الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015


دراسة: دور الإمارات في ملف القضية السورية
2015-04-14 -


المختصر / قد يظن البعض أن السياسات الخارجية قائمة بين دولة ودولة، إلا أن البحوث السياسية المستمرة أدخلت شكل علاقات تختلف في البنية الهيكلية، إلا أنها تشترك في أهمية تأثيرها، فقد أدخلت نوعاً من العلاقة القائمة بين الدول والمنظمات الدولية، وبين الدول وأفراد دوليين. حتى أن الأحداث الجارية في العالم أكدت أن ثمة علاقات تقوم بين دول ومنظمات سياسية لا ترتقي إلى مستوى الدولة، أو تتقارب معها شكلاً أو قانوناً، لنقل بعبارة أخرى إن السياسة الخارجية تولي الأهمية لأي وزن سياسي مؤثر، بغض النظر عن حجمه التنظيمي أو إطاره القانوني!
       ثمة بداهة أن السياسة تحمل وجهين، إلا أن الوجه الحسن هو ما يبرز دوماً في الرؤى المكتوبة والأهداف المعلنة والتصريحات المباشرة، بيد ثمة وجه آخر يتكشف شيئاً فشيئاً من خلال البحث فيما وراء القرار السياسي. فما تعلنه دولة الإمارات لا يخرج عن الإطار الإنساني، والتطوير الذاتي والريادة في مساعدة الشعوب، فإذا ما أخذنا الأهداف المعلنة والمستترة وتأثير العوامل الخارجية عليها، فإن صنع السياسة الخارجية يتقولب في ثلاث خطوات رئيسية:
- تطوير مستمر لأنشطة الدولة لتغيير سلوكيات الدول الأخرى، ولأقلمة أنشطتها طبقاً للمتغيرات البيئية الخارجية.
- صياغة مجموعة من القواعد الدستورية والقانونية التي تحدد أسلوب تعامل الدولة مع الأطراف الخارجية.
- اختيار مجموعة من القواعد للتعامل مع مشكلة أو حدث معين حدث فعلاً، أو جاري الحدوث أو يُتوقع حدوثه.
وتلك الخطوات تجعل صانع السياسة الخارجية في حالة من التطوير والابتكار المستمر، فماذا عن سياسة دولة الإمارات؟!
        إذا ما تفحصنا موقع وزارة الخارجية الإماراتية، نجد النص المقتبس لشيخها السابق زايد بن سلطان في أبهى حلته متحدثاً عن السياسة الخارجية للإمارات: "إن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تستهدف نصرة القضايا والمصالح العربية والإسلامية، وتوثيق أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول والشعوب، على أساس ميثاق الأمم المتحدة والأخلاق والمثل الدولية، وإن دولتنا الفتية حققت على الصعيد الخارجي نجاحاً كبيراً، حتى أصبحت تتمتع الآن بمكانة مرموقة عربياً ودولياً بفضل مبادئها النبيلة، ولقد ارتكزت سياستنا ومواقفنا على مبادئ الحق والعدل والسلام، منطلقين من إيماننا بأن السلام حاجة ملحة للبشرية جمعاء".
ولكن ما حقيقة هذا الزعم؟ وإنْ صح على عهد القائل فماذا عن عهد الناقل؟ وإذا صح اليوم في بعض جوانبه فما أسباب ذلك؟ أو بعبارة أخرى ما هي المصالح التي تقوم عليها السياسة الخارجية لدولة الإمارات؟!


المبحث الأول/ المصالح التي تقوم عليها سياسة الإمارات الخارجية:

 http://www.barq-co.com/studies/uae_role.pdf
 
الفصل الثاني
الإمارات والقضية السورية:
        لم تكن القضية السورية بمنأى عن الأجندة السياسية لدول الخليج العربية، فحساسية المنطقة الجغرافية بقربها من دول الخليج، وحساسية تقسيمتها الطائفية بقوة المد الشيعي هناك، وحساسية التدخلات الإقليمية بالتدخل العميق لدولة إيران في الثورة السورية، كلها عوامل سارعت من تشكيل موقف خليجي من الثورة السورية، وإذا ما كان طبيعة الحراك الخليجي يتسم بالفردية تارةً كما السعودية وقطر، والجمعية تارةً أخرى كمجلس دول التعاون الخليجي، إلا أنه لم يكن ثمة توحد في طبيعة القرار الخليجي إزاء الثورة وإنضاج لآلية التحرك في سوريا، فبينما تُجمع بعض دول الخليج على ضرورة تنحي الأسد عن الحكم، تنفرد بعض الدول كما عمان بموقفها المضاد من الثورة السورية. وإذا ما كانت الإمارات إحدى الدول المهمة في الخليج العربي، وذات أثر ملموس على ثورات الربيع العربي كما مصر وليبيا، يُحاول هذا الفصل البحث عن الدور الإماراتي في القضية السورية في طبيعة موقفه وآلية تحركه وأثرهما على القضية السورية.

المبحث الأول/ دور الإمارات المشبوه في الملف السياسي للثورة السورية:
امتازت المواقف السياسية لدولة الإمارات إزاء الثورة السورية بين المد والجزر، واتسمت بأسلوب المماهاة في قراراتها السياسية والانفصال بين موقفها وآلية تحركها، بل يمكن القول إن مواقفها السياسية الأولى لم تتبن آلية تحرك واضحة في الحراك الإماراتي اتجاه الثورة السورية، ويمكن القول إن الدور السياسي الضعيف للإمارات في مساندته للثورة السورية عند مولده، ينبني على موقف أعمق من الثورة السورية تبنته في أروقتها السياسية المستترة، ولم تتجرأ على إعلانه في الأروقة السياسية العلنية، لأسباب منها:

-الموقف العام لدول الخليج العربي المنحاز للثورة السورية، والتي لم تستطع دولة الإمارات الخروج عنه لا سيما الموقف الأقوى للمملكة العربية السعودية وقطر.
-الضغط السعودي على الإمارات لتبني موقفاً سياسياً مؤيداً للثورة، وعدم قدرة الإمارات في الخروج عن العباءة السعودية لاعتبارات عديدة، منها وقوف السعودية بجانب الإمارات في قضية البريمي المتنازع عليها مع السلطنة العمانية.
-حجم الاستثمارات الاقتصادية الضخمة لدولة الإمارات على الأراضي السورية، والتي تجاوزت القيمة المالية لالتزاماتها حاجز الـعشرين مليار دولار قبل اندلاع الثورة السورية.
-العداء الإماراتي المتنامي للحركات الإسلامية خاصةً جماعة الإخوان المسلمين، وقلقها البالغ من نجاح الثورة واستبدال نظام الأسد بعدوها اللدود "الإخوان".
       لتلك الاعتبارات وغيرها فإن المتتبع للدور الإماراتي السياسي في ملف الثورة السورية، يرى التأرجح الواضح لمواقفها، إلا أن تقدم عمر الثورة وتسارع وتيرة أحداثها في المنطقة، كشفت المستور عن الموقف الحقيقي للإمارات من الثورة السورية، ويمكن تقسيم الدور السياسي للإمارات على مرحلتين، كل مرحلة تحمل طبيعة سياسية وآلية تحرك معينة:
المرحلة الأولى:

منذ اندلاع الثورة السورية، التزمت الإمارات بموقف إماراتي حذر من الثورة السورية، اكتفت بالدعوة للحوار وتقديم النصح والمشورة للرئيس الأسد، وتمحورت آراؤها في ضرورة الخروج من الأزمة والحد من اتساع دائرة العنف، دون أن توضح تعريفها للأزمة أهي أزمة ثورة أم أزمة نظام! وفي تلك الفترة قام وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان في 24 إبريل/نيسان 2011م بإعلان وقوف بلاده إلى جانب الشعب والقيادة السورية لتجاوز الأزمة، وتكراره الزيارة في 2 مايو/أيار 2011م، وبعد أقل من   10أيام من هذه الزيارة، قام نظيره السوري وليد المعلم بزيارة الإمارات يوم 5 يونيو/حزيران 2011م.
ثم تسارعت الأحداث في سوريا ليحدث تطوراً في الموقف العربي اتجاه القضية السورية، خرج من طابع الفردية إلى الطابع الجمعي، مما أثر على الموقف الحيادي لدولة الإمارات اتجاه دمشق، إلا أنه كان يتسم بالخصوصية الإماراتية اتجاه الثورة والذي جعله أقل اندفاعاً من باقي الدول العربية، حيث انحصرت تصريحاتها في الدعوة إلى نبذ العنف والدعوة إلى الحوار وتجنب تدويل الأزمة، والبعد عن الحلول العسكرية والالتزام بالقرارات الصادرة عن الجامعة بشأن سوريا، دون أن ترتقي لآلية حراك تنسجم مع طبيعة مواقفها.

إذْاً لم تكن المواقف أكثر من التزام بالموقف الجماعي لدول مجلس التعاون، وجامعة الدول العربية الذي لم ترغب الإمارات في مخالفته. أما عن آليات تحركها فلم تتجاوز المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تقدمها للشعب السوري، على اعتبار أن المساعدات هي المنسأة التي تتكئ عليها الإمارات في إبراز وجهها الحسن والمؤيد للثورة، دون أن تكون مساعدات حقيقية يمكنها إحداث خرق في معادلة الثورة منذ شهورها الأولى، يقول مصطفى العاني الخبير بقضايا الأمن والإرهاب في دبي، لم يصل حدّ المساعدة للتنظيمات الجهادية، بل توقف عند حدود تنظيمات معيّنة منها الجيش الحر وفصائل علمانية وأخرى إسلامية معتدلة. أي أن الدعم الإماراتي لم يكن في السلاح ولم يغيّر موازين القوى بشكل كبير. كما أن شماعة المساعدات تم استغلالها إماراتياً خلال قلق السعودية من الموقف الإماراتي للتستر على موقفها الحقيقي والمناهض للثورة، لا سيما أن السعودية تمتلك تقارير لتصرفات إماراتية مريبة في الشأن السوري بخلاف ما يتفقون عليه، وبعد قيام السعودية بمهاتفة الإمارات لاستبيان الأمور، قام المسؤول الإعلامي بوزارة الخارجية الإماراتية إعطاء مبلغ عشرين ألف درهم لصحيفة "بهية مارديني" السورية في محاولة منه لشراء ذمم صحفية، وطلب منها أن تكتب مقالات شكر للإمارات على مساعدتها الشعب السوري ووقوفها إلى جانبه!
         ثم حدث تحول دراماتيكي في الموقف الإماراتي من الأزمة السورية؛ نتيجة عدم استجابة النظام السوري للمبادرة العربية الثانية، اقترحت فيه أبو ظبي تجميد عضوية سوريا في الاتحاد البرلماني، وقامت بسحب السفير الإماراتي من سوريا، ورحبت في تلك الفترة بقرارات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بالمشاركة في محادثات مؤتمر جنيف2، ولكن اقتراحها لم يتضمن آلية عمل من شأنه تنفيذ اقتراح تجميد العضوية، ومن ناحية أخرى جمّدت نفسها في مكان الشذب والاستنكار والاستياء من عدد القتلى السوريين، على لسان وزير خارجيتها، وفي أكثر من محفل عبرت الإمارات عن دعمها لحقوق الشعب السوري في تقرير مصيره، ولكنها لم تخرج من دائرة التعبير فقط.
المرحلة الثانية:

        دخلت الثورة السورية أعوامها المتقدمة، لتمر بمنعطفات وتحولات كبرى في الموقف الإماراتي اتجاه الثورة السورية، وبعد ضعف الموقف العربي في حسم قراراته المعلنة في مبادراته العديدة اتجاه النظام السوري، ليبرز بعدها الموقف الإماراتي من الثورة وإن كان مستتراً في تصريحاته إلا أنه أكثر وضوحاً في حراكه السياسي ضد الثورة السورية، وإن كانت الدولة المصرية اللاعب المحوري في الوطن العربي منشغلاً في ثورته الداخلية، وكانت السعودية اللاعب الأبرز سياسياً في منطقة الخليج العربي، إلا أن دولة الإمارات التي تفتقر إلى القوة السياسية لتمكنها من تصدر الموقف السياسي العربي، فهي تمتلك القوة المالية ذات التأثير القوي على خارطة المنطقة السياسية الذي يجعل من الصعوبة تجاهل دورها.

       وإنْ برزت الإمارات في موقفها المحايد من الثورة السورية ابتداءً، ثم دعت لفرض عقوبات على النظام السوري بعد رفض الأخير للمبادرة العربية، إلا أنه بروز مستتر لا حقيقي، فهي تُخفي حقيقة تأييدها للنظام الذي لازالت حتى اللحظة تعترف بحكومته بقيادة الأسد! وفي تلك المرحلة من عمر الثورة السورية برز الدور السياسي للإمارات في طبيعته المنحازة إلى نظام الأسد، وآلية تحركه المضاد للثورة:
تضييق الخناق على مؤيدي الثورة:
-بدأت الإمارات بتنفيذ عقوبات قانونية على من يستخدم علم الثورة السورية داخل الأراضي الإماراتية، أصدرت شرطتي دبي وأبو ظبي قراراً يحظر فيه ارتداء رموز مؤيدة للثورة السورية كرفع علم الاستقلال أو تقلده في معصم اليد أو وضع أغاني مؤيدة للثورة.
-أصدرت السلطات الإماراتية تعميماً يحظر إقامة أنشطة مؤيدة للثورة السورية، وقامت بملاحقة جامعي التبرعات بالخفاء لصالح الثورة السورية، سواءً كانوا إماراتيين الأصل أو عرباً مقيمين.
- هددت كثيراً من رجال الأعمال الذين كانوا يمولون بعض شخصيات المعارضة، بحرمانهم استثماراتهم وسحب إقاماتهم إذا ما استمروا بتقديم دعمهم، كما قامت باستدعاء أحد الناشطين المقيمين منذ عشرة سنوات في الإمارات، وطلبت منه المغادرة على خلفية دعمه للثورة وتوصيله السلاح لكتائب الجيش الحر.
-قامت دبي بتجهيز مكتب قناة أورينت السورية المتاخم للحدود الإماراتية، بنظام تصوير فيديو عالِ المستوى، يستطيع تسجيل اللقاءات بسرية تامة دون إثارة الانتباه، واستخدمت تلك التسجيلات لاحقاً في ابتزاز المعارضة السورية ورجال الثورة، واستغلت تلك الأشرطة في تجهيز قائمة بأسماء طويلة لناشطين سوريين يقيمون في الإمارات، أصدرت على إثرها وزارة الداخلية الإماراتية تعميماً مرفقاً بتلك القائمة، من أجل مراقبة هواتفهم والتجسس عليهم، وخاصة أولئك الذين يتواصلون مع كتائب الجيش الحر مثل ناجي طيارة.

التسهيلات الممنوحة لمؤيدي النظام:

-السماح بالمظاهر المؤيدة لنظام الأسد والتي تهتف باسمه في ملاعب الإمارات، وفي سياراتهم التي تصدح في شوارع دبي بأغاني التأييد لبشار والنظام، وكانت المغنية السورية سارية السواس في ذات الوقت تجوب ملاهي الإمارات غناءً بمحبة بشار، وتتغنى في كل المحافل على أرض الإمارات بجبروت وطغيان بشار الأسد، وتهدد الشعب السوري الثائر بالقتل والعفس وقص الرؤوس دون حسيب أو رقيب.

-احتضان رجال أعمال مؤيدين لبشار الأسد ونظامه، ومنحهم تسهيلات حكومية وتأشيرات إقامة داخل أراضيها، وامتيازات استثمارية في دبي وأبو ظبي.
-توفير الحماية الأمنية لعائلة آصف شوكت أحد رموز النظام السوري أثناء تنقلاتهم داخل الإمارات، وعرض الحكومة الإماراتية استعداداتها لفتح مصارفها البنكية أمام أموال بشار الأسد وأسرته الحاكمة.
-فتح المنابر الإعلامية الإماراتية لإنتاج وعرض المسلسلات السورية الموجهة ضد الثورة السورية، والتي تحمل رسائل سياسية يتبناها نظام الأسد السوري.
إحياء العلاقة مع الحكومة السورية:
-أهمية هذه النقطة لا تكمن في نوعية الاتفاقات، بل تأتي في التوقيت الحرج من عمر الثورة السورية، والذي يدعي فيها بشار الأسد قيامه بإصلاحات واسعة في سوريا، وتأتي هذه الخطوة الإماراتية كقبلة حياة للنظام السوري على الصعيد الدبلوماسي والسياسي وعلاقاته بمحيطه العربي، إذ من ِشأنها تبرير إطالة نهجه القاتل لسوريا، بدعوى أن خطواته إصلاحية وأن الاتفاقيات الموقعة هي ركيزة من ركائز عملية الإصلاح التي يقوم بها الأسد.
-في أواخر عام 2012م وتحديداً في السادس والعشرين من شهر نوفمبر، استضافت دبي مسؤولين ورجال أعمال إماراتيين وسوريين؛ للمشاركة في المؤتمر الذي عقدته دبي بعنوان "مؤتمر الشراكة للاستثمار في سوريا المستقبل"، برعاية رسمية من وزارة الخارجية الإماراتية وغرفة دبي للتجارة والصناعة.
-في العام 2013م وقعت الهيئة العاملة لتنظيم الاتصالات الإماراتية، اتفاقية تكنولوجية مع وزارة الاتصالات السورية، تنص على تزويد الحكومة السورية بتقنيات اتصالات حديثة من شبكة "تترا".
-استثمارات إماراتية ضحمة بعد لقاء الأسد بعدد من رجال الأعمال الإماراتيين، وأوضحت المصادر أن مجموعة الفطيم الإماراتية، اتفقت على استثمار مبدئي في سوريا يزيد على مليار دولار أمريكي في المرحلة الأولى، وبالمثل دخلت شركة روتانا للفنادق الإماراتية بمجموعة أعمال تقوم على تطوير خمسة فنادق كبرى في سوريا، كما وعدت مجموعة عبد الجليل البلوكي التجارية من إمارة أبو ظبي، بتنفيذ عدة مشاريع تطوير عمراني في سوريا.
-دعا إياد غزال محافظ مدينة حمص الشركات الإماراتية والأجنبية للاستثمار في القطاعات الاقتصادية، على الأراضي السورية، فقامت شركة المسعود للتوريدات والخدمات البترولية الإماراتية بافتتاح فرعها الجديد في دمشق، برأسمال ستة ملايين درهم إماراتي.


تعاون الإمارات مع نظام الأسد:

-قامت الحكومة الإماراتية بتزويد النظام السوري بشبكات لاسلكية تستخدم للتطبيقات العسكرية، تُعرف بأنظمة "B25" وتسمح لمستخدميها العمل بشكل آمن وفعال في المعركة، دون أن يستطيع الثوار التقاطها أو التشويش عليها.
-قامت الإمارات بتزويد نظام الأسد وجيشه بأسلحة صاروخية ومضادات دروع وقنابل متفجرة، طلبتها الإمارات من مصر خلال زيارة الفريق الرميثي لمصر، كما وصلت النظام شحنات من صواريخ "صقر18" التي تصنعها الهيئة العربية للتصنيع في مصر وقذائف "كوبرا" وغيرها.
-زودت نظام الأسد بأشرطة تسجيلية تُجرى في مكتب قناة أورينت مع رجال المعارضة وقادتها السياسية والعسكرية، تحتوي على معلومات عسكرية وصلت جهات استخباراتية سورية للتعامل معها.
-كشفت الوثائق المسربة من الشؤون الإدارية في وزارة الداخلية عام2013م، بأن وزير الداخلية السوري السابق "حاتم ستوت" قام بتوريد العديد من أجهزة كشف المتفجرات، ودروع وخوذ مضادة للرصاص إلى الجيش السوري بمساعدة شركات إماراتية وتسهيلات من النظام.
-تأخذ الإمارات على عاتقها مهمة تدريب خبراء في الأمن والجيش السوري عسكرياً؛ لكشف المتفجرات والعبوات التي يزرعها الثوار، وقد كشفت التسريبات عن تلقي "حاتم ستوت" دورة أمنية تدريبية لمدة أربعة أيام في إمارة دبي.
      بعد البحث في أروقة السياسة المتخفية يمكن إظهار الدور الحقيقي التي تلعبه الإمارات في سوريا، وإذا ما كانت المواقف المعلنة في تأييد الثورة تتبع لأسباب وظروف تُجبر الإمارات لإعلانها، لا سيما تحت الضغط السعودي عليها، إلا أن حراكها الفعلي وإنْ كان مستتراً إلا أنه يتكشف مع زمن الثورة، وهو يؤكد على دورها المشبوه في ملف الثورة السورية، والتي تعمل جاهدة لإحباط الثورة وتمكين نظام الأسد من الحكم، وقد حصل مركز برق على معلومات من مصادره الخاصة تؤكد وجود مساعٍ دبلوماسية وسياسية حثيثة للإمارات على المستوى الدولي، لإقناع القوى المؤثرة في العالم على ضروة إبقاء الأسد في الحكم ومواجهة القوى الإسلامية المتنامية في سوريا، وإِشراك الأسد في محاربة تلك التنظيمات جنباً إلى جنب مع القوى الدولية. وذهبت الإمارات لإلقاء ملعب الأزمة السورية سياسياً، في جانب التوافق الروسي الأمريكي، بينما في الحقيقة تتحرك لإجهاض الثورة السورية بقوة دعمها المالي لنظام الأسد، وقوة تحركها الدبلوماسي الداعم لإبقاء الأسد.

المبحث الثاني: العلاقات الإماراتية القديمة الحديثة مع النظام السوري:

      لا يمكن تحليل الدور الإماراتي وأثره على ملف الثورة السورية، دون تحليل العلاقات بين الدولتين، وإن كانت الثورة السورية حديثة السن إلا أن العلاقة الإماراتية بالنظام تعود إلى سنوات متأخرة على عمر الثورة، شهدت خلالها تطوير للعلاقات الثنائية بين الإمارات والنظام السوري في مجالات الاستثمار المشترك، والتعاون المصرفي وفي مجال تكنولوجيا المعلومات، كما شملت مجالات النقل والمواصلات ومجال التربية والتعليم والمجال الفني والبيئي، وعقدت العديد من اتفاقياتها التجارية والجمركية بين البلدين، كما أن العلاقة بين البلدين شهدت زيارات مكوكية أسهمت في إعطاء زخم قوي للعلاقات خاصة في مجال التعاون الاقتصادي، كما أن القفزة النوعية للاستثمارات الإماراتية باعتبارها ثالث أكبر شريك تجاري لسوريا على المستوى العربي، تؤكد عن عمق العلاقة قديماً وتطورها حديثاً، حيث تشير الأرقام إلى حجم التسارع في التطور بين البلدين، فحسب الدراسات الإحصائية المنشورة فإن التبادل التجاري ارتفع من حوالي 238  مليون دولار في عام 2004م، وإلى حوالي 322 مليون دولار في عام 2009م، بمعدل سنوي بلغ حوالي 6.3 %،  وزادت صادرات الإمارات إلى سوريا بما فيها سلع إعادة التصدير بنسبة 4% من حوالي 164 مليون دولار، إلى حوالي 201 مليون دولار، فيما ارتفعت مستوردات الإمارات من سوريا بنسبة 10.5% خلال هذه الفترة، لترتفع من 74 مليون دولار إلى 121 مليون دولار.
       بينما بلغت الاستثمارات الإماراتية داخل سوريا قيمة 20 مليار دولار في قطاعات متنوعة، وقدّر نحو 1178 شركة ومؤسسة سوريا حتى عام 2007م تعمل في الإمارات، بينما رُصد أهم 54 شركة إماراتية تستثمر في قطاعات متنوعة وبمبالغ ملياريه تعمل داخل الأراضي السورية حتى اللحظة، ويقدر عدد مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة الذين قدموا إلى سوريا عام 2010م بحوالي 56.859 زائر. وسيدرس المبحث تلك العلاقة من خلال الشكل الدبلوماسي والسياسي بين البلدين، ومواقف كلا الدولتين من الأزمات الكبرى التي مرت بها، وأهم الاتفاقيات والتبادلات التجارية ومذكرات التفاهم في القديم والحديث.
الأزمات الكبرى:

       كان النظام السوري بقيادة حافظ الأسد من أوائل الدول المعترفة بالاتحاد الإماراتي في اليوم التالي من تشكله، وكان للنظام السوري موقفه الداعم للإمارات خلال  أكبر أزماته التي مر بها في عهده الاتحادي،  المتمثلة في الاحتلال الإيراني لجزرها الثلاث (أبو موسى،طنب الكبرى،طنب الصغرى)، حيث أكدت سوريا دعمها للحق الإماراتي في استعادة جزرها المحتلة، ودعمت خطواتها ومباحثاتها السلمية في تلك القضية رغم اقترابها الكبير من إيران، وبالمثل أكدت الإمارات في أكثر من محفل سياسي على حق سوريا في استعادة جولانها المحتل من الدولة الصهيونية، وأكدت وقوفها إلى جانب سوريا في تلك القضية.


وكان للموقف الذي اتخذه حافظ الأسد في انحيازه لدول الخليج على حساب صدام حسين، أثناء حرب الخليج الثانية ووقوفه بجانب الكويت، أثراً بالغاً في تقوية العلاقة مع الإمارات الخليجية، التي حملت نفس الموقف أثناء الحرب الخليجية الثانية وباعتبار الإمارات إحدى دول الخليج. وبعد دخول النظام السوري عهد الربيع العربي، واشتعال الثورة السورية في العام 2011م، أكدت الإمارات وقوفها إلى جانب الشعب والقيادة السورية للخروج من أزمته، وبادلته بالزيارات السريعة والاتصالات المتبادلة في الفترة المبكرة من عمر الثورة.
العلاقات القديمة (حتى عام 2005م)
أولاً/ الزيارات المتبادلة بين دولة الإمارات والنظام السوري:
- على مستوى الرئاسة:

• في فترة حكم الشيخ زايد بن سلطان قام خلالها بست زيارات إلى الجمهورية السورية، كان آخرها بتاريخ 8/8/1995م.
• فيما قام الرئيس السابق حافظ الأسد بأربع زيارات إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كان آخرها بتاريخ 11/4/1992م.
• قام الشيخ خليفة بن زايد بزيارة إلى النظام السوري يوم 13/6/2000م، وقدم عزائه للدولة بوفاة حافظ الأسد.
• شارك بشار الأسد في مراسم تشجيع جثمان الشيخ زايد بن سلطان خلال زيارته الإمارات، في تاريخ 3/11/2004م وقدم تعازيه للدولة بفقدان رئيسها.
• زيارة بشار الأسد لدولة الإمارات بتاريخ 21/11/2011م واجتماعه برئيس الاتحاد الشيخ زايد بن سلطان على مدار يومين.


-على مستوى كبار المسؤولين:

• قام بشار الأسد خلال الفترة التي ترأس فيها حافظ الأسد البلاد السورية، بزيارة لدولة الإمارات بتاريخ 13/11/1999م لحضور فعاليات معرض دبي للطيران.
• قام نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، بزيارة إلى النظام السوري بتاريخ 19/1/2002م لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.
• قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بزيارة إلى الجمهورية العربية السورية التقى خلالها بشار الأسد يوم 13/5/2002م، وتم خلال اللقاء بحث سبل تفعيل التعاون والتنسيق بين البلدين في كل الميادين.
 
ثانياً/ الاتفاقيات الموقعة:

نتجت العلاقات الدبلوماسية المتطورة بين البلدين، عن إبرام اتفاقيات ثنائية وطدت العلاقة بينهما وكان أهم اتفاقياتهما القديمة:
* في عام 1992م وقع البلدان اتفاقية "الاتفاق الثقافي" والتي تنص على تنفيذ برامج عملية كل ثلاث سنوات، والتزم الفريقان بالعمل على تنفيذها منذ تاريخ توقيعها.
* 27/2/1996م إبرام اتفاقية تنظيم النقل الجوي بين البلدين.
* التوقيع على اتفاقيـــة تعاون إعلامي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية العربية السورية بتاريخ 27/6/1997م.
* التوقيع على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين بتاريخ 3/9/1999م.
* بتاريخ 2/4/2000م تم توقيع اتفاقية لإقامة منطقة تجارية حرة، وتوقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني بين الحكومتين.
* وقعت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وحكومة الجمهورية العربية السورية على اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بتاريخ 26/1/2000م.
* في 10/1/2001م وقع الجانبان في أبو ظبي على محضر تبادل وثائق التصديق على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين كلا البلدين.
* التوقيع بين شركة الثريا للاتصالات ومؤسسة الاتصالات السورية، على اتفاق لتسويق خدمات الهاتف الفضائي في سوريا بتاريخ 28/2/2002م.
* في 17/3/2002م عُقدت اتفاقية تعاون بين اتحاد غرف التجارة السورية، وغرفة تجارة وصناعة أبو ظبي، بالإضافة إلى تأسيس مجلس الأعمال السوري الإماراتي في 19 مارس.
* وفي المجال القضائي والقانوني تم توقيع الاتفاقية الفريدة من نوعها بين البلدين، وتم تصديق الاتفاقية في تاريخ 27/4/1999م وتوقيعها في دمشق، وتنص على التعاون القضائي والقانوني في المواد المدنية والتجارية والجزائية والأحوال الشخصية، وتسليم المجرمين وتصفية التركات بين الجمهورية العربية السورية ودولة الإمارات العربية المتحدة. وقد صدر هذا القانون في المرسوم التشريعي السوري رقم (47) وتم شرح القانون في 70 مادة قانونية.
ثالثاً/ مذكرات التفاهم: -
في تاريخ 4/11/2002م تم كتابة أبرز ثلاث مذكرات تفاهم بين الإمارات العربية والحكومة السورية والتوقيع عليهن في ذات التاريخ:
 
. مذكرة تفاهم لتطوير وتفعيل علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وبروتوكول تعاون بين المؤسسة العامة للمناطق الحرة في سوريا ومنطقة جبل علي.
. مذكرة تفاهم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بين مدينة الانترنت في دبي، ووزارة الاتصالات السورية.
. مذكرة تفاهم بين اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة تجارة وصناعة دبي، للترويج للمشاريع المطروحة للاستثمار المشترك بين الإمارات العربية المتحدة وسوريا في مجال السياحة والصناعة.
وفي عام 2001م تم تأسيس اللجنة المشتركة العليا بين الإمارات العربية المتحدة والجمهورية العربية السورية، وقد عقدت اللجنة اجتماع دورتها الأولى في دمشق بتاريخ 15/7/2001م، واجتماع دورتها الثانية بتاريخ 2/11/2002م في مدينة أبو ظبي.


العلاقات الحديثة (بعد عام2006م)
أولاً/ الزيارات المتبادلة بين دولة الإمارات والنظام السوري:
- على مستوى الرئاسة:

• قام بشار الأسد بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات يوم 17/12/2006م اجتمع خلالها مع الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، والشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي، وبالفريق الأول الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومع كبار المسؤولين في الدولة لمدة يومين.
• قام الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بزيارة رسمية إلى الجمهورية العربية السورية بتاريخ 15/7/2007م اجتمع خلالها مع الرئيس السوري بشار الأسد لمدة يومين متتاليين.
• قام الشيخ خليفة بن زايد بزيارة رسمية إلى الجمهورية السورية يوم 28/3/2008م استغرقت يومين، حيث ترأس وفد الدولة إلى القمة العربية العشرين في قصر الأمويين بدمشق.
• قام بشار الأسد بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 1/6/2008م أجرى خلالها مباحثاته مع رئيس الدولة الإماراتية ونائبها استغرقت ثلاثة أيام.
- على مستوى كبار المسؤولين:
• قام رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري يوم 7/1/2006م، بزيارة رسمية إلى دبي قدم خلالها العزاء باسم الرئيس بشار الأسد إلى الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة -رئيس مجلس الوزراء الاتحاد-بوفاة الشيخ مكتوم بن راشد.
 
• قام نائب الرئيس السوري السيد فاروق الشرع يوم 28/5/2006م بزيارة إلى أبو ظبي اجتمع خلالها مع الشيخ خليفة بن زايد وعدد من كبار المسؤولين في الإمارات، في مباحثات جرت لمدة يومين تبحث سبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
• قام الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بزيارة إلى الجمهورية العربية السورية يوم 18/2/2008م، حيث عقد اجتماعه مع رئيس الدولة بشار الأسد.
• شارك الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي في سباق القدرة للفروسية بدمشق خلال زيارته الجمهورية العربية السورية في تاريخ 30/5/2008م.
• محمود الأبرش رئيس مجلس الشعب السوري، في زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 7/7/2008م استغرقت أربعة أيام، التقى خلالها عبد العزيز عبد الله الغرير رئيس المجلس الوطني الاتحادي، وعدداً من كبار المسؤولين في الدولة، وجرى خلالها بحث العلاقات البرلمانية بين البلدين.
• قام الفريق أول الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي في تاريخ 13/1/2009م بزيارة إلى الرئيس الأسد، أثناء تطور العدوان الإسرائيلي على غزة.
• قام الشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية في دولة الإمارات، بزيارة إلى الأراضي السورية يوم 10/3/2009م التقى فيها الأسد على إثر انعقاد القمة العربية في الدوحة.
• قام وفد المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات يوم 26/10/2009م، بزيارة رسمية إلى الجمهورية السورية لتفعيل لجنة الصداقة البرلمانية بين البلدين.
• قام الشيخ حميد بن راشد النعيمي -عضو المجلس الأعلى -حاكم إمارة عجمان يوم 20/5/2010م بزيارة رسمية إلى الجمهورية السورية، وافتتاح مشفى النعيمي الخيري في محافظة حمص السورية.
• قامت الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وزيرة التجارة الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 28/12/2010م بالمشاركة بفعاليات اقتصادية أثناء زيارتها الدولة السورية.
ثانياً/ الاتفاقيات الموقعة:

* التوقيع على اتفاقية قرض بين وزارة الكهرباء وصندوق أبو ظبي للتنمية بقيمة 100 مليون دولار؛ لتمويل مشروع توسع محطة دير علي لتوليد الطاقة بتاريخ 10/12/2007م.
* التوقيع بين هيئة الطيران المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة والمؤسسة العامة للطيران المدني في سوريا، على اتفاقية تعاون لفتح الأجواء السورية أمام شركات الطيران الإماراتية بتاريخ 18/6/2008م.
* التوقيع على اتفاقية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسوريا بشأن تنظيم استخدام العمال السوريين في دولة الإمارات بتاريخ 24/12/2008م.
* وقعت دولة الإمارات وسوريا على اتفاقية للتعاون في المجال الجمركي بتاريخ 6/4/2011م.
 

ثالثاً/ مذكرات التفاهم:

* التوقيع بين هيئة الأوراق المالية والسلع في أبو ظبي، وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية على مذكرة تفاهم في دمشق بتاريخ 31/10/2007م.
* في حزيران 2006م:
-مذكرة تفاهم للتعاون في مجال اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
-مذكرة تفاهم لتفعيل اتفاقية موقعة عام 2002م بين البلدين في جانب الاتصالات.
-مذكرة تفاهم بين أكاديمية الاتصالات الإماراتية ووزارة الاتصالات والتقنية السورية.
-مذكرة تفاهم على برنامج تنفيذي "للاتفاق الثقافي" في مجالي الثقافة والتربية، لثلاثة سنوات تالية (2006-2007-2008م).
* التوقيع على مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للطيران المدني بالدولة، مع مؤسسة العامة للطيران المدني السورية، بشأن زيادة عدد الرحلات الجوية للناقلات الوطنية لكلا البلدين بتاريخ 3/3/2009م.
* مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مستشفى يحمل اسم الشيخ خليفة بن زايد في مدينة حمص، بموجب منحة مالية بقيمة 100 مليون دولار مقدمة من الإمارات إلى النظام السوري في تاريخ 12/1/2011م.
* مذكرة تفاهم للتعاون في مجال حماية المستهلك بين البلدين، ومذكرة تفاهم في نفس التاريخ في مجال تنمية وترويج الصادرات الوطنية بين البلدين بتاريخ 13/1/2011م.
*اللجنة المشتركة العليا بين الإمارات العربية والنظام السوري عقدت اجتماع دورتها الثالثة في مدينة دمشق بتاريخ 10/6/2006م، واجتماع دورتها الرابعة في مدينة أبو ظبي بتاريخ 9/11/2009م، كما أن دورتها الخامسة اختتمت أعمالها في دمشق يوم 13/1/2011م.


التبادل التجاري بين البلدين:

1. بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2009م حسب إحصاءات وزارة التجارة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة 321.9 مليون دولار، وبلغت قيمة الصادرات من الإمارات إلى سوريا 200.5 مليون دولار، وقيمة الواردات 121.4 مليون دولار.
2. بلغ حجم المشاريع التي نفذها صندوق أبو ظبي للتنمية في سوريا، خلال الفترة الواقعة ما بين عامي 1971-2009م حوالي 1.038.063.269 مليار درهم إماراتي.
3. توجد أكثر من 55 شركة إماراتية تقوم بتنفيذ مشاريع بمختلف القطاعات الاقتصادية في سوريا، ويقدر حجم الاستثمارات الإماراتية في سوريا بأكثر من 10 مليار دولار.

ومن أبرز تلك الشركات:

- شركة إعمار العقارية تقوم بتنفيذ مشروعي بوابة دمشق الثامنة، ومدينة تلال دمشق بكلفة 3.9 مليار دولار.
- شركة ماجد الفطيم: بناء ضاحية سكنية وسياحية وتجارية في منطقة يعفور بضواحي دمشق، بتكلفة مليار دولار، ومشاريع عقارية وتجارية أخرى.
- مجموعة روتانا الفندقية: إدارة 4 فنادق، اثنان في مدينة دمشق، وواحد في كل من حمص واللاذقية.
- المجموعة الكونية لتكنولوجيا الاتصالات: طرحت استثمارات في مجالات الاتصالات والمعلوماتية.
4. تقوم الناقلات الوطنية الإماراتية بثلاث عشرة رحلة يومياً، حتى عام 2010م إلى مختلف المدن السورية، بينها سبع رحلات إلى مطار دمشق الدولي.
 
بعد الثورة السورية:

* قام وزير الخارجية الإماراتية الشيخ عبد الله بن زايد بزيارة إلى النظام السوري يوم 24/4/2011م التقى خلالها الرئيس بشار الأسد، وقام بتسليمه رسالة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – رئيس الدولة -التي تتعلق بالتطورات الجارية في المنطقة، ووقوف الإمارات إلى جانب الشعب والقيادة السورية لتجاوز المرحلة التي تمر بها سوريا.
*الزيارة الثانية لوزير الخارجية في دولة الإمارات بتاريخ 2/5/2011م التقى فيها الرئيس بشار الأسد، على ضوء تطورات الثورات العربية في المنطقة.
* قام وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم بزيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 5/6/2011م التقى فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان -ولي عهد أبو ظبي-نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لاستعراض التطورات في سوريا.
*استضافت دبي بتاريخ 26/11/2012م، مسؤولين ورجال أعمال إماراتيين وسوريين للمشاركة في المؤتمر الذي عقدته دبي بعنوان "مؤتمر الشراكة للاستثمار في سوريا المستقبل".
*وقعت الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات الإماراتية اتفاقية تكنولوجية مع وزارة الاتصالات السورية في عام 2013م، تنص على تزويد الحكومة السورية بتقنيات اتصالات حديثة من شبكة "تترا".
*دخلت مجموعة عبد الجليل البلوكي التجارية من إمارة أبو ظبي في تنفيذ عدة مشاريع تطوير عمرانية في سوريا.


العلاقات الثنائية في عيون المسؤولين:

- مسؤول الإعلام السوري: العلاقات السورية الإماراتية للتطور في المدى المنظور، كما أن الإمارات أصحبت تحتل المرتبة الأولى بين الاستثمارات الأجنبية في البلاد السورية.
-وزير الاقتصاد الإماراتي: علاقات التعاون بين البلدين عريقة وبدأت منذ أكثر من أربعة عقود، وأرى أن مستقبل العلاقات بين البلدين في تطور مستمر ونمو ملحوظ على كافة الصعد.
- الرئيس بشار الأسد: الزيارات الثنائية بين البلدين تعبر عن عمق العلاقة بين دولة الإمارات الشقيقة والبلاد السورية، وأن تلك الزيارات تأتي في إطار تعزيز أواصر الثقة بين البلدين.
-المدير العام لوكالة الأنباء السورية: هناك نقلة نوعية في مسيرة التنسيق الشامل إزاء مختلف المجالات بين البلدين، خصوصاً فيما يتعلق بقضايا الإنماء والتطوير الداخلي، وقدم ورقة عمل بعنوان (سوريا والإمارات، علاقات وطيدة ورؤى نحو التنسيق الكامل).

       من خلال التتبع الزمني لمسار العلاقة الثنائية بين دولة الإمارات المتحدة والجمهورية السورية، يسهل رؤية عمق وقدم العلاقة بين البلدين، كما يسهل رؤية التطور المضطرد في شكل العلاقة على كافة المجالات السياسية والدبلوماسية وحتى القضائية والقانونية، وأخصها العلاقة التجارية التي حكمت العلاقة في شكلها المتين حتى خلال الثورة السورية، ولم تستطع الإمارات التفلت من مصالحها التجارية في سوريا لصالح الشعب السوري الثائر.
       ومن خلال المسار الزمني لم نلحظ انقطاعاً للعلاقة بين الإمارات والنظام السوري، حتى في الأوقات الحرجة من عمر الثورة، وفي الوقت الذي فُرض فيه على النظام السوري عقوبات مقاطعة عربية ودولية، ويمكن القول إن محصلة السنوات الماضية من التواصل والتفاعل بين الإمارات والنظام السوري، انعكس على ما نشهده اليوم من تلاحم استراتيجي وتفاهم ثنائي عميق، عبر عنه مكوكية الزيارات المتبادلة وعدد الاتفاقيات الموقعة وحجم المبادلات التجارية.
       وأتت مجمل الزيارات لتلقي مزيداً من الاهتمام البالغ بالعلاقة الثنائية بين البلدين، فيما يرى المراقبون أن توالي الزيارات المتبادلة تُجسد نهج التعاون والتنسيق الدائبين بين البلدين، والذي ينعكسان متانةً على مستقبل العلاقة. وفي المحصلة فإن النظام السوري يرتبط بعلاقة قديمة بالاتحاد الإماراتي، استُحدثت وتطورت عبر الزمن، رأينا انعكاس قوة العلاقة على موقف الإمارات من الثورة السورية، ومساندتها للنظام السوري عبر قوتها المالية والدبلوماسية.
المبحث الثالث: دور الإمارات في الملف العسكري للثورة السورية (الفصائل الإسلامية، الجيش الحر)
      منذ اللحظة الأولى أعلن الشعب السوري مطالبه الثورية وإسقاط النظام بالسبل السلمية، ورغم إمعان القتل فيه من قبل النظام السوري إلا أنه حافظ على سلميته حتى دخلت الثورة طورها العسكري، بعد انشقاق عدد من جنود وضباط النظام السوري وانضمامهم إلى الثورة السورية، ثم سرعان ما توالدت الفصائل الثورية العسكرية في البلاد السورية مقارعة النظام ومقاتلة له. وقد شكلت الثورة السورية محور الاهتمام لمعظم الدول الغربية والدول الإقليمية، ولم تكن دولة الإمارات بمعزل عن تلك الدول متدخلة في الثورة السورية، وإذا ما كانت الثورة تحمل بعدين رئيسيين:
1. البعد السياسي وقد طالعنا دور الإمارات في ذلك الملف.
2.البعد العسكري من وجهتيه المتلازمتين:
أ. الوجهة الأولى من قبل نظام الأسد وجيشه، والتي كانت مبكرة منذ ميلاد الثورة السورية مستخدماً كل أدوات القمع العسكرية وآلات القتل الدموية.
ب. الوجهة الثانية من قبل الفصائل الثورية، والتي جاءت متأخرة على توغل أداة القتل الأسدية في مجموع الشعب السوري الثائر.
وإذا ما كان الملف العسكري للثورة السورية بأوجهها السابقة، فإن دراسة الملف العسكري ومراقبة تأثير الدولة الإماراتية عليه، لا يكون بمعزل عن تعاونها مع النظام السوري أو تضييقها عليه إذا ما وجد تضييق، إذ أن أي دعم لنظام الأسد هو تقوية وتضخيم لقوته العسكرية، يقابله من الجانب الآخر ضعف في القوة العسكرية للفصائل الثورية، حتى لو كان ثمة دعم يوجه لتلك الفصائل، إذ أن الرهان الثوري من قبل الفصائل يكمن في الوصول إلى حالة توازن القوة مع النظام ثم كسر تلك الحالة والتفوق عليها، إلا أن أي دعم مباشر أو غير مباشر لنظام الأسد من قبيله أن يحافظ في أحسن حالاته على حالة التوازن، والتي تعني إطالة أمد الثورة وإجهاد الحالة الثورية السورية، أو كسر حالة التوازن لصالح النظام والتي تعني إحراز تفوق ميداني ولو مؤقت للنظام عل حساب الفصائل الثورية.
ما نقصده أن الملف العسكري تكمن شائكته في الترابط المباشر بين وجهي الصراع دون انفصال، إذ أنه لا يمكن للفصائل الثورية تحمل أعباء تقوية النظام، سواء بدعمه المباشر أو غير المباشر من أيٍ من القوى المجاوة أو غير المجاورة، في المقابل إن الدعم المباشر للفصائل الثورية مع استمرار حالة عزل للنظام يُمكنه إنهاء المعارك بل الثورة بأكملها لصالح الثوار السوريين.
أولاً: الدور الإماراتي من ناحية النظام:
      ليس سراً أن الملفات العسكرية هي بمثابة ملفات معقدة، ودوماً ما تتبع الطرق السرية في التعامل معها، لا سيما إذا ما كانت المواقف الإماراتية مخالفة لأمزجة النظام العالمي، وإذا ما كان النظام العالمي ممثلاً بأميركا ودول غربية كبرى ينحاز علانية لصالح الثورة السورية، ويفرض عقوباته على نظام الأسد في محاولة منه لعزله دولياً وإنهاكه اقتصادياً وسياسياً، فإن الدور الإماراتي في ذلك الملف لن يكون أكثر مباشرة، وبعد قراءة المشهد العسكري للثورة السورية سنرى من بعيد أو قريب دعماً إماراتياً غير مباشر، للنظام السوري لا يتوقف على شقه السياسي بل ويتعداه إلى الشق العسكري والأمني والاستخباراتي، حتى إن الدعم الاقتصادي هو في المحصلة دعماً غير مباشر يصب في الملف العسكري وليس الاقتصادي. جاء في تعليق موقع عرب برس على موقف الإمارات من الثورة السورية: أنه لا يقف عداء الإمارات للثورة السورية عند الموقف السياسي وحسب، بل تعداه إلى جوانب أخرى كالإعلام والدعم بالمال والسلاح والخبراء، وتسريب نظم المعلومات الالكترونية والمعلومات العسكرية الهامة لصالح نظام الأسد.
 
في الجانب الاستخباراتي:

1. قامت الإمارات بتزويد نظام بشار الأسد بشيفرات أجهزة الاتصال التي يتعامل بها فصائل الثورة السورية، مما مكنت النظام من سهولة مراقبة تحركات وتخطيطات الفصائل العسكرية على الأرض.
2. قامت الإمارات بتزويد نظام الأسد الأمنية بمعدات تجسس على شبكة الإنترنت السورية؛ لمراقبة وملاحقة المكاتب الإعلامية للفصائل العسكرية المقاتلة في سوريا. ففي الوثائق التي نشرتها وزارة التجارة الأمريكية، ثبت أن شركة توزيع في دبي وافقت على عقوبة مالية فرضتها عليها الولايات المتحدة، بسبب شحنها معدات تكنولوجية أمريكية محظورة لصالح النظام السوري، تعمل على مراقبة حركة الإنترنت في البلاد السورية والتحكم فيها، مما يدل على تورطها في معاونة النظام استخباراتياً. وقد تبين لاحقاً أن النظام السوري يستخدم تكنولوجيا وتقنية أمريكية لمراقبة الثوار السوريين والفصائل العسكرية منذ عام 2011م.
3. تحتفظ الإمارات بتسجيلات خطيرة أجرتها قناة أورنيت المدعومة إماراتياً مع قادة عسكريين لفصائل الثورة السورية، وقامت الإمارات بنقل بعض هذه التسجيلات والتي تحتوي على معلومات عسكرية إلى مصادر استخباراتية في النظام السوري.
4. في الخلية التي أوقفتها الإمارات لخمسة عشر ناشطاً سورياً يتبعون فصائل عسكرية في سوريا، تم ضبط العديد من المعلومات الاستخباراتية لفصائل الثورة بحوزة الموقوفين: مثل: هيكل الحركة الإداري، وتوصيف الوظائف والسرايا، وأسماء أعضاء المكاتب، وملفات خاصة بالأسلحة بمختلف أنواعها، وطرق تصنيع القنابل، وتفخيخ السيارات، وزرع الألغام، وكتب عن كيفية تجنيد واستقطاب الأفراد للتنظيم، وعمليات النسف والتخريب والتفجير، وتم تزويد النظام السوري بتلك المعلومات.
في الجانب العسكري:
1. قامت الإمارات بتزويد نظام الأسد بوقود للطائرات الحربية التي تستخدم في محاربتها لقوى الثورة، وكانت قد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركات إماراتية تورطت في إمداد نظام الأسد بمنتجات نفطية لاستخدامات عسكرية، تزود طائرات جيش النظام بالوقود. في إبريل من عام 2014م قالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان صادر عنها: أن شركة "بانجبتس" ومقرها إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية، قامت بتوريد منتجات نفطية لسوريا، ومنها وقود طيران حربي منذ عام 2012م وحتى تاريخ البيان. وحسب موقع الجمهور في 20 ديسمبر 2014م، في خطوة جديدة، فرضت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما مؤخراً، عقوبات على 5 أشخاص و6 شركات بسبب تزويدها نظام الأسد في سوريا بالوقود، فضلاً عن مساعدتها الحكومة السورية في مهاجمة مواطنيها.
وقال دبلوماسي غربي لموقع الجمهور إن لبعض هؤلاء الأشخاص والشركات علاقات قوية مع دولة الإمارات، وبعضها إماراتي بالفعل، وقال مسؤول في وزارة الخزانة الأمريكية إن الشركات المشار إليها تزود الحكومة السورية بالوقود، لاستخدامه في تنفيذ حملتها العسكرية.
الشركات المتواطئة مع النظام السوري:
أ. شركة "ماكسيما ميدل إيست تريدينج كومباني" ومقرها الإمارات العربية المتحدة، شملتها العقوبات الأمريكية بسبب مساعدتها في نقل وقود الطائرات إلى سوريا.
ب. شركة "بانغيتس إنترناشونال كوربوريشن" التي أدرجتها وزارة الخزانة الأمريكية على القائمة السوداء في يوليو 2014م ومقرها الإمارات العربية المتحدة.
ج. شملت العقوبات كذلك أحمد برقاوي المدير العام للشركتين، وهو مقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
وذكرت الخزانة الأمريكية أن شركتي "ماكسيما" و"بانغيتس" ومقرهما الإمارات عملتا مع شركة غاز ونفط روسية في يونيو، لشراء النفط بهدف نقله إلى معامل التكرير التي يسيطر عليها نظام الأسد في حمص ودمشق.
2. تزويد نظام الأسد بأجهزة اتصال عسكرية، ففي عام 2013م كشفت الوثائق المسربة عن عملية توريد لأنظمة "B25" قامت بها الإمارات لصالح نظام الأسد. تعمل الأجهزة لاسلكياً وتستخدم للتطبيقات العسكرية وتمنح مستخدميها نظام أمني فعال في المعركة، دون أن تستطيع الفصائل العسكرية التقاط إشاراتها أو التشويش عليها، ونجحت الفصائل العسكرية لاحقاً في تفكيك شيفرتها واكتشاف الكود الخاص بها، وكانت الصفقة قد تمت بين رجل الأعمال والسياسي الإماراتي أنور قرقاش ورجل الأعمال السوري محمد حمشو،
 
الذي ورد أكثر أجهزة الاتصالات لمخابرات نظام الأسد الجوية، وتمت العملية بتسهيلات وتأمينات من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد كما تقول الوثائق المسربة.
3. زودت الإمارات نظام الأسد بأسلحة عسكرية وقنابل متفجرة ومضادات دروع طلبتها الإمارات من مصر، لصالح نظام الأسد خلال زيارة الفريق الرميثي لمصر بعد الانقلاب العسكري هناك، وقد وصلت صواريخ صقر "18" التي تصنعها الهيئة العربية للتصنيع في مصر، والعديد من قذائف "كوبرا" إلى سوريا كما تتحدث الفصائل العسكرية هناك، وكانت تلك المعلومات قد سربت إلى الإنترنت بالوثائق المصورة عبر موقف مخلص الإمارات.
4. تضطلع الإمارات بتدريب خبراء في الأمن والجيش السوري لكشف المتفجرات والعبوات، التي يزرعها الثوار ومقاتلي الفصائل العسكرية لنسف عربات ومدرعات الجيش الأسدي، وقد كشفت بعض الوثائق المسربة تلقي حاتم حسن ستوت وهو مهندس بوزارة داخلية النظام السوري، دورة تدريبية لمدة أربعة أيام على جهاز كشف المتفجرات في دولة الإمارات العربية وتحديداً على أراضي إمارة دبي.


في الجانب المالي لأغراض عسكرية:

       كشف مصدر مقرب من بشار الأسد لموقع الجمهور في يونيو 2014م أن خزينة النظام السوري قاربت على الانتهاء، ولم يبق في مقدوره دفع رواتب الموظفين وأفراد عناصره المقاتلة، حيث أن آبار النفط باتت معظمها تحت سيطرة الفصائل الثورية، وتخلى المواطنون عن دفع الضرائب وفواتير الكهرباء والماء خلال عصيانهم المدني، إلا أن تجارة النظام غير المشروعة بواسطة رامي مخلوف وغيره مع الشركات الإماراتية، والدعم السري الذي توفره الإمارات لنظام الأسد بالإضافة للدعم المباشر من إيران والعراق، وفر للنظام طاقته في تسديد رواتب عناصره المقاتلة وإنقاذ نفسه من الانهيار على الأرض، وتمكين جيشه المقاتل من مواصلة القتال واستمراره ضد الثوار وعناصر الفصائل العسكرية السورية.

ثانياً: الدور الإماراتي من ناحية الفصائل العسكرية
كل ما سبق من دعم إماراتي للنظام السوري لا يمكن فصله عن موقفها من الفصائل العسكرية في سوريا، إذ أن المواجهة تكمن بين طرفين يحاول أحدهما إسقاط الآخر ونفيه، فكل اقتراب من طرف هو بمثابة ابتعاد عن الطرف الآخر، وإذا ما كان الموقف الإماراتي من النظام السوري متشكلاً في دعمه الكبير بوجوهه المتعددة، فإن ذات الموقف يعني بالضرورة محاربة وإضعافاً لفصائل الثورة العسكرية التي تقاتل النظام السوري.

وليس ثمة أي تبرير يمكن أخذه بعين الاعتبار بعد دعم نظام يقتل أبناء شعبه ويدمر كل بلاده، إذ ليس هناك متسع من الوقت للاجتهادات الفقهية من الفصائل المقاتلة بدعوى التطرف والاعتدال، مقارنة بحجم بشاعة التدمير والقتل من القوات الأسدية. وإذا ما كانت الإمارات تحمل موقفاً من بعض الفصائل كونها تتبع هيكليلاً لتنظيم القاعدة الأم، فأين التفريق الإماراتي من باقي الفصائل المقاتلة، لا سيما المعتدلة منها والمتكون عناصرها بالكلية من الشعب السوري الداخلي كالجيش السوري الحر؟
       وإذا ما كانت نظرتها قلقة من نمو غلاة القاعدة في سوريا، فلماذا كانت أول الدول المعترفة بحكومة طالبان في باكستان؟ أم أن ثمة مفارقات سياسية أخرى تتبع مصالح أعمق من قضايا التطرف، تجعلها تشن حرباً جمعاء ضد الفصائل العسكرية السورية من جهة، ودعماً للنظام المجرم من جهة أخرى؟ لا سيما أن هناك مطمع إماراتي للخروج من العباءة السعودية والاستقلال عن تبعيتها، تجد في تلك الظروف فرصة سانحة تمكنها من ذلك دون مراعاة أخلاقية ودينية لدماء الشعب السوري النازف؟!
الفصائل الإسلامية:
1.وجدت الإمارات في قناة أرنيت لمالكها غسان عبود مأربها في تشويه الفصائل العسكرية السورية، وخصوصاً الإسلامية منها، وقامت بتقديم دعم مالي بلغ 15 مليون دولاراً لتلك القناة من أجل محاربة الفصائل الإسلامية والوطنية، التي تقاتل النظام السوري على الأرض، والتي أحسنت القناة في خوض تلك الحرب الإعلامية ضد الفصائل المقاتلة تشويهاَ وتحريضاَ، كما تعمل الإمارات على الاحتفاظ بتسجيلات فيديو لمقابلات مع قادة عسكريين تجري في تلك القناة. ويقول زعماء المعارضة السورية أن غالبية الفصائل الإسلامية أو الوطنية العسكرية لا تثق في الدور الإماراتي أو نواياها.
2. شاركت الإمارات بسرب طيراني في قصف مواقع تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، مع أن تصريحات بايدن نائب الرئيس الأمريكي تقرر بأن الإمارات من الدول الداعمة للإرهاب في سوريا على حد وصفه، حيث أنها تدعم فصائل سنية مقاتلة بدعوى طائفية لا ثورية، من أجل مقاتلة الشيعة في سوريا وليس إسقاط نظام الأسد، وجاءت التقارير قبل انقضاء عام 2014م بأن أبو ظبي تقوم بالضغط على الإدارة الأمريكية، من أجل إقناعها بضرورة بقاء نظام الأسد، والعمل مع بعض شرائح المعارضة السورية الشكلية التي تؤيد بقاء الأسد، وفي الوقت الذي تُشن فيه حرباً تحالفياً على تنظيم الدولة في سوريا فإن الإمارات أبدت موقفاً مرناً من مشاركة الأسد في التحالف الدولي، محاولة الترويج بين القوى العالمية أن الأزمة تكمن في الفصائل العسكرية المقاتلة، وليست نظام بشار الأسد الموغل في القتل.
3. أدرجت الإمارات جميع الفصائل المسلحة تقريباً في الثورة السورية التي تقاتل نظام الأسد، في موقف أشبه بدعم النظام التي ثار عليه الشعب السوري، وأشبه بالانتقام من كل من شارك بوصفه إرهابياَ، وبدت المفارقة

العجيبة في تصنيف أكثر من عشرين فصيلاً عسكرياً يقاتل نظام الأسد في جانب المعارضة كفصائل إرهابية، بينما لم يُصنف سوى لواء أبو الفضل العباسي الشيعي الذي يقاتل بجانب قوات الأسد كفصيل إرهابي، وكانت المفارقة الأعجب خلو القائمة من حزب الله اللبناني أشد الأحزاب المقاتلة بجانب النظام السوري، وأكثرها قتالاً على الأرض.
الجيش السوري الحر:
1. زودت الإمارات عناصراً في الجيش السوري الحر بأجهزة اتصالات، ثم وجهت له ضربة قاسية بتزويد نظام الأسد بشيفرات الأجهزة، مما أدى إلى استشهاد عدد كبير من مقاتلي وقيادات الجيش الحر الذين استعملوا تلك الأجهزة، وفي تحذير وجهه الجيش السوري الحر عبر موقعه في الانترنت من تعاون إماراتي مع نظام الأسد في مجال الاتصالات قال: بعد قطع الاتصالات والإنترنت في سوريا اليوم تم الاتفاق مع شركات ومؤسسات للاتصال الفضائية، وخصوصاً التي تصدر أجهزة الاتصالات من الثريا أو الآي بي، في الإمارات من يوم غد أن يتم تحديد مواقع البث لهذه الأجهزة عن طريق الاتصالات الإماراتية، ضمن اتفاق تم بين نظام الأسد وهذه الشركات، لذا نحذر بضرورة إغلاق تام لهذه الأجهزة، والتوقف عن البث فوراً فقط من الأجهزة التي تم استيرادها من (الإمارات العربية)، من أجل أن لا يتم كشفها وتحديد أماكن الثوار والجيش الحر، والمكاتب الإعلامية وخصوصاً في العاصمة دمشق وريفها.
2. تضييق الخناق على الجيش السوري الحر بإدراج فصائل تابعة له على قائمة الإرهاب التي أعدتها الإمارات، وكان أبرز الفصائل المصنفة حركة أحرار الشام ولواء التوحيد، وقد استنكر عدد من المعارضين السوريين تلك الخطوة وخاصة ملاحقتها لفصائل تابعة للجيش الحر.
3. ملاحقة عناصر تابعة للجيش الحر في الإمارات، وملاحقة جامعي الأموال للجيش الحر، وكان أبرز المدانين في خلية الإمارات محمد عصمت مدير العلاقات الخارجية لمنظمة أحرار الشام في الخارج، واتهمته المحكمة الاتحادية الإماراتية بتجنيد مقاتلين من الجنسية الإماراتية، وإرسالهم لسوريا وتقديم الدعم المالي للحركة.
4. مراقبة هواتف الأشخاص التي تتواصل مع كتائب الجيش الحر مثل ناجي طيارة ومروان حجو، وتضييق تحركاتهم داخل الإمارات، وقامت الإمارات بطرد أحد الناشطين المقيمين في الشارقة على خلفية إيصاله السلاح لكتائب الجيش الحر، قبل أن تتدخل وساطات من قيادات في المعارضة السورية لإلغاء قرار ترحيله.
5. الدعم المشروط للجيش الحر، فقد سعت الإمارات لتشكيل قوة عسكرية في شمال سوريا لتنفيذ عمليات ضد قادة الكتائب الإسلامية وقيادة في الإخوان، يدخلون سراً إلى شمال سوريا، وتعاونت الإمارات مع رجل الأعمال السوري فراس طلاس والناطق باسم خارجية النظام السوري جهاد مقدسي، وطلبت من العقيد عبد الجبار عكيدي أحد قيادة الجيش الحر بالتعاون معها في تلك المهمة، مقابل دعم مالي وأسلحة نوعية يتلقاها الجيش الحر من دولة الإمارات.

في مقابلة صحفية للشيخ محمد بن راشد، تبين أن الإمارات لا تدعم الجيش الحر في سوريا، تبريراً منه أنه لا يعرف عدد المتطرفين فيها، وأنهم كل يوم يسمعون جماعات تقاتل بعضها بعضاً، كان ذلك في السؤال الذي وجهه الصحفي Jon Sopel لحاكم دبي، لماذا لا تتدخلون وتساعدون الجيش الحر في سوريا مثل قطر؟  وأياً كانت تبريراته إلا أن الواضح من كلام بن راشد، أنه لا يوجد دعم يتلقاه الجيش الحر من الإمارات، وفي وقت آخر اشتكى الجيش الحر قلة الدعم الموجه إليه من قبل الإمارات، مقابل دعمها لجبهة النصرة في سوريا خلال التقرير الذي أعده Jane Arraf لموقع المونيتور.
وقامت الإمارات في مارس 2014م بسحب سفيرها من قطر، بدعوى أنها تدعم الفصائل المسلحة في سوريا، وأشار ستافريدس ومسؤولين آخرين في الولايات المتحدة أن قطر تبذل جهداً أقل من الإمارات، في منع وصول الأموال للفصائل المسلحة في سوريا. وهي إشارات ذات دلالة أن الإمارات تسعى لتقويض الفصائل المعارضة في سوريا، وتضييق الخناق عليها وتجفيف منابع دعمها، محاولة عزل الفصائل عن الدول الداعمة لها، دون أن تلتقي تلك الخطوات مع خطوات مماثلة ضد النظام السوري، وتلك الخطوات ذات نتائج إيجابية لصالح النظام السوري.
مما سبق يتبين حجم التأثير الإماراتي على الملف العسكري للثورة السورية، في بعده السلبي على الفصائل العسكرية والذي ينعكس إيجابياً لصالح نظام الأسد. ولم يتوقف دور الإمارات في تجنبها دعم الفصائل العسكرية في سوريا، حتى وصل حد محاربة الدول الداعمة لها، وتضييق الخناق ومحاكمة الأفراد الداعمين لها، وملاحقة نشطائها في الخارج، والدعم السري المباشر وغير المباشر للنظام السوري في جوانبه الاستخباراتية والعسكرية ومصادر المعلومات وإنقاذ النظام من الانهيار مالياً؛ لتوفير رواتب عناصره المقاتلة.
 
الفصل الثالث

العلاقات الإيرانية الإماراتية (صراع أم وفاق) وانعكاسها على الملف السوري:

      لا يخفى على المراقب للملف السوري الدور الإيراني البارز في دعمه النظام السوري مالياً وعسكرياً ودبلوماسياً، كما أن المتتبع للدور الإماراتي وطبيعة تحركه في الملف السوري يرى تقاربه مع الدور الإيراني في دعمه النظام السوري، وإن اختلفت آلية الحراك لكلا الدولتين، ليبرز السؤال البحثي عن العلاقة الإيرانية الإماراتية وأثرها على الثورة السورية؟ وهل يمكن القول بأن طبيعة العلاقة بين البلدين أثرت على الموقف الإماراتي في دعمه النظام السوري؟

الأزمة الإيرانية الإماراتية:

        منذ إعلان دولة الاتحاد الإماراتية عام 1971م بقيت أزمة احتلال الجزر الإماراتية الثلاثة محل خلاف وسجال بين الإمارات وجارتها الكبرى إيران، وتنامت الأزمة دون أن ترتقي إلى الحل العسكري حتى هذه اللحظة، إلا أن المساعي الإماراتية لانتزاع حقوقها المغتصبة من إيران حكمت حركتها تبطيئاً واكتفاءً بالتصريحات الأهميةُ الإيرانية في تكوين البنية الاقتصادية لدولة الإمارات. ورغم أن الإمارات لا تكف عن المناداة بحل الأزمة سلمياً والاحتكام لمحكمة العدل الدولية إلا أنه دوماً ما يقابل بالرفض الإيراني إذ تعتبر الأخيرة تلك الخطوة هي تشكيك في أحقية إيران بالجزر.
        تأتي أهمية الجزر في موقعها الاستراتيجي الواقع عند مضيق هرمز، مدخل الخليج العربي وممر التجارات البحرية القادمة والخارجة من وإلى المضيق، كما تأتي أهميتها بالنسبة إلى غناها بالموارد الطبيعية بكميات كبيرة من النفظ الخام وثروة أكسيد الحديد في جزيرة أبو موسى، تلك الأهمية جعلت قضية الجزر محل الخلاف بين الإمارات وإيران حتى اللحظة، حيث دعمت أمريكا في حرب ناقلات النفط ضد إيران عامي 1987م و 1988م، ثم غيرت استراتيجيتها باستخدام أسلوب التقارب من إيران كما في حرب العراق ضد ايران، حيث التزمت الإمارات موقف الحياد والدعوة لإنهاء الحرب بين الطرفين، ورغم أهمية الخطوة وأثرها في التقارب الإيراني الإماراتي، إلا أن تشبث إيران بموقفها لازال يراوح مكانه، وبالمثل كان للموقف الإيراني من غزو العراق للكويت أثره في تحسين العلاقة نسبياً بين إيران ودول الخليج العربية، حيث ظهرت قناعة متبادلة بضرورة الاستمرار في تطبيع العلاقات الثنائية، لم تكن الإمارات استثناء في هذا المجال رغم وجود الخلاف بشأن الجزر الثلاث، واستغلت الإمارات العلاقة الدبلوماسية المعززة بين الطرفين في الدعوة للتحاور وإنهاء ملف الجزر الثلاث سلمياً، ولكن لا إجابة إيرانية، ثم إن الإمارات تحتل مكانة مهمة بين دول الخليج العربي، وتعتبر حليف في درع الجزيرة العسكري لدول الخليج، إلا أنها لم تستخدم تلك الميزة في توتر علاقتها مع إيران، حيث يحلل المراقبون أنه توافق في العلن وصراع في الخفاء لم يرتق إلى الظاهر بعد.
       وفي الأزمة النووية الإيرانية سعت الإمارات لإحداث حالة توازن بين احتواء القوة الإيرانية عبر دعم الجهود الدبلوماسية لمحاربة البرنامج النووي الإيراني من جهة، والحفاظ على علاقات ودية لتجنب حدوث مواجهة شاملة من جهة أخرى، التزمت خلالاها الإمارات بقرار الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية على إيران، ولكنها لم تلتزم بأية ضغوط واشنطونية فردية خارجة عن قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، واستغلت الإمارات تلك المساحة في تعزيز علاقتها الاقتصادية مع إيران.

      رغم قلق الإمارات من الملف النووي الإيراني خاصة بعد التهديدات الأمريكية والغربية لإيران بسبب برنامجها النووي، حيث أن مفاعل بوشهر الإيراني مكانياً يعد أقرب إلى دول الخليج منه إلى طهران العاصمة، بالإضافة للتحالف الاستراتيجي بين الإمارات والولايات المتحدة، إلا أن الإمارات حرصت على التأكيد بأنها لن تسمح للولايات المتحدة باستخدام أراضيها في التجسس على إيران، أو أن تكون منطلقاً لأية عمليات تستهدفها.
      كل أشكال التقارب والاحتواء والموازنة الإماراتية مع جارتها الإيرانية لم يُقرّب أمد حل الأزمة، ولم يلح في الأفق خطوات عملية لإنهاء ملف الجزر، بل وتعززت العلاقة الثنائية بين البلدين بصورة أكبر عن باقي دول الخليج وتطورت التبادلات التجارية، لتعتبر الإمارات الأولى خليجياً في شراكتها الاقتصادية مع إيران، ليمكن بعدها القول إن التقارب يفوق حجماً على الصراع، وأن أسباب التوافق الظاهر وإن بدى وراءه صراع خفي، تحكمه عوامل جيو اقتصادية وليست عوامل جيوسياسية انعكست على طور العلاقة الثنائية. كانت للبنية الاقتصادية الإماراتية القائمة على الغنى الاستثماري في المجال الخدمي دوره في أن تتحكم في صراعه وتوافقه العوامل الجيو اقتصادية، فقد عبر محمد آل زلفة الخبير السياسي وعضو مجلس الشورى السعودي السابق، أن الإمارات تُفرق بين المطالبة بحقوقها في الجزر الثلاث، والاحتفاظ بالتجارة التي تجني منها مكاسب كبرى من إيران، حيث يرى أن الإماراتيين يعون أهمية العلاقة الاقتصادية مع طهران، ودورها المساعد في ازدهار بلدهم اقتصادياً، لذا برأيه فإن الإمارات لن تمانع في استمرار هذه العلاقات رغم وجود الخلاف حول الجزر الثلاث.
طبيعة العلاقة:
      أكثر من أربعة عقود ولا تزال الجزر الإماراتية الثلاث تحت سيطرة الدولة الإيرانية، ولازالت المساعي الإماراتية تفشل في حل النزاع سلمياً، إلا أن اللافت في الأمر أن العلاقة الثنائية بين البلدين لازالت تتنامى على مر الزمان، بل إن الإمارات لم تلعب على وتر النزاع الدولي الإيراني بخصوص ملفها النووي، ولم تلعب أيضاً على وتر النزاع الخليجي الإيراني بفعل ملفها النووي وقلقها بالهيمنة الإيرانية على المنطقة، وزيادة على ذلك عملت الإمارات على الوقوف اقتصادياً والتحرك دبلوماسياً في أمل منها لإنهاء العقوبات على إيران، ولعبت الشركات الإماراتية في ذات الوقت دور الوسيط بين إيران من ناحية والدول الغربية وأميركا من ناحية أخرى، إذ أن الاقتصاد الإماراتي في شكله الخدمي والاستثماري لازال يعتمد بشكل رئيسي على أموال الاستثمارات الإيرانية. وليس عجباً أن يُعزي المراقبون أزمة دبي المالية إلى عقوبات مجلس الأمن الاقتصادية على إيران، حيث أوضحت المعلومات أن الضغوطات التي مورست ضد إيران ألحقت أضراراً مالية بالإمارات، بعد أن حالت دون تنمية تجاراتها مع إيران.

وقد أشارت الإحصائيات العالمية إلى تباطؤ النمو الإجمالي لتجارة دبي في 2012م، بتراجع التجارة مع إيران، وكانت في وقت سابق من العام 2011م قد نمت التجارة الإمارتية بإجمالي 22%، بينما انخفضت نسبة النمو إلى 13% في العام التالي 2012م بسبب تشديد العقوبات. ورغم الأهمية الاستراتيجية للجزر الواقعة في مضيق هرمز، عند مدخل الخليج وما تمنحه من مميزات لمن يسيطر عليها بالتحكم في الخليج كممر مائي وملاحي مهم، يقرب المسافة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكما أن في هذه الجزر ثروات نفطية ومعدنية يمكن أن تضيف ميزة تنافسية اقتصادية للإمارات، إلا أن الإمارات  أيضا لم تشأ أن تصل بدرجات الاحتقان بينها وجارتها إيران إلى القطيعة بسبب هذه الجزر، إذ تحرص الإمارات على الاستفادة من علاقتها الاقتصادية مع إيران، وتوظيفها للتبادل التجاري بين البلدين لتحقيق ازدهارها الاقتصادي، حتى باتت الإمارات أبرز الشركاء التجاريين لإيران، ومن أهم وجهات الصادرات والواردات الإيرانية بحسب الإحصاءات التي أصدرتها مصلحة الجمارك في إيران.
       ومن الملاحظ أنه تم توظيف الدبلوماسية بعد ذلك كورقة ضغط كلما لزم الأمر، فقد لا يمر اجتماع سياسي خليجي أو دولي تشارك فيه الإمارات إلا وتطالب إيران بتحرير جزرها المحتلة الثلاث، وفي الوقت ذاته تكاد لا تمر مناسبة يلتقي فيها مسؤولون اقتصاديون من البلدين إلا ويؤكد كلا الطرفين رغبتهما في تطوير العلاقات الاقتصادية وتنميتها.
أسباب جوهرية قد تقودنا لفهم أبعاد السياسة المتبعة بين البلدين وفي مقدمتها رفض الجانب الإماراتي تصعيد مواقفه مع إيران، التي رفعت أعلامها على الجزر الثلاث المحتلة، واحتجت الإمارات بعدها لدى الأمم المتحدة على قيام طهران بهذه الخطوة، بينما ردت طهران باتهام الإمارات بالتدخل في شؤونها الداخلية. ومع ذلك وبينما كانت إيران تعاني بفعل العقوبات، استقطبت الإمارات رؤوس أموال إيرانية ضخمة للاستثمار في بلادها، فمن تلك المعطيات يمكن التعرف بسهولة على دبلوماسية الإمارات القائمة على التفريق بين استمرار المطالبة بحقوقها في الجزر الثلاث، وبين الاحتفاظ بالتجارة التي تعود عليها بالخير من إيران في آن واحد، وفي المقابل اعتمدت إيران على علاقتها الاقتصادية مع دبي، فمثلاً عندما أُحكم الطوق الاقتصادي العالمي عليها، كانت دبي منفذاً رئيسياً لها لوارداتها  وصادراتها، وهذا الأمر يصب في صالح دبي حيث تعتمد بنيتها التحتية التجارية على تقديم خدمة الترانزيت والخدمات النقدية والنقلية، وتلعب دور وسيط في تصدير السلع لأنحاء العالم، لأن إيران حينها كانت في وضع لا يمكنها أن تكون منفتحة بشكل طبيعي مع دول العالم، ولذلك استفادت دبي أكثر مما استفادت إيران. وكثيراً من الرأسمال الإيراني الذي يمتلكه الأفراد تم توظيفه في الاستثمار العقاري والنفطي والتجاري بدبي مما جعل دبي تزدهر كثيراً.

الإماراتيون يرون أن هذه العلاقات الاقتصادية طالما تخدم مصالحهم وازدهار بلدهم الاقتصادي، فلا غضاضة في استمرارها، ولا سيما أن هناك استثمارات إيرانية ضخمة توظف في المشاريع الإنمائية في دبي، ولكن هذا لا من وجهة نظرهم أنها ستتنازل عن حقها المشروع في جزرها والمطالبة المستمرة بتحريرها من إيران. وكانت الإمارت قد وجدت في العقوبات المفروضة على إيران فرصة ثمينة استطاعت خلالها جذب رؤوس الأموال الإيرانية، وشكلت داخل الإمارات ما يُطلق عليه الخبراء "لوبي رجال الأعمال الإيرانيين"، ووفقاً لبيانات اللجنة الأوروبية فإن الإمارات في العام 2010م أصبحت ثاني أكبر شريك تجاري لإيران، وجاءت تصريحات مدير منظمة التجارة الإيرانية لتؤكد مدى أهمية وحجم العامل الاقتصادي في شكل العلاقات وقوتها بين البلدين، وبحسب خبراء إماراتيون فإنهم لايزالون يرون الإمارات أهم الشركاء التجاريين لإيران، ويرون أن ثمة رغبة متنامية من الجانبين لتطوير العلاقات الاقتصادية بينهما، خاصة بعد توقيع طهران اتفاق جنيف مع الدول الكبرى.
العلاقات الاقتصادية:

1. تتحدث الإحصائيات الإيرانية عن ثمانية آلاف شركة إيرانية تمارس نشاطاً تجارياً في الإمارات في قطاع المواد الغذائية، والمواد الخام والحديد والفولاذ والالكترونيات والإطارات، والمعدات المنزلية، والنفط والعقارات وغيرها من المجالات.
2. بعد أيام قليلة من وصول محمود أحمد نجاد إلى رئاسة الجمهورية في العام 2005م وصلت أموال المستثمرون الإيرانيون في دبي وحدها مبلغ 200 مليار دولار.
3. بلغ حجم الواردات الإيرانية من الإمارات في السنة المالية لعام 2006م نحو 7.5 مليار دولار، بينما بلغت حجم الواردات الإماراتية من نظيرتها إلى نحو 2.5 مليار دولار في العام نفسه.
3. بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين سبعة بلايين دولار في العام 2009م، أي ارتفع بنسبة 16%، ووصلت حجم الواردات الإيرانية في العام نفسه إلى 31% من إجمالي الواردات الإيرانية، أي ما نسبته 11% من إجمالي الصادرات الإماراتية.
4. خلال عشرون عاماً جذبت الإمارات ما مقداره 300 بليون دولار من رؤوس الأموال الإيرانية، وبلغت الشركات العاملة في دبي وحدها حتى عام 2012م ما يقارب إلى 1200 شركة إيرانية، لتتصدر الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران وفقاً لبيانات اللجنة الأوروبية.
5. قُدرت حجم الاستثمارات الإيرانية في الشركات والعقارات بنحو 300 مليار دولار، ما يُشكّل نسبة 15% من إجمالي عقارات دبي ترجع ملكيتها لرجال أعمال إيرانيين.

6. الأرقام المالية تشير إلى زيادة مضطردة في حجم التبادلات التجارية، ثم انخفاضها بعد تشديد العقوبات على إيران، ثم تحسن تلك الأرقام حتى بلغت ذروتها وأفضل حالاتها في عام 2014م، بيد أن الجهات المعنية في كلا الدولتين لم تفصح عن حجم التبادلات في ذلك العام.
أ. في عام 2009م بلغ حجم التبادل التجاري قيمة 13 مليار دولار.
ب. في عام 2010م بلغ حجم التبادل التجاري قيمة 20 مليار دولار.
ج. في عام 2011م بلغ حجم التبادل التجاري قيمة 23 مليار دولار.
د. في عام 2012م بلغ حجم التبادل التجاري قيمة 17.8 مليار دولار "انخفاض".
ه. في عام 2013م بلغ حجم التبادل التجاري قيمة 15.7 مليار دولار "انخفاض".
 
تصريحات المسؤولين واتفاقيات البلدين:

1. تصريح مدير منظمة تنمية التجارة الإيرانية مهدي فتح الله: بأن الإمارات هي الشريك التجاري الأول لبلاده، يؤكد مدى أهمية وحجم العامل الاقتصادي في العلاقات بين الجارتين.
2. أعلن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، استعداد بلاده لكل أشكال التعاون مع الجمهورية الإسلامية في إيران، وأكد رئيس دولة الإمارات ضرورة زيادة الزيارات المتبادلة في مسار تقوية العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية.
3. عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي: إن إيران شريك استراتيجي لبلاده، وإن الإمارات سوف تبذل كل الجهود لإزالة أية عقبة في طريق تعزيز العلاقات. وأعرب عن أمله باستمرار الانفراج بين إيران والعالم، وعبر عن تصميم بلاده على توسيع العلاقات مع إيران قائلًا إن دولة الإمارات العربية المتحدة سوف تبذل كل الجهود لإزالة أي عقبة فى طريق تعزيز العلاقات.
4. وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف: بلاده تولي أهمية فائقة للعلاقات الثنائية مع دول الجوار خاصة دولة الإمارات ''الصديقة والشقيقة''.
5. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، وعقد العديد من جلسات الحوار والزيارات المتبادلة على مستوى كبار المسؤولين في كلا الجانبين:
أ. وقعت كلا من الإمارات وإيران على مذكرة تفاهم في المجال الرياضي.
ب. كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم لتأسيس مجلس رجال الأعمال بين البلدين.
ج. ومذكرة تفاهم أخرى لاتحاد غرف التجارة والصناعة.

6.تم تشكيل لجنة سياسية فرعية منبثقة عن اللجنة الاقتصادية المشتركة العليا للبدلين، تم التوصل خلالها إلى ثماني اتفاقيات مهمة بين البلدين، تعزز مسار تنمية العلاقات في المجال السياسي والاقتصادي، والاستثمار والموانئ والشؤون الجمركية، والدراسات والشباب والرياضة والمياه والكهرباء، والبيئة والزراعة والطاقات المتجددة والنفط والغاز والبتروكيماويات، والصحة والنقل والمجالات القنصلية والحقوقية والشرطية والتعليمية والسياحية.
انعكاسات العلاقة على الثورة السورية:
مفارقات الموقف الإيراني من الثورة السورية:

        قامت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، محملة بالعديد من الشعارات والآمال السياسية والوعود الإنسانية، وبعد عام واحد من الثورة في 1980م، انطلقت حركة احتجاجية في بلدة جسر الشغور السورية، سقط خلالها خمسون قتيلاً من المتظاهرين المحتجين، على أيدي قوات النظام السوري، ثم بعد عامين من الحادثة في عام 1982م، اتهم نظام الأسد جماعة الإخوان بتدبير حادثة كلية المدفعية، تعامل على إثرها النظام بالعنف المفرط، ودك مدينة حماة بالقنابل دكاً، ليبلغ عدد الضحايا وفق أقل التقديرات عشرة آلاف شخص.
       المفارقة أن كلا الحالتين جاءت خلال ثلاثة أعوام من الثورة الإيرانية، في ذروة زخمها الثوري، إلا أن الموقف الإيراني امتاز بالصمت إزاء قمع المستضعفين، ولم تحرك ساكناً رغم أن الثورة تمخضت عن وعودات لقيادة العالم الإٍسلامي، بل واحتفظت إيران بعلاقات وطيدة مع نظام الأسد وقتها. وعندما كتب خمسة عشر تلميذًاً من أبناء مدينة درعا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" على جدران مدينتهم، لم يكونوا يعلمون بالتأكيد المسار الذي سوف تتخذه الأحداث، فمثل كرة اللهب انتقلت المظاهرات التي اندلعت من مدينة درعا إلى أنحاء متفرقة من سوريا، ومنها إلى مدينة حماة التي سقط في مواجهاتها نحو ثلاثة وخمسين قتيلًا وعشرات الجرحى والمصابين. لكن الأخطر كان ما وقع في مدينة جسر الشغور، حيث قتل مائة وعشرون من رجال الأمن، وقُدمت في تفسير ذلك روايتان متضاربتان، رواية رسمية تحدثت عن إطلاق الرصاص على رجال الأمن بواسطة حركة مسلحة، ورواية شعبية أشارت إلى أن إطلاق الرصاص على رجال الأمن تم بواسطة زملاء لهم ردًّا على رفضهم فتح النار على المدنيين المشاركين في المظاهرات.
       إذا تأملنا مفردات السياق الذي وقعت فيه الانتفاضة السورية في عام 2011م، سنجدها تختلف بالكلية عن نظيرتيها في عامي 1980م و1982م، ورغم ذلك فقد تشابه رد الفعل الإيراني في الحالات الثلاث، وتعمقت بالتالي عدم مصداقية الشعارات الإيرانية عن "المظلومية" و"الاستضعاف"، ويتضح ذلك في نقاط عدة:
1ـ من مفردات الاختلاف بين سياقي الثمانينيات والألفية الثالثة، أن الانتفاضة السورية الراهنة هي جزء لا يتجزأ من حركة الشارع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا، وهذا معناه أن رد الفعل الإيراني من كل الحراك الشعبي العربي يجب أن يوضع في إطار مقارن. وهنا ستبدو المفارقة بين اعتبار الخطاب الرسمي الإيراني أن الحراك الشعبي العربي استلهم "روح الثورة الإسلامية الإيرانية" في إشارة إلى حالات مصر واليمن وتونس وليبيا، وبين استثناء ذلك الحراك الذي جاء بتحريض من الخارج في إشارة إلى حالة سوريا. كما ستبدو المفارقة أشد بين التعاطف الفوري والمطلق مع مطالب المحتجين في البحرين، والتلويح باحتمال التدخل العسكري ردًّا على تدخل قوات درع الجزيرة، وبين الاكتفاء المبهم بالمطالبة بعدم استخدام القوة ضد المدنيين مع تأكيد أن ما يجري في سورية هو شأن يخصها وحدها، والتحذير من أن إطاحة النظام السوري يخدم مصالح إسرائيل.
2. يستميت النظام الإيراني في الدفاع عن نظام الأسد في سوريا، تحت شعار الدفاع عن محور المقاومة، مع أن الحقيقة باتت جلية في ضوء عجز النظام السوري وحلفاؤه لعقود في تحريك موضوع الجولان المحتل، منذ أكثر من 40 عاماً سياسياً وعسكرياً ومقاومةً، حيث تبدو القوات السورية على حدود الجولان المحتل وكأنها حارسة للاحتلال الإسرائيلي وتحول دون أي مقاومة، وفي مقابل ذلك نلحظ سهولة غير عادية في استخدام القوة المسلحة الضخمة (دبابات - طائرات مقاتلة - مدافع - صواريخ) في دك المدن والقرى السورية بلا هوادة، وقتل الآلاف وتسخير كافة الموارد اللازمة لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك الحصول على دعم غير محدود بالسلاح والعتاد والرجال من إيران عبر العراق، وعبر لبنان حزب الله.
المفارقة هي: أين هي المقاومة إذن؟ وأين محورها؟ وأين مفاعيلها على الأرض؟
3ـ إن الثورة الاتصالية الكبرى التي نعاصر ثمارها، جعلت دخائل النظام معروضة على فضائيات العالم كله. وبالتالي فمن الصعب جدًّا أن تدافع إيران عن قتل الأطفال، أو عن انتهاكات حرائر سوريا، أو عن دوس جثث القتلى بأحذية رجال الأمن. ومثل هذا العنصر لم يكن متوفرًا في القرن الماضي، ومع ذلك يبدو أنه لم يؤثر في شيء على سياسة إيران لتغير موقفها، وتدعو النظام السوري إلى الانحناء أمام العاصفة والسير قدمًا في تجربة طريق الإصلاح السياسي، دون وضع العربة أمام الحصان، باشتراط أن تستقر الأوضاع قبل إجراء الإصلاح.
        وإذا كان الثبات على الموقف رغم اختلاف سياق الألفية الثالثة عن سياق الثمانينيات يكبد إيران ثمنًا باهظًا، لا أدل عليه من الهتاف ضدها في المظاهرات التي اجتاحت المدن السورية، وعزلتها جماهرياً وحكومياً في معظم بلاد الوطن العربي، فإن السؤال هو: لماذا لم يتغير شيء في الموقف الإيراني؟
كيف أثرت العلاقة الإماراتية الإيرانية على الثورة السورية؟

يرى مراقبون أن التقارب الإماراتي الإيراني يثبت أن الأمور لم تعد في أيدي المملكة، وأول انعكاس لذلك التقارب سيكون في سوريا، والقضية الأهم بالنسبة لطهران، والتي يبدو أن السعودية قد تخسرها قريباً مثلما خسرت بقية القضايا التي استلم مقاليدها بندر بن سلطان.
1.المعطيات السابقة تفيد أن إيران ستظل حريصة على الدعم المطلق للنظام السوري، وهي تلتقي مع المعلومات الصادرة بأن الإمارات تسعى دبلوماسياً لإقناع القوى في العالم لإبقاء نظام الأسد.
2. كما أن الحراك الإيراني داخل سوريا والتدريبات العسكرية التي تقدمها لجيش النظام السوري، تلتقي مع نفس الحراك الإماراتي بالتدريبات الأمنية التي تقدمها لجيش النظام هناك.
3.وفي ذات الوقت يلتقي كلا الطرفين في دعمهما اللوجستي والمالي، ودعم النظام بتقنيات الاتصالات الحديثة وتتبع الثوار في سوريا.
4.وليس من قبيل الصدفة أن يخرج وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد بتصريحاته أن العلاقات بين دولة الإمارات وإيران هي علاقات قديمة وتاريخية، تضرب بجذورها في عمق التاريخ وترتكز على أسس متينة من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك؛ من أجل أمن واستقرار المنطقة في ظل القيادة الحكيمة للبلدين الصديقين، بعد لقاءه بمساعد وزارة الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والإفريقية حسين أمير عبد اللهيان في أبو ظبي ومباحثتهما حول سبل محاربة الإرهاب والتطرف، وتطورات سوريا والعراق والبحرين واليمن.
5.كما أن التقارب الإماراتي مع إيران أثار الخلاف الحاد بينها والمملكة العربية السعودية، التي تصطف إلى جانب الثورة السورية، وتقارع نظام الأسد وتقاطع الحكومة الإيرانية على إثر تدخلها في الأحداث الجارية في سوريا، ودعمها العسكري لنظام الأسد، بل ووصل الأمر بحسب معلومات مسربة من مصادر لبنانية نشرها موقع نون بوست تقول: "أن مسؤولين إماراتيين أجروا اتصالات مع النظام السوري، حيث أكدوا أن بلادهم غير مسؤولة عما تفعله السعودية في سوريا، وأنها تختلف معه جذرياً في حل الأزمة". والتقت تلك المعلومات مع ما كتبه الأكاديمي الإماراتي عبد الخالق عبد الله المقرب من الأسرة الحاكمة في الإمارات على تويتر، مسفهاً الدور السعودي في سوريا وملمعاً لإيران، وجاءت أقوال الأكاديمي على هذا النحو:
الثورة السورية في مأزق، والدبلوماسية الخليجية اتجاه سوريا في مأزق أكبر والسياسة السعودية في سوريا بقيادة الأمير بندر بن سلطان على وشك الإفلاس.
ب. الدعم السعودي والخليجي للمعارضة السورية لم يحقق نتائجه، والمعارضة مفككة وبعكس ما هو متوقع برزت القاعدة والغلاة في سوريا.
6.بعد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران شكل التبادل التجاري بينها والإمارات نافذة لتقوية الحكومة الإيرانية، والذي انعكس بدوره في قوة الدعم المالي والعسكري الإيراني للنظام السوري، وكان قد توقع الخبراء أن الالتزام بالعقوبات دون الالتفاف عليها من بعض الدول، كان من شأنه انهيار الحكومة الإيرانية في

ظروف سنوات قليلة، وبالتالي انهيار النظام السوري، والذي يتلقى دعمه الأول والأكبر من إيران، إلا أن التقارب الإيراني الإماراتي لعب دوره في إنقاذ الحكومة الإيرانية، ومن ثم النظام السوري، حيث شكلت الإمارات أكبر دول المنطقة وأكبر دول العالم في دعمها التجاري لإيران.
       في التتبع الزمني للعلاقة الثنائية بين الإمارات ذات الأزمة المستمرة في جزرها الثلاث، مع جارتها المتاخمة لحدودها إيران محتلة الجزر الثلاث، لم ترتق الأزمة إلى مستوى القطيعة الدائمة والصراع المستمر بين البلدين، بل إن البنية الاقتصادية والازدهار المالي لدولة الإمارات اعتمد بشكل كبير على الاستثمارات الإيرانية، والتبادلات التجارية معها، حتى وصلت أعداد الجالية الإيرانية داخل الإمارات نحو نصف مليون نسمة تعيش مع عائلاتها، وتشغل وظائف متنوعة داخل البلاد، وحسب تقارير الكونجرس الأمريكي فإن الإيرانيين يشكلون نسبة 17.4% من إجمالي سكان إمارة دبي وحدها، ثم تعززت العلاقات بين البلدين ووصلت التبادلات التجارية حد الذروة، حتى وصف الخبراءُ الاستفادةَ الإيرانية على المستوى الاقتصادي من العلاقات الإماراتية وتوظيفها للتبادل التجاري، أهم لدى طهران من علاقاتها بأي دولة في العالم، وقد ظهر ذلك جلياً في الأزمة الإيرانية جراء ملفها النووي، رغم مراوحة أزمة الجزر الثلاث مكانها، وتعنت الإيرانيون في حل القضية، ورفض مقترحات دولة الإمارات لحلها، فقد أشارت تقارير صادرة عن الكونجرس الأمريكي في أكتوبر 2012م ذروة الأزمة الإيرانية، إلى أهمية دبي اللوجستية في شبكة عبد القدير خان النووية، والتي يعتقدون أن المواد النووية انتقلت عبرها إلى إيران، وتشير تقاريره أن العديد من الشركات العاملة في الإمارات تهرب بضائع وأجهزة ومعدات ممنوعة وأجهزة حاسوبية وجوية لإيران، وتقول تقارير أخرى غربية بأن الإمارات تزود إيران بالغاز رغم العقوبات الأمريكية، رغم الفائدة الاقتصادية التي تعود على الإمارات جراء تلك الخطوات، إلا أنها تحمل أبعاد أشد خطورة حيال الأزمة السورية، حيث أثر التقارب الإيراني الإماراتي بشكل رئيسي وجوهري على الثورة  السورية بالسلب من ناحية الثوار، والإيجاب من ناحية نظام الأسد، إذا ما كانت إيران بمثابة لاعب رئيسي مالياً وعسكرياً ولوجستياً في الساحة السورية، وإذا ما كان نظام الأسد يعيش أساساً ويطيل أنفاسه عبر الشريان الرئيسي إيران، فإن العلاقة الوثيقة والمطردة في الازدياد، رغم أزمة إيران المتمثلة في العقوبات المفروضة عليها، فهي بمثابة إطالة أمد الحكومة الإيرانية والتي تمثل بالضرورة إطالة أمد النظام السوري.
حيث إن أبسط ناظر إلى الأزمة السورية، يرى بكل وضوح انهيار نظام الأسد خلال أيام قلائل إذا ما تنحت إيران وانعزلت بالكلية عن الساحة السورية.


الفصل الرابع

نظرة في العلاقة بين الإسلام السياسي ودولة الإمارات:

تشكل الإسلام السياسي في هيئات وجماعات وتنظيمات دعوية كردة فعل على سقوط الخلافة الإسلامية، ثم ما لبثت أن تمدد جسمها التنظيمي لتنخرط من بعيد تارة ومن قريب تارة أخرى في العملية السياسية في المنطقة، ولم تكن تيارات الإسلام السياسي وحدها حاملة شعار التغيير إلا أنها أكثر التيارات التي أثارت ولا تزال تثير جدلاً واسعا وقلقا بالغا بين أوساط الحكومات المستبدة.
ومن حيث العمر الزمني فإن الإسلام السياسي في شكله التنظيمي قد سبق ميلاداً على تكون اتحاد الإمارات العربية، ولم تكن الإمارات بمعزل عن دول الخليج التي استعانت بالجماعات الإسلامية وقتها لسد فراغات واسعة داخل حكوماتها خاصة في مجال التعليم، والتي منحت  تلك النقطة التاريخية فرصة سانحة لبداية تخلق نواة أولى للجماعات الإسلامية عبر قنوات الدولة الرسمية ما لبثت أن تمددت زمانياً وانتشرت جغرافيا داخل الإمارات العربية كما دول الخليج، وإذا ما كانت الإمارات في موضع الاستعانة بخبرات أشخاص الإسلام السياسي فمن الطبيعي أن تتسم العلاقة بالود والصداقة والتعاون حينها، إلا أنه سرعان ما انقلبت العلاقة إلى الضد، واشتحن الجو بالتوتر والقلق، لا سيما أن الدول الديكتاتورية المستأثرة بالسلطة دوماً ما تخشى الأصوات الإصلاحية وتفسرها كدعوات انتهازية للوصول إلى السلطة الذي أدى بدوره لخلق حالة توتر ونصاب عداء تبنت الإمارات على إثره سياسة سلطوية لتقويض الجماعات الإسلامية داخلها، وتضييق مساحة عملها، وحظر الحديث عليها في الحرية والدين.
وبرأي دول الحكم المطلق كما الإمارات، فإنها ترى في الإسلام السياسي خطراً حقيقياً يتحدى مصالحها الفئوية السلطوية، لذا عمدت بكل الوسائل لتنحيته عن المشهد وقطع شريان تدفق الأفراد والأموال إلى صلب جسمه التنظيمي منذ اللحظة التي انتابها القلق اتجاهه، رغم أن تعزز العنصر الديني ليس جديداً على المشهد لا سيما أن الشعب الإماراتي يعتنق الإسلام ديناً. وبحسب استطلاع نشره معهد "بيو" للبحوث فثمة أغلبية توجد في الشرق الأوسط تؤيد جعل الشريعة قانوناً للدولة، وتفضل أن ترى علاقة وثيقة أكثر بين السياسية-الحكم والإسلام، وتحتفظ بالاعتقاد أن للقرآن والحديث ما يقولانه على شكل تنظيم المجتمع والحكومة، وهو عين ما ترفعه جماعات الإسلام السياسي من شعار، وهو عين ما تخشاه الأنظمة الملكية لأنه يعني في المحصلة حاضنتها الشعبية يمكن لها الاتساع مع الزمن حتى وإن بدى المشهد في  الإمارات العربية حتى اللحظة، أن جماعات الإسلام السياسي تتقلص في أجزاء ضيقة جداً من سكانه، إلا أن الحكم المطلق في الإمارات يقرأ المشهد على أنه شرارة كامنة يمكنها أن تحرق الحكم الملكي في المستقبل القريب إذا ما أُطلق العنان لممثلي التيار الإسلامي وتفتحت له أجواء العمل بحرية هناك.

الربيع العربي نقطة تاريخية

تحولت المنطقة العربية بعد ربيعها الأثير إلى كومة من الاهتزازات ومجموعة من زلازل الأحداث أربكت الساحة الدولية والإقليمية، ولم تعد الأنظمة العربية في مقدورها تنبؤ الأحداث وأين تتوقف سلسلة الانفجارات الشعبية، كانت الإمارات من أشد الدول اضطراباً إزاء أحداث ربيع المنطقة اتسمت في سلسلة قراراتها المتخبطة ضد تيارات الإسلام السياسي سواء في داخل حدودها أو خارجها من مناطق الربيع العربي، ويرتبط خوفها المحدد من مؤيدي الاسلام السياسي بحقيقة أنهم يقترحون طريقة بديلة  للمباني السلطوية القائمة، توفر اطارا سياسيا الى جانب الشرعية الدينية. وليس الاسلام السياسي مجرد امكانية لطريقة بديلة _فهو يتحرك من داخل اللعبة الديمقراطية_، وهو ليس مجرد منافس للاساليب القائمة التي تدمج الاسلام بالدولة – كالعلاقة بين عائلة آل سعود وبين المؤسسة الدينية الوهابية – بل انه تهديد على النظام القائم، ومن هنا تكمن خطورته. وبتعبير آخر فانه بسبب العنصر الديني المتجذر فيه ولما كانت العديد من الحركات تدعو لانتخابات ديمقراطية وتشارك فيها، فانه يعرض نفسه بديلا حقيقيا وناجعا للقيادة الحالية، والتي أثبتت أنها قادرة على اسقاط حكومات في دول كبرى كمصر وتونس. ورغم أن الزعماء الاسلاميين أبدوا البرغماتية انطلاقا من الاضطرار ومراعاة ظروف الواقع فليس من المُسلّم به ان يبقى استمرا هذه البرغماتيه على حالها. لذلك فإن الإمارات ترقب بعين القلق التغيرات الإقليمية الكبرى في المنطقة وبعين الحذر الشديد أن تصلها شرارة التغيير، لذا بنت الإمارات سياسة خارجية وداخلية صارمة تحارب بهما الإسلام السياسي، طبقتها منذ بداية الربيع العربي في محاولة لمنع الاضطرابات وتعطيل عناصر التهديد والمحافظة على استقرار الحكم ومحاولة التأثير بقدر الامكان على العنصر الاسلامي كسياسة فاعلة لإجهاضه، غير أن الثورات في المنطقة لم تعطِ الامل فقط لمواطني الإمارات والحركات المحلية التي سعت الى الاصلاح السياسي بل تجعل من الصعب على النظام الملكي الإماراتي مواصلة تصوير معارضيه كـ "اعداء الشعب" حتى وان كان لهم أجندة اسلامية، وحتى لو نجحت الإمارات في تشكيل جبهة موحدة من دول الخليج تجاه الاخوان المسلمين أو تجاه حركات مشابهة تمثل صيغة للإسلام السياسي، فان هذا لا يضمن الحصانة ضد شعبية هذه الحركات. وبالمقابل فان فشل الحركات الاسلامية يمكن أن يساعد النظام الملكي الإماراتي في اقناع مواطنيه بأن البديل ليس جذابا أو قابلا للعيش. وصحيح حتى الآن يبقى سؤال "أين كنت تفضل أن تعيش، هنا أم هناك؟" هو بالفعل حجة مقنعة للإمارات، ولا سيما في ضوء الوضع الصعب لمصر. ولكن من جهة اخرى فان نجاحا محتملا للحركات الاسلامية سيطرح بديلا للوضع الراهن السياسي القائم في الإمارات.
   ويمكن رصد عدد من الخطوات التي قامت بها الإمارات في مواجهتها الإسلام السياسي:


تحركات الإمارات ضد الإسلام السياسي

1. وجهت الإمارات دعوة إلى دول الخليج لتقديم دعم مشترك بينها في سبيل مواجهة الإخوان المسلمين مقابل الدعم الذي توفره قطر لهم، دون أن تبالي لمآلات فعلها من إحداث شرخ بين دول المنطقة وتوتير الأجواء بين دول الخليج وقطر.
2. تعمل الإمارات كل جهدها للحيلولة دون وصول الدعم الخليجي إلى جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وتبذل جهداً موازياً للإبعاد الإخوان المسلمين عن جسم الائتلاف الرسمي للمعارضة السورية خشية أن ينجح الإخوان كبديل لبشار الأسد في سوريا، والتي تراه نجاحاً للإسلام السياسي الذي يمكن أن يمثل في المستقبل بديلاً عن نظامها الملكي في الإمارات.
3. محاولة إفشال الإسلاميين بكل جهدها المالي والسياسي ودعمها اللوجستي لقوى الانقلاب في كل من مصر وليبيا، وقد باركت الإمارات خطوة الانقلاب العسكري في مصر وإقصاء الرئيس المنتخب محمد مرسي كتعبير منها عن انهزام الإسلام السياسي في المنطقة.
4. مساعدة الحكومة الأردنية في مواجهة الإسلامي السياسي والذي يقاتل ضد الإخوان وغيرهم، في المقابل تعادي الحكومات المتعاونة معهم كما قطر التي استدعت سفيرها من بلادهم حتى وصل الخلاف بينهما إلى قطع العلاقات قبل المصالحة التي رعتها السعودية.


5. تخشى الإمارات من نجاح تيار الإسلام السياسي في دول الربيع العربي الذي يمكنه إنشاء كتلة خضراء من الدول التي تقودها جماعات التيار الإسلامي وفي محاولة منها لصد الإسلام السياسي من الوصول إلى مبتغاه أدرجت أكثر من ثمانين منظمة وجماعة إسلامية في لائحة الإرهاب التي أعدتها الإمارات، في محاولة منها لاستباق الأحداث وإجهاض تحركات الإسلام السياسي.
6. نفذت الإمارات اعتقالات وقائية لشخصيات إسلامية إصلاحية ناشطة في الإمارات وأحبطت بقدر الإمكان أعمال المجتمع المدني قضائياً وجففت منابعه وحجزت أمواله وأغلقت مكاتبه.
7. تحاول الإمارات بذل جهد مماثل لإسقاط الإسلاميين في تونس بدعمها للحركات المناهضة لحركة النهضة الإسلامية الفائزة بأصوات الناخبين، وعملت على إثارة البلابل والقلقة في تركيا التي كشف عنها اردوغان مؤخراً عبر الإعلام وتناقلتها الصحف الإخبارية.
8. احتضان كل الشخصيات المعادية للإسلام السياسي من مختلف الدول العربية ودعم تحركاتهم العدائية مالياً وتوفير الإمارات مقرا لأعمالهم، فقد احتضنت سابقا محمد دحلان مكون فرقة الموت في غزة لمواجهة الحركة الإسلامية عسكريا ومحاولة إسقاط حكمها في غزة، كما احتضنت أحمد شفيق من مصر أحد رموز نظام حسني مبارك المخلوع وأهم الشخصيات صانعة الثورة المضادة في مصر لإسقاط حكم الإخوان المسلمين.
9. استقبال البابا تواضروس أحد الرموز المشاركين في بيان الانقلاب على حكم الإخوان في مصر والذي ألقاه عبد الفتاح السيسي بعد ثورة 30 يوليو، في الوقت الذي تعادي فيه الدكتور يوسف القرضاوي رئيس اتحاد العلماء المسلمين وغيره من الإسلاميين وتمنعهم من دخول أرضيها وتدرجه في لائحة الإرهاب التي كتبتها.
10. دعم الحملات الأمريكية العسكرية الموجهة لضرب الإسلاميين في أفغانستان، كما دعمت الحملة الفرنسية لمواجهة الإسلاميين في مالي، ورغم أن كلا من إسلاميي أفغانستان ومالي لا يمكنهما تشكيل خطرا ولو من بعيد على الإمارات، بحكم البعد الجغرافي بينهما إلا أنه يمثل رسالة الإمارات الواضحة في محاربتها لكل قوى الإسلام السياسي.
11. قامت الإمارات بتصنيف جمعيات ومؤسسات إسلامية خيرية تعمل داخل أوروبا في قائمة الإرهاب، ورغم التسجيلات القانونية لتلك الجمعيات وتصريحات العمل لها داخل أوروبا ورغم الفارق الكبير في البعد المكاني بينها والإمارات إلا أنها مثلتها ضمن قائمة الإرهاب، والتي تأتي ضمن الخطوات المتتابعة للإمارات في مشروع محاربتها الإسلام السياسي.


الحرب غير المباشرة

تستخدم الإمارات كل وسائلها لمحاربة الإسلام السياسي ومواجهته بكل الطرائق المباشرة وغير المباشرة، ففي اللحظة التي تعمل على تنحية تياراته المتعددة عن المشهد السياسي في المنطقة تدفع بتيارات إسلامية تدور في فلك السلطة وتعتبرها الإمارات مؤسسات تعبر عن الإسلام الوسطي، فمثلاً تقدم دعمها وتشيد بمؤسسة الأزهر في مصر كمؤسسة تراها الإمارات رائدة ومنوطة بنشر تعاليم الإسلام الصحيحة، رغم أن شيوخها برزوا بوضوح في الأحداث الانقلابية الأخيرة في مصر، واختلطت آراؤهم الدينية بالأحداث السياسية دعماً للأطراف التي تناوئ تيار الإسلام السياسي، ومن بديهيات القول خلال تتبع مؤسسة الأزهر أنها تدور في فلك السلطة وتبرر ديكتاتوريتها واستبدادها بشواهد ونصوص دينية وتدعو الجماهير لإعطاء الولاء لحاكم السلطة مهما استبد وبطش في ديكتاتوريته بحكم "وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم"، أي أنه في اللحظة التي تحارب فيها الإمارات الجماعات الدينية المنخرطة في العمل السياسي محاولة منها لتنحية الدين عن الحكم، فهي تمارس النقيض بدعم المؤسسات الدينية التي تمارس السياسة في صالح الحكام وتحافظ على تراتبية الوضع دون تغيير.
وفي اللحظة التي تصنف فيها الإمارات بعض أعضاء اتحاد علماء المسلمين ضمن الأطراف الإرهابية، أنشأت الإمارات في 2014 مجلسا تحت اسم "مجلس حكماء المسلمين" كأحد أدوات محاربة الإرهاب للوقوف في وجه "اتحاد علماء المسلمين" الذي تصنفه إرهابيا، ولتواجه أيضاً في نفس الوقت الإسلام الوهابي في السعودية والذي ترى أنه أحد أسباب خروج الجماعات التكفيرية والمتطرفة ومنها "تنظيم الدولة" التي أدرجت في مناهجها مؤخرا كتبا لمؤسس الوهابية في السعودية الشيخ محمد بن عبد الوهاب. ومن اللافت في "مجلس الحكماء" أن أغلبية أعضائه من المحسوبين على "الصوفية"، في محاولة إلى الدفع بالحركات الصوفية إلى واجهة العمل الإسلامي في المنطقة، وهو ما رأى فيه مراقبون سعيا إماراتيا لإبراز هذه الحركات وتقديمها كنموذج "معتدل" للإسلام، وذلك لأنها تتميز عن غيرها من الحركات الإسلامية بالابتعاد عن السياسية، والدوران في فلك الحكام والأنظمة.

 كما أن الإمارات تستخدم قضائها في محاكمة كل من يوجه إليها انتقادات بشأن معاداتها للتيار الإسلامي، كما فعلت مؤخراً مع النائب الكويتي مبارك الدويلة عندما أحالته إلى محكمة الاتحاد الإماراتية العليا، ووجهت له اتهامات على إثر انتقاداته لسياسة محمد بن زايد اتجاه الإسلاميين أنه يستغل الدين في الترويح لأفكار تثير الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي.
وفي مجال الدراسات والأبحاث
فإنها على صلة وثيقة بمراكز الأبحاث التي تعنى بدراسة الحركات الإسلامية وتسلط الضوء عليها في بعديها الفكري والاجتماعي السياسي محاولة لإظهار الحركات الإسلامية في عين المواطن الإماراتي على أنها متطرفة أو تصنع المتطرفين.
ومركز المسبار للدراسات والبحوث أبرز تلك المراكز العاملة في الإمارات والتي يرأسها ويملكها الإعلامي تركي الدخيل الذي صرح لقناة "صانعو القرار" بقربه من ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد واستشارته له في بعض المواضيع إضافة إلى تصريحه بالدعم المالي السخي الذي يتلقاه المركز من المسؤولين الإماراتيين، كما ينسب إلى المركز إعداد ملف عن "دعاة الإصلاح" الإماراتيين قبل اعتقالهم، والذي اتهمت الحكومة الإماراتية على إثره "دعوة الإصلاح" وقامت باعتقال قادتها رغم نفيهم التهم الموجهة إليهم. وفي هذا الصدد يشير أستاذ الإعلام السياسي سابقاً في جامعة الملك سعود محمد الحضيف في تغريدات له ‏على تويتر أن ‏المركز يقوم بدور استخباراتي وليس بحثي، وكثير من المعطيات حول مركز المسبار وغيره جعلت مراقبون يطرحون تساؤلا حول الدول الأساسي الذي تلعبه مراكز البحوث فيما إذا كان يمثل العين البحثية للاستخبارات الإماراتية؟
وتزامناً مع شدة الحملة الإماراتية على جماعات الإسلام السياسي:
1. أصدر مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية كتاب "السراب"، تتمحور فكرته الأساسية حول "السراب السياسي" الذي يترتب على الوهم الذي تسوقه الجماعات الدينية السياسية لشعوب العالمين العربي والإسلامي.
2. عقد معهد العربية للدراسات ومقره في دبي ندوة بعنوان نحو أجندة بحثية لدراسة حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي، تلتقي حلقات النقاش مع رؤى الحكومة الإماراتية اتجاه الإسلام السياسي وخطواتها في مواجهته، حيث كانت عناوين الأوراق البحثية تحمل دلالة عدائية اصطفافية أكثر منها بحثية موضوعية مثل الورقة الأولى بعنوان "بعد مرحلة داعش وسقوط الإخوان".
3. كما نظم مركز المزماة للدراسات والبحوث في دولة الإمارات، مجموعة من الندوات تحت عنوان "الإسلام السياسي وثقافة الكراهية" ويكفي الالتفات إلى العنوان لمعرفة المضمون.
وأعلن الدكتور سالم حميد مدير المركز أنه سيتم إطلاق الجزء السابع من سلسلة "جذور التآمر ضد الإمارات" وهذا الجزء سيكون تحت عنوان "تنظيم الإخوان واستغلال طلبة جامعة الإمارات. حتى لا يقع شبابنا في فخ التطرف" ومخصصة في مجملها لكشف مخططات الإخوان وأساليبهم في نشر التطرف والترويج لمشروعهم الذي يطمع في السيطرة على المجتمعات بهدف الوصول إلى الحكم بغطاء انتهازي يستغل الدين وشعاراته بأسلوب سطحي يسهل اكتشافه وتفنيد منطلقاته بالمزيد من الثقافة والنضج الفكري والوعي الوطني.
كما نظم نفس المركز ندوة سقوط الإسلام السياسي بجامعة الإمارات بعنوان "الإمارات تواجه مخططات الإخوان بالقانون .. والتنظيم يمارس الإرهاب الفكري".
أما في مجال الإعلام أطلقت الإمارات في فبراير 2013 فضائية إخبارية جديدة تحت اسم “الغد العربي”، واتخذت لها من العاصمة البريطانية لندن مقرًا رئيسًا فضلًا عن مكاتب أخرى لها بالقاهرة وبيروت وعواصم عربية، وبحسب مصادر إعلامية في لندن: إن الأمن الإماراتي يشرف مباشرة على أجندة هذه الفضائية، وأنها تهدف في المقام الأول إلى التشويش على التيارات الإسلامية التي صعدت للحكم في عدد من الدول العربية والإسلامية.


آراء شخصيات سياسية وإعلامية وصحف إخبارية

1. ذكرت وكالة أنباء الإمارات في مطلع عناوينها أن وزير خارجية الإمارات يناقش في أمريكا مخاطر جماعات الإسلام السياسي، وأطلعت الامارات مسؤولي الحكومة الأمريكية وأعضاء الكونجرس على جهودها لدعم الشعب المصري خلال العملية الانتقالية، وناقشت معهم مخاطر جماعات الإسلام السياسي على الاستقرار في الشرق الاوسط، وناقش عبد الله بن زايد مع المسؤولين الأمريكيين سبل زيادة التعاون بين الإمارات والولايات المتحدة لدرء مخاطر العدوان ومخاطر جماعات الإسلام السياسي والجماعات المتطرفة في المنطقة بهدف تعزيز السلم والاستقرار وتحقيق التنمية في منطقة الشرق الأوسط.
2. في المقابلة التي أجرتها صحيفة "كيه كيد" الأمريكية مع الجنرال ديفيد بتروس مدير المخابرات الأمريكية السابق، أكد قوله بأن الأمارات أكثر دولة خليجية خبرة في العمليات الخاصة واغتيال الإرهابيين الإسلاميين حيث اكتسب جنودها خبرة عالية في ذلك المجال خلال مشاركتهم القوات الأمريكية في عمليات مثيلة في أفغانستان.
3. في الوثائق التي سربتها "ويكليكس" خلال اللقاء الذي جمع محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي لدولة الإمارات مع مسؤول أمني أمريكي، فقد اعترف أن بلاده تسعى بكل ما أوتيت من مال لمواجهة التشدد الإسلامي حسب تعبيره ولهذا السبب فإنها تستضيف أبو ظبي شخصيات ورموز إسلامية محسوبة على الجماعات الصوفية.
4. أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، في كلمة له في جنيف يشيد بدور بلاده الإمارات في محاربة الإرهاب في منطقة تعاني صراعت سياسية حيث يعد الإمارات حسب وصفه نموذجا بديلا لمجتمع سلمي ومتسامح ومعاصر حيث أن بلاده لم تأل جهدا في مكافحة الإرهاب من خلال صدارتها في "مجموعة عمل مكافحة التطرف" وكونها مركزا ل "مركز التنمية الدولي لمكافحة التطرف العنيف"، وذكر انجازاتهم في استضافة بلاده ل منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ومؤتمر "الأديان ت عمل معا لمواجهة التطرف الديني العنيف".
5. جاء في عنوان لتقرير أعدته "فايننشال تايمز" البريطانية، أموال الإمارات تحارب التيار الإسلامي في المنطقة. وقالت أن الإمارات ضخت أموالا كثيرة بقصد بلورة رفضها لسيطرة الإسلام السياسي وتهميش دوره في المنطقة، وقد ضخت المليارات لزحزحة الإسلاميين عن الحكم في مصر كما أنها ضيقت الخناق على الإسلاميين الموجودين على أرضها وقامت بسجن العشرات منهم.
6. وصفت أحزاب الأمة في الخليج، حكومة الإمارات بأنها هي الراعي الأول للإرهاب، وتفتقد للشرعية السياسية، موضحة أن الدول العربية الديكتاتورية تمارس عدوانًا ظالمًا على شعوبها، لمصادرة الحقوق والحريات، وإن حكومة الإمارات تمارس إرهاب دولة ضد مواطنيها ومعارضيها.
وقالت أحزاب الأمة في بيان: "إن ما تقوم به حكومة الإمارات العربية من حملة إرهابية ضد شعبها ومعارضيها في الداخل والخارج لن يضر أحدًا إلا نظام الإمارات نفسه، الذي بدأ بعدائه لشعبه ومصلحيه في الداخل، وانتهى بعدوانه السافر على الأمة وشعوبها في الخارج بمؤامراته وحروبه التي يمولها، كما في أفغانستان ومالي وليبيا ومصر وسوريا والعراق، والمشاركة في العدوان الصهيوني على غزة، ما يؤكد قرب نهايته ونهاية جرائمه الإرهابية التي سيحاكم عليها يومًا ما بإذن الله".
7. الكاتب الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير صحيفة المصريون كتب في تغريدة له، لا يوجد دولة عربية تفرغ كامل إمكانياتها المادية والسياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية، لمحاربة الإسلام السياسي في كل مكان مثلما تفعل الإمارات"، وارتأت صحف فرنسية أن الإمارات تجاوزت إسرائيل في عدائها للحركات الإسلامية.
8. النائب الكويتي السابق مبارك الدويلة، القيادي بحركة سياسية مقربة من جماعة الإخوان المسلمين، وجه اتهامه للإمارات في لقاء معه على قناة المجلس الكويتية بمعاداتها لمذهب الإسلام السني وفرض هذا التوجه على سلطاتها، وتساءل في المقابلة عن سبب كره ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة الإماراتية، محمد بن زايد آل نهيان، للإسلام السني ومحاربته بشدة في السنوات الأخيرة، وقال أنه لا أحد من إخوان الكويت يعرف ما سر هذا الموقف العدائي الشخصاني ضد الإخوان. وأضاف الدويلة أن: محمد بن زايد وحده هو من خلق هذه الروح من الكره والبغض تجاه الإخوان المسلمين وكل ما هو سني.


الخاتمة

حيث ينشأ الاستبداد فإن كل صوت يدعو إلى التغيير هو بمثابة كابوس جديد يؤرق مضاجع الأنظمة الملكية، وبمقدار تجذر العلاقة بين الحاكم والعرش بقدر ما يتعمق الاستبداد في الدول، وبقدر كمية الاستبداد تلتجئ الأنظمة الملكية إلى كل الوسائل لمحاربة دعاة التغيير دون أدنى توازن في التفكير، إذ كيف نفسر محاربة الإمارات للإسلاميين في دول الساحل والصحراء التي تبعد عنها آلاف الكيلو مترات؟ غير أنه تحرك غير متزن تحركه أطماع السلطة لمواجهة التيار الإسلامي والوقوف بقوة أمام أي توجه إسلامي في دول الساحل والصحراء حتى لا تكون قاعدة خلفية لدول الربيع العربي بإفريقيا.
ولم تنج السعودية من تخبط الإمارات في مواجهتها للتيار الإسلامي فقد كشفت وثيقة لويكيليكس يعود تاريخها إلى 25 يونيو 2008، أن وزير الخارجية عبد الله بن زايد قال لمسؤول أمريكي في أبو ظبي: “على الرغم من نوايا الملك عبد الله الصادقة في محاربة (الإسلام) الراديكالي، إلا أن رجلاً في السادسة والثمانين لا يمكن أن يكون راعيًا للتغيير، وأنه لا يرى في الأمراء السعوديين الأصغر سنًا أي وجوه واعدة، كما أن النظام السعودي لا يسمح إلا للفاسدين وأولئك المتحالفين مع شيوخ الدين بالوصول إلى القمة. وأكد كل من عبد الله ومحمد بن زايد بكل صراحة خلال ذلك اللقاء للمسؤول الأمريكي أنهما متشائمان من صعود التيار الإسلامي في الكويت، مؤكدين أن دولة الإمارات تحارب التيار الاسلامي، وخاصة في المدارس والجامعات ومناهج التعليم.
وهنا تبرز تساؤلات عديدة لماذا يستهدف النظام الإماراتي كل التوجهات الإسلامية والمنظمات العاملة للإسلام مع أن كثير منها مرخص في دول العالم؟ ولماذا يتم توجيه تهمة الإرهاب للإسلاميين دون غيرهم بينما يقع إرهاب حقيقي ودولي ترعاه وتدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل ضد المسلمين في كثير من دول العالم؟ ولماذا يتم السكوت على إرهاب الدولة التي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين وضد المسجد الأقصى المبارك؟ ولماذا يتم السكوت على إرهاب الدولة التي تمارسه إيران في كل من سوريا والعراق؟ ولماذا يغيب حزب الله الشيعي عن قائمة الإرهاب مع أنه أكثر الأحزاب إرهاباً وتقتيلا في الشعب السوري؟ وإذا ما كانت تدعي أنها تحارب التطرف وتدعو للإسلام المتسامح فلماذا سكتت عن إرهاب الدول السابقة؟ وهل اتهام الإسلاميين بالإرهاب يخدم الإسلام وأمته إذا ما كان يمثل شريحة واسعة من الناس؟ أم يخدم أعداءه والمتربصين به؟ وأين تقف الإمارات تحديدا في الحرب على الإسلام؟!
المصدر: مركز برق للأبحاث وتقنية المعلومات

http://www.almokhtsar.com/node/435349

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق