سيطرة المتطرفين؟:
خريطة جماعات المعارضة المسلحة في سوريا
08/01/2014
اللواء د. محمد مجاهد الزيات
مستشار أكاديمي للشئون الإقليمية
بعد مضي أكثر من عامين، ما زالت الأزمة السورية تتواصل وتتفاعل ويتزايد نزيف الدماء، ورغم مواقف بعض الأطراف الإقليمية الداعمة للمعارضة العسكرية على اختلافها، سواء جيش سوريا الحر والتنظيمات الجهادية؛ إلا أن كل المحاولات التي تهدف لجعل الجيش السوري الحر هو المظلة الأساسية لجماعات المعارضة المسلحة، وأن يتم توزيع الإمداد والتمويل والتسليح من خلاله؛ قد فشلت.
ويرجع ذلك إلى أن الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة المسلحة، فضلت أن تتواصل بصورة مباشرة مع الجماعات التي تدعمها، وتمولها بالسلاح، وذلك في الوقت الذي ازداد فيه دور الجماعات الجهادية في الصراع السوري بدرجة كبيرة، إلى الحد الذي ذهبت فيه بعض المراكز الغربية إلى تقدير أن هذه الجماعات صارت تشكل أغلبية المعارضة المسلحة.
من المهم في البداية، أن نشير إلى أن مجمل التنظيمات الجهادية، سواء المتطرفة أو المعتدلة؛ تمثل الثقل الأساسي في المعارضة العسكرية السورية، بل إن بعض فصائلها تحوي الكتائب المناطقية غير الجهادية التابعة لجيش سوريا الحر بصورة كبيرة.
وفي هذا الإطار، تحاول هذه الورقة إيضاح طبيعة التوازن الميداني في سوريا، وموقع التنظيمات الجهادية في ساحة المعارضة العسكرية السورية، وكشف توازن القوى الذي تحظى به مقارنة بباقي المعارضة العسكرية.
وجود القاعدة في سوريا:
خلال الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، استقر فرعان لتنظيم القاعدة بين المنظمات التي تقاتل من أجل الإطاحة بنظام بشار الأسد، أبرزها جبهة النصرة، ويعمل إلى جانبها تنظيم يطلق عليه اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"(داعش)، ويخضع لتنظيم القاعدة في العراق، وجيش المهاجرين والأنصار.
1- جبهة النصرة:
من بين فرعي القاعدة في سوريا، تعتبر جبهة النصرة أبرز تنظيم يتبع لها، وقد تم الإعلان عن تشكيل التنظيم في أواخر يناير 2012، أي بعد مرور نحو عشرة شهور على قيام الثورة في سوريا.وتقوم الجبهة بإدارة وحكم عدة بلدات ومدن في حلب والرقة والحسكة ودير الزور، وهي المناطق التي حررتها من قوات النظام، وقد أقامت نوعًا من الإدارة لتسيير الحياة فيها.
وبعد تشكيل الدولة الإسلامية في العراق والشام في إبريل 2013، فإن جزءًا من أعضاء كتائب جبهة النصرة انشق وانضم إلى داعش، وهو ما أدى إلى إضعاف وجود جبهة النصرة في بعض المناطق من البلاد، وخاصة في دير الزور على الحدود مع العراق، حيث سيطرت عليها داعش بصورة كبيرة، إلا أنها استعادت نفوذها بعد عودة المقاتلين الأجانب الذين سبق أن تركوها وانضموا إلى داعش، خاصةً بعد بيان أيمن الظواهري الذي جاء فيه أن الولاية المكانية لجبهة النصرة هي في سوريا، بينما تعود "داعش" إلى ميدانها الأساسي في العراق.
ويعد "الجولاني" أمير تنظيم الجبهة، أي المسئول السياسي والديني له، ويتبعه مجلس شورى المجاهدين الذي يمثل السلطة العليا الشرعية التي تحدد استراتيجية عمل التنظيم، كما يوجد نظام ثلاثي للقيادة على المستوى المحلي، يحكم عمل فروع تنظيم النصرة على مستوى سوريا، حيث يقود كل منطقة ثلاث قيادات، وتشترك جميعها في تنفيذ العمليات وفقًا للاستراتيجية التي يضعها مجلس الشورى الخاص بالتنظيم.
كما شكلت جبهة النصرة مجلسًا عسكريًّا في حوالي 11 محافظة سورية، ويقوم بتنسيق العمليات العسكرية، وإصدار بيانات سياسية ودينية، ويحدد مسار العمليات، وينسق بين عمل مجموعاتها، وكذلك المجموعات والتنظيمات الجهادية ذات الصلة بها.
وبصفة عامة، يمكن القول إن معظم القيادات العليا للتنظيم إما عراقيون أو سوريون، مثل: ميسر علي موسى عبد الله الجبوري، وهو عراقي الجنسية، وأصبح القائد العسكري والديني للجماعة في شرق سوريا، وأنس حسان خطاب، وهو عراقي يعمل منسقًا عامًّا للتنظيم، كما أن معظم أعضائها من الجهاديين السوريين الذين كانوا في ساحات الجهاد الأخرى، وتحديدًا العراق وأفغانستان والشيشان، وعادوا إلى سوريا، ويقدر عددهم بما يتراوح بين 8 – 10 آلاف مقاتل، كما تضم مقاتلين من ليبيا، والأردن، والسعودية، واليمن، والعراق، وتركيا، وتونس، وأوزباكستان، وطاجكستان، بالإضافة إلى مجاهدين أوروبيين، وقد أشارت بعض المصادر البريطانية والألمانية والفرنسية إلى أنهم حوالي 800 مقاتل أوروبي من جنسيات مختلفة.
كما تعد الجبهة إحدى أقوى قوات المعارضة السورية المسلحة؛ حيث إنها أصبحت أقرب إلى "جيش صغير"، منها إلى ميليشيا تتبنى أسلوب حرب العصابات، فضلا عن قيامها بشن سلسلة من الهجمات المعقدة، وامتلاكها ترسانة ضخمة من الأسلحة، مع قدرتها على السيطرة على مساحات واسعة في سوريا، بالإضافة إلى قدرتها على القيام بهجمات متواصلة، والسيطرة على مواقع ومنشآت عسكرية.
فمنذ النصف الأخير من 2012 وحتى 2013، نجحت الجبهة في الاستيلاء على كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة، واستطاعت أن تشن هجمات باستخدام الدبابات، ولذلك تعد من أخطر الجماعات الجهادية في سوريا. وتمكنت وحلفاؤها من السيطرة على موارد سيادية حيوية في شمال سوريا وشرقها، شملت حقول وخطوط أنابيب للنفط والغاز، وسدودًا، ومحطات توليد كهرباء، وصوامع، وتقوم بتفعيل هذه البنى التحتية، وتهريب النفط، لتوفر دخلا شهريًّا يساعدها على دفع الرواتب، وشراء الوسائل القتالية، وتقديم الخدمات للسكان.
وتتحدد مصادر تمويل جبهة النصرة في المساعدات المالية التي تتلقاها من تنظيم القاعدة في العراق، ومن بيع المنتجات الرئيسية للمواطنين، إذ تولد قدرًا ثابتًا من الدخل في مناطق عملياتها من خلال تحكمها في بيع بعض المنتجات الرئيسية مثل الدقيق والخبز والوقود، كما حصلت على إمدادات القمح من تركيا. وذلك بالإضافة إلى التبرعات الفردية من بعض المواطنين المقيمين في دول الخليج والشرق الأوسط.
ويضاف إلى ما سبق استيلاء التنظيم على حقل العمر البترولي في دير الزور، وهو أكبر الحقول النفطية السورية، وهو وإن كان يوفر لها مصدرًا هامًّا للدخل؛ فإنه سوف يحملها كذلك مسئوليات كبيرة في إدارة الحقل، أو الدخول في مشاحنات مع تنظيمات أخرى بهذا الخصوص.
ولم تقم جبهة النصرة بأية عمليات خارج سوريا، على الرغم من تأكيد مسئولين في سوريا والعراق على أن عناصر التنظيم دخلوا إلى أراضي الدولتين وخرجوا منها منذ تكوين الجماعة في يناير 2012، كما لم تقم الجبهة بإقامة تحالف مع أي جماعة جهادية في سوريا، ولكنها تعاونت ميدانيًّا مع بعض الجماعات المنضوية تحت لواء الجيش السوري الحر، وبعض الجماعات الإسلامية مثل أحرار الشام، وصقور الشام، وأنصار الشام، كما أن للجبهة علاقات قوية مع عدد من الجماعات الأصغر في شمال وشرق سوريا، مثل مجلس شورى المجاهدين، وجيش المهاجرين والأنصار.
2-تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش):
تم تأسيسه عندما أعلن أبو بكر البغدادي عن تأسيس "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ككيان جامع يضم تنظيم القاعدة في العراق، وجبهة النصرة في سوريا، غير أن أبا محمد الجولاني رفض هذا الاندماج، وأقسم يمين الولاء لأيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، في إشارة إلى رغبته في الحفاظ على استقلالية جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة في العراق.
واستطاع التنظيم السيطرة بصورة منفردة، وأحيانًا مشتركة، على مناطق في محافظة حلب (الباب – مدينة حلب – إعزاز – جرابلوس)، ومحافظة إدلب (الدانة – سرمدة)، والرقة (مدينة الرقة والطبقة)، كما أن للتنظيم وجودًا في شرق سوريا، خاصة في المناطق الحدودية مع محافظتي نينوى والأنبار العراقيتين.
وقد اصطدم التنظيم بالكتائب الإسلامية الأخرى، بسبب سعيه إلى بسط نفوذه على مناطق سيطرتها، ومن ذلك اصطدامه في ريف اللاذقية بمختلف الكتائب الإسلامية هناك، وتحديدًا أنصار الشام، وأحرار الشام، وكتيبة المهاجرين، ونصرة المظلوم، كما دخلت داعش في احتكاك مباشر مع السكان بسبب محاولة فرضها نظامًا دينيًّا متشددًا على الناس يقوض حريتهم، فضلا عن قيامه بتنفيذ عدة عمليات إعدام ميدانية للمناوئين له.
وتستهدف عمليات داعش بصورة واضحة الشيعة، والعلويين المدنيين، ففي منتصف يونيو 2013، قامت بالتعاون مع حركة طالبان الإسلامية بتدمير عدة مساجد للشيعة في قرية حطلة في دير الزور، وهو ما يزيد من حدة الاحتقان المذهبي في سوريا، ويؤثر على شعبية المعارضة العسكرية السورية بصفة عامة، ويثير قضايا حماية الأقليات.
وعلى الرغم من الخلافات بين جبهة النصرة وداعش؛ فإن التنظيمين لا يزالان يتعاونان معًا ضد النظام السوري، وكذلك ضد الأكراد في الرقة والحسكة، ومناطق في حلب وإدلب دون تنسيق مركزي للعمليات.
وقد حدث تحول في عمل التنظيم مع إصدار أيمن الظواهري -زعيم تنظيم القاعدة- في نوفمبر 2013 قرارًا بإلغاء الدولة الإسلامية في العراق والشام، ومنح زعيمها إبراهيم عواد البدري السامرائي (أبو بكر البغدادي) زعامة الدولة الإسلامية في العراق لمدة عام، والتي تكون ولايتها المكانية العراق فقط، مع فصل جبهة النصرة، ومنح زعيمها أبي محمد الجولاني ولاية مكانية على سوريا لمدة عام.
وجاء هذا القرار مرتبطًا بحدوث خلافات تصاعدت في الفترة الأخيرة بين قيادات النصرة وداعش فيما يتعلق باستراتيجية العمل العسكري، فضلا عن التباين في طريقة عمل التنظيمين، حيث يرى تنظيم النصرة أنه يمكن التعاون مع الكتائب والفصائل السورية المعارضة على اختلاف اتجاهاتها وعقائدها، كما يرى أن الهدف الاستراتيجي له هو إسقاط النظام السوري، وإقامة الدولة الإسلامية في سوريا، بينما تركز استراتيجية البغدادي على عدم الالتزام بالحدود، وإقامة الدولة الإسلامية على اتساع بلاد الشام والعراق.
وقد رفض البغدادي قرار الظواهري، وأعلن التمسك بولاية لا تعترف بالحدود، وسيستمر تنظيمه في التركيز على منطقة الحدود السورية-العراقية وكذلك العراقية-التركية، والانتشار منها إلى داخل سوريا، كما أنه سيستمر في اصطدامه بجماعات المعارضة الأخرى، وارتكاب ممارسات طائفية.
وقد كشف هذا الخلاف عن افتقاد التنظيم الأم للقاعدة وزعيمه أيمن الظواهري القدرات التنظيمية للتحكم في عمل روافد التنظيم، خاصة في كل من العراق وسوريا، وبالتالي فإن رفض البغدادي لقرار الظواهري يؤكد أنه لن يعترف بالحدود المكانية.
3-جيش المهاجرين والأنصار:
ويعد من الفصائل الجهادية السلفية في سوريا، والتي لها ارتباط بتنظيم القاعدة بسبب انتماء بعض قياداتها لها، وممارستهم للعمل الجهادي في أفغانستان والعراق، ويضم بضع مئات من المقاتلين الأجانب، ويتركز نشاطه في بعض مناطق ريف حلب.
ويقود التنظيم الجهادي الشيشاني أبو عمر الشيشاني، الذي أعلن عن تحالفه مع الدولة الإسلامية في العراق والشام، ويقوم بنقل أخباره من خلال منتدى تستخدمه إمارة القوقاز التي تصنفها السلطات الروسية على أنها تابعة للقاعدة.
تزايد نشاط الجماعات السلفية الجهادية:
يتزايد في سوريا نشاط الجماعات السلفية-الجهادية غير المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي دخلت في بعض الحالات في صراعات مع تنظيمات القاعدة، لا سيما داعش، وتتمثل أهم هذه الجماعات في "الجبهة الإسلامية" التي تتألف من سبعة فصائل إسلامية اندمجت فيما بينها لتشكل الجبهة، والتي وصفتها بـ"التكوين السياسي والعسكري المستقل" الذي يهدف إلى إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، وبناء دولة إسلامية في سوريا، وتتمثل هذه الفصائل السبعة فيما يلي:
1- صقور الشام: تأسست على يد الشيخ أحمد عيسى الشيخ في منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب في سبتمبر 2011، ولا تزال تتركز عملياتها في محافظة إدلب، وقد أصبحت أكثر تطرفًا في 2013، من حيث أنشطتها العملياتية، وعلى مستوى الخطاب السياسي والإعلامي. وتم اختيار أحمد أبو عيسى كرئيس للجبهة الإسلامية الجديدة، وذلك على الرغم من أن صقور الشام ليست أقوى كتيبة في هذا التحالف.
ويدّعي لواء صقور الشام أنه يتكون من حوالي 17 جماعة، ويضم ما يتراوح بين 8 – 9 آلاف مقاتل، معظمهم في إدلب وحلب، وكذلك في ريف دمشق، وإن كان أحد فصائله قد انشق وأعلن استقلاله العملياتي في يوليو 2013، وهو اللواء داود. ودخلت صقور الشام في صراعات مع الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في الشهور الأخيرة، وهو ما أثر على قدراتها وعملياتها في مواجهة النظام.
2- لواء التوحيد: ويعتبر من الفصائل ذات الصلة بجماعة الإخوان المسلمين، وتكون في يوليو 2012 من خلال اندماج عدة كتائب مناطقية وجماعات مسلحة تتمركز حول حلب، وذلك بهدف توحيد العمليات العسكرية في المنطقة ضد النظام، وهو أكبر التنظيمات التي ينتمي قادتها لتنظيم الإخوان المسلمين في سوريا.
وقد أسس لواء التوحيد عبد القادر صالح، الذي قتل منتصف شهر نوفمبر الجاري، ويقود الجناح السياسي فيه عبد العزيز سلامة، ويضم حاليًّا حوالي 11 ألف مقاتل، ويعتبر لواء التوحيد هو الفاعل المهيمن على محافظة حلب، وإن كان نفوذ لواء التوحيد قد تراجع لصالح دولة الإسلام في العراق والشام، وذلك منذ منتصف 2013.
وعلى الرغم من أن لواء التوحيد تبنى توجهًا إسلاميًّا معتدلا، إلا أنه تعاون مع الكتائب الإسلامية المتطرفة المرتبطة بالقاعدة، كما أنه يتمتع باحترام من جانب الجماعات الأخرى، وهو ما اتضح في سبتمبر 2013 عندما تمت دعوة لواء التوحيد للوساطة بين داعش وأحد الفصائل المنضوية تحت الجيش السوري الحر، وقبل الطرفان وساطته.
وعلى الرغم من أن لواء التوحيد ينشط في حلب بصورة رئيسية، إلا أنه نشر عدة مئات من قواته في الطبقة في محافظة الرقة في فبراير 2013، وفي القصير في يونيو 2013.
3- جيش الإسلام: تأسس لواء الإسلام –النواة الأساسية لجيش الإسلام فيما بعد– في صيف 2011 على يد زهران علوش، وهو سلفي بارز من ريف دمشق، وقد كان مسجونًا حتى منتصف عام 2011، وكان في السابق عضوًا في الجبهة الإسلامية لتحرير سوريا. وعلى الرغم من أن معظم عملياته كانت مقصورة على هجمات منخفضة الوتيرة في الضواحي الشمالية والشرقية في دمشق، إلا أن التنظيم قام بعمليات كبيرة، ومنها تفجير مقرات الأمن الوطني في دمشق في 18 يوليو 2012، الذي قتل خلاله عددًا من كبار المسئولين، بما في ذلك وزير الدفاع ونائبه.
وقد أسس زهران علوش لواء الإسلام مع والده "عبد الله" رجل الدين السلفي السوري المقيم بالسعودية، إلا أنه لم يعلن معارضته شخصيًّا للقاعدة، أو للائتلاف الوطني السوري، لكنه انتقد الفشل في توحيد صفوف المعارضة المسلحة في معرض تفسيره لأسباب تشكيل جيش الإسلام.
وتم تكوين جيش الإسلام من خلال اندماج أكثر من مائة جماعة وكتيبة عسكرية في إطار واحد خلال الفترة الأخيرة، ليغدو بذلك واحدًا من أكبر جماعات المعارضة وأفضلها تنظيمًا، ويحظى باحترامٍ حتى بين المعارضين غير الإسلاميين لفاعليته، وينتشر في ريف دمشق والقلمون، ويتكون من بضعة آلاف من المقاتلين.
وقد لعبت بعض الدول الإقليمية دورًا في تشكيل جيش الإسلام بالضواحي الشرقية لدمشق تحت قيادة زهران علوش، زعيم جماعة لواء الإسلام، وذلك في أواخر سبتمبر 2013، وذلك لتقوية شوكة السلفيين الجهاديين الموالين في مواجهة جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام وتنظيم النصرة.
4- حركة أحرار الشام الإسلامية:كانت أحرار الشام جزءًا من جبهة سوريا الإسلامية المتشددة، وتعد واحدة من أكثر الجماعات الجهادية السلفية في سوريا تطرفًا، وقد أعلن حسان عبود –زعيم التنظيم- أن الديمقراطية هي إحدى أدوات الغرب، وأن الشريعة الإسلامية وحدها هي المقبولة، وغالبًا ما تقاتل هذه الجماعة وتتعاون مع الجماعات المرتبطة بالقاعدة في سوريا.
ويقوم مكتب الإغاثة التابع لحركة أحرار الشام الإسلامية بنشاطات مجتمعية عديدة، منها تقديم غذاء ووقود مجاني ومدعوم للسكان المحليين، فضلا عن إدارة المدارس وأتوبيسات النقل في مدينة الرقة وحلب، وتعد من أكبر مقدمي الخدمات للسكان المحليين، وتمتلك أحرار الشام قسمًا تكنولوجيًّا مسئولا عن القيام بهجمات عبر الإنترنت على مواقع حكومية.
5- أنصار الشام: وهي جزء من الجبهة الإسلامية السورية، ولكنها تعمل بصورة أساسية في اللاذقية، ومن الملاحظ أنه ليس لهذه الجماعة أي بيانات عامة حول أيديولوجيتها، وهو ما يمكن إرجاعه لعدم وجود هيكل قيادي قوي لهذه المجموعة، ولكن يمكن القول إن أيديولوجيتها يمكن التعرف عليها من خلال الجبهة الإسلامية السورية، حيث تهدف إلى إسقاط النظام، وإقامة الشريعة الإسلامية، وتُخصص هذه الجماعة جزءًا من وقتها لتقديم خدمات للمواطنين.
6- لواء الحق: تأسس في أغسطس 2012، وذلك كتجمع لكتائب معارضة في حمص، وهو جزء من الجبهة الإسلامية السورية، وهو يدعي أنه ليس جماعة سلفية، ولكنه يظل الأصغر حجمًا في هذا التحالف.
7- الجبهة الإسلامية الكردية: وهي أصغر قوة مسلحة في هذا التحالف، حيث يقدر عدد أعضائها بأقل من ألف مقاتل. وقد حاربت مع التنظيمات المرتبطة بالقاعدة ضد قوات حماية الشعب الكردية، التابعة للاتحاد الديمقراطي الكردستاني.
ويعد هدف هذه الجبهة هو الاندماج التام بين الجماعات السبع، وليس مجرد وضع إطار تنسيقي بينها، ومن المتوقع أن يكون هذا الاندماج تدريجيًّا، ويستغرق فترة زمنية تمتد لحوالي 3 أشهر، ومن المتوقع أن تنضم إليها مزيد من الجماعات المعارضة في الأيام القادمة.
وتضم الجبهة حوالي 45 ألف مقاتل، وتمتلك كتائب تنتشر في دمشق، وحمص، وإدلب، واللاذقية، وحلب، وتضم بعض الكتائب الأشد تطرفًا مثل حركة أحرار الشام الإسلامية، وهو ما قد يدفع الجبهة كلها في هذا الاتجاه، ولكنها لا تضم أيًّا من الجماعات المرتبطة بالقاعدة.
وقد تضمنت الهيكلية الجديدة للجبهة الإسلامية تعيين أبو عمر حريتان من لواء التوحيد نائبًا لأحمد عيسى الشيخ، على أن يكون أبو راتب الحمصي من لواء الحق في الأمانة العامة، مع تعيين أبو العباس من أحرار الشام المسئول الشرعي، بينما ترأس علوش القيادة العسكرية، وعبود الهيئة السياسية.
ولم يتم الإعلان عن تشكيل قيادة سياسية للجبهة، وقد يكون ذلك استجابة لضغوط إقليمية مورست على قادة هذه الفصائل، وذلك لكي تنسق مع قيادة الجيش الحر من دون أن تعلن نفسها قيادة بديلة سياسيًّا للائتلاف الوطني السوري المعارض وحكومته المؤقتة برئاسة أحمد طعمة.
استمرار سيطرة الجهاديين:
إن الواقع الميداني في سوريا يشير إلى أن التنظيمات العسكرية الجهادية اكتسبت وزنًا وثقلا ميدانيًّا كبيرًا في إطار المعارضة العسكرية السورية؛ حيث إن قدرة جبهة النصرة وتنظيم دولة الإسلام في العراق والشام في الحصول على المقاتلين الأجانب، ووجود شبكات دعم لها في أوروبا وغيرها من المناطق، فضلا عن خبرتها في تصنيع القنابل؛ يدل على أنها تمتلك القدرة على تخطيط وتنفيذ عمليات لها فاعليتها ضد النظام، ويتيح لها حضورًا ميدانيًّا قويًّا مقارنة بغيرها من التنظيمات.
حيث يقدر عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بما يتراوح بين 5 – 10 آلاف مقاتل، ويقدر عدد الجنسيات الأوروبية بحوالي 1200 جنسية، في حين أن هناك أعددًا أقل من المقاتلين جاءت من البلقان، وكندا، والقوقاز، وجنوب آسيا، وإفريقيا جنوب الصحراء، والولايات المتحدة، بل إن بعض التقديرات تذهب إلى أن عدد المقاتلين الأجانب الذين سافروا إلى أفغانستان للجهاد في الفترة من 1980 – 1992 يقدر بما يتراوح بين 5 – 20 ألف مجاهد، وبالتالي فإن وصول ما يتراوح بين 5 – 10 آلاف مقاتل أجنبي إلى سوريا في 18 شهرًا فقط، يوضح تحول سوريا إلى ساحة للجهاد.
كما أن سعي الجماعات الجهادية الرئيسية للتوحد في إطار واحد هو تطور طبيعي بالنظر إلى التقارب الفكري بين هذه الجماعات، فضلا عن قيام الجماعات الجهادية الرئيسية بخوض معارك مشتركة ضد الجيش النظامي، إلا أن محاولات استثناء التنظيمات الجهادية المرتبطة بالقاعدة لن يقدر لها النجاح.
ورغم أن هناك تنظيمات تلتزم بخط الإخوان المسلمين، خاصة (كتائب الفرقان وغيرها)؛ فإن هناك كتائب أخرى تابعة لها تنتشر ضمن تكتلات الفصائل الجهادية الأخرى، وهو ما يكشف عن مخطط الإخوان المسلمين السوريين لامتلاك التأثير داخل قطاعات متعددة في التنظيمات الجهادية السورية على اختلافها، والحرص على التواصل معها.
إلى جانب ذلك، تنزع الجماعات الجهادية في سوريا لاتباع تكتيكات تهدف لكسب ود وتعاطف السكان المحليين، مثل: تقديم المساعدات الإنسانية، وتوفير الأمن، وإنشاء مكاتب مخصصة لذلك، وهو ما ساعد هذه الجماعات في الحفاظ على دعم السكان المحليين.
(*) مستشار المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، ورئيس المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق