نشر بتاريخ السبت, 01 كانون2/يناير 2011
لغتنا العربية أهم مقومات شخصيتنا وهويتنا ودعامة وحدتنا ومستودع القيم والتجارب التي انتقلت إلينا من أسلافنا، وخزان ثقافة الآباء والأجداد، فضلاً عن أنها لغة القرآن الكريم، وتؤدي دوراً في صون الهوية العربية وترسيخ الفكر العربي وتعزيز الروابط الأخوية بين أبناء الأمة العربية ولها مكانة عبر التاريخ حيث كانت لغة العالم أيام السيادة العربية، ومعظم العلوم والفلسفات والثقافات صيغت بها عندما كانت الحضارة العربية في أوج ازدهارها. لغتنا العربية أهم مقومات شخصيتنا وهويتنا ودعامة وحدتنا ومستودع القيم والتجارب التي انتقلت إلينا من أسلافنا، وخزان ثقافة الآباء والأجداد، فضلاً عن أنها لغة القرآن الكريم، وتؤدي دوراً في صون الهوية العربية وترسيخ الفكر العربي وتعزيز الروابط الأخوية بين أبناء الأمة العربية ولها مكانة عبر التاريخ حيث كانت لغة العالم أيام السيادة العربية، ومعظم العلوم والفلسفات والثقافات صيغت بها عندما كانت الحضارة العربية في أوج ازدهارها.
فلو تأملنا الخريطة العربية لوجدنا أن التخلي عن سلامة اللغة العربية، وعن قوة استمراريتها باتت فكرة موجودة في معظم الدول العربية التي سلمت قيادتها اللغوية إلى الشارع ليعبث فيها كيفما يشاء. ففي بعض الأقطار العربية لا تزال اللغات الأجنبية الأكثر رواجاً في تلك البلدان على أساس أنها التطور والحداثة، في حين نستطيع أن نتلمس ببساطة أن استخدام اللغة الأجنبية في الأقطار العربية يعتبر مؤشراً على التركة الاستعمارية التي خلفتها سنوات الاحتلال وتمسك بها البعض بعد الاستقلال لأسباب مختلفة، في حين تراخت أو تراجعت بوادر الاهتمام باللغة الأم في انتشار اللغة العامية على مستوى كبير.!. حتى بتنا نعاني من الجمع بين لغتنين إحداهما للبيت والسوق والشارع، والأخرى للكتابة والخطابة والإنشاء على المستوى الثقافي.
فضائيات بالعامية
الخطر الكبير على اللغة العربية يأتي في الوقت الحالي من الفضائيات والإذاعات العربية التي تقوم بنشر برامج ثقافية وعلمية وأدبية، وكذلك الإعلانات بلغة عامية وأجنبية بعيدة عن العربية الفصحى وهذه خطيئة يجب ألا تقع فيها وسائل الإعلام التي من المفترض أن تعمل على تطوير اللغة العربية وتحسينها وجعلها لغة معاصرة ميسرة سهلة، لا أن تساهم في تراجعها وتقهقرها .
الدكتور محمود السيد رئيس لجنة تمكين اللغة العربية تحدث أكثر من مرة عن خطر العولمة وهيمنة اللغات الأخرى ولاسيما الإنكليزية، واستهداف لغتنا العربية من خلال الحملات الشعواء التي تتعرض لها، وغير ذلك من خطورة تأثير اللهجات العامية في التفريق بين أبناء القطر الواحد والأقطار العربية لذا قد تتسع دائرة الذين يتكلمون العامية من وقت لآخر، لكن العامية لم تستطع أن تتخلل إلى بنية اللغة العربية وتفككها، وكل ما استطاعت فعله هو أن قلّلت نسبة الذين يتكلمون في حياتهم اليومية بالفصحى، وهذا أمر قد ينعكس مع الزمن بسبب وجود الإذاعات والصحف والكمبيوتر والانترنت، وكلها تستعمل اللغة العربية الفصيحة. لكن الخطر الحقيقي على (بنية اللغة العربية) تأتي من الصيحات التي نسمعها اليوم تهاجم (ظاهرة الإعراب) ،في اللغة، وتدعو إلى العدول عن (حركات) هذا الإعراب معتبرة إياها إحدى أهم أسباب الهروب من استعمال اللغة العربية الفصحى. وهذا يعتبر تفكيكاً لبنية اللغة العربية وتهميشاً لها.
قوانين جاءت في وقتها..
وهنا نشير إلى القوانين التي صدرت في سورية، للحفاظ على اللغة العربية فيما يتعلق باستبعاد الكلمات العامية من الإعلانات، ووضع البديل العربي قبل الكلمات الأجنبية في الإعلانات إضافة إلى استخدام العربية الميسرة في الحوارات والتشدد في إعطاء الموافقات على الكتب ما لم تكن سليمة لغوياً. كما أن لجنة تمكين من اللغة العربية في سورية ،أصدرت قوانين فيما يخص كتابة أسماء المحلات باللغة العربية إلى جانب اللغة الإنكليزية وتدريسها لغير الناطقين بها في الجامعات، إضافة إلى التوعية والدورات التدريبية والنشاطات الثقافية المتنوعة من خلال وضع خطة للارتقاء بالواقع اللغوي في البرامج التي تنجزها والتركيز على برامج الأطفال وعقد اللقاءات والندوات الثقافية، والتدرج في الانتقال من العامية إلى الفصحى المبسطة لأن في الانتقال الكلي صعوبة في التنفيذ.
.وقد جاء البيان الذي أصدره مجمع اللغة العربية مؤخراً رداً على موضوع اللغة المحكية وعلاقتها باللغة العربية، دالاً على أنّ الأمة تعيش صحوة لغوية قومية رسخها السيد الرئيس بشار الأسد بتوجيهاته لتمكين اللغة العربية،الفصحى ويرى البيان أن تشجيع العاميات ردة قومية ونكسة وحدوية، يقف وراءها دعاة التجزئة وتمزيق الأمة العربية وشدّد البيان على خطورة تقعيد اللهجات العامية ووضع أنظمة نحوية وصرفية لها، معتبراً أن هذا يؤذن بتحويلها إلى لغات مستقلة ما يؤدي إلى سلخ الإنسان العربي عن هوينه وترا العربي ..
الانفتاح المعلوماتي
يأتي العامل المادي هو كأحد العوامل ذات التأثير الكبير في تراجع عملية القراءة والإقبال على الكتاب. ولا ننسى أن الانفتاح المعلوماتي الواسع الذي تحقّق في عصر الانترنت والثورة التقنية الحديثة كان له أيضاً أثره في ذلك، ومن الغريب أن يؤثر ذلك على ترويج الكتاب الورقي إذ لا يفترض أن يؤدي تعدد وسائل المعرفة إلى تراجع إحداها،لأن هذه المنظومة تقوم في مفهومها الدقيق على التكامل بين روافدها لا على الإقصاء والتهميش لأيّ منها. لماذا لا يكون هناك معارض مختلفة ومواقع تعليمية وثقافية وإعلامية عربية في كل المحافظات تنشط الترجمة وتقوم على تعزيز الانتماء إلى اللغة، وتعالج مشكلات اللغة العربية ؟ كما حدث في معرض (الكتاب للجميع) الذي استضافته دار الأسد للثقافة باللاذقية مؤخراً ، ضمن برنامج تمكين اللغة العربية في أكثر من خمسة آلاف عنوان بينها نحو مئة إصدار جديد. خاصة أن هذه المعارض والبرامج تتيح للقرّاء فرصة للتواصل مع الكتاب، وإعادة بناء صلة وثيقة مع اللغة العربية التي تعاني اليوم انحساراً على مستوى الاستخدام والتوظيف الصحيح، نظراً لانتشار اللهجات المحكية على نطاق واسع ودخول العديد من المفردات الأجنبية حيز التداول اليومي على مستوى الشارع والعلاقات الحياتية، وهي فرصة أيضاً للمواقع التعليمية والإعلامية الأخرى، لإثبات حضورها العربي في ظل ما يتربص بالأمة العربية ، من خطر طمس الهوية الثقافية والتاريخية.
يمكن القول إن اللغة العربية أصبحت من اللغات المهمة،ليس لأن العرب يتكلمون بها فقط، وإنما لأنها لغة القرآن لكل مسلمي العالم ،وكذلك فهي الهوية لنا، حيث لا هوية دون لغة، ولا وطن دون هوية، لذلك لا بدّ من ضرورة المحافظة على هذه اللغة لأنها السلاح الأمضى في مواجهة الغزو الثقافي والإعلامي في ظل هيمنة العولمة التي تحيط بنا من كل جانب..
محمد عمر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق