الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

فضيحة.. تهريب المخدرات فى حاويات تسليح الجيش تحت غطاء الهيئة العربية للتصنيع


محمد سعد خطاب 
نشر في صوت الأمة يوم 09 - 11 - 2012

رغم أن مدير الهيئة التى يرأسها الفريق حمدى وهيبة أحد رجال مبارك المخلصين، راح يتحدث فى رد نشرته «صوت الأمة» عن فائض التصنيع العسكرى الذى يذهب لمشروعات خدمية من محطات مياه وصرف وسيارات وأجهزة اليكترونية وتليفزيونات، فإنه لم يحدثنا عن توجيه هذه الفائض وطرق إدارته والعبث بتمويله تحت دعوى أنه إنفاق لجهة سيادية يدخل تحت ميزانية الجيش ولا يصح مناقشته أو كشفه. 
عندما يتوقف العسكر عن الحرب، يولون وجوههم نحو البيزنس.. وعندما تسكت أصوات المدافع، تنطق ماكينات الصرف الآلية فى البنوك. وعندما يطول ذلك 30 عاما، يتحولون إلى قطط سمان لا ينافسهم أحد فى الفساد.
كنا أول من خاض معركة على صفحات «صوت الأمة» ضد فساد قادة مبارك فى الجيش، والذين حولوا الهيئات الاقتصادية فى المؤسسة العسكرية إلى مخرات سيول تتدفق منها الأموال إلى حساباتهم الخاصة فى بنوك أوروبا وأمريكا.
ومما خصصنا له صفحات منفصلة فى المواجهة من بين تلك المؤسسات، الهيئة العربية للتصنيع، التى انتفض مديرها إبراهيم يونس جزعا من الحديث عن تراجع دور الهيئة فى عهد مبارك والمشير من طموحات تصنيع مفاعلات ذرية فى الستينات إلى صناعة البوتاجازات والأدوات المنزلية وتجميع السيارات، ومنافسة تجار التجزئة. وأخيرا – وهذا مانكشفه هنا لأول مرة - منافسة تجار «الصنف» فى جلب المخدرات أيضا.
ورغم أن مدير الهيئة التى يرأسها الفريق حمدى وهيبة أحد رجال مبارك المخلصين، راح يتحدث فى رد نشرته «صوت الأمة» عن فائض التصنيع العسكرى الذى يذهب لمشروعات خدمية من محطات مياه وصرف وسيارات وأجهزة اليكترونية وتليفزيونات، فإنه لم يحدثنا عن توجيه هذه الفائض وطرق إدارته والعبث بتمويله تحت دعوى أنه إنفاق لجهة سيادية يدخل تحت ميزانية الجيش ولا يصح مناقشته أو كشفه.
كما لم يتعرض مبعوث المجلس العسكرى للرد علينا، لمصانع الإنتاج الحربى التى تحولت من صناعة الأسلحة إلى صناعة البوتاجازات- التى أثارت حساسية المجلس العسكرى- ومنها مصنع 360 الحربى الذى صار منافسا للموردين للأجهزة المنزلية فى المحلات.
ونذكر هنا بعضا من إهدار المال العام فى الهيئة التى كان يرأسها مجلس أعلى برئاسة مبارك شخصيا، عبر مشروعات فاشلة كانت تتم دون دراسة أو تخطيط بهدف تشغيل مصانع الهيئة وشركات القوات المسلحة دون رقابة تذكر، مثل مشروع شفاطات الغلال التى قام مصنع المحركات التابع للهيئة بإنتاجها بميزانية مليونية حققت خسائر بنسبة 100 % لأن مصانع الغلال رفضت شراءها حيث أنها تستخدم الشفاطات المستوردة، ما جعل إنتاج المصنع من المشروع عرضة للتآكل والتلف بفعل الصدأ فى مخازن الهيئة، وقلنا إن من أمثلة الفساد الصارخ فى إهدار المال العام فى مشروعات التصنيع التابعة للقوات المسلحة بدعوى السرية، مشروع درفلة الصلب الذى افتتحه مبارك بصحبة طنطاوى فى 6 ديسمبر 2005 بتكلفة مبدئية 35 مليون جنيه، والتابع لشركة ابو زعبل للصناعات الهندسية، والذى يقف شاهدا على هذا التخريب، لأنه لم يجر تشغيله منذ ساعة افتتاحه وحتى هذه اللحظة.
أما عن علاقة الهيئة بالمخدرات فتكشفها وقائع القضية رقم 73/2012 جنايات عسكرية الإسكندرية.. نظرا لما تحمله تفاصيل القضية التى تكشف لأول مرة فى الصحافة المصرية هنا، من إثارة وتشويق لا يحتملان مزيدا من التجميل والتمهيد الصحفى، خاصة إذا علمنا أن المخدرات المهربة عبارة عن أقراص الترامادول التى دأب العسكر على اتهام الثوار فى ماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود والتحرير بتعاطيه، فسنعرض وقائع القضية كما جاءت فى أوراق وزارة الدفاع حول سير القضية التى جرى تأجيلها ليوم الإثنين المقبل.
وجاء بنص مكرة المدعى العام العسكرى لوزارة الدفاع حول مسار القضية ما يلى:
وزارة الدفاع - إدارة المدعى العام العسكري..
- بتاريخ 30/4/2012 وردت معلومات تفيد وصول رسالة (حاويتين أرقام 7927228 MSCU، 8193196 TCNU) من الخارج باسم شركة ستار لينك لميناء الاسكندرية البحرى وأن مشمولها يشتبه أنه يحتوى على أصناف وأنواع محظور دخولها البلاد.
- بعرض المحضر على نيابة الدخيلة العامة صدر إذن بتشكيل لجنة لجرد وبيان مشمول الحاويتين ومابهما من أصناف.
- بتاريخ 6/5/2012 انتقلت اللجنة المذكورة وقامت بمعاينة الحاويتين وتبين أن محتوياتهما أقراص مخدرة (عقار الترامادول) وإنهما كان سيتم الافراج عنهما بموجب كتاب منسوب صدوره للهيئة العربية للتصنيع، تفيد بأن الرسالة باسم الشركة العربية الأمريكية للسيارات/ إقرار جمركى عن واردات وزارة الدفاع لأغراض التسليح.
- أفادت الهيئة العربية للتصنيع أن الأوراق الخاصه بالإفراج الجمركى عن تلك الرسالة غير سليمة من حيث الشكل والاختام والتوقيعات وأنها لاتخص الشركة العربية الأمريكية للسيارات وأنها تخلى مسئوليتها عن الحاويتين.
- كما وردت معلومات عن ورود ثلاث حاويات أخرى بذات الأسلوب يشتبه فى محتواها أن يكون بداخله أصناف محظور دخولها للبلاد.
- بتاريخ 6/5/2012 تولت النيابة العسكرية التحقيقات باستجواب المدعو/ أحمد محمد محمد بخيت – موظف بقسم التسهيلات بالإدارة العامة للخدمات الفنية والإدارية بالهيئة العربية للتصنيع – اعترف بقيامه بالاشتراك مع كل من المدعو/ السيد السيد محمود السيد عرفات والمدعو/ توفيق الحماقى والمدعو/ محمد عرفات على قيامه بتزوير النموذج 11 ك م معدل (إقرار جمركى عن واردات وزارة الدفاع لأغراض التسليح باسم الهيئة العربية للتصنيع) يتمكن بموجبه من إدخال الرسائل الواردة للبلاد عبر ميناء الاسكندرية البحرى تحت ورودها باسم أحد مصانع الهيئة العربية للتصنيع والتى لا يتم تفتيش محتوياتها بمعرفة المختصين بالميناء بموجب ذلك النموذج والتى تحتوى فى الحقيقة شحنات أقراص مخدرة لعقار الترامادول لصالح كل من المدعو/ السيد السيد محمود السيد عرفات والمدعو/ توفيق الحماقى والمدعو/ محمد عرفات وذلك نظير حصوله على مبلغ 300 ألف جنيه عن كل حاوية يقوم بتزوير أوراقها كما اعترف كذلك بقيامه بالاشتراك مع المدعو/ سعيد دحروج باصطناع بصمة خاتم منسوب صدوره للشركة العربية الأمريكية للسيارات وكذا البصمة الخاص بمصنع صقر عقب احضاره للأخير لصورة ضوئية لبصمة تلك الاختام وتمكن الأخير من اصطناعها له كما اعترف بقيامه بالتوقيع على ذلك النموذج بدلاً من رئيس مجلس إدارة المصنع المختص ثم قيامه بإرسال ذلك النموذج ضمن باقى أوراق الهيئة العربية للتصنيع لهيئة تسليح واعتماده منها بالخاتم الخاص بها وتمكنه بذلك من إنهاء أوراق خروج تلك الرسائل من ميناء الاسكندرية البحرى بواسطة مكتب تسهيلات الهيئة بالميناء كما أقر بقيامه بتكرار ذلك الأمر 6 مرات وأنه يتم نقل تلك الحاويات بواسطة مكتب أمالكو للنقل لمالكه المدعو/ صابر أبو هبش – مسئول النقل بالهيئة العربية للتصنيع – الذى يحصل منه على مبلغ خمسين ألف جنيه نظير توصيل الحاوية الواحدة للجهة التى يريدها المدعو/ أحمد بخيت كما أضاف كذلك بأقواله بأنه تم استغلال اسم اللواء/ محمد ذكى فى إنها تلك العملية بواسطة قيام المدعو/ السيد السيد عرفات بالاتصال تليفونياً بالمدعوة سهام (مديرة مكتب تسهيلات الهيئة بميناء الاسكندرية) مخبراً إياها أنه اللواء محمد ذكى مكتب رئيس الهيئة ويطلب منها الاهتمام شخصياً بسرعة إنهاء إجراءات الافراج الجمركى عن تلك الرسالة كونها هامة وسرية كما يطلب منها أيضاً رقم تليفون سائق الشاحنة المحمل عليها الحاوية حتى يتمكن من الاتصال به لتوجيهه لمكان انزال تلك الحاوية لسريتها وأنها كانت تصدقه وتعطى له رقم السائق عقب إنهاء إجراءات الافراج الجمركى إلا أنها لاتعلم محتوى الحاوية أو كون أوراقها مزورة كذا أضاف بأن المدعو/ نصر محمد خلف هو الذى قام بتعريفه بالمدعو/ سعيد دحروج من أجل قيامهم بالاشتراك فى تهريب بعض البضائع دون دفع رسوم الافراج الجمركى المستحق لها بواسطة قيامه بتزوير أوراقها.
- وباستجواب عميد متقاعد/ محمد ذكى صادق انكر صلته بالواقعة مقرراً بأنه تم استغلال اسمه ووظيفته بالهيئة العربية للتصنيع لإنهاء إجراءات الإفراج الجمركى عن تلك الرسائل.
- وباستجواب المدعوة/ سهام محمد محمد الجندى مديرة مكتب تسهيلات الهيئة بميناء الاسكندرية انكرت صلتها بالواقعة مقررة أن كل دورها كان ينحصر فى تلقيها اتصال تليفونى من شخص يخبرها فيه أنه اللواء/ محمد ذكى مكتب سكرتارية رئيس الهيئة العربية للتصنيع ويطلب منها اعطاءها رقم تليفون سائق الشاحنة المحمل عليها الرسالة الواردة للهيئة فى ذلك اليوم لانه سيتم توجيه سائقها لمكان جديد يتوجه إليه لسرية تلك الرسالة فتقوم بإعطائه له عقب حصولها عليه من المدعو/ صابر جاد محمد أبو هبش صاحب شركة النقل المنوط بها نقل رسائل الهيئة بموجب العقد المبرم معه من قبل وإن ذلك الموضوع تكرر معها أكثر من مرة.
- وباستجواب المدعو/ السيد السيد محمود السيد عرفات أقر بمضمون ما جاء بأقوال المدعو/ أحمد محمد محمد بخيت إلا أنه انكر قيامه بالاتصال تليفونياً بالمدعوه سهام منتحلاً اسم ووظيفة اللواء معاش/ محمد ذكي.
- وباستجواب المدعو/ نصر محمد خلف أنكر صلته بالواقعة مقرراً إن دوره انحسر فى قيامه بتعريف المدعو/ أحمد بخيت صديقة بمحل سكنه بالزيتون – بالمدعو/ سعيد دحروج صاحب محل بيع ملابس وجزارة ببورسعيد أثناء تواجده والمدعو/ أحمد فى إحدى الزيارات لمدينة بورسعيد.
- وباستجواب المدعو/ صابر جاد محمد أبو هبش أنكر صلته بالواقعة مقرراً إن كل دوره هو قيام شركته – أمالكو للنقل – بنقل الحاويات الخاصة بالهيئة العربية للتصنيع من ميناء الاسكندرية البحرى لمخازن الهيئة طبقاً للمكان المشار إليه ببوليصة كل حاوية على حده، وأضاف أنه سبق واتصلت به المدعوة/ سهام مديرة مكتب تسهيلات الهيئة بميناء الاسكندرية وطلبت منه إعطائها رقم هاتف سائق الشاحنة المحمول والناقلة لإحدى الحاويات الواردة للهيئة معللة ذلك بأن مكتب رئيس الهيئة يريد أن يحقق اتصالاً بسائق الشاحنه لأنه سيتم تغيير وجهتها لسريتها وكان يقوم بإعطائها رقم السائق ثم يتصل به السائق ويخبره أن أحد المسئولين بالهيئة اتصل به تليفونياً وأخطره بالمكان الجديد الواجب عليه التوجه إليه بالحاوية فيقوم السائق بالاتصال به ويخبره بذلك فيطلب منه تنفيذ تلك التعليمات كونها من أحد المسئولين بالهيئة وأن ذلك الأمر تكرر عدة مرات.
وقد تقرر : 1- حبس كل من المدعو/ أحمد محمد بخيت والمدعو/ السيد السيد محمود عرفات والمدعو/ صابر أبوهبش والمدعو/ صابر محمد خلف.
2- إخلاء سبيل كل من عميد متقاعد/ محمد ذكى صادق والمدعوة/ سهام محمد الجندى والمدعو/ عمار أحمد بخيت.
3- ضبط واحضار كل من المدعو/ سعيد دحروج والمدعو/ محمد عرفات والمدعو/ توفيق حماقي.
أولا: إلغاء قرارنا السابق الخاص برفع التحفظ على الحاويات أرقام CLHU 8380640، GLDU7499741، TTNU9912297 والمتحفظ عليها بمعرفة فوج تسهيلات البحر الأبيض المتوسط بالرصيف الحربى بميناء الاسكندرية البحري.
ثانياً: ندب السيد مدير نيابة الاسكندرية العسكرية للانتقال إلى ميناء الأسكندرية البحرى الرصيف الحربى لمعاينة الحاويات أرقام CLHU 8380640، GLDU7499741، TTNU9912297 وذلك لكشف وجرد مشمول الثلاث حاويات المذكورة وبيان ما بها من أصناف مخالفة قانوناً مع تشكيل اللجنة اللازمة من المختصين بجمارك ميناء الاسكندرية البحرى وكذا أحد المختصين من مكافحة التهريب الجمركى وكذا أحد المختصين بفوج تشهيلات البحر الأبيض المتوسط واحد ضباط مكتب المخابرات الحربية بالأسكندرية وفى حالة احتوائها على أى أصناف تعد حيازتها مجرمة قانوناً يتم اتخاذ الاجراءات اللازمة للتحفظ على مشتملات تلك الحاويات وأخذ العينات اللازمة منها وعرضها على الجهات الفنية المختصة لبيان ماهيتها على أن يتم تحرير المحضر اللازم بما تم من إجراءات والعرض علينا فور النهو.
ويقى السؤال: إذا كانت الأختام والأوراق سليمة ورسمية، فمن فتح الخزينة وختم بها الأوراق؟.
تم نشره بالعدد رقم 606 بتاريخ 23/7/2012 
================================

محاضر التحقيق السرية فى قضية «مخدرات الجيش» تؤكد اكتشاف 353 كرتونة ترامادول فى حاويات التسليح 
محمد سعد خطاب 
نشر في صوت الأمة يوم 09 - 11 - 2012

لا تزال قضية «مخدرات الجيش» التى فجرناها قبل شهر على صفحات «صوت الأمة» تبوح بأسرارها، وقد حصلنا على محاضر التحقيق السرية فى القضية، التى تتوالى فيها المفاجآت حول واحدة من فضائح استغلال اسم القوات المسلحة فى الإثراء والتربح بل وتهريب المخدرات. وجاء فى نص محضر تحقيق نيابة الإسكندرية العسكرية القضية رقم 73 لسنة 2012، بتاريخ الخميس 17 مايو 2012، بحضور المقدم هشام الفخرانى مدير النيابة، أن العميد محمد ماجد رئيس لجنة فحص الحاويات، التى اشتبه فى تهريب المخدرات بها، تحت اسم توريد أسلحة لهيئة التسليح ومهمات للهيئة العربية للتصنيع، أفاد أن اللجنة وجدت 353 كرتونة داخل الحاويات مغلقة بمشمع بلاستيك «الخيش الأبيض»، تبين بفتحها وجود 172 كرتونة مدون عليها بالانجليزية «tee- dol 120»..يقول العميد ماجد» قمنا بترقيمها وفتح عدد 4 كراتين للاطلاع على محتوياتها وتبين لنا أن بداخلها 80 باكتة وبداخل الباكتة عشرة علب من نفس النوع وفتحنا علبة فوجدنا بداخلها عشرة شرايط مدون عليها نفس النوع وكل شريط يحتوى علي عشرة اقراص قمنا بارسالها للمعمل الكيماوى لتحليلها، بعد أخذ عينات، وتكرار ذلك فى الكراتين ارقام 31 و83 و158، وتبين لنا وجود 181 كرتونة مدون عليها من الخارج على استيكرز ان بداخلها ترامادول «tramadol royal- 225». القضية المتهم فيها11 بعد استبعاد 4 بشكل مفاجئ ، بتهمة تهريب صفقات مخدرات عبر حاويات مغلقة بخاتم «سرى للغاية»، لأنها تحمل معدات ومهمات تسليح خاصة بالجيش، بموجب بوالص شحن وإفراج جمركى صادرة عن الهيئة العربية للتصنيع، مملوءة بالمفاجآت، وفى يوم 31 يوليو الماضى، أثناء جلسة الاستماع للشهود، فى القضية رقم 73 لسنة 2012، وكانت البداية من ضابطى المخابرات الحربية الرائد أحمد عبد السلام مرسى والنقيب أسامة الصياد، اللذين فاجآ المحكمة العسكرية بإجابة واحدة على نحو 35 سؤالا فى القضية، ألا وهى «مش فاكر».! لم تكن هذه الإجابة مقنعة لطفل صغير، حيث إن إجراءات القضية والتحريات التى أجراها جهاز الأمن الحربى ، على المتهمين، وخط سير الحاويات وشحنات المخدرات، لم يمض عليها سوى شهرين، فكيف يعقل أن ينسى ضابطان برتبة ليست صغيرة، ويعملان فى جهاز حساس كافة الإجراءات التى أشرفا عليها فجأة..؟ المفاجأة الثانية هى إيقاع محامى الدفاع عن المتهم الأول أحمد بخيت بموكله، حيث ذهب يناقش ضابط المخابرات الأول حول مدى علم المتهم بما فى الحاويات من مخدرات، وانتهت المناقشة إلى ثبوت علمه بمحتواها ما يعنى الإجهاز على فرصته فى البراءة نهائيا، وهو ما أثار سخرية الحاضرين فى قاعة المحاكمة العسكرية. وقد أحالت المحكمة المتهم الأول «بخيت» إلى الطب الشرعى للتحقق من خضوعه لأعمال تعذيب لانتزاع اعترافات بشأن علاقته بصفقة المخدرات، فيما جرى استبعاد نجله عمار من القضية تماما، فيما حصلت «صوت الأمة» على نسخة من محاضر التحقيقات، جاء فيها اعتراف كامل من «عمار» الذى جرى استبعاده بتهمة تهريب المخدرات فى حاويات هيئة تسليح القوات المسلحة..! 
ومما جاء بأقواله، «منذ أسبوعين والدى أعطانى ورقة خاصة بالجيش والجمارك وعليها اسم عميد مش فاكر اسمه، وقالى اعمل لى زيها أصل على الكمبيوتر، لكن معجبتهوش لأنى كنت عامل التوقيع بعيد عن الكلام»..ووجهت له النيابة العسكرية تهمة الاشتراك فى تزوير محررات رسمية سرية بقصد تسهيل التهريب والاتجار فى المخدرات، قبل استبعاده فجأة.. وفى مفاجأة اخرى تضمنت أقوال سهام محمد الجندى مدير مكتب تسهيلات الهيئة العربية للتصنيع اعترافا كاملا على مدير أمن الهيئة، والذى خلت أوراق القضيه من أى إشارة له تماما، وبدا أن ادعاء ضباط المخابرات نسيانهما تفاصيل إجراءات ضبط القضية والتحريات السرية، كان على سبيل التمويه لإخفاء الطرف المجهول وراء عصابة تهريب المخدرات فى عبوات تسليح الجيش لحساب حيتان أكبر، بينما جرى تجاهل تلك الاعترافات تماما. تنضم هذه المفاجآت إلى مفاجآت سابقة فجرناها، فى هذه القضية الغامضة، والتى تقابلنا فيما وصلنا من أوراق، وأولها أن قرار الاتهام الذى أصدره المدعى العسكرى فى القضية رقم 6 لسنة 2012 جنايات عسكرية قبل أسبوع بتاريخ 16 يوليو الجاري، استبعد فجأة أسماء 4 متهمين من بين المتهمين ال 11، على رأسهم نجل المتهم الخامس، الذى جرى تحويله إلى المتهم الأول، فى ظروف غامضة ودون تكييف قانوني، بعد محضر تحريات جهاز الأمن الحربي، الذى قالت مصادر إنه يخفى متهمين مجهولين فى القضية فى مكان غير ملعوم، رغم أن قرار الاتهام الذى أصدرته نيابة الإسكندرية العسكرية فى وقت سابق، أشرك المتهمين جميعا بمن تم استبعادهم فى الجريمة، ذات الصبغة العسكرية.عندما كانت القضية مقيدة برقم 73/2012 جنايات عسكرية الإسكندرية. وجاء فى قائمة أدلة الثبوت التى أعدها المدعى العسكرى فى القضية أن المتهم أحمد محمد بخيت أقر فى التحقيقات أنه قام بالاتفاق والاشتراك مع كل من المدعو السيد محمود عرفات والمدعو توفيق الحماقى والمدعو محمد عرفات والمدعو نصر محمد خلف الله، وسعيد دحروج « هارب» على قيام الأول بتزوير النموذج 11 ك م معدل ( إقرار جمركى عن واردات وزارة الدفاع لأغراض التسليح برسم الهيئة العربية للتصنيع)، وتمكن بموجبه من إدخال الرسائل الواردة للبلاد عبر ميناء الإسكندرية البحرى تحت ورودها باسم أحد مصانع الهيئة العربية للتصنيع والتىلايتم تفتيش محتوياتها بمعرفة المختصين بالميناء، بموجب ذلك النموذج، التى تحوى فى الحقيقة شحنات أقراص مخدرة من عقار الترامادول لصالح المدعو السيد السيد محمود عرفات والمدعو توفيق الحماقى والمدعو محمد عرفات، وذلك نظير حصوله على مبلغ 300 الف جنيه عن كل حاوية، يزور أوراقها، كما اعترف بقيامه بالاشتراك مع المدعو سعيد دحروج باصطناع بصمة خاتم منسوب صدوره للشركة العربية الأمريكية للسيارات، وكذا البصمة الخاصة بمصنع صقر عقب احضار الأخير لصورة ضوئية لبصمة تلك الأختام، وتمكن الأخير من اصطناعها له كما اعترف بقيامه بالتوقيع على ذلك النموذج بدلا من رئيس مجلس إدارة المصنع المختص، ثم قيامه بإرسال النموذج ضمن باقى أوراق الهيئة العربية للتصنيع إلى هيئة التسليح واعتماده منها بالخاتم الخاص بها، وتمكنه بذلك من نهو أوراق خروج تلك الرسائل من ميناء الاسكندرية بواسطة مكتب تشهيلات الهيئة بالميناء كما أقر بقيامه بتكرار ذلك الأمر 6 مرات وانه يتم نقل الحاويات بواسطة مكتب شركة أمالكو للنقل لمالكها المدعو صابر أبو هبش مسئول نقل الهيئة العربية للتصنيع، الذى يحصل منه على مبلغ 50 الف جنيه نظير توصيل الحاوية الواحدة للجهة التى يريدها المدعو السيد عرفات. وقال بخيت فى التحقيقات وفقا لمذكرة العقيد مدحت عوض الله رئيس النيابة العسكرية إنه تم استغلال اسم اللواء محمد زكى فى إنهاء العملية بواسطة المدعو السيد عرفات بالاتصال تليفونياً بالمدعوة سهام مديرة مكتب تشهيلات الهيئة بميناء الإسكندرية، وإخبارها بأنه اللواء محمد زكى سكرتير رئيس الهيئة، قبل مطالبتها بالاهتمام شخصيا بسرعة إنهاء إجراءات الإفراج الجمركى نظرا لسريتها، ثم يطلب منها رقم تليفون سائق الشاحنة المحمل عليها الحاوية حتى يتمكن من الاتصال به لتوجيهه لمكان إنزال الحاوية لسريتها، وأنها كانت تصدق وتعطى له رقم السائق، عقب إنهاء إجراءات الإفراج الجمركى، إلا أنها لا تعلم محتوى الحاوية، أو كون أوراقها مزورة، وأقر بأن المدعو نصر خلف هو الذى قام بتعريفه بالمدعو سعيد دحروج من أجل قيامهم بالاشتراك فى تهريب بعض البضائع دون دفع رسوم الإفراج الجمركى المستحق لها بواسطة قيامه بتزوير اوراق التخليص الجمركى لها.
وأقر المتهم السيد عرفات بقيامه بالاتفاق والاشتراك مع كل من أحمد بخيت، ومحمد أمين عرفات ومحمد السيد زكى وسعيد دحروج على جلب شحنات من مخدر الترامادول وإدخالها للبلاد بموجب اوراق مزورة منسوب صدورها لهيئة تسليح القوات المسلحة نظير حصوله على عمولة مالية من المدعو محمد امين عرفات عقب تمرير الشحنة. وأقر المتهم الخامس محمد أمين عرفات سلمان بالاتفاق على جلب الشحنات المخدرة والمنشطات الجنسية بموجب مستندات مزورة باسم القوات المسلحة، وأقر بملكيته للحاويات الثلاث التي تم ضبطها بالميناء وقال إن الحاويتين اللتين جرى ضبطهما فى الميناء مملوكتان للمدعو السيد محمد عرفات وأنهما واردتان لحسابه الخاص. فى حين أقر المتهم السابع محمد السيد زكى بالإتجار فى العقاقير الطبية المنشطة جنسيا ومن بينها التى دول 225 و30 مقررا انها منشطات جنسية، وعلق المدعى العسكرى على الاعتراف بأنه «لا يعدو إلا أن يكون دربا من دروب الدفاع عن النفس». ومما جاء بمذكرة التحرى المحررة من قبل جهاز الأمن الحربى حول ظروف وملابسات الواقعة أنه فى غضون عام 2010 قام المدعو أحمد بخيت باستغلال معرفته بكافة الإجراءات الخاصة بإنهاء إجراءات الشحن والتخليص الجمركى للمهمات والمعدات الحربية الواردة من الخارج لصالح الهيئة العهربية للتصنيع وإعداد مستندات شحن مزورة وختمها بخاتم الهيئة او إحدى الشركات او المصانع التابعة لها وإثبات أن الاصناف الواردة هى معدات ومهمات حربية، حيث تمكن المذكور من خلال أحد معارفه المقيمين بمحيط سكنه ويدعى نصر محمد خلف الله من التعرف على المدعو سعيد ابراهيم عبد العزيز الدحروج، والمعروف عنه العمل فى مجال تهريب البضائع غير خالصة الرسوم الجمركية من ميناء بورسعيد، حيث تقابل معه بمحل عمله الكائن فى جزارة سعيد دحروج ببورسعيد واتفقا على ان يقوم بتصنيع عدد 2 خاتم ببصمة مصنع قادر، والشركة العربية الأمريكية التابعين للهيئة، والبحث عن أحد التجار الراغبين فى إدخال اى بضائع إلى البلاد دون سداد الرسوم ، مقابل حصولهم على عمولة مالية، حيث قام دحروج بالاشتراك مع «آخر» بتصنيع بصمة الخاتمين سابقى البيان وكذا تعريفه على المدعو السيد عرفات حيث اتفق معه على أن يقوم باستيراد عقاقير طبية مخدرة ومنشطات جنسية من خارج البلاد، وإدخالها على انها معدات حريبة، وتمكنوا من إدخال تسع حاويات ترامادول وتامول وفياجرا بين عامى 2011 و2012 خلافا لخمس حاويات تم ضبطها فى شهر مايو الماضى.
ولنا أن نسأل عن الشخص «الآخر» المجهول، الذى شارك فى عملية التزوير ولماذا تجنبت تحريات الأمن الحربى تسميته، وأين اختفى؟ بما يضفى مزيدا من المفاجآت على سير القضية المثيرة بطبعها، بعد استبعاد المتهمين الأربعة وقصر الاتهام على سبعة فقط بينهم والد أحد المستبعدين، ربما للتغطية على أسماء أكبر ومتورطين أكثر أهمية

نشر بالعدد 17/9/2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق