عمّار المأمون
14.07.2015
للعرب هوس بتسميّة ما حولهم، ويجوز القول إن القاعدة الشائعة التي استخدمت التسمية أو الوسم ارتبطت بالبدو وبجمع أصول الكلام العربي منهم، على أساس أن “ما يقوله الأعرابي هو عربي”. وإثر توالي الأحداث المفصليّة في تاريخ العرب، كنزول الرسالة المحمديّة والفتوحات، زاد عدد الكلمات المستخدمة في التواصل وتنوّعت اللهجات والمدارس. وساهم دخول العجم إلى البلدان العربية في تنوّع موضوعات اللغة، وهذا ما دفع فقهاء اللغة إلى تأليف المعاجم في مختلف المواضيع للحفاظ على اللغة العربيّة وشرح مقاصدها. رصيف22 يقدم لكم قائمة بـبعض أغرب المعاجم العربية.
“اللغات في القرآن”، أبي بكر الأزيدي
يثير عنوان هذا المعجم التباساً لدى البعض. يحاول المؤلف أن يرصد فيه اللهجات المختلفة في النص القرآني، بالإضافة إلى الكلمات ذات الأصول اللاعربيّة المشتقة من اللغات المنتشرة في المنطقة. إلى هذا المعجم، هناك العديد من المؤلفات الأخرى التي تعالج الموضوع نفسه كـ”ما ورد في القرآن من لغات القبائل” لمؤلف مجهول و”المحيط بلغات القرآن” لأحمد بن علي البيهقي.
أقوال جاهزة
شارك غردقائمة ببعض أغرب المعاجم العربية
شارك غرد“الباهر في المثلث مضافاً إليه المثنيات”، “الجليس الأنيس في أسماء الخندريس“، “الميس على ليس” ومراجع أخرى تعكس سعة اللغة العربية
“لف القِماط على تصحيح ما استعملته العامة من المعرب والدخيل والمولد والأغلاط”، أبي بكر الزبيدي الإشبيلي
هناك نوع من الحنق لدى مؤلف هذا المعجم دفعه إلى بدء تسمية معجمه بـ:“لف القماط”.
فموضوع الَلحن من أكثر المواضيع التي تثير حفيظة فقهاء اللغة وعلمائها، واللَحن هو الخطأ في الإعراب. كثر تأليف هذا النوع من المعاجم بسبب توافد شعوب جديدة إلى البلاد العربية الإسلامية وما نجم عن ذلك من تعدد في اللهجات والألسنة. من أشهر تلك المعاجم، “النحو ومن كان يلحن به من النحويين” لعمر بن شبّة و”ما لحن فيه الخواص من العلماء” لأبي أحمد الحسن العسكري و”أغلاط الضعفاء من الفقهاء” لابن بريّ المصري.
“الجليس الأنيس في أسماء الخندريس“، الفيروزابادي
يبدو اسم هذا المعجم غريباً ومثيراً للدهشة لكنه من أكثر المعاجم شهرة في أسماء الخمر وصنوفها وأنواعها. جمع فيه الفيروزابادي حوالى ألف اسم للخمر وألف بيت من تراث العرب في الحديث عنها. وقد ألفت العديد من المعاجم في موضوع الخمر، منها “تنبيه البصائر في أسماء أمّ الكبائر” لابن دخيّة. ولا يقتصر الأمر على الخمر بل يمتد إلى العسل وأنواعه، كالكتاب الآخر الذي ألفه الفيروزابادي تحت عنوان “ترقيق الأسل لتصفيق العسل”.
“ما اتفق لفظه واختلف معناه”، ابن الشجري
يجمع المؤلف في هذا المعجم الكلمات ذات الكتابة المتماثلة والتي تختلف في المعنى. واعتمد فيه على نصوص القرآن والحديث والسنة والشعر وغيرها، مُحصياً الكلمات وجامعاً إياها. ينبع هذا النوع من المعاجم من حب العرب للترادف والتضاد والألاعيب اللغوية التي ارتبطت بمختلف العلوم والأدبيات الإسلامية كالفقه والتفسير وصولاً إلى النوادر والحكايات الشعبية، وقد أُلف في هذا المجال العديد من الكتب، منها “الإقناع لما حوى تحت القناع” للمطرزي.
“ما يكتب بالضاد والظاء مع اختلاف المعنى”، ابن فهد القرشي
يرتبط تأليف هذا المعجم باختلاف اللهجات والألفاظ التي تبدو متماثلة بسب اللهجة. لكنها مختلفة بسبب أصل الحرف في الكتابة، وهذا ما يؤدي إلى اختلاف معناها. ولا يقتصر الأمر على هذين الحرفين، فهناك معاجم تعنى باختلاف المعاني وقلب اللفظ وتبدّل دلالاته كـ”المقلوب لفظه من كلام العرب والمزال عن جهته والأضداد” لأبي حاتم السجستاني، وفيه يناقش المؤلف تبدل المعاني واختلافها بحسب السياق، وخصوصاً في النص القرآني. وتمتد المعاجم في هذا المجال لتشمل تلك المرتبطة بشكل القراءة كـ”ما يقرأ من أوله كما يقرأ من آخره” للخطيب التبريزي.
“الباهر في المثلث مضافاً إليه المثنيات”، أبي حفص القرطبي
هذا المعجم لا يرتبط بعلوم الهندسة والحساب كما قد يتبادر إلى الذهن. عمد مؤلفه إلى البحث في أوزان الكلمات والأفعال وخاصة تلك على الوزن الثلاثي “فعل”. فالتثليث هو الاختلاف بالمعاني بين الكلمات التي تتعاقب عليها الحركات الثلاث، وهذا ما يؤدي إلى اختلاف معناها ككلمة (إباء)، فهناك الأباء بفتح الهمزة (وهو القصب) والإباء بكسر الهمزة (وهو الامتناع عن الشيء) والأُباء بضمّ الهمزة (وهو فقدان الشهوة للطعام). أمّا المثنيات فهي ما اختلفت فيها حركتان. ومن المعاجم التي تنتمي إلى المجال نفسه: “المطنّب المطرب على وزن مثلثات قطرب” لابن سريحا و(إكمال الأعلام بثليث الكلام) لابن مالك.
“استعارة أعضاء الإنسان”، ابن فارس
يرتبط هذا المعجم بفنون البلاغة والمجاز الذي تحويه اللغة العربيّة إذ قال مؤلفه في البداية “هذا ذكر ما استعملته العرب في كلامها وأشعارها من استعارة أعضاء الإنسان في غير خلق الإنسان”. يبحث المؤلف في اختلاف المعاني التي تمتلكها أعضاء الإنسان في حال تغيّر سياقها، ومثال على ذلك ما ذكر في المعجم “فالرأس في كلام العرب هو الجماعة، ومن ذلك الهامة والهامة طائر، وفي الرأس الفروة، الفروة التي تلبس، وفي الرأس اليافوخ واليافوخ معظم الليل، وفيه الشعر والشعر الزعفران، وفيه الجمجمة وقال النضر: الجمجمة البئر تحفر في السبخة…”.
تنسحب على هذا النوع من المعاجم الكثير من التصنيفات التي لا ترتبط فقط بالنواحي المجازية لاستخدام جسم الإنسان بل أيضاً بالمعاني المتعددة لأجزائه كـ”خلق الإنسان وهيئة أعضائه ومنفعتها” لشرف الدين الرحبي و”نظم الجمان في حُلي الإنسان” لتاج الدين الموصلي.
“الميس على ليس”، علاء الدين أبي عبد الله مغلاطي
هذا المعجم هو شرح وتعقيب على معجم آخر إذ تعقّب فيه المؤلف مواضع كلمة “ليس” في “كتاب ليس” لابن خالوية الذي يتتبع المعاني التي أخذتها كلمة “ليس” ولم يعرفها العرب ولم يذكروها في أدبياتهم. يبدأ المؤلف كلامه بـ“ليس في كلام العرب” أو “ليس أحد يقول”، أو “ليس يجيء”، أو “ليس في كلام سيبويه”، وهذا ما فعله أيضاً صاحب كتاب الميس في تعقيباته على الكتاب السابق.
“أسماء ساعات الليل”، أبو عبد الله الحسين بن احمد الهمذاني
في هذا المعجم، يقسم المؤلف الليل إلى مراتب ووضعيات مختلفة، فلكل ساعة اسم ولكل اسم وصف وحالة مذكورة في نصوص التراث. يقول المؤلف ”لساعات الليل مائة وخمسة وثلاثون اسماً قد أفردنا لها كتاباً نحو: هزيع من الليل، وطبق من الليل وناشئته”. هذه التسميات المتعددة تنبع من العلاقة مع الطبيعة وموجوداتها الكامنة في بنية اللغة العربية، وقد خصّصت لها معاجم عدّة منها ”كتاب الليل والنهار” لأبي الحسين الرازي و”صفات الأرض والسماء والنباتات” لأبي سعيد الأصمعي.
”كتاب الجيم”، أبو عمر الهروي
هذا الكتاب يشبه المعجم التقليدي إلا أن مؤلفه عمد إلى ترتيب الكلمات ابتداءً من حرف الجيم ثم بالاعتماد على المخارج والأبنية والتقاليب. المخارج هي ترتيب الكلمات حسب نطق أول حروفها في الفم من أدنى الحلق إلى أعلاه، كمعجم العين للفراهيدي الذي يبدأ تعداد كلماته بحرف العين، أما الأبنية، فالمقصود بها عدد الأحرف، ثنائي وثلاثي ورباعي وما فوق، أما التقاليب فهي الاختلافات التي تطرأ على الكلمة إن تغيرت أحرف بنائها ومعاني هذا القلب، مثال على ذلك ”الحق” نقيض الباطل، الذي يقلب إلى ”القح” وهو أصل الشيء وخالصه ومنه ”القحقح” وهو مجتمع الوركين و”القحقحة” وهي ضحك القردة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق