عزائي لأهل السنة: محبتكم لأهل البيت لن تنجيكم من النار ما لم تتبرأوا من أبي بكر وعمر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فمن خلال متابعتي لطرح الإمامية لقضية فضائل أهل البيت رضي الله عنهم وأمر الشرع بمحبتهم ، أراهم يحاولون سحب أهل السنة بتدرج إلى معتقدهم في الإمامة ، وذلك من خلال طرح لمفردة الولاية لأهل البيت والتي يفهمها السني على أنها محبتهم وتبجيلهم كما دلت نصوص الشرع على ذلك ، إلا أن الإمامي لا يكتفي من السني بهذه الولاية المتمثلة بمحبتهم ، وذلك لاعتقاده بأن هذه الولاية لوحدها لا تكفي في نجاة أهل السنة المتمسكين بها يوم القيامة بل مصيرهم الحتمي هو العقاب في نار الجحيم ، وعليه فالولاية الحقيقية التي يريدون من أهل السنة اعتقادها وتبنيها هي تلك الولاية التي تحصر منصب الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم في أئمتهم الاثنى عشر وحجرها عن غيرهم من باقي الصحابة وأهل البيت مهما بلغوا من الصلاح والتقوى ...وعليه فإن من أخطر أبعاد هذه الولاية - بمفهوهما الإمامي - والذي غفل عنه الكثير من أهل السنة هو عدِّهم البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ركناً أساسياً فيها على أنهم ألدّ أعداء أهل البيت ، وعليه فلن تنفع ولاية أهل البيت في المنظور الإمامي إلا إذا اقترنت بالبراءة من أعدائهم والذين من أبرز مصاديقهم هم أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ... وإليكم إخواني النصوص التي تبين كون البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم شرطاً أساسياً في الولاية لأهل البيت وأن من تلبس بمحبتهم ولم يتبرأ من الخلفاء الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم فهو من الهالكين لأنه كافرٌ يوم القيامة ولن يثيبه الله تعالى على أعماله الخيرية الصادرة منه كالصلاة والزكاة والصيام والحج ، بل ليس له منها إلا الحسرة والندم :
أولاً: الرواية التي اعترف علماء الشيعة بصحتها
والتي رواها شيخ طائفتهم محمد بن الحسن الطوسي في كتابه ( تهذيب الأحكام ) ( 3 / 28 ) وصدوقهم ابن بابويه في كتابه ( من لا يحضره الفقيه ) ( 1 / 380 ):[ وعنه عن النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن إسماعيل الجعفي قال : قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يبرأ من عدوه ويقول هو أحب إلي ممن خالفه فقال : هذا مخلط وهو عدو لا تصل خلفه ولا كرامة إلا أن تتقيه ].والكلام عنها بشقين هما:
أ- الكلام حول سندها:
وهو سند صحيح اعترف الكثير من العلماء بصحته ومنهم:1- قال علامتهم ابن المطهر الحلي في كتابه ( منتهى المطلب ) ( 1 / 369 ) في الطبعة القديمة منه:[ ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل الجعفي قال قلت لابي جعفر عليه السلام رجل يحب أمير المؤمنين ولا يبرأ من عدوه ويقول هو أحب إلي ممن خالفه فقال هذا مخلط وهو عدو لا تصل خلفه ولا كرامة إلا أن تتقيه ]. 2- قال محققهم يوسف البحراني في كتابه ( الحدائق الناضرة ) ( 10 / 5 ):[ وما رواه في الفقيه والتهذيب في الصحيح عن اسماعيل الجعفي قال : " قلت لابي جعفر ( عليه السلام ) رجل يحب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ولا يتبرأ من عدوه ويقول هو احب إلى ممن خالفه ؟ فقال هذا مخلط وهو عدو فلا تصل خلفه ولا كرامة إلا ان تتقيه " ]. 3- قال مرجعهم الأكبر أبو القاسم الخوئي في كتابه ( الصلاة ) ق 2 ج 5 ص 394-395:[ وصحيح إسماعيل الجعفي قال: رجل يحب أمير المؤمنين ولا يتبرأ من عدوه ويقول هو أحب إلي ممن خالفه ؟ فقال: هذا مخلط وهو عدو فلا تصلي خلفه ولا كرامة إلا أن تتقيه ].
ب- الكلام حول متنها ودلالته:
وحقيقة أن متنها واضح وضوح الشمس في رابعة النهار إذ جاء فيها التصريح بأن هذا الشخص المعني فيها يحب علياً رضي الله عنه بل أن الأمر لم يتوقف عند محبته وإنما بكونه أحب إليه ممن خالفه ، ومع ذلك فقد حكم عليه الإمام بحكمين هما:
1- أنه عدو للأئمة وللشيعة.
2- لا تجوز الصلاة خلفه. ولذا قال عنها محققهم الأردبيلي في كتابه ( مجمع الفائدة ) ( 3 / 220 ):[ حتى ورد : من فضلهم على غيرهم ولكن لم يبرء من غيرهم ليس بشئ ، ولا يقبل ولايته ولا يدخل الجنة ، وأنه عدو ]. وقال عنها عالمهم علي البروجردي في كتابه ( طرائف المقال ) ( 2 / 216 ):[ المخلط ، من لا يبرأ من أعداء أمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام وإن أحبهم ، قال الجعفي : قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل يحب أمير المؤمنين عليه السلام ولا يبرأ من عدوه ويقول : هو أحب إلي ممن خالفه ، فقال : فهو مخلط وهو عدو ].
ثانياًً: تصريحات علمائهم بوجوب البراءة من الخلفاء الراشدين
وإليكم بعض تصريحات علمائهم بذلك وكما يلي:1- يقول صدوقهم ابن بابويه القمي في كتابه ( الهداية ) ص 45-46:[ ويجب أن يتبرأ إلى الله عز وجل من الأوثان الأربعة ، والإناث الأربعة ، ومن جميع أشياعهم وأتباعهم ، ويعتقد فيهم أنهم أعداء الله وأعداء رسوله ، وأنهم شر خلق الله ، ولا يتم الإقرار بجميع ما ذكرناه إلا بالتبري منهم ] ، وكرر القول في كتابه ( الاعتقادات في دين الإمامية ) ص 105-106 :[ واعتقادنا في البراءة أنها واجبة من الأوثان الأربعة ومن الأنداد الأربعة ومن جميع أشياعهم وأتباعهم ، وأنهم شر خلق الله . ولا يتم الاقرار بالله وبرسوله وبالأئمة إلا بالبراءة من أعدائهم ]. ولعل القراء بشوق لمعرفة من هم الأوثان الأربعة الذين تجب البراءة منهم فإليكم نص قول الصادق الذي فسره في تفسير العياشي ونقله المجلسي في البحار ( 27 / 58 ) بقوله:[قلت : ومن أعداء الله أصلحك الله ؟ قال : الأوثان الأربعة ، قال : قلت : من هم ؟ قال : أبو الفصيل ورمع ونعثل ومعاوية ومن دان دينهم ، فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله ]. وقد فسر لنا هذه الرموز كل من علامتهم المجلسي في كتابه ( بحار الأنوار ) ( 27 / 58 ) حيث قال:[ بيان : قوله : هكذا ، كأنه عليه السلام أشار إلى الخلف أو إلى اليمين والشمال ، أي حاد عن الطريق الموصل إلى النجاة فلا يزيده كثرة العمل إلا بعدا عن المقصود كمن ضل عن الطريق ، وأبو الفصيل أبو بكر لأن الفصيل والبكر متقاربان في المعنى ، ورمع مقلوب عمر ، ونعثل هو عثمان كما صرح به في كتب اللغة ] ، وأكد هذا التفسير محققهم علي عاشور وهو محقق كتاب غاية المرام - لهاشم البحراني - في تعليقه على تلك الرواية ( 3 / 53 ) هامش ( 6 ) :[ أبو الفصيل كنية أبو بكر في الجاهلية ، ورمع : مقلوبة من عمر ، ونعثل اسم شخص طويل اللحية للإشارة لعثمان]. 2- يقول علامتهم محمد باقر المجلسي في رسالته في العقائد تحت عنوان ( العقيدة 17 ):[ ومن ضروريات دين الإمامية: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية… ] ، وقال أيضاً في كتابه ( بحار الأنوار ) ( 30 / 399 ):[ أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما ، وثواب لعنهم والبراءة منهم ، وما يتضمن بدعهم ، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم ]. 3- وأخيراً أورد لنا محدثهم وعلامتهم نعمة الله الجزائري أصلاً مهماً بأن الولاء لا ينفع إلا مع البراء ثم راح يورد لها النظائر في قضية التوحيد والنبوة ، فقال في كتابه ( نور البراهين ) ( 1 / 47-48 ):[ وذلك أنها أول كلمة وردت في التوحيد ، وأجل لفظة أحاطت بطرفيه الايجاب والسلب . وبيانه : أن التوحيد المحقق والاخلاص المطلق لا يتحقق إلا بنقص كلما عداه تعالى عنه ، وتنزيهه عن كل لا حق له ، وهذا المقام يسمى عند أهل العرفان مقام التخلي ، أعني : غسل درن الخاطر عما سواه تعالى ، وما لا يتحقق الشئ إلا به يكون اعتباره مقدما على اعتباره ، فمن ثم وجب تقديم هذا الجزء السلبي ، وإذا أتى بعده الايجاب يكون قد تخلى به بعد أن تخلى عن غيره . ووجه آخر : وهو أن هذه الكلمة العالية قد دلت على إثبات التوحيد له عز شأنه من حيث الذات لا من جهة الصفات ، لان قولك ( لا إله إلا الخالق ) ربما أوهم إثباتها له من حيث هذا الوصف ، وكذلك بقية الصفات ، ومن أجل أن التوحيد لا يتم إلا بهذين الجزءين ، أعني : الايجابي والسلبي كان الواجب في مقام الاقرار بالرسالة مثله ، وذلك أن تقول جازما : أنه لا رسول إلا محمد صلى الله عليه وآله ، فتخلع عنك نبوة من ادعاها في عصره وبعده ، وكذلك الإمامة ، لأن الإيمان لا يتم إلا بها ، وحينئذ فالواجب أن تعتقد اذعانا وتلفظ قولا بأنه لا ولي إلا علي بن أبي طالب ، ولا وصي لرسول الله صلى الله عليه وآله ولا خليفة له إلا هو ، فتتخلى من كل من ادعى مقامه من أبي بكر وعمر وفلان وأضرابهم ، وتتخلى بإيجاب حبه وولايته ، فمن زعم أن عليا عليه السلام إمام ولا يبرأ ممن عانده على مقامه ، بل يقول : أن عليا إمام وأبا بكر إمام وعمر إمام ، يكون كمن قال : أن محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله ومسيلمة رسول الله ، فكما لا ينفع إيمان هذا ، كذلك لا يجدي تصديق ذلك . فظهر لك من هذا التحقيق أن سائر الفرق غير هذه الفرقة الناجية كلهم مشركون من حيث لا يشعرون ، وأنه لا إيمان لأحد سوى هذه الطائفة المحقة . وهذا التحقيق مما عثرت عليه من كلام المصنف تغمده الله برحمته في مباحثات جرت بينه وبين علماء الجمهور في مجالس بعض الملوك لما سأله عن إيجاب الشيعة لعن من تقدم على أمير المؤمنين عليه السلام ، مع أنه لا مدخل له في حقيقة الإيمان ] ، وكرر نفس المعنى في كتابه ( الأنوار النعمانية ) ( 2 / 279 ) حيث قال:[ فمن قال إن علياً إمام ولم ينفِ إمامة من ادعاها ونازعه عليها وغصبها فليس بمؤمن عند أهل البيت عليهم السلام ]. وبعد هذا الغوص في مرويات الإمامية وتصريحات علمائهم لاستخراج هذه العقيدة التي طالما حاولوا التعتيم عليها أتمنى من أهل السنة أن يكونوا على بصيرة مما يريده الإمامية من ترديدهم لدعوة الولاية لأهل البيت والذي يدور بين معنيين هما:
المعنى الأول:
فإن قصدوا بذلك محبتهم ومعرفة فضلهم فهو موجود عند أهل السنة الذين يتقربون إلى الله تعالى بمحبتهم ، وقد أقر كبار مراجع الإمامية بمحبة أهل السنة لأهل البيت رضي الله عنهم ، ومنهم:1- يقول آيتهم العظمى محمد رضا الگلپايگاني في كتابه ( نتائج الأفكار ) ص 176 :[ حيث أن أهل السنة أيضا على كثرتهم وتفرقهم واختلاف نحلهم وآرائهم - إلا الخوارج والنواصب - معترفون بعظمة مقام علي عليه السلام وعلو شأنه ورفعة مناره وكونه من العشرة المبشرة بل هو عند بعضهم أفضل أصحاب الرسول وأعلمهم ]. 2- يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في كتابه ( الطهارة ) ( 2 / 86 ): [ لأن الضروري من الولاية إنما هي الولاية بمعنى الحب والولاء ، وهم غير منكرين لها - بهذا المعنى - بل قد يظهرون حبهم لأهل البيت عليهم السلام ].
المعنى الثاني:
وإن قصدوا بالولاية تلك العقيدة التي تفرض على المسلم وجوب البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان وتعدها شرطاً أساسياً في النجاة من النار يوم القيامة ...فنقول لهم لا وألف لا فهم أئمتنا وقدوتنا وخير البشر بعد الأنبياء ونتقرب إلى الله تعالى بمحبتهم إلى جانب محبتنا لأهل البيت رضي الله عنهم أجمعين. وكأن لسان حال علماء الإمامية في ضوء تلك العقيدة يقول لأهل السنة:
يا أهل السنة يا من تتقربون إلى الله تعالى بمحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، اعلموا بأن محبتكم هذه لن تنجيكم من النار يوم القيامة ما دمتم تحبون أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وترفضون البراءة منهم ، ولذا فإنكم في الآخرة كفارٌ ولن تنالوا مثقال ذرةٍ من ثواب على طاعتكم في الدنيا من صلاة وصيام وزكاة وحج ، بل ليس لكم منها إلا الحسرة والندم !!!
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق