ميدل إيست آي
وصل أمير دولة قطر إلى المملكة المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، فى أول زيارة رسمية له منذ توليه السلطة، وسط زوبعة من الاتهامات الموجهة إلى الدولة الخليجية بتمويل الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في الوقت نفسه، أعرب خبراء في المنطقة عن صدمتهم في صحيفة الديلي تلغراف، بسبب قيام الصحيفة بنشر حوالي 20 مقالا في أقل من شهر تتهم قطر بتمويل الإرهاب، ووصفوا تغطيتها بأنها تشوه سمعة الصحيفة.
وبرغم موافقتهم على أن الدوحة عليها الإجابة على الأسئلة حول دورها في المنطقة، أوضح الخبراء أن وراء تلك المقالات، معركة علاقات عامة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، لا يبدو أنها ستهدأ، مع احتدام العنف في العديد من البلدان في جميع أنحاء المنطقة.
في اليوم الذي وصل فيه أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى لندن، نشرت صحيفة الغارديان تعليقا لرئيس الوزراء القطري، الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رفض فيه المزاعم التي تتهم الدوحة بتمويل الجماعات الإرهابية بما في ذلك داعش.
وأشار رئيس الوزراء مباشرة في تعليقه إلى الحملة التي تقودها صحيفة التليجراف تحت عنوان “أوقفوا تمويل الإرهاب”، والتي تروج بين المتسوقين في محلات هارودز في بريطانيا، فكرة أنهم “يساهمون في تمويل الإرهاب” بسبب ملكية قطر للمتجر الفخم.
من جانبها، أكدت شركة بورتلاند للاتصالات، التي قيل إنها قد حصلت على عقد مربح في أغسطس الماضي مقابل العمل على تحسين صورة قطر في العالم، إن التصريحات التي نشرتها صحيفة الغارديان كتبت بالفعل في مكتب رئيس الوزراء القطري، وأن دور شركة العلاقات العامة كان فقط هو تقديم توجيهات حول مكان نشرها في وسائل الإعلام في المملكة المتحدة.
وقد ركزت حملة التليغراف على مزاعم تتهم قطر بتمويل جماعات مرتبطة بالقاعدة في سوريا، بما في ذلك جماعة أحرار الشام، وأشارت إلى المواطن القطري، عبد الرحمن بن عمير النعيمي، الذي يقال بأنه واحد من أكبر ممولي الإرهاب في العالم.
النعيمي، البالغ من العمر 60 عاما، وأستاذ التاريخ السابق بجامعة قطر، وصفته الولايات المتحدة بأنه “إرهابي عالمي” في عام 2013، واتهمته بتهم عديدة من بينها أنه أشرف على إرسال مبلغ 2 مليون دولار شهريا لتنظيم القاعدة في العراق. إلا أن النعيمي لم يحاكم أو يدان بأي جريمة، كما نفي محاميه جميع تلك الاتهامات.
ولم يستغرب المحللون تعاقد قطر مع شركة العلاقات العامة للحصول على تغطية إعلامية إيجابية بارزة، ورأوا أنه من المهم أن تواصل قطر رسالتها في وسائل الإعلام، وأنها بحاجة إلى المساعدة للقيام بذلك.
وقال الخبراء بأن حملة التليغراف يبدو أنها أيضا تحمل السمة المميزة لنفوذ شركة العلاقات العامة وخبرتها في وضع وتعزيز الرسائل. يذكر أن العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وقطر قد توترت بشكل كبير خلال العامين الماضيين بسبب غضب أبوظبي من ما اعتبرته دعما من الدوحة للإخوان المسلمين.
وقال كريستوفر ديفيدسون، القارئ في سياسات الشرق الأوسط في جامعة دورهام “إن السياسة وراء هذه الاتهامات تبدو واضحة للغاية، وخاصة في ضوء التقرير الذي نشر في صحيفة نيويورك تايمز والذي فضح عملية التلاعب بالمؤسسات الفكرية خلال هذه الحرب الباردة بين قطر والإمارات.
كان صعود داعش في سوريا والعراق قد أثار الكثير من التكهنات حول الكيفية التي يتم بها تمويل المجموعة. وقال مسؤولون أمريكيون في الآونة الأخيرة إن السلطات القضائية في كل من الكويت وقطر لاتزال “متساهلة” مع تمويل الإرهاب.
وتزايد الشك بأن دولة الإمارات العربية المتحدة قد استخدمت شركات علاقات عامة في المملكة المتحدة لتحسين صورتها، بعد ما نشرته صحيفة إنترسبت أن شركة مملوكة لأبوظبي في الولايات المتحدة، قد دفعت ملايين الدولارات للصحفيين من أجل ترويج مزاعم بأن قطر تمول الإرهاب.
كانت شركة استشارات العلاقات العامة بالمملكة المتحدة “كويلر” قد أدرجت وزارة الخارجية الإماراتية كواحدة من عملائها منذ تسجيلها في عام 2010. كما تقدم الشركة خدمات سكرتارية للمجموعة البرلمانية لدولة الإمارات العربية المتحدة في المملكة المتحدة، والتي تدفع ثمنها السفارة الإماراتية في لندن. غير أن المسئولين بالشركة رفضوا مناقشة العمل الذي يقومون به لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة مع وسائل الإعلام. كما أكد روبرت منديك، كبير مراسلي صحيفة صنداي تلغراف، على أنه لم يلتق مع أي من ممثلي العلاقات العامة أثناء تغطيته الأخيرة عن قطر.
ومع ذلك، قال خبراء في صناعة العلاقات العامة في المملكة المتحدة، إن انعدام الشفافية في القانون البريطاني يعني أنه من المستحيل معرفة ما إذا كان الصحفي ينقل عن شركة تعمل بالنيابة عن بلد آخر. وأكد البعض بأنه يمكن للعملاء الضغط على الشركات في المملكة المتحدة لتجنب إعلان عملائها اذا أرادوا ذلك، وأنهم حتى لو أعلنوا أسماء عملائهم فإن هذا كل ما يفعلونه. بينما يطالب القانون في الولايات المتحدة الشركات، بالإعلان عن حجم الأموال التي دفعت وتقديم تقارير عن العمل المنجز لتعزيز قضية دولة أخرى.
واعتبر الخبراء بأن القراء في المملكة المتحدة، ليس لديهم أي وسيلة للحكم على ما إذا كانت الأنباء المنشورة في وسائل الإعلام قد وضعت من قبل شركات للعلاقات العامة تعمل لصالح قوى أجنبية.
وقال مايكل ستيفنز، نائب مدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة بقطر إن الاستراتيجية التي اتبعتها الإمارات ضد قطر تمت عبر تقديم الأدلة لدول مجلس التعاون الخليجي، واستخدام المؤسسات الإعلامية وتويتر من أجل نشر صورة سلبية جدا ضد قطر في عدد من المجالات، وخاصة تمويل الإرهاب، وقضايا حقوق الإنسان، وكأس العالم.
وقال ستيفنز أيضا أن الحملة الإعلامية الواضحة بقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي تنتقد قطر قد دعمت من قبل اللوبي الإسرائيلي الغاضب بسبب دعم الدوحة لحماس في غزة. حيث أكد بأن الإسرائيليين متورطون بشكل واضح في هذا المشروع الإعلامي ضد قطر.
ومع ذلك، وبرغم الدوافع السياسية المتصورة للتغطية الإعلامية السلبية ضد قطر، لا تزال هناك أسئلة خطيرة تحتاج الدوحة للإجابة عنها حول أنشطتها في المنطقة والدعم المزعوم لبعض المجموعات.
وقبل زيارة أمير دولة قطر للمملكة المتحدة، كانت قد شائعات سرت بأن التغطية الإعلامية السلبية قد تؤدي إلى هجرة الاستثمارات القطرية من لندن. وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء القطري في مقاله بصحيفة الغارديان.
ومع ذلك، ليس هناك ما يشير إلى أن قطر تهدد بسحب استثماراتها في المملكة المتحدة، بل إن الأنباء الأخيرة تشير بأن الدوحة تستعد لشراء عقارات أكثر ربحا في العاصمة البريطانية. حيث قالت صحيفة فاينانشال تايمز، إن صندوق الثروة السيادية القطري قد وافق في 27 أكتوبر الماضي على شراء مساحات مكتبية أغلى في لندن. وورد أن جهاز قطر للاستثمار قد دفع أكثر من 1.1 مليار جنيه استرليني لبرج كناري وارف البريطاني.
وقال ستيفنز “ومتى وجد المال، فإن الأيديولوجيا تخرج من النافذة”.
يذكر أنه بعد لقاء أمير قطر، الشيخ تميم، مع ديفيد كاميرون يوم الأربعاء الماضي، صدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء البريطاني أكد فيه على الرغبة في زيادة الاستثمارات القطرية في المملكة المتحدة.
وقال البيان إن رئيس الوزراء قد شجع أمير البلاد المفدى على النظر في المزيد من الفرص في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك تمويل خط السكك الحديدية عالية السرعة في الأجزاء الشمالية من المملكة المتحدة.
كما أثيرت مسألة تمويل الإرهاب أيضا، إلا أن الواضح أنها لم تكن أكثر من مناقشة ودية. فقد أكد متحدث بسام رئيس الوزراء البريطاني بأن رئيس الوزراء، قد رحب بالتشريع الأخير الذي صدر في قطر لمنع تمويل الإرهاب وأنه يتطلع إلى التنفيذ السريع لهذه الإجراءات الجديدة. وأن البلدين قد اتفقتا على تفعيل المزيد من عمليات تبادل المعلومات على المجموعات التي تهم البلدين.
المصدر
http://altagreer.com/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق