الخميس، 29 سبتمبر 2016

الرد على سهيلة زين العابدين في طعنها في أهل الحديث



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد وقفت على كلمات لامرأة منحلة عن الشرع جاهلة بالحديث والفقه والإسلام ككل اسمها سهيلة زين العابدين وقد رأيت في التعليق على كلامهما إبراز لبعض الفوائد التي قد تخفى

ليعلم أن دول الكفر يؤرقهم حال أهل الإسلام ويرغبون في القضاء على هذا الدين وأهله ولا أدل على ذلك من جحافل المستشرقين الذين ملأوا البلدان واطلعوا على التراث اطلاعاً متوسعاً ثم ذهبوا إلى قومهم يكتبون التقارير

والحرب على أهل الإسلام عند هؤلاء القوم على ثلاثة محاور

الأول : السعي في تحويل المسلمين إلى ملاحدة أو لادينيين وهذا اكتشفوا أنه أيسر بكثير من التنصير فإنه في حال الدعوة للإلحاد أو اللادينية فإنك تهدم ولا تبني شيئاً وتكتفي بالنقد دون الدعوة إلى شيء بخلاف الدعوة لأديان أخرى فإن ما إن تنتقد شيئاً على المسلمين إلا ويجتهدون في إظهار وجود نظير له في دينك

والمهم ألا يبقى للأمة كيان يجمعها وبالتالي تكون خطراً على وجود الأمم الأخرى

وتبقى هناك جهود تنصيرية من فئات مخلصة للنصرانية وغير موغلة في المكر الغربي أو الماسوني

الثاني : تحويلهم إلى مسلمين إسلاماً جديداً لا يضر بمصالح الأمم الأخرى ولا يعيق النظام العالمي الجديد ، ومن أهم سمات هذا الإسلام أنه لا وجود للجهاد أو التكفير أو الولاء والبراء فيه ، وأنه متصالح مع الديمقراطية وأنه يركز على القيم المتفق على استحسانها بين عموم البشر أو عموم المسلمين ويبتعد وينأى عن مواطن الفرقة مع الأديان الأخرى

وهذا التوجه يحمله فريقان

فريق لا يحارب من يسميهم بالمتطرفين بل يكون على مستوى واحد من جميع الأطراف وإنما يكتفي بالإشارات البعيدة

وفريق آخر يشدد في الهجوم على من المتمسكين بالتراث وهذا الفريق كلما اشتدت عليه الهجمة من أصحاب الفطر السليمة يقوم الفريق الأول بامتصاص الصدمة والتهوين من شأن الأمر ويظهره على أنه مدرسة فكرية يجب أن نعترف بوجودها وأنهم يشتركون معنا في ثوابت كثيرة وأن عندهم مواد جيدة في الدعوة للدين

وهذا ما حصل من سلمان العودة مع عدنان إبراهيم

ولست أدعي وجود تجنيد مباشر من القوى الغربية المسيطرة لهذه الأسماء بل أستبعد مثل هذا في عدد منهم وإنما يتم التجنيد والتسيير الفكري بطريقة غير مباشرة

فمن ذلك ما نجح مع العديد من الدعاة من السجن أولاً ثم الإطلاق والعطاء السخي معنوياً قبل المادي بالسماح له بالدعوة والنشر في الحدود التي يشعر هو أنها لا تمس النظام المفروض عليه بشيء إلا مساً طفيفاً لا يشكل خطراً

وهذا المسلك هو الملجأ مع فئة من الناس تتمسك بالدين ولا تنطلي عليها النموذج الأول

الثالث : في حال فشل الطريقتين الأخريين فلا بد من تحويل الناس إلى الانسلاخ الشهواني بحيث لا تعنيه القضايا العقدية كثيراً وإن فهم الأمور على وجهها

وهذه أنجح الوسائل الثلاثة بل هي تقود الناس إلى الوسيلتين الأوليين فالإنسان إذا أدمن المعاصي أو صار مجاهراً بها تصير بينه وبين الصالحين جفوة وربما عنفه بعضهم

فيأتي أصحاب الاسلام المستنير ليحلوا لهم محرمات عديدة يشتهونها فيتحول العاصي من الشعور بالذنب إلى الشعور بالأفضلية وأنه غير متحجر وغير مقلد ومستسلم للتراث فينخرط في سلك المتأثرين بالمسلك الثاني

فإذا جوبه بالنصوص التي تخالف هواه كفر بالسنة أو حتى كفر بالقرآن أو حتى كفر بالدين كله وتحول

ويعسوب هذا المسلك النساء !

فالتغرير بالنساء المسلمات وجعلهن يفكرن بطريقة عدائية تجاه التراث وتجاه المجتمع وقد يتطور حتى يصير بعدائية ضد الرجل ككل

والإكثار من أوهام المساواة ، والتي يعنون بها التهتك حتى تصير المرأة سهلة المنال جداً وبذلك يكونون قد ضربوا عماد الأسرة وما كثرة حالات الطلاق في مجتمعاتنا بعد دخول هذه الثقافة إلا نتيجة لهذا المسلك

وهنا شهادة أسجلها وهي أنني لم أرَ أشد مسارعة في هذا الباطل في نساء الخليج من نساء الأعراب وخصوصاً في السعودية ، والسبب في ذلك ظاهر وهو التحول السريع من حال الأعرابية والجفاء إلى مدنية قريبة من مدنية الغرب مع ضعف الوازع الديني وضعف العقل

غير أن كثيراً من التيارات الإلحادية والليبرالية كان وجود النساء فيها مؤثراً تأثيراً سلبياً ، وذلك لسرعة تقلبهن وضعفهن في حفظ الأسرار وكون وجودهن مقترن دائماً بوجود تنافس ذكوري عليهن خصوصاً في تلك المجتمعات المنحلة وهن يذكين هذا التنافس بدافع الغرور الأنثوي غير أنه يؤثر سلباً على سير هؤلاء القوم

وكثير منهن ترتبط بإخلاص ببعض القوم حتى إذا اكتشفت أنه لا يعاملها بالمثل لأنه ملحد أو لاديني لا يعتد كثيراً بالقيم وهو شهواني ولا ينظر إليها إلا على أنها شيء اشتهاه فحصل عليه فإذا مل منه درج إلى غيره ، يترتب على ذلك عندهن ردة فعل عكسية تسبب أضراراً عظيمة على القوم

وعالم المساواة بين المرأة والرجل عالم لا تتساوى فيه الجميلة مع القبيحة ومن تبذل نفسها مع العفيفة ولا الكبيرة مع الصغيرة

ينبغي أن يفهم هذا جيداً وألا تكابر حقائق قطعية في نفوس بني آدم فالرجل أشد ميلاً للمرأة الجميلة من القبيحة وفي حال كشف كل واحدة منهن وجهها فلن تكون الحفاوة بالتي تميل نفس الرجل إليها كالأخرى وهكذا

فقبل الكلام عن فرص متساوية بين الرجال والنساء مكابرين لكل الفوارق الجسدية والنفسية ينبغي الكلام عن فرص متساوية بين النساء أنفسهن

وبعد هذه المقدمة نأتي إلى سهيلة زين العابدين وهنبثتها

فالأول نقف مع قولها : أن حديث ( لا نكاح إلا بولي ) حديث ضعيف وأن الفقهاء دائماً يقصدون انتقاض المرأة

فيقال : الكلام على هذا الفجور والزندقة من وجوه

أولها : أن الفقهاء قد زكاهم رب العالمين فقال ( إنما يخشى الله من عباده العلماء )

وهم ورثة الأنبياء والأمة لا تجتمع على ضلالة وهذه الفاجرة لم تستثنِ فقيهاً وكلامهما مجرد دعوى آثمة تناقض القرآن والسنة

ثانيها : أن اعتبار الرجل أفضل من المرأة بأصل الخلقة ، ثم بعد ذلك بتفاضلون بالتقوى فتكون المرأة التقية خير من الرجل الفاجر قول غير مدفوع لا من جهة النظر ولا من جهة الأثر وعليه شواهد تاريخية بل هو محل إجماع بين أهل الإسلام وأهل الكفر

فهذا دارون إمام الملاحدة يجعل أحد أكبر ركائز نظريته تفضيل الرجل على المرأة والبيض على السود

كان تشارلز داروين يؤمن بأن المرأة بيولوجيا أحط شأنا من الرجل وقام الداروينيون بالتأسيس للأمر علميا وتم تصنيف الرجل تصنيفا مستقلا عن المرأة وأُعطي الرجل تصنيف homo frontalis وأعُطيت المرأة تصنيف homo parietalis

يقول داروين في كتابه أصل الإنسان ص326:- ( المرأة أدنى في المرتبة من الرجل وسلالتها تأتي في درجة أدنى بكثير من الرجل ) (1)
darwin, the descent of man p. 326

وذهب داروين أبعد من ذلك حين قال :- ( المرأة لا تصلح إلا لمهام المنزل واضفاء البهجة على البيت فالمرأة في البيت أفضل من الكلب للأسباب السابقة )(1)
charles darwin, the autobiography of charles darwin 1809-1882,pp. 232-233

يقول المادي كارل فوجوت أستاذ تاريخ الطبيعة بجامعة جنيف :- ( لقد أصاب داروين في استنتاجاته بخصوص المرأة وعلينا صراحة أن نعترف بالأمر فالمرأة أقرب طبيعيا للحيوان أكثر من قربها للرجل )(1)
carl vogt, lectures on manp. 192

ويقول فوجوت أيضا :- ( المرأة بوضوح إعاقة تطورية حدثت للرجل ... وكلما زاد التقدم الحضاري كلما زادت الفجوة بين المرأة والرجل ... وبالنظر إلى تطور المرأة فالمرأة تطور غير ناضج ) (1)
stephanie a. Shields, "functionalism, darwinism, and the psychology of women: Ap. 749
لقيت نظرية فوجوت العلمية قبولا واسعا في الأوساط العلمية الأوربية

تقول الداروينية الشهيرة elaine morgan :-( استخدم داروين تأصيلات علمية في تأكيد أن المرأة في رتبة أقل من الرجل بيولوجيا بكثير وأعطى إحساسا للرجل بأنه سيد على المرأة من منظور دارويني مجرد ) (1)
eiaine morgan, the descent of woman p. 1

يقول العالم التطوري الشهير جول ديوانت john r. Durant:- ( كان داروين يؤمن إيمانا عميقا بان مرتبة المرأة أقل بكثير من مرتبة الرجل خاصة عند الحديث عن الصراع من أجل البقاء وكان يضع البُله والمُعاقين والمتخلفين والمرأة في خانة واحدة وكان يرى أن حجم مخ المرأة وكمية العضلات بها بالقياس بتلك التي لدى الرجل لا تسمح لها أن تدخل في صراع من أجل البقاء مع الرجل بل يرى فيها نوعا من القصور البيولوجي الذي لا يمكن تداركه )(1)
john r. Durant, "the ascent of nature in darwin's descent of man" p. 295

يقول العالم التطوري الشهير gustave le bon :- ( حجم المخ الخاص بالمرأة يكاد يطابق ذلك الخاص بالغوريلا .. المرأة تأتي في المرحلة السفلى من مراحل تطور الإنسان ... )(1)
women whose brains are closer in size to those of gorillas than to the most developed male brains

ويقول gustave le bon أيضا :- ( المرأة أقرب بيولوجيا للهمج أكثر منه للإنسان الحديث المتحضر ... لكننا نستطيع أن نستوعب المرأة كاستثناء رائع لحيوان مُشوه أتى بنتيجة على سلم التطور ) (1)
gould, the mismeasure of man, p.105

ينتهي جيري بيرجامن jerry bergman إلى أن تاريخ الداروينية هو تاريخ ازدراء للمرأة باعتبارها أدنى من الرجل
http://www.rae.org/women.html

من منظور إلحـادي مادي دارويني مُجرد المرأة أقرب للغوريـلا .. بقياس حجم الجمجمة يمكن إضافتها إلى البُله والمعاقين .. بقياس حجم العضلات حيوان مُشوه أتى بنتيجة على سلم التطور كاستثناء ........ هذه النظرة القاصرة والمدهشة من الملحد للمرأة لا يمكن استيعابها إلا في إطار مادي إلحـادي عقيم

وإذا نظرنا إلى كثير من الأديان لوجدنا أن نظرتها عن المرأة لا تختلف كثيراً عن نظرة دارون

فلننظر إلى بولس الذي أخذ حصة الأسد من العهد الجديد من الكتاب المقدس عند النصارى

يقول بولس (( وكذلك ان النساء يزيّنّ ذواتهنّ بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر او ذهب او لآلىء او ملابس كثيرة الثمن )).

هنا يحث على الحشمة وهذا غير موجود في واقع الكثير من النصرانيات بل منهن من يدعون نساء المسلمين إلى السفور في الحملات التنصيرية.

ويتابع بولس قائلاً (( لتتعلّم المرأة بسكوت في كل خضوع، ولكن لست آذن للمرأة ان تعلّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت، لان آدم جبل اولا ثم حواء، وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي)).

هنا ينهى بولس عن أن تكون المرأة معلمة ويحملها مسؤولية خروج آدم من الجنة ، ويجعل دليل أفضلية الرجل على المرأة أنه متقدمٌ عليها في الخلق وهذا استدلال جيد .

ويقول في رسالته إلى أهل كورنثوس:

(( واما من جهة الامور التي كتبتم لي عنها فحسن للرجل ان لا يمسّ امرأة، ولكن لسبب الزنى ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها )).

قلت: يستفاد من هذا تحريم مصافحة المرأة الأجنبية فهل يعمل النصارى بهذا ؟

ويقول في نفس الرسالة (( واما المتزوجون فاوصيهم لا انا بل الرب ان لا تفارق المرأة رجلها، وان فارقته فلتلبث غير متزوجة او لتصالح رجلها. ولا يترك الرجل امرأته)).

قلت إذن يحرم على المطلقة أن تتزوج رجلاً آخر !!

ويقول في نفس الرسالة: (( وأما العذارى فليس عندي أمر من الرب فيهنّ ولكنني أعطي رأيا كمن رحمه الرب أن يكون أمينا، فأظن أن هذا حسن لسبب الضيق الحاضر أنه حسن للانسان أن يكون هكذا )).

هكذا يشرع من عند نفسه للعذارى أن يبقين كما هن ولعله تشريع مرحلي .

ويقول بعدها مباشرةً: (( انت مرتبط بامرأة فلا تطلب الانفصال. انت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة )).

قلت: يستفاد من هذا تحريم طلب الانفصال !!

وقال : (( ولكن أريد أن تعلموا ان راس كل رجل هو المسيح. واما رأس المرأة فهو الرجل. وراس المسيح هو الله ))

قلت تفضيل الرجل هنا واضح .

ويقول: (( كل رجل يصلّي او يتنبأ وله على راسه شيء يشين راسه، واما كل امرأة تصلّي او تتنبأ وراسها غير مغطى فتشين راسها لانها والمحلوقة شيء واحد بعينه، إذ المرأة ان كانت لا تتغطى فليقص شعرها. وان كان قبيحا بالمرأة ان تقص او تحلق فلتتغط، فإن الرجل لا ينبغي ان يغطي راسه لكونه صورة الله ومجده. واما المرأة فهي مجد الرجل، لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل، ولأن الرجل لم يخلق من اجل المرأة بل المرأة من اجل الرجل، لهذا ينبغي للمرأة ان يكون لها سلطان على راسها من اجل الملائكة، غير ان الرجل ليس من دون المراة ولا المرأة من دون الرجل في الرب، لأنه كما ان المرأة هي من الرجل هكذا الرجل ايضا هو بالمرأة. ولكن جميع الاشياء هي من الله، احكموا في أنفسكم. هل يليق بالمرأة ان تصلّي الى الله وهي غير مغطاة، أم ليست الطبيعة نفسها تعلّمكم ان الرجل ان كان يرخي شعره فهو عيب له)).

وأما الفلاسفة فهذا ديجانوس الكلبي من كبارهم

قال الشهرستاني في الملل والنحل :" ورأى امرأة قد حملها الماء، فقال: على هذا المعنى جرى المثل, دع الشر يغسله الشر.
ورأى امرأة تحمل نارا، فقال: نار على نار، وحامل شر من محمول.
ورأى امرأة متزينة في ملعب، فقال: لم تخرج لترى، ولكن لتري.
ورأى نساءً يتشاورن، فقال: على هذا جرى المثل؛ هو ذا الثعبان يستقرض من الأفاعي سما.
ورأى جارية تتعلم الكتابة، فقال: يسقى هذا السهم سما، ليرمى به يوما ما.
ورأى امرأة ضاحكة، فقال: لو كنت تدركين الموت لما كنت ضاحكة أبدا"

ولا يعرف في الفلاسفة امرأة كما أنه الأنبياء ليس فيهم امرأة وكبار المخترعين ليس فيهم امرأة وبناة الحضارات الكافرة وغير الكافرة لم يكونوا إلا رجالاً

ولا يعرف امرأة مؤثرة تأثيراً عظيماً في تاريخ أمة من الأمم إلا أم المؤمنين عائشة بكثرة روايتها وفتاويها في هذه الأمة

وهذا ابن حزم الذي يعدونه نصير المرأة يقول في طوق الحمامة ص165 :" وإني لأعلم امرأة موسرة ذات جوار وخدم، فشاع على إحدى جواريها أنها تعشق فتى من أهلها ويعشقها، وأن بينهما معاني مكروهة، وقيل لها: إن جاريتك فلانة تعرف ذلك وعندها جلية أمرها، فأخذتها وكانت غليظة العقوبة فأذاقتها من أنواع الضرب والإيذاء ما لا يصبر على مثله جلداء الرجال، رجاء ان تبوح لها بشيء مما ذكر لها، فلم تفعل البتة.
خبر: وإني لأعلم امرأة جليلة حافظة لكتاب الله عز وجل ناسكة مقبلة على الخير، وقد ظفرت بكتاب لفتى إلى جارية كان يكلف بها، وكانت في غير ملكها، فعرفته الأمر فرام الإنكار فلم يتهيأ له ذلك، فقال له: مالك ومن ذا عصم فلا تبال بهذا، فوالله لا أطلعت على سركما أحداً أبداً، ولو أمكنني ان أبتاعها لك من مالي ولو أحاط به كله لجعلتها لك في مكان تصل إليها فيه ولا يشعر بذلك أحد.
وإنك لترى المرأة الصالحة المسنة المنقطعة الرجاء من الرجال، وأحب أعمالها إليها وأرجاها للقبول عندها سعيها في تزويج يتيمة، وإعارة ثيابها وحليها لعروس مقلة.
وما أعلم علة تمكن هذا الطبع من النساء إلا أنهت متفرغات البال من كل شيء إلا من الجماع ودواعيه، والغزل وأسبابه، والتآلف ووجوهه، لا شغل لهن غيره، ولا خلقن لسواه؛ والرجال مقتسمون في كسب المال وصحبة السلطان وطلب العلم وحياطة العيال ومكابدة الأسفار والصيد وضروب الصناعات ومباشرة الحروب وملاقاة الفتن وتحمل المخاوف وعمارة الأرض، وهذا كله متحيف للفراغ، صارف عن طريق البطل وقرأت في سير ملوك السودان أن الملك منهم يوكل ثقة له بنسائه يلقي عليهن ضريبة من غزل الصوف يشغلن بها أبد الدهر، لأنهم يقولون: إن المرأة إذا بقيت بغير شغل إنما تتشوف إلى الرجال، وتحن إلى النكاح.
ولقد شاهدت النساء وعلمت من أسرارهن ما لا يكاد يعلمه غيري، لأني ربيت في حجورهن، ونشأت بين أيديهن، ولم أعرف غيرهن، ولا جالست الرجال إلا وأنا في حد الشباب وحين تبقل وجهي؛ وهن علمتني القرآن وروينني كثيراً من الأشعار ودربنني في الخط، ولم يكن وكدي وإعمال ذهني مذ أول فهمي وأنا في سن الطفولة جداً إلا تعرف أسبابهن، والبحث عن أخبارهن، وتحصيل ذلك.
وأنا لا أنسى شيئاً مما أراه منهن، وأصل ذلك غيرة شديدة طبعت عليها، وسوء ظن في جهتهن فطرت به، فأشرفت من أسبابهن على غير قليل، وسيأتي ذلك مفسراً في أبوابه، إن شاء الله تعالى"

فهذه شهادة خبير

وأما بالنسبة للتجريبيين

فيعرض د. سيمون بارون كوهين أستاذ علم النفس والأمراض النفسية بجامعة كمبريدج نتائج أبحاثه التي استمرت عشرين عاماً في مجال التمايز العقلي والنفسي بين الرجال والنساء في كتاب نشره عام 2003 بعنوان " الفوارق الجوهرية بين المخ الذكوري والمخ الأنثوي."
The truth about male and female brain , the essential difference
ويمكن تلخيص محتوى الكتاب في قول د. كوهين: " إن المخ الانثوي قد تم تشكيله وإعداده سلفاً ليقوم بالمشاركة والتعاطف بينما تم تشكيل المخ الذكوري ليقوم بالوظائف التحليلية والتنظيمية ."
The female brain is predominatly hard wired for empathy , while the male brain is predominatly hard wired for understanding and building systems

تتطلب دراسة الفيزياء مثلا قدرات تحليلة وانشائية لا قِبل لمُخ المرأة بها ومن بين 170 عالما حاصلين على جائزة نوبل في العلوم هناك ثلاث سيدات فقط كما أظهرت دراسة أجرتها الهيئة القومية للعلوم بالولايات المتحدة أن 23% من علماء البيولوجيا من النساء، بينما تكون النسبة 5% في الفيزياء و3% في الهندسة.
المصدر Women in science and engineering American scientist 79 p404

وفي دراسة مهمة أجرتها جامعة جون هوبكنز عام 1972 وجد أن الطلبة الذين يحصلون على أعلى من 500 درجة تكون نسبة الذكور إلى الإناث فيهم 2: 1، وعند الدرجات الأعلى من 600 تصبح النسبة 6: 1 أما في الحاصلين على أعلى من 700 درجة كانت النسبة بين الذكور والإناث 13: 1
المصدرThe essential difference Baron-Cohen basic books ,perseus books group

إن ذلك يعني أن الرياضيات التي تحتاج إلى تطبيق مباشر كالعمليات الحسابية والمسائل الهندسية البسيطة تتقدم فيها البنات. أما الرياضيات المتقدمة التي تحتاج إلى قدرات عالية في استنباط علاقة بين قواعد وقوانين مختلفة لحل موقف مشكل وتحتاج إلى تفوق في الذكاء الرياضي وكذلك الرياضيات التي تحتاج إلى تصور الأشكال الفراغية وتعتمد على الذكاء البصري الفراغي فيتفوق فيها الأولاد، لذلك كلما زادت صعوبة الرياضيات ظهر تفوق الأولاد.
وفي الأولمبياد الدولية لعلم الرياضيات!! نستطيع بنظرة واحدة إلى شبكة المعلومات أن نكتشف أن كل الفائزين من الذكور، بل إن الأغلبية العظمى من المشاركين يكونون من كالذكور كذلك .
المصدرThe essential difference Baron-Cohen basic books ,perseus books group.

يقول دكتور سيمون بارون كوهين :- " لا شك أن إنكار هذه الفوارق الجنوسية يعد أكبر محاولات التدليس في تاريخ العلم."
ولا ندري لماذا دُعاة المساواة بين الذكور والإناث يقفون في وجه هذه الحتميات البيولوجية لماذا يعاند دعاة المماثلة بين الذكور والإناث هذه الحقائق العلمية القطعية ؟؟ لماذا هم دائما يحاولون تمرير أفكارهم الغامضة والمُربكة على حساب العلم والبيولوجيا هل فقط لأنهم يريدون غمس المرأة في طوابير الموظفات وطوابير الموديلات .ففي مؤسسات المساواة بين الرجال والنساء نجد هنـاك افتخـار دائم بعدد النسـاء اللاتي نزعتهن من الأُسـرة لتُلحقهن بطـابور الموظفـات .

وقد أشار الدكتور سومرز l.somers رئيس جامعة هارفارد في مطلع عام 2005 إلى أن بيولوجيا الدماغ يمكن أن تفسر سبب قلة نجاح النساء مقارنة بالرجال في المهن العلمية .
المصدر l.seymour 2005 scientific American journal ,January

تقول الدكتورة اليس روزي Alice Rossi احدى عالمات الاجتماع الشهيرات أن من ينكرون الفروق الفطرية بين تفكير وسلوك كل من الرجال والنساء أنهم يقفون في وجه علوم البيولوجيا وعلوم المخ والاعصاب وترى أن انكار هذه الفوارق يعتبر كالوقوف في وجه تغيرات الطقس أو انكار وجود جبال الهيمالايا وترى د. روزي أن الفوارق المدهشة في تركيب المخ وآلياته تؤثر في مزاجنا وأولوياتنا وآمالنا وطموحاتنا وزفي قدراتنا ومهاراتنا إنها ببساطة فروق قي ذاتنا وكينونتنا إن إنكار تلك الفروق لا يعد إخلالا بحقائق العلم فحسب ولكنه إخلال أعمق بإنسانيتنا كرجال ونساء وتهديد كبير لحياتنا الأسرية
المصدر Rossi A.S. gender and parenthood ,gender and lifecourse ,aldine,new york

وترى دكتور روزي أن الفوارق النفسية والعقلية بين الرجل والمرأة تعتبر حقيقة بيولوجية لا تقبل التشكيك وينبغي أن تُدرس في هذا الإطار أما عندما تُطرح فكرة المساواة للبحث فهي قضية سياسية اجتماعية يجب أن يعاد النظر فيها وأن يتم الرضا والاعتراف بوجود فوارق جوهرية وبيولوجية بين الذكر والأنثى .
إن محاولات المساواة بين الرجل والمرأة هي وقوف في وجه الحتمية اليبولوجية والفطرة الانسانية والخاسر الحقيقي نتيجة هذه المحاولات هو المرأة التي تُدفع إلى طريق مليء بالتعاسة من خلال انكار الفوارق البيولوجية.

لكن يبقى سؤال في قمة الدهشة وهو لماذا دائما تعتبر الداعيات إلى المماثلة بين الجنسين أن قيم الرجال هي القيم الأساسية التي ينبغي أن تتبناها النساء وأنها هي المقياس والمرجع الذي نحكم من خلاله على الافضلية ...!!
إن أي محاولة لأن تكون المرأة أكثر شبها بالرجل تعني أنها ستكون أقل سعادة كامرأة
المصدرTannen ,D. you just don’t understand : women and men in conversation . William morrow

وكل ما سبق كلام إلزامي والفارق بين الرجل والمرأة التقوى

غير أن كون النسب الفلاني خيرٌ من النسب الفلاني

والطول أفضل القصر

والقوة أفضل من الهزال

والحرية أفضل من الرق

والجمال أفضل من القبح

والغنى أفضل من الفقر

يكون من بابه أن الذكورة أفضل من الأنوثة

غير أن الله عز وجل لا يحاسب على صورهم وإنما يحاسبهم على أعمالهم وهنا قد تكون امرأة فقيرة قبيحة خير من ملء الأرض من رجل وسيم غني لكونها مؤمنة وهو كافر أو فاسق

فهذه أفضلية طبعية من وجه والأفضلية الشرعية هي الفيصل

ثالثها : أن هناك أحكاماً عديدة فيها تيسير على المرأة مراعاة لضعفها في مقابل التشديد على الرجل لقوته

فمن ذلك إباحة الحرير للنساء وإباحة التحلي لهن وتحريمه على الرجال بل المرأة في بيتها ومع زوجها يباح لها لبس أي شيء ، بخلاف الرجل فإنه يحرم عليه الحرير والذهب مطلقاً

ومن ذلك أن المرأة تسقط عنها صلاة الجمعة والجماعة في الوقت الذي يطالب فيه الرجل بذلك وتسقط شهادته بترك هذا ، والمرأة صلاتها في البيت خيرٌ من صلاتها في المسجد بل جواز صلاتها في المسجد ونهي الرجل عن منعها من ذلك

ومن ذلك أن المرأة يجوز لها دفع زكاتها لزوجها الفقير والرجل لا يجوز له ذلك لأن نفقة الرجل على زوجته واجبة عليه ولا تتداخل مع واجب الزكاة ، والمرأة لا يجب عليها النفقة على زوجها مهما كانت غنية وكان معدماً بل إذا عجز عن النفقة عليها ألزم بالتطليق إلا أن تعفو عن حق نفسها في مذهب سعيد بن المسيب والشافعي وغيرهم

ومن ذلك أن المرأة لا يجب عليها الجهاد وتخفف عنها أحكام الإحرام ويسقط عنها طواف الوداع في حال الحيض والنفاس وتسقط عنها الصلاة في حال حيضها

والمرأة الأمة لها طريقان للعفة متفق عليهما وهما التسري والتزويج وأما الرجل العبد فليس له إلا التزويج وأما التسري فاختلفوا فيه

والمرأة الأمة إذا أنجبت من سيدها فإنها تعتق بموته والرجل العبد لا سبيل له إلى ذلك

وإذا قتلت المرأة شخصاً خطأ فإن الدية يلزم بها عاقلتها الرجال ولا تدفع شيئاً

والجزية وزكاة الفطر تلزم الزوج فحسب عن أهل بيته ولا تلزم المرأة

ثم إن للمرأة حق المهر وتستوجبه بمجرد خلوة الرجل بها خلوة تمكنه من جماعها وإن لم يجامعها ، بل لو رماها بالزنا ولاعنها لا يأخذ من المهر شيئاً لأنه بما استحل من فرجها ولو عقد عليها الرجل ولم يدخل أبداً فإن لها نصف المهر ولا يجوز له أن يرتجع شيئاً مما أهداه لها

ولها حق الحضانة في حال الطلاق ما دام الولد صغيراً ، ويجب على الرجل أن ينفق عليها طوال مدة عدتها ، وإذا كان حاملاً طوال حملها وإذا أرضعت له فإنه يجب أن ينفق عليها ولو أرجعنا الأمر للعقل المجرد لما أوجبنا على الرجل نفقة على المرأة في إرضاعها لابنها فهو ابنها ولا يصيبها كبير كلف بإرضاعه بل هو أمر تلتذ به وتشبع أمومتها ويفيد جسمها والولد إذا كبر فإنه يجب عليه برها 


وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من عال أربع بنات كن له ستراً من النار ولم يذكر مثل ذلك في الذكور وهذا الحديث رواه الفقهاء الذين تتهمهم الجاهلة بالتحامل على النساء

ثم أين ذهبت الأم أليست امرأة ؟

ومعلوم ما في الشرع من تعظيم شأن الأم حتى اعتبر إذنها في جهاد الطلب

هذا غير أم الميراث وقد كانت في الجاهلية الأولى من ضمن الميراث ، وكان البدو وكثير من أهل الصعيد لا يورثون النساء

ومن أبواب تجديد الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب إحياؤه توريث النساء بين الأعراب بين أن كان قد اندرس

وابن حزم الذي يمتدحونه كثيراً لفقهه الشاذ الغريب يمنع أن تشترط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها ويعتبره شرطاً فاسداً وقد خالف في ذلك الصحابة وأعيان التابعين

ثم لا تظن امرأة بعد ذلك أن لها المنة على الله ورسوله بل الله يمن عليها أن هداها للإيمان إن كانت مؤمنة حقاً

ومن يعترض على التشريعات التي تفرق بين الرجل والمرأة فليعترض على كون المرأة تحمل وتلد وتحيض والرجل ليس كذلك !

بل الرجل والمرأة كلاهما عبد لله وفي ملكه يعيش وفي نعمه يرفل وكل منهما مكلف بأمور هو قادر عليها إن فعلها كان جزاؤه الجنة وإن خالف فكفر فمصيره النار وإن خالف ففسق فهو تحت المشيئة

رابعها : أن اعتبارها حق الولاية إذلال للمرأة قول عجيب لم يسبقها إليه أحد من بني آدم ولا تقول به امرأة شمت رائحة العفة

فهي تظن أن الولاية تعني الإجبار وليس الأمر كذلك وإنما تكون ولاية الإجبار في حق الصغيرة التي لم تبلغ وإذا بلغت يجعل لها الخيار وهذه الولاية خاصة بالوالد دون بقية الأولياء

وليعلم أن المرأة بكراً كانت أو ثيباً لا بد من إجازتها بعد موافقة وليها

قال النسائي في سننه 24185 - حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى الْمَعْنَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْمِرُوا النِّسَاءَ فِي أَبْضَاعِهِنَّ» قَالَ: قِيلَ: فَإِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحْيِي أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: «سُكُاتُهَا إِذْنُهَا»

وقد اتفق الفقهاء أن المرأة في حال عضل وليها لها يجوز لها رفع أمرها للقاضي

ثم إن بقية الأولياء إذا زوجها أبوها لمن لا يكافؤها يجوز لهم الاعتراض والقاضي يفضل بينهم

فإن قيل : ما الحكمة من وجود الولي ؟

فيقال : الحكمة ظاهرة لكل ذي فطرة سليمة بل هي حكم عديدة

منها : التفريق بين العفيفة والبغي

قال الشافعي في مسنده أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «لَا تُنْكِحُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ، فَإِنَّ الْبَغِيَّ إِنَّمَا تُنْكِحُ نَفْسَهَا»

فالبغي يتم أمرها سراً ولا تطلب من وليها ، وأما الحرة فتطلب من وليها ويكون لها مهر استحب جماعة من التابعين ألا يكون قليلاً لئلا تشبه البغي ثم يشهد على نكاحها ويعلن

ولهذا أهل الرأي مع عدم اشتراطهم الولي اشترطوا الشاهدين وهذا شرط زائد على ما في القرآن بزعمهم وشرط مخالف للقياس وإنما اشترطوه لكي يفارقوا بين حال البغي وحال الحرة

وغلطوا إذ أن الشهادة لتوثيق الحقوق وشرط الولاية أشير إليه في القرآن بخلاف شرط الإشهاد في أمر النكاح

قال الله تعالى : (وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)

فخاطب الرجال بعدم إنكاح المشركين مما يدل على تأثيرهم في العقد

ومن الحكم : أن المرأة حيية حتى أن البكر إذنها صماتها فناسب أن يقوم وليها مقامها في هذا مراعاة لحجاب الحياء والذي يزداد رغبة الرجل بالمرأة كلما رآه عليها

ومن الحكم : أن الرجال أعرف بالرجال لكثرة خروجهم وخلطتهم مع بعضهم البعض والرجل أقدر على استخراج الحقوق من رجل مثله ، كالمهر ومثله وإذا ابتدأ أمر الرجل مع رجل مثله كان مقام المرأة في نفسه أعظم ويعلم أن وراءها من يحامي عنها إن ظلمها ، ومعلوم في صلة الرجل مع المرأة أن الرجل أقوى جسدياً وأقدر على الظلم

وأمر الولاية لا يعتبره ذلاً إلا صغير عقل فلو كانت المرأة لا قيمة لها ولا تأثير لها في أنساب الناس إلا حيطت بهذه العناية

والمرأة لا تخلو من أن تكون بكراً قليلة التجربة فهذه لا بد من ولي يبصر من الأمر ما لا تبصر وإما أن تكون ثيباً والثيبات بالرجال أرغب لقلة ميل الرجال لهن في مقابل الأبكار ولعظم الشهوة باعتبار الوجد ثم الفقد

فإن قيل : أفلا ينطبق هذا الرجل ؟

فيقال : الرجل إما أن يكون غير مكتسب فهذا في العادة يزوجه أبوه وإما أن يكون مكتسباً فهذا يكون قد خبر الأمور وشتان بين الحالين حال الرجل وحال المرأة في هذا الباب لمن تأمل

ولو كان الفقهاء يريدون إذلال النساء كما تقول لما جعلوا لها حق رفع أمرها للقضاء في حال عضل وليها لها ومنعها من الكفؤ

خامسها : حديث ( لا نكاح إلا بولي ) عامة المحدثين على تصحيحة ويكفي تصحيح الإمام أحمد له وقد ثبت هذا المتن ومعناه عن جماعة من الصحابة لا رأسهم عمر بن الخطاب الخليفة الراشد

قال أحمد في مسنده 19518 - حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ "

وقال أيضاً 19746 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْحَدَّادُ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ "

وقال الشافعي في مسنده أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: نَكَحَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِنَانَةَ يُقَالُ لَهَا آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي ثُمَامَةَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُضَرِّسٍ، فَكَتَبَ عَلْقَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْعُتْوَارِيُّ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِذْ هُوَ وَالِي الْمَدِينَةِ: إِنِّي وَلِيُّهَا، وَإِنَّهَا نَكَحَتْ بِغَيْرِ أَمْرِي، فَرَدَّهُ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَهَا. قَالَ: فَأَيُّ امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَلَا نِكَاحَ لَهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» . وَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا بِمَا أَصَابَ مِنْهَا بِمَا قَضَى لَهَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل المعروف يذكر هذا الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيدل على اشتهاره في ذلك الزمن وما كان مشتهراً في زمن عمر بن عبد العزيز ويصححه عمر عن النبي ويحتج به فهذا أعلى درجات الصحة

وقال الشافعي في مسنده 1142 - أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: جَمَعَتِ الطَّرِيقُ رُفْقَةً فِيهِمُ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ فَوَلَّتْ رَجُلا مِنْهُمْ أَمْرَهَا فَزَوَّجَهَا رَجُلا، فَجَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاكِحَ وَالْمُنْكِحَ وَرَدَّ نِكَاحَهَا.

وقال الشافعي أيضاً 1143 - أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْبَدٍ: أَنَّ عُمَرَ رَدَّ نِكَاحَ امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ.

وتقدم معنا أثر أبي هريرة وصح عن ابن عباس موقوفاً عليه ( لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل )

وقال الترمذي بعد تخريجه لهذا الحديث :" وَالعَمَلُ فِي هَذَا البَابِ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ.
وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ. مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَالحَسَنُ البَصْرِيُّ، وَشُرَيْحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، وَغَيْرُهُمْ.
وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ."

والعبارة لهذه الزنديقة التي تنقف معها تشكيكها في صحيح البخاري وقولها أن نسخته الأصلية لا توجد !

وهذا كلام مضحك

اعلم رحمك الله أن هناك عدة حقائق

أنه لا يوجد حديث في صحيح البخاري فقط !

وأن كل أحاديث البخاري موجودة في مصادر أعلى ومصادر موازية بالمخرج نفسه

وكتب الحديث ليست وحدة واحدة بل هي أحاديث متفرقة

والبخاري كان يكفيه أن ينظر في مسند شيخه أحمد ابن حنبل وشيخه إسحاق بن راهوية وشيخه الحميدي ليصنف الصحيح فكل أحاديث كتابه موجودة في هذه الكتب

ومن أمارات صدقه أنه إذا خرج حديثاً من طريق أحد المؤلفين يأتي على اللفظ الذي في كتابه

خذ مثالاً هذا الحديث

قال البخاري في صحيحه 73 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَىهَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "

هذا الحديث موجود في مسند الحميدي

وفي الزهد لابن المبارك وهذا لفظه

قال المبارك في الزهد 1205 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "

فابن المبارك متابع لسفيان بن عيينة

وهو أيضاً موجود في مسند ابن أبي شيبة

قال ابن أبي شيبة في مسنده 194 - نا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "

وموجود في مسند أحمد وغيرها من المصادر

فلاحظ هنا أمرين

الأول : اتفاق الإسناد مع ما في صحيح البخاري

الثاني : اتفاق المتن مع ما في صحيح البخاري

خذ المفاجأة
كل أحاديث الصحيح كذلك ! ولا يوجد في البخاري حديث واحد انفرد البخاري به فقط من دون كل المصنفين في الحديث

زيادة على ذلك أن البخاري قد ألفوا عليه مستخرجات بمعنى أنهم خرجوا أحاديثه كلها من غير طريقه

وهذه المستخرجات عددها كبير منها مستخرج أبي نعيم ومنها مستخرج الاسماعيلي

أخي الكريم صحيح البخاري ليس الكتاب المقدس فيأتي دفعة واحدة

طريقة المحدثين آنذاك أن الرجل إذا ألف كتاباً يجلس إليه الطلبة فيقرأ عليهم الكتاب كاملاً ثم كل واحد منهم يفعل هذا مع طلبته

وهكذا فالاعتماد ليس على المخطوط فقط بل على المخطوط والسماع فحتى المخطوطات التي تأخرت هي مسلسلة بالسماع والناس يرغبون عن المخطوطات القديمة لصعوبة القراءة فيها ولهذا كان أحدهم لا يقرأها إلا على شيخ متقن

ثم إن البخاري صنف كتابه هذا في زمن ازدهر فيه العلم والرواية فكان هناك أبو حاتم الرازي وأبو زرعة والدارمي والنسائي وأبو داود وغيرهم كثير من الحفاظ

فلو وجدوا في صحيح البخاري ما ينتقد ولا يسكت لما سكتوا خصوصاً وأن أبا حاتم وأبا زرعة بينهما وبين البخاري خصومة عظيمة

وصحيح البخاري له مئات المخطوطات حول العالم عامتها متطابقة بشكل مذهل والخلافات يسيرة فتجد المرء يحقق صحيح البخاري على ثلاثين مخطوطة وتقرأ الصحيح فلا يخرج إلا بين فينة وأخرى ليبين لك في الحاشية أن الكلمة الفلانية ساقطة من إحدى النسخ ثم تجد هذه الكلمة مثبتة في رواية أخرى من النسخة نفسها ويمكن استدراكها من مصادر الحديث الأخرى.

قال ابن الوزير في العواصم وقد نشأ نشأة زيدية :" أنه لا فرقَ بين كتبِ الحديثِ وبينَ غيرها من سائر (مصنفاتِ) علماء الإسلام، بل كتبُ الحديثِ مختصَّة بصرفِ العنايةِ مِن العلماء إلى سماعها وضبطِها وتصحيحِها، وكِتابة خطوطِهم عليها شاهدٌ لمن قرأها بالسَّماع، ناطقة لمن سمِعَها بالإذن في روايتها، ولا يُوجد في شيء منْ كُتُبِ الإسلامِ مثلُ ما يُوجد فيها مِن العِنايةِ الكثيرة في هذا الشأن حتى صار كأن هذا خصيصةٌ لها دونَ غيرِها مِن العلماء -رضي الله عنهم- وتعظيمٌ لِشعارها، ورفعٌ لمنارها، ومعرفة أنها أساس العلوم الإسلامية، وركن الفنون الدينية"

وأما قول الزنديقة أن كثيراً من الفقهاء يلغون عقولهم لمجرد أن الحديث في صحيح البخاري أو صحيح مسلم

ويجاب على هذه الهنبثة من وجوه

أولها : أن الاعتراض على الشرائع بعد الإقرار بصحة الوحي ليس مسلك أحد لا فلاسفة ولا متكلمين ولا حتى أهل الرأي الذين يدفعون بعض الأخبار بالقياس لا مجرد التشهي ولهم تناقضات قبيحة

وإلا فعقول الناس تتفاوت والعقل مع النقل كالعامي مع المفتي أو كالمريض مع الطبيب يعلم العامي أو المريض حذق الطبيب أو المفتي بأدلة ثم بعد ذلك يسلم له قوله ولا يناقشه لأنه الأعلم

ومن ظن من البشر أن عقله يتسع لإدراك حكمة الله كلها فهذا منتقص للرب إذ كيف تكون حكمة الخالق العظيم قابلة لئن يحيط بها بشر وقد قال تعالى ( ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء )

فأما الفلاسفة
فالفلاسفة يقسمون النفوس الحية إلى أربعة أقسام

نفس حيوانية

ونفس ناطقة ( إنسان )

ونفس فلسفية ( تخوض في العميق )

ونفس نبوية

وهم معترفون أنهم لا يدركون دقة التعاليم النبوية كما ان العوام لا يفهمون دقة كلامهم

"وَلذَلِك قَالَ أفلاطون
نَحن عاجزون عَن فهم مَا جَاءَت بِهِ الشَّرَائِع وَإِنَّمَا نعلم من ذَلِك يَسِيرا ونجهل كثيرا وَلذَلِك كَانَ أرسطو يَأْمُرنَا بِالتَّسْلِيمِ لما جَاءَت بِهِ الشَّرَائِع ويأمرنا بتأديب من تعرض لتعليل أوامرها ونواهيها وتعاطي الْخَوْض فِيهَا" قاله البطليموسي في كتابه الحدائق في المطالب العالية

ولهذا قال ابْنُ سِينَا -: " اتَّفَقَ فَلَاسِفَةُ الْعَالَمِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْرَعْ الْعَالَمَ نَامُوسٌ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا النَّامُوسِ الْمُحَمَّدِيِّ ".

وهذا ابن رشد وهو أعظم المنتسبين للملة حماساً للفلاسفة وللتلفيق بين مقالاتهم وبين الشرع لم يعترض على شيء من أقاويل الفقهاء بل كان قاضياً مالكياً وصنف ( بداية المجتهد ونهاية المقتصد ) على سنن متوسطة الفقهاء

وأما المتكلمون فعلى ضربين

ضرب لا يؤمن بالتحسين والتقبيح العقليين بمعنى أنه ينفي الحكمة ويقول بأن الله يأمر عباده بما يشاء وأن الظلم المنفي عنه هو التصرف في ملك الغير فهو في ملكه يفعل ما يشاء

وكانت هذه طريقة ابن حزم وطريقة معظم الأشاعرة ومنهم الغزالي وهؤلاء لا يعترضون على شيء من الشرائع لأنهم أصلاً يلغون الحكمة والتعليل في الشرائع

وقولهم بتقديم العقل على النقل خاص بالإلهيات ( يعني المسائل الغيبية )

ومنهم من طريقته الإيمان بالتحسين والتقبيح وإثبات الحكمة والتعليل وهؤلاء هم المعتزلة وأهل السنة على فرق بينهم ليس هذا محل شرحه ، وهؤلاء لم يؤثر عن أحد منهم الاعتراض على أحكام المرأة في الإسلام

ولا يقولن قائل بأن التقليد الذي دفعهم لهذا

بل هؤلاء فرق متنازعة وكل منهم يقول ما يشاء وقد قال المعتزلة مقالات غاية في الشناعة في باب الصفات والقدر والصحابة على اختلاف شديد بينهم ولا أعرف أحداً منهم اعترض على أحكام المرأة هذه الاعتراضات التي لم تظهر إلا في زمن الإباحية

وهؤلاء ليس كلهم يعظم الصحيحين لهذا ذكرتهم

ثم يقال أن المذاهب الفقهية المشهورة استقرت قبل أن يولد البخاري ومسلم فمالك وسفيان والأوزاعي والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وقبلهم فقهاء التابعين والصحابة الذين جمعت أقوالهم في تصانيف هؤلاء ومن جاء بعدهم كلهم ماتوا قبل أن يولد البخاري

وكذلك الشافعي لم يدركه البخاري

وأحمد ابن حنبل وإسحاق كانا من شيوخ البخاري فالفقه قد استقر وانتهى قبل أن يصنف البخاري كتابه أصلاً والناس اليوم في الفقه يقلدون أو يتبعون هؤلاء الذين سبقوا البخاري فدعوى أن البخاري هو سبب قول بعض الفقهاء بكيت وكيت من أبعد القول وأسخفه

والمنافي للعقل أن يعتقد المرء أن فقهاء خير أمة في خير القرون ضلوا وأصاب بعض الزنادقة في زمن انتشرت فيه الإباحية والانهزامية أمام القيم الغربية

ومن أعجب ذلك قول هذه المرأة أن كثيراً من الفقهاء تتلمذوا على نساء

فهذا اقرار ضمني منها بفضل الفقهاء إذ جعلت مجرد تتلمذهم على النساء منقبة لهن

ثم كيف تزعم أنهم يتحاملون على النساء ثم تقر بمثل هذا ؟

والحق أنهم إنما رووا الحديث من طريق مثل عمرة وحفصة بنت سيرين وأم الحسن البصري وغيرهن من الخيرات

وهؤلاء النساء كن معترفات بفضل العلماء والفقهاء ولم يكن لهن كبير فقه وإنما كن يروين الحديث وروايتهن قليلة إلا عمرة فقد أكثرت عن عائشة ومع ذلك لا تقارن بعروة بن الزبير

والفقيهة التي ينقل كلاهما في الفقه ويعتد به هي أم المؤمنين عائشة ، وقد وريت فتاوى عن غيرها من أمهات المؤمنين ولكنها أكثرهن رواية وإفتاء وهي استثناء في تاريخ البشرية أجمع، وقد وجد في النساء عابدات وصالحات وصديقات كالأربع اللواتي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كملن من النساء ولا يمتنع أن يوجد في الأمة صديقات بل علم الكثير من العابدات والزاهدات والمعتنيات برواية العلم وإنما الكلام عن الافتاء

وما وجد في النساء عالمة في علل الحديث والمراسيل والجرح والتعديل ، ولا سائرة في طريق الاجتهاد أو مقلدة تحسن الافتاء على مذهبها بتنزيل النصوص على الوقائع

وهذا حكاية واقع وتاريخ لا يجحد ، ومن عجائب المتهتكات في عصرنا أنهن إذا أعطيت لإحداهن قلم أو منصب فأول ما تفكر فيه أمر خروج المرأة وأمر الاختلاط وقيادة المرأة للسيارة

حتى كتبت إحداهن في إباحة النمص ودفع الأحاديث في الباب في الوقت الذي كان المسلمون يقتلون في بورما وافريقيا الوسطى وغيرها من البلدان والخرافة تفشو في الأمة ، والرشوة والربا والاحتكار وبلايا أخرى نخرت في عظام الفقراء ، والبطالة فاشية في بلدان عديدة والتأخر في شتى الميادين وسبل علاجه هاجس كل مصلح وهذه كل همها إباحة النمص

ولا يوجد شيء اسمه ( قضايا المرأة ) فلا يوجد امرأة وكفى بل يوجد شيء اسمه ( قضايا المسلمة ) وشيء اسمه ( قضايا الأم ) وقضايا ( العفيفة )

ويتباكون على النسوة اللواتي لا يقدن السيارات ولا نسمع لهم أصوات في شأن الأسيرات في سجون الرافضة عليهم لعنة الله ، ولا نسمع لهم صوتاً شأن اللواتي يقتلن لإسلامهن في بورما وافريقيا الوسطى وغيرها
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق