الثلاثاء، 1 يوليو 2014

الأنظمة التعاونية تأصيلها وتجارب الدول فيها

الأنظمة التعاونية تأصيلها وتجارب الدول فيها

أ. د. عبدالله بن مبارك آل سيف 

تاريخ الإضافة: 30/12/2012 ميلادي - 17/2/1434 هجري


  حفظ بصيغة PDF نسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات

النص الكامل   تكبير الخط  الحجم الأصلي  تصغير الخط

الأنظمة التعاونية تأصيلها وتجارب الدول فيها

مفهوم الأنظمة التعاونية:

التعاونيات: جاء في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي "إن التعاونيات عبارة عن مجموعات أولية تضم مجموعة من الأشخاص لإدارة مصالحهم الاقتصادية بصورة جماعية وعلي الأسس التعاونية الديمقراطية لكل عضو صوت واحد بغض النظر عن ما يملكه من رأسمال في التعاونية أي "رجل واحد صوت واحد".

والجمعية التعاونية منظمة عادلة ينشئها الأفراد لتبادل المساعدة بقصد رفع مستواهم الاقتصادي والاجتماعي.

والتعريف المختار للمؤسسات التعاونية: منشأة رسمية تعاونية غير حكومية، يؤسسها أفراد تعاونيون أو جمعيات تعاونية وفق نظام الاكتتاب التعاوني، ويحصلون منها على خدمات معينة في مجالات معينة للأعضاء بإجراءات ميسرة وفق الرؤية التي وضعها المؤسسون وبإدارة ديموقراطية حقيقية، وفق رؤية تعاونية غير هادفة للربح في الأصل.

الأنظمة التعاونية في العالم والفرق بينها وبين العمل الخيري

التأصيل الشرعي للأنظمة التعاونية:
وقد اختلف العلماء عموماً في نوع عقد التعاون هل هو من عقود المعاوضات أو من عقود التبرعات أو عقد مستقل:
فذهب بعضهم إلى أنه من عقود المعاوضات، ويجري عليه أحكامها، ولهذا حرم من قال بهذا القول التأمين لهذه العلة.

وذهب بعضهم إلى أنه عقود التبرعات، ويجري عليه أحكامها، ولهذا حرم بعض من قال بهذا التأمين أيضاً، لأن الرجوع في الهبة لايجوز وهي من التبرعات.

والقول الثالث وهو الراجح أنه عقد مستقل يسمى عقد التعاون، وهي عقد قديم جديد، فمن حيث أصله فهو قديم لوجود صورته في السنة النبوية ومسائل قد أجمع عليها الصحابة، وهو عقد جديد لتجدد صورته وترك الأمة للعمل به مدة طويلة منذ عهد التابعين حتى كادت أن تنساه.

ثم عند التفصيل الفقهي للحكم يفصل في كل نوع منها، بحسب صورته فالأنظمة التعاونية أنواع مختلفة في توصيفها الفقهي فمنها ما يخرج على أحكام الشركات ومنها ما يخرج على الاشتراك في الملكية العينية ومنها ما يخرج على قضية النهد وجمع الأزواد المجمع على جوازها إلى غير ذلك.

وهي في جملتها جائزة على اختلاف تخريجاتها، ومن أدلة جوازها ما يلي:
1. قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2] فالتعاون يكون بين طرفين وليس من طرف واحد كالأنظمة الخيرية والتي يكون فيها تبرع من طرف واحد.

2. عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه و سلم -: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم.

3. حديث سلمة - رضي الله عنه - قال خفت أزواد الناس وأملقوا فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في نحر إبلهم فأذن لهم، فلقيهم عمر، فأخبروه فقال: ما بقاؤكم بعد إبلكم! فدخل عمر على النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال يا رسول الله: ما بقاؤهم بعد إبلهم؟! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ناد في الناس يأتون بفضل أزوادهم فدعا وبرك عليه، ثم دعاهم بأوعيتهم فاحتثى الناس حتى فرغوا، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله". متفق عليه.

4. وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أنه قال بعث رسول الله  - صلى الله عليه وسلم  - بعثا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ذلك كله فكان مزودي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلا قليلا، حتى فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة. فقلت: وما تغنى تمرة!. فقال لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة. متفق عليه، وقد حكى البخاري الإجماع على ذلك فقال: باب الشركة في الطعام والنهد والعروض. وكيف قسمة ما يكال ويوزن مجازفة أو قبضة قبضة، لما لم ير المسلمون في النهد بأسا أن يأكل هذا بعضا، وهذا بعضا، وكذلك مجازفة الذهب والفضة، والقران في التمر.

قال النووي: "هذا محمول على أنه جمعه برضاهم وخلطه ليبارك لهم كما فعل النبي - صلى الله عليه و سلم - ذلك في مواطن، وكما كان الأشعريون يفعلون، وأثنى عليهم النبي - صلى الله عليه و سلم - بذلك. وقد قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: يستحب للرفقة من المسافرين خلط أزوادهم؛ ليكون أبرك، وأحسن في العشرة، وأن لا يختص بعضهم بأكل دون بعض، والله أعلم".

وقال ابن حجر رحمه الله " قوله: فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع... الحديث. وقال الداوودي ليس في حديث أبي عبيدة، ولا الذي بعده ذكر المجازفة؛ لأنهم لم يريدوا المبايعة ولا البدل، وإنما يفضل بعضهم بعضا لو أخذ الإمام من أحدهم للآخر. وأجاب ابن التين بأنه إنما أراد أن حقوقهم تساوت فيه بعد جمعه لكنهم تناولوه مجازفة كما جرت العادة".
قال الأزهري: "والنَّهْد: إخراج القَوم نَفقاتهم على قَدْرِ عَدَدِ الرُّفْقة: يقال: تناهدوا وناهَدُوا، وناهَدَ بعضهم بعضا. والمُخْرَجُ يقال له: النِّهْد: يقال: هاتِ نِهْدَك".

وقال ابن منظور: "وقيل النَّهْدُ إِخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرُّفقة. والتناهُدُ: إخراجُ كل واحد من الرفقة نفقة على قدر نفقة صاحبه. يقال تَناهَدوا وناهَدوا وناهد بعضُهم بعضاً. والمُخْرَجُ يقال له النِّهْدُ بالكسر، قال والعرب تقول هات نِهدَكَ مكسورة النون. قال وحكى عمرو بن عبيد عن الحسن أَنه قال: أَخْرِجوا نِهْدَكم؛ فإِنه أَعظم للبركة وأَحسن لأَخلاقِكم وأَطْيَبُ لنفوسكم. قال ابن الأَثير: النِّهد بالكسر ما يُخْرِجُه الرفقة عند المناهدة إِلى العدوِّ وهو أَن يقسموا نفقتهم بينهم بالسوية حتى لا يتغابنوا، ولا يكون لأَحدهم على الآخر فضل ومنّة. وتَناهَدَ القومُ الشيء تناولوه بينهم ".

1. وأخرج أبو داود والنسائي واللفظ له وصححه الحاكم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "لما نزلت هذه الآية: ( {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: 34] - { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] اجتنب الناس مال اليتيم وطعامه فشق ذلك عليهم، فشكوا إلى النبي ذلك فنزلت { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى} [البقرة: 220] الآية" ورواه النسائي من وجه آخر وزاد فيه "وأحل لهم خلطهم". يعني قوله تعالى:﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ﴾ [البقرة:220].

قال ابن حجر: "وروى عبد بن حميد. . . عن ابن عباس قال: "المخالطة أن تشرب من لبنه ويشرب من لبنك وتأكل من قصعته ويأكل من قصعتك ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [البقرة: 220]: من يتعمد أكل مال اليتيم ومن يتجنبه "وقال أبو عبيد: المراد بالمخالطة أن يكون اليتيم بين عيال المولى عليه، فيشق عليه إفراز طعامه، فيأخذ من مال اليتيم قدر ما يرى أنه كافيه بالتحري فيخلطه بنفقة عياله، ولما كان ذلك قد تقع فيه الزيادة والنقصان خشوا من ذلك، فوسع الله عليهم، وهو نظير النهد حيث وسع عليهم في خلط الأزواد في الأسفار كما تقدم في الشركة. والله أعلم ".

والفرق بين النهد وجمع الأزواد: أنه في مسألة النهد يدفع نفقته بقدر مساوٍ ثم توزع عليهم النفقة بحسب حاجة كل واحد منهم من الطعام، وواضح أنه لن يكون هناك تساوٍ في تناول النفقة، أما في جمع الأزواد فيقدم كل منهم ما لديه من طعام قليلاً أو كثيراً، ثم يوزع عليهم الطعام بحسب حاجة كل واحد منهم من الطعام، وواضح أنه لن يكون هناك تساوٍ في تناول الطعام أيضاً، وكلاهما يشترك في حكم الإباحة مع التساوي في النتيجة.

فشركة النهد شركة تعاونية لا يقصد منها الربح، بل هدفها التعاون وحصول البركة بالاشتراك، حتى ولو دخل فيها ما صورته الربا (من بيع الطعام بطعام وزيادة )، فيجوز؛ لحال التبرع وطيب النفس به ولثبوت النص بجوازه في مثل هذه الحال، بل ورد الترغيب العظيم فيه والحث عليه، وهو رخصة من الله وتوسعة ورحمة لقوله تعالى:  ﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ﴾ [البقرة:220].

الأًصل في عقد التعاون:
الأصل في العقود والشروط الإباحة، وهو مذهب جمهور العلماء وقول الأئمة الأربعة خلافاً للظاهرية، وبناء عليه يقال الأصل في عقد التعاون الصحة والإباحة، بل الدليل الشرعي الصحيح على جوازه كما في حديث الأشعريين وقضية جمع الأزواد وقضية النهد وأجمع عليها الصحابة رضي الله عنهم.

حكم التأمين التعاوني:
الصحيح في عقد التأمين التعاوني الجواز ويكاد يكون محل إجماع.

وقد خرج التأمين الصحي على عدة تخريجات تصل من خلاف الحصر والاستقراء إلى أحد عشر تخريجاً فقهياً، وأصوبها تخريجه على قضية النهد وجمع الأزواد وأن عقد التعاون عقد مستقل ثابت في السنة كما في حديث الأشعريين وغيره.

أوجه الاختلاف بين الجمعية التعاونية والمؤسسة التجارية:
هناك أوجه اختلاف بين النظامين، منها:
1- هدف المؤسسة التجارية تجميع الأموال وتحقيق الربح بأكبر قدر ممكن، بينما الجمعية التعاونية ليس هدفها الربح، بل خدمة العضو من خلال إقراضه وتوفير السكن له ومساعدته بأكبر قدر ممكن من الخدمات التي ينص عليها نظامه وتخصصه، ولو قصد الربح فلدعم أنشطته ومصاريفه التشغيلية والتطويرية.

2- تتميز الجمعية التعاونية بتكوين الاحتياطي من الأرباح لتقوية المركز المالي لها وحفاظاً على استمراريتها وللتعويض عن نقص السيولة، بخلاف التجارية فهي توزع الأرباح على الشركاء.

3- تقدم الجمعية التعاونية خدمة الاستشارات في مجالها مجاناً للأعضاء، بخلاف المؤسسة التجارية.

4- أن الجمعية التعاونية ذات وظيفة اجتماعية، بخلاف المؤسسة التجارية.

5- توظيف الأموال لصالح العمل التعاوني سواء الودائع أو الاحتياطي أو القروض، وليس لصالح أصحاب الأسهم بصورة خاصة كما في التجاري.

6- الجمعية التعاونية أجهزة اجتماعية تتصل اتصالاً مباشراً بأعضائها من المواطنين كما تتصل بالجمعيات المكونة لها والنقابات العمالية المتعاملة معها، وتفرض عليها هذه العلاقة التزامات معينة.

7- الجمعية التعاونية يديرها أهلها بصورة تعاونية وديموقراطية بحتة بدون تأثير من أصحاب الأموال الكثيرة بخلاف التجاري.

8- عدم المبالغة في المصاريف للمقر والرواتب والمكافآت بخلاف التجاري.

9- يختلف التعاوني عن التجاري في حجم القروض بينما يتبنى القروض الكبيرة يتجه التعاوني للقروض المتناهية الصغر التي تخدم أفقر الفقراء، متدرجاً بهم في تقديم القروض.

10- تتبنى المؤسسة التجارية شروطاً متشددة في تقديم القروض، بينما يقدم التعاوني تسهيلات كبيرة للقروض تصل لحد عدم الضمان أصلاً والذهاب للفقير في بيته لتقديم خدمة القروض له بخلاف التجاري.

11- لا تنتهي قضايا عدم السداد في التعاوني للقضاء في غالب التعاونيات، بل وتسقط من المديونيات، بخلاف التجاري والذي يطالب بحقه حتى لو سجن الفقير بسببها وهو معسر.

12- من حيث المبدأ والفكر: يتبع النظام التجاري النظام الرأسمالي لأنه مصمم لخدمة الغني والقادر على السداد، بينما صمم التعاوني لخدمة أفقر الناس والتعاون معهم.

13- ومن ناحية فقهية تختلف من حيث التخريج الفقهي، فقد يخرج التعاوني على عقود التبرع أو على العقود المستحدثة، والتجاري على عقود المعاوضات، ولو في بعض صور التعامل، وقد يخرج على غيرها.

14- في البنك التعاوني أعضاء وعملاء والأعضاء هم المؤسسون، بينما في التجاري مساهمون وعملاء، ويوجد فيه أعضاء.

أوجه الاختلاف بين الجمعية التعاونية والمؤسسة الخيرية:
1- أن خدمات الجمعية خاصة بالأعضاء والمشتركين والذين دفعوا الرسوم للجمعية، ولا تقدم الخدمة إلا لهم، بحلا المؤسسات الخيرية والتي تقدم خدماتها مجاناً.

2- تعالج الجمعية التعاونية حاجتها المالية من خلال الرسوم، بينما المؤسسات الخيرية قائمة على التبرعات.

3- الجمعيات التعاونية تدار بطريقة ديموقراطية، أما المؤسسات الخيرية فهم إما معينون من قبل المتبرع أو عينوا أنفسهم لإدارتها إذا كان هو صاحب الفكرة.

4- المستفيدون في التعاونيات مشتركون، بينما في الخيرية فقراء محتاجون يحصلون على الصدقات والعطايا.

5- التعاوني يهدف لتقديم الخدمة للأعضاء فقط ولا يهدف للربح وإذا حصل فتقرر الجمعية العمومية ماذا يصنع به هل يوزع أو يعاد للجمعية لتقويتها، بينما في الخيري لا يوجد ربح، بل دفع من طرف واحد بدون عوائد مادية.

أوجه التشابه بين الجمعية التعاونية والمؤسسة الخيرية:
وتتشابه الجمعيات التعاونية والخيرية في عدد من الجوانب منها:
1- كونها أجهزة اجتماعية أنشئت لخدمة المجتمع.
2- كونها أنظمة تحارب النظام الرأسمالي.
3- كونها لا تهدف للربح في الأصل وإنما لتقديم خدمات للمجتمع.
4- عدم المبالغة في المصاريف للمقر والرواتب والمكافآت. وغيرها من الفروق.

أقسام الأنشطة في العالم:
وهي أربعة أقسام بحسب الاستقراء:
الأنشطة الحكومية: وتقوم بها الدول.
الأنشطة التجارية: وهي أنشطة تهدف للربح أولاً وأخيراً.
الأنشطة الخيرية: وهي أنشطة المؤسسات غير الربحية، وقد يكون لها استثمارات تجارية.
الأنشطة التعاونية: والتي تتخذ شكل النشاط التجاري لكن ليس الهدف الربح بالدرجة الأولى، بل التعاون وتحقيق أهداف تعاونية مشتركة.
ومن نماذجها:
• شركات التأمين التعاوني والتأمين التبادلي.
• شركات الخدمات الصحية التعاونية.
• البنوك التعاونية.
• الجمعيات التعاونية المتنوعة كالزراعية والاستهلاكية والتسويقية والإقراضية.
• مؤسسات التعليم التعاوني.
• الإعلام التعاوني.

تقسيمات النشاط التعاوني الإجمالية:
ينقسم العمل التعاوني في الجملة إلى عدة أنواع وهي:
• الجمعيات الابتدائية أو الأولية.
• الاتحادات التنظيمية.

مبادئ التعاون:
يقوم التعاون على عدد من المبادئ الأساسية التي تم إقرارها من قبل الحلف الدولي التعاوني عام 1930م.
وتم تقسيم هذه المبادئ إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: المبادئ الأساسية أو الرئيسة، وتشمل:
باب العضوية المفتوح: حيث أتاح لكل فرد الانضمام للجمعية دون تميز جنسي أو اجتماعي أو عرقي أو سياسي أو ديني متى شاء مع مراعاة بعض المعايير المتعلقة بالموقع الجغرافي والمهنة والعمل ونحوها، وبشرط أن يسدد قيمة سهم واحد كحد أدنى، كما أن من حقه الانسحاب متى شاء، وترتب على هذا عدم ثبات رأس مال الجمعية وعدد أعضائها وتساوي قيمة شراء الأسهم وقت التأسيس أو بعده.

الإدارة الديموقراطية: يحسب لكل عضو صوت واحد في الجمعية العمومية بغض النظر عن دينه ولونه وجنسه أو عدد أسهمه؛ منعاً لسيطرة أفراد على الجمعية، ويمكن لكل فرد أن يكون عضو مجلس الإدارة إذا كان كفؤاً.

مساهمة العضو الاقتصادية والفائدة المحدودة على رأس المال: يساهم العضو في الجمعية ويوزع ربح يسير على رأس المال في حدود 6% من صافي الفائض السنوي إذا وجد فائض يسمح بذلك، وهناك بعض التشريعات لا توزع فائضاً أصلاً، مما يؤكد تغليب جانب التعاون على المعاوضة المحضة.
توزيع الفائدة بنسبة المعاملات: تعتمد المشاريع الرأسمالية على توزيع الأرباح بناء على مقدار حصة المالك في رأس مال المشروع، أما في المشاريع التعاونية فتوزيع العائد يعتمد على مقدار تعامل العضو مع الجمعية، كما لو زاد تعامله في الجمعيات الاستهلاكية، مما يشجع على دعم الجمعية ودعم الأعضاء المحتاجين للدعم.

المجموعة الثانية: المبادئ الثانية، وتشمل:
• الحياد الديني والسياسي، فلا تشترط للقبول ديناً معيناً أو انتماء سياسياً.
• التعامل نقداً، نظراً أن موارد الجمعيات القليلة لا تسمح بالتعامل بالمديونيات.

نشر الثقافة التعاونية:
يحتاج المجتمع إلى نشر الثقافة التعاونية حتى يستفاد من هذه الأنظمة مع الاستفادة من خبرات الآخرين، وهذا الدور مناط بالجاني الحكومي والأهلي والإعلام والتعليم لما فيه من الخير للمجتمع.

الشعار التعاوني والحلف الدولي:
الشعار التعاوني المتفق عليه دولياً المتمثل في الثلاث حلقات المتصلة والتي تعني (اتحاد، قوة، عمل) وأينما شوهد هذا الشعار على اللافتات والمباني في مدن وأرياف العالم يتذكر المرء ان هذا موقع او مقر لتعاونية ما أو للإدارات التعاونية وعبارة في "إتِّحاد وخِدْمَة وتَمْثيل التعاونياتِ حول العالم"، هو شعار الحلف التعاوني الدولي الذي تأسس في 1895م بلندن، والحلف الدولي منظمة مستقلة، وغير حكومية تمثل التعاونيات في العالم. وهي اكبر منظمة غير حكومية في العالم. وأعضاء الحلف من المنظمات العاملة في كل القطاعات بما فيها الزراعة النشاط المصرفي ومصائد الأسماك والصحة والإسكان والصناعة والتأمين والسياحة والتعاونيات الاستهلاكية. حاليا، يمثل الحلف 220 عضو منظمة من 90 بلدا تمثل أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم. وللحلف أولويات وأنشطة تركز على النهوض والدفاع المشترك للهوية التعاونية والتعبير عنها بصورة صحيحة.

ومن مبادئ التعاونيات:
1- التعليم والتدريب والإعلام.
2- التعاون بين التعاونيات.
3- الاهتمام بالمجتمع.

نشوء الحركة التعاونية:
كان من أسباب نشوء الحركة التعاونية بزوغ عصر النهضة والصناعة وما صاحبه من تقسيم المجتمع إلى طبقتين: طبقة العمال والطبقة البرجوازية التي كانت تسيطر على العمال والمصانع مما أضر بالسواد الأعظم من الناس، وأدى لظهور حركات إصلاحية وأفكار وتيارات تتبنى الإصلاح، ومنها الحركة التعاونية في نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر والتي دعت إلى تحسين أوضاع العمال، ومن أشهر المفكرين التعاونيين في فرنسا الفيلسوف شارل فورييه وفي إنجلترا وليم كنج والاشتراكي الإنجليزي وزعيم المعارضة الأولى روبرت أوين وفردريك رايفيزن وشولز ولتش في ألمانيا.

وكانت بداية نشأتها في القرى وكان الهدف من إنشائها في البداية حماية الفلاحين والعمال من جشع المرابين وتقديم تيسيرات من نوع جديد لدعمهم ودعم مشروعاتهم وتمويلها.

وهي إن نشأت صغيرة في قرى أو مدن صغيرة لكنها تطورت فيما بعد وأصبح لها بنوك مركزية أو إقليمية لتنظيم عملها فيما بينها.

وترجع نشأتها إلى عام 1845م في ألمانيا حيث أقام فردريك رايفايزن أولى الجمعيات التعاونية للإقراض الزراعي، ثم تلاه هرمان شولس ديلتش حيث ابتكر البنوك التعاونية المسماة بنوك الشعب ذات رؤوس الأموال الصغيرة وذات المسؤولية المحدودة، كما أسس هاس جمعيات جديدة للإقراض على نمط جمعيات فردريك رايفايزن بمسؤولية مطلقة ثم تولى لويجي لوتزاتي إنشاء بنوك الشعب في إيطاليا، ويوجد في كل دولة رواد في هذا المجال بعد عام هذا العام، حيث تكررت التجارب في دول أوروبية وآسيوية، ومن الرواد في هذا في مصر عمر لطفي عام 1909م.

وقد قامت الجمعيات التي أقامها فردريك رايفايزن على أساس ومنطلقات دينية، وساعدتها الحكومية والكنيسة على الانتشار، وكانت تستهدف مكافحة الربا، ومن مميزاتها:
1- أنها محدودة المناطق.
2- لا تقبل في أعضائها إلا عدداً محدوداً معدودين معروفين بعضهم لبعض ومن ذوي الحاجة الفعلية للاقتراض.
3- أنها لم تقم على أساس رأس المال المساهم.
4- ذات مسؤولية مطلقة.
5- ذات بناء احتياطي كبير عن طريق الاقتصاد التام في مصروفات الإدارة وتوفير الربح وعدم تقسيمه أو توزيعه.
6- كانت في بدايتها ذات هدف واحد وهو تقديم القروض للمقيمين في مكان عمل الجمعية ثم أصحبت بعد ذلك متعددة الأغراض.
7- ركزت الجمعية على سكان الريف واستبعدت سكان المدن.

ثم تطورت الجمعية بعد ذلك وأصبحت تقدم الإقراض النقدي وتقبل الودائع وتقوم بالتوريد الزراعي وشراء وبيع الآلات الزراعية وتمكين الأعضاء من تملك الماشية وتمليك حيوانات الجر والعمل بصفتهم الفردية ثم أضافت لأعمالها البيع التعاوني وشراء الأراضي وتقسيمها وبيعها، وكانت تقدم القرض في حال توفر ضامن شخصي.

ثم تكون البنك المركزي الموحد عام 1867م وكان الهدف منه أن ترجع له جميع الجمعيات من خلال المساهمة فيه وشراء جزء من أسهمه، ثم تكون الاتحاد العام عام 1877م، وكان الهدف من ذلك أن تنتمي هذه الجمعيات إلى أجهزة عليا وأن تسير في طريق موحد حتى لا تنتابها أهواء المستغلين، وليتولى حماية مصالح الجمعيات المنتمية إليه وتقديم النصح والمشورة ولينهض بهذه الجمعيات ويطورها من خلال إصدار جريدة شهرية تحتوي التقارير السنوية المهمة، كما يقوم الاتحاد بتدريب الموظفين والجهاز المنفذ في الجمعيات، كما قام هذا الاتحاد بإجراء عقود مع شركات تأمين كبرى وقدم تخفيضات ملموسة على التأمين.

وقد ضم فردريك رايفايزن الأغنياء للجمعية ليستفيد من خبرتهم وليخفض تكاليف المصاريف الإدارية وأسعار التوريدات ومعدلات الفوائد على السلف، وكانت جمعياته تسير على أساس من التفاهم والتعاون فهي تضم الأصدقاء والجيران المنتجين بدقة وانتظام ومن المشهود لهم بالكد والدأب والعمل والبعد عن المشاحنة وتجنب إثارة الفتن، كما اشترط أن يملك كل واحد منهم موجودات مادية ظاهرة كأساس أولي للضمان، فكان يشترط على المستأجر أن يتملك لكي يتعامل مع الجمعية، كما مارست الجمعية حقها في الرقابة على استعمال السلف ووسائل التصرف فيها وعلى تحصيل الدين في موعده، فإذا نزلت بالمزارع كارثة تقاضت الجمعية الدين من أمواله أو من ضامنه.

أما نظام الإقراض الذي أقامه شولس ديلتش منذ عام 1849م فكان يختلف فقد عاون في جمعيات التسليف في المدن فبدأ بإقامة جمعية لشراء وبيع المواد الخام للنجارين ولصناع الأحذية ثم أسس مكتباً آخر للإقراض وجمعية لشراء الجلد من صناع الأحذية في بيترفيلد وجميعة لشراء المنسوجات للخياطين في ديلتش، وقد أرسى بذلك نظاماً في الإقراض اختلف نوعه ووسيلته عن رايفايزن لكنهما اتفقا على إيجاد نوع من الائتمان لجميع المحتاجين وحماية لهم من المصادر الربوية الاستغلالية.

وقد وضع شولس لجميعاته تقاليد وقواعد منها: أنها تمنح أعضاء السلف للأغراض الإنتاجية، وأنه يتعين على الجمعية أن تعتمد على رأس المال المدفوع من أعضائها وعلى الودائع في تقديم السلف النقدية، فإذا نقصت الأموال جاز أخذ الأموال من السوق، وكان يرى أن المسؤولية المطلقة التي فرضها رايفايزن على جمعياته عسيرة وخاصة في البدايات، ومن قواعد شولس أنه قرر أن يحق للجمعية أن تمنح العضو حاجته من المال بضمان يسير، ولو بالتوقيع على سند الدين أو بضمان شخصين تقبلهما الجمعية، وكان يشجع على الاشتراك في الجمعية من خلال العائد المالي الذي يصرف في نهاية السنة لكل عضو، كما رأى عدم التقيد بمنطقة عمل واحدة وقد ثبت فيما بعد أن عدم التزام الجمعية بمنطقة معينة أضعف العلاقات بين الأعضاء وحول بعض الجمعيات إلى ما يشبه المشاريع الرأسمالية.

ويرى بعض الباحثين أن الفكر التعاوني وجد أرضاً خصبة في الدول الاشتراكية كما تبنته الأحزاب الاشتراكية في الدول ذات النظام الرأسمالي.

وقد تطورت أعمال الحركة التعاونية بظهور الحلف التعاوني الدولي عام 1895م مما ساعد على بزوغ الفكر التعاوني في عدد من البلدان.

وتشكّل التعاونيات عنصراً ضخماً في الاقتصاد العالمي، التقديرات تشير إلى أنّعدد أعضاء التعاونيات يبلغ حوالي المليار شخص، وإنّ أكثر من100 مليون منهم يعيشون من التعاونيات في مجالات التمويل الزراعي، والإسكان، والبيع بالتجزئة، وغيرها منالقطاعات و إن التعاونيات تضمنت أسباب العيش لما يزيد من 3 مليارات نسمة، ويأكد آيان ماكدونالد، المدير العام للاتحاد الدولي للتعاونيات أنّالأرقام تروي الواقع: ففي بوركينا فاسو مثلاً، تسيطر التعاونيات على 77% من إنتاجالقطن؛ وفي مالطا، تملك التعاونيات 90% من قطاع مصائد الأسماك؛ وتوفر في ساحل العاجنسبة 77 % من إنتاج القطن. وتنتج التعاونيات في أوروغواي 90 % من الإنتاج الوطنيللحليب، وتصدر 70 % من فائض إنتاج القمح. وفي الولايات المتحدة الأميركية، شخصانمن أصل خمسة أشخاص هم أعضاء في التعاونيات. في الفلبين تساهم التعاونيات بنسبة 16 % في الناتج المحلي الإجمالي. وتغطي التعاونيات في الدانمرك 49 % من عمليات تجهيزالحليب و69 % من التوريد الزراعي و66 % من ذبح الماشية. وتستأثر تعاونية فولكسام (Folksam) للتأمين السويدية بنسبة 48. 9 % من سوق التأمين الأسري ونسبة 50 % منالتأمين على الحياة والحوادث معاً. وفي جمهورية كوريا، تسوق نسبة 40 % من المنتجاتالزراعية المحلية عن طريق التعاونيات.

اعتماد الفكر التعاوني في مناهج التعليم:
اعتمدت معظم الجامعات العالمية في انجلترا وأمريكا والأرجنتين والبرازيل والهند وأندنوسيا وبنما والاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا والمغرب ومصر تدريس مقررات مادة التعاون إجبارياً، كما أنشئت كراسي بحثية في عدد من الجامعات لفكر التعاون، وفي جامعة الإسكندرية دبلوم الدراسات العليا التعاوني الزراعي إضافة لتدريسها في مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا، كما أسس المعهد العالي للدراسات التعاونية والإدارية في جامعة عين شمس، ويتبع له الجمعية المصرية للدراسات التعاونية ومركز البحوث التعاونية، والمجلة المصرية للدراسات التعاونية ومركز تنمية العلاقات التعاونية الدولية، كما أسس في مصر مجالس إدارة الاتحادات التعاونية المركزية للتعاون والاستهلاكي والإنتاجي والسكاني والزراعي، كما أسست معاهد عليا متخصصة في العمل التعاوني.

أنواع الجمعيات التعاونية:
أنواعها باعتبار عموم النشاط والتخصص:
وهي بهذا الاعتبار تنقسم لقسمين:
القسم الأول: الاتحادات التعاونية والبنوك المركزية التعاونية.
القسم الثاني: الجمعيات التعاونية المتخصصة، ومنه:
• الجمعيات التعاونية الزراعية.
• جمعيات الادخار.
• جمعيات الموظفين المدنيين.
• جمعيات النقابات العمالية.
• الجمعيات التعاونية الاستهلاكية.
• الجمعيات التعاونية لصغار المنتجين.
• الجمعيات التعاونية العمالية.
• الجمعيات التعاونية الإقراضية.
• جمعيات تمويل تملك المساكن.
• جمعيات تمويل البناء.
• جمعيات تمويل التأجير.

وتعتبر البنوك الزراعية والجمعيات الإقراضية أقدمها من حيث النشأة.

أنواعها باعتبار المركزية وعدمها:
وهي نوعان بهذا الاعتبار: فهناك البنوك المركزية أو المشتركة أو العامة وقد تسمى باتحاد البنوك وهي قسمان بنوك مركزية متخصصة أو بنوك مركزية تعاونية عامة ويجمعها البنك المركزي القومي، وهناك البنوك غير المركزية والتي تنتشر في المدن والريف، وهذه غير البنك المركزي الحكومي والذي يتولى إصدار العملة ويمثل دور بنك الحكومة وبنك البنوك.

أنواعها باعتبار المحلية أو الدولية:
وهي أنواع بهذا الاعتبار فهناك جمعيات محلية خاصة بدولة معينة، سواء كانت مدن أو من الريف، فمثال الدولي: البنك التعاوني الدولي (INGEBA)، وهناك بنوك دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهي في ظاهرها تدعي الجانب التعاوني في دعم الدول النامية، ويتبع للبنك الدولي مجموعة مؤلفة من خمس منظمات عالمية، مسؤولة عن تمويل البلدان بغرض التطوير وتقليل الفاقة، بالإضافة إلى تشجيع وحماية الاستثمار العالمي. وقد أنشئ مع صندوق النقد الدولي حسب مقررات مؤتمر بريتون وودز، ويشار لهما معا كمؤسسات بريتون وودز. وقد بدأ في ممارسة أعماله في 27 يناير 1946.

ويتكون البنك الدولي من خمس مؤسسات، هي: البنك الدولي للإنشاء والتعمير، مؤسسة التنمية الدولية، مؤسسة التمويل الدولي، وكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف، المركز الدولي لتسوية المنازعات الاستشارية. وهناك دعوات جادة لإنشاء البنك التعاوني الدولي، وقد بدأ التحضير للبنك التعاوني الأوروبي كبداية للدولي.

أنواعها باعتبار آلية العمل:
وهي بهذا الاعتبار أنواع وهناك تجارب متعددة لكثير من الدول وكل دولة تخوض تجربتها الخاصة أو تطور تجارب الآخرين.

أنواعها باعتبار الشريحة المستهدفة:
وهي أنواع بهذا الاعتبار فتوجد تعاونيات تستهدف أفقر الفقراء مثل بنوك الفقراء أو التمويل المتناهي الصغر، وهناك تعاونيات متخصصة بعمال منشآت معينة صناعية أو حكومية معنية أو من عشيرة واحدة، وبعضها عام يشملهم ويشمل غيرهم وتسمى التعاونيات المختلطة، وسميت بذلك لأنه يختلط فيها العضو المزارع وصائد الأسماك وغيره، وهذه ظاهرة في جمعيات الإسكان حيث لا تفرق بين شخص وآخر، ومثل جمعية الاستهلاك المنزلي ونحوها، وقد تكون في هذه الحال على شكل جمعيات مثل جمعيات إقراض لموظفي وزارة معينة ونحو ذلك أو عامة لجميع المواطنين.

أنواعها باعتبار علاقتها بالحكومية:
وهي أنواع بهذا الاعتبار فهناك تعاونيات مستقلة تماماً عن الحكومة ويبقى دور الحكومية دور التنظيم الإداري أو الرقابي، وهناك بنوك مركزية مشتركة من جانب الحكومة والتعاونيين.

تجارب الدول في الأنظمة التعاونية
تجارب الدول الأوربية:
التعاون المنظم ظهر وبرز بصورة واضحة في أعقاب الثورة الصناعية بأوربا في منتصف القرن الثامن عشر كرد فعل للمساوئ الناجمة عن فشل الرأسمالية، خاصة بالنسبة للمزارعين والطبقة العاملة، وتمثلت هذه الآثار السيئة للنظام الرأسمالي المتدهور في الاستغناء عن أعداد كبيرة من العمال، وانتشار العطالة، وانخفاض وتدني في مستوى المعيشة، واستغلال النساء والأطفال في الإنتاج الرأسمالي لانخفاض أجورهم وظهور كثير من الأمراض والعلل الاجتماعية الخطيرة. ورداً على فعل المظالم والتفاوت الطبقي الذي ولده نشوء الرأسمالية في أوروبا، ولذا طرح عدد من المفكرين الأوربيين مبادئ تهدف إلى نبذ الرأسمالية وإقامة مجتمع تعاوني بديل يستند على الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج. وقد انتقد هؤلاء تناقضات المجتمع الرأسمالي وانعكاساته السلبية على الطبقات الفقيرة والمقهورة. ويأتي في مقدمة هؤلاء المفكرين سان سيمون، وشارل فورييه الفرنسيان، وروبرت أوين الإنكليزي.

وقد بلغت تجربة دولالاتحاد الأوروبي في مجال البنوك(15 دوله) بالأرقام ما يلي:
• عدد البنوك 3923 بنك تعاوني.
• عدد فروعالبنوكالتعاونية 50. 252فرعاً.
• عدد أعضاء البنوك التعاونية في أوروبا 43 مليون عضواً.
• عدد عملاء البنوكالتعاونية في أوروبا 150 مليون عميلاً.
• حجم موجودات البنوك التعاونية 000 2531216 يورو .
• حجم البنوك التعاونية تمثل 17% من القطاع المصرفي في أوروبا.

التجربة الألمانية:
وفي نفس فترة ازدهار التعاونيات في انجلترا كانت تزدهر حركة تعاونية للتسليف والتوفير التعاوني الزراعي في ألمانيا حيث الحيازات الزراعية الصغيرة والمعاناة من السعر المتدني للمنتوجات وارتفاع سعر الفائدة على المبالغ المقترضة للمزارعين من الممولين والتجار مما دفع السيد فريدريك رايفايزن رئيس بلدية لمجموعة من القرى للتفكير بتأسيس أول جمعية تعاونية للتسليف والتوفير بنظام داخلي مكتوب ومتفق عليه وبأسهم واشتراكات متواضعة وباشر بإقراض الأعضاء قروضاً إنتاجية زراعية مشروطة ومراقبة، وكانت النتائج إيجابية جداً على المزارعين. وعليه انتشرت هذه الجمعيات في كافة أقطار أوروبا ثم إلى كافة أنحاء العالم، وتنوعت بتنوع حاجات المجتمعات الاستهلاكية والزراعية والإسكانية والصحية وصيد الأسماك والنقل والتسويق والأعمال النسائية والمدرسية والعمالية وأعمال أخرى كثيرة تشمل كافة نواحي الحياة. واستطاع التعاون نتيجة النجاحات التي حققها نقل الاهتمام به من الإطار الوطني إلى الإطار الدولي حيث تم تأسيس الحلف التعاوني الدولي بلندن عام 1895 وقد تم الاحتفال في السادس من يوليو 1995 بمرور مائة عام على تأسيسه وتم ترسيخ تعريف التعاونية بأنها "منظمة ذاتية الإدارة تتكون من أشخاص يتحدون اختياريا لمواجهة احتياجاتهم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وأمالهم من خلال مشروع ملكية مشتركة ويدار ديمقراطيا ".

وفي ألمانيا تم تأسيس البنك الزراعي المركزي للإقراض عام 1876م ويعتبر مقدمة التعاونية المركزية، كما ظهرت بنوك ادخار خاصة متعددة والتي تم تأسيس رابطة لها باسم اتحاد رؤساء عمال إدارة الادخار وتحول إلى بنك ادخار العمال الألماني عام 1907م وعلى غراره أنشيء بنك الادخار للموظفين المدنيين عام 1922م وبلغ عددها 77 بنك ائتمان للموظفين عام 1930م وتتبع مع جهازها المركزي اتحاد البنوك التعاونية، كما أنشيء بنك ادخار التابع للجمعيات الاستهلاكية بهدف تمويل مشاريعهم، وتم تأسيس أول بنك نقابي باسم بنك الشعب الألماني عام 1921م وساهمت الجمعيات في رأس ماله بنسبة 70%، وفي عام 1923 تم تأسيس بنك النقابات الحرة وبلغت توكيلاته 136 مركزاً وقد توسعت بعض هذه البنوك ونحوها من البنوك التعاونية حتى شابهت البنوك الأخرى في أعمالها وخدماتها، وقد صودرت هذه البنوك في عهد النازية، ثم تم طرح فكر النفع العام في البنوك التجارية كفكرة ثورية مميزة وتم تأسيس بنك النفع العام فهي تعمل كبنك تجاري لكنها في الوقت نفسه تخدم القطاع التعاوني بقوة وتم تأسيس ستة بنوك بين عامي 1949-1950م وبعضها تملكه النقابات وبعضها تملكه التعاونيات وقد اندمجت في النهاية في بنك واحد، ويوجد في كل قرية جمعية تعاونية للإقراض والتي تعتبر في الحقيقة مصرف القرية فهي مركز جمع الاكتتابات والودائع وتقديم القروض غير أنها تؤدي أعمالها المصرفية عن طريق مراكزها التعاونية المركزية وعددها ستة في ألمانيا الغربية وقد تبعت أخيراً للبنك المركزي في فرانكفورت عام 1949م، وقد بلغ عدد هذه الجمعيات التعاونية الألمانية للإقراض أحد عشر ألفاً (11. 000)، وتتكون أساساً من الفلاحين والمزارعين وقد تضم صغار الصناع والعمال، وتسير هذه الجمعيات على نظان رايفايزن حيث يعمل مجلس الإدارة بدون أجر، وتقدم الجمعية السلف لأعضائها عند الحاجة، كما تقوم بشراء وبيع المخصبات ومستلزمات الزراعة.

ومن أشهر بنوك النفع العام في ألمانيا بنك جيمنفرتس شافت ويعمل فيه الآن أكثر من 7000 موظف وأكثر من 250 فرعاً شمل كافة المدن تقريباً واحتل المرتبة الرابعة في البنوك التجارية وأصبح مزاراً للمنظمات العالمية لأخذ تجربته الناجحة والتي وصلت إلى 26. 2 بليون مارك عام 1976م، ومن أنشطته التي تبين أهدافه أنه ساهم في رأس مال جمعية تجارة الجملة بنسبة 25%، كما شارك في دعم الإسكان والتعمير وتقسيط المشتريات الاستهلاكية.

وهناك 20 مليون شخص أعضاء في المنظمات والجمعيات التعاونية في ألمانيا (1 من 4 أفراد) في التعاونيات.

التجربة الفرنسية:
وفي فرنسا يوجد الصندوق الوطني للإقراض الزراعي، ويقوم التمويل على نظام يبدأ عند القاعدة بالجمعيات التعاونية المحلية ثم الصناديق الإقليمية ثم الصندوق الوطني للإقراض وهو أعلى مستوى تمويلي، ففي المستوى الأول تقدم الجمعية التمويل لأعضائها في حدود معينة، وتحيل ما زاد عن هذا الحد إلى الصندوق الإقليمي المختص، وفي المستوى الثاني توجد الصناديق الإقليمية وعددها مائة صندوق، وهو يتكون من الجمعيات المحلية للإقراض ومن المواطنين المزارعين وأي هيئة تشتغل بالزراعة ويمثلون ثلثي رأس مال الصندوق بنص القانون، ويختص الصندوق بمنح السلف للجمعيات المحلية المنتمية إليه وذلك لاستخدامها في الأعمال الزراعية الإنتاجية وتعزيز الجمعيات، كما يقبل الودائع ويؤدي بعض الأعمال المصرفية ويستثمر الأموال الزائدة في شراء السندات أو المشاركة في صناديق التوفير، كما يقوم بدور الإشراف على الجمعيات المحلية في منطقته، وتحصل هذه الصناديق على السلف من الدولة، وفي المستوى الثالث وهو الأعلى يوجد الصندوق الوطني للإقراض الزراعي، وتتكون أمواله من الودائع التي تقبلها الصناديق الإقليمية، ومن الأموال المقررة له من قبل الدولة ومن الإعانة الحكومية ومن الاحتياطات المجمعة لديه سنوياً، ومن خصم الأوراق التجارية لدى بنك فرنسا، ويستخدم الصندوق أمواله في تقديم السلف والقروض للصناديق والجمعيات التعاونية، كما يشرف على الجمعيات التعاونية للإقراض ومجموعات الزراع وهيئاتهم، وتشرف الدولة على أعماله ويعين مديره وزير الزراعة، كما يشرف الصندوق على الصناديق الإقليمية، وقد بلغت بنوك الشعب في فرنسا خمسين بنكاً تضم 55. 000 ألف حرفي، كما تم في فرنسا تأسيس البنك التعاوني للجمعيات العمالية الإنتاجية عام 1893م وقد احتوى في عضويته على 27 اتحاداً وهيئة تعاونية و679 جمعية تعاونية 358 من الأفراد المؤسسين، ويقوم البنك بقبول الودائع ودعم الجمعيات الإنتاجية، كما تم تأسيس البنك المركزي للجمعيات الاستهلاكية عام 1917م بغرض فصل الأعمال المالية في الحركة عن الأعمال التجارية مع توفير الخدمات المصرفية بكفاءة، وتتكون الحركة الاستهلاكية في فرنسا من اتحاد عام ومن جمعية الاتجار بالجملة والتي تكونت عام 1906م وتضم حالياً 800 جمعية تخدم ثلاثة ملايين مواطن.

وقد بلغ عدد أعضاء البنوك التعاونية في فرنسا نسبة 25% من عدد السكان. وتغطي البنوك التعاونية نسبة 70% من الخدمات المصرفية في الأرياف.

الدول الأوربية الأخرى:
في بريطانيا اكبر بنك تعاوني هو البنك التعاوني والذي سجل رسمياً عام 1971 م وقد استحوذ هذا البنك على تعاونيات كبيرة بعضها لديها أصول بقيمة 70 مليار جنيه استرليني وأكثر من 300 فرعاً، ولدى البنك عشرة ملايين عضو.

وقد بلغ عدد الأعضاء للبنوك التعاونية نسبة 50% في إيطاليا من السكان.

وفي السويد استطاعت الجمعيات التعاونية أن تبني 30% من المساكن، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 40%، وفي النرويج 60%.

بنك الياكJAK للأعضاء هو أول بنك تعاوني في العالم يقدم قروضاً خالية من الفوائد الربوية، وليس لأنهم مسلمون يحرمون الربا بل لأن الإقراض للمال -في نظرهم -مقابل فائدة ربوية عملا غير أخلاقي إذا لم يكن ذلك مصحوبا بجهد مبذول أو مخاطرة بالمال، وقد تم تأسيسالياك JAK كجمعيةتعاونية للادخار والإقراض سنة 1965م، وتم اعتمادها كبنك رسمي من طرف الحكومةالسويدية بعد موافقة هيئة المجلس الاقتصادي للرقابة والمعاينة التابع للدولةالسويدية في ديسمبر 1997م. وهو بنك رسمي وتعتبر مدخرات الأعضاء مضمونة من قبل احتياطي الصرف التابع للبنك المركزي السويدي، وهذا يؤهل البنك أن يكون بديلا مهما عن البنوك الأخرى، ويعتبرالياك JAK بنكاً تعاونياً يبلغ عدد أعضائه 35000 عضو بمعدل نمو للأعضاء نسبته 5 % سنويا. وتستعمل ادخارات الأعضاء في تغطية القروض التي يقدمهاالبنك للمتعاملين معه.

وفي هولندا وجدت ثلاثة أنواع من البنوك: أقدمها بنك إيندهوفن والذي تأسس عام 1896م واقتصرت العضوية فيه على الجمعيات التعاونية الكاثوليكية، والثاني بنوك أوترخت والذي تأسس بعده بعامين 1898م ويتكون من الجمعيات التعاونية للإقراض ومن الجمعيات التعاونية التي تضم في عضويتها أفراداً من غير الزراع، والبنك الثالث: بنك الكمار والذي تكون عام 1901م وتحددت منطقة عمله في شمالي هولندا والعضوية فيه على الأغلب من الكاثوليك وسار على منهج رايفايزن، والمسؤولية فيه محدودة ويحمل الأعضاء فيه أسهماً متساوية من حيث الحقوق والربح السنوي.

ويعتبر بنك الشعب في سويسرا من أقدم البنوك التعاونية فقد تكون في برن عام 1869م ثم تطور ليفتح 63 فرعاً في أنحاء البلاد وبلغ عدد أعضائه 100000عضو، كما عرف التعاون الزراعي عام 1880م ثم انتشرت الجمعيات عام 1887م ثم تكون البنك المركزي للجمعيات عام 1902م، وفي عام 1950م بلغ عدد الجمعيات المنتمية إليه 912 بنكاً تعاونياً محلياً أي جمعية محلية للتوفير والتسليف، ووجد في سويسرا بنوك تمويل الإسكان ومحاولات لتكوين بنوك الصادرات.

وفي بلجيكا هناك أكثر من 30 ألف منظمة تعاونية، وفنلندا مجموعة (Finland S-Group) تضم في عضويتها 1468572 وهو ما يمثل 62 % من الأسر الفنلندية.

وكان لفنلندة تجربة متميزة فقد تأسس البنك المركزي للإقراض الزراعي عام 1902م، وقد سبقه نشأة الجمعيات التعاونية، وقد تكون في البداية من أموال حكومية بحتة ثم أصبح مفتوحاً للاكتتاب من الجمعيات في رأس المال، وتتكون موارده المالية من الودائع المالية للجمعيات ومن قروض الحكومة من الخزانة العامة ومن القروض التي يحصل عليها من بنك فنلندة ومن ودائع التوفير، وتمارس الدولة عليه رقابة محدودة ولها الحق في تعيين ثلاثة أعضاء يمثلونها في مجلس الإدارة، ولها ستة أصوات في الجمعية العمومية وهو الحد الأقصى الذي يسمح به لأي مساهم في البنك، ولا تحصل الدولة على فوائد على أسهمها، وهو ليس جهازاً حكومياً بل مختلط بين دور الحكومة والجمعيات، وأهم دور له تقديم السلف الزراعية للمزارعين، وكان يخصص 40% من صافي الربح للاحتياطي هو ما أعطاه قوة مالية على المدى الطويل، ويشبهه البنك الوطني للعمل في إيطاليا.

وشابه بنك فنلندة إلى حد كبير البنك المركزي لبنوك الشعب في رومانيا والذي أنشي عام 1903م وتميز بوجود دعم كبير وإشراف من الحكومة فهي تقدم الدعم الأكبر من الأموال وتراقبها وتشرف على أعمالها، كما تميز بصرف 30% من الربح على تمويل دراسات الفكر التعاوني والتعليم التعاوني، كما خصص 15% من الربح للموظفين و4% لمجلس الإدارة و20% للاحتياطي، وفي المجر كانت الجمعيات الإقراضية تقرض الجمعيات الزراعية بفائدة 7%.

وفي اليونان تأسس البنك التعاوني عام 1930م، ووجد فيها أكثر من 965 جمعية تعاونية استهلاكية و2452 جمعية تعاونية زراعية و2700 جمعية تعاونية لصيادي الأسماك و4307 جمعية تعاونية للتوفير والتسليف تضم 430000ألف مزارع و33 جمعية تأمين عدا جمعيات المساكن، والاتحادات المتخصصة.

وتعتبر الحركة التعاونية في بلغاريا من أنشط الحركات ففيها يوجد 1. 200 جمعية تعاونية عمالية، 3056 جمعية زراعية، 2000 جمعية متعددة الأغراض، 18 جمعية صحية، وبها أيضاً اتحاد تعاوني مركزي واتحاد تعاوني مركزي نوعي للجمعيات التعاونية العمالية للإنتاج، وأنشي اتحاد بنوك الشعب في بلغاريا عام 1912م وانضم تحت لوائه 956 بنكاً من بنوك الشعب وعدد 100000 عضو، وعرف بتقديم القروض بضمان السندات أو ضمان الأجور، كما قدم السحب على المكشوف بتوقيع شخصين كضمان مع توقيع المدين، وقدم التسهيلات الائتمانية، واستطاع البنك أن يعمل كاتحاد وبنك في نفس الوقت.

وقد أنقذت حركة التمليك والتأجير التعاوني الناس بعد الحرب العالمية الأولى، وقد بلغ عددها في ألمانيا 3. 650 جمعية، وفي النمسا 289، وفي بولنده 330، وفي إيطاليا 900، وفي هولندا 415 وفي سويسرا 275، وفي تشيكوسلوفاكيا 1340، وفي تركيا 800 جمعية مع وجود بنوك عقارية للتسليف، وفي أسبانيا 700 جمعية.

وتبلغ نسبة الأعضاء التعاونيات الائتمانية في كندا ما بين 35-45% من السكان عام 1990م.

وقد بلغت البنوك التعاونية من القوة أنها لم تتأثر بالأزمات المالية بل كانت فيها قوية متماسكة.

تجارب دول الشرق:
تأسست الجمعيات التعاونية الزراعية للإقراض في الصين على منهج رايفايزن وأسلوبه، وتطور عددها منذ عام 1923م لتشمل عدداً ملحوظاً شمل كل القرى، وتدفع الجمعيات فوائد عالية لتجذب لها المقرضين وتنافس بنوك الشعب، وتعين الدولة الجمعيات التعاونية هذه بإعفائها من الضرائب وإقراضها ما تحتاج إليه من القروض بفوائد منخفضة، وتخضع لإشراف بنك الشعب كما يتولى عملية تدريب المحاسبين والجهاز الإداري، وقد أولت الخطة الخمسية في الصين هذه الجمعيات عناية خاصة لما لها من دور في تنمية الزراعة.

وفي اليابان نشأ البنك عام 1923م تحت إشراف وزير المالية ووزير الزراعة والغابات باسم البنك المركزي للجمعيات التعاونية ثم حول إلى اسم البنك التعاوني المركزي للزراعة والغابات، وتتكون العضوية فيه من الجمعيات التعاونية واتحاداتها، وقد ساهمت الجمعيات في نصف رأس ماله وساهمت الدولة بالنصف الآخر، وجمعياتهم ثلاثة أقسام: الجمعيات الزراعية وجمعيات الغابات وجمعيات صائدي الأسماك، وهي على ثلاثة مستويات حيث تبدأ الجمعية الأولية في القرية ثم تتحد جمعيات القرى في اتحاد نوعي على مستوى إداري أعلى ثم تتجمع اتحادات هذا المستوى في اتحاد كبير على المستوى القومي، وتقوم الجمعيات المحلية بالتسليف والبيع والشراء والتسويق وقبول الودائع، وقد بلغ عدد الجمعيات التعاونية للإقراض الصناعي 400-500 جمعية يشترك فيها أكثر من 800000 عضو، وفي عام 1955م كان عدد الجمعيات التعاونية الزراعية متعددة الأغراض 12. 958 تضم سبعة ملايين عضو، 22. 000 ألف جمعية زراعية متخصصة، 5000 جمعية تعمل في قطاع الزراعة، 5. 311 جمعية لصيادي الأسماك تضم مليوناً ونصف من الأعضاء، 5000 جمعية تعاونية للغابات تنتمي إلى 64 اتحاداً إقليمياً، كما تم في عام 1936م تأسيس البنك المركزي للجمعيات التعاونية التجارية والصناعية وهو مؤسسة نصف حكومية قام لوظيفة محددة وهي تقديم القروض والاعتمادات المالية للجمعيات المتوسطة والصغيرة الإنتاجية الصناعية، وقد أسس بجهود من الجمعيات وبمعاونة الحكومة، وقد بلغ عدد الجمعيات المكتتبة فيه: 9182 جمعية تعاونية، 1131 جمعية تعاونية إنتاجية عمالية وصناعية، 192 جمعية للتوفير والتسليف، 14 جمعية لاستخراج الملح، 96 اتحاداً تعاونياً. وهناك فرد من كل 3 في اليابان عضو في التعاونيات.

وفي الهند يوجد بنوك تعاونية مركزية تابعة للولايات وفروعها وهي تتكون من الجمعيات التعاونية والأولية والمحلية والتي تنتشر في المدن والقرى، ويعتبر البنك المركزي في البنجال بنكاً مركزياً وهو اتحاد البنوك المناطقية وللجمعيات الصناعية، أما البنك المركزي في بهار وأوريسا فيخدم بنوك المنطقة المنتمية إليه ويقدم لها السلف، ومثله البنك المركزي في بومباي، ويتكون بنك بيهار المركزي من 34 بنكاً منتشرة في المنطقة وجمعيات تعاونية، أما بنك مدراس فقد تأسس عام 1905م وتحول لمركز مقاصة ومركز تمويل للبنوك التي تتبعه وعددها 31، كما يقدم القروض للبنوك المركزية، ويقوم بنك الاحتياط الهندي بتمويل البنوك المركزية التعاونية، كما يقوم بدور التفتيش والمراقبة، كما ساهم البنك في تكوين معاهد لتدريب البنوك التعاونية وأسس مركزاً قومياً للتدريب على العمل التعاوني، وقد بلغ عدد جمعيات الإقراض في المدن أحد عشر ألف جمعية يشترك أكثر من أربعة ملايين عضو، وقد تقدم القروض لغير العضو بضمان الودائع.

ومن التجارب الرائدة في الهند بنك "بال فيكاس" أو بنك أطفال الشوارع نوع من أنظمة الادخار والائتمان. ويعمل بناء على مبادئ البنوك الرسمية والتعاونية ويقدم قروضاً لأي عضو من أعضائه (بشرط أن يكون عمره خمسة عشر عاما أو أكثر) لعمل مشروع اقتصادي صغير. تتم إدارة البنك بواسطة الأطفال وقد بدأ العمل بصورة رسمية في أبريل عام 2001 من قبل مؤسسة بتر فلايز (Butterflies) في الهند وبلغ عدد أعضائه ثلاثة آلاف طفل ولديهم حسابات ادخارية فيه وتتراوح أعمارهم ما بين السابعة وحتى التاسعة عشر عاماً، ويشترك مع مشروع بنوك الشباب في المملكة المتحدة في الأهداف.

ومن مشاهير بنوك الهند التعاونية بنك: BANK) SEWA) وهو هيئة مقرضة تقدم قروضا صغيرة إلى مالكي البيوت في أحمد أباد بالهند.

وفي الهند، أكثر من 239 مليون شخص أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية، وقد تم تحويل الريف الهندي إلىقرى صناعية، وذلك بنشر الصناعات الصغيرة.

وفي ماليزيا، 5. 5 مليون شخص أو 20 % من مجموع السكان أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية. كما أن في سنغافورة 50 % من السكان (1. 6 مليون شخص) أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية.

وفي اندونيسيا يوجد بنك راكيات، وهو إحدى أكبر المؤسسات العاملة في مجال التمويل الأصغر مع القدرة والقابلية على الاستمرار المالي.

تجارب الدول الأفريقية:
في كينيا كل فرد من 5 أفراد عضو في جمعية تعاونية، أي 5. 9 مليون مواطن كيني مستفيدين بشكل مباشر و 20 مليون كيني مستفيدين بشكل غير مباشر بجني رزقهم من خلال التعاونيات. وفي كينيا شاركت التعاونيات في تحقيق 45 % من الناتج المحلي الإجمالي و 31 % من الودائع والمدخرات الوطنية، و 70 % من سوق البن، ومنتجات الألبان بنسبة 76 %، 90 % البايريثروم، و 95 % من القطن، حيث يعمل أكثر من 250000 شخصا في تعاونيات.

تجربة بنك الفقراء في بنجلاديش:
وفي بنجلاديش وجدت تجربة قوية تبناها البروفسور محمد يونس وحصل بها على جائزة نوبل وهي بنك الفقراء، وكانت بداية الفكرة بعد حصول مجاعة في بنجلاديش مات فيها مليون ونصف شخص عام 1974م، ورأى أن دراسته للاقتصاد لا فائدة منها إن لم يغير في واقع الناس شيئاً، وقد اكتشف وسيلة لتغير هذا الواقع من خلال إدراكه أن السبب في هذا الفقر اقتصار البنك على إقراض الأغنياء فقط دون الفقراء لعدم وجود ضمانات للسداد، وأن الفقراء يقضون معظم وقتهم في العمل لسداد فوائد المرابين الجشعين، ولو تيسر لهم قروض ميسرة لتحسن وضعهم فبدأ بقرض خاص لتمويل مشروعه التعاوني وأقرض قرابة 500 أسرة وغير حياتها للأفضل وركز على إقراض النساء، وفي عام 1979م اقتنع البنك المركزي بنجاح الفكرة وتبنى مشروع جرامين أي بنك الفقراء، وفي عام 1981م زاد حجم المشروع ليصل خمس مقاطعات حتى وصل عدد العملاء عام 1983م إلى 59 ألف عميل و86 فرعاً وأكثر من عشرين مؤسسة استثمارية وخدمية تابعة، وتبنى محمد يونس نظرية أن القرض حق أساسي من حقوق الإنسان، وهذا البنك لا يطلب ضمانات على القروض، لأنه لا يريد سوق الفقير للسجن عند عدم السداد، وقدم بديلاً للضمانات العادية وهي ضمان رأس المال عن طريق الرقابة الاجتماعية، حيث يدخل الفقراء كمجموعات متعاونة تتكون من خمسة أفراد ومع أنها مجموعة متضامنة فلا يطلب منها تقديم أية ضمانات للسداد ولا يقع سداد القروض المتأخرة على عاتق المجموعة، وإنما مسؤوليته عليه هو بنفسه، وتبقى مسؤولية المجموعة في مراقبة أداء العضو المقترض لضمان حسن تصرفه بالقرض، كما ركز على التمويل متناهي الصغر وهو ما يسمى بالتمويل الأصغر، وفي شهر اكتوبر من عام 2009 م بلغ عد المقترضين 7.9 مليون مقترض، ولمجموعات 1.210.343، منهم 97% من النساء، مع عدد الفروع وصل إلى 2. 650 فرعاً، وغطى 84.787 قرية وهي ما يعني تغطية 100% من قرى بنجلاديش، ويمتلك المقترضون في البنك 94% من أسهمه وتمتلك الحكومة 6%، بعدد موظفين يصل إلى 23،252 موظفاً وبلغ عدد المراكز 118.327 ألف وعدد المجموعات (المجموعة تتكون من خمسة أشخاص ) إلى 1.052.144 مليون شخص، وقد أقرض أكثر من 8.53 بليون دولار ونسبة السداد فيها بلغت 98.85 % وهي نسبة مرتفعة لم تصلها البنوك التجارية، وحقق أرباحاً في جميع سنوات عمره ما عدا ثلاث سنوات فقط.

وقد أعلن بنك غرامين 30 % أرباح نقدية لعام 2008. هذا هو أعلى أرباح نقدية معلنة من جانب أي بنك في بنغلادش في عام 2008. وقد سجل أعلى مستوى من الأرباح المعلنة من قبل بنك غرامين في عام 2006. حيث كانت الأرباح 100 %. وقام البنك أيضا بإنشاء صندوق معادلة الربح لضمان توزيع أرباح من دون تقلب كثير في السنوات المتعاقبة.

وكل هذه القروض ممولة من إيداعات البنك أي بنسبة 100%، علماً بأن 63% من هذه الإيداعات تأتي من المقترضين أنفسهم، وحقق البنك أرباحاً جيدة في الجملة، وحول هذه الأرباح إلى صندوق أعد لمواجهة حالات الكوارث علماً بأنه معفى من الضرائب، وقد بلغت الودائع فيه نهاية عام 2009 م ما مجموعه 1.079.470 بليون دولار أمريكي.

ويقدم البنك قروضاً بدون فوائد للمكافحين الذي كانوا يتسولون سابقاً من خلال برنامج المكافحين وقد استفاد منهم أكثر من 92.000 شحاذ لنقلهم لمرحة التأهيل وترك التسول، وقد تبنى البنك سعر فائدة أقل من سعر حكومة بنجلاديش حيث حددت الحكومة سعر الفائدة التي تديرها لبرامج القروض الصغيرة إلى 11 في المائة في معدل ثابت، وتبنى بنك جرامين There are four interest rates for loans from Grameen Bank : 20% for income generating loans, 8% for housing loans, 5% for student loans, and 0% (interest-free) loans for Struggling Members (beggars). أربعة أسعار الفائدة على القروض من بنك غرامين: الأول: 20 % للحصول على القروض المدرة للدخل علماً بأن قروض المشاريع المدرة لدخل بنسبة متناقصة، وهذا يعني أنها تصل 10%، والنوع الثاني: 8 % لقروض الإسكان، والثالث: 5 % لقروض الطلاب، والرابع: 0 % أي صفر (الفائدة للقروض) مجانا للأعضاء (المتسولين) كما يعطي البنك فوائد ربوية على الإيداعات تعتبر هي الأعلى حيث تتراوح بين 8.5-12%.

ومن مشاريعه برنامج الأعضاء المكافحين لمكافحة التسول وقدم لهم القروض بدون فوائد وعلى مدد طويلة، وشارك فيه أكثر من 113.000 ألف شحاذ، وقد ترك التسول بسببه 18.900 شخص وامتهنوا مهنة البيع لدى البيوت، كما تم تأمين المقترضين منهم على الحياة وتأمين القروض بدون فوائد إضافية، ويطالب كل واحد منهم بالمشاركة بمشروع نافع من خلال القرض، كما بلغ مجموع المباني التي بنيت بقروض الإسكان (665.568)بيتاً، منها 15.248 منزلاً بنيت خلال 12 شهراً 2009م، وكلما نجح المقترضون في المشاريع استحقوا قرضاً أكبر، كما تعطى منحاً دراسية لأكثر أبناء المقترضين تفوقاً، كما تم تأسيس صندوق تأمين القروض والذي يتولى التسديد عن المتوفى عنه في حال الوفاة، وهو صندوق أسس من أرباح المدخرات، كما أسس منه صندوق التأمين على حياة المقترض وتستلم منه أسرة المقترض المتوفى مبالغ سنوية لأسرته، ويحصل لهم هذا الامتياز بمجرد امتلاك أسهم في البنك، وأثبت الدراسات المسحية أن 68% من أسر المقترضين قد تجاوزت حد الفقر، والبقية الباقية في تحسن مضطرد، وركز البنك على النساء 96% من النساء لأنهن الأكثر فقراً ويتعرضن للابتزاز أكثر من الرجال كما أن مجلس إدارة البنك من النساء الفقيرات، ومن المبررات للعناية بالنساء أن المرأة إذا حصلت على المال جعلت طفلها في أولوياتها ثم منزلها بينما ليست هذه في أولويات الرجل دائماً فبعضهم يصرفها على التدخين وبعضهم يصرفها على المخدرات، وبعضهم له اهتمامات أخرى؛ ولذا فهو عون مباشر للأسرة الفقيرة، ويحرص على التواجد في القرى بدل المدن ويتبنى نظرية أن الفقير يجب أن تذهب إليه بدل أن تحوجه للمجيء إليك ويذهب الموظفون للفقراء في بيوتهم ليعرضوا عليهم خدمات البنك ويحاول البنك تسهيل عملية السداد من خلال تفتيت القرض وتسديده أسبوعياً بمبالغ صغيرة، وقد بلغ رأس مال البنك الأصلي قرابة مائة مليون دولار، ويملك البنك مجموعة من الشركات الاستثمارية الكبرى منها شركة اتصالات، وقد أثر البنك على اقتصاد بنجلاديش إيجاباً، وحصل صاحب الفكرة على 60 جائزة محلية وعالمية منها جائزة نوبل مع 27 دكتوراه فخرية و15 تكريماً خاصاً من بلدان العالم، ويؤخذ على البنك الفوائد الربوية وليس عذراً تبريرها بمصاريف البنك الإدارية.

وقد أثبت البنك نجاحه في الأخذ بأيدي الفقراء للخروج من دائرة الفقر، حيث أثبتت الدراسات أن 5% من المقترضين سنوياً يخرجون من دائرة الفقر، كما اهتم البنك بنظام منح الطلاب التعليمية المجانية حيث يعطي كل عام 3704 منحة ويتم زيادتها بالتدريج، وفي عام 2009 تم منح أكثر من 92.000 ألف طالب منحة دراسية،، كما اهتم بالأسر المعدمة وجعل جوائز وحوافز على ضم شخص معدم للمجموعة أو للمركز وسهل شروط انضمام المعدمين بصورة كبيرة.

لقد أسس بنك جرامين مؤسسة خاصة لتكرار التجربة في العالم باسم مؤسسة جرامين ترست (Grameen Trust) وتقوم بنقل التجربة كاملة للراغبين وتدريبهم عليها وتقديم كل ما يلزم للدعم ونشر ما يتعلق بالتجربة وقد وصلت منشورات البنك أكثر من سبعمائة إصدار وتم عقد حلق النقاش الدولية وورش العمل حول التجربة وتحويله لفكر تعاوني عالمي، وقد أتاح البرنامج تدريب أكثر من 271 شخصا من 64 منظمة تعمل في 26 دولة، كما دعمت أكثر من 113 منظمة تعمل في 34 دولة، وقد استفاد من التجربة كثير من دول العالم ومنها مصر وماليزيا والفلبين وملاوي وبوركينا فاسو وغيرها، كما دعت لصندوق شعبي بقيمة مائة مليون دولار لدعم تكرار التجربة في العالم كما قامت المؤسسة بتمويل تكرار التجربة، وقد مولت حتى الآن 54 مشروعاً في 21 دولة.

بل وصل الأمر بالمؤسسة لتطبيق تقنية (BOT) في البلدان الأخرى وهي تعني تأسيس برنامج في تلك الدول من خلال موظفيه وتشغيل البرنامج من خلال تعيين وتدريب كادر من العاملين المحليين، وهي طريقة مثمرة جداً، وتم تأسيس هذه التجربة في كوسوفو (استفاد منه خمسة آلاف مقترض خلال سنتين) وميانمار (استفاد منه 37 ألف مقترض خلال خمس سنوات)، وقد قدم البنك خدمة كبيرة بمحاولة تمرير قانون يسمح بتأسيس بنك لمؤسسات التمويل متناهي الصغر مما يسمح له بتلقي الإيداعات وهو ما يسهم في قيامها، وقد تم تمرير قانون مماثل في باكستان.

وقد تمت عدة محاولات في مصر لتكرار التجربة من أبرزها البنك الوطني للتنمية ومحاولة اليونسيف ومحاولة الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية ومحاولة جمعية النهوض بالمرأة ومحاولة صندوق ابن خلدون للنقد الشعبي.

وقد تبنى مؤسس البنك الدعوة لتقسيم العمل التجاري لنوعين: الشركات هي من نوعين: الأعمال التجارية لكسب المال، والأعمال التجارية لفعل الخير للآخرين، كما دعا لإنشاء سوق أوراق مالية خاصة بها وفق معايير خاصة باسم سوق الأوراق المالية الاجتماعية أو التعاونية، كما دعا إلى وضع الكليات والأقسام العلمية التي تدرس هذا النشاط في الجامعات وتخرج متخصصين فيه.

التجربة التعاونية في مصر:
بدء التعاون في مصر بفكر عمر لطفي (ولد عام 1867 المتوفى عام 1908) في مواجهة ضيق وازمات اقتصادية وانسحاب الأموال الأجنبية لذلك فكر عمر لطفي في دراسة التعاون في إيطاليا وعاد إلي مصر وانشأ نقابة تعاونية باسم شركة التعاون المالي في ديسمبر 1909 ثم أنشأ نقابة تعاونية زراعية في قرية شبرا النملة بمحافظة الغربية عام 1910 تحولت إلي جمعية تعاونية عام 1926 وتقدم عمر لطفي للدولة بعدة مشروعات بقوانين للتعاون لم يؤخذ بها إلا بعد وفاته في 4 نوفمبر 1911، كما ألف كتباً في الفكر التعاوني منها "إنشاء شركات التعاون".

في عام 1923م في مصر تم إصدار قانون للتعاون، وفي عام 1930م تم إنشاء بنك التسليف الزراعي المصري، وقد قدم عمليات إقراض لأجل قصير للجمعيات ولصغار الملاك وكذلك سلف طويلة الأجل لشراء الآلات ثم تحول إلى بنك تعاوني عام 1948م وساهمت الجمعيات في زيادة رأس ماله وعدل هيكله الإداري وتمثيل الجمعيات فيه وتعددت خدماته، وقام البنك بفتح حسابات الودائع للجمعيات تولى عمليات التسويق عن طريق فروعه المنتشرة كما طور نظام التسليف برهن المحصول كما قام البنك بشراء محاصيل الحبوب من المزارعين وتخزينها وتوزيعها وفقاً للسياسة التموينية، وفي عام 1955 م تم تأسيس صندوق الإقراض التعاوني للجمعيات الإنتاجية ثم تم إلحاقه بمؤسسة جديدة هي المؤسسة العامة للتعاون الإنتاجي عام 1960م، وقام بالأعمال المصرفية الخاصة بالجمعيات التعاونية الإنتاجية، وقد عرفت جمعيات التوفير والتسليف في مصر في وقت مبكر حيث يرجع تاريخ أقدم جمعية لسنة 1893م وهي جمعية التوفير لموظفي البريد.

التجربة الأولى: تجربة البنك الوطني للتنمية:
بدأت التجربة في عام 1985م بدراسة من (USAID)حول تقديم قروض للقطاع غير المنظم في الريف المصري، وبدأ بمنحة من مؤسسة فورد الأمريكية لوضع نظام لإقراض المشروعات الصغيرة للقطاع غير المنظم، وتم زيارة عدد من الدول لمعرفة التجارب المشابهة، وتم تقديم قروض للمشروعات الصغيرة وقد تجاوزت نسبة السداد نسبة القروض التقليدية مع عدم وجود ضمانات، وتم تجربة البنك في المحافظة الشرقية والقاهرة والصعيد، والآن يزاول البنك نشاطه من خلال 20 فرعاً في القاهرة والدلتا والصعيد، وقد قدم البنك في القاهرة وحدها خلال ثلاث سنوات 75 ألف قرض بقيمة 137 مليون جنيه لأكثر من 23 ألف عميل ولا تتجاوز نسبة المتأخرات 1.8 والديون المشكوك فيها 3% لكنها ليست تكراراً كاملاً لتجربة بنك جرامين.

تجربة صندوق ابن خلدون للنقد الشعبي:
نشأت التجربة من مركز ابن خلدون للدراسات التنموية، وقد طبقت تجربة بنك جرامين حرفياً، من خلال تكوين المجموعات في مجمع حضري في حي بولاق وفي مجتمع ريفي وهو قرية بدين التابعة لمركز المنصورة، وقد عملت التجربة لمدة عام ولكنها توقفت للتذبذب في الشكل القانوني لوجود عقبات قانونية.

تجربة بنك التضامن في مصر:
في سوق إمبابة الحي الشعبي في العاصمة المصرية القاهرة استطاعت العديد من بائعات الخضراوات اللاتي تحسين دخولهن؛ بسبب "برنامج التضامن" ويداعبهن الأمل في مزيد من التوسع.

16 ألف مصرية حصلن على قروض متناهية الصغر من "برنامج التضامن" الذي يتعامل مع النساء فقط وبدأ في 1996، وأصبح في 2003 شريكًا لمصرف "جرامين في بنجلاديش وبرنامج التضامن" للقروض متناهية الصغر بلغت قيمتها الإجمالية 10 ملايين جنيه مصري (1. 7 مليون دولار).

وبرنامج التضامن يعمل فيها قرابة 100 شخص ويملك 6 فروع في الأحياء الشعبية في القاهرة.

ويعطي البرنامج القروض بشكل متدرج. نبدأ بـ250 جنيهًا، ثم 500 جنيه، ثم 750، وهكذا. . . إلى أن نصل إلى الحد الأقصى وهو 4 آلاف جنيه"، وبرنامج التضامن "يعتمد على السداد المنتظم كل أسبوعين (. . . ) العبء يصبح أقل على المقترضات عندما يسددن كل 15 يومًا.

مصادر التمويل:
ويحصل برنامج التضامن على تمويل من جهات مختلفة. فهناك بعض الهبات من رجال الإعمال تصل إلى 2 مليون جنيه مصري سنويًّا، وقرض قيمته 6 ملايين جنيه من الصندوق الاجتماعي (مؤسسة حكومية لدعم المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر)، وقروض منتظمة من بنك "جرامين" في بنجلاديش منذ 3 سنوات كان آخرها قرض قدره 2. 3 مليون جنيه مصري في 2005.

وحسب تقديرات البنك الدولي لعامي٢٠٠٤ -2055 فإن 43. 9% من المصريين يعيشون بأقل من 2 دولار يومياً وهي نسبة تمثل 30 مليون شخص.

تجارب دول أمريكا:
شاركت التعاونيات في البرازيل، في العمليات الإنتاجية وساهمت في إنتاج 72 % من إنتاج القمح، من 44 % الخضروات، 43 % من فول الصويا، 39 % من الحليب، 38 % من القطن، 21 % من البن و 16 % من الذرة، بالإضافة إلى تصدير منتجات زراعية إلى الولايات المتحدة بأكثر من 1. 3 مليار دولار.

أما في كولومبيا، شاركت 6462 منظمة تعاونية في تحقيق 5. 25 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2005، كما توفر التعاونيات خدمات الرعاية الصحية ل15. 5 % من عدد السكان، وتنتج التعاونيات 33. 78 % من البن الكولومبي، وتوفير خدمات الرعاية الصحية لنسبة 25 % من السكان، وفي توفر 109000 فرصة عمل إضافي، وتوفر 23 % من الوظائف في قطاع الصحة، 18 % من الوظائف في قطاع النقل، 13 % في عامل / القطاع الصناعي، 11 % في القطاع المالي وبنسبة 9 % في القطاع الزراعي.

وفي كولومبيا هناك أكثر من 3. 3 مليون شخص أعضاء في التعاونيات، ويمثلون 8. 01 في المائة من السكان.

وأكثر من 17941 جمعية تعاونية بعضوية تبلغ 9. 1 مليون عضو في الأرجنتين.

وأكثر من 10 % من السكان بكوستاريكا أعضاء في تعاونيات.

في كندا كل فرد من 3 أفراد هو عضو في جمعية تعاونية (33%) من عدد السكان، وقد تجاوز عدد الأعضاء في التعاونيات بمقاطعة كيبك أكثر من 5 ملايين عضو(ما يقارب نصف السكان). في كندا شاركت التعاونيات في عمليات إنتاج 35 % من "سكر maple" من جملة إنتاج السكر في العالم.

وتميزت كندا بحركة تعاونية نشطة ففيها اتحاد عام لجمعيات التوفير والتسليف في المدن واتحاد لبنوك الشعب التي تتبع منهج دي جاردان منشئ هذا النوع من البنوك، وفيها أيضاً جمعية عامة للإقراض، وفيها جمعية الائتمان التعاوني، وفي قطاع التأمين يوجد عدة اتحادات تعاونية، ويبلغ عدد جمعيات التوفير والتسليف 4500 جمعية، وبلغ عدد بنوك العمال عام 1960م 1635 بنكاً، وقد تكونت الجمعية العامة للائتمان التعاوني لتقديم القروض والخدمات المصرفية، وتقبل الودائع وتشجع الادخار، وتستثمر الأموال، وقد حدد قرض كل عضو بما لا يتجاوز 10% من مجموع حيازتها من رأس مال مسهم وودائع.
وفي الولايات المتحدة، كل 4 أفراد من 10 أفراد أمريكان أعضاء في جمعيات ومنظمات تعاونية. (25 % من السكان).

وقد بلغ عدد بنوك التوفير والتسليف في الولايات المتحدة 20.000 جمعية معروفة باسم بنك الإقراض أو اتحاد الإقراض، وقد تكون أول بنك تعاوني فيها عام 1909م ثم في فترة وجيزة استطاعت أن تغطي أمريكا كلها، ثم في عام 1943م تكون الاتحاد العام المركزي لهذه البنوك، وتكون اتحاد عام سنة1916م يضم 16 اتحاداً مركزياً، ويضم 18.500 جمعية تعاونية.

وقد أنشئ في أمريكا 36 بنكاً عمالياً تشابه البنوك العمالية في الغرب وقد توقف أكثرها وبقي منها أربعة فقط لأنها خرجت عن أهدافها الصحيحة وتحولت للعمل السياسي كوسيلة ضغط لمطالب النقابة.

بيت التمويل الأمريكي Lariba:
يتبع بيت التمويل الأمريكي Lariba المبادئ الإسلامية في التمويل وهو منشأة صغيرة نسبيا تركز على تمويل المعدات والسيارات والمنازل ويتبع بيت التمويل المبادئ التالية في عملية التمويل:-
1- أن النقود ليست سلعة وإنما وسيلة قياس وهي تنمو فقط عند استخدامها في النشاط الاقتصادي.

2- ينبغي أن تتداول الثروة داخل المجتمع من خلال استثمارها حتى تساهم في التنمية من أجل خلق فرص عمل وتحقيق الرفاهية والنمو الاقتصادي.

فنظام التمويل "لاريبا" يعمل على أساس عدم احتساب فائدة، للتمويل بنظام "لاريبا" دور اجتماعي، حيث يتطلب معرفة البنك أو المؤسسة المالية بأوجه صرف الائتمان المطلوب، وهكذا تستخدم النقود في توليد أنشطة اقتصادية في المجتمع. فنظام لاريبا ليس مجرد إقراض للنقود وإنما تمويل فعلي لأصول ملموسة. ويكون منهج الإقراض في بيت التمويل الأمريكي لاريبا من خلال المشروع المشترك أو مشروع مشترك قائم على التأجير ثم الشراء، ففي نموذج المشروع المشترك (المشاركة) يتعاقد صاحب المشروع مع شركة التمويل على شرائه وفقا لنسبة محددة للملكية، وتتم إدارة المشروع مقابل رسم معين وتوزع الأرباح بين الطرفين وفقا لشروط متفق عليها، وقد يتضمن الاتفاق الحق في الشراء بعد فترة زمنية وفقا لشروط محددة. ولا يختلف نظام المشروع المشترك القائم على التأجير ثم الشراء -عن النظام السابق- إلا أن مدير المشروع هنا له خيار شراء أسهم المشروع على امتداد فترة زمنية، ويقوم كل من الطرفين بتقييم قيمة الإيجار وعلى هذا الأساس يوافق كل من البنك والعميل على قيمة الإيجار الشهري.

تجارب الدول العربية والإسلامية:
في عام 2002تأسست شبكة سنابل، إثر اجتماع 17 ممثلاً من سبع دول عربية في تونس من أجل إطلاق شبكة مُصممة لخدمة مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي. وفي هذا الاجتماع، أقرت المجموعة اللوائح الداخلية ومعايير العضوية وأوضحت رؤيتها ورسالتها وأهدافها كما انتخبت لجنةً تنفيذيةً. وفي اجتماع الجمعية العمومية الذي انعقد في ديسمبر 2003، قام أعضاء سنابل بالتصويت لإضفاء صفة الرسمية على المؤسسة عن طريق تسجيل سنابل كمؤسسة غير ربحية وافتتاح مكتب إقليمي لها. وفي عام 2004، تم دمج المؤسسة وتسجيلها كمؤسسة غير ربحية في كل من أتلانتا، جورجيا، الولايات المتحدة الأمريكية والعاصمة المصرية القاهرة، حيث مقرها الرئيسي، وقد بلغ عدد أعضاء سنابل حاليا 64 عضوًا من 12 بلدًا عربيًا. ويقدم أعضاء سنابل خدمات لما يقدر بـ 2، 4 مليون عميل تمثل حوالي 83% من إجمالي عملاء التمويل الأصغر في المنطقة، وتسعى سنابل إلى حصول جميع الأفراد من ذوي الدخل المنخفض والمحدود في البلدان العربية على خدمات مالية شاملة.

وفي فلسطين أنشيء البنك المركزي للجمعيات التعاونية.

وفي سوريا تم إنشاء المصرف الزراعي وهو مؤسسة عامة ذات استقلال مالي وإداري ويعمل بضمانة الدولة وتحت رقابتها ويشجع إنشاء الجمعيات التعاونية وتعميم التسليف الزراعي بواسطتها وقبول الودائع، ويتكون رأس ماله من الدعم الحكومي.

وفي الأردن بدأ الفكر التعاوني عام 1952م حيث تأسست دائرة الإنشاء التعاوني، وكان من مهماتها إقراض الجمعيات التعاونية ومساعدتها في التمويل، ثم تطور الوضع وتم تأسيس الاتحاد التعاوني المركزي عام 1959م وكان من مهامه إعطاء القروض للجمعيات التعاونية، ثم في عام 1968 م تم تأسيس المنظمة التعاونية الأردنية بهدف جمع المؤسسات العاملة في القطاع التعاوني في مؤسسة واحدة وجعلها كمرجعية للجمعيات التعاونية العاملة ومساعدة لهم، ومن مهامها تأسيس الجمعيات التعاونية بمختلف أنواعها وتأسيس بنك تعاوني ونشر ثقافة التعاون وغيرها، وفي عام 1977م تم تأسيس البنك التعاوني بهدف دعم الحركة التعاونية وتمويلها، ومن وظائفه قبول الودائع وفتح الحسابات من التعاونيين وصرف القروض التعاونية والتمثيل المصرفي للتعاونيات والاستثمار وشراء السندات وغيرها، ويقدم البنك قروضاً زراعية تمتد لأربعة أشهر وقروضاً متوسطة تمتد لسبع سنوات وتشمل تربية الدواجن والرعي كما يعطي قروضاً طويلة تصل لعشر سنوات، ويتقاضى البنك فوائد تتراوح بين 5-8%، وقد تم تمويل البنك من الحكومة ومساهمة الجمعيات التعاونية ورأس المال والاحتياطي والقروض.

ومن الجهات العاملة في الأردن في تمويل المشاريع الصغيرة صندوق إقراض المرأة وهو عضو في بنك المرأة العالمي، والشركة الأردنية لتمويل المشاريع الصغيرة، وشركة الشرق الأوسط لتمويل المشاريع الصغيرة ونحوها، وهي شركات غير ربحية، وهناك عدد من المنظمات الدولية تعمل في الأردن: منها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، والوكالة الأسبانية للتعاون الدولي والمجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء ومؤسسة التمويل الدولية ومؤسسة جرامين جميل وبنك المرأة الدولي من خلال التمثيل المحلي ومؤسسة فينيكا الدولية ومؤسسة الإسكان التعاوني (مؤسسة CHFالدولية) وغيرها.

دور الدول في العمل التعاوني:
تختلف الآراء حول موقف الحكومية من التعاونيات فهناك رأي يقول بأن المساهمة الفعالة في التعاونيات من جانب الحكومية تضعف الروح التعاونية فيها وتحولها إلى مؤسسات تقوم على استلام القروض رخيصة التكاليف من الحكومة وتوصلها إلى المزارعين، وهذا بدوره يبعث على التواكل في نفوس الجمعيات ويقلل اهتمامها بتكوين أموالها الذاتية، وهناك رأي آخر يرى بأن الوضع السليم أن تقوم التعاونيات بتكوين أموالها ثم تحصل على اعتمادات وقروض من الحكومة وتمارس أعمالها المالية وتسلف أعضاءها طبقاً لقوانينها وتحت إشراف الحكومة، وتتلخص أدوار الدولة مع التعاونيات فيما يلي:
1- وضع الأنظمة والقوانين المنظمة للعمل التعاوني.

2- إيجاد البيئة المناسبة لنشأة العمل التعاوني ورعاية العمل التعاوني ونشر تعاليمه وتوفير التدريب للقيادات.

3- تيسير التمويل ووضع عدد من الامتيازات المالية التي تمكن من الانطلاق والصمود.

4- دعم الأجهزة العليا للجمعيات والبنوك مثل البنوك المركزية والاتحادات العليا.

5- ممارسة الدور الرقابي للحماية من الفساد الإداري والمالي.

6- حماية هذه التعاونيات وإعطاء هيبة لها بهذه الحماية من المنافسين الرأسماليين وتوفير الدعم الدولي عند الحاجة.

7- توفير المشورة الفنية عند الحاجة.

8- تقديم القروض للبنوك المركزية التعاونية لدعم الجمعيات ومن ثم دعم أعضاء الجمعيات والمزارعين.

9- ومشاركة الدولة لهذه البنوك تتخذا صوراً شتى فقد تكون مساهمة في رأس المال والإدارة، وقد تكون مقصورة على التمويل فقط المستديم أو المؤقت، أو يكون مجرد رقابة وإدارة مركزية وتوفير الخبرات.

 شرح النووي على مسلم : (13 /85) .
 فتح الباري : (5 /130) .
 تهذيب اللغة : (6 /117).
 لسان العرب : (3 /429).
 فتح الباري لابن حجر : (8 /341).
 انظر : البنوك التعاونية، أحمد زكي الإمام : (308).
 انظر : تجربة بنك الفقراء، د.مجدي سعيد : (206)، البنوك التعاونية، أحمد زكي الإمام : (309).
 عمر لطفى يوسف عاشور المصري - إسكندرية، 1867 - القاهرة، 1911 )، عالم قانون و مؤسس النهضة التعاونية في مصر. كان من أصل مغربي. اسس نقابات زراعيه كتيره في مصر و أنشأ نادى المدارس العليا. مثل مصر في مؤتمر المستشرقين في جنيف سنة 1894. و ألف كتب كتيره منها "الوجيز في شرح القانون الجنائي"، و "الامتيازات الأجنبية"، و "إنشاء شركات التعاون". من مؤلفاته كمان بالفرنساوى "حق المرأة" و "حق الدفاع" و "الدعوى الجنائية في شريعة الإسلام" و "حرمة المساكن". .


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/web/abdullah-ibn-mubarak/0/48476/#ixzz36EnaEYgP

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق