الأربعاء، 9 يوليو 2014

شبهات على سيدنا عثمان رضي الله عنه

الشبهات

1- أعطى عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ثلاثمائة ألف 300 الف
2- - منح الزّبير ذات يوم ستمائة ألف، 600 ألف

3- منح سيدنا  عثمان رضي الله عنه

- من بيت المال زوج ابنته الحارث بن الحكم يوم عرسه مئتي ألف درهم. 200 ألف

- فقد منح مروان ابن الحكم زوج ابنته مئتي ألف من بيت المال

ونفّل مروان بن الحكم خمس خراج إفريقية. 


4- ومنح طلحة مائتي ألف، 200الف



5- نفي اباذر 

============
1-

وأعطى عبد الله بن خالد بن أسيد الأموي ثلاثمائة ألف 300 الف

عبدالله بن خالد لم يكن صله وانما كان قرضا من بيت المال وكان يحتسب لبيت المال ذلك من نفسه حتى وفاه وكان من حق المسلمين يومئذ ان يقترضوا من بيت المال

2-

والزبير ستمائة ألف

عثمان أعطى الزبير ستمائة ألف فهذا من الأكاذيب التي يسارعُ إلى تصديقها أعداء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومما يؤكّد كذبها : أن الزبير كان قد أخرج نفسه من الديوان استغناء وتعفّفـًا فكيف يخرج نفسه من الديوان ثم يقبل مثل هذا العطاء المزعوم ؟!! 

مات مدين

 لمَّا وقف الزبيرُ يومَ الجملِ ، دعاني فقمتُ إلى جنبِهِ ، فقال : يا بنيَّ إنَّهُ لا يُقْتَلُ اليومَ إلا ظالمٌ أو مظلومٌ ، وإني لا أُرَاني إلا سأقتلُ اليومَ مظلومًا ، وإنَّ من أكبرِ همي لَدَيْنِي ، أفترى يُبْقِي دَيْنُنَا من مالنا شيئًا ؟ فقال : يا بنيَّ بِعْ مالنا فاقضِ دَيْنِي ، وأوصى بالثلثِ ، وثلثِهِ لبنيهِ - يعني بني عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ - يقول : ثلثُ الثلثِ ، فإن فضلَ من مالنا فضلٌ بعد قضاءِ الدَّيْنِ فثلثُهُ لولدِكَ ، قال هشامٌ : وكان بعضُ ولدِ عبدِ اللهِ قد وازى بعضَ بني الزبيرِ ، خبيبٌ وعبادٌ ، ولهُ يومئذٍ تسعةُ بنينَ وتسعُ بناتٍ . قال عبدُ اللهِ : فجعل يُوصيني بدَيْنِهِ ويقول : يا بنيَّ إن عجزتَ عنهُ في شيٍء فاستعنْ عليهِ مولايَ . قال : فواللهِ ما دريتُ ما أراد حتى قلتُ : يا أبتِ من مولاكَ ؟ قال : اللهُ ، قال : فواللهِ ما وقعتُ في كربةٍ من دَيْنِهِ إلا قلتُ : يا مولى الزبيرِ اقضِ عنهُ دَيْنَهُ فيقضيهِ ، فقُتِلَ الزبيرُ رَضِيَ اللهُ عنه ولم يدعْ دينارًا ولا درهمًا إلا أرضينَ ، منها الغابةُ وإحدى عشرةَ دارًا بالمدينةِ ، وداريْنِ بالبصرةِ ، ودارًا بالكوفةِ ، ودارًا بمصرَ ، قال : إنما كان دَيْنُهُ الذي عليهِ أنَّ الرجلَ كان يأتيهِ بالمالِ فيستودعُهُ إياهُ ، فيقولُ الزبيرُ : لا ، ولكنَّهُ سلفٌ ، فإني أخشى عليهِ الضيعةَ ، وما وَلِيَ إمارةً قطُّ ، ولا جبايةَ خَرَاجٍ ، ولا شيئًا إلا أن يكونَ في غزوةٍ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، أو مع أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ رَضِيَ اللهُ عنهم ، قال عبدُ اللهِ بنُ الزبيرِ : فحسبتُ ما عليهِ من الدَّيْنِ فوجدتُهُ ألفيْ ألفَ ومائتيْ ألفٍ ، قال : فلقيَ حكيمُ بنُ حزامٍ عبدَ اللهِ بنَ الزبيرِ فقال : يا ابنَ أخي ، كم على أخي من الدَّيْنِ ؟ فكتمَهُ ، فقال : مائةُ ألفٍ ، فقال حكيمٌ : واللهِ ما أرى أموالكم تَسَعُ لهذهِ ، فقال لهُ عبدُ اللهِ : أفرأيتُكَ إن كانت ألفيْ ألفٍ ومائتي ألفٍ ؟ قال : ما أراكم تَطيقونَ هذا ، فإن عجزتم عن شيٍء منهُ فاستعينوا بي ، قال : وكان الزبيرُ اشترى الغابةَ بسبعينَ ومائةَ ألفٍ ، فباعها عبدُ اللهِ بألفِ ألفٍ وستمائةِ ألفٍ ، ثم قام فقال : من كان لهُ على الزبيرِ حقٌّ فليُوافنا بالغابةِ ، فأتاهُ عبدُ اللهِ بنُ جعفرَ ، وكان لهُ على الزبيرِ أربعمائةِ ألفٍ ، فقال لعبدِ اللهِ : إن شئتم تركتها لكم ، قال عبدُ اللهِ : لا ، قال : فإن شئتم جعلتموها فيما تُؤخرونَ إن أخرتم ، فقال عبدُ اللهِ : لا ، قال : قال : فاقطعوا لي قطعةً ، فقال عبدُ اللهِ : لك من ها هنا إلى ها هنا ، قال : فباع منها فقضى دَيْنَهُ فأوفاهُ ، وبقيَ منها أربعةَ أسهمٍ ونصفٌ ، فقَدِمَ على معاويةَ وعندَهُ عمرو بنُ عثمانَ والمنذرُ بنُ الزبيرِ وابنِ زُمْعَةَ ، فقال لهُ معاويةُ : كم قَوَّمْتَ الغابةَ ؟ قال : كلُّ سهمٍ مائةُ ألفٍ ، فكم بقيَ ، قال : أربعةُ أسهمٍ ونصفٌ ، قال المنذرُ بنُ الزبيرِ : قد أخذتُ سهمًا بمائةِ ألفٍ ، قال عمرو بنُ عثمانَ : قد أخذتُ سهمًا بمائةِ ألفٍ ، وقال ابنُ زُمْعَةَ : قد أخذتُ سهمًا بمائةِ ألفٍ ، فقال معاويةُ : كم بقيَ ؟ فقال : سهمٌ ونصفٌ ، قال : أخذتُهُ بخمسينَ ومائةَ ألفٍ ، قال : وباع عبدُ اللهِ بنُ جعفرَ نصيبَهُ من معاويةَ بستمائةِ ألفٍ ، فلمَّا فرغ ابنُ الزبيرِ من قضاءِ دَينِهِ ، قال بنو الزبيرِ : اقسمْ بيننا ميراثنا ، قال : لا واللهِ لا أقسمُ بينكم حتى أُنَادِي بالموسمِ أربعَ سنينَ : ألا من كان لهُ على الزبيرِ دَيْنٌ فليأتنا فلنقضِهِ ، قال : فجعل كلَّ سَنَةٍ يُنادي بالموسمِ ، فلمَّا مضى أربعُ سنينَ قَسَمَ بينهم ، قال : فكان للزبيرِ أربعُ نسوةٍ ، ورَفَعَ الثلثَ ، فأصابَ كلُّ امرأةٍ ألفَ ألفٍ ومائتا ألفٍ ، فجميعُ مالِهِ خمسونَ ألفَ ألفٍ ، ومائتا ألفٍ

3- فقد منح مروان ابن الحكم زوج ابنته مئتي ألف من بيت المال

وأما إعطاؤه خمس غنائم إفريقية ، وقد بلغت مائتي ألف دينار ، فمن الذي نقل ذلك ؟

 أعطى مروان بن الحكم خمس غنائم إفريقية.

وهذا الأمر بداية لم يصح له أي سند، ولا توجد رواية واحدة صحيحة تؤكد هذا الخبر، وإذا طالعنا الروايات التي تذكر هذا الأمر نجدها ترجع إلى أحد هؤلاء: إما الواقدي وإما محمد بن هشام الكلبي وإما أبو مخنف لوط بن يحيى، وجميعهم كما نعرف من الشيعة الوضاعين الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الصحابة، ويفترون عليهم.

والصحيح أن عثمان رضي الله عنه أعطى خمس الخمس لعبد الله بن سعد بن أبي سرح رضي الله عنه، وكان قد قال له أنه إن أبلى بلاء حسنا في فتح إفريقية فسوف يعطيه خمس الخمس تشجيعا له على هذا الأمر، وقام عبد الله بن سعد بن أبي سرح بالفعل بفتحها بالفعل، وأعطاه عثمان رضي الله عنه خمس الخمس كما وعده، فجاء مجموعة من إمرة الجند الذين هم تحت عبد الله بن سعد أبي سرح إلى عثمان، وقالوا له: إن عبد الله بن سعد قد أخذ خمس الخمس.

فقال عثمان: إني أنا الذي أمرت له بذلك، قالوا: فإنا نسخط ذلك، قال: فإني أسأله فإن رضي رددته.

فاستأذن عثمان بن عفان رضي الله عنه عبد الله بن سعد بن أبي سرح في رد المال فرده، مع أن هذا الأمر جائز شرعا، وفعله من هو خير من 
عثمان رضي الله عنه، فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وفعله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأقطعوا القطائع
 والأعطيات لبعض الناس، إما ترغيبا لهم، وتأليفا لقلوبهم، وإما جزاء لهم على حسن البلاء، وقد ذكر الكثير من هذه الأمثلة أبو يوسف في كتابه (الخراج).

====================

 جاء في تاريخ الطبري أن عثمان لما أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بالزحف من مصر على تونس لفتحها قال له: إن فتح الله عليك بإفريقية فلك مما أفاء الله على المسلمين خمس الخمس من الغنيمة نفلا، فخرج بجيشه، حتى قطعوا أرض مصر وأوغلوا في أرض إفريقية وفتحوها وسهلها وجبالها، وقسم عبد الله على الجند ما أفاء الله عليهم وأخذ خمس الخمس، وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان مع ابن وثيمة النضري، فشكى وفد ممن كان معه إلى عثمان ما أخذه عبد الله، فقال لهم عثمان: إنما أمرت له بذلك، فإن سخطتم فهو رد. قالوا: إنا نسخطه، فأمر عثمان عبد الله أن يرده فرده.([114]) وقد ثبت في السنة تنفيل أهل الغناء والبأس في الجهاد([115]). 

3- وكان قد بقى من الأخماس والحيوان -في فتح أفريقية- ما يشق حمله إلى المدينة، فاشتراه مروان بمائة ألف درهم، ونقد أكثرها وبقيت منه بقية، وسبق إلى عثمان مبشرا بالفتح، وكانت قلوب المسلمين في غاية القلق خائفة من أن يصيب المسلمين نكبة من أمر أفريقية، فوهب له عثمان ما بقي جزاء بشارته. وللإمام أن يعطي البشير ما يراه لائقا بتعبه وخطر بشارته، هذا هو الثابت في عطية عثمان لمروان، وما ذكروه من إعطائه خمس أفريقية فكذب.([116]) لقد كان عثمان شديد الحب لأقاربه، ولكن ذلك لم يمل به إلى غشيان محرم أو إساءة السيرة والسياسة في أمور المال أو غيرها، وإنما دست في كتب التاريخ أكاذيب باطلة كان خلفها الدعاية السبئية والشعبية الرافضية ضد عثمان t.
=======


الزعم بأن عثمان أعطى مروان خُمس خراج إفريقية

طعنـًا في عثمان والصحابة الذين يقرّونه من الأباطيل التي يتعلّق بها أهل الأهواء في الطعن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أين إسنادها الذي يعتمد عليه الهائجون على عثمان ـ رضي الله عنه ـ ؟!! .

وقد ذكر ابن جرير( )بإسناد فيه سيف بن عمر ـ وهو ضعيف ـ : أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما فتح إفريقية قسم عبد الله ما أفاء الله عليهم على الجند وأخذ خُمس الخمس وبعث بأربعة أخماسه إلى عثمان ... ووفد وفدًا فشكوا عبد الله فيما أخذ ، فقال لهم : أنا نفلتُه وكذلك كان يصنع ، وقد أمرت له بذلك ، وذاك إليكم الآن ، فإن رضيتم فقد جاز ، وإن سخطتم فهو رد . وكتب إلى عبد الله بردّ ذلك واستصلاحهم ، قالوا : فاعزله عنا فإنا لا نريد أن يتأمّر علينا وقد وقع ما وقع ، فكتب إليه أن استخلف على إفريقية رجلاً ممن ترضى ويرضون واقسم الخمس الذي كنت نفلتك في سبيل الله ، فإنهم قد سخطوا النفل . ففعل ، ورجع عبد الله بن سعد إلى مصر وقد فتح أفريقية ، وقتل الأجل؛ فما زالوا من أسمع أهل البلدان وأطوعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك أحسن أمة سلامـًا وطاعة ، حتى دبّ إليهم أهل العراق ، فلما دبّ إليهم دعاة أهل العراق واسثاروهم شقّوا عصاهم وفرّقوا بينهم إلى اليوم)) .وذكر لهم قصة مع أهل الأهواء ثم مع هشام .فالذي يعامل فاتح إفريقية هذه المعاملة كيف يصدُق فيه ذلك الإفك بأنه أعطى مروان وهو نائمٌ في المدينة خمس خراج إفريقية !! .فهذه الحادثة ((إن صحّت فإنها هي وأمثالها مما ينسجم مع سجايا عثمان وحسن أخلاقه وكريم شيمه ، وتنسجم مع أخلاق وتصرفات أخويه أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ؛ ومثلها يمكن التسامح في نقله بخلاف تلك المطاعن والمثالب الظالمة التي استروح إليها سيد وأكثرَ مِن تِردادِها .

وذكر ابن أعثم( ): ((أن عثمان ـ رضي الله عنه ـ نشط لغزو إفريقية فاستشار الصحابة ، فشجّعوه ، فجهّز جيشـًا من المدينة ومصر بقيادة عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فدارت معارك انتهت بالصلح بين الملك جرجين وبين عبد الله على أن يدفع جرجين ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار ، على أنّ عبد الله يكفّ عنه ويخرج عن بلده؛ فأخذ عبد الله بن سعد منه هذا المال ، فأخرج منه الخُمس ليوجه به إلى عثمان ، وقسّم باقي ذلك في المسلمين)) .قال : ((ورجع عبد الله بن سعد بالمسلمين إلى أرض مصر ، وكتب إلى عثمان يخبره بفتح إفريقية وسلامة المسلمين ، ووجه إليه بالخمس من أموال إفريقية ، فقسّمه عثمان في أهل المدينة ، وحمد الله عز وجل على ذلك؛ فله الحمد على ذلك دائمـًا والشكر ، وحسبنا الله ونعم الوكيل)) .هذا ما نقله هذا المؤرّخ الشيعي ، فلم يتجنَّ على عثمان ، ولم يذكر أنه نفل عبد الله بن سعد خمس الخمس .وذكر الذهبي( )مصالحة ابن سعد على المال ، ولم يذكر تنفيل ابن سعد؛ وما ذكره أمثلُ وأشدُّ قربـًا إلى واقع عثمان وشمائله الطيّبة ، 
======

 مروان بن الحكم الذي اتخذه الشيعة غرضاً ليطعنوا في عثمان رضي الله عنه تزوج ابنه من ابنة الإمام علي المرتضي رضي الله عنه وهو الإمام المعصوم عندهم 

==========

4- منح طلحة 200 الف


ما تزعمه القصة من أن عثمان أعطى طلحة مائتي ألف فقد روى ابن جرير عن موسى بن طلحة قال : كان لعثمان على طلحة خمسون ألفـًا ، فخرج عثمان يومـًا إلى المسجد ، فقال له طلحة : قد تهيّأ مالك فاقبضه ، فقال : هو لك يا أبا محمد معونة على مروءتك))

( ).وروى بإسناده إلى الحسن أن طلحة بن عبيد الله باعَ أرضـًا له من عثمان بسبعمائة ألف فحملها إليه فقال طلحة إن رجلاً تتسق هذه عنده وفي بيته لا يدري ما يطرقه من أمر الله عز وجل لغرير بالله سبحانه؛ فبات ورسوله يختلف بها في سكك المدينة يقسمها حتى أصبح ، فأصبح وما عنده درهم .فلا يبعد أن يكون راوي القصة قد سمع مثل هاتين الروايتين المشرّفتين التي تدلّ كل واحدة منهما على كرم أصحاب رسول الله وبذلهم الأموالَ في ذات الله ، وتدلّ على شرفهم وكمال مروءتهم؛ فيخترع نقيضها للطعن فيهم والحطُّ من مكانتهم .

ألا ترى أنّ الراوية الأولى تنصّ على أن عثمان تنازل عن ماله لطلحة الجواد الكريم صاحب المروءة والبذل السخي معونةً له على مروءته ؟؟

.والثانية : تنص على أن هذا المبلغ الكبير كان ثمنـًا لأرض دفعه عثمان إلى طلحة لا اختلاسـًا من بيت مال المسلمين أو نهبـًا واغتصابـًا؛ فما كان لطلحة أن يطيقها فتبيت عنده فبادر إلى إنفاقها في سبيل الله .لماذا لا يبحث سيد عن هذه الصور المشرقة لأصحاب رسول الله فيسوقها للأجيال التي عاصرها لتعتزّ بها وتتخذ منها أسوة وليعيد الثقة إلى أبناء المسلمين بدينهم لأنه أخرجَ هذه النماذج العليا من البشر ؟



=======

5- نفي اباذر

وقد قيل أن عثمان رضى الله عنه نفى أبا ذر إلى الربذة. 

وفيما يتعلق بذلك فإن خروج أبي ذر إليها كان باختياره دون إجبار من عثمان كـما ورد في الروايات الصحيحة. فعن عبد اللّه بن الصامت الغفاري رضي اللّه عنه قال: "دخلت مع أبي ذر على عثمان فحسر عن رأسه فقال: واللّه ما أنـا منهم – يعني الخـوارج – فقال:- أي عثمان – إنما أرسلنا إليك لتجاورنا بالمدينة، فقال: لا حاجة لي في ذلك، ائذن لي بالربذة"[78]، وكان يغدو إليها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد قال أبو ذر عن ذلك: "... فكتب إلي عثمان أن أقدم المدينة فقدمتها فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك فذكـرت ذلك لعثمان فقال: إن شئت تنحيت فكنت قريبا، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل..." [79]. 

وقد قال محمد بن سيرين: "هو - يعني أبا ذر - خرج من قبل نفسه ولم يسيره عثمان"[80]. 


[78] ابن حجر: فتح الباري، 3/ 322. 

[79] البخاري: الصحيح، 2/ 219. 

[80] ابن شيبه، تاريخ المدينة، 3/1037. 


================

قضية أبي ذر

أما التهمة الخامسة فقد قالوا: إن عثمان رضي الله عنه قد أجلى أبا ذر رضي الله عنه من الشام إلى الربذة.

ذكرنا قبل ذلك أن عبد الله بن سبأ لما لما يجد صدى لكلامه في أرض الشام ذهب إلى أبي ذر الغفاري رضي الله عنه وأرضاه، وكان زاهدا شديد الزهد عاكفا عن الدنيا بالكلية، وأراد ابن سبأ إشعال الفتنة في الشام، فقال لأبي ذر رضي الله عنه: إن معاوية يقول: إن المال مال الله يريد بذلك أن يحجزه عن المسلمين.

ومعاوية رضي الله عنه قال هذه الكلمة، ولكن ابن سبأ اليهودي أوله لأبي ذر على غير ما يراد بها، فذهب أبو ذر رضي الله عنه إلى معاوية رضي الله عنه وقال له: تقول: المال مال الله؟ قال: نعم.

فقال له أبو ذر: المال مال المسلمين، فقال له معاوية رضي الله عنه وكان معروفًا بحلمه الواسع: يرحمك الله يا أبا ذر، ألسنا عباد الله، والمال ماله، والخلق خلقه والأمر أمره؟ فقال أبو ذر: فلا تقله.

فقال له معاوية رضي الله عنه في منتهى الرفق: لن أقول: إن المال ليس مال الله. ولكني أقول: المال مال المسلمين.

وكان أبو ذر رضي الله عنه يمر على أغنياء الشام، وعلى ولاة معاوية في أنحاء الشام، ويقرعهم بقول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34].

ويقول لهم: من امتلك أكثر من قوت يوم واحد، فقد كنز المال، ودخل تحت حكم هذه الآية.

فهو رضي الله عنه يرى أن على كل من يمتلك أكثر من قوت يوم واحد أن ينفقه في سبيل الله على سبيل الفرض، ولا بد من ذلك، ومن لم يفعل دخل في حكم الآية، وقال أبو ذر رضي الله عنه هذا الكلام لمعاوية بن أبي سفيان أيضا، فقال له معاوية رضي الله عنه: سبحان الله إن الناس لا تطيق ذلك، وهذا الأمر ليس بواجب.

وبلغ معاوية رضي الله عنه هذا الأمر إلى عثمان رضي الله عنه.

ولنا وقفة مع هذا الموقف من أبي ذر رضي الله عنه

أولا: أبو ذر رضي الله عنه من الزهاد شديدي الورع، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، ولكننا نرى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: ما أديت زكاته فليس بكنز.

والقاعدة الشرعية تقول: إنه لا حد للمسلم في الثروة، وللمسلم أن يمتلك ما استطاع أن يمتلكه، لكن بشروط أن يكون هذا المال من حلال، وأن ينفقه في الحلال، ولا ينفق بسفه، وأن يؤدي زكاة ماله.

وحال أبي ذر رضي الله عنه أشد ورعا، وأقرب إلى الجنة، ومن الخير أن يزهد الإنسان في الدنيا قدر ما يستطيع، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحض على هذه الدرجة من الزهد، فكان صلى الله عليه وسلم ينام على حصير حتى يظهر أثر ذلك على جسده الشريف صلى الله عليه وسلم، وكان يربط على بطنه الحجر والحجرين من الجوع، وكان لا يوقد في بيته نار ثلاثة أهلة؛ أي شهرين كاملين، وكان أبو بكر رضي الله عنه كذلك، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كذلك، وكثير من الصحابة رضي الله عنهم كانوا على هذا القدر من الزهد، والورع، ولو أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له جبل أحد ذهبا لجعله كذلك، كما ورد في الصحيح، وكما كان يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَا لِي وَالدُّنْيَا".

ويحاول أبو ذر رضي الله عنه أن يقتدي به في هذا الأمر، وأن يحمل الناس على ذلك، لكن الناس لا يطيقون ذلك ولا يستطيعون الوصول إلى هذه الدرجة، كما أن هذا الأمر ليس بفرض، والفرض كما أسلفنا أنه إذا أراد الإنسان أن يمتلك فليكن من حلال، ولينفق في الحلال، وليؤدي زكاة ماله، ولا يمكن أن ننكر أن المسلم إذا اجتهد في جمع المال من الحلال، وأنفقه في سبيل الله، فإن ذلك يعود على المسلمين بالنفع والخير العميم ما لا يستطيعه الفقير، ولا أحد ينكر فضل الثراء الذي كان عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه على الإسلام، وفضل أبي بكر رضي الله عنه، وفضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فقد كانت أموالهم نصرة للدعوة الإسلامية، فكون المسلم إذن يكتسب المال من الحلال، وينفقه في سبيل الله، فهذه فضيلة كبيرة يحث عليها الإسلام، شرط ألا يكون جمع المال رغبة في الدنيا، أو رغبة في الجمع، والكنـز، وزيادة الأموال من دون فائدة، وعلى المسلم إذا أراد أن يكون مثاليا أن يقسم وقته بين العبادة لله تعالى من صلاة، وتعليم للغير، وجهاد في سبيل الله، وبين التكسب للعيش، فوقت المسلم ينبغي أن يقسم هكذا بين حاجاته، وحاجات المسلمين، وعبادته لله رب العالمين، وليجعل نيته في العمل أن يعف نفسه، وأهله، ويكفيهم من الحلال، وأن ينفق على الإسلام والمسلمين، وليس الإنفاق هذا على المسلمين وعلى الدعوة الإسلامية، فضلا منه وتفضلا، بل إنه مما ينبغي عليه أن يفعله دون مَنّ ولا أذى، وأن هذا المال إنما هو مال الله استخلفك عليه ليرى ماذا تفعل فيه.

ويزعم الاشتراكيون أن أبا ذر هو زعيمهم في الإسلام لأنه قال بتوزيع الثروة، وحاشا لله أن يكون أبا ذر فردا من الاشتراكيين، فضلا عن أن يكون زعيما لهم، فنية أبي ذر رضي الله عنه، إنما كانت الزهد في الدنيا، وعدم الرغبة فيها، وأن يكون الناس جميعا مما ينفقون أموالهم في سبيل الله، ولم يكن يقصد رضي الله عنه أن يتم توزيع الثروات بين الناس مساواة، ومن يعمل كمن لا يعمل.

لما علم عثمان من معاوية بأمر أبي ذر رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم، أرسل إليه، فجاءه، وتناقش معه عثمان رضي الله عنه وأرضاه في هذا الأمر، وقال أبو ذر ابتداءً: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أخرج منها إذا بلغ البناء سلعا. وهو مكان في أطراف المدينة لم يكن البناء قد بلغه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا الرسول صلى الله عليه وسلم الخبير بالرجال يعلم جيدا أنه إذا انتشرت الحضارة في المدينة ووصل الناس إلى هذه الدرجة من المعيشة فلن يستطيع أبو ذر أن يعيش بين الناس نظرا لطبيعة الورع، والزهد التي يعيش عليها ويلزم نفسه بها، ولو عاش بين الناس بهذا الأسلوب لأرهق نفسه وأرهقهم، ومن ثَم ينصحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه النصيحة.

فقال عثمان لأبي ذر رضي الله عنه: فما الرأي؟ قال أبو ذر رضي الله عنه: أريد الربذة.

إذن فأبو ذر رضي الله عنه هو الذي يريد الخروج إلى الربذة.

قال عثمان رضي الله عنه: فافعل، أي أنه وافقه على ما يريد.

فخرج رضي الله عنه بإرادته، واختياره، وباقتراحه إلى الربذة، ولم يكن هذا نفيا أو طردا كما ادعى أصحاب الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه، وكما ادعى الشيعة بعد ذلك في كتبهم حتى هذا الوقت، ووقع في ذلك الكثير من جهال المسلمين الذين ينقلون دون علم أو وعي، ويؤكد على ذلك ما رواه عبد الله بن الصامت قال: قالت أم ذر: والله ما سير عثمان أبا ذر، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا بَلَغَ الْبُنْيَانَ سَلْعَا فَاخْرُجْ مِنْهَا"[2].

ثم إن عثمان رضي الله عنه لما أراد أبو ذر برغبته وإرادته الخروج إلى الربذة أعطاه إبلا، وصرف له مملوكين، وأجرى له رزقا، والأكثر من هذا أن أبا ذر رضي الله عنه كان يتعاهد المدينة، أي يأتي كل مدة لزيارة المدينة، ولو كان منفيا ما كان له أن يدخل المدينة، إضافة إلى هذا فالربذة هذه لم تكن مكانا معزولا في الصحراء، فيقول الحموي عنها أنها كانت أحسن منزل في الطريق بين المدينة، ومكة، وكان تبعد عن المدينة ثلاثة أميال فقط، وكان فيها عمران، وبنى فيها مسجدا، وبناء المسجد يدل على أنه رضي الله عنه لم يكن يعيش بمفرده في هذا المكان.

فالأمر إذن لم يكن عزلا، أو نفيا، أو طردا كما يزعمون، ولكنه كان باختيار أبي ذر رضي الله عنه ورغبته في الخروج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق