تقارير
الكاتب : وطن 30 ديسمبر، 2015 لا يوجد تعليقات
عدنان منصر
حوار شمس الدين النقاز – وطن (خاص)
في حوار خاص مع صحيفة “وطن”، كشف عدنان منصر الأمين العام لحزب حراك تونس الإرادة الّذي أعلن عن تأسيسه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي يوم الأحد 20 من شهر ديسمبر الجاري عن جملة من الحقائق حول عدد من المواضيع السياسية والإقتصادية والأمنية الحساسة على الساحة التونسية.
ففي إطار سؤاله عن أهداف تأسيس حزب “حراك تونس الإرادة” ومرجعيّته قال عدنان منصر “إنّ الحزب الجديد لم يأت لتعويض أي حزب على الساحة من الأحزاب المعارضة وإنّما نحن نقترح أنفسنا شركاء لهذه الأحزاب في تحقيق هذه الأهداف، لذلك قلنا منذ اليوم الأول أننا منفتحون على أية صيغ للتعاون معها، دون أية حدود.”
كما أكّد منصر أنّ علاقة قيادات الحزب الجديد مع حركة النهضة غير متوترة، بل هي غير موجودة أصلا منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة معلّلا ذلك بأن “قيادة حركة النهضة اختارت السير في طريق تعتبر أنه ليس طريقنا.”
وأضاف “من جهة أخرى فإن قواعد حركة النهضة في جزء كبير منها ساندت الدكتور المرزوقي في الانتخابات ووقفت إلى جانبه ودعمته بكل امكانياتها.”
كما كشف الأمين العام للحزب الجديد “حراك تونس الإرادة” الّذي يتزعّمه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي أنّ “هناك استعداء من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة للتجربة الديمقراطية التونسية وهو استعداء تجسم في كثير من المحاولات للسيطرة على القرار التونسي بضخ الكثير من الأموال في الساحة التونسية ودفع الأمور في اتجاه يشبه ما حدث في مصر.”
وتابع” لكن الأزمة في العلاقات لم تنته مع مغادرة الترويكا للحكم وقدوم فريق جديد، ذلك أن محاولة مصادرة القرار السيادي التونسي متواصلة، ولا شيء في الأفق ينبئ بتوقف هذه المحاولات.
وشدّد منصر على أنّ الإئتلاف الحاكم الّذي كانت تقوده حركة النهضة الإسلامية تعرّض لعدّة ضغوطات من قبل الأجهزة الأمنية الموالية للنظام السابق والنقابات التي تدعمها لإظهار الدولة عاجزة بقيادتهم ولزعزعة حكم الترويكا”ذاكرا بعض الحقائق الخطيرة الّتي قامت بها بعض الجهات الأمنية والسياسية وعلى رأسها المعارضة من أجل إفشال الحكومة.
وفي ختام الحوار رفض الدكتور منصر سياسة الحكومة الحالية في التعامل مع ظاهرة الإرهاب قائلا “الطريقة التي تواجه بها الحكومة الإرهاب طريقة بدائية ستغذي الإرهاب ولن تقضي عليه، لأن هذه الظاهرة أكثر تعقيدا ولا يمكن أن يقضى عليها بمجرد إجراءات أمنية” مؤكّدا في الوقت نفسه على أنه لا معنى للأمن دون حقوق الإنسان.”
وفي ما يلي نص الحوار:
1/ما هي مرجعية حزبكم الجديد ”حراك تونس الإرادة “ وما هي أهدافكم من تأسيسه في هذا التوقيت؟
في البيان التأسيسي للحزب حددنا هويته بالقول أنه حزب ديمقراطي اجتماعي يقوم على المشاركة. في نفس البيان تحدثنا عن دور المعارضة في احترام الدستور ومنع خرق الحكومة، مهما كانت تركيبتها، لأحكامه، وعن ضرورة مواصلة الانتقال الديمقراطي بما يحقق أحلام التونسيين في الاستقرار والعدالة الاجتماعية. هذا ملخص مرجعية وأهداف الحزب. يمكن أن تجيبني بأن كثيرا من الأحزاب ترفض مثل هذه المرجعية والأهداف، وأنا أوافقك، ذلك أننا لم نأت لتعويض احد على الساحة من الأحزاب المعارضة. نحن نقترح أنفسنا شركاء لهذه الأحزاب في تحقيق هذه الأهداف، لذلك قلنا منذ اليوم الأول أننا منفتحون على أية صيغ للتعاون معها، دون أية حدود.
2/بعد فوز حزب نداء تونس بالإنتخابات التشريعة وقائد السبسي بالإنتخابات الرئاسية اختفى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية،ما هي الأسباب وهل سيتمّ حلّ الحزب مع ولادة الحزب الجديد؟
المؤتمر لم يختف مطلقا، بل واصل نشاطه رغم صعوبة الظرف ورغم هزيمتين انتخابيتين متتاليتين. أن تبقى موجودا بعد عاصفة مثل التي مررنا بها، فهذا في حد ذاته انجاز. حزب المؤتمر من أجل الجمهورية استغل الوقت الماضي في اتجاهين: اشتغل على نقده الذاتي، وانخرط في تجربة بناء جديدة وهي “حراك تونس الإرادة” التي أعلن عن قيامها يوم 20 ديسمبر. البعض على الساحة اعتبر أن نشأة الحزب الجديد هي نهاية حزب المؤتمر، أنا أعتبر أن نشأة الحزب الجديد تمت بمشاركة فعالة من أبناء حزب المؤتمر، فهم شركاء كاملو الحقوق والواجبات في التأسيس الجديد الذي يمثل بداية وليس نهاية. حزب المؤتمر لن يحل نفسه، بل سيعلن اندماجه الكامل في أول مؤتمر له سينعقد في الأسابيع القادمة. هو اندماج لاحترام القانون، أما فعليا فقد تم الاندماج.
3/علاقتكم بحركة النهضة متوتّرة منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية، ما هي أسباب ذلك وهل يمكننا أن نراكم متحالفين معها من جديد؟
علاقتنا بحركة النهضة غير متوترة، بل هي منذ الانتخابات غير موجودة أصلا. كل طرف يعيد ترتيب أوراقه، ويرسخ خياراته، وهذا من حق كل حزب. نعتبر أن ورقة الانتخابات قد طويت منذ عام، وحركة النهضة هي حزب موجود على الساحة مثل بقية الأحزاب الأخرى، تؤثر على المشهد وتتأثر به وبمكوناته. اختارت قيادة حركة النهضة السير في طريق نعتبر أنه ليس طريقنا، هذا وصف وليس تقييما. هم أحرار، مثلما أننا أحرار، لا نزايد عليهم ولا يجب أن يزايدوا علينا. فقط يجب على المرء أن يكون نزيها، أن لا يكون في الحكم ويدعي أنه يقوم بالمعارضة. المشهد، رغم اضطرابه، يتجه نحو الوضوح: النهضة حزب يشارك في الحكم، ونحن ننشط في المعارضة. من هذا المنطلق خط الفصل يبدو شديد الوضوح.
4/هل تعرّض المنصف المرزوقي لخيانة من قبل حركة النهضة أثناء الحكم وخلال الإنتخابات وبعدها؟
من جهتنا نحن، فقد شفينا من مرض تخوين الناس. حركة النهضة حزب موجود في الساحة ويجب أن نقبل أن تكون لقيادتها أو لجزء من قيادتها توجهات استراتيجية مغايرة وربما معاكسة لتوجهاتنا. هذا أمر مشروع في السياسة ويجب تقبله. من جهة أخرى فإن قواعد حركة النهضة في جزء كبير منها ساندت الدكتور المرزوقي في الانتخابات ووقفت إلى جانبه ودعمته بكل امكانياتها، لأنها كانت تدافع على الأمل في دولة حرة وديمقراطية تمنع عودة الممارسات الفاسدة وتحمي حقوق الانسان، وقد رأوا في الدكتور المرزوقي مرشحا ضامنا لتحقيق هذا الحلم. قيادة حركة النهضة كان لها رأي آخر، واعتبرت إما أن هذه المسائل لا قيمة لها، أو أن السيد قايد السبسي هو ضمانة تحقيق ذلك الحلم. بإمكان التونسيين اليوم أن يحكموا على هذا التوجه أو ذاك، أما هدفنا نحن فأن تكون لنا القدرة على تحقيق أهدافنا بإمكانياتنا وبالتعويل على قوانا الذاتية، وبأن نبقى ضمانة لهذه الأهداف بما يمكننا من تجميع أكبر عدد من المواطنين حولنا. الطريق طويل، ولكننا اخترنا أن نبدأ السير فيه رغم مشاقه والعراقيل عليه.
5/قبل أيام اتهمتم بعض القيادات الأمنية بتقصيرهم في حماية السفارة الأمريكية وإغلاق هواتفهم وعدم تطبيق تعليمات وزير الداخلية علي العريض انذاك، فما هي أهداف هذه المؤامرة ومن يقف وراءها؟
الأمر لا يتعلق فقط بأحداث السفارة الأمريكية، بل بأحداث أخرى سبقتها وتلتها. كان هناك عدة محاولات لزعزعة حكم الترويكا وبالإضافة إلى حادثة السفارة أكتفي بذكر مثال واحد وهو تمرد ثكنة العوينة عندما كاد تظاهر منتسبي النقابات الأمنية، وهم يحملون السلاح، أمام الرؤساء الثلاثة الذين جاؤوا لتأبين شهداء الحرس الوطني، احدى أخطر تلك المحاولات. النقابات الأمنية في جزء هام منها مثلت رأس حربة لمحاولات زعزعة الاستقرار، وكذلك عدد من القيادات الأمنية القديمة التي أصرت حركة النهضة على ابقائها في مناصبها رغم معرفتها بعدم ولائها للسلطة الشرعية. أحداث ما بعد موكب دفن الشهيد شكري بلعيد أيضا كانت حلقة من ضمن هذه الحلقات. كان الهدف في أحداث السفارة بالذات إظهار عجز الترويكا عن السيطرة على الوضع، بل ربما مشاركتها في استهداف سفارة دولة أجنبية على أرض سفارتها، وبالتالي فقدانها الأهلية السياسية للحكم. لاحقا، جاءت الأحكام مخففة إلى الحد الأقصى، وكان الهدف من ذلك هو اظهار أن الترويكا عاجزة عن تلافي الأحداث وعاجزة عن معاقبة مرتكبيها. كان ذلك جزءا أصيلا من الخطة السياسية العامة للمعارضة التي استطاعت إعادة ربط الصلة بنواتات النظام القديم في المواقع الحساسة خاصة منها الأمنية، لكن أحد العوامل التي ساهمت في ذلك كانت تراخي وزير الداخلية في فرض الانضباط واتخاذ القرارات الجريئة في وقتها.
6/الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي مهدّد بالقتل، من هي الجهة المستفيدة من ذلك؟ ولماذا حمّلتم الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي ومدير ديوانه رضا بالحاج مسؤولية أي مكروه قد يطال المرزوقي؟
التهديدات الإرهابية بالاغتيال ليست حكرا على الدكتور المرزوقي، وفي حالته هو فليس هذا هو التهديد الأول وحتما لن يكون الأخير. هناك هدف أساسي للجماعات الإرهابية، وهو اثارة الفوضى، كل الباقي تفاصيل تكتيكية. من سوء الحظ فإن السلطات لم تتعامل مع التهديد الموجه ضد الدكتور المرزوقي بالجدية الكافية، ولا بالحد الأدنى المفروض توفره في أجهزة دولة تحترم نفسها وتحرص على الأمن العام. الدكتور المرزوقي ليس ناشطا سياسيا عاديا، وهذا ما يعرفه الارهابيون جيدا. كونه زعيم تيار معارض ورئيس سابق يعني أن أنصاره سيتفاعلون مع كل مكروه يمكن أن يصيبه خاصة وهم يرون تراخي السلطات في توفير الحماية المتماشية مع أهمية وجدية التهديدات. من المسؤول عن هذا التراخي؟ رئاسة الجمهورية والحكومة ووزارة الداخلية طبعا، ولا أحد خارج هذه الجهات يمكن أن يحمل المسؤولية إذا ما انتقل الارهابيون إلى التنفيذ لا قدر الله. قاموا بسن قانون على المقاس لحرمان الدكتور المرزوقي من الحماية الأمنية، يتصرفون كأناس غير مسؤولين، ثقافة الدولة لديهم هي في حدها الأدنى. من تريد أن نحمل المسؤولية إذا ؟؟
7/قبل 3 أسابيع تم اتهام المغرب بوقوفها وراء بعض العمليات الإرهابية في تونس على غرار استهداف السياح في فندق الإمبريال في مدينة سوسة، ما هو تعليقكم على هذه الإتهامات الخطيرة لبلد مغاربي شقيق؟
تتحدث عن برنامج تلفزيوني أراد البحث على الاثارة والرفع من نسبة المشاهدين فسقط في كل الأخطاء الممكنة. نظرنا إلى الموضوع من زاوية سياسية بالذات: ماهي المصلحة من إثارة هذه الزوبعة والإساءة إلى بلد شقيق بأدلة متهافتة وضعيفة يمكن تدميرها بعملية منطقية بسيطة؟ أعتقد أن الساحة الإعلامية في تونس لا يزال أمامها وقت طويل حتى تتقن الفصل بين العمل الاستقصائي الجدي، وبين البرامج التي تبحث عن الاثارة وزيادة عدد المشاهدين وبالتالي تحقيق عائدات اشهار أكبر، ولو أدى الأمر إلى الإساءة لعلاقات تونس مع أشقائها وأصدقائها.
8/سبق وأن اتهمتم دولة الإمارات العربية المتحدة بسعيها لإفشال التجربة الديمقراطية التونسية، فما هي أسباب هذا الإستعداء الإماراتي وما هي دوافعه؟ وما هو تعليقكم على تواصل منع ورفض السلطات الإماراتية منح تأشيرات الدخول للتونسيين؟
هناك مشكل واضح في العلاقة مع دولة الامارات العربية المتحدة. هناك استعداء من طرف هذه الدولة للتجربة الديمقراطية التونسية وهو استعداء تجسم في كثير من المحاولات للسيطرة على القرار التونسي بضخ الكثير من الأموال في الساحة التونسية ودفع الأمور في اتجاه يشبه ما حدث في مصر. هذا مؤسف جدا أن تستعمل دولة عربية مسلمة، عضوة في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، كل امكانياتها لقتل حلم التونسيين في انتقال ديمقراطي سلمي وتشويه العملية السياسية في بلدنا أمر مؤسف جدا. لكن الأزمة في العلاقات لم تنته مع مغادرة الترويكا للحكم وقدوم فريق جديد، ذلك أن محاولة مصادرة القرار السيادي التونسي متواصلة، ولا شيء في الأفق ينبئ بتوقف هذه المحاولات. لا حل في مواجهة هذا التصرف سوى تمسكنا باستقلالنا وسيادة قرارنا، وهنا فإن كل الخلافات بيننا كتونسيين يجب أن تتراجع ليحل محلها إصرار على المحافظة على استقلال قرارنا وإصرار أكبر على إنجاح تجربتنا الديمقراطية وترسيخها كممارسة غير قابلة للانتكاس. الأموال لا تصنع كل شيء ولا تشتري كل شيء. اتخاذ إجراءات انتقامية ضد التونسيين المقيمين أو الذين تفرض عليهم أعمالهم الانتقال للإمارات هو ممارسة غير ودية في التوصيف الأدنى.
9/ذكرتم في مقال لكم بمجلة أناليست التركية في شهر يناير الماضي أن السلطات الجديدة المنتخبة في طريق مفتوح من حيث الدعم الخارجي مما سيتيح لها التعامل براحة أكبر مع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ أربع سنوات، فما هي حقيقة هذا الدعم الخارجي على أرض الواقع؟
المشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد متوقعة ومنتظرة، وهي لا تتعلق فقط بعدم ايفاء بعض الدول الشقيقة بتعهداتها، وإنما بظرف دولي صعب ومعقد. أوروبا والغرب إجمالا يعتبر التجربة التونسية قدوة لكل العالم، ولكنه لم يفعل شيئا لجعل هذه القدوة تنجح، فيما عدا الوعود والخطابات الرنانة. أوروبا والغرب يعتبرون أن الإرهاب المهدد لبلادنا هو تهديد لأوروبا وللغرب، ولكنه لا يفعل شيئا ذا بال من أجل مساعدتنا على مواجهته. التجربة الديمقراطية في تونس نقطة مضيئة لكل الإنسانية وليس للتونسيين فقط، من هنا فإن حماية هذه التجربة ليست مسؤولية التونسيين فقط وإن كانوا هم المسؤولين عليها في المرتبة الأولى. على العكس مما هو منتظر منطقيا فإن دولا شقيقة وصديقة تنفق بسخاء كبير لوأد هذه التجربة، معنى ذلك أن أعداء هذه التجربة والتحديات أمامها كثيرة ومعقدة. نعتبر هذه الأزمة أزمتنا جميعا وليس فقط أزمة الفريق أو الإئتلاف الحاكم، لذلك فإننا لا نزايد عليه وإنما نطرح عليه مساعدتنا. نحن أناس مسؤولون ووطنيون، سواء كنا في الحكم أو كنا في المعارضة.
10/هل يمكن محاربة الإرهاب بالإرهاب؟ وهل تشاطرون كحزب “حراك تونس الإرادة” ما قاله رئيس الحكومة الحبيب الصّيد إنّ حقوق الإنسان بلا أمن لا معنى لها؟
نحن نقول أنه لا معنى للأمن دون حقوق انسان. نحن ندافع عن مبدأ الدولة المنيعة والعادلة، إذا كانت منيعة دون عدل فما الجدوى من كل التضحيات التي تطلب من التونسيين. القانون يجب أن يكون هو الفيصل دائما، واحترام القوانين والدستور هو الذي يمكن من معرفة الفارق بين الإرهاب والدول التي تحترم نفسها. الطريقة التي تواجه بها الحكومة الإرهاب طريقة بدائية ستغذي الإرهاب ولن تقضي عليه، لأن هذه الظاهرة أكثر تعقيدا ولا يمكن أن يقضى عليها بمجرد إجراءات أمنية. نحن نساند مجهودات الأمن والجيش، ولكن عندما تحترم الدستور والقوانين، لأنها حينئذ فقط تنجح في تكوين حاضنة تساعد الدولة على مواجهة شاملة لهذه الظاهرة وتحرم الإرهاب من تكوين حاضنته. رجل الأمن يحتاج إلى أن يكون مثالا للمواطن، ولا يمكن أن يكون مثالا إلا إذا أقنع المواطن بأنه يحميه ولا يشكل تهديدا على حرياته وحقوقه الدستورية. الطريق طويل وشاق هنا أيضا، ولكن هذا هو الطريق الوحيد الآمن.
الكاتب : وطن 30 ديسمبر، 2015 لا يوجد تعليقات
عدنان منصر
حوار شمس الدين النقاز – وطن (خاص)
في حوار خاص مع صحيفة “وطن”، كشف عدنان منصر الأمين العام لحزب حراك تونس الإرادة الّذي أعلن عن تأسيسه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي يوم الأحد 20 من شهر ديسمبر الجاري عن جملة من الحقائق حول عدد من المواضيع السياسية والإقتصادية والأمنية الحساسة على الساحة التونسية.
ففي إطار سؤاله عن أهداف تأسيس حزب “حراك تونس الإرادة” ومرجعيّته قال عدنان منصر “إنّ الحزب الجديد لم يأت لتعويض أي حزب على الساحة من الأحزاب المعارضة وإنّما نحن نقترح أنفسنا شركاء لهذه الأحزاب في تحقيق هذه الأهداف، لذلك قلنا منذ اليوم الأول أننا منفتحون على أية صيغ للتعاون معها، دون أية حدود.”
كما أكّد منصر أنّ علاقة قيادات الحزب الجديد مع حركة النهضة غير متوترة، بل هي غير موجودة أصلا منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة معلّلا ذلك بأن “قيادة حركة النهضة اختارت السير في طريق تعتبر أنه ليس طريقنا.”
وأضاف “من جهة أخرى فإن قواعد حركة النهضة في جزء كبير منها ساندت الدكتور المرزوقي في الانتخابات ووقفت إلى جانبه ودعمته بكل امكانياتها.”
كما كشف الأمين العام للحزب الجديد “حراك تونس الإرادة” الّذي يتزعّمه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي أنّ “هناك استعداء من طرف دولة الإمارات العربية المتحدة للتجربة الديمقراطية التونسية وهو استعداء تجسم في كثير من المحاولات للسيطرة على القرار التونسي بضخ الكثير من الأموال في الساحة التونسية ودفع الأمور في اتجاه يشبه ما حدث في مصر.”
وتابع” لكن الأزمة في العلاقات لم تنته مع مغادرة الترويكا للحكم وقدوم فريق جديد، ذلك أن محاولة مصادرة القرار السيادي التونسي متواصلة، ولا شيء في الأفق ينبئ بتوقف هذه المحاولات.
وشدّد منصر على أنّ الإئتلاف الحاكم الّذي كانت تقوده حركة النهضة الإسلامية تعرّض لعدّة ضغوطات من قبل الأجهزة الأمنية الموالية للنظام السابق والنقابات التي تدعمها لإظهار الدولة عاجزة بقيادتهم ولزعزعة حكم الترويكا”ذاكرا بعض الحقائق الخطيرة الّتي قامت بها بعض الجهات الأمنية والسياسية وعلى رأسها المعارضة من أجل إفشال الحكومة.
وفي ختام الحوار رفض الدكتور منصر سياسة الحكومة الحالية في التعامل مع ظاهرة الإرهاب قائلا “الطريقة التي تواجه بها الحكومة الإرهاب طريقة بدائية ستغذي الإرهاب ولن تقضي عليه، لأن هذه الظاهرة أكثر تعقيدا ولا يمكن أن يقضى عليها بمجرد إجراءات أمنية” مؤكّدا في الوقت نفسه على أنه لا معنى للأمن دون حقوق الإنسان.”
وفي ما يلي نص الحوار:
1/ما هي مرجعية حزبكم الجديد ”حراك تونس الإرادة “ وما هي أهدافكم من تأسيسه في هذا التوقيت؟
في البيان التأسيسي للحزب حددنا هويته بالقول أنه حزب ديمقراطي اجتماعي يقوم على المشاركة. في نفس البيان تحدثنا عن دور المعارضة في احترام الدستور ومنع خرق الحكومة، مهما كانت تركيبتها، لأحكامه، وعن ضرورة مواصلة الانتقال الديمقراطي بما يحقق أحلام التونسيين في الاستقرار والعدالة الاجتماعية. هذا ملخص مرجعية وأهداف الحزب. يمكن أن تجيبني بأن كثيرا من الأحزاب ترفض مثل هذه المرجعية والأهداف، وأنا أوافقك، ذلك أننا لم نأت لتعويض احد على الساحة من الأحزاب المعارضة. نحن نقترح أنفسنا شركاء لهذه الأحزاب في تحقيق هذه الأهداف، لذلك قلنا منذ اليوم الأول أننا منفتحون على أية صيغ للتعاون معها، دون أية حدود.
2/بعد فوز حزب نداء تونس بالإنتخابات التشريعة وقائد السبسي بالإنتخابات الرئاسية اختفى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية،ما هي الأسباب وهل سيتمّ حلّ الحزب مع ولادة الحزب الجديد؟
المؤتمر لم يختف مطلقا، بل واصل نشاطه رغم صعوبة الظرف ورغم هزيمتين انتخابيتين متتاليتين. أن تبقى موجودا بعد عاصفة مثل التي مررنا بها، فهذا في حد ذاته انجاز. حزب المؤتمر من أجل الجمهورية استغل الوقت الماضي في اتجاهين: اشتغل على نقده الذاتي، وانخرط في تجربة بناء جديدة وهي “حراك تونس الإرادة” التي أعلن عن قيامها يوم 20 ديسمبر. البعض على الساحة اعتبر أن نشأة الحزب الجديد هي نهاية حزب المؤتمر، أنا أعتبر أن نشأة الحزب الجديد تمت بمشاركة فعالة من أبناء حزب المؤتمر، فهم شركاء كاملو الحقوق والواجبات في التأسيس الجديد الذي يمثل بداية وليس نهاية. حزب المؤتمر لن يحل نفسه، بل سيعلن اندماجه الكامل في أول مؤتمر له سينعقد في الأسابيع القادمة. هو اندماج لاحترام القانون، أما فعليا فقد تم الاندماج.
3/علاقتكم بحركة النهضة متوتّرة منذ الإعلان عن نتائج الإنتخابات الرئاسية، ما هي أسباب ذلك وهل يمكننا أن نراكم متحالفين معها من جديد؟
علاقتنا بحركة النهضة غير متوترة، بل هي منذ الانتخابات غير موجودة أصلا. كل طرف يعيد ترتيب أوراقه، ويرسخ خياراته، وهذا من حق كل حزب. نعتبر أن ورقة الانتخابات قد طويت منذ عام، وحركة النهضة هي حزب موجود على الساحة مثل بقية الأحزاب الأخرى، تؤثر على المشهد وتتأثر به وبمكوناته. اختارت قيادة حركة النهضة السير في طريق نعتبر أنه ليس طريقنا، هذا وصف وليس تقييما. هم أحرار، مثلما أننا أحرار، لا نزايد عليهم ولا يجب أن يزايدوا علينا. فقط يجب على المرء أن يكون نزيها، أن لا يكون في الحكم ويدعي أنه يقوم بالمعارضة. المشهد، رغم اضطرابه، يتجه نحو الوضوح: النهضة حزب يشارك في الحكم، ونحن ننشط في المعارضة. من هذا المنطلق خط الفصل يبدو شديد الوضوح.
4/هل تعرّض المنصف المرزوقي لخيانة من قبل حركة النهضة أثناء الحكم وخلال الإنتخابات وبعدها؟
من جهتنا نحن، فقد شفينا من مرض تخوين الناس. حركة النهضة حزب موجود في الساحة ويجب أن نقبل أن تكون لقيادتها أو لجزء من قيادتها توجهات استراتيجية مغايرة وربما معاكسة لتوجهاتنا. هذا أمر مشروع في السياسة ويجب تقبله. من جهة أخرى فإن قواعد حركة النهضة في جزء كبير منها ساندت الدكتور المرزوقي في الانتخابات ووقفت إلى جانبه ودعمته بكل امكانياتها، لأنها كانت تدافع على الأمل في دولة حرة وديمقراطية تمنع عودة الممارسات الفاسدة وتحمي حقوق الانسان، وقد رأوا في الدكتور المرزوقي مرشحا ضامنا لتحقيق هذا الحلم. قيادة حركة النهضة كان لها رأي آخر، واعتبرت إما أن هذه المسائل لا قيمة لها، أو أن السيد قايد السبسي هو ضمانة تحقيق ذلك الحلم. بإمكان التونسيين اليوم أن يحكموا على هذا التوجه أو ذاك، أما هدفنا نحن فأن تكون لنا القدرة على تحقيق أهدافنا بإمكانياتنا وبالتعويل على قوانا الذاتية، وبأن نبقى ضمانة لهذه الأهداف بما يمكننا من تجميع أكبر عدد من المواطنين حولنا. الطريق طويل، ولكننا اخترنا أن نبدأ السير فيه رغم مشاقه والعراقيل عليه.
5/قبل أيام اتهمتم بعض القيادات الأمنية بتقصيرهم في حماية السفارة الأمريكية وإغلاق هواتفهم وعدم تطبيق تعليمات وزير الداخلية علي العريض انذاك، فما هي أهداف هذه المؤامرة ومن يقف وراءها؟
الأمر لا يتعلق فقط بأحداث السفارة الأمريكية، بل بأحداث أخرى سبقتها وتلتها. كان هناك عدة محاولات لزعزعة حكم الترويكا وبالإضافة إلى حادثة السفارة أكتفي بذكر مثال واحد وهو تمرد ثكنة العوينة عندما كاد تظاهر منتسبي النقابات الأمنية، وهم يحملون السلاح، أمام الرؤساء الثلاثة الذين جاؤوا لتأبين شهداء الحرس الوطني، احدى أخطر تلك المحاولات. النقابات الأمنية في جزء هام منها مثلت رأس حربة لمحاولات زعزعة الاستقرار، وكذلك عدد من القيادات الأمنية القديمة التي أصرت حركة النهضة على ابقائها في مناصبها رغم معرفتها بعدم ولائها للسلطة الشرعية. أحداث ما بعد موكب دفن الشهيد شكري بلعيد أيضا كانت حلقة من ضمن هذه الحلقات. كان الهدف في أحداث السفارة بالذات إظهار عجز الترويكا عن السيطرة على الوضع، بل ربما مشاركتها في استهداف سفارة دولة أجنبية على أرض سفارتها، وبالتالي فقدانها الأهلية السياسية للحكم. لاحقا، جاءت الأحكام مخففة إلى الحد الأقصى، وكان الهدف من ذلك هو اظهار أن الترويكا عاجزة عن تلافي الأحداث وعاجزة عن معاقبة مرتكبيها. كان ذلك جزءا أصيلا من الخطة السياسية العامة للمعارضة التي استطاعت إعادة ربط الصلة بنواتات النظام القديم في المواقع الحساسة خاصة منها الأمنية، لكن أحد العوامل التي ساهمت في ذلك كانت تراخي وزير الداخلية في فرض الانضباط واتخاذ القرارات الجريئة في وقتها.
6/الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي مهدّد بالقتل، من هي الجهة المستفيدة من ذلك؟ ولماذا حمّلتم الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي ومدير ديوانه رضا بالحاج مسؤولية أي مكروه قد يطال المرزوقي؟
التهديدات الإرهابية بالاغتيال ليست حكرا على الدكتور المرزوقي، وفي حالته هو فليس هذا هو التهديد الأول وحتما لن يكون الأخير. هناك هدف أساسي للجماعات الإرهابية، وهو اثارة الفوضى، كل الباقي تفاصيل تكتيكية. من سوء الحظ فإن السلطات لم تتعامل مع التهديد الموجه ضد الدكتور المرزوقي بالجدية الكافية، ولا بالحد الأدنى المفروض توفره في أجهزة دولة تحترم نفسها وتحرص على الأمن العام. الدكتور المرزوقي ليس ناشطا سياسيا عاديا، وهذا ما يعرفه الارهابيون جيدا. كونه زعيم تيار معارض ورئيس سابق يعني أن أنصاره سيتفاعلون مع كل مكروه يمكن أن يصيبه خاصة وهم يرون تراخي السلطات في توفير الحماية المتماشية مع أهمية وجدية التهديدات. من المسؤول عن هذا التراخي؟ رئاسة الجمهورية والحكومة ووزارة الداخلية طبعا، ولا أحد خارج هذه الجهات يمكن أن يحمل المسؤولية إذا ما انتقل الارهابيون إلى التنفيذ لا قدر الله. قاموا بسن قانون على المقاس لحرمان الدكتور المرزوقي من الحماية الأمنية، يتصرفون كأناس غير مسؤولين، ثقافة الدولة لديهم هي في حدها الأدنى. من تريد أن نحمل المسؤولية إذا ؟؟
7/قبل 3 أسابيع تم اتهام المغرب بوقوفها وراء بعض العمليات الإرهابية في تونس على غرار استهداف السياح في فندق الإمبريال في مدينة سوسة، ما هو تعليقكم على هذه الإتهامات الخطيرة لبلد مغاربي شقيق؟
تتحدث عن برنامج تلفزيوني أراد البحث على الاثارة والرفع من نسبة المشاهدين فسقط في كل الأخطاء الممكنة. نظرنا إلى الموضوع من زاوية سياسية بالذات: ماهي المصلحة من إثارة هذه الزوبعة والإساءة إلى بلد شقيق بأدلة متهافتة وضعيفة يمكن تدميرها بعملية منطقية بسيطة؟ أعتقد أن الساحة الإعلامية في تونس لا يزال أمامها وقت طويل حتى تتقن الفصل بين العمل الاستقصائي الجدي، وبين البرامج التي تبحث عن الاثارة وزيادة عدد المشاهدين وبالتالي تحقيق عائدات اشهار أكبر، ولو أدى الأمر إلى الإساءة لعلاقات تونس مع أشقائها وأصدقائها.
8/سبق وأن اتهمتم دولة الإمارات العربية المتحدة بسعيها لإفشال التجربة الديمقراطية التونسية، فما هي أسباب هذا الإستعداء الإماراتي وما هي دوافعه؟ وما هو تعليقكم على تواصل منع ورفض السلطات الإماراتية منح تأشيرات الدخول للتونسيين؟
هناك مشكل واضح في العلاقة مع دولة الامارات العربية المتحدة. هناك استعداء من طرف هذه الدولة للتجربة الديمقراطية التونسية وهو استعداء تجسم في كثير من المحاولات للسيطرة على القرار التونسي بضخ الكثير من الأموال في الساحة التونسية ودفع الأمور في اتجاه يشبه ما حدث في مصر. هذا مؤسف جدا أن تستعمل دولة عربية مسلمة، عضوة في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي، كل امكانياتها لقتل حلم التونسيين في انتقال ديمقراطي سلمي وتشويه العملية السياسية في بلدنا أمر مؤسف جدا. لكن الأزمة في العلاقات لم تنته مع مغادرة الترويكا للحكم وقدوم فريق جديد، ذلك أن محاولة مصادرة القرار السيادي التونسي متواصلة، ولا شيء في الأفق ينبئ بتوقف هذه المحاولات. لا حل في مواجهة هذا التصرف سوى تمسكنا باستقلالنا وسيادة قرارنا، وهنا فإن كل الخلافات بيننا كتونسيين يجب أن تتراجع ليحل محلها إصرار على المحافظة على استقلال قرارنا وإصرار أكبر على إنجاح تجربتنا الديمقراطية وترسيخها كممارسة غير قابلة للانتكاس. الأموال لا تصنع كل شيء ولا تشتري كل شيء. اتخاذ إجراءات انتقامية ضد التونسيين المقيمين أو الذين تفرض عليهم أعمالهم الانتقال للإمارات هو ممارسة غير ودية في التوصيف الأدنى.
9/ذكرتم في مقال لكم بمجلة أناليست التركية في شهر يناير الماضي أن السلطات الجديدة المنتخبة في طريق مفتوح من حيث الدعم الخارجي مما سيتيح لها التعامل براحة أكبر مع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ أربع سنوات، فما هي حقيقة هذا الدعم الخارجي على أرض الواقع؟
المشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد متوقعة ومنتظرة، وهي لا تتعلق فقط بعدم ايفاء بعض الدول الشقيقة بتعهداتها، وإنما بظرف دولي صعب ومعقد. أوروبا والغرب إجمالا يعتبر التجربة التونسية قدوة لكل العالم، ولكنه لم يفعل شيئا لجعل هذه القدوة تنجح، فيما عدا الوعود والخطابات الرنانة. أوروبا والغرب يعتبرون أن الإرهاب المهدد لبلادنا هو تهديد لأوروبا وللغرب، ولكنه لا يفعل شيئا ذا بال من أجل مساعدتنا على مواجهته. التجربة الديمقراطية في تونس نقطة مضيئة لكل الإنسانية وليس للتونسيين فقط، من هنا فإن حماية هذه التجربة ليست مسؤولية التونسيين فقط وإن كانوا هم المسؤولين عليها في المرتبة الأولى. على العكس مما هو منتظر منطقيا فإن دولا شقيقة وصديقة تنفق بسخاء كبير لوأد هذه التجربة، معنى ذلك أن أعداء هذه التجربة والتحديات أمامها كثيرة ومعقدة. نعتبر هذه الأزمة أزمتنا جميعا وليس فقط أزمة الفريق أو الإئتلاف الحاكم، لذلك فإننا لا نزايد عليه وإنما نطرح عليه مساعدتنا. نحن أناس مسؤولون ووطنيون، سواء كنا في الحكم أو كنا في المعارضة.
10/هل يمكن محاربة الإرهاب بالإرهاب؟ وهل تشاطرون كحزب “حراك تونس الإرادة” ما قاله رئيس الحكومة الحبيب الصّيد إنّ حقوق الإنسان بلا أمن لا معنى لها؟
نحن نقول أنه لا معنى للأمن دون حقوق انسان. نحن ندافع عن مبدأ الدولة المنيعة والعادلة، إذا كانت منيعة دون عدل فما الجدوى من كل التضحيات التي تطلب من التونسيين. القانون يجب أن يكون هو الفيصل دائما، واحترام القوانين والدستور هو الذي يمكن من معرفة الفارق بين الإرهاب والدول التي تحترم نفسها. الطريقة التي تواجه بها الحكومة الإرهاب طريقة بدائية ستغذي الإرهاب ولن تقضي عليه، لأن هذه الظاهرة أكثر تعقيدا ولا يمكن أن يقضى عليها بمجرد إجراءات أمنية. نحن نساند مجهودات الأمن والجيش، ولكن عندما تحترم الدستور والقوانين، لأنها حينئذ فقط تنجح في تكوين حاضنة تساعد الدولة على مواجهة شاملة لهذه الظاهرة وتحرم الإرهاب من تكوين حاضنته. رجل الأمن يحتاج إلى أن يكون مثالا للمواطن، ولا يمكن أن يكون مثالا إلا إذا أقنع المواطن بأنه يحميه ولا يشكل تهديدا على حرياته وحقوقه الدستورية. الطريق طويل وشاق هنا أيضا، ولكن هذا هو الطريق الوحيد الآمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق