الثلاثاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٦
كتب: أحمد متاريك
- من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية
«بيت المقدس» خرافة صنعها الأمويون وأحياها الضباط الأحرار
أهل مكة وقت الإسلام لم يزد عددهم على 500 فرد
فى بادرة كريمة من الروائى والمؤرخ د.يوسف زيدان، وجّه إلى الدعوة لحضور الجلسة الخاصة التى يقيمها تكريمًا للفائز بأفضل إجابة عن السؤال الذى يطرحه عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك. وبالطبع، لم أفوت فرصة كهذه دون الاستماع الدقيق لآرائه التى عادةً ما تثير دهشة المتلقى؛ لقدرته الصادمة على استنباط أغرب القول من أوضح العبارات، حتى ولو كانت قبسا من آى القرآن، فتبدو فى حضرته وكأنك تسمعها لأول مرة.
فى بداية الجلسة، أكد صاحب عزازيل أن كتب التاريخ ليست دائمًا ما تذكر الحقيقة، ضاربًا المَثل بالتراث النوبى، وتحدث عن عُمق وجودهم الإنسانى، وأنهم كانوا بارعين جدا فى استخدام النبل، لذا سُموا برماة الحدق، وعلى الرغم من دخول الإسلام مصر، فإنهم احتفظوا بانتمائهم للمسيحية لمدة 300 عام، وبعدها أسلموا فجأة حتى إنه لم يعد بينهم مسيحى واحد، دون أن تمنحنا الكتب أى تفسير لهذا الأمر، وأردف «عندنا فراغات كتيرة فى التاريخ، بنضطر نملاها بتفسيرات من أذهاننا».
وتابع بأنه حتى الألفاظ اختلف معناها على مر الزمن، فعندما تقرأ فى كتاب تاريخ وصفًا لفلان بأنه يشرب القهوة، قد تعنى أنه يحب الخمر وليس البن، فحتى نهاية القرن العاشر كانت الخمر توصف فى الكتب بأنها قهوة، حتى حدث خلاف بين الفقهاء على تحليل أو تحريم شرب القهوة والدخان، فاضطروا للتفريق بينهما، وكانت فى بعض الكتب فى بدايات هذا الزمن تذكرها بأنها «قهوة البن» تمييزًا لها عن «قهوة الخمر».
كما أردف بأن أهل الصعيد أكثر عروبة من السعوديين الحاليين، فمن هاجر إلى مصر هم أهل القبائل المعروفة مثل جهينة وغيرها، أما الباقون فهم مخلفات القبائل المتبقية من بعد حركات الهجرة للدول المجاورة، ولم تظهر لهم قيمة إلا بعد ظهور البترول.
وأوضح زيدان، أن «اللات» لم يكن مجرد صنم يعبده العرب، وإنما كان «إله راقى» لم يجسدوه كباقى آلهتهم، وإنما اكتفوا بالإشارة له بحجر أبيض مكعب، مضيفًا «ده تجريد، وهو خطوة عالية جدا فى الديانات، أن يتصور الإله من غير ما يجسده فى حاجة».
وتابع «عُمْر قبائل قلب الجزيرة ما كان ليها مكانة، العرب الكبار كانوا فى الشام والعراق؛ تغلب وبكر وغسان، ناس راقية غلبوا الفرس فى ذى قار وعملوا إمبراطوريات، زى مملكة تدمر اللى ترأستها الملكة الشهيرة زنوبيا قبل الإسلام بـ400 سنة».
ونفى وقوع حادثة الفيل كما روتها كتب التراث، قائلاً «أبرهة جه من اليمن، بينه وبين مكة ييجى ألف كيلو، الفيل بياكل خُضرة كل يوم قد إيه؟، فى حدود طن ونصف، طب إزاى هيجيب أكل له كل المسافة دي؟!».
وتابع «وبعدين ليه جاب الفيل؟ جايبه يهد بيه الكعبة؟، اللى كان كل شوية مية ينزلوا مع السيل يوقعوها. أنا شايف إن معناها غير كدا خالص، وقائع ما إحنا مش عارفينها، واللى ييجى من اليمن بفيل، وممشيه شهر عشان يهدم بيه الكعبة يبقى أهبل».
ونوه إلى استحالة تصديق أن حجارة هطلت من السماء انتقت جيش أبرهة وأصابتهم دون أن تقتل العرب، لذا فهو يميل إلى ما اعتبره بعض المفسرين من أن المقصود بهذه الحجارة هى أمراض ألقاها الله عليهم، مؤكدًا أن الرواية تُظهر عبد المطلب، جد الرسول، بشكل سيئ للغاية لأنه تخلى عن حماية بيت الله الحرام لصالح أبرهة، ولم يكن يهمه إلا إبله.
وأكد الدكتور يوسف، أنه إذا كان للبيت رب يحميه، واعتبرنا أنه آمن بذاته كما تزعم الرواية، فلماذا تعرضت الكعبة لهجمات شائنة على مر التاريخ مثلما فعل القرامطة الذين انقضوا عليها وقتلوا كل من بها حتى النساء والأطفال، و«السعودية زعلانة ليه على قصف الحوثيين للكعبة بقى، وبتتصدى للصاروخ ليه ما تسيبه وهو هينفجر لوحده».
وأوضح أن سبب هذه المشكلة أن عصر التدوين العربى الإسلامى بدأ فى القرن الثالت الهجرى، لذا اجتهد المفسرون والكتبة لتوضيحها فى حدود ثقافة عصرهم وما تقبله عقولهم فى هذا الوقت.
بعدها انتقل الحديث إلى مكة فى عهد الرسول، منوهًا بأنها كانت تقع على سفح بين جبلين، كلما هطلت المياه بشدة جرفها السيل، ووسط الجبلين عاش أهل قريش، الذين يعتقد أن عددهم لا يتجاوز الـ500 وقت ظهور الإسلام فى أكبر الأحوال، لأن «الإمكانيات الحياتية» التى كانت توفرها البيئة لا تسمح بأكثر من هذا، فالأرض قاحلة وصفها القرآن بأنها «وادٍ غير ذى زرع» لا يوجد بها إلا 5 آبار فقط، أى أن سكانها لم يكن لديهم رعى أو زرع، لعدم وجود مياه أو نبات، وكان اعتمادهم المطلق فى تأمين طعامهم وشرابهم على ما يصلهم من القوافل التجارية.
وعن القضية التى أثارها مسبقًا بشأن المسجد الأقصى أكد أنه أوضحها فى كتاب «شجون تراثية» المزمع طرحه خلال الأيام المقبلة، وعن سبب تأخره فى الإعلان عن مثل هذه المعلومات حتى هذا التوقيت، أوضح أن تفجير مثل هذه القضايا يستلزم وقتًا من البحث بين الكتب والمصادر، يوفق فيها بين المعلومات الواردة فى المصادر المختلفة، وأنه ما إن يصل لحقيقة حتى يعلنها فورًا وبشكل موثق كما سيُبين فى الكتاب.
واستفاض بعدها فى الشرح موضحًا «الغريب أن المكان اللى احنا بنقدسه من فعل عبد الملك بن مروان، اللى هدّ الكعبة مرتين»، وأن سبب إعادة البريق لهذا الأمر هو قدوم الضباط الأحرار وحرصهم على إشعال أى قضية قومية تكون «مبرر وجود» لهم، فكانت فلسطين.
وأكد أن الأهمية المفرطة للقدس اختراع أموى نشأ لأسباب سياسية؛ لأن هذه المدينة تم مسحها بالكامل على يد الإمبراطور الرومانى إليانوس، والعهدة العُمرية لحظة فتح المدينة ذكرت اسمها إيلياء 7 مرات، أما كلمة القدس فلم تظهر إلا فى القرن الثانى الهجرى.
وأشار إلى أن بلاد الحجاز كانت تخضع لسيطرة عبد الله بن الزبير، ولاحظ الأمويون أن الناس كانت تذهب هناك للحج وتبايعه بالخلافة، فقرروا بناء «قبة الصخرة» عام 70هـ؛ فى محاولة منه لتحويل حركة الحج إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق