الجمعة، 12 فبراير 2016

التشكيل الوزاري الجديد بالإمارات.. صورة مصطنعة لحقيقة (مظلمة) وحقوق غائبة




2016-02-11

تشكيل وزاري جديد في الإمارات


شؤون خليجية - هدى التوابتي

جاء التشكيل الوزاري الجديد بدولة الإمارات مثارًا لدهشة الإماراتيين والخليجيين، من خلال استحداثه وزارات جديدة، بالإضافة لنسبة تمثيل المرأة فيه على غير المعتاد بالحكومات العربية والخليجية، حيث بلغ عددهن نحو ثمان وزيرات من أصل 28 وزيرًا، لتسير حكومة الإمارات على نهج الحكومات الأوروبية، التي ارتفعت في السنوات الأخيرة نسبة تمثيل المرأة.

وعلى الرغم من التشكيل الجديد وما حمله من ارتفاع نسبة المرأة، في إشارة لاهتمام الإمارات بحقوق المرأة، ودورها ومكانتها، واستحداث وزارتي السعادة والتسامح، إلا أن السياسات الإماراتية داخل الإمارات تشير إلى ظاهرية تلك القرارات. ففي الوقت الذي تشكل فيه وزارة للسعادة، يوجد الآلاف من المعتقلين الإماراتيين والمختفيين قسرًا، والمعتقلين تعسفيًا دون تهم واضحة، وهو ما انتقدته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها الأخير، بينما جاءت وزارة التسامح متجاهلة الإسلاميين، رغم أنها جاءت لنشر التسامح بين الديانات والأفكار المختلفة بالإمارات.



التشكيل الجديد

شهدت الإمارات، أمس الأربعاء، الإعلان عن التشكيل الوزاري الجديد عقب اعتماد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، له والذي شهد تغيرات هيكلية في الحكومة الإماراتية الثانية عشرة، وهي التغييرات التي تعد الأكبر في تاريخ الإمارات من حيث هيكلها التنظيمي ووظائف وزاراتها الرئيسية.

وانضم للحكومة الجديدة 8 وزراء جدد، بينهم خمسة من النساء، ليبلغ عدد النساء في التشكيل الجديد بأكمله ثمان وزيرات، فيما يبلغ متوسط أعمار الوزراء الجدد 38 عامًا، وتبلغ أصغر وزيرة من العمر 22 عامًا.

واستحدثت الإمارات في التشكيل الجديد أربع وزارات جدد، وهي وزارة التسامح والمستقبل والشباب والسعادة والتغير المناخي، ورفد قطاع التعليم بوزيرين جدد، بالإضافة للوزير الحالي، وتشكيل مجلس أعلى للتعليم لمتابعتها، بالإضافة لتشكيل مجلس للشباب ومجلس لعلماء الإمارات.


السعادة والتسامح في دولة الانتهاكات

على الرغم من إعلان الإمارات تشكيلها لوزارة للسعادة وأخرى للتسامح، إلا أن هذا لا يخفي حقيقة الوضع على الأرض، والذي وصفته مديرة هيومن رايتس ووتش بالشرق الأوسط، قائلة: إن "أخطر ما يُمكن أن يفعله إماراتي هذه الأيام، هو انتقاد الحكومة أو التعبير عن أدنى درجة من التعاطف مع الإخوان المسلمين. من يفعل ذلك يجازف بألاّ يرى عائلته مجددًا، ويتعرض لانتهاكات لم يتوقع وجودها البتة".

وأضافت: "مما يثير التساؤل حول كيف يمكن تحقيق السعادة لمن يخشى النطق بالكلمة، وأين هو التسامح إن كان قطاع كبير من الشعب مستبعدًا من ذلك التشكيل، وهو قطاع الإسلاميين الملقى في السجون".

وعلق مراسل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "ديلي تلغراف" ريتشارد سبنسر، في مقال له على قرار دولة الإمارات العربية، بتخصيص وزارتين؛ واحدة للتسامح وأخرى للسعادة، قائلًا: إن "التسامح لن يشمل الإسلاميين المعتقلين في سجون الدولة منذ بداية الربيع العربي، لمنع وصول الثورة إلى دولة الإمارات العربية".

واعتبر "سبنسر" أن الإمارات عينت وزيرين، أحدهما للسعادة وآخر للتسامح، في عملية تعديل وزاري، وذلك كجزء من محاولاتها الحصول على اهتمام العالم العربي.

وتشير الإحصائيات إلى وجود ما لا يقل عن 208 معتقلين سياسيين بالسجون الإماراتية، يتعرضون لانتهاكات هم وعائلاتهم بشكل ممنهج، بالإضافة لأكثر من 110 مختفين قسرًا، من بينهم الأكاديمي والحقوقي ناصر بن غيث والمختطف منذ ما يقارب الستة أشهر، بالإضافة لعائلة العبدولي، والتي تم اختطافها منذ أغسطس الماضي.



على خطى الحكومات الغربية

ومن الأمور اللافتة للنظر في التشكيل الوزاري الجديد نسبة المرأة فيه، التي تقترب من 30 % من التشكيل الكلي، وتتخطى الخمسين في المائة من عدد الوزراء الجدد، وهو ما يقارب اتجاهات عدد من الحكومات الغربية، التي تسعى الحكومة الإماراتية الربط بين تقدمها وتوجهاتها في الإمارات، وبين تلك الدول.

ويظهر توجه الحكومات الغربية لزيادة نسبة المرأة في الحكومات بشكل واضح، من خلال التشكيل الأخير للحكومة البريطانية، الذي وصل عدد الوزيرات فيه لتسعة وزيرات من أصل 21 وزيرة، أي أنه تخطى نسبة الـ40 %.

وظهر الاختلاف في المهام الموجهة للوزيرات بين الإمارات وبريطانيا، حيث احتلت المرأة في الحكومة البريطانية مناصب سيادية كوزيرة الداخلية تيريزا ماي، فيما لم يسبق أن تولت أي امرأة عربية مثل هذا المنصب.

وفي فرنسا، وصلت نسبة تمثيل المرأة في الوزارة لما نسبته 50 % من عدد الوزراء، وذلك في تنفيذ لوعد رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا هولاند، بأن تتساوى المرأة بالرجل فى توزيع الحقائب الوزارية، وعلى الرغم من التساوي بين عدد النساء والرجال في الحكومة الفرنسية، إلا أن ذلك لم ينسحب على الوزارات المهمة، مثل الداخلية والخارجية والمالية.

كما شهدت المرأة في الحكومة الأمريكية الوصول للمناصب السيادية المختلفة، وكان أبرزها وزير الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، فيما كان تشكيل الحكومة الأمريكية عام 2005 وحتى 2009، يضم ثمان نساء و15 رجلًا.



حقوق المرأة بين الوزارة والانتهاك

وعلى الرغم من محاولة الإمارات مجاراة العالم في ضم المرأة للتشكيل الحكومي، إلا أن هذا يأتي في ظل انتهاكات وقمع تعرضت له المرأة بشكل واضح في الإمارات، لمجرد كونها قريبة لأحد المعارضين أو الإسلاميين.

وتعد قضية اعتقال السلطات الإماراتية زوجة الناشط الحقوقي محمد صقر الزعابي في 2014، واعتقلت الشقيقات الإماراتيات الثلاث "أسماء ومريم والبازية" شقيقات سجين الرأي د. عيسى السويدي، المعتقل منذ منتصف عام 2012، بتهمة الانتماء لتنظيم سري، بالإضافة لاختطافها لبنات العبدولي الثلاث منذ نوفمبر الماضي، من أبرز الأمثلة حول التضارب في السياسة الإماراتية.

كما تعد الانتهاكات التي تتعرض لها زوجات وبنات المعتقلين لمجرد قرابتهم، من أبرز النماذج على ذلك التضارب، حيث تقوم السلطات الإماراتية بمصادر الرزق الخاصة بهم، واعتقالهم واختطافهم تعسفيًا، ومنعهم من السفر، وكذلك منعهم من تجديد هوياتهم، وجوازات سفرهم، ومنع إصدار شهادات ميلاد للمواليد الجدد، خاصة ذوي المعتقلين الإسلاميين، بالإضافة لرفض السلطات الإماراتية إصدار خلاصات قيد "الجنسية" لبعض الأسر.

وتعد تلك العقوبات الجماعية جزءًا مما نقله ذوي المعتقلين للمركز الدولي للحقوق والحريات، مضيفًا في بيان له نوفمبر الماضي، أنه تحرم نساء وبنات المعتقلين بسجون الإمارات من التعليم العالي، بالإضافة لتعرضهم لتهديدات مستمرة بالاعتقال وتلفيق التهم، والتي يتم تنفيذها في كثير من الأحيان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق