السبت، 27 يناير 2018

مقالات عن اللغة العربية الفصحى و اللهجة العامية


درست الدكتورة سهير السكري اللغويات، وهو علم اللسانيات، وهذا العلم يهتم كثيرا بطريقة استيعاب المخ للغة، لأي معلومة تأتي للمخ، كيف يتعامل المخ معها، في أي لغة في أي وضع. أما بالنسبة للأطفال فلقد اهتمت الدكتورة كثيرا بالطفل لأنها وجدت فرقا كبيرا جدا بين أولاد العرب وبين أولاد العالم المتقدم، حيث أن الطفل العربي يتكلم فقط اللغة العامية حتى يصل للمدرسة، فحصيلة اللغة العامية الحالية كلها هي 3000 كلمة فقط، وبدون لغة، لا يوجد تفكير، لا يوجد إبداع، لا يوجد تخيل، لا يوجد تصور. فالطفل الغربي يدخل المدرسة بحصيلة لغوية وعمره 3 سنوات حوالي 16000 كلمة، في حين الطفل العربي في جميع الدول العربية محصور في اللغة العامية، لغة الأم في البيت، والعامية للأسف الشديد محدودة جدا، 3000 كلمة فقط. فتخيل كيف يتعذر العيش في ظل هذا الكم المحدود من اللغة، فلما عرفت هذه المعلومة خفت على أبنائنا، وتزامن مع ذلك أنني اطلعت على كتاب عنوانه "Militant Islam" وبترجمة قريبة يمكن عنونته "الإسلام الثوري"، وهذا الكتاب صدر في 1979 تزامنا مع ثورة الخميني، لصاحبه الكاتب "Jason"، فلقد كتب هذا الكاتب كلاما قال فيه:بعد استيلاء الانجليز والفرنسيين على الدولة العثمانية، قاموا بدراسة: ما هي أسباب قوة الفرد المسلم التي جعلته يغزو العالم من المحيط الأطلسي إلى مجاري فيينا، فوجدوا أن الطفل المسلم، وهو صغير، من 3 لـ 6 سنوات، يذهب للكتاتيب ويحفظ القرآن، وبعد حفظ القرآن، من 6 لـ 7 يدرس الـ1000 شعري لألفية ابن مالك، الحاوية لكل قواعد اللغة العربية الفصحى، فيصير عندك طفل عمره 7 سنوات بعقلية جبار، فهو يحفظ قرآنا يجمع 50000 كلمة، ولا داعي للتعليق على التفسيرات المناهضة للقرآن تحت عدة ذرائع، لكن ينبغي التركيز على الناحية اللغوية سابقا. فوصل الانجليز والفرنسيون لهذه النتيجة: الكتاتيب هي السبب، فقامت فرنسا بإلغاء الكتاتيب نهائيا في المدارس القابعة تحت سيطرتها في إفريقيا وفي المغرب العربي خصوصا، وفي لبنان وقليلا في سوريا أما الانجليز فلم يعتمدوا هذا المنحى، بل قالوا أن المصريين هم من اخترعوا الدين منذ أكثر من 3500 سنة، فلو منعنا الكتاتيب والقرآن فإن هذا سيحرضهم ضدنا، لهذا لنقم بقتل القرآن بالإساءة إليه وإلى سمعته، وكان ذلك بإقامة مدارس لأولاد الأجانب، أي مدارس أجنبية لأولاد الأغنياء، لكن لا يحضوا بنفس المنهجي الانجليزي، ولكن بدرجة أضعف من الانجليز، ولكنها تبقى دائما للأسياد، وهكذا تم ذلك في البلدان العربية تحت سيطرتهم وفي البلدان الأسيوية كباكستان والهند وأندونيسيا فكلهم درسوا لغة انجليزية أضعف من مستوى انجلترا، ثم بعد ذلك شيدوا مدارس حديثة، فصار الطفل يدخل بعمر 6 سنوات ثم أكثروا من عبارات: حرام عليكم تعلموا طفلا صغيرا، حرام عليكم تعقدوه وتعلموه القرآن، فصار الطفل العربي يضيع أهم فترة في حياته يتعلم فيها اللغة، وهي الفترة من الولادة لـ7 حتى لـ12 سنة، فكانت النتيجة أن الطفل لما يدخل المدرسة فتقول له أمه "ارمي الورأة في الزبالة"، وفي المدرسة يقال له: "ضع الورقة في سلة المهملات"، فيقع الطفل في تناقض لغوي، ف"الورقة" لا ينطقها، و"سلة القمامة" لا يستوعبها. فكانت النتيجة أن الطفل لما يدخل المدرسة يجد أن اللغة العربية هي لغة أجنبية بالنسبة له، وهكذا نجح الانجليز في تضييع الفترة التي يتعلم فيها الطفل اللغة الفصحى التي كان بمقدوره الكلام بها بطلاقة كأنها عامية، فضاعت عليه وصار عاجزا طول عمره عن الكلام بالعربية بطلاقة، وضاعت عليه أهم شيء في الموضوع: الـ50000 كلمة.




الدكتورة
سهير السكري‬: تعليم العربية في مواجهة اللهجات العامية

https://www.youtube.com/watch?v=XgpXrMjtdk4

===========

نفّوسة زكريّا .. نصيرة الفصحى

منى علّام

ارتبط اسم د. نفّوسة زكريّا سعيد بكتابها «تاريخ الدعوة إلى العامّيّة وآثارها في مصر»، والذي تتبَّعت فيه أصل الدعوة إلى استخدام العامّيّة في الكتابة، والآثار التي خلّفتها في ميدان اللغة والأدب. وهذه الدراسة كانت في الأصل رسالتها لنيل درجة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها. ورغم أهمّيّة هذا المؤلّف وكونه مرجعاً أساسيّاً في قضية الفصحى والعامّيّة إلا أن المعلومات المنشورة عن صاحبته محدودة للغاية، ربما لا تتعدى أنها كانت أستاذة للأدب العربي الحديث بكلّيّة الآداب- جامعة الإسكندرية. لذلك كانت هذه المحاولة لإلقاء الضوء على سيرتها العلمية ومؤلّفاتها التي يأتي على رأسها «تاريخ الدعوة إلى العامّيّة».

ولدت د. نفّوسة في الإسكندرية عام 1921، نالت درجة الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلّيّة الآداب- جامعة الإسكندرية عام 1946 بتقدير ممتاز لتكون أوّل معيدة في القسم وفي الكلّيّة، ثم نالت درجة الماجستير عام 1953 بمرتبة الشرف الأولى، وكان موضوع الرسالة «البارودي حياته وشعره»، وظلّ هذا البحث مخطوطاً قرابة أربعين عاماً حتى نشرته مؤسَّسة البابطين عام 1992. وفي عام 1959 نالت درجة الدكتوراة مع مرتبة الشرف الأولى، ونُشِرَت الرسالة عام 1964. وخلال مسارها المهني درّست في كلّيّة الآداب- جامعة الكويت، وفي السعودية في كلّيّة البنات في الرياض وفي الدمام، وكانت أوّل عميدة لكلّـيّة البنـات في القصــيم. وقد توفِّيـت د. نفّوسة في الثامن عشر من أكتوبر عام 1989 عن عمر يناهز الثامنة والستين، بعد أن قدّمت للّغة العربية خدمة كبيرة بدفاعها عن الفصحى ضدّ الداعين إلى إقصائها وإحلال العامّيّة محلّها.

في مقدّمة مؤَلّفِها «تاريخ الدعوة إلى العامّيّة» تقول د. نفّوسة في المقدِّمة إنها عندما بدأت تفكِّر في اختيار موضوع لرسالة الدكتوراه، وكان ذلك سنة 1956، ظهرت من جديد الدعوة إلى اتخاذ العامّيّة أداة للكتابة والتعبير الأدبي وإحلالها محلّ الفصحى، ورغم خطورة هذه الدعوة والضجّة التي أحدثتها في مختلف البلاد العربية لم تحظَ بدراسة علميّة منظّمة تكشف عن مصدرها وبواعثها، وتبيِّن أهدافها والنتائج التي ترتَّبت عليها: «فوجدتني أهتمّ بها، ولم أشأ أن أقطع فيها برأي إلا بعد دراسة وبحث».

بدأت د. نفّوسة زكريّا أوّل فصول دراستها بالحديث عن اهتمام الأوروبيين بدراسة اللهجات العربية المحلّيّة وبالتأليف فيها منذ القرن التاسع عشر، ليس بهدف البحث العلمي- كما تقول- وإنما بهدف القضاء على العربية الفصحى وإحلال العامّيّة محلَّها. وبعد بحث استطاعت أن تقف على المصدر الذي نبعت منه الدعوة إلى العامّيّة حيث وجدته في أوّل مؤلّف أجنبي خُصِّص لدراسة العامّيّة المصرية وهو «قواعد العربية العامّيّة في مصر» للألماني «ولهلم سبيتا» الذي كان مديراً لدار الكتب المصرية. ويعدّ الباحثون الكتاب الذي ظهر عام 1880 أوّل محاولة جدّيّة لدراسة لهجة من اللهجات العربية المحلّيّة. من هذا الكتاب، كما تشير د. نفّوسة زكريّا، انبثقت الشكوى من صعوبة العربية الفصحى، ووُضِعَ فيه أوّل اقتراح لاتخاذ الحروف اللاتينية لكتابة العامّيّة، تلك الحروف التي نودِيَ باستخدامها، فيما بعد، لكتابة العربية الفصحى.

وقد تتبَّعت د. نفّوسة زكريّا المؤلّفات الأجنبية التي تناولت دراسة العامّيّة المصرية، ودرست عدداً منها لمؤلِّفين من الألمان والإنجليز ممن عاشوا في مصر مدّة طويلة، وتولّوا فيها مناصب عالية، وخاصّة إبّان عهد الاحتلال البريطاني، منها كتاب كارل فولرس «اللهجة العربية الحديثة في مصر» وكتاب سلدن ولمور «العربية المحكيّة في مصر» وغيرهما؛ حيث وجدت أن هؤلاء المؤلِّفين قد اتّحدوا في هدف واحد هو السعي لإقصاء العربية الفصحى عن الميدان الأدبي وإحلال العامّيّة محلَّها مردِّدين المزاعم نفسها من صعوبة الفصحى وجمودها والنظر إلى اللهجة المصرية كلغة جديدة مختلفة عن الفصحى تمام الاختلاف، كاختلاف اللاتينية الكلاسيكية عن الإيطالية الحديثة.

كما تتبَّعت المحاولات التي قام بها الأجانب لضبط العامّيّة واستنباط قواعد لها ولإيجاد أدب مُدَوَّن بالعامّيّة، حيث قاموا بتسجيل بعض الآثار العامّيّة ونشرها، من أزجال ومواويل وقصص، وكان أغلبها مما التقطوه من أفواه العامّة، كذلك محاولاتهم استخدام العامّيّة في معالجة موضوعات علمية وأدبية رفيعة، كما فعل الإنجليزي «وليم ولكوكس» عندما ألّف بالعامّيّة، ونقل إليها بعض النصوص. لتخلص الباحثة إلى أن دراسة هذه الآثار كشفت عجز العامّيّة عن معالجة الموضوعات الرفيعة وما أحدثته فيها من تشويه أفقَدَها سماتها الأدبية والعلمية. مع العلم أن بعض المصريين كتبوا بالعامّيّة فعلاً قبل الدعوة الأجنبية، وفي بدء ظهورها مثل يعقوب صنوع صاحب مجلة «أبو نظارة»، وغيره، ولكنهم كانوا يهدفون إلى تثقيف العامّة والترفيه عنهم على أن تظلّ للفصحى مكانتها في الميدان الأدبي.

تناول الكتاب أيضاً الآثار التي خلّفتها الدعوة في اللغة والأدب، فقد تنوَّعت الدراسات اللغوية سواء التي تناولت العامّيّة أو الفصحى، كذلك انتشرت المؤلّفات المدوَّنة بالعامّيّة بعد أن كانت قليلة، من مسرحيات وقصص ودواوين زجلية ومجلّات «بلغت أوج رواجها في الثلث الأوَّل من القرن العشرين أي وقت احتدام المعركة بين الفصحى والعامّيّة عقب الدعوة إلى العامّيّة وإلى تمصير العربية، ثم أخذت تقلّ تدريجياً حتى كاد الميدان يقفر منها من جديد في الوقت الحاضر»، تقصد خمسينيات وستينيات القرن الماضي.

في الباب المُعَنْوَن بـ «التجربة تردّ للفصحى اعتبارها» فسَّرت د. نفّوسة زكريّا رواج العامّيّة في القصّة بأنواعها، بعكس الشعر، بسبب حداثة الفن القصصي في أدبنا المعاصر ورغبة المؤلِّفين في محاكاة الواقع محاكاة حَرْفية. وتشير إلى أن إنتاجنا القصصي الذي استخدمت فيه العامّيّة مثـَّل التجارب الأولى في التأليف القصصي (قصة عودة الروح لتوفيق الحكيم)، وأن روّاد القصة المعاصرين –باستثناء المازني- لم يستخدموا العامّيّة إلا في بدء تكوينهم الأدبي، وقد كانوا متأثِّرين بفكرة (المصرية) في السياسة واللغة والأدب التي راجت في ذلك الوقت، وأنهم خرجوا من هذه التجارب الأولى التي استخدموا فيها العامّيّة معترفين بعجزها وعدم صلاحيّتها للتعبير الأدبي مجمعين على نبذها والرجوع إلى الفصحى في تجاربهم اللاحقة؛ فقد رجع محمود تيمور إلى بعض أقاصيصه الأولى التي كتبها بالعامّيّة فأعاد كتابتها بالفصحى، واتَّجه توفيق الحكيم في كتابة المسرحية إلى أسلوب جديد حرص فيه على توخّي السهولة في التعبير لكي يقرِّب بين الفصحى والعامّيّة حيث استخدم لغة مستقاة من لغة الحياة اليومية، وحرص جهده على ألا تخرج عن قواعد الفصحى.

هذا- بصورة موجزة- أهمّ ما رصدته د. نفّوسة زكريّا في دراستها التي تتجاوز الخمسمئة صفحة.

الجدير بالذكر أن الكتاب لم يُعَد طبعه منذ سنوات طويلة إلا على نطاق محدود. شخصيّاً لم أستطع الحصول على نسخة ورقية منه حتى من بائعي الكتب القديمة. وفي ظل ظهور الدعوة من جديد إلى العامّيّة، أو ما يعرَف بـ«اللغة المصرية» فمن المهمّ أن يكون الكتاب متوافراً ومتاحاً للقرّاء.
========
اللغة العربية ومشكلة العامية

تعيش اللهجات العربية المتنوعة إلى جانب اللغة العربية الفصحى في المجتمعات العربية منذ زمن طويل، ويمكن القول إن هذه الظاهرة اللغوية الاجتماعية الراسخة قد جعلت الكتَّاب والمثقفين العرب مرغمين على قبول ثنائية التعامل اليومي مع اللغة العربية الفصحى واللهجة اللغوية السائدة في بيئة كل منهم. لقد ظل هذا القبول بعيداً عن ترسيم قواعده وأصوله، ثقافياً ورسمياً، على الرغم من تأثيره العميق في حيوات الناس والسلوك اللغوي اليومي لكل منهم، إذ لايمكن الزعم بأن دعوة بعض المهتمين إلى الكتابة بحسب اللهجة العامية، وماواكبها من ظهور أعمال أدبية مطبوعة بحسب اللهجة العامية، قد ترافق بتأسيس نظري مناسب، فالتوتر في الحوار المصحوب بالتخوين يهيمن على اتجاهات الخائضين في قضية الفصحى واللهجات غالباً. ومن أبرز المواقف التي يمكن مناقشتها في هذه القضية، تبني الدعوة إلى اعتماد اللهجات المحلية لغة لتداول الفكر والآداب والفنون والعلوم، وماتشكله من تأثير واسع، يتنامى مع انتشار سيطرتها في وسائل الإعلام المرئي المتنامي باطراد. بدأت هذه الدعوة في اتجاهين، الأول رأى أصحابه ضرورة الكتابة باللهجة المحلية، ونشر الصحف والمجلات بها ،إلى جانب الفصحى،مسوغين موقفهم بأن جماهير المجتمع الأمية قادرة على فهم المكتوب باللهجة بقراءاته أو سماعه، فهماً أمثل. من أبرز ممثلي هذا الاتجاه عبد الله النديم، أحد قادة الفكر العربي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، وقد استخدم العامية في مقالاته، مشيراً إلى الإيمان بالحاجة إليها لايقاظ الوعي الشعبي، وبكونها تصلح للكتابة، فخصص بابا للعامية في صحيفة (الأستاذ) عام ١٨٩٢، بعد أن أصدر بالعامية مجلته( أبو نظارة) عام (١٨٧٨)، ثم ( التنكيت والتبكيت) عام (١٨٨١) ، فلم يتهمه أحد بالعداء للفصحى أو العجز عنها، ولقيت المجلتان رواجاً منقطع النظير، وغزت مقالات النديم الإصلاحية، قرى الريف ونجوع الصعيد، وآزر قادة اليقظة القومية هذا الاتجاه، وقدروا جدواه)، كما تذكر د. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطىء) في كتابها ( لغتنا والحياة). أما الثاني فرأى أصحابه ضرورة الكتابة باللهجة المحلية، ونشر الصحف والمجلات والمؤلفات العلمية بها، مع هجر الفصحى لأنها غير ملائمة للحياة المعاصرة ونهضتها، فضلاً عن صعوبات مواكبة اللغة العربية للعلوم الحديثة المتقدمة في العالم المعاصر، لاسيما العالم الغربي، ومصطلحاتها. وقد مثَّلَ هذا الاتجاه عدد من المستشرقين ، ثم نافح عنه عدد من المثقفين العرب، أبرزهم سلامة موسى في كتابه :(البلاغة العصرية واللغة العربية). إلى جانب ذينك الاتجاهين، برزت فكرة تلقيح العربية الفصحى بالعامية، وهو ماانتشر نظريا وإجرائيا مع عدد من الأدباء والنقاد، لاسيما المصريين، إذ نجد محمد عبد المنعم خفاجي ، في كتابه (مذاهب الأدب)يثني على أحمد أمين قائلاً: ( وينادي في كتابه ( فن القول) بتلقيح العربية بالعامية بإحياء الألفاظ العامية وإدخالها في الأداء الأدبي). وهذا القول ينسجم مع توجه كمال يوسف الحاج، في لبنان، إذ يرفض الجدل بين أنصار العامية والفصحى ويدعو لوجودهما كلتيهما، ويرى أن في الإنسان وجداناً وعقلاً وأن الأولى مهمة للتعبير عن الأول والثانية للتعبير عن الثاني. إن التساهل لدى بعضهم في مناقشة هذه القضية الخطيرة، يبقى محدودا، فلا اعتراف باللهجات المحلية للأقطار العربية، لدى كثير من الباحثين الذين يقرون عادة بوجود اللهجات المحلية، لكنهم يتهربون من ترتيب العلاقات الواقعية بين الفصحى واللهجات، فتنطلق ( بنت الشاطىء) د. عائشة عبد الرحمن في كتابها ( لغتنا والحياة) من الإقرار بأن ( اللغة العربية هي اللسان القومي لشعوب الوطن العربي)، وإعلان عدم الاعتراف باللهجات ( لسان قومية)، ووسيلة تفاهم مشترك، وأداة اتصال فكري عبر الحدود)، قائلة: ( ومهما تختلف اللهجات المحلية لهذه الأقطار، فإنها لاتعرف غير العربية لسانَ قوميةٍ، ووسيلةَ تفاهم مشترك، وأداةَ اتصالٍ فكريٍّ عبر الحدود والمسافات). أمام الشعور بأهمية القضية، تتكرر صيحات إعلان خطر اللهجات على القومية العربية والعربية الفصحى، من حين إلى حين، فينقل معاصرو الشاعر أحمد شوقي قوله ذات يوم:(إنني أخشى على الفصحى من بيرم)،- أي بيرم التونسي الشاعر الذي كتب قصائده باللهجة المصرية، وتحققت له شهرة ومكانة واسعتان-، وهذه الخشية ملموسة في مؤلفات كثير من الأدباء والباحثين، يعبر عنها موقف عبد المعين ملوحي الذي يرى فيما يراه، أن خطر اللهجات لايهدد العربية الفصحى فقط، فهو خطر على وجود الأمة، ويقول:( العرب أمة واحدة ولها لغة واحدة، أمَّا تفرُّدُ كلِّ قطرٍبلهجة فسيؤدي إلى نشوء أمم عدة، كما حدث عندما توزعت اللغة اللاتينية إلى لهجات وأصبحت كلُّ لهجةٍ لغةَ أمة كالأمة الفرنسية أوالإيطالية أو الأسبانية). لقد مر زمن طويل على نشوء الحوار الثقافي العربي، حول العامية والفصحى، ودوريهما في الأدب والحياة، وإذ تعيد الثقافة العربية تجديد الأسئلة الجوهرية لمشاريع نهضتها الحديثة المتنامية منذ مطالع القرن التاسع عشر، يفرض هذا الحوار مكوناته وعناصره من جديد، باحثاً عن أجوبة مناسبة تدرك خطورة المهمات الجليلة التي تضطلع بها. ويأتي ذلك منسجماً مع التوجيهات الحميدة للسيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد بخطابه الأخير الذي دعا إلى إيلاء قضية اللغة العربية ماتستحقه من عناية في حياتنا الاجتماعية والوطنية والقومية.‏‏

============

إحلال اللهجات العامية محل اللغة العربية الفصحى

إن التلاقي على لغة واحدة - لا شك - عاملٌ قوي من عوامل الوحدة والترابط والتفاهم، والتقارب في المواقف والآراء، كما أنه من شأنه وصل ما بين أهل اللغة الواحدة وتراثهم الفكري والثقافي.

ولقد كان للغة العربية حضور ملموس في حياة الأمة الإسلامية على مر العصور؛ حيث إنها لغة القرآن الكريم الذي يتلوه جميع المسلمين، ولغة الصلاة التي هي رُكنٌ من أركان الإسلام، وفرض عين على كل مسلم، «ولذلك فقد رافقت رحلة الإسلام وانتشاره إلى مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وبها كتب المسلمون على اختلاف أجناسهم وديارهم، وأثرت تأثيرا كبيرا في اللغات الفارسية والتركية والأوردية، واللغات الأفريقية في شرق أفريقيا، واللغة الماليزية»[1].

ولا ريب أن ذلك الحضور للغة العربية في حياة المسلمين له أثره العظيم في تعزيز أخوتهم ووحدتهم - لا سيما العرب منهم - والإسهام في ارتباطهم بالثقافة الإسلامية التي يشتركون فيها.

وهناك مخططات منذ فترة طويلة من الزمن، ودعوةٌ روَّج لها أعداء الإسلام، ترمي إلى القضاء على اللغة العربية الفصحى - لغة القرآن الكريم - وإحلال اللهجات العامية في الأقطار الإسلامية محلها، وقد اكتنف هذه المخططات جهود جبارة، ودعاوى مزيفة، تبناها كثير من الغربيين، وكثير من المستغربين، ومشى في ركابهم وظاهرهم طائفة من أبناء المسلمين[2].

ولقد دأب الاستعمار الغربي طوال وجوده في البلاد الإسلامية على رعاية مخططات محاربة الفصحى وحصارها، وخاصة في المجالات التعليمية والثقافية، فعمل على إضعاف شأنها ماديا ومعنويا، بل إنه استطاع أن يقضي عليها، ويعزلها من بعض البلاد التي كانت تتحدث بها، كما حدث في عدد من بلدان أفريقيا.

والحقيقة أن هذه الحرب التي ووجهت - ولا تزال - تواجه بها اللغة العربية، وتلك المحاولات الدؤوبة للقضاء عليها وإماتتها، خاصة تلك المحاولات الرامية إلى استبدال اللهجات المحلية العامية بها؛ إنما هي تخطيط ماكر خبيث، له أهداف خطيرة، ويترتب عليه آثار تَضُرُّ بنا في الحال والمآل، وتهدد حاضرنا ومستقبلنا، إذ هو امتدادٌ لمحاربة القرآن نفسه، والعمل على إقصاء المسلمين عنه، وقطع صلة الأجيال بالعلوم والآداب العربية عامة، وعلوم الشريعة خاصة، وامتداد كذلك لمحاولات الخصوم الدائبة من أجل تقطيع أوصال الأمة الإسلامية وتفريقها، وإيجاد صعوبة - بل استحالة - التفاهم بين شعوبها، «وقطع الطريق على توسع اللغة العربية المحتمل بين مسلمي العالم، وبذلك لا تتم لهم وحدة»[3].

إن التمادي في الدعوة إلى تشجيع العاميات وإحلالها محل الفصحى، ومتابعة أعداء الإسلام والعروبة في هذا الأمر لا يخدم إلا خصومنا ومخططاتهم الرامية إلى إيجاد الفرقة بين بلدان العالم الإسلامي، وإذا كنا نتنادى في هذا الوقت بالأخوة والوحدة والتماسك - وهذا أمرٌ مفروض - فبدهي أن تلاشي اللغة العربية الفصحى، وانتشار اللهجات العامية على أنقاضها يعد شرخا واسعا في جدار هذه الوحدة المنشودة، وعاملا كبيرا في تأخيرنا وإضعافنا، بالإضافة إلى ما يُحدثه هذا المخطط الماكر الخبيث من هوة سحيقة بيننا وبين ماضينا وسلفنا، «وإذا انقطعت صلتنا بقديمنا أمكن أن نقاد إلى حيث يراد بنا، وإلى حيث لا تجمعنا بعد ذلك جامعةٌ تجعل منا قوة تُخيف الكائدين، وتأبى على الطامعين»[4].

[1] حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة ص 187.

[2] للاستزادة حول دلائل ووقوف أعداء الأمة في الخارج، وأذيالهم في الداخل وراء مخططات هدم اللغة العربية؛ يراجع: الاتجاهات الوطنية 2/359 وما بعدها، أباطيل وأسمار، محمود محمد شاكر ص 151 وما بعدها، مطبعة المدني - القاهرة، ط الثانية 1972م.

[3] حاضر العالم الإسلامي وقضاياه المعاصرة ص 191.

[4] الاتجاهات الوطنية 2 /273.

مقالات ذات صلة
فضائياتنا بين الفصحى والعامية
الدعوة إلى العامية
انتشار العامية

مختارات من الشبكة
لغة القرآن (89) تعريف بجديد كتب اللغة والبلاغة(مقالة - موقع أ. محمد خير رمضان يوسف)
دفاع عن النحو والفصحى (4)(مقالة - حضارة الكلمة)
اختلاف اللهجات العربية على المستويين النحوي والصرفي بين ابن عقيل والسلسيلي (PDF)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
اختلاف اللهجات هل يسبب مشكلة!!(استشارة - الاستشارات)
إحلال الرضوان الرباني على أهل الجنة(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
وحدة اللغة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
نماذج من اللحون التي تجري في بعض الأحكام(مقالة - آفاق الشريعة)
تمصير اللغة العربية(مقالة - حضارة الكلمة)
توجيه الدعوة إلى أهل الأرض في أشخاص ملوكهم(مقالة - آفاق الشريعة)
اللهجات والفرانكو آراب .. هل يؤثران على مستقبل اللغة العربية ؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
=====
هل تصبح العامية لغة التدريس في العالم العربي؟
Doha Adi
12.10.2015

هل تصبح العامية لغة التدريس في العالم العربي؟

وصف عدد من الباحثين والمفكرين العرب استعمال العامية في التعليم الأولي بـ"الخطر الهدام" الذي يهدف إلى تخريب الهوية العربية وتقويض لغة الضاد والرمي بها إلى مصاف اللغة الثانية أو الثالثة. يرى الباحث الموريتاني "إسلمو ولد سيدي أحمد" أن الدعوة إلى استعمال "الدارجة" ليست وليدة اليوم، مشيراً في إحدى مقالاته أنّ "العملية بدأت في المشرق العربيّ في القرن التاسع عشر وكانت ترمي آنذاك إلى القضاء على اللغة العربية، بإبعادها عن التعليم والإدارة وسائر المرافق الحيوية. إذ يعلم الداعون إلى الدارجة أنها ليست لغة عالمة لها نحوها وصرفها". ويؤكد الباحث أنّ اللغة العربية، ما دامت قادرة على منافسة اللغة الأجنبية، فإن إقصاءها عن حياة المجتمع كفيل بإخلاء الجو للغة الأجنبية.
جدل حول العامية في المغرب العربي

شكّل عام 2013 مناسبة لإثارة النقاش مجدداً حول الدعوة إلى اعتماد اللغة العامية في التعليم الأوليّ، إذ قاد "نور الدين عيوش"، عضو المجلس الأعلى للتعليم المغربي ورئيس مؤسسة زاكورةللتربية، حملة لاستعمال العامية في مناهج التعليم الأولي. وبالعودة إلى الوراء، وتحديداً عام 2011، كانت بناية "مؤسسة آل سعود" في الدار البيضاء على موعد مع ندوة دولية حول إصلاح التعليم. وفي ختام الندوة، رفعت مذكرة اعتبرها عيوش "وصفته السحرية" لإصلاح المنظومة التعليمية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس وأخرى إلى الحكومة. كما كانت هذه الندوة مناسبة للإعلان عن ميلاد مشروعين جديدين حول "اللغة الدارجة"، أحدهما إنجاز معجم خاص باللغة الدارجة، والثاني، إنتاج برامج تلفزيونية لتعليم الدارجة للمغاربة.

أقوال جاهزة

شارك غردالجدل حول إحلال اللغة العربية الفصحى محل العامية في التعليم

شارك غردهل حان وقت التخلي عن اللغة العربية في التعليم المدرسي واستخدام اللهجات العامية؟

إلا أنّ هذه التوصيات أقامت الدنيا ولم تقعدها، وعلت الأصوات الرافضة للفكرة. أصدر القيادي في حزب الاستقلال المعارض محمد الخليفة بياناً وصف فيه مبادرة عيوش بـ"الوقاحة المتناهية وازدراء مقومات الأمة المغربية وثوابتها وحضارتها وحاضرها ومستقبلها". وأضاف لاحقاً أنها "مخطط يهدف إلى إحياء التوجه الاستعماري الفرنسي الذي يريد حصر اللغة العربية في المساجد فقط" كما أنها صفعة للهوية اللغوية التي ينص دستور المغرب عليها، وهي استعمال اللغة العربية إلى جانب اللهجتين الأمازيغية والحسانية.

في السياق ذاته، انتقد رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران مقترح عيوش، معتبراً إياه تهديداً لوحدة البلاد، ومبرراً ذلك في كون "المغرب يرتكز على ثلاثة أمور أساسية، هي الإسلام واللغة العربية والعرش". سهام النقد لم تتوقف إلى اليوم، إذ يقول رئيس الائتلاف المغربي من أجل اللغة العربية "فؤاد بوعلي" لرصيف22 إنّ "ارتفاع عدد الرافضين لفكرة عيوش أكّدت أن اعتماد اللغة الدارجة في التعليم العمومي أمر مغلوط أساساً".

وعلى غرار المغرب، تعيش الجزائر الإشكالية ذاتها، إذ شدّد رئيس الجمعية الجزائرية للدفاع عن اللغة العربية الدكتور عثمان سعدي على ضرورة إحياء قانون تعميم استعمال اللغة العربية الصادر عام 1990، منتقداً أيضاً القرار الصادر عن رئاسة الدولة بفرض تدريس اللغة الفرنسية من السنة الرابعة إلى الثاني ابتدائي. ومن المفارقات إن الدولة الجزائرية التي تُوجّه إليها سهام النقد بتهميشها اللغة العربية، كانت دعت الدول العربية إلى الإسراع في تأسيس مجلس أعلى للغة العربية تحت مظلة الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للنهوض بلغة الضاد.

أما في تونس التي عاشت قرابة 70 عاماً تحت الاستعمار الفرنسي، فتقود جمعية الدفاع عن اللغة العربية حملة لمحاربة أي محاولة تهدف لتهميش لغة الضاد. فتشدد الجمعية على منح الأولوية للغة العربية كلغة للتدريس في التعليم الأولي وعلى ضرورة جعل السنوات الثلاث الأولى خاصة بتعليم اللغة العربية دون غيرها لاستيعابها نطقاً وكتابة، وتفادياً لإرباك الطلاب وحفاظاً على سلامة لسانهم.
وفي المشرق العربيّ

يُلاحظ أنّ دول المغرب العربي (ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا) هي الدول التي تعيش أزمة البحث عن اللغة المناسبة والسليمة لتدريس الطلاب في التعليم الأولي، في حين أن دول الخليج والشام ومصر لا تواجه هذه المشاكل إلا في حالات استثنائية قليلة.

يرى الصحافي اليمني عبد الله الحرازي المقيم في المملكة العربية السعودية أنّ منهج التعليم في اليمن وفي الخليج والشام يتمّ باللغة العربية لاسيما في العلوم الشرعية والاجتماعيات مثل التاريخ والجغرافيا، حتى لو مال المدرّسون إلى تبسيط المنهج للطلاب من خلال استعمال "اللهجات العامية". ويرى الحرازي أنّ الدعوة إلى اعتماد اللغة العامية (اللهجات المحلية) هي "دعوة لتغريب اللغة التي نزل بها القرآن الكريم والتي تعاني من حملة شرسة غربية لطمس هويتها".

وفي مصر، يرى الإعلاميّ علاء عزت أنّه من الأفضل أن تكون مخاطبة الأطفال في بداية المرحلة التعليمية باللغة العامية التي فطموا عليها. ويضيف أنّ المصريين "يتحدثون اللغة العربية الفصحى ولكن بطريقة عامية من أجل التخفيف في النطق". ويشرح: "ليس هناك أزمة علاقة بين اللغة الأم واللغة التي يتمّ التدريس بها لأنّ اللهجة المصرية قريبة بشكل كبير من اللغة العربية"، مشيراَ إلى أن المنطومة التعليمية في مصر لا تهمل اللغة العربية والمدرس يتحدث مع التلاميذ باللغة العربية الفصحى في معظم المواد.
ما هي مبررات اسعمال اللغة العامية

حاول نور الدين عيوش الترويج لفكرته معتمداً على الدعوة التي أطلقتها المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، إيرينا بوكوفا Irina Bokova بغية اعتماد اللغة الأم في التعليم الأولي كوسيلة قوية لمحاربة التمييز وللوصول إلى السكان المهمشين. وقال عيوش في اتصال هاتفي مع رصيف22، إنّ "دعوته لم تأتِ من فراغ بل هي نتاج الدراسة التي خلصت إليها مؤسسة زاكورة للتربية والتعليم بعد اختبار استعمال العامية في 450 مدرسة في القرى". وأوضح أن التجربة ساعدت عدداً كبيراً من التلاميذ بالعودة إلى مقاعد الدراسة بعد أن هجروها بسبب عجزهم عن فهم الدروس باللغة العربية الفصحى. ونفى عيوش أن تكون دعوته لاستعمال اللغة الدارجة النيل من الهوية المغربية وتبخيس اللغة العربية، لافتاً إلى أن تعليم الطفل باللغة التي يتواصل بها داخل البيت، ستكسبه المزيد من المعرفة وتساعده على فهم محيطه.
أزمة لغة أم نظام تعليميّ؟

إلا أنّ كثيرين يتساءلون هل مشكلة اللغة العامية أو الفصحى منوطة بالتعليم الأوليّ أم بكل المنظومة الدراسية. في كتابه "من ديوان السياسة"، يرى "عبد الله العروي" أن اعتماد الدارجة يتم "في كل ما هو شفهيّ، مهما تكن الوسيلة ومهما يكن المقام، فيما اعتماد الفصحى هو فكري وتأملي ورمزي، أكان أدباً أو فلسفة أو علماً أو تقنية". ويوضح العروي أن أزمة التعليم المغربي لا ترتبط أساساً باللغة العربية الفصحى أم الدارجة، مشيراً إلى أنّ كل دول العالم تعيش أزمة في التعليم. ويرى أن الدعوات التي أطلقها خبراء اليونسكو لاعتماد اللغة الأم في التدريس تنطلق من أفكار مسبقة ولا تراعي خصوصية المجتمع المغربي، لا سيما أن اعتماد الدارجة لغة تدريس لها قواعدها وحروفها يتطلّب علمياً مئة عام.

وللرد على هذه المشكلة، أحدث المغرب، عام 2014، المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي تطبيقاً للدستور المعدل عام 2011، على أن يشكل آلية للتفكير الإستراتيجي في قضايا التربية والتكوين والبحث العلمي، وفضاءً تعددياً للنقاش والتنسيق. وبحسب المعطيات التي تمّ جمعها، هنالك شبه إجماع على أن التعليم المغربي يعيش أزمة منظومة وليس أزمة لغة. ويجمع عدد من المثقفين على أن استعمال اللغة الأم في التعليم الأولي سيصطدم بالتعدد اللغوي (الأمازيغية والسوسية والحسانية). يرى الأستاذ الجامعي عبد الواحد بلكبير أنّ مشاكل عدة ستواجه الطلاب، لا سيما مع ضرورة أن يصبح الكادر التعليمي قادماً من البيئة نفسها للطلاب، لتفادي اختلاف اللهجات. يقول بلكبير لرصيف22 أن المعلم القادم من البيئة الريفية سيحتاج إلى بعض الوقت ليفهم لهجة التلميذ الحساني وسيكون التلميذ الخاسر الأكبر.

بعد وابل الانتقادات، بات عيوش يطالب باعتماد لغة عربية مبسطة، وهذا ما اعتبره معارضوه فشلاً لمشروعه، مشددين على ضرورة النظر والاهتمام بمشاكل تعليمية أخرى كاللغات الأجنبية وتراجع ظاهرة القراءة والاهتمام بالثقافة العامة.

=========

أهمية اللغة الفصحى في توحيد الأمة وخطر اللهجات…/

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2018/01/blog-post_319.html

تاريخ الدعوة إلى العامية وآثارها في مصر

المؤلف: نفوسة زكريا سعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق