الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

أدوات الفتنـة في الواقع الإسلامي

مقالات منقولة من موقع شيعي

العلامة المرجع السيّد محمد حسين فضل الله من بين الوسائل الّتي قد تُثير الفتن وتربك الواقع، وتؤدّي إلى بعض الانطباعات السّلبيّة عن بعض الأشخاص أو عن بعض الجهات، ما يُثار من أخبار عن أشخاصٍ مُعيّنين أو عن جهات معيّنة، ولا سيّما في هذا العصر الّذي كثُرت فيه وسائل الإعلام الّتي تنقل الخبر وتصنع الأكاذيب وتثير الإشاعات، سواء كانت من وسائل الإعلام المسموعة، من قُبيل ما نسمعه في الإذاعات أو في أشرطة التّسجيل، أو من وسائل الإعلام المرئيّة، كما نلاحظه في التّلفزيونات وأمثالها، أو المقروءة كالصّحف، أو المسموعة على المستوى الاجتماعي كما يتناقله النّاس في السّهرات وفي الخطابات... هذه الوسائل قد تربك الواقع السّياسي والواقع الاجتماعي والواقع الأمني، وقد تدمّر كثيراً من مواقع الخير وتشجّع الكثير من مواقع الشّرّ. وقد أراد الله أن يعصم المؤمنين من الخضوع لهذه الوسائل بشكلٍ غير مدروس، فجاءت هذه الآية لِتقول: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} [الحجرات:6]، والفاسق هو الشّخص غير الملتزم، وهو الّذي لا يخاف الله في أعماله وأقواله، ولا يتّقي الله في ما يقول أو ما يفعل، بل يعيش بهوى نفسه وفي وساوس شيطانه. وأمّا التّبيّن، فهو أن يتعرّف الإنسان على الحقيقة بوسائله الخاصّة. قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ...}، أي إذا جاءكم شخصٌ تعرفون أنّه لا يخاف من الله، بخبرٍ في أيّ جانب من الجوانب، قد يأتي شخص بحسب وضعنا الاجتماعي فيُخبر إنساناً عن زوجته أو يُخبر الزّوجة عن زوجها، أو يخبر إنساناً عن جاره أو عمّاله أو عن صاحب العمل، أو عن جهة سياسيّة معيّنة، أو جهة اجتماعيّة معيّنة، أو عن شخصيّة علميّة دينيّة، أو عن شخصيّة اجتماعيّة... بحسب الخلفيّات الموجودة عند هذا المخبر، إنّ الله تعالى يقول ادرسوا شخصيّة المخبر؛ هل هو شخصٌ مؤتمن على النّاس؟ هل يخاف الله ويدقّق في ما ينقل، أم هو شخصٌ لا يخاف الله, وإنّما يتّبع هوى نفسه ووساوس الشّيطان، فإذا عرفتموه فاسقاً لا يخاف الله، فلا تصدّقوا خبره ولا تعملوا بخبره، وذلك عندما يقول لقد سمعت بهذه القصّة أو المسألة المعيّنة، فاذهبوا وتفحّصوا الخبر بطرقكم الخاصّة لتتعرّفوا الحقيقة، لأنّ الله يقول: {أن تصيبوا قوماً بجهالة}، أي إذا تصرّفتم على أساس خبر هذا الفاسق وعملتم على إدانة الشّخص الّذي أخبركم عنه بأيّ وسيلة من وسائل الإدانة، فقد يكون هذا الشخص بريئاً وتكونون قد تصرّفتم من دون علمٍ وتدقيق ودون بيّنة أو حجّة، وإنّما اعتماداً على من لا يُعتمد على خبره، فينكشف لكم الواقع بعد أن تتصرّفوا وبعد أن تدينوا هذا الشّخص، {فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}، حيث لا ينفع النّدم. فالله تعالى يقول قبل أن تتصرّف دقّق، تثبّت، تبيّن، حتّى لا تندم حيث لا ينفع النّدم. وهذه مسألة قد تكون شخصيّة وقد تكون مسألة عامّة، كما هي المسألة في البلد الذي تتحرّك فيه الحساسيّات الطّائفية أو المذهبيّة، الآن مثلاً في لبنان، قد يأتي شخص للمسلمين ويقول لهم، فلان المسيحي شَتَمَ النّبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو قد يأتي شخصٌ للشّيعة ويقول لهم فلان السُّنّي سبّ الإمام عليّاً(عليه السّلام)، أو يأتي للسّنّة ويقول لهم فلان الشّيعي سبّ الصّحابة، وهذه تَحْدُثْ. فالنّاس نتيجة تقديسها لهذه الجهة أو تلك، قد تندفع بشكلٍ عاطفيّ وتحدث فتنة طائفيّة وفتنة مذهبيّة. ونحن نعرف أنّ المخابرات ليست وظيفتها الآن أن تجمع المعلومات فقط، ولكنّ المخابرات تصنع معلومات وتصنع أكاذيب، عندها مصانع للأكاذيب، فهي تخلق الإشاعات حتّى تثير فتنةً في هذا المجال. فالله تعالى يقول ادرسوا هذا الّذي نقل إليكم الخبر، فقد يكون ممّن لا يتورّعون عن إثارة الفتنة، فلماذا ينقل لكم أخباراً كهذه؟ وهو يعرف أنّ هذا يثير الحساسيّات؟! هذا إنسان نمّام ويحبّ الفتنة، وهذا أيضاً يدلّ على أنّه فاسق، ولا يجوز للإنسان أن يتحدّث بما يثير الفتنة بين المسلمين أو بين النّاس أو المواطنين، لذلك أمر الله الإنسان بأن يتثبّت قبل أن يتصرّف وقبل أن يثير مشكلة في هذا المجال. إذاً على أساس القاعدة الإسلاميّة، علينا أن ندرس شخصيّة المُخْبِرْ, هل هي شخصيّة مسؤولة تخاف الله تعالى في نفسها وفي النّاس؟ هل هي شخصيّة يهمّها أمن النّاس وحياة النّاس ووحدة النّاس؟ أم أنّها شخصيّة لا تخاف الله وتعمل على العبث بأوضاع النّاس وأمنهم ووحدتهم وقضاياهم. هذا أمر يمثِّل ثقافةً إسلاميّة اجتماعيّة سياسيّة أمنيّة تشكّل بنية المجتمع الإسلامي، لأنّها تتّصل بكل الواقع الإسلامي الاجتماعي. ويجب علينا ـ أيّها الأحبّة ـ أن نعرف أنّ التّديّن ليس فقط أن نصلّي ونصوم ونحجّ... التّديّن هو لسان الإنسان، لأنّ اللّسان قد يؤدّي إلى القتل أو إلى الجرح أو إلى كثير من الأشياء، وهذا ما ينبغي لنا أن نلتزمه، ولا سيّما في مرحلتنا هذه الّتي يهجم فيها الاستكبار العالمي بكلّ مخابراته وبكلّ أجهزته وبكلّ أسلحته وبكلّ سياسته واقتصاده لإسقاط الواقع الإسلامي كلّه، لذلك لا بدّ أن نكون الواعين الّذين يُطلقون الكلمة بمسؤوليّة، ويتحرّكون في الواقع بمسؤوليّة.







منقول من موقع شيعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق