كاميرون إيفرس
الاثنين 25 رجب 1437
|احفظ وشارك
الجمهورية الإسلامية تقوم بزرع الجواسيس والأسلحة في القارة السمراء للمناورة مع الدول الغربية
اقتربت سفينة مراقبة السواحل الأمريكية من فئة الإعصار (Cyclone-class) - USS Sirocco من قارب صغير في بحر العرب، وبعد صعود بحارة السفينة الحربية الاميركية على متن القارب اكتشفوا المئات من بنادق الكلاشنكوف وقاذفات القنابل الصاروخية. مصدر الشحنة إيران، ووجهتها إلى المتمردين الحوثيين في اليمن.
هذه الحادثة التي وقعت في يوم 28 مارس، هي واحد من ثلاثة حوادث مماثلة في غضون أسابيع، كشفت عن علاقات عميقة وغير رسمية بين إيران ومنظمات موالية لها في جميع أنحاء العالم. وقد ظهرت هذه العلاقات، إلى جانب اليمن، في الجهود التي تبذلها إيران لدعم الديكتاتور السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية التي تدور رحاها الآن في سوريا.
بل الأمر أبعد من ذلك، فقد تدخلت إيران وتتآمر في عواصم بلدان بعيدة مثل الأرجنتين والولايات المتحدة، وتتعامل مع جماعات خارجة عن سيطرت الدولة، وتعمل مع الجماعات الشيعة المتطرفة في نيجيريا والعناصر الإجرامية في كافة أرجاء أمريكا اللاتينية.
الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، على وجه الخصوص، ظلت ومنذ فترة طويلة مسرحاً للمؤامرات الإيرانية. وفي تناقض واضح، الوجه الظاهر لعلاقة إيران مع أفريقيا هو تعزيز تبادل المنافع الاقتصادية، في حين أن طهران متورطة في أعمال سرية لتقويض استقرار ذات الاقتصادات التي تسعى للعمل معها.
كينيا، الدولة المزدهرة ونجمة النمو الاقتصادي لشرق أفريقيا، لديها شراكة تجارية ثنائية مع إيران. لكن في نوفمبر 2015، اعتقلت السلطات الكينية شخصين كينيين زعما أنهما من أصول إيرانية، ويقال أن الرجلين كانا يعملان لتنفيذ تفجيرات في نيروبي عاصمة البلاد بناء على أوامر عميل إيراني يعرف باسم "بارسا". وقبل عام تقريبا، تم إلقاء القبض على رجلين إيرانيين لدخولهما البلاد بجوازات سفر إسرائيلية وهمية، وزعما أنهما كان مكلفان بنفس المهمة.
وقبل ذلك، في يونيو 2012، تم القبض على رجلين إيرانيين أيضا قاما بمحاولة تفجير في نيروبي، ربما ضد أهداف غربية. وبعبارة أخرى، تم ضبط إيران في ثلاث محاولات لتنفيذ تفجيرات في العاصمة الكينية.
بالإضافة إلى كينيا، مؤامرات إيران وتدخلاتها امتدت إلى دول أخرى في شرق وغرب إفريقيا على مدى عدة عقود، والسودان ونيجيريا هما الأبرز بين هذه الدول. غير أن المثال الأكثر وضوحا للتدخلات الإيرانية في أفريقيا هو النظام الاسلامي السوداني. وبالرغم من أنه هناك الآن خلافات كبيرة بين الدولتين بسبب الحرب الأهلية التي تدور رحاها الآن في اليمن، إلا أنهما لديهما تعاون عسكري وثيق.
حيث يتم تدريب ضباط الجيش السوداني في إيران، كما ساهمت إيران في تطوير صناعة الأسلحة السودانية المنتجة محليا بخبرات إيرانية. الصواريخ الإيرانية التي استخدمتها الحكومة المركزية السودانية ضد المتمردين الجنوبيين السودانيين، وحتى الطائرات المقاتلة الإيرانية التي كانت تقصف مواقع المتمردين في جنوب السودان موثقة بالفيديو. وهو ما كشفت عنه تسريبات ويكيليكس، ربما في واحدة من أكثر علاقات التعاون العسكري غرابة.
وهناك أيضا سابقة إيرانية لتهريب الأسلحة عبر السودان إلى حركة حماس الفلسطينية. ففي عام 2012، الطائرات العسكرية الإسرائيلية قامت بتدمير قوافل داخل السودان تحمل الصواريخ الإيرانية إلى غزة.
النفوذ الإيراني يمتد إلى الطرف الآخر من القارة الأفريقية في نيجيريا. ففي عام 2010، اكتشفت قوات الامن النيجيرية قاذفات صواريخ إيرانية وقنابل يدوية وصواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم، في انتهاك لعقوبات الامم المتحدة التي تحظر نقل الأسلحة الإيرانية.
وقد ألقي القبض على اثنين من ضباط فيلق القدس وثلاثة نيجريين وبحوزتهم أسلحة، ولكن العميل الخامس، وهو قائد فيلق القدس في إفريقيا السيد أكبر طبطبائي، اختبأ في السفارة الايرانية قبل ان يتمكن من الفرار إلى طهران. ووفقا لتقرير للأمم المتحدة، فإن شحنة الأسلحة تم إرسالها بواسطة شركة Behineh للتجارة، وهي من الواجهات التابعة للحرس الثوري الايراني. الوجهة النهائية للشحنة كانت إلى غامبيا، الدولة الواقعة في غرب أفريقيا حيث ينشط هناك متمردين مناهضين للسنغال.
في فبراير 2013، تم إلقاء القبض على ناشط نيجيري تلقى التدريب على الأسلحة داخل إيران، اعتقلته السلطات النيجيرية مع اثنين آخرين. ويقال أن الثلاثة كانوا يخططون لشن هجمات في لاغوس، أكبر مدينة في البلاد، لاستهداف مكاتب الوكالة الأمريكية للتنمية، والشركات المملوكة لإسرائيليين والمركز الثقافي اليهودي.
الفنادق التي تستقبل النزلاء الأمريكيين والإسرائيليين كانت أيضا على قائمة الجهات المستهدفة، بالإضافة إلى قادة نيجيريين مثل زعيم البلاد العسكري السابق، إبراهيم بابانجيدا، والزعيم الديني السني السابق، إبراهيم دسوقي، وسفير المملكة العربية السعودية لدى نيجيريا، وفقا لما ذكرته بلومبيرغ Bloomberg.
وبعد ثلاثة أشهر من تلك الحادثة، اقتحمت الشرطة النيجيرية مخبأ للأسلحة في منزل يملكه القنصل اللبناني في سيراليون. وألقي القبض على ثلاثة لبنانيين قام حزب الله بتدريبهم على الأسلحة.
وبالإضافة إلى الاستحواذ على أصول داخل نيجيريا، قامت إيران بدعم الحليف السياسي الرئيسي في البلاد، والحركة الإسلامية في نيجيريا، وهي منظمة سياسية شيعية لديها جناحها العسكري الخاص بها. وبالرغم من أن هذه الجماعة لا تخوض حربا ضد الدولة المركزية، مثل المجموعة النيجيرية السنية بوكو حرام، والحركة الإسلامية في نيجيريا، إلا أنها تتمتع بنفوذ وتأثير واسع على أتباعها المناهضين للحكومة.
ونقل عن زعيم الحركة الإسلامية في نيجيريا إبراهيم زكزاكي قوله: أن أي هجوم على إيران ستكون له عواقبه في نيجيريا.
الزخم الذي تتمتع به جهود إيران السرية في كينيا والسودان ونيجيريا وخارجها، يتكون من عدة طبقات. فالأساس المنطقي على المدى القصير هو الرد على ضربات الغرب واسرائيل ضد إيران، وأهداف مدفوعة بروح الانتقام. وفيما يتعلق بالمؤامرات في كينيا، هناك نظرية لدى ايران تسعى من خلالها للرد على عمليات الاغتيال السرية التي تنفذها إسرائيل في الخفاء وتنكرها (رسميا) والتي تستهدف العلماء النوويين الايرانيين. فخلال الفترة من مارس إلى يوليو من عام 2012، تم اكتشاف العشرات من المؤامرات في مختلف مدن العالم بعد عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل داخل إيران.
هناك عامل آخر يسهم في تورط إيران في أفريقيا وهو عملية شد وجذب في خطوط المعركة بين السنة والشيعة في ظل الحرب الباردة السعودية الايرانية. ومن الأجندة الإيرانية التوازن مع المملكة العربية السعودية - الدولة التي جلبت 20 دولة افريقية في "تحالفها العسكري الإسلامي". ومع ذلك، فإن الجانب الديني بين السنة والشيعة عادة جانب مبالغ فيه، إن لم يكن هامشيا، فالخلافات بينهما معظمها سياسية.
والمسألة الأكثر إلحاحا التي تؤثر على مصلحة إيران في السياسة الإفريقية الداخلية هي ضرورة كسب الحلفاء من الحكومات وغير الحكومات للخروج من العزلة التي فرضتها عليها الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، العديد من علاقات ايران مع الدول الآسيوية والأوروبية الشرقية قد انهارت بسبب برنامج طهران النووي المثير للجدل، وبالتالي أصبحت لدى إيران حاجة ماسة لعلاقات جديدة.
وما يدل على مرونة إيران في نهجها مع أفريقيا هو أنها لم تتأثر بشكل واضح من الاتفاق النووي الأخير الذي ابرمته مع الولايات المتحدة. وظهرت أهداف قوة القدس لمواصلة المشوار – حيث تم الكشف عن مؤامرة تفجير نيروبي بعد أن وافقت مجموعة 5 + 1 على التفاصيل الأولى للصفقة .
والجدير بالذكر، بالرغم من إظهار قوة إيران في إسقاط أنظمة في بلاد بعيدة، إلا أنها تفتقر إلى أي شيء فيما يتعلق بالتكافؤ العسكري مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وبدلا من ذلك، تبحث إيران عن أساليب بديلة لتحقيق بعض المزايا - الفرص في أفريقيا لإدارة صراع غير متوازن يمكن أن تكون مفيدة بشكل لا يصدق، ويمكن أن تعزز موقف اللاعبين الأقل خطورة.
وعليه، من المستبعد أن تتخلى إيران عن تدخلها في القارة السمراء في القريب العاجل – سواء كان هناك اتفاق نووي مع الولايات المتحدة أم لا.
المصدر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق