مقالات منقولة من موقع شيعي
الشيخ حسين علي المصطفى*
السؤال:
نسمع من يتكلم عن بنات الرسول زينب وأم كلثوم ورقية ويقول أنهم ليسوا بناته ولكن هم ربائبه بنات السيدة هالة أخت السيدة خديجة عليه السلام وليس للرسول بنات غير السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟
الجواب :
الصحيح هو أنّ زينب ورقية وأم كلثوم هن بنات رسول الله، وقد نطق بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ﴾ [الأحزاب: 59] فعبّر بالبنات، ولو كان لرسول الله بنتاً واحدة لجاء التعبير في الآية الكريمة ببنتك .
ومن الواضح أنّ لفظ البنت لا يطلق حقيقة إلا على من هي من صلبه، وأما الربيبة فلا تسمى بنتاً على الحقيقة ولا يطلق عليها لفظ البنت إطلاقاً حقيقياً.
ومن البعيد جداً أن يكون القرآن قد جارى في الاستعمال ما عليه العرب في الجاهلية كيف وقد نزلت آيات واضحة في رفض انتساب الولد بالتبني إلى شخص المتبني وقالت الآية: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ فلم يستعمل القرآن الكريم لفظ البنات في الآية الكريمة إلا على نحو الحقيقة فهن بنات رسول الله .
الروايات التي توافق هذا المعنى، منها :
1- في بعض خطب أمير المؤمنين عليه السلام - وهو يخاطب عثمان بن عفان -: "إِنَّ النَّاسَ وَرَائِي وَقَدِ اسْتَسْفَرُونِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ وَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلَا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ كَمَا صَحِبْنَا، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ؛ وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ؛ وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالَا".
2- في قرب الإسناد للحميري قال: وحدثني مسعدة بن صدقة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: "ولد لرسول الله خديجة: القاسم، والطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وفاطمة، وزينب. فتزوج علي عليه السلام فاطمة عليه السلام، وتزوج أبو العاص بن ربيعة - وهو من بني أمية- زينب، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم ولم يدخل بها حتى هلكت، وزوَّجه رسول الله مكانها رقية. ثم ولد لرسول الله - من أم إبراهيم - إبراهيم، وهي مارية القبطية، أهداها إليه صاحب الإسكندرية مع البغلة الشهباء وأشياء معها" [قرب الإسناد: ص 9 حديث 29].
3- ورواه الصدوق -أيضاً- قال: حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ولد لرسول الله خديجة: القاسم، والطاهر وهو عبد الله، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة. وتزوج علي ابن أبي طالب عليه السلام فاطمة، وتزوج أبو العاص بن الربيع - وهو رجل من بني أمية - زينب، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم فماتت ولم يدخل بها، فلما ساروا إلى بدر زوَّجه رسول الله. وولد لرسول الله إبراهيم من مارية القبطية، وهي أم إبراهيم أم ولد" [الخصال: ص 404 حديث 115].
4- وفي الكافي في باب مولد النبي ووفاته: "وَتَزَوَّجَ خَدِيجَةَ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ: الْقَاسِمُ، وَرُقَيَّةُ، وَزَيْنَبُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ. وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ: الطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَفَاطِمَةُ" [الكافي: ج 1 ص 439-440].
5- وفي الكافي بسنده إلى أبي بصير، عن أحدهما، قال: "لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ: "الْحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَفَاطِمَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي الْقَبْرِ، وَرَسُولُ اللهِ يَتَلَقَّاهُ بِثَوْبِهِ قَائِماً يَدْعُو، قَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ ضَعْفَهَا، وَسَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ" [الكافي: ج 3 ص 241].
6- وفي تهذيب الأحكام عن الصادق عليه السلام: "أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ، وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ، وَكَانَتْ تَحْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بَعْدَ فَاطِمَةَ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ عَلِيٍّ الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، ذَكَرَ أَنَّهَا وَجِعَتْ وَجَعاً شَدِيداً حَتَّى اعْتُقِلَ لِسَانُهَا، فَجَاءَهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيٍّ عليه السلام، وَهِيَ لَا تَسْتَطِيعُ الْكَلَامَ، فَجَعَلَا يَقُولَانِ..." [تهذيب الأحكام: ج 9 ص 241 ح 935].
أقوال علماء الشيعة الداعمة لهذا المعنى :
ذهب إلى هذا القول مشهور أعلام الشيعة، ومنهم :
1- الحسين بن روح النوبختي (ت 326هـ): السفير الثالث للإمام المهدي عليه السلام، وقد "سأله بعض المتكلمين وهو المعروف بترك الهروي فقال له: كم بنات رسول الله؟ فقال: أربع، قال: فأيهن أفضل؟ فقال: فاطمة، فقال: ولمَ صارت أفضل، وكانت أصغرهنّ سناً، وأقلهنّ صحبة لرسول الله؟!
قال: لخصلتين خصّها الله بهما تطوّلاً عليها وتشريفاً وإكراماً لها. إحداهما: أنها ورثت رسول الله، ولم يرث غيرها من ولده. والأخرى: أنّ الله تعالى أبقى نسل رسول الله منها ولم يبقه من غيرها، ولم يخصصها بذلك إلا لفضل إخلاصٍ عرفه من نيتها.
قال الهروي: فما رأيت أحداً تكلّم وأجاب في هذا الباب بأحسن ولا أوجز من جوابه" [كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص 388 الحديث 353، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 105، وبحار الأنوار: ج 43 ص 37].
2- الشيخ المفيد (ت 413هـ): "فصل: زواج بنات الرسول: وليس ذلك بأعجب من قول لوط عليه السلام - كما حكى الله تعالى عنه -: ﴿يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم. وقد زوج رسول الله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام، أحدهما: عتبة بن أبي لهب، والآخر: أبو العاص بن الربيع فلما بعث فرّق بينهما وبين ابنتيه. فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام، فردّها عليه بالنكاح الأول. ولم يكن في حال من الأحوال موالياً لأهل الكفر، وقد زوّج من تبرأ من دينه، وهو معاد له في الله عز وجل وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، وإنما زوجه النبي على ظاهر الإسلام، ثم إنه تغير بعد ذلك، ولم يكن على النبي تبعة فيما يحدث في العاقبة". [المسائل السروية: ص 92-94].
3- السيد المرتضى (ت 436هـ): "مسألة: وسألوا أيضاً عن السيدة فاطمة فقالوا: ما وجه هذا الفضل المتفاوت على سائر بنات النبي؟ وما يوجب ذلك وجوباً بصحيحة النظر، وإلا سلمتم لغيرها من هي مثل يراثها صلى الله عليها.
الجواب: اعلم أنّ الفضل في الدين إنما هو كثرة الثواب المستحق والتبجيل، والثواب إنما يستحق على الله تعالى بالطاعات وفعل الخيرات والقربات. وإنما يكثر استحقاقه بأحد الوجهين، إما بالاستكثار من فعل الطاعات، أو بأن تقع الطاعة على وجه من الإخلاص والخضوع لله تعالى، والقرابة إليه يستحق بها لأجل ذلك الثواب الكثير، ولهذا كان ثواب النبي على كتاب طاعة بصلاة أو صيام يفعلها أكثر من ثواب كل فاعل منها لمثل تلك الطاعة. وإذا كانت هذه الجملة متمهدة في الأصول فما المنكر من أن تكون سيده النساء فاطمة Jقد انتهت من الاستكثار من فعل الطاعات، ثم من وقوعها على أفضل الوجوه الموجبة لكثرة الثواب وتضاعفه إلى الحد الذي فاقت وفضلت على النساء كلهن. ولو قال لنا قائل: وما الفضل الذي بان به محمد من سائر الخلق أجمعين من نبي وغيره، هل كان جوابنا له إلا مثل ما تقدم من جوابنا. فوجوه زيادة الفضل لا تحصى ولا تحصر، ولم يبق إلا أن يدل على أنها أفضل من النساء كلهن. والمعتمد في الدلالة على ذلك إجماع الشيعة الامامية فإنهم مجمعون بلا خلاف فيها على أنها أفضل النساء، كما أنّ بعلها أفضل الرجال بعد رسول الله" [رسائل الشريف المرتضى: ج 3 ص 147-148].
4- الشيخ الطوسي (ت 460هـ) قال: "ولأنه زوج بناته: زوج فاطمة علياً، وهو أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وأمها خديجة أم المؤمنين، وزوج بنتيه رقية وأم كلثوم عثمان، لما ماتت الثانية، قال: لو كانت ثالثة لزوجناه إياها" [المبسوط للطوسي: ج 4 ص 159].
5- الطبرسي (ت 548هـ) قال: "والناس يغلطون فيقولون: ولد له منها أربع بنين: القاسم وعبد الله والطيب والطاهر. وإنما ولد له منها ابنان وأربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. فأما زينب بنت رسول الله فتزوجها أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية، فولدت لأبي العاص جارية اسمها أمامة تزوجها علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة فاطمة، وقتل علي وعنده أمامة، فخلف عليها بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وتوفيت عنده. وأم أبي العاص هالة بنت خويلد، فخديجة خالته. وماتت زينب بالمدينة لسبع سنين من الهجرة. وأما رقية بنت رسول الله فتزوجها عتبة بن أبي لهب، فطلقها قبل أن يدخل بها، ولحقها منه أذى، فقال النبي: "اللهم سلّط على عتبة كلباً من كلابك" فتناوله الأسد من بين أصحابه. وتزوجها بعده بالمدينة عثمان بن عفان، فولدت له عبد الله ومات صغيراً، نقره ديك على عينيه فمرض ومات. وتوفيت بالمدينة زمن بدر، فتخلف عثمان على دفنها، ومنعه ذلك أن يشهد بدراً، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ومعه رقية. وأما أم كلثوم فتزوجها أيضاً عثمان بعد أختها رقية وتوفيت عنده" [إعلام الورى بأعلام الهدى: ج 1 ص 275-276].
6- ابن شهر آشوب (ت 588هـ): "أولاده: ولد من خديجة القاسم وعبد الله - وهما: الطاهر والطيب -، وأربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم - وهي آمنة - وفاطمة وهي أم أبيها" [مناقب آل ابي طالب: ج 1 ص 140].
7- علي بن يوسف الحلي (ت 705هـ) قال: "فلما تزوجها بقيت عنده قبل الوحي خمسة عشر سنة، وأولدها ستة: القاسم وبه يكنى والطاهر. ويقال: اسمه عبد الله. وفاطمة وهي خير ولده. وزينب، ورقية، وأم كلثوم" [كتاب العدد القوية للحلي: ص 144].
8- الشهيد الثاني (ت 965هـ) قال: "فقد زوج رسول الله فاطمة بعلي، وأختيها رقية وأم كلثوم بعثمان" [مسالك الأفهام: ج 7 ص 81].
9- المحقق الأردبيلي (ت 993هـ) قال: " قيل: وقد زوج رسول الله ابنتيه قبل البعثة بكافرين يعبدان الأصنام، أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص، ومات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص، فردّ إليه زوجته بالنكاح الأول مع أنه ما كان في حال من الأحوال موالياً للكفار" [زبدة البيان: ص 575].
10- الشيخ البهائي (ت 1003هـ) قال: "هذا سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، قبض الله أولاده في حياته، ليعظّم له الزّلفى في درجاته، فمات له من الأولاد ستة أو سبعة أو ثمانية نجوم: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر، وإبراهيم، وزينب، ورقيّة، وأم كلثوم، ولم يتأخر بعده من أولاده إلا فاطمة الزهراء" [المخلاة: ص 17].
11- فخر الدين الطريحي (ت 1085هـ): "وخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي زوجة رسول الله كانت تحت أبي هالة بن زرارة فولدت له هالة، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق ابن عبد الله، ثم خلف عليها رسول الله، وكانت إذ تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة وستة أشهر، وكان رسول الله يومئذ ابن إحدى وعشرين سنة، وولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن، وهن زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم، وولدت ابناً يسمى القاسم وبه كان يكنى" [مجمع البحرين: ج 1 ص 624-625].
12- السيد هاشم معروف الحسني (ت 1403هـ): "وأنجبت له من البنات كما هو المشهور بين الرواة والمؤرخين أربعاً، وهنّ زينب ورقية وأم كلثوم والزهراء، وقيل أنها لم تلد له سوى زينب والزهراء، أما رقية وأم كلثوم فمن صنع الوضَّاعين أضافوهما إلى بناته وزوجوهما لعثمان بن عفان على التوالي ليكون الكفء الكريم عند الرسول لبناته كغيره ممن صاهروه ولقّبوه بذي النورين لمناسبة زواجه من بنتيه، وليس ذلك ببعيد. وقيل أنها قد أولدت له ثلاثاً زينب ورقية و الزهراء، والقول الأول هو الشائع و المشهور عند المحدثين والمؤرخين... ولا يهمنا تحقيق هذه الناحية في حين أني أرجِّح القول الأخير" [سيرة الأئمة الإثنى عشر: ج 1 ص 54].
13- السيد أحمد الخوانساري (ت 1405هـ): "وأما جواز نكاح المذكورين فيكفي فيه العمومات وخصوص ما جاء من تزويج جويبر الدلفاء، ومنجح بن رياح مولى علي بن الحسين بنت أبي رافع، ونكاح علي بن الحسين مولاته، ونكاح رسول الله عائشة وحفصة، ونكاح العوّام صفية، والمقداد ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وعثمان وأبي العاص وعمر وعبد الله بن عمر بن عثمان ومصعب بن الزبير بنات رسول الله وعلي والحسين" [جامع المدارك في شرح المختصر النافع: ج 4 ص 275].
14- الشيخ محمد تقي التستري (ت 1409هـ) قال في كتابه "تواريخ النبي والآل" تحت ذكر أولاد النبي، فذكر بناته الأربعة، ثم نقل آراء علماء الإمامية، ولم يذكر أي حديث عن كون رقية أو أم كلثوم أو زينب ربائب النبي لا بناته [تواريخ النبي والآل: ص 76].
15- السيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413هـ) قال: "المعروف أنهنّ بنات النبي من خديجة وقد صرح بذلك المؤرخين وأهل السير من الشيعة والسنة".
16- السيد محمد الشيرازي (ت 1422هـ) في أكثر من كتاب له :
"إنّ أولاد الرسول كلّهم من السيدة خديجة إلا إبراهيم أما إبراهيم فهو من السيدة مارية القبطية، وقد ولد بالمدينة وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، ومات بالمدينة ودفن في البقيع. فأنجبت السيدة خديجة من الأولاد: القاسم والطيب، وقد ماتا بمكة صغيرين. وأنجبت من البنات: زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة" [كتاب أمهات المعصومين].
"تزوّج رسول الله وعمره خمس وعشرون عاماً بالسيدة خديجة، وكان لها - على ما قيل - حين تزوجها من العمر أربعون سنة، فولدت لرسول الله بنين وبنات، وكل أولاده من خديجة، ما عدا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية، فالذكور من ولده: القاسم - وبه كان يُكنّى - وهو أكبر ولده. والقاسم هذا كان يُدعى بالطاهر. وولد له عبد الله وكان يدعى بالطيب. وأما إبراهيم فولد له بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبل موته. وأما بناته منها، فأربع: زينب: تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وكانت خديجة خالته، وولدت له علياً وأمامة، أما علي فمات مراهقاً، وأما أمامة فتزوّجها علي عليه السلام بعد فاطمة، وماتت زينب في حياة أبيها رسول الله، وذلك لسبب إخافة هبّار لها وإسقاطها جنينها. ورقيّة: وتزوجها عثمان، فولدت له ابناً مات وله من العمر أربع سنين. وأم كلثوم: وتزوجها عثمان بعد موت رقية، وماتت عنده أيضاً كما ماتت رقية قبلها عنده" [كتاب ولأول مرة في تاريخ العالم].
"ورزق الرسول منها من الأولاد زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية وقاسم والطاهر عليهم الصلاة والسلام" [كتاب رسول الإسلام في مكة].
17- الشيخ جعفر السبحاني: "لقد أنجبت خديجة لرسول الله ستة من الأولاد، اثنين من الذكور، أكبرهما القاسم وعبد الله، وأربعة من الإناث. وذكر ابن هاشم، أنّ أكبر بناته رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة، وكلّهن أدركن الإسلام، أما الذكور فقد ماتوا قبل البعثة" [السيرة المحمدية: ص 46].
18- الشيخ هادي اليوسفي: "أما علي عليه السلام فإنما حمل معه أمه فاطمة بنت أسد، ومعها من بنات الرسول فاطمة، وأما سائر بناته: فزينب مع زوجها أبي العاص بن الربيع، ورقية مع زوجها عثمان في هجرة الحبشة، وأما أم كلثوم فقد مرّ أنّ عكرمة كان قد طلقها ولم يذكر أنها هاجرت إلى الحبشة، ولم يذكر أنّ عليا عليه السلام حملها مع أختها فاطمة إلى المدينة" [موسوعة التاريخ الإسلامي: ج 2 ص 43].
19- في حوار مع الباحث المحقق في علم الحديث الشيخ كاظم مدير شانجي - وهو مسؤول عن "مجموعة الحديث" في مؤسسة البحوث الإسلامية للحضرة الرضوية المقدسة - يقول: "قبل يوم أمس هذا كنت في البقيع، رأيت رجلاً محترماً لم يبلغ من السن ما بلغته أنا سأل: من المدفونون هنا؟ قالوا: "ثلاث من بنات السيدة خديجة لسن من النبي، بل من أزواج خديجة السابقين وكنّ في بيت النبي". طيب، هذا نفسه هو موضع بحث. فهل لهذا الموضوع حقيقة؟ هذه القضية مروية في: بحار الأنوار، وسيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحاق. وفي القرآن يُستفاد من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ﴾ أنه كان للنبي عدة بنات. فإذا لم يكن للنبي بنت سوى الزهراء فما معنى التعبير بـ"بناتك"؟! فهل يدل ذلك على أنّ النبي كان لديه عدة بنات؟ والآن إذا أردنا تبرير التعبير عن البنت بـ"بنات" بقرينة "أزواج" أو لأنهنّ كنّ في بيت النبي فأُطلق عليهن لفظ "بناتك"، فهذا خلاف الظاهر. فلماذا نأتي نحن لنبرر ولا نذهب إلى التاريخ لندرسه؟ لعلّ أول من ادعى هذا الادعاء أراد أن يعدّ فضلاً من فضائل الزهراء، والحال أنه ليس في الأمر فضيلة. الملاحظة الأخرى هي أنّ اثنتين من بنات النبي تزوجتا من عثمان ولذلك يسمونه ذا النورين. فلعل المتعصبين من الشيعة أرادوا إسقاط هذه الخصوصية عن عثمان من خلال نسبه هاتين البنتين لأزواج خديجة السابقين. وعلى أي حال، تاريخ الإسلام ممزوج بالعصبيات حتى خرج إلينا اليوم بهذا الشكل الذي نراه. فلا بد من البحث عن ماهية وقائع التاريخ" [الحوار موجود في شبكة دار الحديث - قم المقدسة].
أصل فكرة نفي بنات النبي :
تعود أصل الفكرة إلى ما جاء في كتاب "الاستغاثة في بدع الثلاثة" لأبي القاسم الكوفي (ت 352هـ) حيث قال: "أما ما روت العامة من تزويج رسول الله عثمان بن عفان رقية وزينب، فالتزويج صحيح غير متنازع فيه، إنما التنازع بيننا وقع في رقية وزينب، هل هما ابنتا رسول الله أم ليستا ابنتيه؟... إنّ رقية وزينب زوجتا عثمان لم يكونا ابنتي رسول الله، ولا ولد خديجة زوجة رسول الله، وإنما دخلت الشبهة على العوام فيهما؛ لقلة معرفتهم بالأنساب وفهمهم بالأسباب..." [الاستغاثة في بدع الثلاثة: ج 1 ص 64].
فمن هو أبو القاسم الكوفي هذا؟!
علي بن أحمد الكوفي، يكنّى أبا القاسم .
ونسبه مختلف فيه، فتارة ينسب إلى علي بن أحمد بن موسى بن أحمد بن هارون بن الإمام الكاظم عليه السلام، وأخرى إلى أحمد بن موسى بن محمد الجواد عليه السلام [الذريعة: ج 1 ص 21، والمجدي: ص 107-108].
وعلماء الأنساب يشكّون في نسبه، كما قال النجاشي، وصاحب المجدي [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691، والمجدي: ص 107].
قال النجاشي: "ولم أقف في الأنساب على ما يثبت أنّه علوي من هارون بن موسى الكاظم عليه السلام ومن أحفاد موسى المبرقع، فهو مدّعى النسب العلوي الشريف وصاحب بدعة، توفي سنة 352هـ في موضع يقال له كرمي من ناحية فسا، وبين هذه الناحية وبين فسا خمسة فراسخ، وبينها وبين شيراز نيّف وعشرون فرسخاً، وقبره بكرمي بقرب الخان والحمّام أول ما يدخل كرمي من ناحية شيراز" [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691].
أقوال العلماء فيه:
قال النجاشي: "علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي، رجل من أهل الكوفة، كان يقول إنّه من آل أبي طالب، وغلا في أمره، وفسد مذهبه، وصنّف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد".
وقال بعد أن ذكر كتبه: "وهذا الرجل تدّعي له الغلاة منازل عظيمة" [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691].
وعدّه الشيخ الطوسي فيمن لم يروِ عنهم قائلاً: "علي بن أحمد الكوفي، مخمّس" [رجال الطوسي: ص 434 رقم 6211].
وقال في الفهرست: "علي بن أحمد الكوفي، يكنّى أبا القاسم، كان إمامياً مستقيم الطريقة، وصنّف كتباً كثيرة سديدة، منها كتاب الأوصياء وكتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني، ثم خلّط وأظهر مذهب المخمّسة، وصنّف كتباً في الغلوّ والتخليط، وله مقالة تنسب إليه"[الفهرست: ص 155 رقم 389].
والمخمّسة: فرقة من الغلاة قالوا إنّ الخمسة: سلمان وأبا ذر والمقداد وعماراً وعمرو بن أمية الضيمري هم الموكّلون من قبل الرب، وهو علي. وقيل: فرقة من الغلاة الخطابية، كانوا من أصحاب أبي الخطاب، رأوا أنّ الله عز وجل هو محمد، وأنّه ظهر في خمسة أشباح وخمس صور مختلفة ظهر في صورة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وزعموا أنّ أربعة من هذه الخمسة تلتبس؛ لا حقيقة لها، والمعنى هو شخص محمد وصورته. وكان هؤلاء يزعمون أنّ محمداً كان آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى، لم يزل ظاهراً في العرب والعجم [معجم الفرق الإسلامية: ص 218-219].
وقال ابن الغضائري: "علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي المدّعي العلوية، كذّاب، غالٍ، صاحب بدعة ومقالة، رأيت له كتباً كثيرة، لا يلتفت إليه" [رجال ابن الغضائري: ص 82 رقم 104].
وضعّفه العلامة الحلي، وابن داوود الحلي، والجزائري [خلاصة الأقوال: ص 346، ورجال ابن داوود: ص 259، وحاوي الأقوال: ج 4 ص 28].
أقول: من كان هذا ديدنه لا يمكن الركون إلى مروياته التي تفرد بها ولم تأت من طريق آخر صحيح.
~~~~~~~~~~~~
*باحث إسلامي وأستاذ محاضر يدرّس السطوح العالية فقهاً وأصولاً وحديثاً في حوزة دار العلم في القطيف، له العديد من الكتب المطبوعة.
الشيخ حسين علي المصطفى*
السؤال:
نسمع من يتكلم عن بنات الرسول زينب وأم كلثوم ورقية ويقول أنهم ليسوا بناته ولكن هم ربائبه بنات السيدة هالة أخت السيدة خديجة عليه السلام وليس للرسول بنات غير السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام؟
الجواب :
الصحيح هو أنّ زينب ورقية وأم كلثوم هن بنات رسول الله، وقد نطق بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ﴾ [الأحزاب: 59] فعبّر بالبنات، ولو كان لرسول الله بنتاً واحدة لجاء التعبير في الآية الكريمة ببنتك .
ومن الواضح أنّ لفظ البنت لا يطلق حقيقة إلا على من هي من صلبه، وأما الربيبة فلا تسمى بنتاً على الحقيقة ولا يطلق عليها لفظ البنت إطلاقاً حقيقياً.
ومن البعيد جداً أن يكون القرآن قد جارى في الاستعمال ما عليه العرب في الجاهلية كيف وقد نزلت آيات واضحة في رفض انتساب الولد بالتبني إلى شخص المتبني وقالت الآية: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ﴾ فلم يستعمل القرآن الكريم لفظ البنات في الآية الكريمة إلا على نحو الحقيقة فهن بنات رسول الله .
الروايات التي توافق هذا المعنى، منها :
1- في بعض خطب أمير المؤمنين عليه السلام - وهو يخاطب عثمان بن عفان -: "إِنَّ النَّاسَ وَرَائِي وَقَدِ اسْتَسْفَرُونِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ وَوَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ مَا أَعْرِفُ شَيْئاً تَجْهَلُهُ وَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَمْرٍ لَا تَعْرِفُهُ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نَعْلَمُ، مَا سَبَقْنَاكَ إِلَى شَيْءٍ فَنُخْبِرَكَ عَنْهُ، وَلَا خَلَوْنَا بِشَيْءٍ فَنُبَلِّغَكَهُ، وَقَدْ رَأَيْتَ كَمَا رَأَيْنَا، وَسَمِعْتَ كَمَا سَمِعْنَا، وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ كَمَا صَحِبْنَا، وَمَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ؛ وَأَنْتَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ؛ وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالَا".
2- في قرب الإسناد للحميري قال: وحدثني مسعدة بن صدقة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: "ولد لرسول الله خديجة: القاسم، والطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وفاطمة، وزينب. فتزوج علي عليه السلام فاطمة عليه السلام، وتزوج أبو العاص بن ربيعة - وهو من بني أمية- زينب، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم ولم يدخل بها حتى هلكت، وزوَّجه رسول الله مكانها رقية. ثم ولد لرسول الله - من أم إبراهيم - إبراهيم، وهي مارية القبطية، أهداها إليه صاحب الإسكندرية مع البغلة الشهباء وأشياء معها" [قرب الإسناد: ص 9 حديث 29].
3- ورواه الصدوق -أيضاً- قال: حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن - رضي الله عنهما - قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ولد لرسول الله خديجة: القاسم، والطاهر وهو عبد الله، وأم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة. وتزوج علي ابن أبي طالب عليه السلام فاطمة، وتزوج أبو العاص بن الربيع - وهو رجل من بني أمية - زينب، وتزوج عثمان بن عفان أم كلثوم فماتت ولم يدخل بها، فلما ساروا إلى بدر زوَّجه رسول الله. وولد لرسول الله إبراهيم من مارية القبطية، وهي أم إبراهيم أم ولد" [الخصال: ص 404 حديث 115].
4- وفي الكافي في باب مولد النبي ووفاته: "وَتَزَوَّجَ خَدِيجَةَ، وَهُوَ ابْنُ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ مَبْعَثِهِ: الْقَاسِمُ، وَرُقَيَّةُ، وَزَيْنَبُ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ. وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ الْمَبْعَثِ: الطَّيِّبُ، وَالطَّاهِرُ، وَفَاطِمَةُ" [الكافي: ج 1 ص 439-440].
5- وفي الكافي بسنده إلى أبي بصير، عن أحدهما، قال: "لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ: "الْحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَفَاطِمَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي الْقَبْرِ، وَرَسُولُ اللهِ يَتَلَقَّاهُ بِثَوْبِهِ قَائِماً يَدْعُو، قَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ ضَعْفَهَا، وَسَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ" [الكافي: ج 3 ص 241].
6- وفي تهذيب الأحكام عن الصادق عليه السلام: "أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ، وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ، وَكَانَتْ تَحْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام بَعْدَ فَاطِمَةَ، فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَ عَلِيٍّ الْمُغِيرَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، ذَكَرَ أَنَّهَا وَجِعَتْ وَجَعاً شَدِيداً حَتَّى اعْتُقِلَ لِسَانُهَا، فَجَاءَهَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ابْنَا عَلِيٍّ عليه السلام، وَهِيَ لَا تَسْتَطِيعُ الْكَلَامَ، فَجَعَلَا يَقُولَانِ..." [تهذيب الأحكام: ج 9 ص 241 ح 935].
أقوال علماء الشيعة الداعمة لهذا المعنى :
ذهب إلى هذا القول مشهور أعلام الشيعة، ومنهم :
1- الحسين بن روح النوبختي (ت 326هـ): السفير الثالث للإمام المهدي عليه السلام، وقد "سأله بعض المتكلمين وهو المعروف بترك الهروي فقال له: كم بنات رسول الله؟ فقال: أربع، قال: فأيهن أفضل؟ فقال: فاطمة، فقال: ولمَ صارت أفضل، وكانت أصغرهنّ سناً، وأقلهنّ صحبة لرسول الله؟!
قال: لخصلتين خصّها الله بهما تطوّلاً عليها وتشريفاً وإكراماً لها. إحداهما: أنها ورثت رسول الله، ولم يرث غيرها من ولده. والأخرى: أنّ الله تعالى أبقى نسل رسول الله منها ولم يبقه من غيرها، ولم يخصصها بذلك إلا لفضل إخلاصٍ عرفه من نيتها.
قال الهروي: فما رأيت أحداً تكلّم وأجاب في هذا الباب بأحسن ولا أوجز من جوابه" [كتاب الغيبة للشيخ الطوسي: ص 388 الحديث 353، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: ج 3 ص 105، وبحار الأنوار: ج 43 ص 37].
2- الشيخ المفيد (ت 413هـ): "فصل: زواج بنات الرسول: وليس ذلك بأعجب من قول لوط عليه السلام - كما حكى الله تعالى عنه -: ﴿يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفار ضلال قد أذن الله تعالى في هلاكهم. وقد زوج رسول الله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام، أحدهما: عتبة بن أبي لهب، والآخر: أبو العاص بن الربيع فلما بعث فرّق بينهما وبين ابنتيه. فمات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام، فردّها عليه بالنكاح الأول. ولم يكن في حال من الأحوال موالياً لأهل الكفر، وقد زوّج من تبرأ من دينه، وهو معاد له في الله عز وجل وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص، وإنما زوجه النبي على ظاهر الإسلام، ثم إنه تغير بعد ذلك، ولم يكن على النبي تبعة فيما يحدث في العاقبة". [المسائل السروية: ص 92-94].
3- السيد المرتضى (ت 436هـ): "مسألة: وسألوا أيضاً عن السيدة فاطمة فقالوا: ما وجه هذا الفضل المتفاوت على سائر بنات النبي؟ وما يوجب ذلك وجوباً بصحيحة النظر، وإلا سلمتم لغيرها من هي مثل يراثها صلى الله عليها.
الجواب: اعلم أنّ الفضل في الدين إنما هو كثرة الثواب المستحق والتبجيل، والثواب إنما يستحق على الله تعالى بالطاعات وفعل الخيرات والقربات. وإنما يكثر استحقاقه بأحد الوجهين، إما بالاستكثار من فعل الطاعات، أو بأن تقع الطاعة على وجه من الإخلاص والخضوع لله تعالى، والقرابة إليه يستحق بها لأجل ذلك الثواب الكثير، ولهذا كان ثواب النبي على كتاب طاعة بصلاة أو صيام يفعلها أكثر من ثواب كل فاعل منها لمثل تلك الطاعة. وإذا كانت هذه الجملة متمهدة في الأصول فما المنكر من أن تكون سيده النساء فاطمة Jقد انتهت من الاستكثار من فعل الطاعات، ثم من وقوعها على أفضل الوجوه الموجبة لكثرة الثواب وتضاعفه إلى الحد الذي فاقت وفضلت على النساء كلهن. ولو قال لنا قائل: وما الفضل الذي بان به محمد من سائر الخلق أجمعين من نبي وغيره، هل كان جوابنا له إلا مثل ما تقدم من جوابنا. فوجوه زيادة الفضل لا تحصى ولا تحصر، ولم يبق إلا أن يدل على أنها أفضل من النساء كلهن. والمعتمد في الدلالة على ذلك إجماع الشيعة الامامية فإنهم مجمعون بلا خلاف فيها على أنها أفضل النساء، كما أنّ بعلها أفضل الرجال بعد رسول الله" [رسائل الشريف المرتضى: ج 3 ص 147-148].
4- الشيخ الطوسي (ت 460هـ) قال: "ولأنه زوج بناته: زوج فاطمة علياً، وهو أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، وأمها خديجة أم المؤمنين، وزوج بنتيه رقية وأم كلثوم عثمان، لما ماتت الثانية، قال: لو كانت ثالثة لزوجناه إياها" [المبسوط للطوسي: ج 4 ص 159].
5- الطبرسي (ت 548هـ) قال: "والناس يغلطون فيقولون: ولد له منها أربع بنين: القاسم وعبد الله والطيب والطاهر. وإنما ولد له منها ابنان وأربع بنات: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. فأما زينب بنت رسول الله فتزوجها أبو العاص ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف في الجاهلية، فولدت لأبي العاص جارية اسمها أمامة تزوجها علي بن أبي طالب عليه السلام بعد وفاة فاطمة، وقتل علي وعنده أمامة، فخلف عليها بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وتوفيت عنده. وأم أبي العاص هالة بنت خويلد، فخديجة خالته. وماتت زينب بالمدينة لسبع سنين من الهجرة. وأما رقية بنت رسول الله فتزوجها عتبة بن أبي لهب، فطلقها قبل أن يدخل بها، ولحقها منه أذى، فقال النبي: "اللهم سلّط على عتبة كلباً من كلابك" فتناوله الأسد من بين أصحابه. وتزوجها بعده بالمدينة عثمان بن عفان، فولدت له عبد الله ومات صغيراً، نقره ديك على عينيه فمرض ومات. وتوفيت بالمدينة زمن بدر، فتخلف عثمان على دفنها، ومنعه ذلك أن يشهد بدراً، وقد كان عثمان هاجر إلى الحبشة ومعه رقية. وأما أم كلثوم فتزوجها أيضاً عثمان بعد أختها رقية وتوفيت عنده" [إعلام الورى بأعلام الهدى: ج 1 ص 275-276].
6- ابن شهر آشوب (ت 588هـ): "أولاده: ولد من خديجة القاسم وعبد الله - وهما: الطاهر والطيب -، وأربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم - وهي آمنة - وفاطمة وهي أم أبيها" [مناقب آل ابي طالب: ج 1 ص 140].
7- علي بن يوسف الحلي (ت 705هـ) قال: "فلما تزوجها بقيت عنده قبل الوحي خمسة عشر سنة، وأولدها ستة: القاسم وبه يكنى والطاهر. ويقال: اسمه عبد الله. وفاطمة وهي خير ولده. وزينب، ورقية، وأم كلثوم" [كتاب العدد القوية للحلي: ص 144].
8- الشهيد الثاني (ت 965هـ) قال: "فقد زوج رسول الله فاطمة بعلي، وأختيها رقية وأم كلثوم بعثمان" [مسالك الأفهام: ج 7 ص 81].
9- المحقق الأردبيلي (ت 993هـ) قال: " قيل: وقد زوج رسول الله ابنتيه قبل البعثة بكافرين يعبدان الأصنام، أحدهما عتبة بن أبي لهب، والآخر أبو العاص، ومات عتبة على الكفر، وأسلم أبو العاص، فردّ إليه زوجته بالنكاح الأول مع أنه ما كان في حال من الأحوال موالياً للكفار" [زبدة البيان: ص 575].
10- الشيخ البهائي (ت 1003هـ) قال: "هذا سيد المرسلين، وحبيب رب العالمين، قبض الله أولاده في حياته، ليعظّم له الزّلفى في درجاته، فمات له من الأولاد ستة أو سبعة أو ثمانية نجوم: القاسم، وعبد الله، والطيب، والطاهر، وإبراهيم، وزينب، ورقيّة، وأم كلثوم، ولم يتأخر بعده من أولاده إلا فاطمة الزهراء" [المخلاة: ص 17].
11- فخر الدين الطريحي (ت 1085هـ): "وخديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي زوجة رسول الله كانت تحت أبي هالة بن زرارة فولدت له هالة، ثم خلف عليها بعد أبي هالة عتيق ابن عبد الله، ثم خلف عليها رسول الله، وكانت إذ تزوجها رسول الله بنت أربعين سنة وستة أشهر، وكان رسول الله يومئذ ابن إحدى وعشرين سنة، وولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن، وهن زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم، وولدت ابناً يسمى القاسم وبه كان يكنى" [مجمع البحرين: ج 1 ص 624-625].
12- السيد هاشم معروف الحسني (ت 1403هـ): "وأنجبت له من البنات كما هو المشهور بين الرواة والمؤرخين أربعاً، وهنّ زينب ورقية وأم كلثوم والزهراء، وقيل أنها لم تلد له سوى زينب والزهراء، أما رقية وأم كلثوم فمن صنع الوضَّاعين أضافوهما إلى بناته وزوجوهما لعثمان بن عفان على التوالي ليكون الكفء الكريم عند الرسول لبناته كغيره ممن صاهروه ولقّبوه بذي النورين لمناسبة زواجه من بنتيه، وليس ذلك ببعيد. وقيل أنها قد أولدت له ثلاثاً زينب ورقية و الزهراء، والقول الأول هو الشائع و المشهور عند المحدثين والمؤرخين... ولا يهمنا تحقيق هذه الناحية في حين أني أرجِّح القول الأخير" [سيرة الأئمة الإثنى عشر: ج 1 ص 54].
13- السيد أحمد الخوانساري (ت 1405هـ): "وأما جواز نكاح المذكورين فيكفي فيه العمومات وخصوص ما جاء من تزويج جويبر الدلفاء، ومنجح بن رياح مولى علي بن الحسين بنت أبي رافع، ونكاح علي بن الحسين مولاته، ونكاح رسول الله عائشة وحفصة، ونكاح العوّام صفية، والمقداد ضبيعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وعثمان وأبي العاص وعمر وعبد الله بن عمر بن عثمان ومصعب بن الزبير بنات رسول الله وعلي والحسين" [جامع المدارك في شرح المختصر النافع: ج 4 ص 275].
14- الشيخ محمد تقي التستري (ت 1409هـ) قال في كتابه "تواريخ النبي والآل" تحت ذكر أولاد النبي، فذكر بناته الأربعة، ثم نقل آراء علماء الإمامية، ولم يذكر أي حديث عن كون رقية أو أم كلثوم أو زينب ربائب النبي لا بناته [تواريخ النبي والآل: ص 76].
15- السيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413هـ) قال: "المعروف أنهنّ بنات النبي من خديجة وقد صرح بذلك المؤرخين وأهل السير من الشيعة والسنة".
16- السيد محمد الشيرازي (ت 1422هـ) في أكثر من كتاب له :
"إنّ أولاد الرسول كلّهم من السيدة خديجة إلا إبراهيم أما إبراهيم فهو من السيدة مارية القبطية، وقد ولد بالمدينة وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، ومات بالمدينة ودفن في البقيع. فأنجبت السيدة خديجة من الأولاد: القاسم والطيب، وقد ماتا بمكة صغيرين. وأنجبت من البنات: زينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة" [كتاب أمهات المعصومين].
"تزوّج رسول الله وعمره خمس وعشرون عاماً بالسيدة خديجة، وكان لها - على ما قيل - حين تزوجها من العمر أربعون سنة، فولدت لرسول الله بنين وبنات، وكل أولاده من خديجة، ما عدا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية، فالذكور من ولده: القاسم - وبه كان يُكنّى - وهو أكبر ولده. والقاسم هذا كان يُدعى بالطاهر. وولد له عبد الله وكان يدعى بالطيب. وأما إبراهيم فولد له بالمدينة وعاش عامين غير شهرين ومات قبل موته. وأما بناته منها، فأربع: زينب: تزوّجها أبو العاص بن الربيع، وكانت خديجة خالته، وولدت له علياً وأمامة، أما علي فمات مراهقاً، وأما أمامة فتزوّجها علي عليه السلام بعد فاطمة، وماتت زينب في حياة أبيها رسول الله، وذلك لسبب إخافة هبّار لها وإسقاطها جنينها. ورقيّة: وتزوجها عثمان، فولدت له ابناً مات وله من العمر أربع سنين. وأم كلثوم: وتزوجها عثمان بعد موت رقية، وماتت عنده أيضاً كما ماتت رقية قبلها عنده" [كتاب ولأول مرة في تاريخ العالم].
"ورزق الرسول منها من الأولاد زينب وأم كلثوم وفاطمة ورقية وقاسم والطاهر عليهم الصلاة والسلام" [كتاب رسول الإسلام في مكة].
17- الشيخ جعفر السبحاني: "لقد أنجبت خديجة لرسول الله ستة من الأولاد، اثنين من الذكور، أكبرهما القاسم وعبد الله، وأربعة من الإناث. وذكر ابن هاشم، أنّ أكبر بناته رقية ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة، وكلّهن أدركن الإسلام، أما الذكور فقد ماتوا قبل البعثة" [السيرة المحمدية: ص 46].
18- الشيخ هادي اليوسفي: "أما علي عليه السلام فإنما حمل معه أمه فاطمة بنت أسد، ومعها من بنات الرسول فاطمة، وأما سائر بناته: فزينب مع زوجها أبي العاص بن الربيع، ورقية مع زوجها عثمان في هجرة الحبشة، وأما أم كلثوم فقد مرّ أنّ عكرمة كان قد طلقها ولم يذكر أنها هاجرت إلى الحبشة، ولم يذكر أنّ عليا عليه السلام حملها مع أختها فاطمة إلى المدينة" [موسوعة التاريخ الإسلامي: ج 2 ص 43].
19- في حوار مع الباحث المحقق في علم الحديث الشيخ كاظم مدير شانجي - وهو مسؤول عن "مجموعة الحديث" في مؤسسة البحوث الإسلامية للحضرة الرضوية المقدسة - يقول: "قبل يوم أمس هذا كنت في البقيع، رأيت رجلاً محترماً لم يبلغ من السن ما بلغته أنا سأل: من المدفونون هنا؟ قالوا: "ثلاث من بنات السيدة خديجة لسن من النبي، بل من أزواج خديجة السابقين وكنّ في بيت النبي". طيب، هذا نفسه هو موضع بحث. فهل لهذا الموضوع حقيقة؟ هذه القضية مروية في: بحار الأنوار، وسيرة ابن هشام، وسيرة ابن إسحاق. وفي القرآن يُستفاد من قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ﴾ أنه كان للنبي عدة بنات. فإذا لم يكن للنبي بنت سوى الزهراء فما معنى التعبير بـ"بناتك"؟! فهل يدل ذلك على أنّ النبي كان لديه عدة بنات؟ والآن إذا أردنا تبرير التعبير عن البنت بـ"بنات" بقرينة "أزواج" أو لأنهنّ كنّ في بيت النبي فأُطلق عليهن لفظ "بناتك"، فهذا خلاف الظاهر. فلماذا نأتي نحن لنبرر ولا نذهب إلى التاريخ لندرسه؟ لعلّ أول من ادعى هذا الادعاء أراد أن يعدّ فضلاً من فضائل الزهراء، والحال أنه ليس في الأمر فضيلة. الملاحظة الأخرى هي أنّ اثنتين من بنات النبي تزوجتا من عثمان ولذلك يسمونه ذا النورين. فلعل المتعصبين من الشيعة أرادوا إسقاط هذه الخصوصية عن عثمان من خلال نسبه هاتين البنتين لأزواج خديجة السابقين. وعلى أي حال، تاريخ الإسلام ممزوج بالعصبيات حتى خرج إلينا اليوم بهذا الشكل الذي نراه. فلا بد من البحث عن ماهية وقائع التاريخ" [الحوار موجود في شبكة دار الحديث - قم المقدسة].
أصل فكرة نفي بنات النبي :
تعود أصل الفكرة إلى ما جاء في كتاب "الاستغاثة في بدع الثلاثة" لأبي القاسم الكوفي (ت 352هـ) حيث قال: "أما ما روت العامة من تزويج رسول الله عثمان بن عفان رقية وزينب، فالتزويج صحيح غير متنازع فيه، إنما التنازع بيننا وقع في رقية وزينب، هل هما ابنتا رسول الله أم ليستا ابنتيه؟... إنّ رقية وزينب زوجتا عثمان لم يكونا ابنتي رسول الله، ولا ولد خديجة زوجة رسول الله، وإنما دخلت الشبهة على العوام فيهما؛ لقلة معرفتهم بالأنساب وفهمهم بالأسباب..." [الاستغاثة في بدع الثلاثة: ج 1 ص 64].
فمن هو أبو القاسم الكوفي هذا؟!
علي بن أحمد الكوفي، يكنّى أبا القاسم .
ونسبه مختلف فيه، فتارة ينسب إلى علي بن أحمد بن موسى بن أحمد بن هارون بن الإمام الكاظم عليه السلام، وأخرى إلى أحمد بن موسى بن محمد الجواد عليه السلام [الذريعة: ج 1 ص 21، والمجدي: ص 107-108].
وعلماء الأنساب يشكّون في نسبه، كما قال النجاشي، وصاحب المجدي [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691، والمجدي: ص 107].
قال النجاشي: "ولم أقف في الأنساب على ما يثبت أنّه علوي من هارون بن موسى الكاظم عليه السلام ومن أحفاد موسى المبرقع، فهو مدّعى النسب العلوي الشريف وصاحب بدعة، توفي سنة 352هـ في موضع يقال له كرمي من ناحية فسا، وبين هذه الناحية وبين فسا خمسة فراسخ، وبينها وبين شيراز نيّف وعشرون فرسخاً، وقبره بكرمي بقرب الخان والحمّام أول ما يدخل كرمي من ناحية شيراز" [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691].
أقوال العلماء فيه:
قال النجاشي: "علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي، رجل من أهل الكوفة، كان يقول إنّه من آل أبي طالب، وغلا في أمره، وفسد مذهبه، وصنّف كتباً كثيرة أكثرها على الفساد".
وقال بعد أن ذكر كتبه: "وهذا الرجل تدّعي له الغلاة منازل عظيمة" [رجال النجاشي: ص 265 رقم 691].
وعدّه الشيخ الطوسي فيمن لم يروِ عنهم قائلاً: "علي بن أحمد الكوفي، مخمّس" [رجال الطوسي: ص 434 رقم 6211].
وقال في الفهرست: "علي بن أحمد الكوفي، يكنّى أبا القاسم، كان إمامياً مستقيم الطريقة، وصنّف كتباً كثيرة سديدة، منها كتاب الأوصياء وكتاب في الفقه على ترتيب كتاب المزني، ثم خلّط وأظهر مذهب المخمّسة، وصنّف كتباً في الغلوّ والتخليط، وله مقالة تنسب إليه"[الفهرست: ص 155 رقم 389].
والمخمّسة: فرقة من الغلاة قالوا إنّ الخمسة: سلمان وأبا ذر والمقداد وعماراً وعمرو بن أمية الضيمري هم الموكّلون من قبل الرب، وهو علي. وقيل: فرقة من الغلاة الخطابية، كانوا من أصحاب أبي الخطاب، رأوا أنّ الله عز وجل هو محمد، وأنّه ظهر في خمسة أشباح وخمس صور مختلفة ظهر في صورة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وزعموا أنّ أربعة من هذه الخمسة تلتبس؛ لا حقيقة لها، والمعنى هو شخص محمد وصورته. وكان هؤلاء يزعمون أنّ محمداً كان آدم ونوحاً وإبراهيم وموسى وعيسى، لم يزل ظاهراً في العرب والعجم [معجم الفرق الإسلامية: ص 218-219].
وقال ابن الغضائري: "علي بن أحمد أبو القاسم الكوفي المدّعي العلوية، كذّاب، غالٍ، صاحب بدعة ومقالة، رأيت له كتباً كثيرة، لا يلتفت إليه" [رجال ابن الغضائري: ص 82 رقم 104].
وضعّفه العلامة الحلي، وابن داوود الحلي، والجزائري [خلاصة الأقوال: ص 346، ورجال ابن داوود: ص 259، وحاوي الأقوال: ج 4 ص 28].
أقول: من كان هذا ديدنه لا يمكن الركون إلى مروياته التي تفرد بها ولم تأت من طريق آخر صحيح.
~~~~~~~~~~~~
*باحث إسلامي وأستاذ محاضر يدرّس السطوح العالية فقهاً وأصولاً وحديثاً في حوزة دار العلم في القطيف، له العديد من الكتب المطبوعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق