريته التي لا يوا فقه عليها الا بسطا ء او جهله اومن يحمل فكرا غير سوي او موقفا متناقضا او معا ندا على غير صوا ب نحن هنا لاعلينا من الشخص ولاتهمنا حيا ته الشخصية بل المهم هو الوصول الى ان ما ذهب اليه بعيدا ليس وفق راي او وجهة نظر (كا تب هذا النقد او التعليق ) وانما وفقا لرد ا حد علما ء وجها بذة التا ريخ التي با جتها د منا عثرنا عليه ولان الى ما اورده عبر المجلة المذكوره مما لا يتفق مع وا قع ولايستند الى مرا جع وينافي العقل والتقل والى ما اورد

كمال الصليبي خفايا التوراة وأسرار شعب إسرائيل دار الساقي الطبعة الخامسة / 2002

مقدّمة الطبعة العربية ( والكلام الاتي للصليبي في مقدمته)

لعل أكثرية المسيحيين واليهود اليوم ما زالت تتمسّك بحرفية الكتاب المقدّس وتجلّ نصوصه عن النقد والتحليل. لكن الكثيرين منهم, ومنذ أكثر من قرن من الزمن, اعتادوا على قبول المعالجة العلمية لهذه النصوص كتراث إنساني قابل للبحث والنظر. وهؤلاء لم يكونوا من العلمانيين فقط, ففي جملتهم عدد كبير من رجال الدين وكبار الكهنة.

والكتاب المقدس عند اليهود يقتصر على الأسفار العبرانية مما يسمى بالتوراة والأنبياء والكتب. والمسيحيون يعتبرون هذه الأسفار "العهد القديم" من الكتاب, ويعتمدونها دينيا على هذا الأساس. أما "العهد الجديد" الذي يختصّ بالمسيحيين وحدهم, فيتألف من مجموعة من الكتابات اليونانية الأصل, وهي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل والرسائل. ولعلّ المسيحيين تجرأوا على نقد نصوص الكتاب المقدس برمّته أكثر مما فعل اليهود بالنسبة إلى الجزء العبراني منه الذي يختصّ بهم. ولكن من اليهود أيضا من قام وما زال يقوم بمثل هذا العمل.

وما الكتاب الحالي إلا محاولة جديدة في هذا الحقل. وموضوعه هو نصوص التوراة وحدها مما يسميه المسيحيون بالعهد القديم. وهذه تتألف من خمسة أسفار منسوبة جميعها إلى موسى, وهي "سفر التكوين" و "سفر الخروج" و "سفر اللاويين" و "سفر العدد" و "سفر التثنية". ويسود الرأي بين العلماء بان الأجزاء القصصية من التوراة _ومعظمها محصور بأسفار التكوين والخروج والعدد_ هي في الواقع مزيج من التاريخ الشعبي والأساطير والخرافات, تمّ جمعها ثم تنسيقها فضبطها في زمن متأخر نسبيا من تاريخ بني إسرائيل. والكتاب الحالي ينطلق من هذا الرأي السائد بين أهل الاختصاص في موضوع التوراة. وما الجديد فيه إلا طريقة التحليل التي ربما تنجلي عن طريقها غوامض كثيرة من تفاصيل القصص التوراتية لم يتوصل الباحثون إلى إدراك الحقائق الكامنة في مضمونها من قبل بالوسائل النقدية التي اعتمدت حتى اليوم. وللقارئ أن يحكم لنفسه إذا كان ذلك صحيحا.

وقد حصل في أوائل عهد النقد التوراتي, بين القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين, أن جملة من العلماء أبدوا شكّا في كون أبطال القصص التوراتية _من آدم إلى موسى_ شخصيات تاريخية بالمعنى الكامل. ومنهم من لاحظ أن هؤلاء الأبطال من يبدو وكأن شخصيته, وبالطريقة التي تبرزها نصوص التوراة, هي في الواقع شخصية مركبة من عدّة عناصر تاريخية وغير تاريخية. ولكن هؤلاء العلماء لم يتمكنوا من إقامة الدليل والبرهان الكافي على ما لاحظوه. ثم جاء جيل جديد من الباحثين يطعن في ملاحظات هؤلاء الباحثين الأوائل ويشدّد على وحدة الشخصية التاريخية أو الأسطورية أو الخرافية لكل من أبطال التوراة. غير أن هؤلاء, هم أيضا, لم يتمكّنوا من الوصول إلى نتائج واضحة, على ادّعائهم عكس ذلك وإصرارهم على كونهم هم, وليس من سبقهم في الحقل, على المسلك العلمي الصحيح. والواقع هو أن الانفتاح الذهني بين العلماء التوراتيين في الغرب في القرن التاسع عشر كان أوسع بكثير مما هو عليه اليوم. وفي الكتاب الحالي إلى حدّ ما عودة إلى منظورهم مع فارق واحد, وهو أن الدليل المتوفر اليوم على ما كانوا يقولونه لم يكن قد توفر بعد في زمانهم.

وقد كان هؤلاء العلماء يقولون في وقتهم أن النقد العلمي للتوراة لا يضيرها كجزء من تراثهم الديني, بل يقوّي قيمة هذا التراث الذي لا بدّ من أن يرفض يوما ما إذا ما استمر الأخذ به على سطحيته, لكونه يحتوي على أشياء كثيرة لا يقبلها العقل.

والكتاب الحالي يأخذ من الموضوع الموقف نفسه.

فمهما قيل في أمر التوراة, فإنها تبقى جزءا لا يتجزأ من التراث الذي تقدّسه المسيحية, وعن حقّ, لأن جذور التعليم المسيحي تعود في أساسها إلى التوراة, وان كان فيها ما يذهب إلى أبعد من تعاليم التوراة دون أن ينقض المبادئ التي تقوم عليها. وقصص التوراة _كما لا بدّ وأن يتضح للقارئ_ لا علاقة لها بهذه المبادئ. بل هي صور احتفظت بها نصوص الكتاب المقدس من غابر العصور. وفي الاطلاع عليها والتحقيق بأمرها متعة ذهنية وفهم لحقائق من الماضي القديم مغمورة لآلاف السنين.

والكتاب الحالي وضع أصلا بالانكليزية, ونشرته دار الساقي تحت عنوان :

( Secrets of the Bible People ) .

والذي في متناول القارئ العربي اليوم ليس مترجما عن الانكليزية بل هو إعادة كتابة للموضوع ذاته بالعربية من قبل المؤّلف.


كمال سليمان الصليبي

مقدّمة
التوراة جاءت من جزيرة العرب: كان هذا عنوان كتابي السابق حول الجغرافيا التاريخية للتوراة, وهو يختصر القناعة التي توصّلت إليها في هذا الشأن, أكثر ما يكون عن طريق المقابلة اللغوية بين أسماء الأماكن الواردة في التوراة, وتلك التي موجودة في جنوبي الحجاز وبلاد عسير.

وقد حاولت في ذلك الكتاب إقامة البرهان, بمجموعة من الأمثلة, على أن مضمون التوراة لا يستقيم إلا إذا أعيد النظر فيه جغرافيا على هذا الأساس.

وعبثا حاول ويحاول علماء التوراة فهم مضمونها, من الناحية التاريخية, باعتبار أنها جاءت من فلسطين, حسب المفهوم التقليدي لجغرافيتها. فالأكثرية الساحقة من أسماء الأماكن التوراتية لا وجود لها في فلسطين. والأقلية الموجودة منها هناك لا تتطابق من ناحية الحدث مع تلك المذكورة بالأسماء ذاتها في التوراة.

وما زال علماء الآثار يبحثون في فلسطين عن دليل واحد قاطع على أن البلاد التوراتية كانت هناك, فلا يجدونه.

والأمر ذاته ينطبق على العراق والشام وسيناء ومصر, أي على الأرض "من النيل إلى الفرات" التي يفترض بان التاريخ التوراتي كان له شان مباشر بها.

هذا ما فصلته في كتابي السابق.

وما القصد من الكتاب الحالي إلا وضع نظريتي الجديدة حول الجغرافيا التاريخية للتوراة على المحك للتأكد من صحتها على وجه العموم, ولتصحيح ما ورد من أخطاء تفصيلية في الكتاب السابق على وجه الخصوص, وذلك عن طريق إعادة النظر في مجموعة من القصص التوراتية المألوفة على ضوء جغرافية جزيرة العرب.

وقد اخترت لهذه الغاية القصص التي ترويها الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, أي كتب "التوراة" بالذات (التكوين, الخروج, اللاويين, العدد, التثنية), وأضفت إليها قصة واحدة من أسفار "الأنبياء" وهي قصّة النبي يونان التي يرويها سفر يونان.

وسوف اعتمد في البحث, كما في كتابي السابق, على النصّ العبري الأصلي للتوراة, بغضّ النظر عن التحريك التقليدي لهذا النص الذي يحوّر المعاني المقصودة أصلا في أحيان كثيرة. وهذا ما يقرّه أهل الاختصاص بشكل عام.

على أن هذا التحريك التقليدي المشكوك فيه ما زال معتمدا على وجه العموم في الترجمات الحديثة للتوراة, كما في الترجمات القديمة, ومنها الترجمة العربية المعتمدة من قبل الكنائس الإنجيلية التي أشير إليها عند الحاجة للمقابلة بين المقصود في الأصل والمفهوم في العرف السائد.

ولا بدّ في البداية من كلمة على طبيعة النصوص التوراتية التي سأعالج مضمونها في هذا الكتاب. فهناك إجماع بين أهل الاختصاص على أن سفر يونان هو من الأسفار التوراتية المتأخرة التي وضعت بعد السبي البابلي لشعب إسرائيل.

ومن هؤلاء من يبالغ في ذلك, فيقول أن هذا السفر وضع قرابة عام 350, وربما 250 قبل الميلاد. أمّا بشأن الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, فيسود الرأي بشأن ثلاثة منها (التكوين, الخروج, العدد) أنها جمعت ونسقت في وقت متأخر, ربما بعد السبي البابلي, من أصول مختلفة. وكان علماء التوراة في السابق يسمّون هذه الأصول المفترضة "نصوصا".

وهم اليوم يفضلون الإشارة إليها على أنها "تقاليد" تعرّف اليوم على الوجه الآتي:

1 _ التقليد "اليهوي", وقد سمّي بذلك لأنه يتحدث عن الذات الالهية باسم "يهوه" (وفي الترجمات العربية المعتمدة "الرب").والتقليد "اليهوي" هذا هو تقليد قصصي صرف يتميز بروعة الإيجاز وقوة العبارة, على بعض الاختلاف في الأسلوب, مما جعل أهل الاختصاص في النقد النصّي للتوراة يفرقون بين أكثر من تقليد "يهوي" واحد .

2 _ التقليد "الإلوهيمي", وقد سمي بذلك لأنه يطلق على الذات الالهية اسم "إلوهيم" (بالعبرية ءلهيم), أي "الله".

والتقليد "الإلوهيمي" هذا هو أيضا تقليد قصصي, على قدر من التأمل والذهاب إلى ما هو أبعد من الرواية الصرفة.

أضف إلى ذلك الفرق بين الشخصية المعطاة للرب "يهوه" في التقليد "اليهوي", وتلك المعطاة لله في التقليد "الإلوهيمي".

فالرّب "يهوه" في القصص "اليهوية" يتصرّف تماما كما يتصرف البشر, يحب ويكره, يعف ويجهل, يأنس ويغضب, الخ.

أما الله في الروايات "الإلوهيمية", فهو أكثر تعاليا عن عالم البشر.

3 _ التقليد "الكهنوتي", وهو يختلف عن التقليدين السابقين بكونه تعليميا, وليس قصصيا.

ويتميز هذا التقليد باهتمامه بالتشريعات والطقوس, وكذلك باهتمامه الخاص بالأنساب.

ويلاحظ تداخل التقليد "الكهنوتي" في التقليدين "اليهوي" و "الإلوهيمي" حيث يروي هذان التقليدان قصصا عن شخصيات معينة, فيأتي التقليد "الكهنوتي" ويعطي هذه الشخصيات أنسابها بأسلوب يختلف تماما عن أسلوب القصة.

وكثيرا ما يأتي التدخل "الكهنوتي" معكرا لصفو الأسلوب القصصي ومشوّها له في الروايات "اليهوية" و "الإلوهيمية".

وهناك شبه إجماع بين أهل الاختصاص على أن صاحب أو أصحاب التقليد "الكهنوتي" هم الذين قاموا بجمع الروايات "اليهوية" و "الإلوهيمية" في أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" أوّل الأمر, فأضافوا إليها ما أضافوا من تقليدهم.

وربما كان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد.

ويعتبر سفر "اللاويين" سفرا "كهنوتيا" صرفا, علما بان هذا السفر يقتصر على الأمور الطقسية والتشريعية, وهو السفر الوحيد بين الأسفار الخمسة الأولى من التوراة الذي لا يأتي على أية رواية قصصية.

بالإضافة إلى هذه التقاليد الثلاثة , "اليهوي" و "الإلوهيمي" و "الكهنوتي", يلاحظ وجود تقليد رابع لا اثر له في أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" ولا في سفر "اللاويين", وهو التقليد المتمثل بنص سفر التثنية دون غيره من الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.

ويتميز تقليد "التثنية" هذا بتشديده على مكانة بني إسرائيل كشعب خاص بالرب "يهوه" وعلى دور الرب "يهوه" الأساسي في تاريخ هذا الشعب.

ويسود الاعتقاد بان أصحاب تقليد "التثنية" هذا هم الذين قاموا بتدوين سفر "يشوع", وسفر "القضاة", وسفري "صموئيل" الأول والثاني, وسفري "الملوك" الأول والثاني, من بين الأسفار التوراتية التي تتناول تاريخ بني إسرائيل.

ويلاحظ أن هؤلاء "التثنويّين" كانت لديهم مصادر تاريخية استقوا منها المعلومات وصاغوا منها روايتهم "التثنوية" لتاريخ بني إسرائيل.

المهم في الأمر أن الأسفار الخمسة الأولى من التوراة, وهي الأسفار التي يطلق عليها أساسا اسم "التوراة", لم تكتب أصلا بقلم واحد.

وما هذه الأسفار إلا مجموعات من الأقاصيص الصادرة أصلا عن تقاليد مختلفة ربما كان بعضها مكتوبا, وقد تم جمعها وتنسيقها في وقت متأخر نسبيا, وأضيف إليها ما أضيف, فصارت جزءا لا يتجزأ من تصور بني إسرائيل لبداياتهم التاريخية.

هناك, بالطبع, نظريات أخرى بالنسبة إلى التركيب النصي للتوراة..

منه النظرية التي تشدد على أهمية المقابلة بين مضمون القصص التوراتية من جهة, ومضمون المدونات العراقية والشامية والمصرية القديمة من جهة أخرى, وعلى أهمية الربط بين روايات التوراة والمكتشفات الأثرية ما بين الفرات والنيل.

هذه النظرية مرفوضة مني بطبيعة الحال, علما باني لا اعتبر أن هناك أي علاقة حقيقية بين التوراة وتلك البلاد.

استثني من ذلك, طبعا, المدونات المصرية والعراقية القديمة التي تتحدث عن جزيرة العرب, وهي كثيرة.

وقد أسيء فهم مضمونها حتى الآن من قبل الباحثين, فاعتبرت أنها تتحدث عن فلسطين وبلاد الشام.


على الباحث في القصص التي ترويها أسفار "التكوين" و "الخروج" و "العدد" أن يأخذ كل قصة على حدة, فيحلل العناصر المختلفة التي تتكون منها لكي يقف على حقيقة أمرها.

وجل ما في الأمر أني سآخذ كل قصة من هذه القصص كما هي مروية في نصّها التوراتي بالأصل العبري, فأعيد قراءة هذا النص بأحرفه الساكنة دون الالتفات إلى تحريكها المسوري (أي التقليدي), وأحلل عناصرها على هذا الأساس في ضوء جغرافية جزيرة العرب, أي في ضوء ما اعتبره إطارها الجغرافي الصحيح.

وهذا ما سأفعله بعد ذلك بشان قصة النبي يونان.

وأهم ما في الأمر أن القصص التوراتية التي سأقوم بتحليلها في هذا الكتاب قد مُحّص فيها من قبل بناء على أن موقعها هو في بلاد ما بين الفرات والنيل فلم يتضح سرها على هذا الأساس.

وقفا ت على ما ذهب اليه انظر قوله بنصه يقول

التوراة جاءت من جزيرة العرب: كان هذاعنوان كتابي السابق حول الجغرافيا التاريخية للتوراة, وهو يختصر القناعة التيتوصّلت إليها في هذا الشأن, أكثر ما يكون عن طريق المقابلة اللغوية بين أسماءالأماكن الواردة في التوراة, وتلك التي موجودة في جنوبي الحجاز وبلاد عسير.

وقدحاولت في ذلك الكتاب إقامة البرهان, بمجموعة من الأمثلة, على أن مضمون التوراة لايستقيم إلا إذا أعيد النظر فيه جغرافيا على هذا الأساس.

وعبثا حاول ويحاول علماءالتوراة فهم مضمونها, من الناحية التاريخية, باعتبار أنها جاءت من فلسطين, حسبالمفهوم التقليدي لجغرافيتها. فالأكثرية الساحقة من أسماء الأماكن التوراتية لاوجود لها في فلسطين. والأقلية الموجودة منها هناك لا تتطابق من ناحية الحدث مع تلكالمذكورة بالأسماء ذاتها في التوراة.

وما زال علماء الآثار يبحثون في فلسطين عندليل واحد قاطع على أن البلاد التوراتية كانت هناك, فلا يجدونه.

والأمر ذاتهينطبق على العراق والشام وسيناء ومصر, أي على الأرض "من النيل إلى الفرات" التييفترض بان التاريخ التوراتي كان له شان مباشر بها.

هذا ما فصلته في كتابيالسابق.

هذا كلام نختصر الرد فيه عليه بنقاط من قبلنا

اولا لايمكن الركون في تحقيق تا ريخ مجيء الكتب السما وية من أي مكا ن كا ن بالقنا عا ت الشخصية او عن طريق المقا بله اللغوية بين اسما ء الاماكن سيما وان المؤرخ يجهل بتخريج وظبط الاسما ء التي اوردها لغويا وجغرا فيا وتا ريخيا كما لا يمكن الركون الى مثل هذه المقا بلات اللغوية في ظل وجود مرا جع ومصا د ر وكتب وجهود لم تشر جملة وتفصيلا الى ما ذهب اليه ومصدره هذا المقا بلات اللغوية مرفوض من وجهة البحث العلمي ولا يعتمد على المقابلات اللغوية في تحققيق اسما ء الامكنه او في وصول كتب معينه في ظل وجود ما اشرنا اليه

ويقول في درجة من تهميش التا ريخ والجغرا فيا

منه النظرية التي تشدد على أهمية المقابلة بين مضمون القصص التوراتية من جهة, ومضمون المدونات العراقية والشامية والمصرية القديمة من جهة أخرى, وعلى أهمية الربط بين روايات التوراة والمكتشفات الأثرية ما بين الفرات والنيل.

هذه النظرية مرفوضة مني بطبيعة الحال, علما باني لا اعتبر أن هناك أي علاقة حقيقية بين التوراة وتلك البلاد.

استثني من ذلك, طبعا, المدونات المصرية والعراقية القديمة التي تتحدث عن جزيرة العرب, وهي كثيرة.

وقد أسيء فهم مضمونها حتى الآن من قبل الباحثين, فاعتبرت أنها تتحدث عن فلسطين وبلاد الشام.

الحَلقَة السَّكَنْدَرِية

عرض/زياد منى

بعد مرور عقدين من الزمن على إطلاق كمال الصليبي موضوعته عن "أرض التوراة" في عسير، تنهض مجددا، لكن هذه المرة في شكل رواية، بوليسية مثيرة، بقلم الكاتب الأميركي المعروف ستيف بِري.

فمن المعروف أن كمال الصليبي، أستاذ التاريخ الحديث في الجامعة الأميركية ببيروت المتقاعد حاليا، طرح موضوعته المثيرة للجدل في كتاب "التوراة جاءت من جزيرة العرب" الذي صدرت ترجمته العربية ببيروت عام 1985.

- الكتاب: الحلقة السكندرية

- المؤلف: ستيف بري

- عدد الصفحات: 462

- الناشر: بلانتينز بوكس، نيويورك

- الطبعة: الأولى/2007


ملخص الموضوعة، التي كانت صدرت أولا بالألمانية، في مجلة "دير شبيغل" الألمانية المرموقة حينئذ، تحت عنوان "الكتاب المقدس جاء من عسير"، ثم صدرت كتابا، باللغة الألمانية، وبعدها باللغة الإنجليزية، وأخيرا بالعربية، هي أن "العهد القديم" تسجيل لتجربة بني إسرائيل التاريخية، ليس في فلسطين وجوارها، وإنما في جنوب غربي جزيرة العرب، أي بلاد عسير الممتدة من جنوب مدينة الطائف إلى اليمن.

الموضوعة أثارت في حينها زلزالا علميا على الصعيد العالمي، وعاصفة إعلامية لم تندثر، مما يعكس برأي البعض آثارها السياسية المعاصرة.

"علماء التوراة" الغربيون رفضوا الموضوعة، لكنهم لم يتمكنوا من دحضها علميا. وكتاب عرب كثر، لا يحمل أي منهم مؤهلا أكاديميا للتعامل معها على أسس علمية رفضوها، من نفس منطلق الحكومة السعودية التي شنت حملة شعواء عليها وعلى مؤلفها.

المنطلق هو أن هذه الموضوعة تمنح أرضية "شرعية" لليهود للمطالبة بأراضي غربي جزيرة العرب.

كمال الصليبي وغيره رفضوا ذلك المنطق من باب أنه يضفي شرعية تاريخية ودينية على اغتصاب اليهود لفلسطين. لكن كتابا عربا آخرين "ثمّنوا" الموضوعة، ولكن وبكل أسف، من الموقع السياسي ذاته، بينما ثمة حاجة ماسة للتعامل مع التاريخ على أسس علمية محض.

لم ينشر عن المسألة أي عمل علمي متزن يدحضها، بأي لغة كانت، وصاحبها كمال الصليبي لم ينظر بعين إيجابية إلى ما نشر عنها باستثناء مؤلفَين: أولهما بالعربية والثاني نشر أخيرا باللغة الإنجليزية.

وكمال الصليبي الذي عاد أخيرا إلى بيروت حيث يعيش الآن بعد انتهائه من عمله مديرا للمعهد الملكي للدراسات الدينية في العاصمة الأردنية، لم يتوقف عن الكتابة عن موضوعته، حيث نشر بعدها كتبا أخرى عنها بالعربية وبغير العربية. وقريبا سيصدر له كتاب جديد باللغة العربية عن المسألة.

المؤلف

ستيف بري روائي أميركي معروف سبق له نشر روايات عدة مثيرة تجمع التاريخ بالحاضر، منها على سبيل المثال "السر الثالث" و"نبوءة رومانوف" و"غرفة الكهرمان" و"إرث فرسان المعبد" التي دخلت قائمة أفضل المبيعات لصحيفة نيويورك تايمز، وهي كما نعرف صهيونية الهوى بامتياز.

"
الموضوعة هي أن العهد القديم تسجيل لتجربة بني إسرائيل التاريخية، ليس في فلسطين وجوارها، وإنما في جنوب غربي جزيرة العرب، أي بلاد عسير الممتدة من جنوب مدينة الطائف إلى اليمن

"

العنوان

المقصود بعنوان الرواية "مكتبة الإسكندرية" التاريخية الشهيرة التي تأسست في القرن الثاني قبل الميلاد بأمر الحاكم الإغريقي بطليموس الثاني. وقد عرفت بعض المعلومات عنها، مع أن كثيرا من الوقائع التاريخية، وكما هو متوقع، امتزجت بالخيال.

لكن لا شك في أنها كانت الحاضنة العلمية الأولى في تلك العصور حيث ضمت، على ما يقال، سبعمائة ألف كتاب منها أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو. كما روي أن بطليموس الثاني أمر بنسخ كل كتاب يعثر عليه في أي سفينة تمر بمدينة الإسكندرية ووضعه فيها.

المكتبة هذه اختفت من الوجود، وثمة العديد من الروايات عن مصيرها المبهم. أقدم الروايات هي احتراقها إبان المعارك التي اندلعت بين القوات الرومانية بقيادة يوليوس قيصر وحاكم مصر الإغريقي بطليموس الثالث عشر في عام 48 ق م.

والرواية الثانية تلقي باللوم في حرقها على قدماء المسيحيين في عام 272 أول مرة، وللمرة الثانية عام 391، بهدف تخليص البلاد من المواد "الملحدة".

والرواية الثالثة، وهي الأكثر انتشارا في الغرب تدعي أن العرب المسلمين الفاتحين أحرقوها بأمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث استخدموا المخطوطات لتدفئة الحمامات. وهذه الرواية لا تصمد أمام النقد لأن جلد الغزال الذي كان يستخدم لكتابة المخطوطات لا يولد طاقة كافية لتسخين أي شيء.

الاحتمال الأقوى هو أنها تعرضت للدمار المرافق للحروب والنزاعات والكوارث الكثيرة التي ألمت بالمنطقة إلى أن فقدت أهميتها وأهملها الحكام. وربما ساعدت الزلازل والكوارث الطبيعية التي فتكت بالمدينة في القضاء على كل أثر لها، من دون انتفاء إمكانية العثور على آثارها في البحر قبالة مدينة الإسكندرية.

"اختفاء" ذلك الصرح العلمي الإنساني العظيم قاد إلى ظهور روايات عديدة خيالية، ومنها روايتنا هذه.

الرواية

المؤلف لا يخفي أبدا أن الشخص الرئيس في الرواية ومركزها هما كل من كمال الصليبي وموضوعته عن "أرض التوراة" في عسير.

تبدأ الأحداث في فلسطين عشية النكبة 1948 برجل غامض يبحث عن "مُتَسَلِّم للسر" اسمه كمال حداد، اختارته إحدى الأخويات السرية لتسلمه معلومات سرية، ملخصها أن العرب ليسوا بحاجة إلى السلاح لهزيمة إسرائيل.

بعد ذلك تنتقل الأحداث الغامضة والدموية بعض الشيء إلى العاصمة الدانماركية كوبنهاغن في أيامنا هذه حيث يعيش بطل الرواية الأميركي كتن مالون الذي يدير مكتبته المختصة بالكتب النادرة بعد تقاعده من عمله في وزارة العدل الأميركية حيث كان يعمل في برنامج سري للحكومة الأميركية.

يفاجأ كتن بزيارة مطلقته التي تبلغه عبر البريد الإلكتروني أن ابنهما مخطوف وأن لديه 72 ساعة فقط لمقايضته بمعلومة عن "الحلقة".

يتوجه كتن إلى صديقه هنرِك ثرفالدسن طالبا مساعدته في الأزمة التي ألمت به، ويلاحظ أن شخصا غامضا اسمه دومنيك سابر يراقب تحركاته كلها.

كما يتصل كتن برفيقته السابقة في العمل، ستيفاني التي تحاول هي ورئيسها، عبر لَري ديلي الذي على اتصال مباشر بالبيت الأبيض، مساعدته، لكنها تكتشف أيضا أن ثمة خرقا لسرية برنامج كانا يعملان فيه إبان عملهما المشترك في وزارة العدل الأميركية، ويحوي المعلومات التي يطالب بها الخاطفون.

"

كل ما حصل في الرواية من خطف وتحرير وقتل خطط له تكتل صناعي سري أوروبي مقره النمسا اسمه "أخوية الصوف الذهبي"، يهدف إلى السيطرة على الشرق الأوسط ونفطه
"
لكن ستيفاني ورئيسها وكتن يكتشفون أن العثور على "الحلقة" ما هو إلا محطة، من وجهة نظر البيت الأبيض، في الصراع للسيطرة على الشرق الأوسط.

تعمل ستيفاني على الاتصال بكتُن عبر عميل في الدانمارك، لكنه يُقتل قبل أن يتمكن من مساعدته. وفي نهاية المطاف، يتمكن كتن من ملاحقة الخاطفين وقتلهم وتحرير ابنه.

في الوقت نفسه، يكتشف كتن أن كل ما حصل من خطف وتحرير وقتل خطط له تكتل صناعي سري أوروبي مقره النمسا، اسمه "أخوية الصوف الذهبي" يهدف إلى السيطرة على الشرق الأوسط ونفطه.

بعدها يتوجه كتن إلى أكسفورد للقاء جورج حداد الذي يخطره بأن ترجمات "العهد القديم" المعمول بها غير دقيقة وأنه يعمل على إعادة ترجمته، وتحديد جغرافيتها الصحيحة.

وهنا تدخل الاستخبارات الإسرائيلية على الخط وتبدأ بملاحقة كتن وجورج حداد في بريطانيا، وكذلك ستيفاني بواشنطن.

وهنا تظهر لبطل القصة أن ثمة جهات تحاول معرفة محتوى "الحلْقة"، والترجمة الدقيقة للعهد القديم، اعتمادا على كتب في "مكتبة الإسكندرية" المفقودة وصل إليها جورج حداد، بينما تحاول جهات أخرى منع آخرين من الوصول إلى تلك المعرفة.

عندها تبدأ مختلف جوانب الرواية في التداخل لتتحول، كما في سابقاتها التي ألفها ستيف بِري، إلى سرد يحوي كل مكونات الإثارة، من تنظيمات وأخويات سرية، وتجمعات تآمر وخطط ومؤامرات، محبوكة على نحو محكم، ضمن سياق ينتهل، ككل رواياته السابقة، من التاريخ ملهما للأحداث.

والمؤلف يمتلك أدوات هذا النمط من الكتابة وهو ما أهله ليتبوأ مركزا مهما في عالم الرواية الإثارية البوليسية حيث ترجمت مؤلفاته السابقة إلى 35 لغة.

ردود الفعل

القارئ يذكر ربما رواية دان براون "شفرة دافنشي" التي أثارت احتجاجات الكنيسة والمتدينين، حين رأى البعض أنها تمس بأسس المعتقد المسيحي، بل إن دولة الفاتيكان خصصت موقعا خاصا على الإنترنت للرد على ما يرد فيها من فرضيات وادعاءات.

وقد كان من الممكن أن يمر نشر تلك الرواية بكل هدوء لولا أن مؤلفها طرح موضوعاته على أنها حقائق تاريخية، وأيضا لولا انفعال الكنيسة الزائد.

وإذ تمكن أهل الاختصاص لاحقا من دحض ما طرحته من حقائق وأعادوها إلى حجمها الحقيقي، فإن الضجة التي أثارتها ردود الفعل بالدرجة الأولى كانت كبيرة، وحققت للمؤلف المزيد من الشهرة، وأخرجت قصته لاحقا فيلما.

رواية ستيف بري تنتمي إلى النمط ذاته من الجنس الروائي الذي يجمع أحداثا تاريخية بالخيال، إضافة إلى فن السرد البوليسي والغموض.

لكنه، وعلى عكس دان براون، لا يقدم موضوعة كمال الصليبي على أنها حقيقة غير قابلة للنقض، بل ضمن إطار فن السرد الروائي المثير.

"

من المعروف وغير المثير للاستغراب أنه من المسموح به في الغرب للمرء التشكيك في كل الأمور وحتى في وجود الذات الإلهية، لكن من غير المغفور له إطلاقا التعرض بأي كلمة سلبية للصهيونية وأفعالها ضمن أي سياق حتى لو كان رواية خيالية

"

مع ذلك، أثارت الرواية هذه منذ صدورها في مطلع هذا العام ردود فعل عصبية حيث اتهم مؤلفها بالتهم إياها، أي العنصرية ومعاداة اليهود والسامية، حتى إن بعض غلاة التعصب اليهودي والصهيوني أطلقوا عليها مختلف النعوت، ومنهم من ذهب إلى حد عدها الشر بحد ذاته.

سبب ردود الفعل الانفعالية هذه ربما ليس لأن الرواية تذكر موضوعة كمال الصليبي على نحو إيجابي، وإنما بكل تأكيد لأنها تحوي معلومات تاريخية موثقة.

فعلى سبيل المثال، يتحدث المؤلف، في سياق السرد الروائي عن النكبة وعن مذابح الصهيونية بحق الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم وقراهم التي عاشوا فيها مئات السنين، وتآمر الاحتلال البريطاني مع الحركة الصهيونية عليهم.

باختصار، المؤلف يتحدث عن "النكبة" ويذكرها باسمها العربي، مرددا مرات عديدة الأحداث التاريخية بالخصوص، وهو يكون بذلك قد اقترب من "المحرمات" في عالم الغرب المعاصر.

ومن المعروف وغير المثير للاستغراب حقا أنه من المسموح به في الغرب للمرء التشكيك في كل الأمور، وحتى في وجود الذات الإلهية، لكن من غير المغفور له إطلاقا التعرض بأي كلمة سلبية للصهيونية وأفعالها، ضمن أي سياق، حتى لو كان رواية خيالية.

وبينما لم يتمكن بعض غلاة الصهاينة المهووسين من السكوت عنها، فقد اتبعت الغالبية العظمى أسلوب "القتل" الأنجع، وهو الصمت. فقد تعلموا سابقا من أزمة رواية "شفرة دافنشي" فقرروا أن أفضل أسلوب لمحاربتها هو تجاهلها، مع أنها تحوي كما كبيرا من عناصر الإثارة الإعلامية وعلى رأسها التعرض للمحرمات الحداثية.

لم نشأ سؤال المؤلف عن ردة فعله على تجاهل معظم وسائل الإعلام الغربية لروايته هذه، لكننا عرفنا منه أنه لم يزر مكتبة الإسكندرية الجديدة ولا أي بلد عربي.

وعندما سألنا كمال الصليبي عن رأيه في الرواية التي تدور حوله وحول موضوعته "التوراتية"، أجابنا بأنه استمتع بقراءتها، لكن أمرا واحدا لم يعجبه فيها، على القارئ اكتشافه.


والجاما للصليبي ومن سايره ووافقه على نظريا ته المزعومه نكتفي برد علامة الجزيرة العربية العلامة حمد الجا سر أغاليط الدكتور الصليبي الجغرافية ،، حمد الجاسر

________________________

الدكتور كمال سليمان الصليبي باحث لبناني معروف، وهو أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية ورئيس قسم التاريخ فيها، وقد ألف كتاباً حاول فيه أن يطبق النصوص التي وردت في التوراة على مواضع في بلادنا في جنوب الجزيرة.

ولقد كانت آراؤه لما فيها من الطرافة والخرافة ذات أصداء واسعة، وتناولتها كثير من الصحف العربية بأكثر مما تستحق.

وقديماً كانت الخرافة ولا تزال مبعث تكرار وترداد.

وكنت حين حدثني أحد الإخوة بطرف من آراء ذلك المؤرخ حكيت له طُرْفَةٌ ساقها الفاكهي مؤرخ مكة بمعرض التندر، فقد روى في كتاب ((مكة وأخبارها)) عن الأصمعي قال: قال رجل من أهل مكة: ما سمعت بأكْذَبَ من بني تميم، زعموا أن قول القائل:

بيتٌ زرارةُ محتَبٍ بِفنَائه

ومجاشعٌ وأبو الفوارس نَهْشَلُ

في رجال منهم. فقيل له: ما تقول انت؟ قال: البيت بيت الله الحرام، والزُّرَارة الحَجَبِيُّ، فقيل له: فَمُجَاشِع. قال: زَمْزَم جشعَتْ بالماء. قيل فأبو الفوارس؟ قال: أبو قُبَيْس، قيل: فنهشل؟ ففكر طويلاً ثم قال: ونَهْشَل أَشَدُّهُ. ثم قال: نهشل مفتاح الكعبة طويل أسود!!.

وكان الأخ الدكتور زاهر الألمعي ذكر لي أنه يريد أن يكتب ردًّا على الصليبي فأوضحت له بأن آراءه – حسب ما اتضح لي – أضعف وأوهى من أن يشتغل هو أو غيره بكتابة الرد عليها.

ثم كثر إلحاح بعض الأصدقاء بأن أبين ما أراه حيالها، فاتصل بي الأستاذ الكريم محمد بن عبدالله الحُمَيِّد – رئيس النادي الأدبي في أبها – وحدثني بأنه أثناء مقال له نشرته جريدة ((الشرق الأوسط)) في 9/4/1405هـ – في الموضوع ذكر إسمي في سياق ذكر مَنْ رغب منهم التصدِّي للرد على الصليبي.


والأستاذ محمد ذُو دَالَّة عليَّ، أقدرها حق قدرها، فوالده الأستاذ عبدالله بن علي الحُمَيِّد – رحمه الله – من أعز أصدقائي – طيلة ثلاثين عاماً – وابنه الكريم ممن أحمل له في نفسي من الإكبار والتقدير ما هو أهلٌ له، لفضله، ولأدبه، ولحفاظه على رعاية ما لأصدقاء أبيه من حقوق.

وخاطبني بالهاتف مدير مكتب جريدة ((الشرق)) في الرياض برغبة الأستاذ هشام حافظ أحد صاحبي الجريدة بـأن أتحدَّثَ إلى قرائها برأيي، فأوضحت له بأنني لم أُلِمَّ بالموضوع من جميع نواحيه، ولم اطلع على آراء الدكتور الصليبي اطلاعاً يمكَنني من تناولها من جميع جوانبها بما أراه حيالها.

فوعد بأنه سيتصل بإدارة الجريدة للحصول على ما رغبت الاطلاع عليه مما فيه إيضاح وافٍ لتلك الآراء.

ثم أكْرمني أحد تلاميذي البررة وهو الأستاذ إبراهيم بن عبدالعزيز السويلم بمقالات نشرت في صحف مختلفة في الكويت وفي اليمن وفي بلادنا كلها تتعلق بنقض آراء الصليبي – وحَبَّذَ الابنُ الكريم الأستاذ إبراهيم الكتابة في الموضوع، فلما تصفحت تلك المقالات رأيت في أحدها أن اسمي قد زُجَّ به زجًّا لا أدري ما حقيقته، فقد جاء في مقال الأستاذ فيصل السماك في جريدة ((الشرق الأوسط)) – ع2226 تاريخ 10/4/1405هـ ما نصه: (أَيُّ صدفة تلك التي جعلت الدكتور الصليبي يعثر على المعجم الذي فيه أسماء المدن والقرى اليهودية في منطقة عسير؟).

وأين عثر الدكتور الصليبي على هذا المعجم وفي أيِّ مكتبة.. وأي بلد..؟ وما اسم هذا المعجم، ومن هو مؤلفه؟

وليسمح لنا الدكتور الصليبي أن نوفر عليه مشقة الإجابة، وأن نكشف الحقيقة كما استطعنا التوصل إليها وهي:

أن الصدفة التي يدعيها الصليبي في حصوله على المعجم ليست صحيحة، وهو يعرف ذلك تماماً..!!

إن اسم المعجم الذي افتعل حوله كل هذا الضجيج هو ((المعجم الجغرافي التاريخي للبلاد العربية السعودية)) ومؤلفه هو علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر، ومقدمة هذا المعجم في ثلاثة أجزاء. وقد حصل عليه الصليبي من مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت، وبالتحديد منذ عامين وأربعة شهور، وكان هذا المعجم قد وزع على جميع مكتبات الجامعات في لبنان.

وباستطاعة الصليبي الحصول على نسخة جديدة من هذا المعجم من مكتبة (الرسالة الإسلامية) ساعة يشاء..!!).

بل سمعت ما هو أعجب وأغرب، فقد حدثني أستاذ جليل بأنه قد جرى في مجلس عميد في إحدى جامعاتنا الحديث في الموضوع، فتطرق إلى ذكر كتاب ((المعجم الجغرافي)) فاتخذ أحد الحاضرين ممن يحلو له (الاصطياد في الماء العكر) من ذكر اسم الكتاب ذريعةٌ لتناوله وتناول مؤلفه بما عرف عنه من خلق.

كما زُجَّ باسم أخي الأستاذ عبدالله بن خميس أيضاً في كلام منسوب للدكتور الصليبي، نشرته جريدة ((القبس)) الكويتية – في العدد 4489 الصادر بتاريخ 18/2/1405هـ (12/11/1984م).


كان الدكتور الصليبي قد دُعِي لحضور المؤتمر الثاني لتاريخ الجزيرة العربية الذي عقدته (جامعة الملك سعود) في الرياض عام 1399هـ (1979م) بصفته (رئيس إدارة الآثار والتاريخ في الجامعة الأمريكية) فذكر أنه اجتمع أثناء انعقاد ذلك المؤتمر بالأستاذ عبدالله، الذي قدم له نسخة من كتاب ((معجم اليمامة)) حين جرى البحث في أصل كلمة (حضرموت) وأنه وجد في ((المعجم)) اسم (خضرمات) وهو جمع مؤنث سالم الاسم (خضرمة) وحاول الربط بين (خضرمات) و(حضرموت). وأنه لما عاد إلى بيروت بدأ في البحث عن أسماء الأماكن العربية، فاتضحت له الصلة بين كثير من الأسماء الواردة في التوراة وبين أسماء بعض المواضع في منطقة عسير، وما يليها شرقاً وغرباً، فاتجه إلى دراسة تاريخ التوراة، وخرج من ذلك بكتابه عن المواضع الواردة فيها.

==============

لا مندوحة إذَنْ – والأمر كما أوضحت – من الكتابة عما انطبع في الذهن إثر قراءة ما وقع في يدي مما نشر في الصحف حول آراء هذا الرجل الذي لا أدري بما أصفه، ولا أدري ما هي البواعث لإثارة أفكاره التي أقلَّ ما توصف به أنها مخالفة لجميع الحقائق العلمية الثابتة منذ أقدم العصور، مما أتت به الكتب السماوية، أو توصل إليه العلماء من حقائق تاريخية.

وإنسان يأتي برأي يدرك مصادمته للحق الثابت ليس من المستطاع إقناعه، ولا شك أن الدكتور الصليبي ليس من السذاجة وعدم المعرفة بالدرجة التي تجعل من السهل تبصيره بالحقائق، بالاستدلال بالنصوص والآراء الصحيحة ولهذا فإيراد النصوص والاستدلال بكلام متقدمي العلماء لا يُجدي نفعاً مع امرئ يدرك أنه أتي بما يصادم جميع ذلك عن عَمْدٍ وسبق وإصرار، وأنه بلغ من العلم – فيما أتي به – ما لم تبلغه الأوائل – بل والأواخر.

ولكنني لا أعتقد أن الغرور يبلغ بباحث يتولى مركزاً علمياً بارزاً ويحمل من الدرجات العلمية في هذا العصر أعلاها – يبلغ به حالةً تدفعه إلى المكابرة ورفض الحقائق البدهية التي أعتقد أنه لم ينتبه إليها أثناء بحثه لموضوعه، ثم خروجه بما خرج به من نتيجة باطلة، جاءت في رأيي بدون إدراك لتلك الحقائق.

الحقيقة الأولى: مما لا شك فيه لدى الباحثين أن التوراة التي بين أيدي الناس اليوم، ليست الكتاب الذي أنزل على موسى – عليه السلام – وإنما ألفها الأحبار وجمعوها في فترات مختلفة، كما يعترف بذلك علماء اليهود أنفسهم كالعالم الصهيوني (سيجموند فرويد) صاحب كتاب ((موسى والتوحيد)) وغيره من العلماء من أهل الملل الأخرى، بل إن هناك من العلماء من يرى بأن من بين أسفار التوراة ما هو عربي الأصل ضمه الأحبار إليها، مثل ((سفر أيوب)) الذي أوضح بعض العلماء المعاصرين أنه نقل إلى العبرية من اللغة العربية كالمستشرق الانجليزي (مرجليوث) – أنظر كتاب ((العرب قبل الإسلام للدكتور جواد علي 1/252 – وفي الأسفار الأخرى كثير مما أدخله الأحبار من عادات الشعوب وأخبارهم ومن ذلك أسماء مواطنهم، بسبب المخالطة والاتصال أثناء الأسفار.

ولهذا فإن استناد الدكتور الصليبي على التوراة المعروفة الآن استناداً على غير أساس.

ثم الاستدلال بما فيها من الأسماء مع ما هو معروف من أسماء المواضع تتشابه وتتكرر مع اختلاف مواقعها – استدلال غير صحيح، وهذا عن الأمور البدهية.

الحقيقة الثانية: مما فات الدكتور الصليبي – أثناء استنتاجاته لآرائه تلك – محاولة الربط الزمني بين مواضع ورد ذكرها قبل ثلاثة آلاف من السنين، وبين مواضع قائمة في زمننا، أكثرها نشأ في عصور متأخرة، فهو لَمْ يحاول عند إيراد اسم من أسماء المواضع التي ذكرها البحث عن نشوء ذلك الاسم ومتى كان؟ وما هو معناه! ولماذا سمي الموضع بهذا الاسم؟

ولو بحث هذا الأمر بتعمق لأدرك أنه يسير – فيما استنتج على غير هدى، وهذا ما سأعرض له بالتفصيل بعد عرض نماذج من أسماء المواضع التي ذكرها.

الحقيقة الثالثة: أن أسماء المواضع التي أوردها محاولاً الربط بينها وبين ما ورد في التوراة – مما نشرته الصحف التي اطلعت عليها، وقد نشرت خلاصة آرائه وأفكاره – لا نجد لها ذكراً في الكتب القديمة باستثناء اسم فرع حديث لإحدى القبائل، ظنه اسم موضع، فكيف يصح له أن يستنتج فكرة بدون أن يستكمل قواعد استنتاجها؟!


الحقيقة الرابعة: أنه لم يفرق بين أسماء المواضع وأسماء أفخاذ العشائر، فقد أورد منها ما ظنه من أسماء المواضع، والجهل بالأسماء إلى هذه الدرجة يحول دون استنتاج نتائج ذات قيمة علمية.


وهاهي الأسماء، بل ها هو نمط من تخليط الباحثين في عصرنا وأغاليطهم، ما كنت أَوَدّ الاشتغال – أو الاشغال – الحديث عنها، فهي جديرة بأن تُوْأَد، ووأدها في إهمالها وتجاهلها – ككثير من الأفكار الفجة في كل زمان ومكان – فقد ينشأ عن الخوض فيها بلبلة في الأفكار، وإظهارها بمظهر ليست جديرة به.

لقد اتخذ الدكتور الصليبي من تشابه الأسماء وتقاربها في الكتابة والنطق أساساً لأرائه ولهذا سأحصر ملاحظاتي في الناحية الجغرافية منها.

لقد خرج من دراسته المتعلقة بالأماكن بنتائج منها:

1- أن حبرون مدينة إبراهيم – عليه السلام – على ما في التوراة تقع في بلاد عسير وتعرف الآن باسم (خربان) التي وصفها بأنها في عسير وذكر قرية (مقفلة) أنها قريبة من قرية خربان، والقرى الأربع قرية آل سبلان وقرية الشباب وقرية عاصية وقرية عامر.

2- وصهيون مدينة داود – عليه السلام – حسب رواية التوراة أيضاً هي قرية (الصيان) الواقعة غرب أبها.

3- وأورشليم: تقع في منطقة أل شريم وأوراسلام من عسير.

4- والوادي المقدس طوى الوارد في القرآن الكريم هو قرية (طوى) الواقعة في وادي بقرة المنحدر من جبل هادي في تهامة عسير، وفيه نزلت سورة البقرة.

5- وحورب الذي نزل فيه الوحي على موسى – عليه السلام – على ما في التوراة هو (حارب) في سفح جبل هادي.

6- واسم الأردن النهر المذكور في التوراة باسم (يردن) أو (هردن) مأخوذ من كلمة (يرد) بمعنى سقط ومنه الريدة التي هي الحرف الناتيء من الجبل، وإذن فليس اسم نهر في مكان معين، بل وصف لأمكنة عدة، وهذا ينطبق على الحروف الناتئة من سراة عسير الممتدة من جنوب الطائف إلى مشارف اليمن.

7- ويرحو الاسم الوارد في التوراة ليس أريحاً بل (وراخ) القرية الموجودة الآن على حرف ناتيء من سراة زهران.

8- ويردن الاسم الوارد في ((سفر الملوك)) من التوراة (5: 1 – 14) ليس حرفاً لجبل، بل كلمة (يردن) هنا مشتقة من (يرد) العربية فهي تعني المورد وهو هنا مجمع مياه في وادي نعص قرب قرية شمران شرق القنفذة.

9- وجنة عدن: هي الجنينة الواقعة بمنطقة بيشة.

10- والسامرة: هي شمران.

11- وعمورة: هي غمرة.

12- ومصر: المتكرر ذكره في أخبار التوراة هو (مصر ما) القرية التي قال عنها: إنها بين أبها وخميس مشيط.

13- وعدنة التي على وادي بيشة: هي عدن.

14- (تيهوم): (تهامة).

هذه هي الأسماء التي اطلعت عليها مما ورد في الآراء المنسوبة إلى الدكتور الصليبي، وقد حاول أن يوجد صلةً بينها وبين أسماء وردت في التوراة التي بين أيدي الناس، ولكن الآراء التي أتى بها للربط بين تلك الأسماء مما يدرك أي قاريء لم يبلغ من الثقافة ما يمكنه من التعمق في البحث في معاني تلك الأسماء وفي أصول اشتقاق مفرداتها اللغوية، يدرك انتفاء الصلة بينها فضلاً عن باحث مختص بالدراسات اللغوية والجغرافية، فهل أُتِيَ الدكتور الصليبي بما وقع فيه من أخطاء من عدم تعمقه في البحث في معاني تلك الأسماء؟ أو من قلة فهمه لتلك المعاني، أو أنه لم يلاحظ أن أسماء المواضع في هذا العهد وفي العهود الغابرة أكثرها مشتق من صفات تتطابق وتتفق على مسميات كثيرة متباعدة، كما أن شيوع أسماء المواضع المتماثلة في أماكن متعددة في مختلف الأقطار الأرض، موجود في كل زمان ومكان، بسبب الاختلاط والتنقل بين الشعوب.

1- أن اسم (خربان) التي وصفها بأنها في عسير ليست معروفة في هذه المنطقة بالذات، بل في منطقة أخرى.

مع أن الاسم مشتق من (خرب) فالموضع الذي يبدأه الخراب أو يكون خَرِباً في أول الأمر يوصف بأنه (خربان) وهذا من الأسماء الشائعة، ولهذا نجد هذا الاسم وما شابهه مما اشتق من تلك الكلمة يطلق على تسع عشرة قرية في مناطق مختلفة، فاسم (الخربان) و(خربان) يطلق على خمس قرى و(الخرب) اسم لأربع و(الخرباء) و(خرباء) لِسِتِّ قرى و(الخرابة) اسم لأربع قرى.

أما القول بأن (مقفلة) قريبة من قرية خربان التي في عسير، فلا أدري من أين أتى الصليبي بهذا القول، فمقفلة القرية المعروفة تقع في منطقة القنفذة التابعة لإمارة مكة المكرمة وليست في عسير.

وكذلك القرى الأربع التي عدها بالقرب من خربان الذي زعم أنه في بلاد عسير، هذه القرى الأربع هي من قرى آل المنتشر في وادي العرضية الشمالية في منطقة القنفذة التابعة لإمارة مكة المكرمة.

2- وما سماه قرية (الصيان) لعله يريد (قعوة الصيان)، والصيان هنا ليس اسماً للقرية بل اسم فخذ من قبيلة أَلْمع، التي تكثر فيها القرى التي تدعى (قعوة)، ومنها قعوة آل تمام وقعوة العطف وقعوة آل سعوان وقعوة شعبي وقعوة شعوان وقعوة شهدان وقعوة الصيان وقعوة آل عاطف وقعوة آل ناطف، وكل هذه الأسماء هي أسماء لأفخاذ حديثة من قبيلة ألمع، ومنها الصيان، فهو اسم لفخذ لا يتجاوز تاريخه مئات السنين، فضلاً أن يبلغ آلافها.

3- وكما خلط بين اسم الموضع واسم الفخذ، فعل ذلك حينما ذكر (آل شريم) فالاسم ليس اسم قرية بل اسم فخذ صغير من أفخاذ قبيلة الحَجْر وآخر من قبيلة بالقرن وهما حادثان لم يكونا معروفين في شيء من كتب الأنساب التي أُلِّفَتْ قديماً.

أما (أروا سلام) فلا أعرف من أين أتى بهذا الاسم، وهناك فخذ من آل عمر من رجال الحَجر في منطقة تنومة يدعى (آل عمر أروا) فلعله يعنيه، وهو اسم فخذ لا قرية.

4- واسم (طوى) الذي تخيله الوادي المذكور في القرآن الكريم، لم يحسن نطقه الصحيح، فهو (الطَّوا) – بالفتح معرفاً – وهذا كما هو معروف في اللغة خلاف (طوى) الوادي المقدس الذي يكاد يجمع العلماء على تحديد موقعه، ويأبى الدكتور الصليبي مع سبق الإصرار إلا مخالفتهم، بذكر موضع حادث لم يذكره أحد ممن ألَّف في تحديد المواضع من متقدمي العلماء كالهمداني صاحب ((صفة جزيرة العرب)) وياقوت الحموي صاحب ((معجم البلدان)) والبكري صاحب ((معجم ما استعجم في أسماء المواضع)) وغيرهم.

ومن المضحك بل المخزي حقاً لمن يحترم نفسه أن يتصدى لتخطئة كل العلماء ثم يحاول الربط بين واد مغمور مجهول سمي حديثاً باسم فخذ من عشيرة بني شهر من قبيلة الحجر يدعى (بقرة) يحاول الربط بين هذا الوادي المسمى حديثاً وبين السورة الكريمة (البقرة) التي ورد النص فيها صريحاً واضحاً على الحيوان المعروف.

لقد ظن – والظن أساس الخطأ – أن اسم هذا الوادي يرقى إلى آلاف السنين، ولم يكلف نفسه عناء البحث عنه في المصادر الجغرافية ليدرك أنه من الأسماء الحادثة التي لم تكن معروفة حين تدوين ما بين أيدي العلماء من تلك المصادر، إن كلام الدكتور الصليبي لمحاولة الربط بين وادي طوى ونزول سورة البقرة هو أقرب إلى المغالطة منه إلى الحقيقة العلمية.

5- ويقال مثل ما تقدم في محاولة إيجاد صلة بين (حورب) الذي نزل فيه الوحي على موسى – عليه السلام – على ما في التوراة التي بأيدي الناس، وبين (حارب) الجبل الذي في سفح جبل هادي، ثم الربط بين هذا وبين ما سماه الصليبي (طوى) بقرب ذلك الجبل.

ويلاحظ أن اسم حارب يطلق على قريتين إحداهما من قرى وادي بقرة في تهامة والأخرى من قرى قبيلة يام في نجران.

6- ويحاول الدكتور الصليبي تعليل بعض الأسماء الموجودة في التوراة مما لا أصل له في اللغة العربية ثم يتمحّل لها أصولاً عربية مما يعتبر تخبطاً وسيراً على غير هدىّ كما فعل كلمة (يردن) و(هردن) حيث أورد لها معنيين متغايرين، زعم أن أحدهما مأخوذ من كلمة (يرد) بمعنى سقط وهذا مما لم يذكر في ((لسان العرب)).

وما أيسر السير على طريقة الدكتور الصليبي، في العبث بجميع الأسماء الأعجمية لتصبح عربية مما يذكر بأضحوكة (الشيخ زُبير) و(شكسبير).

7- زعم أن (وراخ) قرية موجودة على حرف ناتيء من سراة زهران.

ولقد سرت في تلك السراة وألَّفْتُ عنها كتاباً فلم أَرَ ولم أعرف قرية بهذا الاسّم كما أن أحد أبناء هذه القبيلة قد ألف كتاباً جمع فيه كل ما عرف من أسماء قرى سراة غامد وزهران، فلم يذكر من بينها (وراخ)، هو الأستاذ علي بن صالح الزهراني وكتابه عن بلاد غامد وزهران، أحد أقسام ((المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية)) الذي أشرفت على نشر عدد من أقسامه.

وإنما (وراخ) وادٍ معروف شرقي السراة تنحدر فروعه من سلسلة جبال عيسان المتصل بالسراة ويمتد الوادي من الغرب من قرب قرية معشوقة، فيتجه شرقاً حتى يجتمع بوادي كَرا قرب قرية عينين (فيما بين خطي العرض 30/20° و 48/20°) وكتب اسمه في الخريطة رقم 210 من ((أبحاث جيولوجية)) خطأ باسم (أوراخ) هذا الوادي ليس من قرى سراة زهران، بل فروعه في بلاد غامد وأسفله في بلاد البقوم.

8- لا أعرف ولم أر فيما بين يدي من الكتب المؤلفة عن جغرافية بلادنا ما سماه الدكتور الصليبي (يردن) وقال إنه مجمع مياه في وادي نعْص قرب قرية شمران شرق القنفذة، ولا أدري من أين أخذ هذا؟ ولكن لو كان هناك مجمع مياه يورد لأصبح مشهوراً ومعروفاً وهذا ما لم أسمع به، ووادي نعص من أودية تهامة المعروفة وسكانه من بني شِهْرٍ من قبيلة الْحَجْر.

9- يظهر أن الدكتور الصليبي لم يدرك أن كلمة (الجنينة) – تصغر جنة – هي من الكلمات المشتقة من الوصف، فهي تعني الحديقة ولهذا تكررت التسمية بها، ففي منطقة نجران وفي منطقة بيشة قريتان حديثتا التسمية، وفي وادي التسرير في نجد ثَنْيٌ من أثنائه يدعى الجنينة، وهذا قديم، ورد في قول الشاعر:

قال الأطباء: ما يشفيك؟ قلت لهم:

دخان رِمْثٍ من التسرير يشفيني

مما يضم إلى عمرانَ حاطُبه

إلى الجنينة جزلاً غير موزون

فالموضع الذي يكثر نباته أو يَزْدَهِر بالخصب أو يعجب أهله يسمى جنة وجنينة، ومن ذلك اسم القريتين، وهما حديثا العهد، ولم يذكرا في المعاجم المعروفة.

هذا بصرف النظر عن تأويل الصليبي المصادم لنصوص الكتب السماوية.

10- وأورد في الخريطة التي رسمها في توضيح آرائه اسم (شمران) وكتب تحتها (السامرة) رسم الاسم غرب منطقة بيشة حيث تحل قبيلة شمران، فخلط بين اسم القبيلة واسم الموضع، ولم يدرك أن قبيلة شمران هذه لم تكن قبل ما يقرب من تسعة قرون في هذه البلاد وإنما كانت منازلها مع إخوتها من فروع قبيلة مَذْحِج سَنْحَان وجَنْبِ وغيرهما في سفوح السراة الشرقية الجنوبية شرق سراة عبيدة الآن.

وما يتحدث عنه له آلاف السنين، والذي أوقعه في الخطأ أنه لم يفرق بين اسم قبيلة من طبيعتها التنقل، وبين اسم موضع ثابت.

هذا مع التكلف في محاولة إيجاد صلة بين الاسمين بسبب تقارب مخارج حروفهما.

11- وفي الخريطة اسم (عمورة) وتحته اسم (غمرة) في منطقة بلاد عسير، وكأنَّ الدكتور الصليبي يرى اسم غمرة هو عمورة، مع أن اسم غمرة من الأسماء التي تطلق على عدد من القرى، فهناك قرية بمنطقة حائل وأخرى في واد معروف بهذا الاسم من أودية خيبر، وثالثة من مناهل البادية في منطقة ظبا وأربع قرى بهذا الاسم في بلاد قبيلة ألمع من بلاد عسير.

ويظهر أن الصليبي عنى إحدى قرى ألمع، ولكن على أي أساس بني حكمه بأن إحدى تلك القرى هي عمورة المذكورة في التوراة، لا شيء سوى تقارب الحروف في النطق وهذا لا يصح اتخاذه قاعدة تبنى عليها آراء وتستنتج منها نتائج علمية، وهذا مما يدرك بأدنى تأمل.

12- لا أدري من أين أتى باسم (مصرما) القرية التي وصفها بأنها بين أبها وخميس مشيط، وحكم بأنها (مصر) المتكرر ذكره في أخبار التوراة.

والمعروف أن اسم مصر عند الاطلاق لا ينطبق إلا على الاقليم المعروف.

وقد يسمى غيره بهذا الاسم، فهناك قرية من قرى تبالة بمنطقة بيشة تسمى مصر، ويقال بأن بقرب أبها قرية دارسة بهذا الاسم أيضاً، ولعل التسمية هذه حدثت أخْذاً من الآية الكريمة "ادخلوا مِصْراً فإنَّ لكم ما سألتم"، فكلمة مصر وصف وليست علماً، ومن الأمثال المتداولة الآن: (كل ديرة عند أهلها مصر).

إلا أنني لا أعرف هذه القرية التي سماها (مصرما).

13- ورسم في الخريطة أيضاً على وادي بيشة اسم (عدن) وتحته (عدنة) أي أن القرية التي تقع في منطقة بيشة هي (عدن) المذكورة في التوراة.

وأنا لا أعرف قرية في أعلى وادي بيشة بهذا الاسم بصرف النظر عن الخطأ الفاضح في الربط بين الإسمين.

واسم عدنة يطلق على قريتين إحداهما من قرى شِمْران في وادي العرضية الشمالية بمنطقة القنفذة، والأخرى من قرى العصمان في وادي إضم بمنطقة الليث.

ومن قرى منطقة بيشة قرية العدنة – بالتعريف – وهذه من قرى تَبَالة في أسفل وادي بيشة غرب قاعدة الوادي.

14- واتخذ الباحث من التشابه الحرفي بين كلمتي (تيهوم) و(تهامة) إلى ما دفعه إلى أن يجزم بأن المقصود بالكلمة الأولى هي المنطقة المعروفة باسم تهامة.

وما أوسع هذا الباب لو أردنا الدخول منه، لحكمنا بأن آلاف الكلمات الأعجمية وما هو أكثر من آلاف، هي كلمات عربية متى أغفلنا ما يوضح الكلمة المراد فهمها وإيضاحها من قرائن، أو أردنا صرف فحوى تلك القرائن إلى ما نهواه ونريده بطريق التعنت وتحميل الألفاظ من المعاني ما لا تحتمل.

ومن الممكن أن تُعْزَى جُلُّ أوهام الدكتور الصليبي إلى أمر واحد أشارت إليه جريدة ((صنداي تايمز)) اللندنية في مقال نشرته عن كتابه بتاريخ 12/8/1984م بما تعريبه: (لا يزال العديد من المدن والقرى تحمل أسماء تعود إلى قديم الأزل) وهذا ما توهمه الدكتور الصليبي حين قال فيما نقلته عنه تلك الجريدة: (كنت أبحث عن أسماء الأماكن ذات الأصل غير العربي في غربي شبه الجزيرة، وإذ الدليل أن أرض التوراة كلها كانت هناك يفاجئني، فتقريباً جميع أسماء أماكن التوراة كانت مركزة في منطقة طولها ست مئة كيل وعرضها مِئَتَا كيل).

من هنا وقع في الخطأ حيث ظن أن أسماء تلك الأماكن موغلة في القدم، وأنها من غير أصل عربي، ومن ثَمَّ راح يحملها من المعاني ما لا تحتمل ويصرفها عما وضعت له في الأصل، ويخلط بين أسماء القرى وأسماء السكان.

إنه لم يدرك أن أكثر المدن والقرى تحمل أسماء حديثة وأن كثيراً من المواضع عُمِرت وأنشئت في أزمنة متأخرة، وليس الأمر كذلك بالنسبة لكثير من الأقطار الأخرى كالشام (سورية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن) ومصر وغيرهما، إذ تلك الأقطار غالب سكانها من الحضر المستقرين الثابتين فيها، على توالي العصور، فتبقى أسماء المدن والقرى ثابتةً، بخلاف سكان الجزيرة الذين أكثرهم عرضة للتنقل والارتحال من منطقة إلى أخرى، فينشأ عن ذلك إحداث أسماء جديدة للمواضع والمياه والقرى وتُجْهل أسماؤها القديمة.


على أيِّ أساس بنى آراءه؟


لم يُعَرَّب بعْدُ كتاب الصليبي الذي دعاه ((عسير أرض التوراة الحقيقية))

ASIR: TRUE LAND OF THE BIBLE،

لكي تقتبس منه النصوص التي توضح تلك الآراء، وما تقدمت الإشارة إليه منها، هو مما أوردته الصحف التي نقلت تلك الآراء عن أحاديث للمؤلف نفسه، أو عن مسودة كتابه التي انتشرت منها نسخ مصورة قبل طبعه.


وقد أمدني أخي الأستاذ الجليل الدكتور عبدالله الناصر الوهيبي بنسخة منها عربت لي المقدمة التي توضح منهجه في بحثه ودراسته.


وقد اتضح لي من تلك المقدمة أن جميع أفكاره تقوم على (دليل لغوي في الدرجة الأولى يتعلق بتحليل أسماء الأماكن) – وهذه ترجمة لكلامه –.


أما هذه الأسماء فهي نوعان: أحدهما ما استقاه من النص العبري للتوراة مما مكث تتلاقفه الألسن أحقاباً طويلة حتى بلغ من التحريف درجة تحمل كل باحث يحترم نفسه من عدم الثقة بصحته، فضلاً عن التعويل عليه في استخلاص ما سماه الدكتور الصليبي حقائق لا نظريات.


والنوع الثاني: أسماء حديثة لم يفهم الباحث كثيراً من مدلولاتها، ولم يدرك أنها – لِحداثة عهدها – لا يصح أن تتخذ أساساً للمقارنة بأسماء موغلة في القدم مع تحريفها، بمجرد اتفاق بعض الحروف أو التقارب في النطق.


ثم إنه يقيم تلك المقارنة على فهمه هو وحده لمعاني تلك الأسماء بدون رجوع إلى الآراء التي لا تتفق مع هذا الفهم فيقول ما تعريبه:


"اخترت أن أكتب بأسلوب يعتبره العلماء غير مألوف، إذْ لم أشر إلاَّ نادراً للتراث الضخم الموجود عن جغرافية التوراة".


لأنه يعتقد بخطأ كل ما كتب في هذا الموضوع وأن (اكتشافاته) تكفي للإقناع!! – كما يعبِّر –.


وعندما يورد أسماء مصادر دراسته يذكر:


1- التوراة باللغة العبرية.


2- المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية الذي ألفته، وهو يقصد المختصر (كتالوج).


3- بعض الخرائط الجيدة لجزيرة العرب مما قدم له السيد يوسف أحمد الشيراوي في البحرين.


4- بحث للدكتور أسامة الخالدي في الجامعة الأمريكية في بيروت حول السورة الخامسة بعد المئة من القرآن الكريم.


وقد أورد في مواضع من كتابه آيات من القرآن الكريم – أنظر مثلاً ص46 حيث أورد الآية الكريمة: "إنَّ أوَّلَ بيتٍ وُضِع لِلنَّاس لَلَّذِي بِبَكَّة مباركاً" إلى آخرها، كما تحدث عن سورة البقرة كما تقدم.


وكما سبقت الإشارة للدكتور الصليبي يأتي بمعلومات مفصلة عن بعض القرى كقوله عن قريتي حارب والطوى:


"هما قريتان توأمتان موجودتان في منطقة عسير الجغرافية، إحداهما تقع على سفح جبل هادي في تهامة عسير وهي حارب، والأخرى الطوى تقع في وادي بقرة المحيط بجبل هادي".


وكقوله المتقدم عن قرية مقفلة والقريات الأربع.


وكقوله عن وراخ:


"اسم قرية موجودة حالياً على طرف ناتئ من سراة زهران".


هذه المعلومات وأمثالها بصرف النظر عما فيها من أخطاء لا أدري من أين استقاها؟ وهو يذكر في المقدمة أنه رجع إلى ((المعجم الجغرافي)) المختصر الذي ألفته، وهو كتاب يحوي (16106) من أسماء المدن والقرى والأماكن المسكونة في بلادنا، وضعته مقدمة للمعجم الكبير الذي دعوته بذلك الاسم، وصدر منه تسعة عشر مجلداً، ولكنني في الكتاب الذي رجع إليه الصليبي لم أورد شيئاً من المعلومات الجغرافية بل سردت الأسماء سرداً، مع ذكر مناطقها وما ترتبط به من الإمارات (الإدارية) بدون تحديد جهاتها نقلاً من سجلات أعدَّتها (وزارة الداخلية) و(إدارة الإحصاء العامة بوزارة المالية). ويسرني حقاً أن يستفيد أيُّ قاريء مما أؤلفه لأن هذا لا يضيرني، فرجوع المنحرف عن الطريق السويِّ – أي منحرف كان – إلى أي كتاب من الكتب لا يعتبر مطعناً في ذلك الكتاب ولا يصح اتخاذه وسيلة للنيل ممن ينسب إليه الكتاب كموقف ذلك الجاهل المتمعلم الذي سبقت الإشارة إليه في أول الكلام.


والصليبي نفسه قد رجع إلى كتاب الله "الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" كما رجع إلى كتب أخرى.


ويظهر أن تلك المعلومات المتعلقة بوصف القرى التي ذكرها مما استفاده أثناء وجوده في هذه البلاد أثناء انعقاد الندوة العالمية الثانية لتاريخ الجزيرة في شهر جمادى الأولى سنة 1399هـ (نيسان 1979م) التي شارك فيها وألقى بحثاً عن (الإطار الخارجي لجاهلية العرب) أثار من المناقشة ما حمله على كتابته بأسلوب آخر، ثم نشر في المجلد الذي صدر عن تلك الندوة بعنوان ((دراسات تاريخ الجزيرة العربية – الكتاب الثاني الجزيرة العربية قبل الإسلام، من ص313 إلى 329. والغريب في الأمر بالنسبة للدكتور الصليبي سرعة تغير آرائه فهو في كتابه الأخير يناقض كثيراً من تلك الآراء التي عرضها في بحثه المشار إليه، والذي حاول فيه إرجاع كثير من العوامل التاريخية إلى مؤثرات اقتصادية. حمد الجاسر



المصدر مجلة العرب-العدد2

المصـدر


==============


من وحي الوطن


محمد بن عبدالله الحميِّد



بموقع هذه الصحيفة على الإنترنت.. علق الأخ علي البشري على ما ورد بزاويتي الأحد 9/9/1430 عن كتب كمال الصليبي الثلاثة التي صدرت بالعقود الماضية بطبعات عالمية محشوّة بالأكاذيب والترّهات مؤداها أن (التوراة وإسرائيل) نشأتا بمنطقة عسير.. وليس بأماكنها الحقيقية بلاد الشام (فلسطين) استناداً إلى تشابه مسميات هنا مع نظائرها بتلك الديار وجدها المؤلف المزوّر مدرجة بمعاجم جغرافية لبعض الباحثين السعوديين.

وتساءل لماذا أردد دائما استنكاري ما أقدم عليه (الصليبي) ومناشدتي المؤرخين والباحثين بخاصة من أبناء المنطقة تقديم دراسات أكاديمية تستند إلى الواقع.. ويرغب مني شرح وجهة نظري.

ولعلمه أنني ولا فخر كنت الوحيد الذي تصدى بإخلاص لأغاليط (الصليبي) في حين توارى الآخرون.. والتزموا الصمت المريب فاستكتبت العشرات من رواد التاريخ بالمملكة والبلدان العربية وعلى رأسهم علاّمة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر وعشرات غيره شاركوا مشكورين بما يعرفون.

كل أولئك الأفاضل أوردوا الأدلة الدامغة على بطلان ما أقدم عليه (الصليبي) وجمعتها بكتاب صدر في حينه ضمن مطبوعات نادي أبها الأدبي.

وبالمناسبة لا أنكر أن اليهودية السليمة من التحريف.. دين سماوي اعتنقه قبل الإسلام فئام من البشر ومن بينهم من كان بالمدينة المنورة ونجران وظهران الجنوب وغيرها .. ولكن أن تكون قرى أو أسر معروفة من أعمال مدينة أبها مثل: آل باللشرم والمصرمه والبتيلة بدائل لأورشليم ومصر وبيت أيل، فهذا والله الزيف والدجل اللذان لا يمكن قبولهما بأي حال من الأحوال.

وبذات السياق فاجأني بالعقود الماضية صدور مؤلفات اختلفت بالعناوين والطبعات واتفقت على أنها بأسماء أموات وتتحدث عن تاريخ منطقة عسير عبر قرون خلت شملت القليل من المعلومات الصحيحة والكثير من الأساطير لغاية بنفس يعقوب!.

ولأن الحقيقة ضالة المؤمن.. وأن تاريخ الأمة أمانة بأعناق من فتح الله عليه بالعلم وأعانه على البحث والاستقصاء.. فإنني أكرر الرجاء لإخوتنا الأكاديميين المؤرخين وبخاصة أهل المنطقة الإفصاح عما لديهم وتبرئة ذممهم بإقرار الصحيح ونفي الباطل خدمة لثقافة الأجيال المعاصرة والقادمة على حد سواء...


=========

كتاب اليوم


محمد بن عبدالله الحميِّد


من وحي الوطن


قبل حوالي عقدين من الزمن أثار (كمال الصليبي) من الجامعة اللبنانية فرية أن التوراة جاءت من جزيرة العرب وتحديداً من جنوب (الطائف) إلى نهاية حدودنا مع (اليمن) واستند في نظريته المتهافتة على معاجم جغرافية ألفها عدد من الباحثين السعوديين فأخذ منها بعض الأسماء للجبال والأودية والقرى المشابهة إلى حد ما لأسماء أماكن في أرض (فلسطين) المحتلة وحاول الضحك على عقول من يجهل الحقائق لكي يثبت أنها هي ما ورد في (التوراة) وليست الموجودة في الواقع وما ورد في المراجع الصحيحة وعلى رأسها (القرآن الكريم)..

وأصدر ثلاثة كتب متوالية للترويج لأباطيله وتبنت طباعتها ونشرها بست لغات حية منها العربية مؤسسات غربية مشبوهة وبإمكانات مادية ضخمة لا يحتملها أستاذ راتب جامعي في لبنان!.

وأعانني الله تعالى لاستنهاض همم الباحثين في علوم التاريخ والجغرافيا في الداخل والخارج لإبداء آرائهم فيما زيّفه (الصليبي) من معلومات لا وجود لها بل هي خيالات عاشت في عقله ومن دفعه للإعلان عنها لغاية في نفس (يعقوب) وبالعربي الفصيح لا أشك مطلقاً في أن (الصهيونية) وراء ذلك كله، وقد عودنا حكماؤها أنهم يذيعون الكذبة ثم يحصدون ثمارها ولو بعد مئة عام!

والدليل قائم على ثرى (فلسطين) الجريحة إذ شردوا أهلها واستولوا عليها ظلما وعدوانا منذ ستين عاما ونيف تحت سمع العالم ونظره، وهاهم الآن يحاولون توسيع الدائرة والتأصيل لسرقات قادمة يحققون بها حلمهم في دولة كبرى تمتد من (النيل إلى الفرات) وهي ما وضعوها شعاراً يتصدر برلمانهم (الكنيست) أبطل الله كيدهم وجعل تدبيرهم تدميراً لهم.

وبعد أن كتبت عن الموضوع في صحيفة (الشرق الأوسط) عدة مقالات تجاوب معي مشكورين باحثون فضلاء من المملكة وخارجها وفي مقدمتهم علامة الجزيرة العربية (حمد الجاسر) رحمه الله ليس بينهم بكل أسف مثقف أو أكاديمي من المناطق التي شملتها مهزلة (الصليبي) وبخاصة من (عسير) وقمت بجمع ما حبّره أولئك العلماء وأصدرته في كتاب (افتراءات الصليبي) وتبنى طباعته (نادي أبها الأدبي) وناشدت المؤسسات الحكومية والأهلية إعادة طباعته وترجمته باللغات التي صدرت بها كتب (الصليبي) الثلاثة وتوزيعها بواسطة سفارات المملكة وملحقياتها الثقافية لنقول للصهاينة وأعوانهم (نحن هنا) ولكن لا حياة لمن تنادي!

الجديد في الأمر أن موقعاً ناشطاً في الإنترنت بعنوان (أرض الميعاد) يعمل بقوة ليلاً ونهاراً على تكريس ما بدأه (الصليبي) واستقطاب الأعداء والأصدقاء معاً للتطبيل والتزوير من أجل إثبات أن لـ(إسرائيل) جذوراً في قلب (جزيرة العرب) فهل بقي لدينا من يملك الشهامة والنخوة والإيمان والمعرفة ليتقدم ويتصدى.

فهذا الفرس وهذا الميدان وحرام أن نتركه لشذاذ الآفاق كي يصولوا ويجولوا بدون مقاومة.


===========


العتيبي : زياد منى يستهين بمعلومات التاريخ الموثقة ويبحث في الأسطورة ليستخرج منها التاريخ الحقيقي


د. محمد بن سلطان العتيبي*


لقد استمتعت بما ورد في جريدتكم الرصينة في العدد 8832 ليوم الأحد الموافق 2/2/ 2003 من حوار مع الدكتور زياد منى، أجراه سعود السرحان وكان تحت عنوان «جغرافية التوراة أو استخراج التاريخ من داخل الأسطورة»، وتناول فيه عددا من القضايا التاريخية التي أرى أنها تستحق التوقف عندها طويلاً وأول هذه الوقفات كانت عن إجابته على السؤال عن تسمية كتابه «مقدمة في تاريخ فلسطين القديم». وكانت إجابة الدكتور تفيد بقناعته بأن تاريخ فلسطين منذ أقدم العصور إلى الفتح العربي الإسلامي لم يكتب حتى الآن، ولا أدري كيف نصنف أبحاث ومؤلفات الكثير من علماء الآثار والتاريخ عن أجزاء من تاريخ فلسطين منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ أبحاث الأستاذ الدكتور زيدان كفافي عن العصور الحجرية، وكتاب الدكتور حسن ظاظا «القدس مدينة الله أم مدينة داود»، وكتاب جاك كوفان «القرى الأولى في بلاد الشام من الالف التاسع حتى الالف السابع ق.م»، والذي تناول فيه أريحا وموقع أبو سالم في النقب الأوسط وتل الفرح والبيضاء في فلسطين وغيرها من المواقع العائدة للعصر الحجري الحديث في سورية والتي تعود لهذا الزمن المبكر في تاريخ بداية القرى في العالم القديم. وأي تحزب يراه الدكتور زياد في الأبحاث المتصلة بالالف التاسع والثامن والسابع ومرحلة ما قبل الكتابة؟! أما قوله بأن ما كتب عن تاريخ فلسطين هو تاريخ طوائف؟ فهل تاريخ فلسطين في العصور الحجرية وما قبل الديانات السماوية الثلاث تاريخ طوائف؟


أما حديث الدكتور زياد عن قدرته على كتابة مجلدات في التاريخ السياسي القديم لفلسطين فهو ولا شك استعراض في غير محله ولقد ذكر في هذه النقطة أنه يستطيع أن يكتب مجلدات مستنداً في ذلك على المراجع فالحمد لله انه اقر بأن هناك مراجع يمكن الرجوع إليها في تاريخ فلسطين القديم.


وأشار الدكتور الفاضل إلى اتباعه المدرسة الألمانية التي تؤثر الاختصار في رسائل الدكتوراه، ولكن ألا يعتقد الدكتور زياد أن تاريخ فلسطين يكفي لأن يكون مادة لرسائل دكتوراه وليست رسالة واحدة.

ولعل من الغريب أن يذكر الدكتور زياد نجاحه في استخراج التاريخ من الأسطورة وما أعجب، ذلك فهو يشكك في معلومات التاريخ الموثقة التي يكون أغلبها حقائق ويضرب بها عرض الحائط، ثم يبحث في الأسطورة ليستخرج منها التاريخ الحقيقي.

أما ما تناوله الدكتور زياد في حديثه عن كمال الصليبي وجغرافية التوراة ومباركته وتأييده له فأرى أن الصواب قد جانبهما في هذا الموضوع لعدة أسباب منها على سبيل المثال:

1 ـ إن كمال الصليبي اعتمد كلياً على المقاربات اللغوية، وهذه حجة ليست كافية حتى لو تطابقت الأسماء، فهناك الكثير من الأسماء المتطابقة في أنحاء مختلفة من الشرق الأدنى القديم والتكرار شيء معروف وله أسباب بسيطة مباشرة، لا أود الخوض فيها، ولكن على سبيل المثال هناك أماكن كثيرة في جزيرة العرب لها نفس الاسم تماماً ومتعاصرة مثل ظهران الجنوب والظهران وتربة في منطقة الطائف وتربة شمال حائل والجوف في شمال المملكة العربية السعودية والجوف في اليمن وباحة ربيعه والباحة التي سميت بها المنطقة المعروفة في المملكة وظفار حضرموت وظفار عمان وغيرها من الأمثلة الكثير، ولكن الصليبي يعتمد على التشابه غير الدقيق في بعض الأسماء ولا مجال هنا لذكر كثير من الأسماء التي يلوي الصليبي حروفها كي تتوافق مع ما يراه مقارباً لها في التوراة.


2 ـ إن نظرية كمال صليبي في أن عسير هي موطن بني إسرائيل الأوائل وأن التوراة خرجت منها وأن الديانة اليهودية نشأت فيها قول يبتر أعضاء الجسد التاريخي القديم ويشوهه تشويها كاملاً فكيف نفسر الأحداث التاريخية الجسام التي تعرض لها اليهود في ذلك العصر مثل علاقتهم بمصر الفرعونية وعلاقتهم بآشور والسبي البابلي، فهل كان مثلاً السبي البابلي لليهود في عسير؟

ولكن مما لا شك فيه أن السبي البابلي حدث للشعب اليهودي الذي كان في مكانه في فلسطين قبل هذا السبي بمئات السنين، وإذ سلمنا بأن الخلط حصل في التوراة بين فلسطين وجنوب الجزيرة العربية. فهل كانت النصوص المصرية الفرعونية والنصوص الآشورية لا تميز أيضاً بين فلسطين وجنوب جزيرة العرب؟

3 ـ يأتي كمال الصليبي في نهاية القرن العشرين ليستند على أسماء أماكن بعضها حديث وأسماء أفخاذ قبائل عربية بعضها لا يعود إلى أكثر من قرنين من الزمان ليلصقها بأسماء توراتية تسبقها في القدم بأكثر من ثلاثة آلاف عام.


4 ـ يفترض كمال الصليبي بأن عسير هي موطن بني إسرائيل والتوراة والديانة اليهودية التي يتفق على انها كانت في القرن الثاني عشر قبل الميلاد أيام موسى عليه السلام بل ويرى ان منطقتهم «جنوب الجزيرة العربية» كانت مزدهرة في ذلك الزمن، إلا أننا نقف حيارى أمام هذا الازدهار الذي لم يعثر على أي من آثاره في جنوب الجزيرة العربية أو يرد أي من النصوص العربية القديمة «السبئية، الحضرمية، القتبانية، المعينية، الأوسانية» والتي تنوف على العشرة آلاف نص يتحدث لا من قريب ولا من بعيد عن بني إسرائيل ولا عن التوراة ولا اليهود ولا اليهودية ولا موسى عليه السلام ولا أنبياء بني إسرائيل ولا دولهم ولا تاريخهم، وان قال الصليبي وزياد منى أن زمن هذه النصوص العربية الجنوبية متأخر عن موسى، فلا شك انهما لا يستطيعان أن ينكرا بإنها أقدم من القرن العشرين بحوالي ألفي عام وانها أقرب إلى حفظ أسماء الأماكن والشعوب لقربها الزمني منها، والنصوص السبئية منها على وجه الخصوص التي تحدث بعضها عن غزوات شنها ملوك سبأ على أنحاء مختلفة من الجزيرة.


5 ـ أن نظرية كمال صليبي المذكورة تتعارض كلياً مع ما ورد في القرآن الكريم بربط موسى عليه السلام بفرعون مصر «الذي لم يحدد حتى اليوم من هو بشكل قاطع»، وقصة العبور للبحر أو اليم (والذي هو بلا شك مفهوم بعربية القرآن ولا يعني السراة كما يقول صليبي) ولا ما ورد في القرآن عن سيناء ولا مصر، وكذلك تعارض هذه النظرية مجمل الأحاديث الواردة في موسى عليه السلام والتي لا تفيد بأنه كان في جنوب جزيرة العرب.


6 ـ لم يعثر على أي أثر توراتي واحد في عسير أو جيزان أو اليمن وإن اتفقنا مع الدكتور زياد بأن الحفريات الآثرية لم تكشف الكثير من مناطق الجزيرة العربية سواء في الجنوب أو غيره، وبلقيس التي أفرد لها أحد كتبه معتمداً في دراسته لها على الأساطير ليس لها أي وجود لا جنوباً ولا شمالاً، ذلك بخلاف غيرها من الملكات العربيات فقد ذكرن في شمال الجزيرة العربية في بعض النصوص العربية القديمة وفي بعض النصوص الآشورية التي تحدثت عن غزوات لبعض ملوك بلاد ما بين النهرين على مناطق معروفة في شمال غربي الجزيرة العربية.


وخلاصة القول ان نظرية الدكتور كمال الصليبي وآراء الدكتور زياد منى لا تعتمد المنهجية العلمية المعروفة وإنما تستند على صروح من الخيال والهوى وتوجيه النصوص بما يحقق توجهاتهم التي لا تقوى على النقد العلمي الجاد.


* أستاذ آثار وتاريخ الجزيرة العربية القديم ـ جامعة الملك سعود


moh_sultotaibi @hotmail.com


============


بسم الله الرحمن الرحيم


نظرية الدكتور كمال الصليبي وتاريخ فلسطين القديم


د. أسامه محمد أبو نحل


الأستاذ المشارك في التاريخ الحديث والمعاصر


ورئيس قسم التاريخ


كلية الآداب والعلوم الإنسانية


جامعة الأزهر-غزة

-------------------------------------------------


في دراسةٍ ليست بجديدة لتاريخ فلسطين القديم، قام الدكتور كمال الصليبي بتأليف كتاباً اسماه "التوراة جاءت من جزيرة العرب". والحق يقال، فإن هذه الدراسة جيدة، حاول فيها المؤلف نفي صلة بني إسرائيل أولاً واليهود ثانياً بفلسطين، وقام بسرد عدد من الوقائع والمعلومات ليدعم بها نظريته إزاء هذه القضية، ولم يكن بوسعي تجاهل عملٍ كهذا، رغم أنني قرأت هذا الكتاب منذ سنوات عدة، لكن اختلاف بعض الباحثين حول نظريته ما بين مؤيدٍ ومعارض، فإنني وجدت لزاماً علىَّ مناقشة الباحث عن بعض ما أورده في كتابه.


ومع اختلافي مع بعض أراء الدكتور الصليبي الواردة في كتابه، فإنني لا أتهمه بتغيير مسار التاريخ لهذه البقعة من الأرض ـ أي فلسطين ـ فهو باحث، والباحث يحاول دوماً دراسة الظواهر التاريخية للوصول إلى الحقيقة المجردة البعيدة عن أي أهداف دنيوية، لذلك نجده قد اجتهد قدر إمكانه، والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ، غير أنه في النهاية حاول الوصول إلى نتيجةٍ ما، وكانت النتيجة التي وصل إليها، أن حركة تاريخ الكنعانيين وبني إسرائيل ثمَّ اليهود لم تكن أساساً في فلسطين، بل في جنوب غرب الجزيرة العربية، خاصةً فيما يحيط بمنطقتي عسير وجيزان، ودلل على صحة نظريته هذه بوجود عدد كبير من أسماء المدن الموجودة في تلك المناطق شبيهةً بأسماء المناطق الموجودة في فلسطين، أو بمعنى آخر أن الكنعانيين والإسرائيليين لمَّا هجروا موطنهم الأول في غرب شبه الجزيرة العربية إلى فلسطين، حملوا معهم أسماء مدنهم كنوعٍ من احتفاظ المهاجر الجديد بما يربطه بموطنه الأصلي.


وفي هذه الدراسة التي بين أيدينا سوف نقوم بذكر ما ذهب إليه الدكتور الصليبي والرد عليه إن اقتضى الأمر الرد، ونكرر القول إننا بذلك لا نبخس الرجل حقه فيما ذهب إليه، بل هو مجرد مجتهد، وعلى كل حال فكما يقول المثل العربي "لكل مجتهد نصيب".


يقول الدكتور كمال الصليبي في كتابه ص27: "لقد كان الأمر عبارة عن اكتشاف تمَّ بالصدفة، كنت أبحث عن أسماء الأمكنة ذات الأصول غير العربية في غرب شبه الجزيرة العربية عندما فوجئت بوجود أرض التوراة كلها هناك، وذلك في منطقة بطول يصل إلى حوالي 600 كيلو متر وبعرض يبلغ حوالي 200 كيلو متر، تشمل ما هو اليوم عسير والجزء الجنوبي من الحجاز، وكان أول ما انتبهت إليه أن في هذه المنطقة أسماء أمكنة كثيرة تشبه أسماء الأمكنة المذكورة في التوراة، وسرعان ما تبين لي أن جميع أسماء الأمكنة التوراتية العالقة في ذهني، أو جلها، ما زال موجوداً فيها، وقد تبين لي أيضاً أن الخريطة التي تستخلص من نصوص التوراة في أصلها العبري، سواء من ناحية أسماء الأمكنة أو من ناحية القرائن، أو من الإحداثيات، تتطابق تماماً مع خريطة هذه الأرض. وهي حقيقة ذات أهمية أولية، نظراً لأنه لم يثبت بعد إطلاقاً تطابق الخريطة الموصوفة في التوراة مع خريطة الأرض بين "النيل والفرات" التي اُعتبرت حتى اليوم أنها كانت بلاد التوراة.


وأكثر من ذلك، فإني لم استطع العثور على مثل هذا التجمع لأسماء الأمكنة التوراتية، وفي صيغها الأصلية عادة، في أي جزء آخر من الشرق الأدنى. وهنا قدم الاستنتاج المذهل نفسه بنفسه: فاليهودية لم تولد في فلسطين، بل في غرب شبه الجزيرة العربية، ومسار تاريخ بني إسرائيل، كما رُوى في التوراة العبرية، كان هناك، في غرب شبه الجزيرة العربية، وليس في أي مكان آخر".


إن المؤلف يعتمد هنا على إثبات صحة نظريته بالمواقع الجغرافية، وهو تشابه أسماء عدد من المدن الموجودة في التوراة بأسماء مدن موجودة في غرب الجزيرة العربية، وهذا وحده لا يكفي لإثبات صحة ما وصل إليه، فمن المعلوم أن اسم مدينة واحدة ربما يتكرر في عدة بلاد وتحمل المسمى نفسه، فعلى سبيل المثال يوجد على سطح هذه الأرض ثلاث مدن تحمل اسم مدينة غزة، الأولى في جزيرة العرب في بلاد بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم، وقد نسب الأخطل الشاعر المشهور الوحش إلى غزة الموجودة في جزيرة العرب. والثانية ببلاد المغرب، بينها وبين القيروان نحو ثلاثة أيام، والثالثة في فلسطين.


وفيما يخص قول المؤلف، أنه لم يثبت بعد إطلاقاً تطابق خريطة التوراة مع خريطة الأرض بين النيل والفرات، والتي اعتبرت حتى يومنا هذا على أنها بلاد التوراة، فقد ثبت بالفعل أنه لم يكن لبني إسرائيل ثمَّ لليهود وجود أو سيطرة على تلك البقعة الكبيرة من الأرض، فأقصى توسع أو امتداد كان لبني إسرائيل لم يتجاوز جبل الكرمل وتل القاضي في شمال فلسطين، إلى بئر السبع في صحراء النقب الفلسطينية، وكان هذا أعظم اتساع لأي مملكة إسرائيلية حتى في زمن داوود وسليمان أعظم ملوك بني إسرائيل، لدرجة أن الساحل الفلسطيني الممتد شمالي يافا إلى جنوب غزة كان تابعاً للحكم المصري، ولم يدخل أبداً تحت الحكم الإسرائيلي، وهذا يدلل لنا أن كل فلسطين لم تقع تحت حكم الإسرائيليين حتى في ذروة فتوحاتهم.


كما أكّد بعض الباحثين أن مدينة القدس نفسها لم تدخل تحت الحكم الإسرائيلي، إلاَّ بعد عودة بني إسرائيل الذين اعتنقوا الديانة اليهودية من السبي البابلي زمن الحكم الفارسي للمنطقة، فلم يثبت بعد أن داوود صاحب أعظم توسع للمملكة الإسرائيلية قد تعبَّد في مدينة القدس ولا الذين حكموا من بعده، ولكن لكون أن التوراة كُتبت على يد بعض الكتبة المتأخرين أثناء وجودهم في السبي البابلي، فقد حاولوا جمع الذين سيعودون إلى فلسطين على مدينةٍ يقدسونها مع تبرير حق لهم فيها، الأمر الذي لم يتم إلاَّ بعد دمار القدس وقتل سكانها الكنعانيين الأصليين على أيدي البابليين.


أما بخصوص قول الدكتور الصليبي ص29-30، بأن اليهودية لم تولد في فلسطين، فهو بالفعل محق بذلك، لأن الديانة اليهودية ولدت في بابل أثناء فترة السبي وليس قبل ذلك، وذلك على يد الكاهن عزرا، فجماعة السبي البابلي كانوا يمثلون بقايا جماعة موسى، ثمَّ اختلط بهم ممن اعتنق ديانتهم من مختلف الأجناس، وقد جاءت تسميتهم باليهود نسبةً إلى مملكة يهوذا المنقرضة.


ويقول الدكتور الصليبي، إن الدراسة اللغوية لأسماء الأمكنة في الشرق الأدنى، إذا أخذت في اعتبارها التوزيع الجغرافي لهذه الأسماء، توحي بأن لغة الكتب اليهودية المقدسة، المسماة تقليدياً اللغة العبرية، هي عبارة عن لهجة من لغةٍ سامية كانت منتشرة في الأزمنة التوراتية في أنحاء مختلفة من جنوب شبه الجزيرة العربية وغربها ومن الشام (بما فيها فلسطين). ونظراً لعدم وجود تعبير أفضل، فإن هذه اللغة تسمى في يومنا هذا "الكنعانية" نسبةً إلى شعبٍ توراتي كان يتكلمها، وإلى جانب الكنعانية كانت هناك لغة سامية أخرى منتشرة في الوقت ذاته في شبه الجزيرة العربية والشام، هي الآرامية، التي سُميت كذلك نسبةً إلى الآراميين التوراتيين. وبغض النظر عمن كان الكنعانيون، ومن كان الآراميون، في الحقيقة، فإن اللغتين الكنعانية (العبرية) والآرامية كانتا تستخدمان بالتأكيد لدى مجتمعات مختلفة في غرب الجزيرة العربية، في مرحلةٍ واحدة، وفي الوقت نفسه، كما كان الأمر عليه في الشام.


والرد على ذلك، أن لغة أهل جنوب الجزيرة العربية لم تكن بالتأكيد الكنعانية أو حتى الآرامية، بل كانت لغة أهل اليمن، كما إن اللغة الكنعانية ليست بالتأكيد اللغة العبرية، فمن المعروف أن بني إسرائيل لمَّا دخلوا فلسطين كانوا يتكلمون اللغة المصرية الهيروغليفية، ونتيجة لاختلاطهم بالكنعانيين تكلموا باللغة الكنعانية التي أسموها "شفة كنعان"، كما أنه من المعروف أن اكتشاف اللغة الكنعانية تمَّ في مدينة أوغاريت الكنعانية شمال سوريا وليس في غرب أو جنوب الجزيرة العربية.


وبالنسبة للغة الآرامية، فهي متأخرة نسبياً بالنسبة للغة الكنعانية، فمن المعروف أن موجة الهجرة الآرامية إلى بلاد الشام تمت بعد الهجرة الكنعانية بنحو ألف عام، كما أن بني إسرائيل تكلموا باللسان الآرامي أثناء وجودهم في بابل ومنها اقتبسوا اللغة العبرية الخاصة بهم، وبما أن جميع اللغات العربية السامية مقتبسة أصلاً من اللغة العربية الأم، فمن الطبيعي أن تكون جميع هذه اللغات عبارة عن لهجات مستقاة من اللغة الأم، وندلل على ذلك بأن جميع اللهجات العربية اليوم والتي تتكلم بها الشعوب العربية منبثقة من اللغة العربية الفصحى، كما الحال بالنسبة للغة اللاتينية القديمة التي انبثق عنها عدة لغات مثل الإسبانية والإيطالية والبرتغالية وغيرها.


ولا يعقل أساساً أن يتحدث أهل غرب الجزيرة العربية وجنوبها بنفس اللغة أو اللهجة التي يتحدث بها أهل الشام، نظراً للبعد الجغرافي بينهما، فمن المحتم أن يتحدث كل منهما لهجة مغايرة للأخرى.


وما نهدف الوصول إليه من نتيجة، أنه أينما كان موطن بني إسرائيل الأول سواء في غرب الجزيرة العربية أو غيره، فهو لا يعني بحالٍ من الأحوال أحقيتهم بفلسطين،لأن أقواماً أخرى عاشت على ثراها قبلهم، وظل أحفاد هذه الأقوام يحيون فوق ثراها إلى اليوم، بينما كان بقاء بني إسرائيل في فلسطين مؤقتاً انتهى تماماً باستيلاء العراقيين سواء آشوريين أو بابليين على فلسطين، ومن تمَّ أخذ القبائل الإسرائيلية كسبايا إلى بلادهم، وعندئذ انتهى الوجود الإسرائيلي كليةً من على أرض فلسطين، أما بنو إسرائيل الذين عادوا فيما بعد إلى فلسطين تحت مسمى اليهود زمن الحكم الفارسي للبلاد، لم يكونوا أبداً من نسل يعقوب، بل ممن تهودوا في بلاد بابل.


ويضيف الدكتور الصليبي ص29-30 (الحاشية): أن أرض كنعان التوراتية كانت تقع في الجانب البحري من عسير، وليس في فلسطين والساحل الشامي.


والحقيقة، فإن هذا الكلام خطير للغاية، إذ يعني أن موطن الكنعانيين والإسرائيليين الأصلي هو واحد، سواء كان في الجزيرة العربية أو إن الكنعانيين هاجروا إلى فلسطين فيما بعد وأعطوها اسمهم، فأصبحت بلاد كنعان، وهنا يصبح الاثنان أصحاب حق في هذه البقعة من الأرض حتى ولو كانت هذه البقعة في غرب الجزيرة العربية؛ إذ إنه من الثابت تاريخياً أن وجود الكنعانيين سبق الوجود الإسرائيلي بما لا يقل عن ألف وأربعمائة عام تقريباً، وبما أن الإسرائيليون قدموا إلى فلسطين عبر القوافل التجارية كما يقول الدكتور الصليبي، فهذا يعطيهم حقاً فيها، لأن الدكتور الصليبي لم يشر ولو إشارة صغيرة لتاريخ فلسطين قبل هجرة بني إسرائيل إلى موطنهم الجديد (أي فلسطين)، رغم التناقض الذي يبديه الدكتور الصليبي عن هجرة أقوام آخرين إلى فلسطين قبل الإسرائيليين مثل الفلسطينيين الذين وصلوا إليها حسب قوله من غرب شبه الجزيرة العربية أيضاً، وهو بذلك يؤكد نسبهم السامي الصريح، كما هاجر إليها الكنعانيون ليعطوها اسمهم على امتداد الساحل الشامي شمال فلسطين.


ونحن لا نرى أي مبرر لِما أورده الدكتور الصليبي لإثبات حق هو في الواقع ثابت للكنعانيين في وجودهم في فلسطين قبل مجيء بني إسرائيل إليها، فالكنعانيون بالفعل هاجروا إلى فلسطين من الجزيرة العربية قبل أي شعبٍ سامي آخر، ولم تعرف البلاد شعباً سامياً استوطنه قبلهم. أما بنو إسرائيل فقد قدموا إلى فلسطين كمحطة توقف لا أكثر ثمَّ رحلوا عنها زمن يعقوب إلى مصر وعاشوا في مصر فترة طويلة من الزمن تجاوزت الأربعمائة عام، ممَّا يدلّل على إن فلسطين لم تكن آنذاك مناسبة لإقامتهم بها، وإلاَّ لِما تركوها ورحلوا عنها طيلة هذه المدة.


ويضيف الدكتور الصليبي أن: الفلسطينيين أطلقوا على عددٍ من مستوطناتهم مثل غزة وعسقلان أسماء هي في الأصل أسماء لأماكن في غرب شبه الجزيرة العربية جاءوا منها، وفي شمال فلسطين، أعطى الكنعانيون أيضاً أسماء من غرب شبه الجزيرة العربية لبعض مستوطناتهم، وهي أسماء مثل صور وصيدون (صيدا) وجبيل وأرواد ولبنان، وعندما بدأ إسرائيليو غرب شبه الجزيرة العربية (وربما يهود آخرون من غير بني إسرائيل من غرب شبه الجزيرة) بالهجرة باتجاه الشمال للاستيطان في فلسطين، كائناً ما كان زمن الهجرة، أطلقوا بدورهم أيضاً أسماء من غرب شبه الجزيرة العربية على بعض مستوطناتهم الفلسطينية (وليس كلها بالتأكيد)، أو على أوابد دينية محلية استولوا عليها وعرّفوها بأوابد يهودية في غرب شبه الجزيرة العربية، وهي أسماء مثل يهوده (يهوذا) ويروشليم (القدس) وبيت لحم وحبرون (الخليل) وشمرون (السامرة) وجرزيم وعيبل والكرمل وربما الجليل وحرمون والأردن.


ويضيف قائلاً ص34-36: أن هذه الظاهرة مرتبطة بالهجرة في كل زمن، وفي كل أنحاء العالم، فالمهاجرون يحنّون دائماً إلى أوطانهم الأصلية، وكثيراً ما يسمون البلدات والأقاليم والجبال والأنهار، وحتى بلداناً أو جزراً بكاملها، بأسماء مألوفة حملوها معهم من مواطنهم القديمة.


والواقع أن ما ذكره الدكتور الصليبي لا يمكننا الاعتداد به، لأن مدينتي غزة وعسقلان أصلاً مدن كنعانية ولم يكن الفلسطينيون سوى قاطنين لهما، أما المدن التي ذكرها الدكتور الصليبي على أن الإسرائيليين قد أعطوا أسمائها لها في فلسطين على أنها موجودة أصلاً في بلادهم الأصلية، فتلك زلة لسان وقع بها، فهو بذلك يعطي اليهود الحق في إدعاءاهم بأحقيتهم بمدينة أورشليم وجرزيم والكرمل وغيرها من المدن، لأنه من الثابت أن جميع هذه المدن مدن كنعانية صِرفة، أسسها الكنعانيون بأنفسهم، كما أننا لو سلّمنا جدلاً بإدعاءات الدكتور الصليبي، فهذا يعني أن فلسطين قبل ذلك التاريخ لم يكن لها تاريخ، وهو يساوي بذلك بين بلدٍ كفلسطين معروف على مستوى الشرق الأدنى وبين أماكن أخرى تمَّ اكتشافها لأول مرة، فأعطاها المهاجرون أسماء مدنهم التي هجروها، فعلى سبيل المثال نجد بلداً كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا، تعتبر جلّ أسماء مدنها أسماء لمدنٍ قديمة وعريقة موجودة أصلاً في بلدان المهاجرين إليها مثل مدينة لندن في إقليم أونتاريو الكندية المأخوذ عن مدينة لندن البريطانية العريقة، والمعروفة منذ زمنٍ بعيد، ومدينة فيلادليفيا في الولايات المتحدة الأمريكية المأخوذ عن مدينة فيلادليفيا (عمَّان) في شرق الأردن، ومدينة الإسكندرية الموجودة أصلاً في مصر وغيرها من الأسماء كثير مثل مقاطعة ويلز الجديدة في أستراليا المأخوذ عن أسم مقاطعة ويلز البريطانية.


إذن، فأسماء المدن التي ينقلها المهاجرون إلى مواطنهم الجديدة ليست دليلاً على ما ذهب إليه الدكتور الصليبي، لأن بلداً كفلسطين كما أسلفنا القول ليس بلداً حديث النشأة تمَّ اكتشافه بالصدفة من قِبل المهاجرين إليها، بل سكنته الشعوب عن طريق الإزاحة وهزيمة الشعوب التي كانت موجودة فيها أصلاً، فالكنعانيون عندما قدموا إليها وجدوا بها شعوباً تمكنوا من هزيمتها والاستيلاء على أراضيهم، وهكذا فعل بنو إسرائيل وغيرهم.


=====================


ما يقوله الصليبي فيه تضارب مع ايمان المسلمين و الواقع المعاصر


ففي القرآن الكريم


قال تعالى (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الاسراء:104)


كلمة لفيف تعني الشيء المجتمع و الملتف من كل مكان و اللفيف ؛ القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا، واللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، واللفيف الجَمْع العظيم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف[1] .


و هذه الآية هي من الإعجاز الغيبي الذي جاء به القرآن الكريم و عن عودة اليهود للتجمع في فلسطين .

فهل تجمع اليهود في عسير ام فلسطين

ثم ماذا عن السبي البابلي لليهود هل كان من عسير

كذلك قصة سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ

هل سليمان كان بحاجة الي الهدهد ان يخبره عن بلقيس لو كان بني اسرائيل في عسير وبلقيس اليمن في محاذات عسير

2- كذلك امر الاسراء الي بيت المقدس و رواية النبي صلى الله عليه وسلم حيث ابلغ الكفارتفاصيل قوافل كانت تسير من الشام إلى مكة، بذات الصورة التي ذكرها، فضلاً عن أمور أخرى لا مجال لذكرها في هذا الموجز.

3- وبناء على كلام الصليبي فإن مدينة القدس اليوم لن تكون مقدسة لأي دين من الأديان الثلاثة، فإما أن تكون أرضاً للرسالات السماوية وهو الإيمان الحالي، وإما ألا تكون وبذلك أين يكون قد أسري بالنبي في تلك الليلة، هل إلى عسير؟ ام شمالا الي بيت المقدس فالمسلمون بقوا يصلون إلى القدس قبل التحول إلى مكة،

وإن كانت كل تلك الجغرافيا للأنبياء في جبال السراة في عسير وحول مكة وفي الحجاز، فلماذا تم إسراء الرسول إلى بيت المقدس (القدس) ؟ وكيف صلى بالأنبياء (أو بأرواحهم) هناك ؟ وكيف وصف قوافل الطريق الآتية من الشام إلى مكة إلى قوم قريش ليؤكد لهم صدقه ؟ وهل أسري إلى مكانٍ آخر غير القدس ؟ وهل الشام غير سوريا الطبيعية ؟ إن كان أسري إلى غير القدس، فمعنى ذلك أنه لا توجد آثار إسلامية مقدسة للمسلمين في القدس، وبالتالي لن يكون لا لقبة الصخرة ولا للمسجد الأقصى ولا للحرم القدسي تلك المكانة الحالية ان القبلة الاولي للمسلمين كانت بيت المقدس هل كانوا يتجهوا اتجاه عسير وما هي {قبلتِهِمُ التِي كانُوا عليهَا}

قال تعالى سيقولُ السفهاءُ مِنَ الناسِ مَا وَلَّاهُم عَن قبلتِهِمُ التِي كانُوا عليهَا، قُلْ للهِ المَشرِقُ والمغرِبُ يَهدِي مَن يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيمٍ)

وقال تعالى ولَئِنْ أَتَيْتَ الذينَ أُوتُوا الكتابَ بِكلِّ آيةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ومَا أنتَ بتابعٍ قِبْلَتَهُم، ومَا بعضُهُم بتابعٍ قِبْلَةَ بعضٍ)


وعن ابن عباس، قال: لمَّا هاجر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى المدينة واليهود أكثرهم يستقبلون بيت المقدس أمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس. ففرحت اليهود لظنهم أنه استقبله اقتداء بهم، مع أنه كان لأمر ربه، فاستقبلها سبعة عشر شهرًا، وكان يحب أن يستقبل قبلة إبراهيم.

وروى الطبري أيضًا عن ابن عباس قال: إنما أحب النبي أن يتحوَّل إلى الكعبة، فكان يدعو ربه (كما نصح بذلك جبريل عندما قال له: وددت أن الله صَرَفَ وجهي عن قبلة يهود، فقال له جبريل: إنما أنا عبد، فادعُ ربَّك وسَلْهُ) وكان ينظر إلى السماء فنزلت (قدْ نَرَى تقلُّب وجهِكَ في السماءِ فلنوَلينَّكَ قِبلةً ترضَاهَا فَوَلِّ وجهَكَ شَطْرَ المسجدِ الحرامِ وحيثُما كنتم فولُّوا وجوهَكُم شَطْرَهُ) ، وهذا ما عليه الجمهور كما قال القرطبي .

ولحديث البراء بن عازب عند البخاري في كتاب الإيمان: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قِبَلَ بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا، وكان يُعْجِبُهُ أن تكون قبلته قِبَل البيت. فاستقباله للبيت المقدس مع شوقه لقبلة إبراهيم دليل على أنه أمر من الله.

==============


اضافة

ان واقعة صلب شبيه المسيح تم في فلسطين ابان عهد احتلال الروم للشام فالنبي عيسى عليه السلام و بني اسرائيل كانوا في فلسطين بل ان سورة الروم التي بشرت المسلمين عن انتصار الروم على الفرس و الروم حينها في الشام فهل بني اسرائيل و الروم والمسيح وشبيه المسيح صلب في عسير


=====================

====================


ما قاله كمال الصليبي كلام لااساس له من الصحة فلو قراءت الموضوع من البداية لعرفت ان مايقوله اكاذيب وتخالف الواقع

ما يقوله الصليبي فيه تضارب مع ايمان المسلمين و الواقع المعاصر


ففي القرآن الكريم


قال تعالى (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً) (الاسراء:104)


كلمة لفيف تعني الشيء المجتمع و الملتف من كل مكان و اللفيف ؛ القوم يجتمعون من قبائل شتى ليس أصلهم واحدا، واللفيف ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، واللفيف الجَمْع العظيم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء والمطيع والعاصي والقوي والضعيف[1] .


و هذه الآية هي من الإعجاز الغيبي الذي جاء به القرآن الكريم و عن عودة اليهود للتجمع في فلسطين .

فهل تجمع اليهود في عسير ام فلسطين

ثم ماذا عن السبي البابلي لليهود هل كان من عسير

كذلك قصة سليمان عليه السلام وبلقيس ملكة سبأ

هل سليمان كان بحاجة الي الهدهد ان يخبره عن بلقيس لو كان بني اسرائيل في عسير وبلقيس اليمن في محاذات عسير

اضافة الي

ان واقعة صلب شبيه المسيح تم في فلسطين ابان عهد احتلال الروم للشام فالنبي عيسى عليه السلام و بني اسرائيل كانوا في فلسطين بل ان سورة الروم التي بشرت المسلمين عن انتصار الروم على الفرس و الروم حينها في الشام فهل بني اسرائيل و الروم والمسيح وشبيه المسيح صلب في عسير

====================

=================


اراء ترى ان مدين في الاردن


تعرف على "بئر مدين"المذكورة في القرآن




وكالة جراسا الاخبارية :تعتبر 'بئر مدين' الواقعة في بلدة مدين جنوب مدينة الكرك أهم وأقدم المواقع التاريخية في الأردن، اذ يعود لعهد الرسولين شعيب وموسى عليهما السلام حسب النص القرآني' ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون'،سورة القصص آية 23.


حين توجهك الى بلدة مدين الحديثة تشاهد وانت منحدر باتجاه الوادي أطلال مساكن بلدة مدين القديمة المبنية من حجارة بازلتية سوداء مسقوفة بجذوع أشجار اللًزاب والسنديان مما يدل على آثار غارقة في القدم تحت القرية العتيقة حيث تخبرك عن 'مدين' قرية سيدنا شعيب صاحب سيدنا موسى عليهما السلام، كما ذكر الرحالة البريطاني (ترايسترام) في كتابه رحلتي الى الأردن عام1873 ، حيث اورد أسماء قرى مؤابية مثل مرود ومحنة وعزرا ومؤتة ومدين، مشيرا الى بئر مدين الموجود ببطن الوادي الذي يشتهر ببساتين الكرمة والتين واللوز.


تشعر وانت واقف في مدين برهبة المكان ، وسحره العجيب الذي يستحق التأمل والخشوع، فأنت تقف حيث وقف نبيا الله شعيب وموسى عليهما السلام، تحس خطوات أقدامهم ورجع أصواتهم تملأ بطن الوادي الذي يعج بأصوات رعاة يهشون على أغنامهم عند البئر.


ووفق القرآن الكريم حبست فتاتان غير بعيد من الماء قطيع غنم عن الورود ليتقدم نبي الله موسى منهما قائلا: 'ما خطبكما'، قالتا: ' لانسقي حتى يصدر الرعاة وأبونا شيخ كبير، فسقى لهما ثم تولى الى الظل' ، ليخلد الى الراحة بعد رحلة طويلة وشاقة هربا من فرعون مصر الى أرض مؤاب ليجد الطمأنينة والأمان، ويمضي وقتا قصيرا لتأتي احداهن تمشي على استحياء تدعو سيدنا موسى عليه السلام : 'قالت ان أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا'.


في أسفل سفح قرية 'مدين' القديمة المتربعة على التلة المشرفة على الوادي الفسيح من الشمال تجد ماء مدين الذي تجمعت عليه أمة من الناس يسقون ماشيتهم، ولا يزال الماء دفاقا زلالا يرتوى منه المتأخرون كما ارتوى المتقدمون .


تطل بلدة 'مدين' على مشهد معركة مؤتة جنوبا والى الشمال منها تربض بلدة المشيرفة 'المشارفة' التي اشتهرت بصناعة السيوف المشرفية، وما أن تنحدر قليلا الى بطن وادي ماء مدين قريبا من البئر حتى تشعر بالخشوع والسكينة وكأن مناديا من خلفك يقول 'اخلع نعليك انك بالوادي المقدس طوى' لتبرز أمامك كتلة صخرية عظيمة بداخلها تجويف يسمح للشخص بالدخول فيه دون عناء يطل على ماء زلال يمكًن زائره من الاغتراف منه دون عناء، هذا الماء كما يقول أبناء المنطقة من أنقى المياه وأعذبها يرتاده الكثيرون للشرب والاستشفاء.


وعلى الرغم مما تعرضت له البئر من عمليات العبث والتعرية الا انه لايزال يحتفظ ببعض ملامحه القديمة حيث يوجد بعض الحصى على جانبيه بنيت بطريقة هندسية، وعلى مدخله تناثرت حجارة مجوفة تعرض بعضها للتحطيم وكانت تستخدم كمشارب للمواشي والابل.


بئر مدين الشاهد الوحيد على لقاء الانبياء على ارض مؤاب كما ورد في القران الكريم , تتعرض للاندثار الذي يمهد للزوال نتيجة الاهمال , في وقت يسأل الكثيرون من الزوار المسلمين من مختلف بقاع العالم عن مكانه الذي يكاد يعرفه القليلون من أبناء المنطقة


بترا


======


نظرية فلسطين


من جهته، يقول أستاذ علم اللغة بجامعة النجاح الوطنية بنابلس في فلسطين الدكتور يحيى جبر: الطور في اللغات السامية تعني "الجبل"، وقد تُخص بالجبل الضخم الذي يكون فيه شجر، وطور نابلس مثال على ذلك، إذ تسكنه الطائفة السامرية إلى اليوم وتقدسه، ولهم فيه معابد ومواسم يمارسون فيها طقوسا خاصة، وهم يعتبرون أنفسهم أنهم هم اليهود حقا وليس اليهود الذين يحتلون فلسطين. وبالتالي؛ فإن شيوع اللفظ لدلالة عامة تقع على معنى الجبل الضخم، يسوّغ إطلاقه على غير جبل في شمال الجزيرة العربية (مدين، سيناء ، فلسطين) وغيرها.

ويضيف جبر: ما نرجحه هنا أن جبل الطور في فلسطين، والأرجح أنه جبل "جرزيم" الذي يقع إلى الجنوب من نابلس، يشهد بذلك ارتباط الطائفة السامرية به وتقديسه إلى اليوم. كما أن طور نابلس وطور القدس (طور سينين) يكثر فيهما الشجر قياسا بطور سيناء وطور مدين استنادا إلى الموقع الجغرافي.

ويضيف الدكتور جبر، أن جبل اللوز الذي يقع إلى الغرب من تبوك لا يمثل الدلالة اللغوية للمفردة "طور" وكذلك جبال حسمى وطور سيناء، كون هذه الجبال ليست مرتفعة ولا ضخمة قياسا بطور نابلس أو القدس، وإن نبت فيها الشجر.

كما أن في الحديث الشريف إشارة إلى أن الطور كان معروفاً لدى العرب إلى الشمال من المدينة المنورة، وأنه جبل "تذرع" لا جبل "اللوز" ولا "العلندى" فقد لقي أبو بصرة الغفاري أبا هريرة وقد جاء من الطور فقال: من أين أقبلت؟ قال: من الطور؛ صليت فيه، قال: أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلتَ؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.

وجدير بالذكر، والحديث للدكتور يحيى جبر، أن استدلال بعض الباحثين بهذين الحديثين لا يقطع بأن المقصود هو جبل "تذرع". ويظل احتمال أن يكون المقصود طور فلسطين أعلى وأرجح. أما الطور المذكور في قصة سيدنا موسى أرجح أنه هو طور سيناء نفسه، ولاسيما أن بني إسرائيل كانوا أعرابا وبُداة، فكيف وصلوا إلى القدس في وسط فلسطين تقريبا!، ولكن في تقدم بني إسرائيل لاحقا إلى أريحا والسامرة يرشح أن يكون المقصود هو جرزيم أي طور نابلس، كونه واقعا ضمن المنطقة التي زلزلت بحسب ما ورد في النص القرآني، وبحسب ما تفصح عنه مكونات السطح وجيولوجيا المنطقة.

ويختم الدكتور جبر بقوله: في العصر الإسلامي أنشأ الأمير أبو المنصور أنوشتكين مسجدا داخل الدير ومسجدا على قمة جبل الشريعة عام 500 هـ/ 1106م في عهد الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وقد حرص المسلمون على زيارته وزيارة الجبل أثناء رحلتهم للحج إلى مكة المكرمة، مما يعني أن المسلمين كرسوا ما درج عليه النصارى، وأسهموا في تثبيت الدلالة لطور سيناء.


=======


رد من يقول ان مدين في تبوك


تبوك تعتبر ضمن حدود بلاد الشام و ليس الجزيرة العربية


ثانيا

راي

رئيس النادي الأدبي بتبوك الدكتور مسعد العطوي فيجد روح المؤامرة اليهودية حاضرة بقوة في بعض آراء المستشرقين والباحثين الذين زاروا المنطقة، وهذا ما جعلهم يحاولون إيجاد أي دلائل تشير إلى يهودية المنطقة.

يقول العطوي: الباحث النمساوي موسل كان هدف أبحاثه التي ذكر منها وجود جبل الطور في منطقة مدين هو الإثبات التاريخي للاستيطان اليهودي والنصراني، فهو يربط أسماء الطرق والقرى والمدن بالحوادث التاريخية في الكتب المقدسة اليهودية والنصرانية، بما يجعل الجزيرة العربية وطنا لليهود، مستبعداً أبناء إسماعيل بن إبراهيم من شمال الجزيرة، وأعاد الأسماء إلى مسميات توراتية، وجعل جبل "الرب" هو جبل اللوز الذي يقع جنوب مدين.

ويضيف الدكتور مسعد: ليس هناك جبال تنادد جبل الطور بين جبال مدين، وهو اسم معروف إلى الآن، والأولى أن الطور هناك في صحراء سيناء، وأما ما يقال عن جبل اللوز إنه هو جبل الطور فهذا غير صحيح، لأن جبل اللوز يقع في الشرق من مدين وطريق موسى إلى مصر هو إلى الغرب من مدين.

غياب الدليل

من جهته، ذكر أستاذ آثار الجزيرة العربية وتاريخها الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري أن وكالة الآثار التي كانت تتبع لوزارة التربية والتعليم أصدرت كتاباً بعنوان "البدع.. تاريخها وآثارها" حمل نتائج العديد من أعمال التنقيب والدراسة التي شملت منطقة مدين ومنطقة جبل اللوز وما حوله وحفرية موقع أبالعجل في جبل اللوز، وأعمال التنقيب في أنصاف الدوائر الحجرية بموقع أبالعجل ثم تحليل ودراسة الرسوم الصخرية، ودراسة قطع الرخام بجبل اللوز.

وبحسب الأنصاري، فقد أثبتت كافة الدراسات الأثرية أن منطقة البدع كانت مأهولة سكنيا منذ العصر الحجري القديم وحتى اليوم، ولم تؤيد النتائج والأدلة العلمية والأثرية من خلال هذا البحث العلمي ما يقال بأنها المنطقة التي خرج إليها سيدنا موسى عليه السلام وبنو إسرائيل.

وأكد الدكتور الأنصاري أن كتاب "البدع" يحمل الرد العلمي المدعم بنتائج الدراسات والبحوث الميدانية والصور على كل الأطروحات التي ادعت أن جبل اللوز هو جبل الطور.

وقال إن تلك النقوش التي يستدل بها البعض مثل نقش الأبقار، هي نقوش منتشرة في معظم أرجاء المملكة، ولا تعتبر دليلاً علمياً يستدل به لإثبات نظرية جبل الطور.


=====================


ان خروج موسى بقومه من مصر كان بأمر الله لينقلهم الى الأرض المقدسة بفلسطين,وهم لما عبروا بحر السويس وقعوا في أرض سيناء حيث الطور وحيث حصلت لهم المعجزات المعروفة من الماء والسلوى وتفجير العيون ثم لما خالفوا امر الله وعبد بعضهم العجل اثناء غياب موسى عاقبهم الله بالتيه 40 سنة قبل ان يؤذن لهم بدخول الأرض المقدسة…
كل هذه الحوادث وقعة في سيناء ,, ولا علاقة لها ببلاد مدين مثل مقنا والبدع وطيب اسم وغيره .وهذا أمر ليس خلافي لكن بعض العوام يجعلون لموسى وهارون مواضع في كل مكان وهذا لا يعتد به,كما ان احد المهووسين من طائفة المرمون الأمريكية ادعى ان مدين في شمال غرب المملكة هي التي دخلها بنو اسرائيل ومثل هذا لا يعتد بكلامه بل يجب الا نعطيه شهرة لا يستحقها.
اما اين المكان الذي حدثت به معجزة العيون الاثني عشر فهو بسيناء لكن لا يعلم بالتحديد والله أعلم.
والقران نزل بلسان عربي مبين ويخاطب العرب وقريش خاصة وهم أهل تجارة يعرفون الشام ومدين ومصر فلا يخاطبهم الله بألغاز فالله يذكر مدين وهم يعرفون مدين والله عز وجل يذكر الحِجر وهم يعرفون الحجر والله عز وجل يذكر طور سيناء وهم يعرفون الطور. فما بال اقوام منا يحرفون الكلم عن مواضعه من أجل انهم قرأوا في كتاب الويس موزل او أحد الغربيين المهووسين يقول ان الطور في جزيرة العرب!


===========


مدين في معان الاردن / تحديد الموقع الجغرافي للمكان الذي أوحي فيه إلى موسى




http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2016/05/blog-post_42.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق