السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيّ الله فضيلة الشيخ أبا محمد ,
مبارك عليكم هذا الشهر , أسأل الله أن يعينكم على صيامه وقيامه ويتقبل منكم ..
السؤال فضيلة الشيخ عن فتوى مشايخ العارض في العجمان والدويش [الدرر السنية , 9/ 209-211].. جاء في الفتوى تكفيرهم لأمور ؛ وهي :
-خروجهم من بين ظهراني المسلمين وانحيازهم إلى الكفار والمشركين .
-استحلالهم لدماء المسلمين وأموالهم واعتقادهم أن جهاد المسلمين وقتالهم دين يدان به .
-اعتبارهم جميع المسلمين وعلماءهم وولي أمرهم (كما في الفتوى) ليسوا على حق .
-ادعاؤهم أنهم رعية الأتراك , ودخولهم في طاعة عبد العزيز إنما كان غصبا .
غير أني قرأت لكم فضيلة الشيخ كلاما حول الفتوى في الرسالة الثلاثينية , وظاهر الكلام تخطئتكم للفتوى .. ولعل المقام حينها لم يكن يسمح بالتفصيل , فهلا بينتم فضيلة الشيخ المؤاخذات عليها ووجه الخطأ فيها , وما الصواب في من تلبس بأفعال كالتي قام بها العجمان والدويش ؟
كما جاء في الفتوى تكفير الدهينة والخضري وولد فيصل بن حميد بسبب دعوتهم إلى الدخول في ولاية الشريف , فهم دعاة إلى الدخول تحت ولاية المشركين ..
وقد وجد من طلبة العلم من تكلم في تكفير عبد المحسن العبيكان استنادا لهذه الفتوى , حيث أن حاله هي نفس حال ولد فيصل بن حميد ومن معه من الدعوة إلى الدخول في ولاية الكفار , فقد صحح ولاية المرتدين في العراق ودعا إلى الدخول في ولايتهم .. فما قولكم في هذا ؟ أسأل الله أن يبارك فيكم وينفع بكم ويثبتكم على دينه ..
والسلام عليكم
السائل: أبو ياسر
المجيب: الشيخ أبو محمد المقدسي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
أخانا السائل مقصودي بالطبع إنكار هذه الفتوى أولا ، وأيضا إلزام مفتي السلطان في زماننا بمثلها إن دافعوا عنها ولم يبطلوها ؛ لأن الذي فهمته من الفتوى ومثيلاتها مما ورد في الدرر السنية ومن قراءتي لتاريخ الدولة السعودية وأيضا من سماعي من أفواه بعض من أدرك أواخر تلك الحقبة كما أشرت بين يدي كتابي الكواشف ؛ أن فيصل الدويش ومن معه من الدوشان ومطير والعجمان إنما خالفوا عبد العزيز بعد أن مكنوا له أركان دولته وصار الدويش من أقرب المقريبن له ؛ إنما خالفوه بعد ذلك لدخوله في ولاية الانجليز ولأنه أرادهم على التوقف عن جهاد من يسمونهم بالمشركين من حلفاء وأصدقاء بريطانيا في العراق والكويت والاردن وتذكر في هذا السياق أيضا أسباب أخرى لكن هذا الأمر هو أهمها عند من استقرأ التاريخ وتأمل في فتاوى المشايخ في الدرر السنية .. وأن عبد العزيز استدرجهم وغدر بهم في موقعة السبلة وقتل منهم من قتل وتمكن الدويش من الفرار وجمع حوله قبيلته وأخواله العجمان وغيرهم وواصلوا قتال عبد العزيز الذي استعان ببريطانيا عليهم فاضطر فيصل ومن معه إلى اللجوء والدخول إلى مناطق قريبة من الكويت في الصبيحية والوفرة وهذا اللجوء هو الذي سماه المشايخ في فتواهم التي أشرت إليها بسؤالك (خروجهم من بين ظهراني المسلمين وانحيازهم إلى الكفار والمشركين ) وهم لم يخرجوا إلا بعد أن حدهم عبد العزيز على ذلك وكان في مراسلات فيصل معه مناشدته له أن ( لا يحدّهم على ديرة الكفر )
ومن جنس هذا ما يُعيّر به بعض مشايخهم اليوم كل لاجئ فار من ظلم دولتهم إلى بلاد أوروبا أو غيرها فيعيرونهم باللجوء إلى دول الكفر كما عيّر الأولون الدويش والعجمان ولكن المستنكر عندي أن الأولين زادوا فجعلوا ذلك اللجوء سببا من أسباب تكفيرهم لهم .. وأما باقي الأسباب وهي : – استحلالهم لدماء المسلمين وأموالهم واعتقادهم أن جهاد المسلمين وقتالهم دين يدان به .
-واعتبارهم جميع المسلمين وعلماءهم وولي أمرهم (كما في الفتوى) ليسوا على حق .
-وادعاؤهم أنهم رعية الأتراك , ودخولهم في طاعة عبد العزيز إنما كان غصبا .
فهي عين ما يسمي أسلافهم من مشايخ الدولة اليوم لأجله إخواننا بالخوارج والتكفيريين والفئة الضالة ونحوها من الألقاب الشنيعة ؛ فكم خرجت علينا أبواق الطواغيت ووسائل إعلامهم وفتاوى ومصنفات مشايخهم بدعوى أن المجاهدين يسفكون دماء المسلمين ويستحلون أموالهم ويخططون لقتل المسلمين وترويع الحجاج والمعتمرين في الحرمين وغيرها وأنهم من المفسدين في الأرض والذين يسعون فيها فسادا ، وكم استحلت دماء للمسلمين وللمجاهدين الصادقين بمثل هذه الدعوى ، ولكن المشايخ الأوائل أدخلوا على الأسباب ألفاظا تتيح لهم تكفير الدويش ومن معه كالاستحلال والاعتقاد وو .. والمتأخرون لم يحتاجوا للتكفير ولم يلتفتوا له فقد اكتفت الدولة منهم بالفتوى بالتقتيل والتسجين ولا يهمها بعد ذلك أكانوا كفارا أم لا ؛ فلم تعد الدولة تكترث بالكفر والاسلام ..
وأما –( اعتبارهم جميع المسلمين وعلماءهم وولي أمرهم ليسوا على حق) . فهي هي التهمة التي نفاخر بها ويفاخر بها كل مجاهد مع التحفظ على التعميم طبعا وإنما المراد ؛ أن ولي أمرهم وعلماءه المؤيدين له على ضلالته وكذلك الناس المتابعين له على ذلك ، أما كلمة ( جميع المسلمين ) فهي من تبهيراتهم وتهويلاتهم التي جرت عليها عادة إعلامهم اليوم أيضا .
ومَنْ مِنْ أهل الحق لا يعتبر أن ولاة الخمور في زماننا ومن يجادل عنهم من المشايخ وينصرهم ويتابعهم من الناس ليسوا على حق !؟ وهل يصلح مثل هذا الاعتبار أن يكون ولو سببا للتبديع عند من يسمع ويبصر ؛ فضلا عن أن يكون سببا للتكفير ! ألم يقل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، لعمرو بن ميمون في زمان خير القرون : ( جمهور الجماعة هم الذين فارقوا الجماعة، والجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ) .
وقال نعيم بن حماد : ” إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد الجماعة وإن كنت وحدك فإنك أنت الجماعة حينئذ” .
وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: ( اعلم أن الإجماع والحجة والسواد الأعظم هو العالم صاحب الحق وإن كان وحده، وإن خالفه أهل الأرض )
وقال أيضا في -إعلام الموقعين – ما ملخصه : وقد جعل بعض الناس السنة بدعة والمعروف منكراً لقلة أهله وتفرّدهم في الأعصار والأمصار.. وقالوا : من شذّ شذّ في النار، وما عرفوا أن الشاذّ من خالف الحق..فإن كان الناس كلهم الا واحداً خالفوا الحق فهم الشاذون، وذلك الواحد هو الجماعة.
وقد شذ الناس في زمان الامام أحمد بن حنبل إلا نفراً يسيراً ، فكان ذلك النفر هم الجماعة، وكان القضاة والمفتون والخليفة واتباعهم هم الشاذون ، وكان الامام أحمد وحده هو الجماعة .ولما لم تحمل ذلك عقول الناس قالوا للخليفة: يا أمير المؤمنين أتكون أنت وقضاتك وولاتك والفقهاء والمفتون على الباطل، واحمد وحده على الحق فلم يتسع علمه لذلك فأخذه بالسياط والعقوبة بعد الحبس الطويل فلا إله إلا الله ما أشبه الليلة بالبارحة ) اهـ. أفيبدع الإمام بهذا فضلا عن أن يكفر ؟؟
أما السبب الأخير لتكفيرهم وهو ما ذكرته في سؤالك : من ادعائهم أنهم رعية الأتراك , ودخولهم في طاعة عبد العزيز إنما كان غصبا . فمع عدم توثقي من هذه الدعوى وتحققي منها ؛ فليت شعري إن كان هذا كفرا وهو الدخول في رعية الدولة العثمانية ؛ فكم سيكفر هؤلاء المشايخ ومن يلتزم فتواهم هذه ؛ من الناس في زماننا ممن يعتبرون أنفسهم من رعية الدول الكافرة التي تملأ أرجاء المعمورة ؛ فضلا عمن يبايع طواغيت هذه الدول فيعطيهم صفقة يده وثمرة فؤاده !!؟؟
ومعلوم أن الدويش والقبائل التي كانت معه هم الذين أقاموا سلطان عبد العزيز ووطدوا له أركان دولته وكان الدويش من أقرب المقربين لعبد العزيز فكيف يقال أنهم كانوا مغصوبين ؟ والدويش لم يبدأ صراعه مع الحكم السعودي، إلا في آخر الأمر حين استغنى عنه عبد العزيز بعد أن بسط سلطانه على الجزيرة ووطد معاهداته وعلاقاته مع بريطانيا ؛ فغدر به وبمن معه من أمراء الاخوان حين ثاروا على نهجه وانحرافاته ومعاهداته مع الغرب وهذا السبب تحديدا لا يمكن التشكيك فيه ؛ فإنك تجد رسائل علماء نجد المتأخرين الموجهة للإخوان تناقشم مرارا فيه وتسعى جاهدة لإثبات شرعية ذلك وحق الإمام ! في التعاقد والتعاهد مع الكفار ووجوب طاعته في ذلك ؛ تجده مبثوثا في الدرر السنية ولست في صدد مناقشة هذه الفرعية ، ولكن في صدد إلقاء الضوء على ما يمكن اعتباره أسبابا حقيقة للصراع ، ومن ذلك مسألة منع السفر إلى بلاد الكفار ، وموالاة الكفار ونحوها .. وقد نسبت إليهم أشياء أخرى يشار إليها في الدرر أيضا ، ولا ادري ما مدى صحة نسبتها إلى تيار الإخوان الرئيس ، فربما كان ذلك منسوبا لبعض البدو وألصق بالاخوان تشنيعا عليهم كما يجري الآن في إعلامنا المعاصر ؛ حين يمارس الكذب والتلفيق وخلط الأوراق ليشوه أهل الحق بكافة السبل ، وقد ذكر في هذا السياق ( استعمال الاتيال ) وأظنه اللاسلكي وعدم أستعمال الساعات الحديثة ونسب القول إلى البعض بكونها من السحر ، وغير ذلك مما شوهت به صورة الاخوان كما يجري مع الدعاة في كل زمان ..
وبعد مراسلات جرت بين الاخوان وعبد العزيز استدرج عبد العزيز قيادات الاخوان للتفاوض في موقعة السبلة قرب الزلفى وذلك في سنة 1928م والتي ارسل إليها عبد العزيز شقيقه محمد بن عبدالرحمن آل سعود ، وكان الاتفاق على الاجتماع في السبلة للتفاهم من غير سلاح ولا جيش وكانت الغدرة من جماعة عبد العزيز وجرت للإخوان في السبلة مذبحة عظيمة حدثنا عنها شيبان نجد ؛ وذكر بعضهم أنهم كانوا بعد ذلك يمرون على جثث الاخوان القتلى يرون السوافي قد سفت على أجزاء منها ولم تتغير أجسادهم ولا تزال لحاهم تضطرب تحركها الرياح ..
ولم يقتل فيصل الدويش في هذه الوقعة بل جرح وتمكن من الفرار بينما أسر سلطان بن بجاد شيخ قبيلة عتيبة أما الشيخ ضيدان بن حثلين شيخ قبيلة العجمان فكان متواجداً في المنطقة الشرقية ولم يحضر الوقعة ، فأرسل عبدالله بن جلوي أبنه فهد على رأس قوة، فخرج له ضيدان وتقابلا في واقعة العوينة فقتل الشيخ ضيدان العجمي وقتل فهد بن عبدالله بن جلوي في نفس المعركة، ونزح بعدها العجمان شمالاً نحو الوفرة خوفا من ردة فعل ابن جلوي واتجه الدويش أيضا إلى الوفرة وهي منطقة بين الكويت والسعودية وتجمع مع قواته مطير والدوشان (الدويش) والعجمان وعتيبة وبعض قبائل الشمال من الرولة وكان هذا النـزوح في شهر أغسطس عام 1929م ، وخيموا في الوفرة حول آبار الصبيحية ..
ومن المهم جدا التدقيق في التواريخ فقبل ذلك بأربع سنوات فقط أي في عام 1344هـ/ 1925 طرد الاخوان الشريف من الحجاز وبسطوا سيطرة عبد العزيز على الجزيرة وتمادوا فبدأوا بشن هجومهم على شرق الأردن وهو الأمر الذي لا تسمح به بريطانيا وعبد العزيز لا يخالفها بطبيعة الحال ، وقد عقد معها معاهدة جدة عام 1927 أنهى بها اتفاقية العقير 1915 السابقة والتي كان قد وقعها عبد العزيز مع بريطانيا على أثر اندلاع الحرب العالمية الأولى ،اعترفت فيها بريطانيا بابن سعود حاكما مستقلا على نجد والإحساء والقطيف وضمنت حق وراثة أبنائه للحكم من بعده، وكلا الاتفاقيتين يتعهد ابن سعود فيهما من جانبه بألا يتدخل في شئون الدول والحكام المتصالحين مع بريطانيا.وهي الشروط الاشكالية عند الاخوان الذين كانوا لا يمتنعون عن جهاد دول الشرك وكان ذلك من أسباب اتهام المشايخ لهم بالخروج على الإمام المزعوم ..
واحتدم الخلاف بين عبد العزيز في هذه الأوقات 1927 فقد بسط نفوذه ولم يعد بحاجة إليهم كما أنه قد عقد معاهدته مع بريطانيا والإخوان لم يرتضوا ذلك بل استمروا بالاغارة على المراكز الحدودية في شمال الجزيرة وهذا الأمر أيضا من المآخذ التي ذكرت وتكررت في فتاوى المشايخ ونوقشت مع الاخوان كما تراها مبثوثة بين صفحات الدرر السنة فكانت محاولة التخلص منهم في غدرة السبلة بعد تلك المعاهدة بعام واحد كما تقدم أي عام 1928م ثم جاء هذا اللجوء أو النـزوح بعدها عام 1929م فتأمل في التواريخ وتدبرها واربط بينها لتتعرف إلى حقيقة الصراع ..
وهذا النـزوح أو سمه اللجوء الاضطراري أو الانحاز والتجمع في هذه المنطقة الصحراوية والتي إلى هذا الوقت لم تسكن بعد ولا كانت آنذاك محسوبة على الكويت حدوديا أصلا، بل إن الوفرة كانت أجزاء منها إلى عهد قريب تعتبر منطقة محايدة تأخر الخلاف على ترسيم الحدود فيها بين الكيانين السعودي والكويتي ..
فهذا الانحياز بهذه الصورة إلى مثل هذه المنطقة ؛ اعتبره المشايخ أصحاب الفتوى ردّة !! بدعوى أنه ( خروج من بين ظهراني المسلمين وانحياز إلى الكفار والمشركين ) !
فكفّروا بهذه الفتوى وبهذا السبب الدويش والعجمان ومن خرج معهم من الإخوان على إمامهم !! وحكموا عليهم بالردة وأنزلوا فيهم قول شيخ الإسلام فيمن جمز إلى معسكر التتر ولحق بهم فارتد وحل دمه وماله ؛ بل جعلوهم أولى منه بالكفر والردة .. أنظر الدرر السنية ، ج 7 كتاب الجهاد ص( 334). بل زادوا واشترطوا – في جواب استفتاء لإمامهم!! – حول قبول توبة من تاب منهم وجاء نادما على خروجه على عبد العزيز ؛ اشترطوا أن يبرأ التائب من الخارجين على عبد العزيز من الإخوان ، ويصرّح بتكفيرهم وبجهادهم باليد والمال واللسان !!! أنظر المرجع نفسه ص (330).
طبعا يقصدون ويقصد مشايخ هذه الفتوى ( بالانحياز إلى الكفار والمشركين ) الكويت وأهلها ؛ التي دخل فيصل ومن معه إلى مناطق صحراوية قريبة منها ( الوفرة والصبيحية )! وليت شعرى كيف تناسوا أن ولي أمرهم عبد العزيز كان قد لجأ من قبل إلى هذه الدويلة هو وأسرته يوم أن طردهم آل الرشيد أمراء حائل الموالين للدولة العثمانية من الرياض فرحلوا إلى الخليج واستقروا في الكويت عام 1310هـ ومكثوا فيها تحت ولاية آل الصباح الكفار – عند مشايخ نجد – إلى أن استردوا الرياض سنة 1319هـ الموافق 1901م .. أما الدويش فلم يلجأ إلى حكام الكويت ولا صار من رعيتهم كما قد يفهم من الفتوى بل قد قاتلهم في موقعة الجهراء في الثامن من يناير 1930م ، وانتصر أولا ثم انهزم جيشه تحت قصف وقنابل الطيران البريطاني التي امطرت مخيمه نصرة لآل الصباح وعبد العزيز ، وبعثوا إليه مبعوثا بريطانيا يضغط عليه في هذه الظروف ويطلب منه الرجوع إلى ولي أمره عبد العزيز والتفاهم مع قواته السعودية التي كانت تربض في إنتظاره على الحدود الجنوبية للكويت ، ويروي بعض المؤرخين الأجانب أنه قد عرض عليه في هذه الظروف فرصة لتهريبه الى مستعمرة الهند البريطانية آنذاك بأحد المراكب ، ومن ثم نقله الى بريطانيا والتفاوض مع الملكة ؛ لكنه رفض التفاوض مع الانكليزى الكافر .. يفعل هذا مع أن موقفه العسكري كان يائساً فقد كانت طائرات سلاح الجو البريطاني والقوات البرية تطارده لعبوره حدود الكويت مخالفاً بذلك أوامر ممثل ملك بريطانيا ، وأوامر ولي أمره عبد العزيز ومعاهدته مع الانجليز ؛ فأسر الدويش ونقل إلى معسكر قائد السلاح الجوي البريطاني وقائد القوات المرابطة في العراق نائب مارشال سلاح الجو الملكي البريطاني ( س.س. بيرنت) الذي كان يدير العمليات ، ليتم نقله إلى البصرة بالطائرة كسجين ، ونقله بعدها على بارجة حربية في 30/1/1930م إلى السعودية ليزج به في السجن مع رفيق دربه المأسور منذ السبلة الشيخ سلطان بن بجاد العتيبي ؛ وتوفي الدويش بعد ذلك سجيناً في الرياض عام 1932م ..
هذا هو ملخص ما أعرفه تاريخيا عن هذا الأمر فأين الكفر الذي يستحقه الدويش ومن معه من العجمان وغيرهم وكيف لا تُستنكر مثل تلك الفتاوى ..
ولماذا لا يطبّقها مشايخ السعودية اليوم على من والى الأمريكان وجمز إلى معسكرهم وظاهرهم على المجاهدين !؟ ولماذا لا يطبقوا فتوى أسلافهم فيمن دخل مختارا تحت ولاية المشركين !؟ والصور في هذا الباب لا تكاد تحصر ابتداءا من العراق التي ذكرتها في سؤالك أو ولاية قرزاي أوشيخ شريف أوعباس إلى كل من يحكم بغير ما أنزل الله في بلاد المسلمين ويظاهر المشركين على المسلمين !
أولا ترى معي أن سلاح الفتوى والمشايخ هذا ؛ لا زالت تستعمله الدولة في قمع وتخوين وتبديع وتضليل مخالفيها منذ الدويش مرورا بجهيمان إلى يومنا هذا ، ولا زالت تستأصل بسيفه رؤوس مخالفيها بل وتجعلهم من الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا !؟
أخي السائل هذا الحديث التاريخي طويل ، وقد سعى أصحاب الشأن في تحريفه والتلاعب به ؛ وهو حديث ذو شجون ، وبين جنباته لفتات وعبر جديرة بالتدبر والتأمل ، اقتطفت لك منه هذه اللمحات جوابا على سؤالك وبيانا لأسباب استنكاري لتلك الفتوى وأخواتها القديمة والحديثة .. وأختم كلامي هذا قائلا : ما أشبه الليلة بالبارحة ..
وفقك الله ..