يرتدي الزي الأزهري، المتمثل في العمة والقفطان، لتجرح وقار الشيخ سيجارة يشربها وهو ينظر إلى الكاميرا، وهو مشهد حرصت عدسات المصورين على توثيقه، إضافة إلى ظهور شخص آخر وهو يندمج في قراءة صحيفة، متجاهلًا ما يحدث في فعاليات المؤتمر.
هل تحرض الدولة على إهانة الأزهر وإسقاطه ؟!
جمال سلطان
غريب أمر الدولة المصرية حاليا ، بأجهزتها ومؤسساتها وقياداتها ، تطلب من الأزهر الشريف محاربة الفكر المتطرف في الوقت الذي تهيج على الأزهر نفسه الأصوات المتطرفة والنزقة في "إعلامها" ووصل الحال إلى إتاحة الفرصة لبعض العاطلين عن العمل ومن لا ذكر لهم ولا تاريخ لكي يكونوا أصحاب برامج تليفزيونية تسب الأزهر شيخا وكبار علماء وتاريخا ومذهبا ، ناهيك عن تطاولهم على الإسلام تاريخا وعلما وحضارة ورموزا ومرجعيات ، وهم مجرد صغار جهلة لا يحسن أحدهم قراءة القرآن نفسه قراءة صحيحة ، هل هناك عاقل في مصر المحروسة يمكن أن يفسر لنا هذا اللغز ، هل أنتم مع الأزهر أم ضد الأزهر ، هل أنتم تحمون الأزهر أم تحرضون على الأزهر ، هل أنتم مع التطرف أم ضده ، هل أنتم ـ يا حكومة ـ تريدون محاربة التطرف أم تريدون دعمه وتوسعة نطاقه ، هل تريدون قطع السبل الموصلة للتطرف وأسبابه أم أنكم تريدون أن تصنعوا المزيد من أسباب التطرف لحسابات لا نفهمها . يتباهى الرئيس عبد الفتاح السيسي في المؤتمرات الداخلية والخارجية بأن مصر لديها الأزهر الشريف ، المؤسسة الدينية العريقة ، والذي يمثل مرجعية التدين الوسطي والمعتدل ، وأن الأزهر يقوم بدور كبير في مواجهة الفكر المتطرف ، ولا يترك السيسي مناسبة إلا ويطالب فيها الأزهر وعلمائه بمزيد من الجهد والعمل من أجل محاربة التطرف الذي يمثل باب الشر الأكبر على البلاد والعباد ، حسنا ، ولكن أجهزتك يا سيادة الرئيس تعمل عكس ذلك تماما ، وتصنع رموزا إعلامية لا شغل لها إلا إهانة الأزهر والتحريض عليه وإسقاط هيبته واتهامه بكل نقيصة ، رموزك "المصنعة في أجهزتك" تعمل على صناعة التطرف الديني ، وتغذية التطرف الديني المقابل ، فالتطرف ليس في جهة واحدة ، وإنما في جهتي البعد عن القصد والوسط والاعتدال ، وقديما قالوا : كلا طرفي قصد الأمور ذميم ، فالذي يغالي في الدين ويتنطع ويتشدد ليس وحده الذي يوصف بالتطرف ، وإنما أيضا هذا الذي يتطاول على الدين ويهين رموزه ويعتدي على مرجعياته ويشكك الناس في ثوابتهم ، هو أيضا متطرف ، بل إن هذا الصنف الثاني هو أخطر كثيرا من الأول ، لأنه يقوم بدور مزدوج في الهدم والتخريب ، فدوره المباشر في هدم الدين وثوابته وتشكيك الناس في عقيدتهم والعمل على هدم أي رمز له حرمة في ضمير الناس وهذا تطرف بغيض في حد ذاته ، كما أن هذا الصنف من المتطرفين له دور إضافي وهو تغذية مشاعر التطرف الآخر بالتشدد في الدين وربما النزوع إلى العنف لدى الصنف الأول من المتشددين ، باعتباره يعطي صورة عن أن الدولة تحرض على هدم الدين والتشكيك فيه وتحمي المتطاولين على رموزه ولو أرادت أن توقفهم فلن يعجزها أن توقفهم ، وبالتالي فهذا الصنف الثاني يقدم خدمة كبيرة لصناعة التطرف الديني ، وبين التطرف والتطرف المقابل في الحالة الدينية يدور الوطن في حلقة مفرغة من التيه والشر لا يدري أحد أين طرفاها . لا يوجد في مصر الآن شخص واحد يمكنه أن يقدم برنامجا تليفزيونيا ، سواء في التليفزيون الرسمي أو قناة خاصة ، إلا بتوقيع من الأجهزة أو تفويت من الأجهزة أو أمر مباشر من الأجهزة ، حتى لو كان نجما ، وقد تم توقيف أكثر من "نجم" تليفزيوني كبير لم ترض عنه الأجهزة ، ووسائل الضغط والتطويع معروفة ومتنوعة ، فكيف إذا كان بعض المتطرفين هؤلاء لا يحملون أي نجومية ، مجرد صعاليك كانوا يقضون أوقات فراغهم على المقاهي ، فأرادت جهة ما أن تصنع منهم رأس حربة لتهييج التطرف الديني ، وإهانة المؤسسة الدينية الرسمية والشعبية الأهم والأخطر ، الأزهر ، فكان أن انطلق هؤلاء المتطرفون عبر الشاشات غير عابئين بأي قلق من أن أحدا سيقول لأحدهم : الزم حدك . هل لم يصلك يا سيادة الرئيس غضب الناس في الشوارع مما يذاع الآن من بذاءات ضد الدين وقواعده وثوابته ورموزه التاريخية علما وعطاءا ، هل لم تسمع عن الشتائم التي يتعرض لها الأزهر الآن من أول شيخه ، فضيلة الدكتور أحمد الطيب ، وهيئة كبار علمائه وفيهم خير علماء مصر حاليا ، ثم المؤسسة كلها على بعضها ، بتاريخها ورمزيتها ، فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ، وإذا كان البعض في جهات رسمية يريدون هدم الأزهر أو تخريبه أو تشويهه على خلفية صراعات سياسية قصيرة النظر وتافهة ، فعليهم أن لا يتمطعوا في المؤتمرات ويطالبوا العلماء والأزهر بالقيام بدورهم في محاربة التطرف ، العبوا بعيد ، أنتم وعرائسكم .
اقرأ المقال الاصلى فى المصريون
=========
إبراهيم عيسى: الأزهر فاشل.. والبلد مليئة بالتخلف
https://www.youtube.com/watch?v=4vxREkyRbxs
وزير الثقافة المصري لسنا دولة دينية والأزهر لن يحكمنا
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/07/blog-post_26.html
مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 2015
دكتور أزهري: الحجاب ليس فريضة! – جريدة سبر الالكترونية
80 % من خريجي الأزهر سقطوا في مادة القرآن
وزير الثقافة المصري لسنا دولة دينية والأزهر لن يحكمنا
http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2014/07/blog-post_26.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق