الأحد، 6 يوليو 2014

السيد زهره : الأشباح الطائفية في البحرين

السيد زهره : الأشباح الطائفية في البحرين


 نشر بتاريخ: الأحد 06/07/2014 


هل توجد في البحرين طائفية؟

نعم بالتأكيد، وهي تمثل ظاهرة خطيرة. 

هذا هو ما يقوله الكل في البحرين, ويشكون منه, ويحذرون من نتائجه وتبعاته, ويدعون إلى مواجهته, كل على طريقته.
القوى الوطنية مثلا تتهم الوفاق والجمعيات التابعة لها ورجال الدين الذين يعتبرون مرشدين روحيين لها, بأنهم طائفيون, وبأنهم يتبنون مشروعا طائفيا, وبأنهم يتحملون المسئولية الأساسية عن تأجيج الطائفية في البلاد والتحريض عليها في السنوات الماضية.
الوفاق من جانبها تتهم الدولة بأنها هي الطائفية, وتتهم القوى والجماعات المناوئة للوفاق والتي تنتقدها بأنها هي التي تكرس الطائفية.
وغير هذا, الكل في البحرين يعترف بأنه منذ أحداث 2011, تكرست الطائفية في البلاد, وبأن هذه الأحداث والتطورات اللاحقة التي شهدتها البحرين عمقت الشرخ الطائفي وعمقت الانقسام الطائفي بين أبناء الوطن. الكل يقول هذا وإن اختلفت الرؤى بالطبع حول من المسئول وكيف وصلنا الى هذه الحال.
والدولة من جانبها, تحذر مرارا وتكرارا على لسان كبار المسئولين من الطائفية وتحذر من خطورة المواقف التي تحرض على الطائفية, مما يعني اعترافا بأننا إزاء ظاهرة خطيرة بالفعل.
إذن, الكل في البحرين على طريقته, يقر بوجود الطائفية في البلاد, ويقر بأنها أصبحت ظاهرة خطيرة وأنها وصلت إلى حد غير مسبوق في تاريخ البحرين, ويطالب بالتعامل مع هذه الظاهرة.
لكن, هل يوجد في البحرين طائفيون؟
أبدا.. لا يوجد في البحرين ولا حتى طائفي واحد.
هذا أيضا هو ما يجمع عليه الكل في البحرين بلا استثناء وبكل ثقة واطمئنان, سواء على مستوى القوى السياسية والمجتمعية, أو على مستوى المواطنين العاديين.
القوى التي تنتقد الوفاق وتتهمها بالطائفية وتندد بمشروعها, تؤكد أنها في موقفها هذا تنطلق من اعتبارات وطنية, ولا تحركها أي دوافع طائفية على الإطلاق.
الوفاق وتوابعها يؤكدون من جانبهم الأمر نفسه. يؤكدون أن مواقفهم وتصرفاتهم ليست طائفية أبدا, وأنهم غير طائفيين على الإطلاق, وان مشروعهم هو مشروع وطني ديمقراطي وأنهم هم أنفسهم وطنيون ديمقراطيون.
والدولة بطبيعة الحال تنفي عن نفسها وعن كل رجالها أي شبهة طائفية, وتؤكد أنها في كل ما تفعله وفي كل ما تتبناه من سياسات ومواقف أبعد من ما تكون عن أي انحيازات طائفية.
وإذا تصادف وتحدثت في الشأن العام مع أي مواطن عادي أيا كان انتماؤه وموقفه, فسوف يبادر بأن يؤكد لك بشكل جازم لا يقبل النقاش أنه ليس طائفيا على الإطلاق, وان آراءه ومواقفه أيا كانت لا تحكمها أي اعتبارات طائفية.
أذكر هنا انه في إحدى المرات قبل أشهر أن سائق تاكسي كان يقلني إلى منزلي في البديع حين شاهد الشارع مغلقا بالإطارات المشتعلة, بادرني بالقول: لعلمك, أنا لست طائفيا أبدا, لكنني أؤيد غلق الشوارع بالإطارات وأؤيد استخدام المولوتوف, وراح يشرح لي بمنطق عجيب كيف أن موقفه هذا موقف وطني لا طائفي!
إذن, هذا هو الوضع في البحرين اليوم.
الوضع من جانب انه توجد طائفية مستفحلة باتفاق الكل, وتمثل خطرا داهما لا بد من معالجته والتعامل معه, باتفاق الكل أيضا.
ولكن في الوقت نفسه, لا يوجد في البحرين أي طائفيين على الإطلاق في رأي وتقدير الكل أيضا من جميع الاتجاهات والانتماءات.
لا بد ان نشير بداية إلى أن هذا الوضع ينطوي على جانب إيجابي. على الأقل الكل يجمع على إدانة الطائفية نظريا, والكل يرى أنه من المعيب ومن المستهجن أن يكون طائفيا.
لكن يبقى أننا إزاء ظاهرة عجيبة وإزاء لغز محير يبحث عن تفسير.
إن كان الحال هو على هذا النحو, فمن أين تأتي الطائفية إذن؟ ومن المسئول عن تفاقم هذه الظاهرة بالضبط؟
الجواب في هذه الحالة: لا بد أن أشباحا طائفية ملعونة غير مرئية تملأ البحرين, وهي المسئولة عن الطائفية وعن استفحالها.
على أي حال, هذه المفارقة وهذه الظاهرة العجيبة بحاجة إلى تفسير موضوعي.
وأي تفسير من هذا النوع سوف يكشف عن أمراض خطيرة في العمل الوطني في البحرين.
وهذا حديث آخر بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق