اليوم : الأربعاء 04 نوفمبر 2015
خاص – الإمارات 71 عدد المشاهدات: 1232 تاريخ الخبر: 21-07-2015 (0) مشاركة فيسبوك (1) مشاركة توتير
أصدر رئيس الدولة الشيخ خليفة مرسوما بقانون بشأن مكافحة "التمييز والكراهية" جرّم فيه خطاب الكراهية والتكفير والتمييز مبديا تسامحه مع جميع الأديان والأعراق، وسط تحفظات واستدراكات تخطها أقلام المراقبين على النظرية والتطبيق بين تشريعات كهذا وممارسة الدولة وأجهزتها الأمنية والتنفيذية والقضائية ضد الشعب الإماراتي وشعوب عربية أخرى. فما هي الفروق بين الإدعاءات والممارسة، وكيف تسهم شخصيات إعلامية ورسمية في بث الكراهية والتمييز داخل الإمارات وخارجها، وكيف يمكن أن يفجر القانون العلاقة مع السعودية؟
التمييز والكراهية داخل الإمارات
يرصد مراقبون عشرات مظاهر التمييز بين مواطني دولة الإمارات رغم أنهم يدينون بدين واحد ويتكلمون لغة واحدة، فضلا عن مظاهر أكثر في مجالات أخرى. أولى مظاهر التمييز بين الإماراتيين هو منع مئات آلاف الإماراتيين من حق الترشح والانتخاب للمجلس الوطني الاتحادي(البرلمان)، وإمارة الشارقة تحذو نفس الأمر في انتخابات مجلسها الاستشاري. أبناء المواطنات ورغم قرار منحهم الجنسية بعد حرمان استمر عقودا لا يزال ملفا يعاني تباطؤا كبيرا للغاية. سحب الجنسيات من سبعة مواطنين بسبب توقيعهم على عريضة مطلبية قدموها لرئيس الدولة، شاهد آخر على التمييز.
تأليب القبائل الإماراتية على بعضها البعض من جانب جهاز الأمن منذ عام 2012 في أحد تكتيكات جهاز أمن الدولة لضرب القبائل الإماراتية ببعضها. فقام الجهاز تحريض قبيلة ما على أبنائها الناشطين بهدف عزلهم اجتماعيا داخل عائلاتهم ونبذهم. كما تم تحريض قبائل على قبائل أخرى لذات الهدف. إضافة إلى ذلك، تعرض الناشط جمعة بن درويش الفلاسي وأحمد منصور للاعتداء الجسدي من جانب عناصر محسوبة على جهاز الأمن، وتم رفض بلاغاتهم للنيابة بخصوص الاعتداء عليهم، وكان السبب المباشر لهذا العدوان هو حملة التحريض والكراهية التي تشنها شخصيات إعلامية وأمنية وتحرض على الناشطين والمثقفين بالاسم وتتطاول على المثقفين وتشكك في سيرهم ونواياهم وولائهم وانتمائهم، كما شكك مؤخرا عبد الخالق عبد الله الذي يوصف بأنه مستشار ولي عهد أبوظبي عندما اتهم معتقلي الرأي بالولاء لغير الدولة ورئيسها.
وتمييز من نوع آخر لا يقل بشاعة عن أنواع التمييز الأخرى. القانون لا يأخذ أحد بجريرة أحد. ومع ذلك فإن عائلات معتقلي الرأي مثلا يواجهون تضييقا واسعا ومنظما يتمثل بمنع عائلاتهم من السفر للعلاج أو الدراسة أو حتى للسياحة، ويحرم أبناؤهم من البعثات والمقاعد الدراسية في الجامعات وفصل أبنائهم من من الوظائف الحكومية والخاصة، والأعمال الحرة ومنع ترقياتهم وضرورة الحصول على "شهادة السلامة الأمنية" للقبول بوظيفة. حتى قانون التجنيد الإجباري استثنى جزءا من الإماراتيين من "غير مضموني الولاء" وفق تصنيف الدولة.
وللفريق ضاحي خلفان وحمد المزروعي وضرار بلهول وسالم حميد وغيرهم ممن يتقلدون وظائف حكومية أو أعمال خاصة، تاريخ طويل من بث خطاب الكراهية وصل حد التحريض على القتل لقطاع واسع من الشعوب العربية فضلا عن مهاجمة ناشطين إماراتيين واتهامهم بذات التهم المعلبة والجاهزة لكل من يمتلك رأيا حرا موازيا لرأي السلطات. فهل سيخضع هؤلاء لمحاكمات بموجب قانون التمييز والكراهية الجديد.
وفي العدالة الاجتماعية والتنمية، تصرخ إمارات الدولة من التمييز في هذا المجال. ففي إمارة أبوظبي ودبي حيث التطور والبنية التحتية وفروق الرواتب عن إمارات الدولة الشمالية.
بث التمييز والكراهية في الخارج
مؤخرا، والمقام لا يتسع لسرد تاريخ التمييز والكراهية الذي تبثه شخصيات ووسائل إعلام محلية في الخارج، تحوّل ضاحي خلفان إلى الشغل الشاغل للنشطاء على "تويتر" لانتقاده سياسة الملك سلمان، بسبب مواقفه الإيجابية تجاه الإخوان المسلمين.
إذ قال خلفان،" احتضان الإخوان كاحتضان الثعبان"، مضيفا "الزنداني، والعودة، والقرضاوي، رموز الإخونجية كلهم في أحضان دول الخليج، وين تبون الأحوال تستقر". وقال "الخليج اليوم يربي تنظيم الإخوان الخليجي في معظم دوله". فأي عقوبة تنطبق على هذا التحريض والكراهية في المرسوم الجديد؟!
ومن جانب آخر، كيف يمكن أن يفجر هذا القانون العلاقات مع السعودية كونه سيطعن بمصدر شرعية الحكم في السعودية القائم على المؤسسة الدينية بصورة واسعة، حسب وصف مراقبين. الكاتب الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة "المصريون" أجاب عن هذا التساؤل بالقول،" عداء (الإمارات) للإخوان والحركات الإسلامية من الواضح أنه متجذر ومهجوس بمخاوف كثيرة على استقرار الدولة، وقد بدأت عمليات "تحرش" ديني وإعلامي من "أبو ظبي" بالسعودية،.. وشن الشيخ على الجفري المقيم في أبوظبي ويدير مركز دراسات أسسته السلطات الأمنية الإماراتية، هجوما عنيفا على المذهب الديني للمملكة، وتراث ابن تيمية وابن عبد الوهاب معتبرا أنهما أساس الإرهاب في المنطقة، وهي جرأة خطيرة من العبث تصور حدوثها فجأة بدون ضوء أخضر من جهات نافذة"، على حد وصف سلطان. ومن جانب آخر، فإن المرسوم سوف يستهدف تراث ديني وفكري وفقهي عريق للمسلمين وخاصة لدى المؤسسة الدينية السعودية، بغض النظر عن اتساع الاجتهاد في ذلك التراث، ولكنه لم يصل لحد تجريمه واعتبار من يتكلم به إرهابي أو يحث على الكراهية ويدعو للعنف.
وللمفارقة، فإن المرسوم الذي يحظر التمييز والتكفير والإساءة لمعتقدات الآخرين هو ما يقوم به الجفري ومنابر وشخصيات إعلامية في الدولة على نطاق واسع، ما قد ينذر بتوتر أشد في العلاقات بين الرياض وأبوظبي. ومن جانب آخر أوقعت الإمارات نفسها بتناقض بين الإدعاء بمحاربة التطرف بإنشاء مركز "صواب" و "هداية" ومرسوم احترام الأديان وحظر انتقاد عقائد الآخرين.
من يستهدف المرسوم في الداخل والخارج
إحدى المفارقات لهذا المرسوم، كما يقول مراقبون، أن الفريق خلفان عقب على المرسوم بتصريحات لصحيفة الإمارات اليوم المحلية (21|7) بالقول" إن المرسوم يضع حداً لجرائم التمييز التي يمارسها البعض بشكل مخيف في المجتمعات العربية". وأضاف "الآن فقط سيفهم دعاة الكراهية والتطرف في الداخل والخارج، أن هناك عقاباً رادعاً ينتظرهم"، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص نشروا ثقافة التطرف والكراهية في كل مكان.
وتابع خلفان: نشعر بسعادة لصدور المرسوم لمواجهة معسكر البغضاء والكراهية، الذي ينشر ثقافته في الساحة العربية" على حد تعبيره.
وزعم خلفان أن، ما يميز القانون أنه لا يقتصر في سيادته على الداخل فقط، ولكنه يتجاوز إلى الخارج كذلك، ويمكن تطبيقه على كل من يرتكب أياً من الجرائم بغضّ النظر عن المكان الذي يوجد فيه. وهو ما وضع هذه التصريحات موضع انتقاد المراقبين، الذين اعتبروا أن جهات تنفيذية وأمنية في الإمارات تنصب نفسها شرطي على الشعوب العربية من جهة، وتهيئ لاشتباك قانوني آخر على غرار قائمة الإرهاب الإماراتية الصادرة في نوفمبر الماضي التي ضمت مراكز حقوقية وبحثية إلى جانب جماعات العنف سواء بسواء.
مراسل موقع إيلاف في الإمارات، نشر تقريرا حول القانون في الموقع زعم فيه، تشير متابعات إيلاف، الى أن المسلمين ذوي الأصول الهندية والباكستانية، الذين يقيمون في الإمارات، ويشكلون نسبة كبيرة من سكانها والمقيمين على أرضها، والذين توجد بينهم نسبة ليست بالقليلة من المتشددين، الذين كانوا يحاولون فرض أفكارهم على غيرهم من أصحاب العقائد والعرقيات والثقافات الأخرى، أصبح لزاماً عليهم مراجعة حساباتهم، وإلا فسوف يكون القانون الجديد لهم بالمرصاد"، ما يعني أن المستهدف بهذا القانون هم المسلمون أكثر من غيرهم.
وتساءل ناشطون، هل سيرفع النائب العام الإماراتي قضايا ضد إعلاميي السيسي الذين يسبون أئمة المذاهب الأربعة والتشكيك بتاريخ الفتوحات الإسلامية وتراث المسلمين بل ويتطاولون على القرآن الكريم والسنة النبوية كما هو الحال منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، أم أن عرائض النائب العام سوف تستهدف الأبرياء، وغيرها من المفارقات الكثيرة جراء قانون عام وغامض ومبهم لم يحدد حتى ما هو التمييز ولا الكراهية بصورة واضحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق