نشر في : الخميس 2 يونيو 2016 - 11:36 م | آخر تحديث : الخميس 2 يونيو 2016 - 11:36 م
رويترز – التقرير
داهم ضباط جهاز الأمن الكويتي، بيوت مزارع بالقرب من الحدود العراقية، في الصيف الماضي، ومن خلال تشريح السجاد وتحطيم الأرضيات الخرسانية تم العثور على مخزن للأسلحة مخبأ في حاويات بلاستيكية كبيرة وهو أكبر اكتشاف في تاريخ الكويت.
وعرض وزير الداخلية الكويتي، وهو أحد كبار أفراد الأسرة الحاكمة، عبر التليفزيون الرسمي، نتائج العملية رسميًا.
واتهمت الكويت 25 من مواطنيها -جميعهم من الشيعة- وإيرانيًا بالتجسس لصالح إيران والجماعة الشيعية اللبنانية “حزب الله”.
وقد فتحت القضية ملف الانقسامات الطائفية بالكويت، فبينما توجد أغلبية كويتية من السنة و أقلية من الشيعة، إلا أنهم يحصلون على حقوق أفضل مما عليه في المملكة العربية السعودية المجاورة، إلا أن التوترات لا تزال موجودة، ويقول أقارب بعض الرجال المتهمين إنهم ضحايا أبرياء، ومتهمون بسبب السياسة الإقليمية.
كما تسلط هذه القضية الضوء على موقف العديد من الدول الصغيرة في الخليج، والتي تجد نفسها في صراع على السلطة بين المملكة العربية السعودية السنية وإيران الشيعية.
وقال دبلوماسي بالشرق الأوسط، إن الكويت -التي تضم قواعد عسكرية أمريكية- والمنتج الرئيسي للنفط بـ”أوبك”، قد تقلص دورها بين العملاقين الإقليميين، اللذين تصارعا في الأشهر الأخيرة على كل شيء من البرنامج النووي الإيراني حتى إنتاج النفط”، والكويت في وضع حرج؛ فهي نقطة صغيرة في مثلث كبير جدًا، مضيفًا “إنهم يقتلون أنفسهم ليكونوا على الحياد”.
وقال ممثلو الادعاء الكويتي إن الرجال ينوون تنفيذ “أعمال عدائية” ضد الكويت، وهم أعضاء في “خلية العبدلي” وعثرت الشرطة المحلية على أسلحة واتهمت المجموعة بشراء ونقل وتخزين هذه الأسلحة والمتفجرات.
واتهم العديد منهم بتلقي تدريب عسكري في لبنان من “حزب الله”، وفقًا للتحقيق من قبل الأمن الوطني الكويتي، وهو ما نفاه هؤلاء تمامًا.
في يناير، وجدت محكمة كويتية 23 منهم مذنبًا من أصل 26 من الجرائم المختلفة، وتم الحكم على اثنين منهم بالإعدام، بما في ذلك واحد إيراني، غيابيًا، وتم تغريم الآخرين أو تلقوا أحكامًا بالسجن بين خمس سنوات ومدى الحياة. وتمت تبرئة ثلاثة آخرين، واستأنفت النيابة العامة على الأحكام، قائلة إن بعض الرجال يجب أن يحصلوا على عقوبات أكثر صرامة.
ويقول محامو المتهمين إن الأحكام جاءت بناءً على اعترافات من كل المتهمين تقريبًا، زاعمين أنها انتزعت منهم تحت وطأة التعذيب.
وقال خالد الشطي، محامي الدفاع عن عليو حسن، الرجل الكويتي الذي حكم عليه بالإعدام، القضية ذات دوافع سياسية. مضيفًا “هناك صراع في المنطقة وهؤلاء يدفعون ثمن هذا الصراع”.
ورفضت وزارة الداخلية التعليق على هذه القصة، وكنا نريد تعليقًا من القضاء، إلا أن القضاء لم يستجب لطلبات الحصول على تعليق.
ووزارة الاعلام، التي تتعامل مع استفسارات وسائل الإعلام العامة، لم تستطع التعليق على الموضوع.
وقال مسؤولون أمنيون إن الحكومة والدولة تبين لهم أن الأسلحة قادمة من طهران وتسعى لزعزعة استقرار الكويت ودول أخرى في المنطقة من خلال التسلل والتلاعب بالمجتمعات الشيعية المحلية.
وخلال الشهور الأخيرة، اتهمت الكويت إيران بإثارة الداخل الكويتي، وتجاهل “قواعد الدبلوماسية الأساسية”.
ونفت إيران وجود أي علاقة لها مع الخلية المزعومة وقالت إن السلطات الكويتية لم تتواصل معها بشأن المتهم الإيراني.
وفي سبتمبر الماضي، أصدرت السفارة الإيرانية بيانًا نادرًا تعرب فيه عن “استيائها العميق لربط اسم إيران” بالقضية.
وقال مسؤول كبير في الحكومة الكويتية، إنه حتى لو كانت إيران غير سعيدة بقرار المحكمة “يجب أن تحترم قوانيننا ويجب أيضًا احترام شؤوننا الداخلية”.
تاريخيًا، العلاقات بين السنة في الكويت، الذين يشكلون ما بين 70 و85 في المئة من أصل 1.4 مليون مواطن في البلاد، والأقلية من الشيعة، كانت في معظمها ودية.
فالشيعة يشغلون مناصب مهمة في الأعمال والحكومة والبرلمان. وفي يونيو الماضي، عزى أمير الكويت أسر الضحايا في تفجير انتحاري بمسجد للشيعة. المتهم بها تنظيم داعش؛ حيث أسفر الهجوم عن مقتل 27 شخصًا.
وقال عبدالله بشارة، وهو دبلوماسي كويتي والأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي، إن قضية العبدلي قد فتحت الانقسامات، “السياسة الإيرانية والسياسيين في حزب الله، قد لعبا دورًا في التحريض على الاختلافات في الكويت”، وأضاف “العبدلي أزاد الخلافات”.
ويتفق معه رئيس تحرير إحدى الصحف الرئيسية في الكويت، والمقرب من كبار أفراد الأسرة الحاكمة، وأضاف أن “الحكومة الكويتية بُلغت بذلك”، وقال المحرر: “يقول الشيعة: إن هذا ضدنا”.
واكتشفت قوات الأمن أسلحة متعددة في مخبأ بالكويت؛ حيث كشفت عن بنادق كلاشنيكوف ورشاش وقنابل يدوية و144 كلجم من المتفجرات، و19 طنًا من الذخيرة، وفقًا لحكم المحكمة الصادر في يناير في 186 صفحة.
وقال الشيخ ثامر الجابر الصباح، رئيس مكتب الأمن القومي في الكويت: “هذه الأسلحة كلها شديدة الانفجار، ووجود الآلاف وعشرات الآلاف من الكيلو جرامات أمر مهم للغاية”، وفقًا لرويترز.
لكن المحامي الشطي، الذي كان ابن شقيقه من بين الذين اتهموا وسجنوا، أكد أن الأسلحة كانت للدفاع عن النفس، وأعضاء من الطائفة الشيعية في الكويت تحتفظ بانتظام بأسلحة في المنزل، وقال: يرجع ذلك جزئيًا لصعود الجماعات السنية المتشددة في المنطقة”.
وقال الشطي -لرويترز- في بداية إجراءات الطعون في مارس: “إن من مصلحة موكليه الدفاع عن أنفسهم، للدفاع عن الشرف والدفاع عن الوطن، للدفاع عن الحكومة الكويتية والأسرة الحاكمة، للحفاظ على أسلحتهم”.
وحسن حجاية، المتهم الرئيسي في القضية، يملك مزارع “العبدلي”؛ حيث تم العثور على الأسلحة. وقال الادعاء إنه تم تهريب الأسلحة عن طريق البحر من إيران.
وقال “حجاية” لمحكمة الاستئناف إن الأسلحة من مخلفات المقاومة المحلية للغزو العراقي للكويت سنة 1990. وطلب الدفاع من النيابة العامة فحص الأرقام التسلسلية للأسلحة التي يقولون إنها ستثبت أنها أسلحة قديمة.
وقال ثامر لمكتب الأمن القومي، الذي يقوم بتقييم المخاطر الأمنية الداخلية، إن عددًا من الأسلحة لا يوحي بأنها كانت لمجرد الدفاع عن النفس، كما أن حالة تركيبها يشير لتورط إيران، خاصة مع وجود نشاط للمتشددين للتجسس في الكويت يعود تاريخه إلى عام 1980.
وأضاف ثامر “هذا هو النفوذ الإيراني مرة أخرى، كما هي الحال مع المليشيات في العراق”.
دفاع المتهمين يتوقف جزئيًا على الأدلة التي استخدمت في الاتهامات، فيشكك الدفاع بشهادة اثنين من ضباط الأمن الداخلي والتحقيق في وزارة الداخلية، لأنها -على حد قولهم- كانت تستند إلى اعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب والإكراه.
فريق الدفاع يريد أن يرى صور التقطتها كاميرات المراقبة من الاستجوابات وفيديوهات من التحقيق مع الرجال قبل المحاكمة. وطلبت أيضًا ملابس الرجال الذي كانوا يرتدونها عندما ألقي القبض عليهم. وقال أحد المحامين إنه رأى بقع الدم على ملابس موكله.
وقال الأمن الداخلي للمحكمة إنه لا يمكن تحديد موقع الملابس، كما أن لقطات كاميرات المراقبة تمت إزالتها.
كما تم رفض الطلب بالحصول على الملفات الطبية لأحد المتهمين الذي تم اقتياده مرتين إلى مستشفى عسكري خلال الاستجواب أيضًا، وفقًا لفواز كاتيب، أحد المحامين في القضية، الذي يمثل ثلاثة من المتهمين بالتنسيق مع فريق الدفاع بأكمله: ” الدوائر التلفزيونية مغلقة، ولا ملابس، ولا ملفات طبية، هل هذه محاكمة عادلة؟ هل هذه الإجراءات عادلة؟”.
ووصف تقرير صادر في أغسطس من الإدارة الطبية العامة لوزارة الداخلية، تمت الإشارة إليه في المحاكمة المغلقة ولكن اطلعت عليه رويترز، أنه تم إجراء الكشف الطبي على ثلاثة من المتهمين بعد استجوابهما.
وقال التقرير إن الرجال، حسن بطار، حسن العطار ويوسف جدنفري، أصيبوا جميعًا “بسحجات واحتكاكات” على معاصمهم نتيجة القيود. وقال التقرير إن العطار به كدمات في ذراعه اليمنى، بطار على رقبته وذراعه اليسرى، وجدنفري به سحجات على مرفقيه والقدمين.
كما وصفت “الإصابات” بأنها جاءت بسبب ما يبدو “تصادم مع جسم صلب”، لكنه قال إن السبب غير واضح.
وقال التقرير إن الرجال لم يكونوا في ألم شديد وأن إصاباتهم الجسدية متوقع الشفاء منها في غضون 30 يومًا. ورفضت وزارة الداخلية التعليق.
وقالت اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها باريس، إن التقارير الطبية “تعلن بشكل واضح إصابات واضحة لبعض المعتقلين، وأكدت أنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاعتقال”. وقال البيان الذي وقعته 13 جماعة لحلقوق الإقليمية في فبراير إن الإجراءات القانونية “تشويه لصورة القضاء الكويتي ودولة الكويت”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق