الأحد، 14 فبراير 2016

الإمارات تخلع عباءة "السعودية" وترتدي عباءة "روسيا-أمريكا" تجاه سوريا (تحليل)


ايماسك- تحليل خاص
تاريخ النشر :2016-02-14

تسرع الإمارات من أجل كسب الرضا الأمريكي- الروسي فيما يتعلق بأزمة سورية، مع تحرك خليجي نحو مزيد من التقارب مع تركيا، فما فتأت الرياض تعلن استعدادها عن تدخل قوات برية في سورية لمحاربة تنظيم الدولة، حتى أعلنت أبوظبي استعدادها أيضاً لإرسال قوات تحت المضلة الأمريكية (وحدها).

سفير الدولة في واشنطن تحدث أن الإمارات تعاونت مع الولايات المتحدة الأمريكية في كل حروبها على "التطرف"، ليؤكد عمق الشراكة معهم، فيما يراه محللون سعوديون أنها محاولة إماراتية لتكون البديل الاستراتيجي لواشنطن بدلاً من "الرياض"، الذي اجتمع قادتها الأسبوع الماضي مع "الناتو" و "تركيا" من أجل محاربة "تنظيم الدولة"، ويوم "السبت 13/2"، أرسلت السعودية قوات إلى القواعد التركية من أجل القتال.

وقال السفير الإماراتي -في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في 29 يناير،: إن أول الضربات الجوية في سوريا كانت من الإمارات. موضحًا أن هدف مشاركتهم في القتال هو تدمير كل التيارات الإسلامية التي تهدم السلم العالمي، قائلا: "إن الإماراتيين تعدادهم مليون.. ويعيش معهم 8 ملايين أجنبي بمختلف ثقافتهم ومعتقداتهم دون قلق".

التقرب إلى واشنطن

وزير الدفاع الأمريكي اشتون كارتر قال إن الإمارات اعربت عن استعدادها لنشر قوات خاصة للمساعدة في تدريب القوات التي ستقاتل "تنظيم الدولة"، فيما يبدو أنه تراجع عن تأكيدها بالانضمام إلى العمليات البرية في سورية، كما تأمل السعودية، كما ستستأنف مساهمتها في الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة. والتقي كارتر بعدد من كبار المسئولين من الامارات في بروكسل في اعقاب قمة لأعضاء التحالف الذي يقاتل تنظيم داعش منذ18 شهرا, لمناقشة سبل تعزيز القتال ضد التنظيم في العراق وسوريا.

وقال كارتر ان "المسئولين الاماراتيين اعربوا لي عن استعدادهم لبذل المزيد, وهو امر مهم, وبشكل محدد استئناف مشاركتهم في الحملة الجوية, وثانيا العمل معنا على الأرض".

وأضاف: "إن قوات العمليات الخاصة الاماراتية ستساعد في تدريب وتسليح وتقديم المشورة للقوات التي تقاتل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والشركاء المحليين في العراق بمن فيهم الجماعات السنية وقوات البشمركة الكردية".

ولم يحدد كارتر حجم تلك القوة. وقال: "المطلوب في الاجزاء السنية من العراق هو تمكين السنة المعتدلين من استعادة تلك المناطق وحكمها والحفاظ علي وحدة العراق المتعدد المذاهب", مؤكدا ان الاماراتيين يمكن ان يلعبوا دورا مهما في ذلك!

استراتيجية سعودية-تركية وغموض ناحية الأمريكية

على النقيض من ذلك يبدو أن التحالف السعودي- التركي- القطري يضع خطواته المُرِّهقة للنظام السوري، واقتصارها على "سورية" -على الأقل حتى الآن- ضمن استراتيجية وخطط موضوعة جرى مناقشتها خلال الزيارات المتكررة بين البلدان الثالثة، التي تعتبر في عددها من أكثر الزيارات خلال شهر يناير طوال عقد من الزمان. فالمملكة أصبحت تعتبر ذلك مسألة أمن قومي كما هي بالتأكيد لتركيا التي تمتاز بشريط حدودي طويل مع سوريا.

فيما لا توجد استراتيجية واضحة لدى الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم أو لنظام الأسد، ويعلق أستاذ العلوم السياسية الأمريكي ستيفن والت في مقال بمجلة فورين بوليسي على ذلك بقوله إنه لا توجد استراتيجية واضحة للولايات المتحدة في المنطقة، ولذلك يتعامل البيت الأبيض مع كل القوى رغم الاختلافات الحادة بينهم.

وأشار "والت" إلى أن "الموقف الأمريكي أقرب إلى الموقف الروسي حيال مجمل القضايا في سوريا، فواشنطن ليست بصدد إسقاط حكم الأسد"، وهو ما عبر عنه كيري صراحة بقوله: إن "الولايات المتحدة وحلفاؤها لا يسعون إلى ما يسمى تغيير "النظام السوري"، وليست بصدد المضي قدما مع حلفائها الإقليميين لجهة رفع وتيرة الصراع العسكري والدخول في مواجهة مع الروس، فالأولوية الآن لمحاربة داعش".

الحلف الثلاثي

ويبدو أن الحلف الثلاثي (الإمارات – الأردن- مصر) دخل في ذات الدوامة، فتصريح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال تصريحات بمؤتمر ميونخ- الجمعة (13/2) إن بلاده ترى أنه عبر الخمس سنوات الماضية، أن الحلول العسكرية في سوريا لم تؤد إلى نتيجة، وذلك تعليقا على التوجه السعودي في إرسال قوات برية إلى سوريا.

في تصريحات سابقة (13/1) دافع "شكري" عن الغارات الروسية في سوريا: "نثق بقدرة روسيا على التفريق بين المنظمات الإرهابية والأهداف الأخرى".

الإمارات ترى ذلك بالطبع وحسب تصريح "كارتر" سبق الإشارة له، فإن الدولة ستكتفي بإرسال فرق للتدريب لمواجهة التنظيم في سوريا إضافة إلى العراق، وهنا يبدو واضحاً حجم الفجوة السياسة بين الحلف الثلاثي، والتحالف السعودي مع تركيا وقطر، إضافة إلى أن الإحجام الإماراتي عن حجم المشاركة والقوات يضعها في موقف مواربة يمكنها من للالتحاق بالتحالف الآخر- أيضاً- حتى لا تخسر موقف "السعودية" في حال قبلت السعودية بالعودة من أجل مواجهة الإسلاميين المعتدلين في المنطقة و "التحرك البري" في ليبيا حيث تهدر الإمارات أموال طائلة هناك. ويطرح أيضاً ماهي الجماعات التي ستقوم الإمارات بتدريبها وكيف ستكون ولائها لبلادها أم لتنفيذ سياسة الإمارات في بلدانها مما يزيد التوتر والاحتقان لسنوات قادمة.

التدخل في سوريا

تلتقي "روسيا" و "الإمارات إلى جانب مصر والأردن" للتحرك البري في "ليبيا" ويريد الحلف الرباعي الضغط على الموقف الأمريكي من أجل تبرير هذا التدخل ليس لمواجهة "تنظيم الدولة" لكن من أجل مواجهة جزء من الشعب الليبي والفصائل الليبية التي انتفضت ضد معمر القذافي بحجة أنهم ينتمون للإسلاميين (الإخوان المسلمين) الذي سبق وأن أعلنتها الإمارات ومصر جماعات إرهابية إضافة إلى فصائل أخرى محسوبة عليهم.

وأشارت إلى ذلك مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية التي قالت إن الإمارات وروسيا تنسقان من أجل شن هجمات برية وجوية في ليبيا.

وأضافت المجلة الأمريكية إن المسؤولين الروس والإماراتيين ناقشوا مطلع الشهر الحالي في دبي العديد من القضايا المركبة في ليبيا واتفاقا على تعزيز العلاقات العسكرية والاستخباراتية في هذا البلد، أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي سرجي لافروف إلى الإمارات.

وقال لافروف في المؤتمر الصحفي -في 2 فبراير- اتفقنا على: "مواصلة العلاقات السياسية والسرية والاتصالات بين وكالات الاستخبارات لدينا على القضايا الأمنية".

"تيودور كاراسيك" المحلل السياسي والمستشار البارز لـ مركز تحليلات الخليج في واشنطن، علق بالقول إن التعاون الاستخباراتي بين البلدين هو جزء من ترتيبات الرباعي " روسيا والإمارات والأردن ومصر".

وقال كاراسيك إن هناك تحرك إماراتي روسي بالتنسيق مع الحكومة الليبية وتفويض من الأمم المتحدة تكتمل مع زيارة الجنرال الليبي الموالي للإمارات خليفة حفتر إلى القاهرة الأيام الماضية، من أجل تدخل بري في البلاد.

وأضاف أن روسيا والإمارات تسيران على خطط الهجوم على "طرابلس" لفرض الحكومة الليبية بدعم من "حفتر". مشيراً إلى أنه ولمدة سنة على الأقل، البلدان الأربعة، بدرجات متفاوتة، تركز أكثر فأكثر على ليبيا.

وكشف إن "الأسلحة الروسية تصل إلى (حفتر) بدعم من الإمارات وتحالف معها من أجل مزاعم محاربة "داعش".

ويعتقد كاراسيك إن هذه الدول العربية الرئيسية وروسيا تسعى إلى مزيج من التدخل الذي يشمل غارات جوية وعمليات برية، لأن هذه القضية الآن هي مهمة أكثر من أي وقت مضى، حسب قوله.

إنعاش سوق السلاح

وبعيدا عن الأجواء السياسية، فإن استمرار الحرب على الساحة السورية قد أنعشت سوق السلاح لدى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، حيث تصدرت هاتان الدولتان المركز الأول في بيع الأسلحة للدول النامية، وفق تقرير أعده الكونغرس الأمريكي وتم نشره يوم الخميس 31 يناير الماضي.

التقرير الذي استند لوثائق رسمية في الحكومة الأمريكية أشار إلى أن الولايات المتحدة باعت أسلحة بقيمة 115 مليار دولار، خلال الفترة ما بين عامي 2011 و2014، بينما باعت روسيا في الفترة ذاتها أسلحة بقيمة 41.7 مليار دولار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق