بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ، فكم كان للتيجاني من صدىً واسعاً في الأوساط الشيعية بكونه شخصاً خاض تجربة البحث عن الحق إلى أن حطَّ رحاله في التشيع الإمامي !فصوروه لنا -قبل رحلته الموبوءة- بالعلامة السني المتبحر الذي شرب علوم أهل السنة بشتى أقسامها حتى صار علماً ينافس شيخ الإسلام ابن تيمية في تبحره ومؤلفاته ومناقشاته !
وقد عملوا له سيناريو مشوق برحلته في البحث عن الحق على أنه استفرغ كل وسعه وغاص في مصادر الفريقين للوصول إلى الحق حين رسى في شاطئ التشيع القائم على التكفير والتشكيك بالقرآن الموجود !
ولذا سأعرض عليكم في موضوعي هذا أنموذجاً واحداً من عدة نماذج تبين استفراغه للوسع وأنه قتل مسائل الخلاف بحثاً وتنقيباً في مصادر الفريقين حتى وصل إلى الحق المزعوم !
فمن يقف على هذا الأنموذج سيجزم بإخفاقه في أن يكون مع الصادقين كما زعم في عنوان أحد كتبه ، فإليكم بيان ذلك:
لقد كان التيجاني يجري مقارنة بين كتاب ( فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب ) للنوري الطبرسي ، وبين كتاب آخر عنوانه ( الفرقان ) ألفه مصري معاصر هو محمد محمد عبد اللطيف ابن الخطيب ..
وأما كتاب الفرقان فمؤلفه مصريٌ معاصر حيث أن كتابه قد طبع عام 1948 ميلادي ، كما أشار لذلك عددٌ من كتاب الفريقين ، ومنهم عالمهم علي الميلاني حيث قال في كتابه ( التحقيق في نفي التحريف عن القرآن الشريف ) ( ص 224 ) :[ وقال ابن الخطيب في كتابه ( الفرقان ) ] ثم علَّق على الكتاب بالهامش رقم ( 2 ) بقوله :[ طبع هذا الكتاب بمطبعة دار الكتب المصرية سنة 1367 - 1948 ، وصاحبه من الكتاب المصريّين المعاصرين .. ].وأما كتاب فصل الخطاب فإن تاريخ تأليفه كما يخبرنا محققهم آقا بزرگ الطهراني في كتابه ( الذريعة ) ( 16 / 232 ) :[ وطبع ( فصل الخطاب ) بطهران . وقد فرغ منه في النجف لليلتين بقيتا من جمادى الأخرى في 1292 ] ، والموافق تاريخ 30 / 7 / 1875 ميلادي .
أي أن كتاب الخطيب قد تمَّ تأليفه بعد تأليف كتاب فصل الخطاب بما يقارب 73 عاماً فهذا ما توصلنا له دراسة تاريخ تأليف الكتابين كما هو مثبت لكل منهما ..
وأما النتائج التي توصل لها البحّاثة الغواص في مصادر الفريقين فهي بخلاف ذلك تماماً ، بل ربما يكون اكتشافاً علمياً غير مسبوق حيث قرر بأن الخطيب قد ألف كتابه ( الفرقان ) قبل تأليف النوري الطبرسي كتابه ( فصل الخطاب ) بأربعة قرون ( 400 عاماً ) !!!
فقال في كتابه الذي خالف سلوكه عنوانه ( لأكون مع الصادقين ) ( ص 208 ) :[ وإذا كان الشيعي صاحب كتاب " فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب " وهو المتوفى سنة 1320 هجرية كتب كتابه منذ ما يقرب مائة عام ، فقد سبقه السني في مصر صاحب كتاب " الفرقان " بما يقارب أربعة قرون ].
والسبب الذي أوقعه في تلك الطامة ( الاكتشاف العلمي ! ) هو أنه لم يكلف نفسه جهد البحث بالرجوع إلى كتاب الخطيب لمعرفة سنة طباعته حتى يكون مع الصادقين فيما يقول !
فراح يتصور من خيالاته المتكررة أن طباعته كانت عام 1498 ميلادي بدلاً من التاريخ الصحيح وهو 1948 ميلادي ، فقال في كتابه المُشار إليه ( ص 201 ) :[ وقد ألف أحد المصريين في سنة 1498 م كتابا اسمه " الفرقان " حشاه بكثير من أمثال هذه الروايات السقيمة المدخولة المرفوضة ، ناقلا لها عن الكتب والمصادر عند أهل السنة ، وقد طلب الأزهر من الحكومة مصادرة هذا الكتاب بعد أن بين بالدليل والبحث العلمي أوجه البطلان والفساد فيه ].
فبدل من أن يكون النوري الطبرسي قد سبق الخطيب في التأليف بمدة 73 عاماً ..
صار الخطيب - بعدما بذل التيجاني وسعه في اكتشافه العظيم - يسبق النوري الطبرسي بمدة 400 عاماً !!!
فهنيئاً لك ما بذلته من جهد وبحث وتنقيب لتكون به -عن استحقاق- مع الصادقين !!!
وهذا -وأبيك- هو البحث والغوص والتنقيب !!!
صار الخطيب - بعدما بذل التيجاني وسعه في اكتشافه العظيم - يسبق النوري الطبرسي بمدة 400 عاماً !!!
فهنيئاً لك ما بذلته من جهد وبحث وتنقيب لتكون به -عن استحقاق- مع الصادقين !!!
وهذا -وأبيك- هو البحث والغوص والتنقيب !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق