الإثنين 24-08-2015
فجأة.. وفى أسبوعين فقط.. نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، ثم صحيفة «ديلى تلجراف» البريطانية، ثم موقع مؤسسة «دويتش فيلله» الألمانية، تقريرًا متشابهًا.. كانت فكرته الرئيسية جملةً واحدةً: «السعودية على وشك الإفلاس»!
(1) نشرت «يديعوت أحرونوت» مقالاً شامتًا فى الاحتمالات السيئة للسعودية.. لم يحمِل المقال تحليلاً مهمًا ولا معلوماتٍ مثيرة.. لكنّه تحدّث فى التخوّف العام من أثر انخفاض سعر النفط على الاقتصاد السعودى.
أبدى الكاتب الإسرائيلى سعادة غامرة لضعف العرب النفطى، ومن ثمّ ضعف قدرتهم على التأثير فى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وقال مُنتشيًا: «بسبب تدهور أسعار النفط.. سوف ينكسر النفوذ العربى فى الأمم المتحدة، وستوقف السعودية دعم مصر ماليًا.. لأن المال لم يعد كافيًا».. «عالم النفط انتهى، وعالم العقل سيسيطر.. وسوف تتربع إسرائيل كأميرة على المنطقة».
(2) بعد أيام تحدثت صحيفة «ديلى تلجراف» فى السياق ذاته.. وقالت: «السعودية ستكون فى (ورطة كبرى) خلال عامين.. وستكون فى (أزمة وجودية) عند نهاية العقد الحالى».. ثم عقّبت الصحيفة ساخرة: «الأمر يبدو وكأنَّ البنك قد ذهبَ ليقترِض»!
(3) وبعد أيام أخرى.. جاء موقع «دويتش فيلله» بتقرير أوسع.. اعتمد فيه على أرقام ومعلومات.. لينتهى إلى الرسالة نفسها من جديد.
تحدث تقرير «دويتش فيلله» عن أزمات اقتصادية تواجه السعودية.. من البطالة إلى عجز الموازنة إلى إصدار السندات.. إلى السحب من الاحتياطى.
وقال التقرير: إذا استمر التدهور الحالى فى سعر النفط.. سوف تتجِه السعودية نحو الإفلاس.
وأشار التقرير إلى زيادة الإنفاق الحكومى بنسبة (18%) سنويًا، وهى نسبة كبيرة للغاية.. وإذا استمرت هذه الزيادة، مع تراجع الإيرادات من عوائد النفط إلى أقل من النصف ستزداد الأزمة اشتدادًا وتعقيدًا.
وقد تبدّت معالم الأزمة فى وصول عجز الموازنة السعودية إلى مستوى قياسى فى عام 2015، حيث تشير التقارير إلى تجاوزها حاجز الـ(150) مليار دولار.. ولا تجد الرّياض حلًّا لمواجهة الأزمة إلا عبر طريقيْن: الأول هو الديون.. وذلك بإصدار السندات الحكومية لتمويل العجز.. والثانى من خلال السحب من الاحتياطى.
فى إطار الحلّ الأول.. أصدَرتْ الحكومة سندات بقيمة (27) مليار دولار فى الشهور الثمانية الأخيرة فقط. وفى إطار الحل الثانى.. قامت الحكومة بالسحب من الاحتياطى.. وبعدَ أنْ كان حجم الاحتياطى السعودى (800) مليار دولار، هبط فى عام 2014 إلى (732) مليار دولار.. ثم هبط فى أغسطس 2015 إلى (673) مليار دولار.
يتواكب ذلك الوضع مع حربيْن تخوضهما السعودية.. شمالاً ضدّ داعش، وجنوبًا ضدّ الحوثيين.. وهو ما دفع السعودية لزيادة الإنفاق العسكرى حتى أصبحت فى عام 2014 «ثالث» أكبر مستورد للسلاح فى العالم.. حيث وصلت مشتريات الأسلحة السعودية إلى (82) مليار دولار.
(4) كان يمكن تفهّم الكثير من المؤشرات الاقتصادية الواردة فى الإعلام الغربى.. لوْ أن حُسن النية كان قائمًا.. ولو أن عناوين هذه التقارير قد خلَت من كلمة «الإفلاس».
إن ترويج الإعلام الغربى الآن لمقولة «إفلاس السعودية» إنما يهدف بالأساس إلى ضرب سمعة وهيْبة المملكة، كما أنه يحشد دوائر الفكر السعودى ضدّ أى دعم سعودى للبلدان العربية.
يُضاف إلى ذلك.. أن انتظام نشر مثل هذه التقارير إنما يهدف أيضًا إلى ترويع رجال الأعمال السعوديين، وإلى تخويف الرأسمالية السعودية من مستقبل بلادهم.
إن سوء النيّة وانحطاط القصْد قائم بلا شك، ذلك أن أى دولة فى العالم هى عرضةٌ للإفلاس.. وأن ما تحدثت عنه التقارير بشأن المملكة ينطبق على دول الغرب.. فالأزمات الاقتصادية فى كل مكان..
من الانكماش فى اليابان إلى التباطؤ فى الصين إلى الأزمة فى فرنسا.. وبينها عشرات الدول. وكل العواصم تضطر لإصدار سندات حكومية، والسحب من الاحتياطى.. ومن المعروف أن استمرار ذلك يقود إلى الإفلاس.
لكن الحقيقة فى العالم كله أنه لم يتم إعلان إفلاس أى دولة حول العالم منذ سنوات طويلة.. وأن استخدام تعبير «الأزمة الاقتصادية» و«التدهور الاقتصادى» و«المخاطر الكبرى».. هى كلها ذات وقْع نفسى أكثر قبولاً من وقْع كلمة «الإفلاس».
وإذا كان الأمر يتعلق بالصورة الذهنية للسعودية، القائمة على ثراء المملكة ورخائها الواسع.. فإن استخدام المصطلح إنما يعمل على تمزيق هذه الصورة المُترفَة.
(5) لا شك أن المملكة الصديقة تواجه مشكلات اقتصادية من جرّاء انخفاض سعر النفط.. لكنه مما لا شك فيه أيضًا أنها واجهت متاعب اقتصادية كبرى فى عهد الملك فيصل وتم تجاوزها بنجاح.. ثم إنها واجهت انخفاضًا عنيفًا فى سعر النفط فى الثمانينيات، والذى تدنى إلى (12) دولارًا للبرميل.. وتجاوزت الأزمة أيضًا بنجاح.
يمكن للمملكة أن تعيد النظر فى بعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية.. وستتجاوز اليوم وتنجح، كما تجاوزت بالأمس ونجحت.
(6) لقد زاد عدد سكان السعودية عمّا كان فى عهد الملك فيصل أو الملك فهد.. والعدد الآن يتجاوز الثلاثين مليونًا.
لكن القادة الجدد فى المملكة يدركون جيدًا هذه الحقيقة.. كما أنهم يدركون أن الأجيال الجديدة فى بلادهم قد تلقّت تعليمًا متميزًا فى الداخل والخارج، وأنه يمكن الاعتماد عليهم فى مشروع سعودى للنهضة.
(7) لايزال الاحتياطى السعودى فوق الخطر بكثير.. وسيظل طيلة العام القادم فوق نصف التريليون دولار.. كما أن الثروات الشخصية فى السعودية من الأعلى فى العالم.. ولديها قدرات تنموية كبرى.. ويمكن للسياحة الدينية أن تتضاعف عقب الانتهاء من أعمال توسعة الحرم الشريف.
إن الآفاق الإيجابية للسعودية هى الأرجح.. وهى القادمة، وما يثار حول «الأزمة الوجودية»، حسب تعبير «ديلى تلجراف»، إنما هو جزء من «حربٍ نفسية».
ستفشل الحرب النفسيّة.. وستنجح المملكة.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
فجأة.. وفى أسبوعين فقط.. نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، ثم صحيفة «ديلى تلجراف» البريطانية، ثم موقع مؤسسة «دويتش فيلله» الألمانية، تقريرًا متشابهًا.. كانت فكرته الرئيسية جملةً واحدةً: «السعودية على وشك الإفلاس»!
(1) نشرت «يديعوت أحرونوت» مقالاً شامتًا فى الاحتمالات السيئة للسعودية.. لم يحمِل المقال تحليلاً مهمًا ولا معلوماتٍ مثيرة.. لكنّه تحدّث فى التخوّف العام من أثر انخفاض سعر النفط على الاقتصاد السعودى.
أبدى الكاتب الإسرائيلى سعادة غامرة لضعف العرب النفطى، ومن ثمّ ضعف قدرتهم على التأثير فى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وقال مُنتشيًا: «بسبب تدهور أسعار النفط.. سوف ينكسر النفوذ العربى فى الأمم المتحدة، وستوقف السعودية دعم مصر ماليًا.. لأن المال لم يعد كافيًا».. «عالم النفط انتهى، وعالم العقل سيسيطر.. وسوف تتربع إسرائيل كأميرة على المنطقة».
(2) بعد أيام تحدثت صحيفة «ديلى تلجراف» فى السياق ذاته.. وقالت: «السعودية ستكون فى (ورطة كبرى) خلال عامين.. وستكون فى (أزمة وجودية) عند نهاية العقد الحالى».. ثم عقّبت الصحيفة ساخرة: «الأمر يبدو وكأنَّ البنك قد ذهبَ ليقترِض»!
(3) وبعد أيام أخرى.. جاء موقع «دويتش فيلله» بتقرير أوسع.. اعتمد فيه على أرقام ومعلومات.. لينتهى إلى الرسالة نفسها من جديد.
تحدث تقرير «دويتش فيلله» عن أزمات اقتصادية تواجه السعودية.. من البطالة إلى عجز الموازنة إلى إصدار السندات.. إلى السحب من الاحتياطى.
وقال التقرير: إذا استمر التدهور الحالى فى سعر النفط.. سوف تتجِه السعودية نحو الإفلاس.
وأشار التقرير إلى زيادة الإنفاق الحكومى بنسبة (18%) سنويًا، وهى نسبة كبيرة للغاية.. وإذا استمرت هذه الزيادة، مع تراجع الإيرادات من عوائد النفط إلى أقل من النصف ستزداد الأزمة اشتدادًا وتعقيدًا.
وقد تبدّت معالم الأزمة فى وصول عجز الموازنة السعودية إلى مستوى قياسى فى عام 2015، حيث تشير التقارير إلى تجاوزها حاجز الـ(150) مليار دولار.. ولا تجد الرّياض حلًّا لمواجهة الأزمة إلا عبر طريقيْن: الأول هو الديون.. وذلك بإصدار السندات الحكومية لتمويل العجز.. والثانى من خلال السحب من الاحتياطى.
فى إطار الحلّ الأول.. أصدَرتْ الحكومة سندات بقيمة (27) مليار دولار فى الشهور الثمانية الأخيرة فقط. وفى إطار الحل الثانى.. قامت الحكومة بالسحب من الاحتياطى.. وبعدَ أنْ كان حجم الاحتياطى السعودى (800) مليار دولار، هبط فى عام 2014 إلى (732) مليار دولار.. ثم هبط فى أغسطس 2015 إلى (673) مليار دولار.
يتواكب ذلك الوضع مع حربيْن تخوضهما السعودية.. شمالاً ضدّ داعش، وجنوبًا ضدّ الحوثيين.. وهو ما دفع السعودية لزيادة الإنفاق العسكرى حتى أصبحت فى عام 2014 «ثالث» أكبر مستورد للسلاح فى العالم.. حيث وصلت مشتريات الأسلحة السعودية إلى (82) مليار دولار.
(4) كان يمكن تفهّم الكثير من المؤشرات الاقتصادية الواردة فى الإعلام الغربى.. لوْ أن حُسن النية كان قائمًا.. ولو أن عناوين هذه التقارير قد خلَت من كلمة «الإفلاس».
إن ترويج الإعلام الغربى الآن لمقولة «إفلاس السعودية» إنما يهدف بالأساس إلى ضرب سمعة وهيْبة المملكة، كما أنه يحشد دوائر الفكر السعودى ضدّ أى دعم سعودى للبلدان العربية.
يُضاف إلى ذلك.. أن انتظام نشر مثل هذه التقارير إنما يهدف أيضًا إلى ترويع رجال الأعمال السعوديين، وإلى تخويف الرأسمالية السعودية من مستقبل بلادهم.
إن سوء النيّة وانحطاط القصْد قائم بلا شك، ذلك أن أى دولة فى العالم هى عرضةٌ للإفلاس.. وأن ما تحدثت عنه التقارير بشأن المملكة ينطبق على دول الغرب.. فالأزمات الاقتصادية فى كل مكان..
من الانكماش فى اليابان إلى التباطؤ فى الصين إلى الأزمة فى فرنسا.. وبينها عشرات الدول. وكل العواصم تضطر لإصدار سندات حكومية، والسحب من الاحتياطى.. ومن المعروف أن استمرار ذلك يقود إلى الإفلاس.
لكن الحقيقة فى العالم كله أنه لم يتم إعلان إفلاس أى دولة حول العالم منذ سنوات طويلة.. وأن استخدام تعبير «الأزمة الاقتصادية» و«التدهور الاقتصادى» و«المخاطر الكبرى».. هى كلها ذات وقْع نفسى أكثر قبولاً من وقْع كلمة «الإفلاس».
وإذا كان الأمر يتعلق بالصورة الذهنية للسعودية، القائمة على ثراء المملكة ورخائها الواسع.. فإن استخدام المصطلح إنما يعمل على تمزيق هذه الصورة المُترفَة.
(5) لا شك أن المملكة الصديقة تواجه مشكلات اقتصادية من جرّاء انخفاض سعر النفط.. لكنه مما لا شك فيه أيضًا أنها واجهت متاعب اقتصادية كبرى فى عهد الملك فيصل وتم تجاوزها بنجاح.. ثم إنها واجهت انخفاضًا عنيفًا فى سعر النفط فى الثمانينيات، والذى تدنى إلى (12) دولارًا للبرميل.. وتجاوزت الأزمة أيضًا بنجاح.
يمكن للمملكة أن تعيد النظر فى بعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية.. وستتجاوز اليوم وتنجح، كما تجاوزت بالأمس ونجحت.
(6) لقد زاد عدد سكان السعودية عمّا كان فى عهد الملك فيصل أو الملك فهد.. والعدد الآن يتجاوز الثلاثين مليونًا.
لكن القادة الجدد فى المملكة يدركون جيدًا هذه الحقيقة.. كما أنهم يدركون أن الأجيال الجديدة فى بلادهم قد تلقّت تعليمًا متميزًا فى الداخل والخارج، وأنه يمكن الاعتماد عليهم فى مشروع سعودى للنهضة.
(7) لايزال الاحتياطى السعودى فوق الخطر بكثير.. وسيظل طيلة العام القادم فوق نصف التريليون دولار.. كما أن الثروات الشخصية فى السعودية من الأعلى فى العالم.. ولديها قدرات تنموية كبرى.. ويمكن للسياحة الدينية أن تتضاعف عقب الانتهاء من أعمال توسعة الحرم الشريف.
إن الآفاق الإيجابية للسعودية هى الأرجح.. وهى القادمة، وما يثار حول «الأزمة الوجودية»، حسب تعبير «ديلى تلجراف»، إنما هو جزء من «حربٍ نفسية».
ستفشل الحرب النفسيّة.. وستنجح المملكة.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق