تخريج الأحاديث الواردة في ذم التسمي باسم [ الوليد ]..
بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد؛
فهذا تخريج لحديث عمر بن الخطاب في مسند الإمام أحمد والذي ذم فيه النبي التسمي باسم الوليد وأنه من أسماء الفراعنة؛ ثم أتبعته بالأحاديث الأخرى التي جاء فيها ذم التسمي باسم الوليد.
وهذا الحديث هو أحد أحاديث رسالتي الماجستير والتي بعنوان [ الأحاديث الواردة في الأسماء والكنى والألقاب ] وقد نقلته هنا بدون تعديلٍ عليه؛ وسيكون عليه الطابع الأكاديمي، والله الموفق.
29-(10) قال الإمام أحمد في مسنده 1/265ح(109):
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ([1])، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وُلِدَ لِأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ r غُلامٌ، فَسَمَّوْهُ: الْوَلِيدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ : (سَمَّيْتُمُوهُ بِأَسْمَاءِ فَرَاعِنَتِكُمْ، لَيَكُونَنَّ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْوَلِيدُ، لَهُوَ شَرٌّ([2]) عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ فِرْعَوْنَ لِقَوْمِهِ).
رواة الإسناد:
1- أبو المغيرة: هو عبدالقدوس بن الحجاج الخولاني، الحمصي، روى عن إسماعيل بن عياش، وحريز بن عثمان، والمسعودي، وعنه: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والبخاري، ثقة، مات سنة 212هــ.
الجرح والتعديل 6/56، تهذيب الكمال 18/237، تهذيب التهذيب 2/600، التقريب ت(4145).
2- ابن عياش: هو إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي، أبو عتبة الحمصي، روى عن الأوزاعي، و بكر بن زرعة الخولاني، وصفوان بن عمرو، وعنه: أبو اليمان، وسعيد بن منصور، والحسن بن عرفة، قال يحيى بن معين: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع ، فخلط فى حفظه عنهم، وهذا التفصيل في حال إسماعيل ذكره أحمد، وابن المديني، ودُحيم، والفلاس، والبخاري، والنسائي، والدولابي، ويعقوب بن شيبة، وابن عدي، وأبو أحمد الحاكم، وغيرهم، قال ابن حجر: صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، مات سنة 181ه أو182ه، وله بضع وسبعون سنة.
الجرح والتعديل 2/191، تهذيب الكمال 3/163، تهذيب التهذيب 1/162، التقريب ت(473).
3- الأوزاعي: هو عبدالرحمن بن عمرو بن أبي عمرو، أبو عمرو الفقيه، روى عن الزهري، ويحيى بن أبي كثير، وعطاء بن أبي رباح، وعنه: إسماعيل بن أبي عياش، والوليد بن مسلم، وهِقْل بن زياد، ثقة، جليل، قال سفيان بن عيينة: كان الأوزاعي إمام، مات سنة 157ه.
الجرح والتعديل 5/266، تهذيب الكمال 17/307، تهذيب التهذيب 2/537، التقريب ت(3967).
4- الزهري: هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبدالله بن شهاب بن عبدالله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي، الزهري، أبو بكر الفقيه، الحافظ، روى عن أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وأبو الطفيل رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، وعنه: الأوزاعي، ومعمر، ومالك بن أنس، متفق على جلالته وإتقانه، قال مكحول: ما بقي على ظهرها أحد أعلم بسنة ماضية من الزهري، مات سنة 125هــ وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين.
الجرح والتعديل 3/603، تهذيب الكمال 26/419، تهذيب التهذيب 3/696، التقريب ت(6296).
5- سعيد بن المسيب: هو ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي، المخزومي، روى عن عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وحكيم بن حزام رضي الله عنهم، وعنه: الزهري، وقتادة، وسالم بن عبد الله بن عمر، أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مرسلاته أصح المراسيل، وقال ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، مات بعد عام 90هــ وقد ناهز عمره 80 سنة.
الجرح والتعديل 4/59، تهذيب الكمال 11/66، تهذيب التهذيب 2/43، التقريب ت(2396).
6- عمر بن الخطاب : تقدمت ترجمته في الحديث رقم(27).
تخريجه:
* أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 63/301، وابن الجوزي في الموضوعات 1/158 و2/46 من طريق عبدالله بن أحمد، عن والده الإمام أحمد به، بنحوه.
* وأخرجه الحارث بن أبي أسامة([3])-كما في بغية الباحث 2/794ح(804)- عن إسماعيل بن أبي إسماعيل،
والأزدي في تاريخ الموصل ص56 من طريق أحمد بن بشر([4]) عن منصور بن أبي مزاحم،
والجورقاني في الأباطيل والمناكير 2/309ح(655)، وابن حجر في القول المسدد ص13([5])من طريق أبي أيوب سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل،
ثلاثتهم(إسماعيل، ومنصور، وسليمان) عن إسماعيل بن عياش، فساقه سليمان بنحوه، وجعله إسماعيل عنه، عن الأوزاعي، عن ابن المسيب مرسلاً، وجعله منصور عنه، عن الأوزاعي، عن الزهري مرسلاً، وزاد إسماعيل، ومنصور"فسموه عبدالرحمن([6])"، وذكر ثلاثتهم كلام الزهري بأن المقصود هو الوليد بن يزيد إن استخلف وإلا فهو الوليد بن عبدالملك.
* وأخرجه محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات–كما في القول المسدد ص15- ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 63/323- من طريق هقل بن زياد، ومحمد بن كثير،
ونعيم بن حماد في الفتن 1/133ح(328)-ومن طريقه الحاكم 4/494 عن الفضل بن محمد بن المسيب عنه-،
ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ 3/349-ومن طريقه البيهقي في دلائل النبوة 6/505، وابن عساكر في تاريخ دمشق 63/322- عن محمد بن خالد السكسكي،
كلاهما(نعيم، والسكسكي) عن الوليد بن مسلم،
والبيهقي في دلائل النبوة 6/505-ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 63/323- من طريق بشر بن بكر،
أربعتهم(هقل، ومحمد، والوليد، وبشر،) عن الأوزاعي فجعلوه عنه، عن سعيد بن المسيب مرسلا، إلا أن محمد بن كثير فجعله عنه، عن الزهري مرسلا، والوليد بن مسلم –فيما رواه عنه نعيم بن حماد-فيما رواه عنه الفضل بن محمد- أبدل عمر بأبي هريرة ، وزاد محمد، وبشر:" فسموه عبدالله"، وجعل محمداً المولود لأم سلمة، وجعله بشر لأخي أم سلمة لأمها، وذكر الوليد بن مسلم-فيما رواه عنه نعيم- كلام الزهري في المقصود بالوليد، وذكر الوليد بن مسلم-فيما رواه عنه السكسكي- كلاماً للأوزاعي في أن المقصود به هو الوليد بن يزيد.
* وذكره ابن حجر في القول المسدد ص15 تعليقاً عن محمد بن الوليد الزبيدي([7])، عن الزهري، به بنحوه. .
* وأخرجه عبد الرازق في 11/43ح(19861)، وفي أماليه ص108ح(172)-ومن طريقه الأزدي في تاريخ الموصل ص56- عن معمر، عن الزهري([8]) مرسلاً ولفظه: ولد لرجل غلام فسماه الوليد، فقال النبي : (لا تسمه الوليد، فإنه سيكون في أمتي رجل يدعى الوليد يعمل فيهم كما عمل فرعون في قومه).
دراسة الحديث والحكم عليه:
من خلال تخريج الحديث تبين أنه يرويه الأوزاعي، وقد اختلف عليه على أربعة أوجه:
الوجه الأول: الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب مرفوعاً.
وهذا يرويه إسماعيل بن عياش-فيما رواه عنه أبو المغيرة، وسليمان بن عبد الرحمن-
وأبو المغيرة ثقة، وسليمان بن عبد الرحمن قال عنه ابن حجر: صدوق يخطئ([9]).
وقد خالفهما منصور بن أبي مزاحم وهو ثقةٌ([10])، فرواه عن إسماعيل فجعله من مراسيل الزهري، ولكن الرواي عنه هو أحمد بن بشير-أو بشر- الطيالسي، وهو أحد شيوخ الطبراني، وقد لينه الدارقطني، وقال أحمد بن كامل: كان قليل العلم بالحديث، مــُحَمَّقاً([11]).
وخالفهما كذلك إسماعيل بن أبي إسماعيل فرواه عن إسماعيل بن عياش، وجعله من مراسيل سعيد بن المسيب، وإسماعيل ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: ضعيف لا يحتج به، وقال الأزدي: ضعيف منكر الحديث([12]).
فالذي يظهر –والله أعلم- أن الراجح عن إسماعيل بن عياش هو ذكر عمر بن الخطاب t في الإسناد.
وقد قال ابن حبان في ترجمة إسماعيل بن عياش عن هذا الوجه: وهذا خبر باطل، ما قال رسول الله هذا، ولا عمر رواه، ولا سعيد حدث به، ولا الزهري رواه، ولا هو من([13]) حديث الأوزاعي بهذا الإسناد([14]). وقد ذكره ابن الجوزي في الموضوعات([15])، ولذا فإن في كلام ابن كثير نظراً حين قال عن هذا الوجه: إسناد جيدٌ ولم يخرجوه([16]). ففي إسناده كلامٌ، وهو أيضاً مرجوح عن الأوزاعي-كما سيأتي-.
الوجه الثاني: الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلاً.
وهذا يرويه هقل بن زياد، وبشر بن بكر، وإسماعيل بن عياش-فيما رواه إسماعيل بن أبي إسماعيل-، والوليد بن مسلم-فيما رواه السكسكي، ونعيم بن حماد فيما رواه عنه عبد الرحمن بن حاتم المرادي-.
فأما هقل بن زياد فهو ثقةٌ، وكان كاتب الأوزاعي، وهو من أثبت الناس فيه([17])، وأما بشر بن بكر التنيسي، فقد قال عنه ابن حجر: ثقةٌ يغرب([18])، وأما الوليد بن مسلم، فقد قال عنه ابن حجر: ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية([19]).
ولكن أمن من تدليسه بتصريح غيره بالسماع للحديث من الأوزاعي.
وقد رجح هذا الوجه الدارقطني، وقال البيهقي عنه: مرسل حسن، وقال الذهبي: هذا ثابتٌ عن ابن المسيب ومراسيله حجة، وقال-أيضاً-: وهذا من أقوى المراسيل([20]).
الوجه الثالث: الأوزاعي، عن الزهري مرسلاً.
وهذا يرويه محمد بن كثير، وإسماعيل بن عياش-فيما رواه عنه منصور بن أبي مزاحم-
فأما محمد بن كثير فقد قال عنه ابن حجر: صدوق كثير الغلط([21])، وقد أخطأ في القصة حيث جعل المولود لأم سلمة ل، وأما إسماعيل فتقدم الكلام عن روايته هذه.
الوجه الرابع: الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعاً.
وهذا يرويه الوليد بن مسلم-فيما رواه نعيم بن حماد فيما رواه عنه الفضل بن محمد بن المسيب-.
وهذا الوجه شاذٌ؛ فقد تفرد بذكر أبي هريرة t نعيم بن حماد، وهو متكلم فيه([22])، وقد اختلف عليه فرواه عنه الفضل بن محمد بن المسيب على هذا الوجه، وخالفه عبدالرحمن بن حاتم المرادي-راوي كتاب الفتن- فجعله عنه، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن ابن المسيب مرسلاً، فلعل الحملُ فيه على نعيم بن حماد، وقد عد ابن حجرٍ هذا الوجه من أوهام نعيم بن حماد، وحكم بشذوذه السيوطي([23]).
وبعد هذا العرض تبين –والله أعلم- أن أقوى الأوجه عن الأوزاعي هو جعله عن سعيد بن المسيب مرسلاً، ويليه في القوة جعله عن الزهري مرسلاً، فلعل الأوزاعي اضطرب فيه بدليل وروده عن الزهري مرسلاً كما سيأتي.
* وقد تابع الأوزاعي على روايته الحديث وجعله من مسند عمر بن الخطاب محمد بن الوليد الزبيدي، والزبيدي ثقة، ثبت، من كبار أصحاب الزهري([24])، ولكن متابعته هذه مما لا يُفرح بها؛ وذلك لأنه لا يعرف من هو دونه في الإسناد ولم أقف على هذه المتابعة، وإنما ذكر ابن حجر أنه وقف عليها في بعض الأجزاء ونسي اسمه([25]).
* وقد خالف الإمام الأوزاعي، معمر بن راشد البصري فجعله عن الزهري مرسلاً، والذي يظهر-والله أعلم- أن الراجح هو جعله عن الزهري مرسلاً؛ فالأوزاعي قد تُكلم في روايته عن الزهري، فقد قال ابن معين: الأوزاعي في الزهري ليس بذاك، وقال يعقوب بن شيبة: الأوزاعي ثقة ثبت، في روايته عن الزهري خاصة شيء، وقال الجوزجاني: فأما الأوزاعي فربما يهم عن الزهري. ولعل السبب في ذلك ما ذكره ابن معين حيث قال: الأوزاعي، يقال: إنه أخذ الكتب من الزبيدي، كتاب الزهري، وسمعه من الزهري. وقد ذكره ابن رجب في الطبقة الثانية من أصحاب الزهري، بخلاف معمر فقد أثني على حديثه عن الزهري وقد ذكره ابن رجب في الطبقة الأولى من أصحاب الزهري([26]).
فالخلاصة في هذا الحديث: هو أنه عن الزهري مرسلاً، وقد وهم الأوزاعي في ذكر سعيد بن المسيب في الإسناد، ولا يخفى أن مراسيل الزهري من أوهى المراسيل([27]).
وقد جاءت أحاديث أخرى في النهي عن التسمي باسم الوليد منها:
الأول: ما أخرجه نعيم بن حماد في الفتن 1/132ح(322) عن هشيم، عن أبي حرة عن الحسن قال: قال رسول الله : (سيكون رجل اسمه الوليد، يسد به ركنا من أركان جهنم، أو زاوية من زواياها).
وهذا مرسلٌ ضعيف، فنعيمٌ متكلمٌ فيه([28])، وأبو حرة البصري قال عنه ابن حجر: صدوق عابد، وكان يدلس عن الحسن([29]).
والثاني: ما أخرجه الزبير بن بكار-كما في الإصابة 6/416- من طريق إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن أيوب بن سلمة، عن عبدالله بن وليد بن الوليد بن المغيرة، عن أبان بن عثمان قال: دخل الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة وهو غلام على النبي ، فقال: (ما اسمك يا غلام؟) فقال: أنا الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة، فقال: (ما كادت بنو مخزوم إلا أن تجعل الوليد ربا، ولكن أنت عبدالله).
وهذا إسناد ضعيفٌ جدا-علاوةً على إرساله-؛ ففيه إسحاق بن إبراهيم، وقد قال البخاري عنه: فيه نظر، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف([30]).
وقد جاء الحديث من وجه آخر عن أيوب بن سلمة موصولاً أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة، وقال عقبه: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. ووهاه ابن حجرٍ وقال: في سنده النضر بن سلمة وهو كذاب([31]).
والثالث: ما أخرجه إبراهيم الحربي في غريب الحديث-كما في القول المسدد ص15، وفتح الباري 10/580- وابن عساكر في تاريخ دمشق 63/324 من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها أم سلمة قالت: دخل علي النبي وعندي غلام من آل المغيرة اسمه الوليد، فقال: (من هذا يا أم سلمة؟) قالت: هذا الوليد، فقال النبي : (قد اتخذتم الوليد حنانا([32])، غيروا اسمه؛ فإنه سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له: الوليد).
وهذا إسناد ضعيفٌ، فمحمد بن إسحاق مدلسٌ([33])، ولم يصرح بالتحديث، ولذا فتحسين ابن حجرٍ لهذا الحديث، وتجويده مرةً أخرى فيه نظر([34]).
والرابع: ما أخرجه العقيلي في الضعفاء 4/142، والطبراني في الكبير 10/73ح(9992) والأوسط 1/214ح(694)، والشيرازي في الألقاب-كما في إتحاف السادة المتقين 5/387-، والخطيب البغدادي في موضح أوهام الجمع والتفريق 2/413 من طريق محمد بن محصن العكاشي، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله-واللفظ للطبراني في الأوسط- قال: نهى رسول الله أن يسمي الرجل عبده أو ولده حارثا، أو مرة، أو وليدا، أو حكما، أو أبو الحكم، أو أفلح، أو نجيحا، أو يسارا، قال: (أحب الأسماء إلى الله ما تعبد به وأصدق الأسماء همام).
وهذا الحديث موضوع؛ وقد تقدم الكلام عليه([35]).
والخامس: ما أخرجه الطبراني في الكبير 3/102ح(2861) و20/38ح(56) من طريق مجاشع بن عمرو، ومنصور بن عمار،
وأبو الشيخ في الفتن- كما في اللآلئ المصنوعة 1/414- من طريق كثير بن جعفر الخراساني([36])،
ثلاثتهم( مجاشع، ومنصور، وكثير) عن عبد الله بن لهيعة-واللفظ لمجاشع-، عن أبي قبيل، عن عبدالله بن عمرو بن العاص، أن معاذ بن جبل أخبره قال: خرج علينا رسول الله متغير اللون فقال: (أنا محمد أوتيت فواتح الكلام وخواتمه.... الحديث وفيه: الوليد اسم فرعون هادم شرائع الإسلام... الحديث).
وهذا الحديث ضعيفٌ جداً؛ فقد رواه عن ابن لهيعة ثلاثة من الرواة وهم:
1- مجاشع بن عمرو، وهو كذاب([37]).
2- منصور بن عمار الواعظ، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال العقيلي: لا يقيم الحديث، وقال ابن عدي: منكر الحديث([38]).
3- جعفر بن كثير، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أقف على كلام لأهل العلم في الكشف عن حاله([39]).
ثم إن ابن لهيعة الذي عليه مدار الحديث ضعيف الحديث([40]).
وقد قال ابن حجر: سنده ضعيف جدا([41]).
والسادس: ما أخرجه الطبراني في الكبير 22/152ح(410)-ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 8/375- من طريق عبدالعزيز بن عمران، عن إسماعيل بن أيوب بن سلمة بن عبدالله بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: أن الوليد كان محبوسا بمكة فلما أراد أن يهاجر باع مالا له ....الحديث وفيه: أن النبي r دخل إلى أم سلمة وبين يديها صبي وهي تقول:
أبك الوليد بن الوليد *** أبا الوليد بن المغيرة
... فقال : (إن كدتم لتتخذون الوليد حنانا([42])، فسماه عبد الله)
وهذا إسناد ضعيفٌ جدا؛ لانقطاعه، وفيه عبدالعزيز بن عمران، وقد قال ابن معين عنه: ليس بثقة، وقال البخاري: لا يكتب حديثه، منكر الحديث، وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ضعيف الحديث، منكر الحديث جدا([43]).
والسابع: ما أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 63/324 من طريق محمد بن سلام، عن حماد بن سلمة، وابن جُعْدُبة جميعا -وفيه اختلاف بينهما- قالا: دخل النبي على أم سلمة وعندها رجل، فقال: (من هذا؟) قالت: أخي الوليد قدم مهاجرا، فقال: (هذا المهاجر) فقالت: يا رسول الله، هذا الوليد، فأعاد وأعادت، فقال: (إنكم تريدون أن تتخذوا الوليد حنانا إنه يكون في أمتي فرعون يقال له الوليد) ...الخ.
وهذا إسناد ضعيفٌ منقطع([44]).
وبعد عرض تخريج هذا الحديث وما في معناه تبين أن جميع أحاديث النهي عن التسمي باسم" الوليد" لا تخلو من مقال، وقد قال ابن القيم: وحديث عدد الخلفاء من ولد العباس كذب، وكذلك أحاديث ذم الوليد([45]).
ومما يدل على جواز التسمي باسم " الوليد" ما أخرجه البخاري 8/44ح(6200) ([46]) عن أبي هريرة قال: لما رفع النبي رأسه من الركعة قال: (اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين بمكة، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف).
وقد بوب عليه البخاري فقال: باب تسمية الوليد. وقال ابن حجر بعد كلامه على حديث الباب: ولما لم يكن هذا الحديث المذكور على شرط البخاري أومأ إليه كعادته، وأورد فيه الحديث الدال على الجواز فإنه لو كان مكروها لغيره النبي كعادته، فإن في بعض طرق الحديث المذكور الدلالة على أن الوليد بن الوليد المذكور قد قدم بعد ذلك المدينة مهاجرا، ولم يُنقل أنه غير اسمه([47]).
وقد ساق الجورقاني حديث الباب ثم عنون لحديث أبي هريرة في الدعاء للوليد بن الوليد بـ"خلاف ذلك" ثم قال: وممن اسمه الوليد من الصحابة: الوليد بن الوليد بن المغيرة، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، والوليد بن قيس العامري، فلم يغير رسول الله أسماءهم([48]).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكر ابن حجر أنه من المحتمل أن المبهم هذا هو محمد بن الوليد الزبيدي، وقد وجد ابن حجر روايته في بعض الأجزاء ولم يتذكر اسم هذا الجزء. يُنظر: القول المسدد ص15.
(2) في بعض النسخ: أشر، وأشد، كما نبه المحققون، وفي رواية ابن عساكر من طريق أحمد: أضر.
(3) ذكر ابن حجر في القول المسدد ص13 وفتح الباري 10/508 أن البيهقي أخرجه في دلائل النبوة من طريق الحارث بن أبي أسامة، ولم أجد هذه الطريق في دلائل النبوة، والموجود طريقان آخران عن غير الحارث بن أبي أسامة.
(4) هكذا في المطبوع، ولعله أحمد بن بشير فهو الذي يروي عن منصور بن أبي مزاحم، وكذلك تصحف عنده الزهري إلى الزبيري.
(5) في المطبوعة سقط بعض رجال إسناد الحافظ ابن حجر، وقد ذكروا في هامش طبعة عالم الكتب ص22.
(6) في القول المسدد "فسموه عبدالله" وهذا يخالف ما في مسند الحارث بن أبي أسامة.
(7) وجد ابن حجر روايته في بعض الأجزاء ولم يتذكر اسم هذا الجزء.
(8) في القول المسدد ص15 ذكر بعد الزهري سعيد بن المسيب فجعل رواية معمر عن الزهري عن سعيد، وهذا تصحيف؛ وذلك لمخالفته لما في الأمالي والمصنف، وكذلك قد تصحف "الزهري" في مطبوعة تاريخ الموصل إلى " الزبيري".
(9) التقريب ت(2588).
(10) يُنظر: التقريب ت(6907).
(11) يُنظر: تاريخ بغداد 5/88، تاريخ الإسلام 22/40، لسان الميزان 1/410، إرشاد القاصي والداني ص97.
(12) يُنظر: الثقات 6/34، تاريخ بغداد 7/223، ميزان الاعتدال 1/215.
(13) في المطبوع (عن)، والتصحيح من الموضوعات 1/244، وقد نبه على هذا الشيخ ماهر الفحل في الجامع في العلل والفوائد 1/324.
(14) المجروحين 1/125.
(15) 1/244و2/301، وقد تعقب ابن حجر ابن الجوزي في ذكره هذا الحديث في الموضوعات في القول المسدد ص12-16، وفي بعض تعقبه نظر كما نبه على ذلك الشيخ ماهر الفحل في الجامع في العلل والفوائد 1/325-326.
(16) مسند الفاروق 3/85.
(17) تهذيب الكمال 17/311، شرح علل الترمذي 2/730، التقريب ت(7314).
(18) التقريب ت(667).
(19) التقريب ت(7456).
(20) يُنظر: العلل 2/159، دلائل النبوة 6/505، تاريخ الإسلام 1/399 و8/288.
(21) التقريب ت(6251).
(22) يُنظر: تهذيب الكمال 29/466، التقريب ت(7166).
(23) يُنظر: فتح الباري 10/581، اللآلئ المصنوعة 1/101.
(24) يُنظر: التقريب ت(6372).
(25) يُنظر: القول المسدد ص15.
(26) يُنظر: الجرح والتعديل 5/266، شرح علل الترمذي 2/613 و671 و799، تهذيب التهذيب 2/537.
(27) يُنظر: المراسيل لابن أبي حاتم ص3، تدريب الراوي 1/311، الموقظة ص40.
(28) يُنظر: تهذيب الكمال 29/466، التقريب ت(7166).
(29) التقريب ت(7385).
(30) يُنظر: التاريخ الكبير 1/380، الضعفاء للعقيلي 1/98، الجرح والتعديل 2/206، الكامل 1/544، ميزان الاعتدال 1/178.
(31) ذكر ذلك ابن حجر في الإصابة 6/417، ولم أقف على الراوي عن أيوب بن سلمة. ويُنظر: فتح الباري 10/581.
(32) قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر ص238: أي: تتعطفون على هذا الاسم وتحبونه.
(33) تقدمت ترجمته بتوسع، يُنظر: ص 89.
(34) يُنظر: القول المسدد ص15، الإصابة 6/418.
(35) يُنظر: ص 155.
(36) هكذا في المطبوع، ولعلها تصحيف والصواب الأنصاري؛ لأن الراوي الذي يروي عن ابن لهيعة ويروي عنه محمد بن منصور هو كثير بن جعفر الأنصاري أخو إسماعيل بن جعفر، ولم أقف في ترجمته ما يدل على أنه نزل خراسان.
(37) يُنظر: الضعفاء للعقيلي 4/264، الجرح والتعديل 8/390، المجروحين 3/18، الكامل 8/217، ميزان الاعتدال 3/436، الكشف الحثيث ص214.
(38) يُنظر: الضعفاء للعقيلي 4/193، الجرح والتعديل 8/167، الكامل 8/130، ميزان الاعتدال 4/187.
(39) يُنظر: التاريخ الكبير 7/217، الجرح والتعديل 7/150، الثقات 7/354.
(40) يُنظر: الكاشف 1/592، وستأتي ترجمته بتوسع، يُنظر: ص 264.
(41) فتح الباري 10/581.
(42) في مطبوعة المعجم "جنانا" والتصحيح من القول المسدد ص15، وفتح الباري 10/581.
(43) يُنظر: التاريخ الكبير 6/29، الضعفاء للعقيلي 3/13، الجرح والتعديل 5/390، المجروحين 2/139، الكامل 6/500، ميزان الاعتدال 2/632.
(44) يُنظر :تاريخ الإسلام 8/288 فقد أشار الذهبي إلى انقطاعه بعد إيراده لحديث أم سلمة لالسابق.
(45) المنار المنيف ص117.
(46) يُنظر في تخريج هذا الحديث: المسند الجامع 16/744-748 رقم(13070و13071و13072و13073).
(47) فتح الباري 10/581.
(48) يُنظر: الأباطيل والمناكير 2/310-312.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق