الاثنين، 15 فبراير 2016

الغارديان تكشف تواصل التدخلات الإماراتية في ليبيا من خلال ليون



الكاتب Emirati Affairs2016-02-15





كشفت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير لها، عن استمرار محاولات التدخلات الإماراتية في الشؤون الليبية، من خلال المبعوث الأممي السابق في ليبيا بيرناردينو ليون، والذي يعمل حالياً كمدير للأكاديمية الدبلوماسية في أبوظبي.

رانديب راميش معد التقرير، كان هو ذاته الذي كشف في نوفمبر الماضي عن المراسلات التي تمت بين ليون والسلطات الإماراتية، والتي فضحت استخدام الإمارات للمال السياسي في شراء ذمة ليون من أجل تمرير أجندتها الخاصة في الصراع الليبي.

وفي تقريره الجديد، كشف راميش عن مراسلات جديدة يطلب فيها ليون من السلطات الإماراتية إذناً من أجل طرح اسم السفير الليبي في أبوظبي عارف النايض، لترشيحه لمنصب رئيس رئاسة حكومة الوفاق الوطني الليبية، مشيراً إلى أن ليون يعمل بشكل مكثف مع مجلس الأمن القومي الإماراتي لإعداد خطة للتحكم في إدارة القوات المسلحة الليبية.

ويشير راميش إلى أن ليبيا ستكون بؤرة الصراع القادم في الحرب على الإرهاب، وذلك مع اقتراب موعد نهائي سياسي بالغ الأهمية اليوم، منوهاً إلى أنه في الوقت الذي تحلق فيه طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني في أجواء الصحاري الليبية، وما عرضه الرئيس الأمريكي أوباما على البنتاغون بأن عليه البحث في الخيارات العسكرية المتاحة، يظهر بأن الغرب بات مستعداً للدخول في معركة حاسمة مع ستة آلاف مقاتل تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية، فوق الرمال الشاسعة والغنية بالنفط في شمال إفريقيا.

ويعرج راميش على حالة تونس المجاورة لليبيا، إذ يشير إلى أن تونس تعيش حالة من القلق الشديد بسبب تنامي أعداد الإسلاميين المنتشرين على حدودها، الأمر الذي دفعها إلى إنشاء سياج مضاد للإرهاب على حدودها مع ليبيا، في محاولة يائسة لحماية نفسها من الإرهاب، ومع تواصل اتساع الاهتمام بالحرب على الإرهاب، باتت ليبيا اليوم في موقع اهتمام الجميع.

ويؤكد راميش أن الجهد الذي يبذل للتعامل مع التهديد بات يعرقل اليوم من الكيان نفسه الذي كان يجدر به أن يقود هذا الجهد، أي الأمم المتحدة، حيث أنه من المفترض أن تبادر الحكومة الليبية بدعوة القوى الأجنبية إلى التدخل، مؤكداً أن المشكلة لا تتمثل بعدم وجود مثل هذه الحكومة، بل في وجود ثلاث حكومات في الوقت نفسه.

فبالإضافة إلى الإدارتين الكائنتين في كل من طرابلس وطبرق، أضافت الأمم المتحدة إدارة ثالثة هي "حكومة الوحدة" الموجودة في تونس: وهي كيان مهيض للغاية لدرجة أن مجلسها الرئاسي المكون من تسعة أعضاء تعرض مؤخرا لسلسلة من الضربات.

وكانت الإدارة التي حظيت بمباركة الأمم المتحدة لها في ديسمبر قد قالت إنها ستتقدم الليلة بقائمة من الوزراء، سيكونون محل موافقة الجميع. وما يزيد الطين بلة أن كل شيء تقدم الأمم المتحدة على فعله يحاط بالشكوك بسبب تآكل مصداقيتها في أعين الليبيين.

ومصدر القلق يعود بالدرجة الأولى إلى سلوك مبعوث الأمم المتحدة السابق بيرناردينو ليون، وهو الذي كان في السابق يشغل منصب وزير الخارجية في إسبانيا، والذي قضى أسابيع في الصيف الماضي وهو يسعى لاستكمال اتفاق مقترح بين الجانبين؛ لتشكيل حكومة وحدة وطنية يتقاسم المشاركون فيها السلطة فيما بينهم.

وكانت تلك المحادثات تستهدف وضع حد للتنافس الشديد والخفي بين اللاعبين الإقليميين، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر، والدول التابعة لها في المنطقة على النفوذ في ليبيا، التي تحولت بفضل ثرائها النفطي إلى عقار كوني ذي قيمة عالية جدا.

يقول محللون سياسيون إن مصداقية الأمم المتحدة كوسيط نزيه في تلك المحادثات، تقوضت بشكل خطير حينما كشفت صحيفة الغارديان ( قبل ثلاثة أشهر ) عن وجود رسائل إيميل، تظهر بأنه بينما كان ليون يعمل على صياغة الاتفاق، كان في الوقت نفسه يتفاوض على وظيفة راتبها الشهري 35 ألف جنيه استرليني، يصبح بموجبها المدير العام للأكاديمية الدبلوماسية التابعة للإمارات العربية المتحدة، الأمر الذي يمثل تضاربا في المصالح.

وفي مجموعة جديدة من الإيميلات لم يكشف عنها سابقا، يتقدم ليون ( من السلطات الإماراتية ) بطلب الإذن على المضي قدما في خطة تسمية السفير الليبي لدى دولة الإمارات العربية المتحدة (عارف النايض)، مرشحا لشغل منصب رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية. وتظهر مجموعة من هذه الرسائل ليون منهمكا في إبرام خطة مع مجلس الأمن القومي التابع للإمارات حول كيفية إدارة القوات المسلحة الليبية.

كان وقع الكشف عن الرسائل (الأولى) على الليبيين صادما جدا، إلا أن ليون ادعى بأن مراسلاته عبر الإيميل تعرضت "لقراءة مجتزأة وانتقائية"، وأنه تبادل رسائل مشابهة مع لاعبين إقليميين آخرين. ولكن بعد نشر رسائل الإيميل، أكد مسؤولون كبار في الأمم المتحدة -كنت قد تحدثت معهم- بأنهم كانوا بالفعل يتعرضون "لضغوط غير عادية" من دول الخليج.

كان بإمكان الأمم المتحدة أن تجري تحقيقا شفافا يعيد إليها صدقيتها المهدورة، ولكنها بدلا من ذلك استبدلت ليون بسياسي ألماني مخضرم، ومضى ليون ليتولى مهامه مع الأكاديمية الدبلوماسية التابعة للإمارات، وخرج (ليون)على الناس من هذا الموقع المميز في الشهر الماضي ليعلن أن ليبيا باتت "دولة فاشلة".

لم تكن تلك هي السقطة الوحيدة؛ لقد أخفقت الأمم المتحدة منذ اللحظة الأولى في العمل مع القوى السياسية على الأرض، على تشكيل إدارات تنسجم مع متطلبات التقاليد المحلية وتستجيب لها، وكان هذا يعني أن يسلم الشركاء الدوليون مسؤولية عمليات مكافحة الإرهاب إلى القوى الليبية من مختلف التيارات السياسية، هذا بالإضافة إلى أمر آخر ما لبث الغرب وحلفاؤه يرفضون مجرد التفكير فيه، ألا وهو التساهل مع محاولات هذه القوى طرد تنظيم الدولة الإسلامية بنفسها.

وبدلا من ذلك، انتعشت المليشيات وأمراء الحرب والجماعات المسلحة وازدادت قوة وانتشارا، بينما أخفقت العمليات السياسية التي كانت الأمم المتحدة تدعمها في إيجاد حكم أو عملية سياسية تحظى بدعم عامة الناس.

ما من شك في أن المهمة المطلوب إنجازها في ليبيا كانت باستمرار صعبة وبالغة التعقيد. وما من شك أيضا في أن هذه الصعوبة وتلك التعقيدات تفاقمت بسبب إساءة الأمم المتحدة التعامل مع وضع بالغ الصعوبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق