الاثنين، 29 فبراير 2016

الهوية السنية دواعي الوجدان وضرورات الإعلان




عمل الشيعة منذ تأسيس الدولة الوطنية في العراق سنة 1921 على خدمة كيانهم كشيعة - وإن سايروا التيار أحياناً بشعارات وطنية لا يؤمنون بها - وبرز هذا التوجه بوضوح بعد الاحتلال. كذلك عمل الكرد على خدمة كيانهم ككرد وتقويته والمطالبة بحقوقهم على هذا الأساس بلا مواربة ، على العكس من السنة العرب – يا لَلأسف! - إزاء هويتهم السنية؛ إذ صاروا يترددون من ذكرها، ويخجلون من الانتساب إليها، وساروا على النهج الوطني: شعاراً وتطبيقاً، قبل الاحتلال وبعده.
تلك هي المقدمة بكل اختصار.. فماذا كانت النتيجة؟
1.  قويَ الشيعة حتى سيطروا على مقاليد البلد.
2.  قويَ الكرد حتى صارت لهم حكومة وبرلمان محلي.
3.  ضعُفَ أهل السنة حتى إنه ليس لهم اليوم من كيان يؤويهم، أو جهة تمثلهم، ولا حتى شخص ينطق باسمهم!
والسؤال الأهم: " لماذا ؟ " والجواب يكمن في المقدمة.

من ضرورات الإعلان بالهوية السنية
لو جرى الالتزام من الجميع بالعقد الوطني، فلم يعلن الشيعي أو الكردي بهويته، لكان بالإمكان أن يؤتي العقد الوطني ثماره بصورة عادلة. ولكن الالتزام كان من طرف واحد فاختلت المعادلة. فأصبح الإعلان بـ(الهوية السنية) في بلد مثل العراق ضرورة، ليس من الناحية الدينية فقط، بل السياسية أيضاً.
لقد كوّن الشيعة دولتهم، والكرد إقليمهم. وبقي السنة بلا دولة ولا إقليم، بل ولا مكان تحت الشمس يمَكّنهم من العيش بكرامة وحرية وأمان!
الأهم من ذلك هو أن (سنة العراق)، لا سيما العرب منهم، استهدفهم الشيعة بالظلم بناءً على هويتهم السنية؛ إذ يكفي حتى تحرم من حقوقك أن تكون سنياً. ويصل هذا الظلم إلى حد الحرمان من حق الحياة، وحق الكسب، وحق الحرية، وحق الكرامة. وتزداد الصورة بشاعة حين تعلم أن حرمان السني من حقوقه، وعلى رأسها حق الحياة، يمارسه الشيعة طبقاً لعقيدتهم؛ فليس الأمر واقعاً لسبب عارض كما يتظالم البشر فيما بينهم، إنما ظلم السنة أمر مقصود دينياً، ويجري تنفيذه منهجياً.
كل هذه الأمور مجتمعة تستدعي من السنة في العراق وما شابهه من أقطار أن يلجأوا إلى هويتهم السنية فيعلنوا بالانتماء إليها، ويبرزوها ويعتزوا بها.

مكاسب ( الهوية السنية )
إن رفع لافتة (الهوية السنية) يحقق للسنة مكسبين عظيمين في طريق رفع الظلم عنهم واستحصال حقوقهم:
الأول: تأسيس (قضية) لهم في الداخل، تجعلهم يلتئمون فيما بينهم، ويتجمعون في كيان واحد يمكنهم به أن يدفعوا الحيف عن أنفسهم، ويستحصلوا حقوقهم، ويبنوا مناطقهم، ويعمروا إقليمهم، أو دولتهم. وليعتبروا بإقليم كردستان وما فيه من أمان وتطور وعمران، وتمتعه بقوة قادرة على ردع الحكومة المركزية الشيعية من ظلمهم وهضم حقوقهم. من دون هذه الخطوة يستحيل عليهم استعادة العراق من يد الشيعة وتخليصه من التبعية لإيران.
والثاني: (تدويل القضية) في الخارج. وهذا الأمر لا بد منه لاستكمال تحقيق المكسب الأول. فلو خرج السنة بقضيتهم إلى المنابر الدولية، وصرخوا في آذان المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية، وأسمعوهم صوتهم، وقدموا وثائق الإدانة للحكومة الشيعية بتوابعها من أحزاب ومليشيات ورجال دين أوغلوا في الدم السني، وبصورة منهجية وصلت إلى حد الإبادة الجماعية المنظمة، وبينوا أن ذلك كله يجري طائفياً، وأن طائفة كبيرة في العراق هي (السنة) يتم إبادتها على يد طائفة أخرى تمسك بزمام القوة هي (الشيعة).. لو فعلوا هذا لسمع العالم صوتهم، واستجابت المنظمات الحقوقية، والمحاكم الدولية لقضيتهم. واستثار ذلك أبناء العرب (وهم سنة) في الأقطار العربية حولهم، وكسبوا عطف الكرد (وهم سنة) وموقفهم، وحوصر الشيعة من كل جانب في جحرهم. وبهذا نكون قد انتزعنا العراق العظيم من أيدي الشيعة، فضلاً عن التمكين لنا في مناطقنا.
وأعظم من ذينك المكسبين حيازة رضا الرب؛ فالله تعالى لا يعين قوماً لا يرفعون لدينه راية. فرفع الراية السنية تستجلب رضا الرب جل جلاله، وتدفع غضبه الذي حل بنا منذ أن كذبنا عليه وعلى نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى دينه وعلى خلقه بقولنا: "لا فرق بين شيعة وسنة "، بينما الفرق بينهما كالفرق بين الثرى والثريا. وتجاوز هذا الكذب الفاضح منبر السياسة، ليصل إلى منبر الدين!
لقد فقد سنة العراق هويتهم في زمن تغول الهويات، ففقدوا كيانهم، وأضاعوا حقوقهم. و(نسوا الله فنسيهم) ووكلهم إلى أنفسهم. فإن راجعوا أنفسهم ورجعوا إلى دينهم وهويتهم، وقرأوا جيداً مفردات واقعهم، عاد إليهم عزهم، واستعادوا عراقهم، والله معكم ولن يترهم أعمالكم. وإلا فليس ينتظرهم إلا التشرذم والزوال وسوء المآل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق