السبت، 5 يوليو 2014

الموضوع / وفاة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المؤسس الحقيقي لدولة بني أمية.


الموضوع / وفاة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان المؤسس الحقيقي لدولة بني أمية.

عبد الملك قبل الخلافة:

مفكرة الإسلام : هو الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ولد سنة 26 هـ وشهد حادثة مقتل عثمان رضي الله عنه مع أبيه وهو صغير في التاسعة من عمره, نشأ عبد الملك نشأة قوية سوية فكان عاقلاً حازماً أديباً لبيباً وكان يجالس العلماء والفقهاء والعباد والصالحين وولاه معاوية أمر المدينة وهو في السادسة عشر من عمره فاهتم بالعلم والعبادة فكان قبل أن يلي الخلافة من العباد الزهاد الفقهاء الملازمين للمسجد التالين للقرآن, قال نافع 'لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشعيراً ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك بن مروان' وقال أبو الزناد 'فقهاء المدينة سعيد بن المسيب وعبد الملك بن مروان وعروة بن الزبير وقبيصة بل ذؤيب' وقال الشعبي 'ما جالست أحداً إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك بن مروان فإني ما ذكرته حديثاً إلا وزادني فيه ولا شعراً إلا وزادني فيه' وجاء لابن عمر فقال له 'إنكم معشر أشياخ قريش يوشك أن تنقرضوا فمن نسأل بعدكم ؟ فقال ابن عمر 'إن لمروان ابناً فيها فأسألوه' وسمع عبد الملك من الصحابة مثل عثمان وأبي هريرة الذي توسم فيه أنه سيكون خليفة وأبي سعيد وابن عمر وأم سلمة وهو ثقة عند المحدثين , وكان بالجملة من خير الناس قبل أن يلي الخلافة .

حال الأمة الإسلامية:

منذ وفاة معاوية بن أبي سفيان اضطرب حال الدولة المسلمة وكثرت الثورات والخلافات خاصة بعد مقتل الحسين رضي الله عنه وخلاف ابن الزبير علي يزيد بن معاوية وحادثة واقعة الحرة واستباحة المدينة ومقتل الكثير من أهلها ولما مات يزيد اعتزل ابنه معاوية الثاني الأمر فازداد الاضطراب في أمصار المسلمين فمال جمهور المسلمين إلى مبايعة ابن الزبير ومال أهل الشام لمبايعة مروان بن الحكم ودارت صراعات كثيرة بين الطرفين استطاع فيها مروان أن يأخذ مصر من ابن الزبير ثم مات مروان في سنة 65 هـ فعهد بالأمر إلى عبد الملك ابنه.

عبد الملك خليفة:

عندما تولى عبد الملك الخلافة تغير حاله عما كان عليه من قبل وكان في حجره مصحف يوم أن أفضت إليه الخلافة فأطبقه ثم قال له 'هذا آخر العهد بك' وكان الحال في البلاد الإسلامية شديد الاضطراب فشد مئزره وشمر ساعد الجد وبدأ خلافته بمواجهة ابن الزبير والعمل على انتزاع الأمصار منه فبدأ بأشد الأمصار اضطراباً وهو العراق فتوجه إليه بنفسه وكان على العراق مصعب ابن الزبير أخو عبد الله وكان من أقرب أصدقاء عبد الملك قبل ذلك ولكن الملك عقيم واستطاع عبد الملك بدهائه أن يستميل كثيراً من أعوان مصعب فتفرق الناس عنه وعرض عبد الملك على مصعب الاستسلام ولكن مصعباً رفض وظل يقاتل حتى قتل واستقر الوضع لعبد الملك بالعراق ولم يبق بيد ابن الزبير إلا الحجاز فأرسل عبد الملك أكبر جرائمه الحجاج الثقفي فحاصر ابن الزبير في مكة ونصب المنجنيق وضرب الكعبة وحاصر الحرم حتى قتل ابن الزبير وذلك سنة 72 هـ ومن يومها استقر الحكم لعبد الملك والعجيب أن عبد الملك نفسه أنكر على يزيد بن معاوية إرساله لجيش لحصار ابن الزبير بمكة واستعظم ذلك بشدة ثم قام هو بنفس الفعلة وأعظم.
واجه عبد الملك فتنة داخلية في البيت الأموي نفسه عندما حاول ابن عمه وولى عهده عمرو بن سعيد المعروف بالأشدق الخروج عليه فاحتال عليه عبد الملك حتى قتله وقيل أن هذا كان أول غدر في الإسلام ونستطيع أن نقول أن عبد الملك هو أول من مهد ملك بني أمية وهو المؤسس الحقيقي لهذه الدولة القوية, وواجه عبد الملك منذ أن ولي الحجاج على العراق الكثير من الفتن والاضطرابات أشدها فتنة ابن الأشعث التي كادت أن تعصف بملك بن أمية كله ومن قوتها كاد عبد الملك أن يضحي بالحجاج أخلص أتباعه ولكنه استطاع بقلب ثابت وعزيمة حادقة وهمة عالية أن يقضى على كل الثورات وهدأت كل الأمور ابتداءاً من سنة 83هـ .
بعد أن هدأت الأمور على عبد الملك انصرف بعدها لتوطيد دعائم ملكه فتوسع في العمران وبنى المدن الجديدة أمثال واسط وغيرها وتفرغ لمحاربة الخوارج الذين قويت شوكتهم واستفادوا من كثرة الاضطرابات الداخلية وغفلة الناس عنهم فوجه لهم القائد العظيم المهلب بن أبي صفرة فظل يحاربهم سنوات طويلة وكان له معهم صولات هائلة حتى قضى على معظم أبطالهم كشبيب بن يزيد وصالح وقطري بن الفجاءة, وجدد بناء الكعبة وبنى مسجد قبة الصخرة, ووجه أخاه محمد بن مروان لغزو الروم وأرسل للغزو في بلاد ما وراء النهر وأرسل موسى بن نصير إلى بلاد المغرب وما ورائها .

من أفضل أعمال عبد الملك

 قتله للدعي الكاذب الحارث المتنبئ الذي أضل خلقاً كثيراً وأجرى الشيطان على يديه الكثير من الضلالات والكرامات الشيطانية فتطلبه عبد الملك حتى أخذه وقتله ومن الجميل في ذلك أن الرجل الذي أخذ الحربة ليقتل بها الكاذب لم ينفذ فيه الحربة وقال الجهال أن الأنبياء لا يجوز فيهم القتل فقال عبد الملك للرجل 'هل ذكرت اسم الله حين طعنته؟ فقال الرجل : لا فقال له عبد الملك : ويحك سم الله ثم اطعنه' فطعنه فقتله .
يذكر عبد الملك في التاريخ بأوليات قد كان أول من فعلها فهو أول من تسمى في الإسلام بعبد الملك وأول من سار بالناس في بلاد الروم سنة 42 هـ وأول من ضرب الدنانير الإسلامية وأول من صدر المناشير بالقرآن والصلاة والسلام على رسول الله وأول من نهى عن الكلام في حضرة الخلفاء دون إذن وأول من كسى الكعبة بالحرير الديباج, أمام ما ينسب إليه أنه قال في الخطبة 'من قال لي اتق الله ضربت عنقه' فهذا الحديث لا يصح ورواة هذا الحديث فيهم كاذبون, وما ينسب إليه أنه وضع على ابن عمر من طعنه بحربة مسمومة فمرض فمات من ذلك فباطل كما أجمع على ذلك المحققون من المؤرخين.
كان عبد الملك سريع الإقدام في سفك الدماء وهذا ما شوه صورته عند المؤرخين واعتذر هو بكثرة الخارجين والثائرين وأصحاب الأهواء وكفاه ذنباً سيف نقمته الحجاج الثقفي الذي أذل به المسلمين وسفك دمائهم وأذي الصالحين وأهان الصحابة, وكان عبد الملك ينهى عن ذكر سيرة عمر لأن ذلك كما يقول مرارة للأمراء ومفسدة للرعية, وكان عبد الملك يجلس في حلقة أم الدرداء الفقيهة قبل أن يلي الأمر فحضر ذات يوم وهو خليفة فجلس إليها فقالت له 'يا عبد الملك بلغني أنك شربت الطلا 'النبيذ' بعد العبادة والنسك' فقال لها 'إي والله والدماء أيضاً' وقال ذات يوم 'قد صرت لا أفرح بالحسنة أعملها ولا أحزن على السيئة أرتكبها' فقال سعيد بن المسيب 'الآن تكامل موت قلبه'.
لما حضرته الوفاة قال ارفعوني فرفعوه حتى شم الهواء وقال 'يا دنيا ما أطيبك إن طويلك لقصير وإن كثيرك لحقير وإنا كنا بك لفي غرور' ثم قال 'يا ليتني كنت غسالاً أكسب ما أعين به يوماً بيوم ولم آل الخلافة يوماً' ولما دخل في سكرات الموت بكى ولده وولي عهده الوليد فقال عبد الملك 'ما هذا ؟ أنحن حنين الجارية والأمة؟ إذا أنا مت فشمر واتزر وألبس جلد النمر وضع الأمور عند أقرانها واحذر قريشاً وانظر إلى الحجاج بن يوسف فأكرمه فإنه هو الذي مهد لك البلاد وقهر الأعداء وخلص لك الملك, وأنهاك وإخوتك عن الفرقة وكونوا أولاد أم واحدة وكونوا في الحرب أحراراً وللمعروف مناراً, وتوفى عبد الملك في 15 شوال سنة 86هـ بعد أن أسس ملك بني أمية وولي الخلافة بعده أربعة من أبناءه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق