الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

ماذا يقصد علي شريعتي من (التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي)؟

مقالات منقولة من موقع شيعي
========
السؤال: ما الذي يقصده الدكتور علي شريعتي من إطلاق عبارة التشيّع العلوي والتشيّع الصفوي؟ الجواب: ما يقصده الدكتور علي شريعتي رحمه الله هو أنّ هناك منهجين في التعاطي مع الإمامة والمسألة المذهبية والدينية عموماً: أ ـ منهج يتعاطى بروح تاريخية وطقوسيّة وفئويّة وما فوق عمليّة، فيركّز كثيراً على صراعات التاريخ المذهبي، ويعيش التاريخ أكثر مما يعيش الحاضر، وتستهلكه الطقوس والمناسبات المذهبيّة، ويحمل روح القطيعة مع الآخر، ويبالغ في الصورة الشكليّة للتشيّع، ويضع كلّ ثقله فيها، ويتعاطى مع المعصومين تعاطياً غيبيّاً في الغالب فيركّز على خلقهم وأسرارهم ومكانتهم السماويّة، ولا يعيش تفاعلات تجربتهم في الأرض، ويسعى لحصر العمل الديني في الجانب الطقوسي تقريباً وتحرير الإنسان من مسؤوليّاته في الجانب الاجتماعي والسياسي، ويستخدم التقيّة للتحرّر من المسؤوليات الكبرى في الأمّة، ويركّز على الشفاعة والحبّ للتخلّي عن وظائفه الرئيسة، ويفهم التقليد للمرجعيّات الدينية فهماً مغلوطاً، فهذا عنده تشيّع صفوي؛ لأنّ ازدهار هذا النهج من التشيّع جاء من وجهة نظر شريعتي مع الصفويين. ب ـ ومنهج يتعاطى من منطلق نهضوي عملي سياسي واجتماعي، فيرى التشيّع في الثورة على الظلم، وفي رفض الانحراف في المجتمع، وفي بناء الأمّة، وفي الاهتمام بمصالح المسلمين، وفي النزاهة والمبدئيّة في ممارسة السلطة أو العمل السياسي والاجتماعي مقابل المنهج المصلحي والوصولي والنفعي، وفي رفض الطبقيّة والتمييز بين الناس لاعتبارات وهميّة لغويّة أو قوميّة أو عشائريّة أو عرقيّة أو فئويّة أو.. وفي تحقيق العدالة الاجتماعيّة وتداول الثروات الطبيعيّة لكسر حدّة الفاصلة الطبقيّة بين الناس، وفي مساواة الجميع أمام القانون ونظام القضاء والعقوبات بما في ذلك الحاكم نفسه، وفي محاربة الإقطاع السياسي والديني بأشكالهما، وغير ذلك. وهذا ما كان يسمّيه شريعتي بالتشيّع العلوي؛ لأنّ سيرة عليّ عليه السلام تعطي هذه القيم بأجمعها، وعلينا أن ندرس سيرة النبي وأهل بيته من زاوية نهضويّة يمكنها أن تساعدنا في تنوير طريقنا لبناء أمّة قويّة وعادلة ومقتدرة، وليس لبناء أمّة تلطم نفسها وتذهب بكلّ طاقاتها في المناسبات الدينية والتركيز على البُعد الظاهري للدين أو الاستغراق في الجوانب المافوق واقعيّة ودنيوية، رغم الإقرار بأنّ البعد الظاهري وبأنّ المناسبات الدينية وبأنّ الغيب أمرٌ ضروري في حدّ نفسه. هذه خلاصة مكثّفة لوجهة نظر الرجل التي أوافقه عليها بنسبة تسعين في المائة، فرحمه الله وجزاه خيراً، وإذا كان من اختلاف مع شريعتي في مسائل فكرية أو دينية أخرى فإنّ هذه المسألة ـ بصرف النظر عن بعض التفاصيل ـ تكاد تكون واحدة من مظاهر تفكيره النهضوي الذي تحتاجه الأمّة اليوم، دون أن تعيش قطيعة مع التاريخ ولا مع الغيب ولا مع الطقوس.


منقول من موقع شيعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق