الأحد، 14 يناير 2018

القبائل العربية بالغرب الإسلامي من كتاب العبر لإبن خلدون 4


2 FÉVRIER 2009

Rédigé par Abdelkader HADOUCH عبد القادر حادوش et publié depuis Overblog

بنو عامر بن زغبة

وأما بنو عامر بن زغبة، فمواطنهم في آخر مواطن زغبة من المغرب الأوسط قبلة تلمسان مما يلي المعقل وكانت مواطنهم من قبل ذلك في آخرها مما يلي المشرق، وكانوا مع بني يزيد حياً جميعاً، وكانوا يغلبون غيرهم في مواطن حمزة والدهوس وبني حسن لميرة أقواتهم في المصيف. ولهم على وطن بني يزيد ضريبة من الزرع متعارفة بين أهله لهذا العهد. يقال: أنها كانت لهم أزمان تغلبهم في ذلك الوطن، وقيل إن أبا بكر بن زغبي في فتنته مع رياح غلبوه على الدهوس من وطنه فاستصرخ بني عامر فجاءوا لصريخه، وعلى بني يعقوب داود بن عطاف، وعلى بني حميد يعقوب بن معروف، وعلى شافع بن صالح بن بالغ وغلبوا رياحاً بعزلان. وفرض لهم على وطن بني يزيد ألف غرارة، واستمرت لهم عادة عليهم.


ولما نقلهم يغمراسن إلى مواطنهم هذه لمحاذاة تلمسان ليكونوا حجزأ بين المعقل وبين وطنها استقروا هنالك يتقلبون في قفارها في المشاتي، ويظهرون إلى التلول في المرابع والمصايف. وكان فيهم ثلاثة بطون: بنو يعقوب بن عامر وبنو حميد بن عامر وبنو شافع بن عامر، وهم بنو شقارة وبنو مطرف. ولكل واحد من البطنين الآخرين أفخاذ وعمائر. ولبني حميد فصائل أخرى فمنهم: بنوحميد. ومن عبيد الحجز، وهم بنو حجاز بن عبيد. وكان له من الولد جحوش وهجيش ابني حجاز. وحجوش حامد ومحمد ورباب


ومن محمد الولالدة بنو ولاد بن محمد. ومن رباب بنو رباب وهم معروفون لهذا العهد. ومن عبيد أيضأ العقلة بنو عقيل بن عبيد والمحارزة بنو محرز بن حمزة بن عبيد. وكانت الرياسة على حميد لعلاق من هؤلاء المحارزة وهم الذين قبل جحرش جذبني رباب. وكانت الرياسة على بني عامر كافة لبني يعقوب على عهد يغمراسن وابنه، لداود بن هلال بن عطاف بن رداد بن ركيش بن عياد بن منيع بن يعقوب منهم. وكان بنو حميد أيضاً برئيسهم وشيخهم- إلا أنه رديف لشيخ بني يعقوب- منهم. وكانت رياسة حميد لأولاد رباب بن حامد بن حجوش بن حجاز بن عبيد بن حميد، ويسمون الحجز. وعلى عهد يغمراسن لمعرف بن سعيد بن رباب منهم، وهو رديف لداود كما قلناه. ووقعت بين عثمان وبين داود بن عطاف مغاضبة، وسخطه عثمان لما أجاز الأميرأبا زكريا ابن السلطان أبي إسحق من آل أي حفص حين فر من تلمسان طالبا الخروج على الخليفة بتونس، وكان عثمان بن يغمراسن في بيعته فاعتزم على رجعه فأبى داود من إخفار ذمته في ذلك. ورحل معه حتى لحق بعطية بن سليمان من شيوخ الزواودة، وتغلب على بجاية وقسطنطية كما يذكر في أخباره.


وأقطع داود بن هلال رعيأ لفعلته وطناً من بلاد حمزة يسمى كدارة، وأقام داود هنالك في مجالاتهم الأولى إلى أن نازل يوسف بن يعقوب تلمسان وطال حصاره لها، فوفد عليه داود مؤمّلا صلاح حاله لديه، وحمله صاحب بجاية رسالة إلى يوسف بن يعقوب فاستراب به من أجلها. فلما قفل من وفادته بعث في أثره خيالة من زناتة بيتوه ببني يبقى في سد وقتلوه. وقام بأمره في قومه ابنه سعيد، ونفس مخنق الحصارعلى تلمسان. وكان قبل بني مرين لأبيه وسيلة رعاها لهم بنو عثمان بن يغمراسن فرجعوهم إلى مواطنهم ومع قومهم. وقد اغترأولاد معرف بن سعيد في غيبتهم تلك يساجلونهم في رياسة بني عامر، وغص كل واحد بمكان صاحبه؛ واختمق بنو معرف بإقبال الدولة عليهم لسلامتهم من الحزازة والخلاف. ونزع سعيد بن داود لأجل هذه الغيرة إلى بني مرين.


ووفد على السلطان أبي ثابت من ملوكهم يؤمل به الكرة فلم يصادف لها محلا ورجع إلى قومه. وكانوا مع ذلك حياً جميعاً ولم تزل السعاية بينهم تدب حتى عدا إبراهيم بن يعقوب بن معرف على سعيد بن داود فقتله وتناول قتله ماضي بن ردان من أولاد معرف بن عامر بمجالاته، وتعصبة عليه أولاد رباب كافة فافترق أمر بني عامر وصاروا حيين: بنو يعقوب وبنوحميد. وذلك لعهد أبي حفو موسى بن عثمان من آل زيان، وقام بأمر بني يعقوب بعد سعيد ابنه عثمان. ثم هلك بعد حين إبراهيم بن يعقوب شيخ بني حميد، وقام مقامه من بني قومه إبنه عامر بن إبراهيم، وكان شهماً حازمأ وله ذكر، ونزل المغرب قبل عريف بن يحيى ونزل على السلطان أبي سعيد وأصهر إليه إبنته فأنكحه عامر إياها وزفها إليه، ووصله بمال له خطر فلم يزل عثمان يحاول أن يثأر منه بأبيه، بالفتنة تارة والصلح والاجتماع أخرى حتى غدره في بيته وقتله وارتكب فيه الشنعاء التي تنكرها العرب، فتقاطع الفريقان لذلك آخر الدهر.


وصارت بنو يعقوب أحلافاً لسويد في فتنتهم مع بني حميد هؤلاء. ثم تلاحقت ظواعن سويد بعريف بن يحيى في مكانه عند بني مرين واستطال ولد عامر بن إبراهيم بقومهم على بني يعقوب فلحقوا بالمغرب، ولم يزالوا به إلى أن جاؤا في عساكر السلطان أبي الحسن، وهلك شيخهم عثمان. قتله أولاد عريف بن سعيد بثأر عامر بن إبراهيم، وولي بعده ابن عمه هجرس بن غانم بن هلال، فكان رديفأ له في حياته. ثم هلك وقام بأمره عمه سليمان بن داود.


ولما تغلب السلطان أبو الحسن على تلمسان فرّ بنو عامر بن إبراهيم إلى الصحراء، وكان شيخهم لذلك العهد صغير ابنه. واستألف السلطان على يد عريف بن يحيى سائر بطون حميد وأولاد رباب فخالفوا صغيراً وإخوانه إلى السلطان. وولى عليهم شيخاً من بني عمهم عريف بن سعيد، وهو يعقوب بن العبّاس بن ميمون بن عريف. ووفد بعد ذلك عمر بن إبراهيم عم صغير فولاه عليهم واستخدمهم، ولحق بنو عامر بن إبراهيم بالزواودة ونزلوا على يعقوب بن علي، ولم يزالوا هناك حتى شبوا نار الفتنة بالدعي بن هيدور الملبس بشبة أبي عبد الرحمن ابن السلطان أبي الحسن. وأعانه على ذلك أهل الحقود على الدولة والأضغان من الديالم، وأولاد ميمون بن غنم بن سويد نقموا على الدولة مكان عريف وابنه ونزمار منها فاجتمعوا وبايعوا لهذا الداعي.


وأوعز السلطان إلى وزنزمار بحربهم فنهض إليهم بالعرب كافة، وأوقع بهم وفضهم ومزق جموعهم. وطال مفرمقير بن عامر وإخوته في القفار، وأبعدوا في الهرب، قطعوا العرق الرمل الذي هو سياج على مجالات العرب، ونزل قليعة والد وأوطنها. ووفد بعد ذلك على السلطان أبي الحسن منذ نمي به فقبل وفادته واسترهن أخاه أبا بكر، وصحب السلطان إلى أفريقية وحضر معه واقعة القيروان. ثم رجع إلى قومه وعادوا جميعاً لولاية بني يغمراسن، واستخدموا قبائلهم لأبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن الدائل بتلمسان بعد واقعة القيروان أعوام خمسين وسبعمائة، فكان له ولقومه فيها مكان. ولحق سويد وبنويعقوب بالمغرب حتى جاءوا في مقدمة السلطان أبي عنان. ولما هلك بنو عبد الواد، وافترق جمعهم فر صغير إلى الصحراء على عادته، وأقام بالقفريترقب الخوارج، ولحق به أكثر قومه من بني معرف بن سعيد فأجلب بهم على كل ناحية. وخالف أولاد حسين بالمعقل على السلطان أبي عنان أعوام خمسة وخمسين سبعمائة وما بعدها، ونازلوا سجلماسة فكاثرهم وكان معهم، وأوقعت بهم عساكر بني مرين في بعض سني خلائهم وهم بنكور يمتارون فاكتسحوا عامة أموالهم وأثخنوا فيهم قتلاً وأسراً. ولم يزالوا كذلك شريداً في الصحراء، وسويد وبنو يعقوب بمكانهم من المجالات، وفي حطهم عند السلطان، حتى هلك السلطان أبو عنان وجاء أبوحمو موسى بن يوسف أخو السلطان أبي سعيد عثمان بن عبد الرحمن لطلب ملك قومه بتلمسان، وكان مستقراً بتونس منذ غلبهم أبو علي على أمرهم فرحل صغير إلى وطن الزواودة، ونزل على يعقوب بن علي أزمان خلافه على السلطان أبي عنان، وداخله في استخلاص أبي حمو هذا من إيالة الموحدين للأجلاب على وطن تلمسان وبني مرين الذين به، فأرسلوه معه وأعطوه الآلة. ومضى به مقير وصولة بن يعقوب بن علي وزيان بن عثمان بن سباع وشبل ابن أخيه ملوك بني عثمان. ومن بادية رياح دغار بن عيسى بن رحا ب بقومه من سعيد، وبلغوا معهم إلى تخوم بلادهم فرجع عنهم رياح إلا دعار بن عيسى وشبل بن ملوك ومضوا لوجههم. ولقيتهم جموع سويد، وكان الغلب لبني عامر. وقتل يومئذ شيخ سويد بن عيسى عريف، واسرأخوه أبو بكر. ثم من عليه علي بن عمر بن إبراهيم وأطلقه. ولم يتصل الخبر بفاس إلا والناس منصرفون من جنازة السلطان أبي عنان. ثم أجلب أبو حمو بالمغرب على تلمسان فأخذها وغلب عساكر بني مرين عليها، واستوسق ملكه بها. ثم هلك مقيرلسنتين أو نحوهما حمل نفسه في جولة فتنة في الحي يروم تسكينها على بعض الفرسان فاعترضه سنان رمح على غيرقصد فأنفذه وهلك لوقته. وولي رياستهم من بعده أخوه خالد بن عامر يرادفه عبد الله ابن أخيه مقير. وخلصت رغبة كلها للسلطان أبي حمو فأساء بني مرين لما كان بينهم من الفتنة واستخدمهم جميعاً على مضاربهم وعوائدهم من سويد وبني يعقوب والديالم والعطاف، حتى إذا كانت فتنة أبي زيان بن السلطان أبي سعيد عم أبي حموكما نذكره في خبرهم، جأش مرجل الفتنة من زغبة، واختلفوا على أبي حمو، وتقبض على محمد بن عريف أمير سويد لاتهامه إياه بالإدهان في أمره، فنزع أخوه أبو بكر وقومه إلى صاحب المغرب عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن سنة سبعين وسبعمائة وجاؤوا في مقدمته واستولى على مواطنهم.


ولحق بنو عامر وأبو حمو بالصحراء، وطال ترددهم فيها، وسعى عند أبي حمو في خالد من عمومته وأقاربه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب، ومعرف هو أخو إبراهيم بن يعقوب. وكان عبد الله هذا بطانة للسلطان وعيناً، فاستفسد بذلك قلب خالد وتغير ونبذ إليه عهده، ونزع عنه إلى السلطان عبد العزيز. وجاءت به عساكر بني مرين فأوقع بالسلطان أبي حمو ومن معه من العرب.


وهلك عبد العزيزسنة أربع وسبعين وسبعمائة فارتحل إلى المغرب هو وعبد الله ابن أخيه مقير ولحقهم ساسي بن سليم بن داود شيخ بني يعقوب. كان قومه بني يعقوب قتلوا أبناء محمد بن عريف فحدثت بينهم فتنة، ولحق ساسي هذا وقومه بالمغرب، وصحب خالداً يؤمل به الكرة، ويئسوا من صريخ بني مرين لما بينهم من الفتنة فرجعوا إلى أوطانهم سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وأضرموا نار الفتنة. وخرجت إليهم عساكر السلطان أبي حمو مع ابنه أب تاشفين، وزحف معه سويد والديالم والعطاف فأوقعوا بهم على وادي مينا قبلة القلعة.


وقتل عبد الله بن مقير وأخوه ملوك في قرابة لهم آخرين، وسار فلهم شريداً إلى الصحراء، ولحقوا بالديالم والعطاف واجتمعوا جميعاً إلى سالم بن إبراهيم كبير الثعالبة، وصاحب وطن متيجة وكان يتوجس من أبي حمو الخيفة فاتفقوا على الخلاف وبعثوا إلى الأمير أبي زيان بمكانه من وطن رياح فجاءهم وتابعوه، وأمكنه سالم من الجزائر. ثم هلك خالد في بعض تلك الأيام فافترق أمرهم، وولي على بني عامر المسعود بن مقير، وزحف إليهم أبو حمو في سويد وأوليائه من بني عامر، واستخدم سالم بن إبراهيم، وخرج أبو زيان إلى مكانه من وطن رياح، ولحق المسعود بن عامر وقومه بالقفر. ولحق ساسي بن سليم بيعقوب بن علي وقومه من الزواودة.


ثم راجعوا جميعاً خدمة السلطان وأوفدوا عليه فأمنهم وقدموا عليه وأظهروا البر والرحب بالمسعود وساسي، وطوى لهم على السوء. ثم داخل بطانة من بني عامر وسويد في نكبتهم فأجابوه ومكر بهم، وبعث ابنه أبا تاشفين لقبض الصدقات من قومهم حتى اجتمع له ما أراد من الجموع، فتقبض على المسعود وعشرة من إخوانه بني عامر بن إبراهيم. ونهض أبو تاشفين والعرب. جميعاً إلى أحياء بني يعقوب وكانوا بسيرات، وقد أرصد- لهم سويد بوادي مينا فصبحهم بنو عامر بمكانهم واكتسحوهم. وصار فلهم إلى الصحرإء فاعترضهم أبو تاشفين ببني راشد فلم يبق لهم باقية، ونجا ساسي بن سليم إلى الصحراء في فل قليل من قومه، ونزل على النضر- بن عروة واستبد برياسة بني عامر سيمان بن إبراهيم بن يعقوب عم مقير ورديفه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب، وهو أقرب مكاناً من السلطان وخلعه.


ثم بعث صاحب المغرب السلطان أبو العبّاس أحمد بن الولي أبا سالم بالشفاعة في المسعود وإخوانه بوسيلة من ونزمار بن عريف بعد أن كان مداخلاً لأبي حمو ولإخوانه في نكبتهم، فأطلقهم أبو حمو بتلك الشفاعة فعادوا إلى الحلاف وخرجوا إلى الصحراء، واجتمع إليهم الكثير من أولاد إبراهيم بن يعقوب. واجتمع أيضاً فل بني يعقوب من مطارحهم إلى شيخهم ساسي بن سليم ونزلوا جميعأ مع عروة. وأوفد إخوانه على السلطان أبي العبّاس صاحب أفريقية لهذا العهد منتدباً به وصريخاً على عدوه فتلقاه من البر والاحسان ما يناسبه، وأفاض في وفده العطاء وصرفه بالوعد الجميل.


وشعر بذلك أبو حمو فبعث من عيونه من اغتاله ووفد بعدها على السلطان أبي العبّاس صاحب أفريقية علي بن عمر بن إبراهيم، وهو ابن عم خالد بن محمد وكبير النفر المخالفين من بني عامر على أبي حمو. ووفد معه سليمان بن شعيب بن عامر فوفدوا عليه بتونس يطلبون صريخه فأجابهم ووعدهم وأحسب الإحسان والمبرة أمامهم، ورجعوا إلى قومهم. ثم راجع علي بن عمر خدمة أبي حمو وقدمه على بني عامر، وأدال به من سليمان بن إبراهيم بن عامر فخرج سليمان إلى أهل بيته من ولد عامر بن إبراهيم الذين بالصحراء، ونزلوا مع بني يعقوب بأحياء أبي بكر بن عريف، وهو على ذلك لهذا العهد والله مقدر الليل والنهار اهـ.






عروة بن زغبة






وأما عروة بن زغبة فهم بطنان: النضر بن عروة. وبطون خميس ثلاثة: عبيد الله وفرغ ويقظان. ومن بطون فرغ بنو قائل أحلاف أولاد يحيى من المعمور القاطنين بجبل راشد. وبنو يقظان وعبيد الله أحلاف لسويد يظعنون لظعنهم ويقيمون لإقامتهم، ورياستهم لأولاد عابد من بطن راشد. وأما النضر بن عروة فمنتبذون بالقفر ينتجعون في رماله ويصعدون إلى أطراف التلول في إيالة الديالم والعطاف وحصين وتخوم أوطانهم، وليس لهم ملك ولا إقطاع لعجزهم عن دخول التلول بلغتهم وممانعة بطون زغبة الآخرين عنها، إلا ما تغلبوا عليه في أذناب الوطن بجبل المستند مما يلي وطن رياح يسكنه قوم من غمرة وزناتة استمر عليهم غلب الغرب منذ سنين. فوضع النضر هؤلاء عليهم الأتاوة وأصاروهم خولاً ورعية.


وربما نزل منهم مع هؤلاء البرابر من عجز عن الظعن في بيوتهم ولهم بطون مذكورة أولاد خليفة والخماننة وشريعة والسحاوى وذوي زيان وأولاد سليمان. ورياستهم جميعاً في أولاد خليفة بن النضر بن عروة، وهي لهذا العهد لمحمد بن زيان بن عسكر بن خليفة ورديفه سمعون بن أبي يحيى بن خليفة بن عسكر، وأكثر السحارى موطنون بجبل المستند الذي ذكرناه، ورياستهم في أولاد وناجعة. هؤلاء النضر أحلاف لزغبة دائمأ فتارة للحرب وحصين جيرانهم في المواطن، وتارة لبني عامر في فتنتهم مع سويد ونديتهم مع بني عامر فيما يزعمون بآل قحافة وسمعت من مشايخهم أنه ليس بأب .


لهم، وإنما هو اسم وادٍ كان به حلفهم قديماً وربما يظاهرون سويداً على ابن عامر إلا أنه في الأقل والندرة. وهم إلى حلف بني عامر أقرب وأسرع لما ذكرناه. وربما ظاهروا رياحاً بعض المرات في فتنتهم لجوار الوطن إلا أنه قليل أيضاً وفي النادر. ويتناولون في الأكثر مع البادية من رياح مثل مسلم وسعيد، وربما وقعت بينهم حروب في القفريصيب فيها بعض من دماء بعض، هذه بطون زغبة وما تأدّى إلينا من أخبارهم. ولله الخلق والأمر وهو رب العالمين.






المعقل من بطون الطبقة الرابعة


الخبر عن المعقل من بطون هذه الطبقة الرابعة


و أنسابهم وتصاريف أحوالهم


هذا القبيل لهذا العهد من أوفر قبائل العرب ومواطنهم بقفار المغرب الأقصى مجاورون لبني عامر من زغبة في مواطنهم بقبلة تلمسان، وينتهون إلى البحر المحيط من جانب الغرب وهم ثلاثة بطون: ذوي عبيد الله، وذوي منصور، وذوي حسان. فذوي عبيد الله منهم هم المجاورون لبني عامر، ومواطنهم بين تلمسان وتاوريرت في التل وما بواجهها من القبلة. ومواطن ذوي منصور من تاوريرت إلى بلاد درعة فيستولون على ملوية كلها إلى سجلماسة، وعلى درعة وعلى ما يحاذ الا من التل مثل تاري وغساسة ومكناسة وفاس وبلاد تادلا والمقدر. ومواطن ذوي حسان من درعة إلى البحر المحيط، وينزل شيوخهم في بلد نول قاعدة السوس فيستولون على السوس الأقصى وما إليه، وينتجعون كلهم في الرمال إلى مواطن الملثمين من كدالة ومستوفة ولمتونة.


وكان دخولهم إلى المغرب مع الهلاليين في عدد قليل، يقال أنهم لم يبلغوا المائتين. واعترضهم بنو سليم فأعجزوهم وتحيّزوا إلى الهلاليين منذ عهد قديم ونزلوا بأخر مواطنهم مما يلي ملوية ورمال تافيلالت، وجاوروا زناتة في القفار والغربية فعفوا وكثروا وأنبتوا في صحارى المغرب الأقصى، فعمروا رماله وتغلبوا على فيافيه. وكانوا هناك أحلافاً لزناتة سائر أيامهم. وبقي منهم بأفريقية جمع قليل اندرجوا في جملة بني كعب بن سفيم وداخلوهم حتى كانوا وزراء لهم في الاستخدام للسلطان واستئلاف العرب.


فلما ملكت زناتة بلاد المغرب ودخلوا إلى الأمصار والمدن. قام هؤلاء المعقل في القفارونفردوا في البيداء فنموا نموا لا كفاء له، وملكوا قصور الصحراء التي اختطها زناتة بالقفر مثل قصور السوس غربأ، ثم توات ثم بودة ثم تامنطيت، ثم واركلان ثم تاسبيبت ثم تيكورارين شرقاً. وكل واحد من هذه وطن منفرد يشتمل على قصور عديدة ذات نخيل وأنهار وأكثر سكانها من زناتة، وبينهم فتن وحروب على رياستها. فجاز عرب المعقل هؤلاء الأوطان في مجالاتهم ووضعوا عليها الأتاوات والضرائب، وصارت لهم جباية يعتدون فيها ملكاً. وكانوا من تلك السالفة يعطون الصدقات لملوك زناتة وبأخذونهم بالدماء والطوائل ويسمونها حمل الرحيل. وكان لهم الخيار في تعيينها.


ولم يكن هؤلاء العرب يستبيحون من أطراف المغرب وحلوله حمى، ولا يعرضون لسابلة سجلماسة ولا غيرها من بلاد السودان بأذية ولا مكروه، لما كان بالمغرب من اعتزاز الدول وسد الثغور وكثرة الحامية أيام الموحدين وزناتة بعدهم. وكان لهم بإزاء ذلك أقطاع من الدول يمدون إلى أخذه اليد السفلى، وفيهم: من مسلم سعيد بن رياح، والعمور من الاثبج، وعددهم كما قلنا قليل. وإنما كثروا بمن اجتمع إليهم من القبائل من غير نسبهم. فإن فيهم من فزارة ومن أشجع أحياء كبيرة، وفيهم الشظة من كرفة والمهاية من عياض، والشعراء من حصين، والصباح من الأخضر ومن بني سليم وغيرهم.


(وأما أنسابهم عند الجمهور) فخفية ومجهولة، ونسابة العرب من هلال يعدونهم من بطون هلال وهو غير صحيح، وهم يزعمون أن نسبهم في أهل البيت إلى جعفر بن أبي طالب وليس ذلك أيضاً بصحيح. لأن الطالبيين والهاشميين لم يكونوا أهل بادية ونجعة. والصحيح والله أعلم من أمرهم أنهم من عرب اليمن، فإن فيهم بطنين يسمى كل واحد منهما بالمعقل. ذكرهما ابن الكلبي وغيره فأحدهما من قضاعة بن مالك بن حمير، وهو معقل بن كعب بن غليم بن خباب بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكربن عوف بن عذرة بن زيد بن اللات بن رفيدة بن ثور بن كعب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. والاخر من بني الحرث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج واسمه مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زير بن كهلان، وهو معقل، وإسمه ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحرث.


والأنسب أن يكونوا من هذا البطن الآخر الذي من مذحج، كان إسمه ربيعة، وقد عده الإخباريون في بطون هلال الداخلين إلى أفريقية لأن مواطن بني الحرث بن كعب قريب من البحرين حيث كان هؤلاء العرب مع القرامطة قبل دخولهم إلى أفريقية. ويؤيده أن ابن سعيد لما ذكر مذحج وأنهم بجهات الجبال من اليمن، وذى من بطونهم زبيد ومراد ثم قال: وبأفريقية منهم فرقة وبرية ترتحل وتنزل، وهؤلاء الذين ذكر إنما هم المعقل الذين هم بأفريقية، وهم فرقة من هؤلاء الذين بالمغرب الأقصى.


(ومن إملاء نسابتهم): أن معقل جدهم له من الولد سحير ومحمد فولد سحير عبيد الله وثعلب. فمن عبيد الله ذوي عبيد الله البطن الكبير منهم. ومن ثعلب الثعالب الذين كانوا ببسيط متيجة من نواحي الجزائر. وولد محمد: مختار ومنصور وجلال وسالم وعثمان. فولد مختار بن محمد: حسان وشبانة. فمن حسان: ذوي حسان البطن المذكور، أهل السوس الأقصى. ومن شبانة الشبانات جيرانهم هنالك. ومنهم بطنان: بنو ثابت وموطنهم تحت جبل السكسيوي من جبال أدرن وشيخهم لهذا العهد أوما قبله يعيش بن طلحة.


والبطن الآخر آل علي، وموطنهم في برية هنكيسة تحت جبل كزولة، وشيخهم لهذا العهد أو ما قرب منه حريز بن علي. ومن جلال وسالم وعثمان الرقيطات بادية لذوي حسان ينتجعون معهم. وولد منصور بن محمد حسين وأبو الحسين وعمران ونسبا يقال لهم جميعأ ذوي منصور وهو أحد بطونهم الثلاثة المذكورة، والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه وأحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق