الثلاثاء، 7 أكتوبر 2014

آيات نزلت في سيدنا ابوبكر الصديق رضي الله عنه


آيات نزلت في الصديق


سورة (الشرح):

والمقصود منها قوله تعالى: (( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ ))[الشرح:1-3].

وهي مكملة لسورة (الضحى) وتأتي بعدها حتى كأنهما سورة واحدة، والوزر هو: الحمل الثقيل الذي جاء ذكره في قوله تعالى: (( إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ))[المزمل:5] وهو الأمر بالدعوة والتصدي للناس بالأمر والنهي·

ولم يخف هذا الحمل عنه صلى الله عليه وسلم بأحد كأبي بكر رضي الله عنه، إذ كان ساعده الأيمن وظهيره الأقوى في كل شيء، وسخر في خدمته نفسه وماله.

وكان أتباعه يعذبون، فكان أبو بكر يبذل ماله في خلاصهم وشرائهم، وذلك مما يفرج الضيق ويزيح الهم عن صدر رسول الله.

وكان مع النبي يتدارس أمور الدعوة ويضع الخطط، ويقول ويشير، ويغدو ويروح، ويجلس ويسمر، ويسر إليه بالأمور الخطيرة [من ذلك قوله بعد القضاء على المرتدين: (واعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عول أن يصرف همته إلى الشام فقبضه الله إليه واختار ما لديه، ألا وإني عازم أن أوجه أبطال المسلمين إلى الشام بأهليهم ومالهم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أنبأني بذلك قبل موته)] وهذا كله مما يخفف الحمل ويزيح العبء الثقيل عن الصدر فينفسح وينشرح.

ولا شك أن الهم والعبء لا يمكن أن يخف بصبي أو غلام كعلي لأسباب كثيرة، منها:

- عدم التقارب النفسي بين صبي وشيخ جاوز الأربعين.

- عدم قدرة الصبي الجسدية والفكرية على تحمل الأعباء.

- عدم امتلاك المنزلة الاجتماعية المؤثرة.

- عدم القدرة المادية.

ولذلك لم يبرز دور سيدنا علي ويصبح شخصية اجتماعية مرموقة إلا في المدينة بعد بدر، وكان المشركون يطلبون رأس عمه حمزة للثأر من قتلى بدر؛ لأنه هو الشخصية البارزة المؤثرة من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على عادة أهل الجاهلية في الثأر والانتقام لا يكون إلا ممن يرونه مقدماً عند الخصوم وبارزاً في المجتمع.

أما الزوجة فيمكن أن تخفف عن الزوج حمل البيت، أما مكابدة أمر الناس في الخارج فلا، وهكذا انطبقت سورة الشرح على أبي بكر، فشرح الله به صدر نبيه صلى الله عليه وسلم ووضع وزره ويسر عليه كل أمر عسير.

آية التفضيل في سورة (الحديد):

وهي قوله تعالى: (( وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ))[الحديد:10].

في هذه الآية العظيمة يجعل الله للتفضيل أسساً ثلاثة هي:

1-الإنفاق.

2- القتال.

3- السبق في الإنفاق والقتال.

ولو أجرينا مقارنة منصفة بين الإمامين الكريمين: أبي بكر وعلي رضي الله عنهما لكانت النتيجة كالآتي:

أبو بكر رضي الله عنه أعظم من أنفق من قبل الفتح، وما انتفع الإسلام بمال أحد كما انتفع بمال أبي بكر.

أما علي رضي الله عنه فلم يكن عنده من مال ينفقه لا من قبل الفتح ولا من بعده وذلك لفقره، وكان في مكة في كفالة النبي صلى الله عليه وسلم، وظل الفقر ملازماً له طيلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يعرف عنه أنه جهز جيشاً أو حل معضلة مادية.

وقدم الله تعالى الإنفاق على القتال؛ لأن الدعوات إنما تقوم أولاً على مال المنفقين لا على قوة المقاتلين.

فهذا العنصر الأول والأعظم من عناصر التفضيل كله لأبي بكر عملاً وسبقاً.

وأما القتال فلأبي بكر منه النصيب الأعلى، إذ كان قتاله قتال القادة المخططين الذين يرقبون ميدان المعركة يديرونه ويوجهونه ولا ينزلون لمباشرة القتال بأنفسهم إلا عند الحاجة القصوى، فكان أبو بكر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مركز القيادة يخطط ويرقب مجريات المعركة ويوجهها، وهذا أعظم في الميزان من قتال الجندي الباسل في الميدان مهما بلغت درجة بسالته وفتكه بالأقران كما كان شأن سيدنا علي رضي الله عنه، ثم إن التخطيط والقيادة تسبق مباشرة القتال.

ولقد كان أبو بكر رضي الله عنه يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في النزول للمبارزة، كما حصل عندما برز ابنه عبد الرحمن في بدر -وكان مشركاً- فأراد أبو بكر أن يبرز له، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (متعنا بنفسك يا أبا بكر!). فكان يمنعه ويأذن لغيره؛ لأن أبا بكر ليس من السهل أن يفرط فيه أداء لمهمة يمكن أن يقوم بها عنه آخرون، كان ينتدبهم النبي صلى الله عليه وسلم لها، كما انتدب علياً رضي الله عنه لقيادة الكتيبة الاقتحامية في خيبر فكان الفتح على يديه.

ودافع أبو بكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وضرب عنه بيده، فضرب حتى أدمي وأغمي عليه وهو يقول: {أتقتلون رجلاً أن يقول: ربي الله} يقصد النبي صلى الله عليه وسلم· وذلك في مكة وهو من جنس القتال الممدوح، فكان رضي الله عنه سابقاً في هذا (( وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ))[الحديد:10] والدرجات العلى في الجنة· وكذلك كان قتال النبي صلى الله عليه وسلم هو قتال القادة، وهو لا يقاس بعدد من يقتل أو الجهد البدني الشخصي المبذول في ساحة القتال، إنما هذا هو شأن الجندي وعمله، ولذلك لا يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل إلا القليل النادر، ولكنه مع هذا أفضل وأعظم من قاتل وجاهد في سبيل الله!

آية الفضل في سورة (النور):

وهي قوله تعالى: (( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))[النور:22].

وقد سبق الكلام عنها في موضوع (آثار الصحبة) ووجه تفرد أبي بكر في الفضل الوارد فيها، وذلك من خصائصه العظيمة.

آية التصديق في سورة (الزمر):

وهي قوله تعالى: (( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ * أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ))[الزمر:33-36] فالذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم، وأعظم من صدق به الصديق رضي الله عنه، فهو أول المقصودين بالآية وما بعدها.

وفي قوله تعالى: (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ))[الزمر:36] إشارة إلى آية الغار: (( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40] فكما نصره بواحد صدقه بواحد (( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ))[الزمر:36].

ولا شك أن المصدقين كثيرون ولكن أعلاهم تصديقاً الصديق لشدة صدقه وعلي واحد منهم إلا أن الآية -على قواعد الإمامية- لا تشمله!

جاء في (المنتقى من منهاج السنة) للذهبي (ص470) أن أبا بكر بن عبد العزيز غلام الخلال سئل عن هذه الآية؟ فقال:

(نزلت في أبي بكر، فقال السائل: بل في علي، فقال أبو بكر: اقرأ ما بعدها، فقرأ إلى قوله: (( لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا ))[الزمر:35] فقال: علي عندكم معصوم لا سيئة له فما الذي يكفر عنه؟! فبهت السائل.

آية (الصادقون) في سورة الحشر:

وهي قوله تعالى: (( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ))[الحشر:8] وأبو بكر الصديق أصدق الصادقين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ هاجر مع رسول الله وأخرج من داره وماله، وأنفق ما يملك ابتغاء فضل الله ورضوانه وهو أكثرهم نصرة لله ورسوله، حتى أن الله أنزل فيه وفي المؤمنين هذه الآيات التي يستنفر بها همم المؤمنين جميعاً، ويضرب لهم المثل بأبي بكر الصديق وكيف نصر الله ورسوله فقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ ))[التوبة:38] إلى قوله (( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ))[التوبة:40] فلم يستثن من هذا العتاب الموجه إلى جميع المؤمنين إلا نبيه صلى الله عليه وسلم و(صاحبه).

فكان أبو بكر رضي الله عنه أفضل الصادقين الذين نصروا الله ورسوله، فهو الأولى بالإمامة، فإن الله تعالى يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ))[التوبة:119] فأمر جميع المؤمنين أن يكونوا تبعاً للصادقين وهم تبع لأصدقهم وأفضلهم، وبهذه الآية احتج أبو بكر على الأنصار في أن المهاجرين أولى منهم بالإمارة وأن المهاجرين هم الأمراء، والأنصار هم الوزراء، فكان أبو بكر إمام الأئمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

آية الاستخلاف في سورة (النور):

وهي قوله تعالى: (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ))[النور:55].

وبر الله عز وجل بوعده فمكن للمؤمنين وجعل منهم الخلفاء الراشدين، أولهم: أبو بكر الصديق بل هو (خليفة رسول الله) بلا منازع، وغيره (خليفة المسلمين) و(أمير المؤمنين).

وهذا يدل على توفر الشرط -وهو الإيمان والعمل الصالح- فيمن استخلفهم ومكن لهم وإلا لما حصل الوعد بالاستخلاف والتمكين لأنه مشروط به.

ومكن الله للمؤمنين وحصل لهم من الأمان والاطمئنان والقوة والإيمان في زمن أبي بكر؛ ما استطاعوا به أن يزعزعوا كيان أكبر دولتين في عالمهم فارس والروم.

وكان نصيب أبي بكر من الاستخلاف والتمكين والأمن أكبر من علي الذي لم يستطع أن يبسط سلطان خلافته على جميع المسلمين، ولم يبلغ من القوة والتمكين ما يستطيع به قهر خصومه ومخالفيه، بل طمع في المسلمين الروم وفكروا في غزوهم، حتى هددهم معاوية بمصالحة علي والمسير إليهم إن لم يكفوا؛ فرجعوا عما هموا به وعزموا عليه.

آية التمكين في سورة (الحج):

وهي قوله تعالى: (( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ))[الحج:41] وأبو بكر الصديق أولى الأمة بهذه الآية لأسباب عديدة، منها:

1- أنه صلى بالناس إماماً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته، وكان علي رضي الله عنه وغيره يصلي خلفه مأموماً، وصلاة الإمام أكمل من صلاة المأموم. وإلا لم ينبغ له التقدم عليه إلا لعذر، وتقدم أبي بكر لإمامة المسلمين في الصلاة كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم و(تزكيته) وهو القائل: {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله}.

2- أنه صلى أول الإسلام وهو رجل بالغ، وصلى علي وهو صبي، وصلاة البالغ أكمل وأوجب، فإن صلاة الصبي على سبيل الاستحباب وصلاة البالغ على سبيل الوجوب والواجب، أحب إلى الله، ولذلك أوجبه على العباد.

3- أنه لما مكن الله له في الأرض قاتل على الصلاة وأرجع المرتدين إلى حضيرة الإسلام فأقاموها، ونشر الإسلام خارج الجزيرة العربية، فصار الناس يقيمون الصلاة في تلك البلدان، فاكتمل في حقه قوله تعالى: (( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ )) وعلي رضي الله عنه لما مكن الله له حكم أناساً مسلمين يصلون ولم يتمكن -لانشغاله بإخماد الفتن- من نشر الإسلام إلى الخارج، بل ابتلي بقتال المصلين!

4- وأما الزكاة فقد أداها أبو بكر عن نفسه ولم يفعل ذلك علي لفقره.

5- ولما مكن الله لأبي بكر قاتل الناس على الزكاة حتى صاروا يؤدونها، سواء منهم من كان مسلماً فامتنع عن أدائها أم كان كافراً فأسلم، وعلي لم يفعل ذلك في حال تمكينه لانشغاله بإخماد الفتن -كما قلنا- وقد قتل فيها عشرات الآلاف من المصلين والمزكين من الطرفين مما قلل عددهم، ومن الطبيعي أن تستنزف الحروب الداخلية أموال الأمة ومواردها مما يؤدي إلى افتقار كثير ممن كان يؤدي الزكاة، ويجعلهم غير قادرين على أدائها!

فكان الذي -لما مكن الله له في الأرض- أقام الصلاة وآتى الزكاة هو الصديق، فهو أولى بالخلافة والتمكين لاستيفائه شروطه كاملة، وكلٌ من الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم أجمعين.

10- قوله تعالى: (( قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ))[الفتح:16].

وهذه الآية لم تكن إلا في حق أبي بكر رضي الله عنه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقاتل بعد هذه الآية -أي بعد صلح الحديبية- قوماً أولي بأس شديد فأسلموا. فيهود خيبر لم يسلموا. ومكة فتحت بلا قتال أوبأس شديد. وأهل الطائف أسلموا بعد ذلك طواعية ولم يسلموا بقتال. وتبوك لم يحصل فيها قتال ولم يسلم أحد. هذا كل ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية فليس هو المقصود بها.

وعلي رضي الله عنه لم يقاتل أحداً في عهده على الدخول في الإسلام بل قاتل أناساً مسلمين، قاتل أهل مكة والمدينة في (الجمل) ولم يكن قتالاً على الإسلام، فما كان أحد الفريقين يتهم الآخر بالخروج منه فهو يقاتله ليدخله فيه، ولم يحدث أي تحول في اعتقاد الفريق الذي قاتله.

والخوارج لم يكونوا كفاراً بل مبتدعين، ولم يقاتلهم علي على بدعتهم للرجوع عنها، وإنما لأنهم حملوا السلاح وسفكوا الدم الحرام وقطعوا الطريق وأخافوا الناس بعد أن قال لهم: {لكم علينا ألاّ نمنعكم مساجدنا، ولا نمنعكم فيئكم ما دمتم تقاتلون معنا مالم تحدثوا حدثاً}.

وقاتلهم فلم يرجع أحد منهم عما هو فيه، بل ظلوا خارجين حتى قتلوه، ومات رضي الله عنه وهو يوصي بهم قائلاً: {لا تقتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه} [(نهج البلاغة) (1/108)] ولو كانوا كفاراً أو مرتدين لما نهى عن قتالهم، وجعلهم متأولين في ارتكابهم الباطل غير قاصديه أصلاً، ورغب بالعفو عن قاتله، فقال: {إن أبقَ فأنا ولي دمي، وإن أفنَ فالفناء ميعادي، وإن أعف فالعفو لي قربة، وهو لكم حسنة فاعفوا! ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [(النهج) (3/21)] والمرتد يجب قتله -إلا إذا تاب- فكيف وهو مصر بل مرتكب لجريمة القتل مع (سبق العمد والترصد والإصرار!).

وقال: {با بني عبد المطلب! لا ألفينكم تخوضون في دماء المسلمين تقولون: قتل أمير المؤمنين: ألا لا يقتلن بي إلا قاتلي} [(النهج) (3/77)] فسمى الخوارج مسلمين ونهى عن الخوض في دمائهم.

إنما الذي قاتل من ذكرتهم الآية هو أبو بكر الصديق إذ قاتل المرتدين والفرس والروم -وكانوا أولي قوة وأولي بأس شديد- حتى استسلموا وأسلموا، والله تعالى دعا المخلفين من الأعراب إلى القتال معه ووعدهم بالأجر الحسن على ذلك، وهذا دليل على صحة إمامته، وإلا لما رغَّب الرب في القتال تحت رايته.

آية قتال المرتدين في سورة (المائدة):

وهي قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ))[المائدة:54] وهذا ملخص قول الإمام الرازي في الآية:

إن هذه الآية يجب أن يقال: إنها نزلت في حق أبي بكر رضي الله عنه، والدليل على ذلك: أن هذه الآية مختصة بمحاربة المرتدين، وأبو بكر هو الذي تولى محاربة المرتدين، ولا يمكن أن يكون المراد هو الرسول عليه السلام؛ لأنه لم يتفق له محاربة المرتدين...

ولا يمكن أن يكون المراد هو علي؛ لأن علياً لم يتفق له قتال أهل الردة.

فإن قالوا: بل قتاله مع أهل الردة؛ لأن كل من نازعه في الإمامة كان مرتداً؟

قلنا: هذا باطل من وجهين:

الأول: أن اسم المرتد إنما يتناول من كان تاركاً للشرائع الإسلامية، والقوم الذين نازعوا علياً ما كانوا كذلك في الظاهر، وما كان أحد يقول: إنه إنما حاربهم لأجل أنهم خرجوا عن الإسلام، وعلي لم يسمهم ألبتة بالمرتدين.

الثاني: أنه لو كان كذلك لوجب -بحكم ظاهر الآية- أن يأتي الله بقوم يقهرونهم ويردونهم إلى الدين الصحيح، ولما لم يوجد ذلك ألبتة؛ علمنا أن منازعة علي في الإمامة لا تكون ردة، وإذا لم تكن منازعته ردة لم يمكن حمل الآية على علي؛ لأنها نزلت فيمن يحارب المرتدين.

وكلمة (من) -في معرض الشرط- للعموم، فقوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ))[المائدة:54] الآية، يدل على أن كل من صار مرتداً عن دين الإسلام، فإن الله يأتي بقوم يقهرونهم ويبطلون شوكتهم. فلو كان الذين نصبوا أبا بكر كذلك لوجب بحكم الآية أن يأتي الله بقوم يقهرونهم ويبطلون شوكتهم، ولم يكن الأمر كذلك، بل كان بالضد، إذ قهر الله خصومهم وقمع بهم المرتدين.

وعلي لم يحارب أبا بكر بل حمل السيف تحت لوائه في وجه المرتدين، وكان هو على رأس الكتيبة التي تولت حراسة المدينة حينما خرج أبو بكر بنفسه ليقود أول معركة معهم حول المدينة، ولما انتهت المعارك بدحرهم على يد أبي بكر أكرم علياً فزوجه بسبية من بني حنيفة ولدت له ابنه محمداً. وهذا دليل آخر على ردتهم؛ لأن علياً قبلها من الصديق ونكحها نكاح ملك اليمين.

وقاتل عمار بن ياسر المرتدين حتى صمت أذنه، ويعيره يوماً رجل فيقول: ياذا الأذن، فيجيبه عمار رضي الله عنه بقوله: {خير أذنيَّ سببت}.

وفي الآية صفات جعلها الله لمن أرادهم بها:

أولها: أنه -سبحانه- (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ))[المائدة:54] فلما ثبت أن المراد بها هو أبو بكر ثبت أن قوله: (( يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ))[المائدة:54] وصف لأبي بكر، فدل ذلك على صحة إمامته.

وثانيها: قوله: (( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ))[المائدة:54] وهي صفة أبي بكر أيضاً؛ لأنه هو المراد بالآية، ويؤيده الخبر المستفيض أنه عليه الصلاة والسلام قال: {أرحم أمتي بأمتي أبو بكر} فكان موصوفاً بالرحمة والشفقة على المؤمنين، وبالشدة مع الكافرين كما أحرق الفجاءة حين ارتد وخدعه فغدر به.

ألا ترى أنه في أول الأمر حين كان الرسول في مكة وكان في غاية الضعف، كيف كان يذب عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وكيف كان يلازمه ويخدمه؟ وما كان يبالي بأحد من جبابرة الكفار وشياطينهم، وفي آخر الأمر -أعني خلافته- كيف لم يلتفت إلى قول أحد، وأصر على أنه لا بد من المحاربة مع مانعي الزكاة حتى لو آل الأمر إلى أن يخرج إلى قتال القوم وحده، فكان أشد الصحابة في ذلك وأعزهم على الكافرين، فكان قوله تعالى: (( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ))[المائدة:54] لا يليق به!

وثالثها: قوله: (( يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ))[المائدة:54] فهذا مشترك فيه بين أبي بكر وعلي، إلا أن حظ أبي بكر فيه أتم وأكمل، وذلك أن مجاهدة أبي بكر مع الكفار كانت في أول البعثة، وهناك الإسلام كان في غاية الضعف، والكفر كان في غاية القوة، فكان أبو بكر يجاهد الكفار بمقدار قوته ويذب عن رسول الله بغاية وسعه، وأما علي فإنما شرع في الجهاد يوم بدر وأحد، وفي ذلك الوقت كان الإسلام قوياً، وكانت العساكر مجتمعة، فثبت أن جهاد أبي بكر كان أكمل من جهاد علي من أوجه:

1- أنه كان متقدماً عليه في الزمان، فكان أفضل.

2- أن جهاد أبي بكر كان في وقت ضعف الرسول صلى الله عليه وسلم، وجهاد علي كان في وقت الشدة·

3- أن أبا بكر تفرد عن علي بالجهاد بالمال، وهو أول عناصر التفضيل التي جاءت في قوله: (( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ))[الحديد:10].

4- أن جهاد أبي بكر كان جهاد القائد، وجهاد علي جهاد الجندي الباسل.

ورابعها: قوله تعالى: (( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ )) وهذا لائق بأبي بكر؛ لأنه متأكد بقوله تعالى: (( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ ))[النور:22] متى كان الأمر كذلك وجب القطع بصحة إمامة أبي بكر، إذ لو كانت باطلة لما كانت هذه الصفات لائقة به) اهـ. بتصرف وجاءت بعدها في السياق مباشرة آية الولاية فهي مكملة لها.

آية الولاية:

وهي قوله تعالى: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ))[المائدة:55-56].

وهي عامة، ولكن إذا نظرنا إلى الأمر من زاوية من الأولى بالوصف: يكون أبو بكر هو الأولى، لأنه هو الذي أقام الصلاة وآتى الزكاة -على المستويين الشخصي والجماعي- على أكمل وجه [راجع ما جاء في الفقرة (10) عند الكلام على آية التمكين في سورة الحج]، وكان خصومه مكبوتين مغلوبين. وتحقق له الغلب أكثر مما تحقق لعلي، فإن الله تعالى مكن له في الأرض وبايعته الأمة جميعاً ونصره على المرتدين نصراً حاسماً، وما مات إلا وجيوشه تطارد جيوش أكبر دولتين في العالم آنذاك وتحرز النصر والغلب المتلاحق عليهم.

بينما علي لم يكن سلطانه مبسوطاً، ولم يتغلب إلا على الخوارج وكان غلباً جزئياً، إذ ظلت فلولهم هنا وهناك تعيث فساداً حتى تمكنوا في نهاية المطاف من قتله رضي الله عنه.

أما أهل الشام فقد رجحت كفتهم شيئاً فشيئاً لا سيما في أخريات عهده.

ولا شك أن علياً من حزب الله، لكن تحقق الآية في أبي بكر أكثر وأوضح، وأما قصة الخاتم فهي موضوعة لم ترد بسند صحيح قط، ومما يدل على وضعها واختلاقها ما ثبت من فقر علي رضي الله عنه لا سيما عند نزول الآية، فإنه كان فقيراً لا يملك نصاب الزكاة، والآية في الذين يؤتون الزكاة، والزكاة مصطلح قرآني لا يطلق إلا على الفريضة المعروفة، وعلي -عند نزول الآية- لم يكن ممن يؤتون الزكاة، فكيف تصرف الآية إليه فضلاً عن تخصيصه بها دون سواه!

ولو افترضنا صحة الحكاية فهي ليست أكثر من سبب للنزول، وقد تقرر في الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فتكون مما يدل على فضله رضي الله عنه، وفضائله كثيرة مشهورة لا ينكرها مسلم.

والراجح مما ذكر من أسباب النزول أنها نزلت في عبادة بن الصامت رضي الله عنه [روى ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبدالله بن أُبَي بن سلول وقام دونهم، ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم -وكان أحد بني عوف من الخزرج- وله من حلفهم مثل الذي لهم من عبدالله بن أُبي، فخالفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ من حلف الكفار وولايتهم وقال: يا رسول الله! أبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم وأتولى الله ورسوله والمؤمنين. قال عبادة: ففيَّ وفي عبدالله بن أُبي نزلت الآيات من (يا أيها··· فإن حزب الله هم الغالبون) أسباب النزول في حاشية روائع البيان لمعاني القرآن أيمن عبدالعزيز] حيث تبرأ من حلف اليهود وولايتهم إلى ولاية الله ورسوله والمؤمنين، في مقابل تمسك عبدالله بن أبي بن سلول بحلفه معهم، فنزل فيه قوله تعالى في الآية (51) من سورة المائدة وما بعدها: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ))[المائدة:51-52] الآيات. [عبد الله بن أبي بن سلول وأمثاله] وفي عبادة نزل قوله تعالى في الآية (55) وما بعدها: (( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا )) الآيتين، ثم عادت الآيات تنهى عن موالاة اليهود والنصارى وغيرهم: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ))[المائدة:57] وما بعدها.

ومع أن عبادة سبب النزول [على أنه ورد في بعض الروايات أن الآية نزلت في أبي بكر كما في أسباب النزول للثعلبي عن ابن عباس، الحجج الدامغات لنقض كتاب المراجعات (1/130) لأبي مريم الأعظمي· وفي ((الحلية)) (3/185) عن عبدالملك بن أبي سليمان قال: (سألت أبا جعفر الباقر عن الآية؟ فقال: أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قلت: يقولون: هو علي؟ فقال: علي منهم). وروى ابن جرير وغيره عن ابن عباس قال: من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا الحجج الدامغات (1/131 ـ 132)] إلا أن الآية ليست خاصة به، بل عامة في كل من تبرأ من أعداء الله ووالى الله ورسوله والذين آمنوا، وأبو بكر أفضل من تبرأ من أولئك وتولى هؤلاء، على الوجه الذي فصلناه في أول الكلام عن الآية.


http://alburhan.com/articles.aspx?id...=5&links=false





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق