2015-11-16
محمد بن زايد
تقوم العلاقات الدولية والسياسة الخارجية على عدد واسع من المبادئ والمعايير الدولية الشرعية والنظيفة حتى وإن كانت المصالح ركيزتها الأساسية، فليست المصالح شرا مطلقا في جميع الأحوال. دولة الإمارات وبعد وفاة المؤسس الشيخ زايد آل نهيان، انحرفت علاقاتها الدولية وسياستها الخارجية نحو "أيديولوجية أمنية متطرفة" تسعى لفرضها على جميع دول العالم.
ومهما تكن الأيدلوجية "خيرا أو شرا" فإن الأهم من ذلك هو الأدوات والوسائل المستخدمة في نشر أهداف الدول وأفكارها ونفوذها. فقد استخدمت الإمارات طرقا غير نظيفة وغير شرعية في محاولاتها لشراء التأثير والنفوذ الدولي، كان أبرز هذه الأدوات -بحسب الإمارات 71-.
1- "استعمال" الدبلوماسيين الدوليين
ولعل أحدث مثال على هذه الأداة هو المبعوث الأممي برنادينو ليون إلى ليبيا، والذي تبين أنه "هندس" وساطته في ليبيا لتتلائم مع مصالح الإمارات في ليبيا. ومصالح أبوظبي في هذا البلد هو تمكين الثورة المضادة والقضاء على الثورة الأصلية والإسلاميين واستغلال الثروات الليبية لصالح نظام السيسي بعد أن استنزف هذا النظام خزينة الإمارات بما يفوق ميزانية الدولة لعامين.
وكشفت تسريبات الأيام الأخيرة تفاصيل "شراء" ليون من خلال رسائل إلكترونية له مع مسؤولين كبار في الإمارات مقابل وظيفة مرموقة براتب 35 ألف جنيه استرليني شهريا.
كما يعتبر "مجرم حرب العراق" توني بلير، المثال الأبرز لشراء الشخصيات الفاسدة سياسيا ودبلوماسيا والقابلة للبيع، كما بيع وشراء السلع منخفضة القيمة أو غير ذلك، سواء. فتوني بلير أحد أول مؤيدي الانقلاب العسكري الدموي في مصر رغم أن خلفيته "ديمقراطية ومدنية" ترفض الانقلابات وحكم العسكر، ولكنه طابق موقفا موافقا لما استعملته أبوظبي له.
وبحسب صنداي تيليجراف: "فإن منصب توني بلير غير مدفوع الأجر، للتوصل إلى اتفاق سلام وتشجيع النمو الاقتصادي في قطاع غزة والضفة الغربية، فتح له الطريق إلى أغنى وأقوى الشيوخ في منطقة الخليج، الذين يعرف الكثير منهم من خلال عمله كرئيس للوزراء".
وكانت الإمارات أكبر المرتبطين بتلك الصفقات من خلال علاقتها ببلير التي توطدت في 2009، عندما حصلت شركة توني بلير للاستشارات على صفقة تقوم على تقديم المشورة لصندوق الثروة السيادي لأبو ظبي برأس مال يصل إلى 44 مليون دولار.
وبشكل عام ينظر للصفقات التي يجريها بلير مع الإمارات وغيرها على أنها تمثل تضاربا في المصالح بينها وبين عمله كمنسق للجنة الرباعية، وأنه قد يميل إلى وجهة نظر الإمارات بمهام اللجنة فيما يخص الصراع بين إسرائيل وفلسطين.
2- التبرع لمراكز الدراسات والبحوث
فوفقا لموقع "ساسة بوست" الذي نشر تقريرا مفصلا حول سياسة الدولة الخارجية، أورد، أن تحقيقا لصحيفة النيويورك تايمز أكد سعي العديد من الدول الأجنبية – وبالأخص النفطية- لشراء "التأثير" بمراكز صنع واتخاذ القرار الأمريكية المعروفة بـ"الثينك تانكس" ولفت التقرير إلى أن دولة الإمارات تسعى لشراء ذلك التأثير، باعتبارها داعما أساسيا لمركز "الدراسات الدولية والإستراتيجية" بأمريكا ؛ وتبرعت الإمارات بمليون دولار للمساعدة على بناء مقر جديد للمركز يتكون من الزجاج الجديد اللامع و الفولاذ، ليس بعيدا عن مقر "البيت الأبيض".
ويرى العديد من الخبراء والباحثين والمحللين أن دائما ما تأتي تلك التبرعات لتلعب دور "المؤثر" في مراكز دعم القرار والمجموعات البحثية بها، بأن يتم تجنب توجيه الانتقادات للدولة المانحة للتبرعات وتقدم بعد التقارير بشكل انتقائي قد لا يعطي الصورة الكاملة.
3- الابتزاز الاقتصادي
دولة الإمارات هددت بوقف صفقات بمليارات الجنيهات، ووقف الاستثمار في داخل بريطانيا، وقطع التعاون الأمني، إن لم يقم رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بالتحرك ضد الإخوان المسلمين. هكذا كشفت الجارديان على لسان محرر رانديب راميش بعد الاطلاع على وثائق مسربة تظهر: "أن ولي عهد إمارة أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد قد اشتكى لرئيس الوزراء البريطاني من الإخوان المسلمين في يونيو 2012 بعد يوم واحد من وصول الرئيس محمد مرسي للحكم" ليرفع الضغوط الاقتصادية على بريطانيا.
وأضاف "راميش": "وعرض ولي العهد على كاميرون مقابل ذلك عقود سلاح مربحة، تحقق أرباحا بالمليارات لجناح صناعة الطيران في شركة أنظمة تصنيع السلاح "بي إي إي سيستمز" والسماح لشركة النفط البريطانية "بي بي" بالتنقيب عن الطاقة في الخليج".
وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الإماراتية في بريطانيا وصلت إلى 2.2 مليار دولار، بالإضافة إلى وجود 120 ألف مواطن بريطاني يعيشون بالإمارات، وهي أرقام تعزز أيضا التأثير الإماراتي على بريطانيا.
4- التعاقد مع شركات العلاقات العامة
كشفت وثائق مسربة حصلت عليها صحيفة "صنداي" البريطانية عن تعاقد الإمارات مع شركة "كويلر الاستشارية" للعلاقات العامة بهدف حث الصحفيين البريطانيين لإنتاج مواد صحفية وإعلامية تستهدف الهجوم على قطر وجماعة الإخوان المسلمين.
و تأسست "كويلر" عام 1998 من خلال لورد هيل، قريب الصلة برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ويتضمن فريق العمل بالشركة مسئولين بريطانيين سابقين وصحفيين سابقين بالصحف الوطنية، وتدفع أبوظبي للشركة 93 ألف دولار شهريا لعقد يمتد لـ6 سنوات، وتقدم الشركة تقارير تلخيصية عن قطر والإخوان تتسق مع الأهداف الدبلوماسية للإمارات، لخلق تأثير إماراتي بالداخل البريطاني.
ويرى ديفيد روز، محرر التحقيق الصحفي، أن الشركة استهدفت بنجاح أكبر الصحف البريطانية، مشيرا إلى أن الوثائق التي حصل عليها كشفت حرص الإمارات على إبقائها سرية.
وشن عدد من الصحف حملة غير عادية تتهم قطر بتمويل الإرهاب، كما ضغطت شركة العلاقات العامة على الحكومة البريطانية لإجراء مراجعات على أنشطة جماعة الإخوان المسلمين ببريطانيا، في الوقت الذي اجتذبت فيه صحفي بريطاني "مؤثر" لمهاجمة كاتب آخر تحدث عن انتهاكات لحقوق الإنسان بالإمارات.
وقد أبرمت الإمارات اتفاقاً آخر مع شركة أمريكية تقوم بدور مماثل لـ"كويلر" وبالأخص في الهجوم على "قطر".
أما عن دور الإمارات فيما يسمى "ثورات الربيع العربي" فقد تنوع ما بين المعلن والسري وقد أزادت الضغوط ضد مؤيدي "الربيع العربي" في الوقت الذي احتضنت فيه رموز عربية للنظم القديمة التي قامت ضده الثورات ودعمت بالمال والسلاح ما يسمى الثورات المضادة للربيع العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق