الأحد، 21 فبراير 2016

(حكاية حسن).. وغلطة الشاطر! بقلم: عبدالله المفلح



2016-02-21






ما حصل بالأمس من نشر قناة العربية لبرنامج بعنوان "حكاية حسن"، هو خطأ فادح أشبه ما يكون بالطعنة النجلاء في ظهر السعودية وشعبها وجنودها، الذين يقاومون اليوم التمدد الإيراني وأذنابه بالنيابة عن الأمة في اليمن وفي سوريا .

لقد عرضت العربية البارحة فيلماً دعائياً عن السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وهو فيلم لم يكن ليحلم بمثله حسن نصر الله، فلم يدر في خلده ولا خلد أكثر المتفائلين من قطيعه، أن يتم نشر هذا الفيلم التمجيدي على قناة محسوبة على السعودية .

حتى نعرف فداحة الجرم في نشر مثل هذا الفيديو المطبل لحسن نصر الله، علينا أولاً أن نلحظ التوقيت، لنفهم لماذا الآن بالذات؟

بالأمس فقط أصدرت المملكة العربية السعودية قراراً بإيقاف الهبة السعودية للجيش ولقوات الأمن اللبنانية، نظراً لمواقف الحكومة اللبنانية المؤيدة لإيران، والتي يسيطر على قرارها حزب الله، رغم المساعدات والهبات والدعم الذي توفره السعودية منذ عقود.

ليس هذا فقط هو ما استرعى انتباهي، بل أيضاً أن يأتي هذا البرنامج الترويجي في خضم إعلان السعودية عن عزمها على التدخل في سوريا، التي تقتل إيران وبشار وحزب الله شعبها، الأمر الذي جعل نشر البرنامج وكأنه يأتي في إطار الاختراق الإعلامي، الذي يقوم به جنود إيران للإعلام المحسوب على السعودية.

زد على أنَّه يأتي في إطار تهديدات مستشار الولي الفقيه علي ولايتي للسعودية، بأن إيران ستتدخل بمعية روسيا في اليمن!

حين سمعنا بخبر البرنامج ظننا أن البرنامج سيميط اللثام عن صفوية نصر الله وارتباطه العضوي بإيران، وتصريحاته واعترافاته بهذا الخصوص كثيرة، ويستطيع أصغر هاوٍ جمعها وترتيبها في دقائق، ومن ثم نشرها في العلن. أو أن البرنامج سيفضح جرائم حزب الله وأمينه العام، والتي أودت بحياة عشرات الألوف من السوريين. أو أنَّه في أضعف الأحوال سيتكلم عن تسبب حسن نصر الله وحزبه في شغور موقع الرئيس في لبنان.

لكن ما حصل سبب صدمة كبرى للشارع العربي والسعودي بشكل خاص.

كسعودي صُعقت وأنا أرى برنامجاً وثائقياً يصوِّر حسن نصر الله المجرم، الذي يشتمنا ليل نهار ويصفنا بعبيد الأمريكان والصهاينة، ويقتل إخوتنا في سوريا، صُعقت وأنا أرى البرنامج يصوِّر حسن نصر الله برجل كل الحروب، الهبة الإلهية كما سماها أحد مريديه في الفيلم، وينقل الفيلم تفاصيله كما لو أنه ينقل تفاصيل مناضل كتشي غيفارا مثلاً، وليس تفاصيل المجرم السفَّاح والعميل الإيراني حسن نصر الله، الذي يقول عن حزبه "نحن إيران في لبنان ولبنان في إيران"، والذي يُذكِّرنا كلما سنحت الفرصة بأنَّ حزبه تابع لإيران!

السعوديون غاضبون جداً. فمنذ صباح اليوم ما إن ألتقي بأحد إلا ويكون مادة الحوار هو برنامج "حكاية حسن"، وقلة الحياء والوقاحة التي تتمتع بها قناة العربية كي تنشر فيلماً دعائياً مثل هذا، وفي هذا الوقت بالذات.

ولعلَّها المرة الأولى منذ زمن طويل، التي يتوحد فيها الشارع السعودي ضد قناة العربية. فلقد وصف الكثير من الليبراليين نشر قناة العربية لهذا البرنامج بهذا المحتوى التطبيلي الفج، بأنَّه سقطة لا تغتفر، وخطأ فادح لا ينبغي أن يمر مرور الكرام.

إن نشر فيلمِ دعائيِ يتم من خلاله التطبيل للعدو الذي نواجهه في اليمن وسوريا، والذي دفعنا العشرات من الشهداء في معركة مقاومته، لهو خيانة لدماء شهدائنا وشهداء الشعب السوري الأبرار.

وهو غير مستغرب إذا علمنا أن القناة قبل أسابيع قليلة، استقبلت المعمم الشيعي إياد جمال الدين، الذي يصف السعوديين بأبناء النعال، ويصف الملك سلمان بأنَّه النسخة الثانية من أبي بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش!

دون مواربة ودون لف أو دوران، لو وقعت مثل هذه الحادثة في أي بلد آخر يخوض حرباً لتمت إقالة وزير الإعلام ومدير القناة، وأحيلا للقضاء بتهمة الخيانة العظمى.

لا أتوقع الكثير ضد وزير الإعلام ومدير القناة، وما جرى من إياد جمال الدين مرَّ مرور الكرام.

كان الله في عون الشعب السعودي، الذي يتم مسخ هويته، واختطاف إعلامه، وتشويهه واحتقار شهدائه أمام سمعه وبصره...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق