السبت، 1 أكتوبر 2016

كلمة شيخ الازهر في اللقاء مع مشايخ ودعاة السلفية

الكلمة التي القاها فضيلة الامام الاكبر شيخ الازهر في اللقاء التمهيدي مع الدعاة والشيوخ من اهل الحديث السلفيين بمصر 

29 سبتمبر, 2011 


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وتغفر السيئات، وتضاعف الحسنات، وتقضى الحاجات والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، ورحمةِ الله للعالمين سيدنا محمد، وآله واصحابه الطيبين الطاهرين وتابعيهم إلى يوم الدين – آمين؛ وبعد :
1- فيقول الحق – سبحانه – وهو أصدق القائلين ) إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) {21/92} الأنبياء – 92، ويقول عز من قائل – ( وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ) {3/103} ) .
2- وروى مسلم بن الحجاج القشيري – رضي الله عنه – في صحيحه عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا - عباد الله - إخوانا. المسلم أخو المسلم : لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، ولا يحقره، . التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسْب امرئِ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام : دمه، وماله، وعرضه.).
3- أيها الأخوة : إنني ألتقى بكم اليوم في ظلال هذا الهدى الإلهي، والهدي النبوي، وما يجمعنا - إلى ذلك - من وشائَج كثيرةٍ في هذا البلد الكريم، وكم أود أن لو التقيت - في هذه المرحلة الدقيقة - بكل أهلي وإخواني من المصريين، ألتقي بكم والقلب صاف، والنفس راضية، والأمل كبير، والدعاء خالص لله – عز وجل – أن يجمعنا دوما على كلمة سواء، لا ظلم فيها ولا خذلان، ولا كذب فيها ولا بهتان ( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ) {22/30} .
4- أيهــــــا الأخوة : أنتم الآن في رحاب الأزهر الشريف نرحب بكم، ونعتزّ بكم ونقدِّر لكم استجابتكم لدعوة الأزهر ولا عجب فالأزهر المعمورُ مَعقلُ أهل السنة والجماعةِ، على مدار القرون، منذ أعاده صلاح الدين الأيوبيّ إلى أحضان السنة والجماعة، فيه تدرس أحكام الشرع أصولاً وفروعاً، دون تفرقة بين مجتهد وآخر : تُدرس عند أبي حنيفة النعمان وأبي عبد الله مالك بن أنس، والشافعى المطلبي الهاشمي، وأحمدَ بنِ حنبل الشيباني وغيرِهم، - رضى الله عنهم أجمعين – من فقهاء الصحابة والتابعين، ومَنْ بعدهم في القرون الفاضلة؛ فكلهم من رسول الله ملتمس، وهو الذي أمر أصحابه – صلى الله عليه وسلم – يوم الخندق: ( لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة ) فخشى بعضهم فوات الوقت فصلى في الطريق متأولاً الأمر بأن المقصود به مفهوم الأمر، وهو المسارعة، وليس ترك الصلاة في وقتها، على مجرى كلام العرب في مثل هذه الحال، وصلى قوم بعد بلوغ المكان قضاءَ التزاما بمنطوق الأمر النبوي، فما أنكر – صلى الله عليه وسلم – على أيً منهم؛ وقد وافق كل فريق منهم، أمره صلى الله عليه وسلم، وأصابه في وجه من وجوه، مع اختلاف ما أداه إليه اجتهاده من أداءٍ أو قضاءٍ، والصلاة – كما هو معلوم – أحد أركان الدين، سماها الله في كتابه الكريم "الإيمان" لكونها من أهم معالمه ( وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) " سورة البقرة : الآية 143 " فكيف بما هو أدنى من ذلك شأنا وأقلَّ منزلة.
5- والأزهر الشريف – أيها الإخوة الفضلاء !- يجري على ما استقر بين أهل العلم، وصرح به أعيانهم - على اختلاف منازعهم - كالسفَّاريني الحنبلي في لوامع الأنوار البهية 1/73 والبغدادي في "الفَرق بين الفِرق" والرازي في اعتقادات فِرق المسلمين ( ص 66 ) وابنِ تيمية في منهاج السُنّة 2/221،302، وابنِ حزمٍ الأندلسي في الفِصَل 2/90 ومحمد مرتضى الزبيدي في إتحاف السادة المتقين والآمدى في "أبكار الأفكار"؛ والجرجاني في التعريفات، والكفوي في "الكليات" كل هؤلاء الأعلام نصوا على أن أهل السنة:
أ‌- هم أهل الحديث والمشتغلون به رواية ودراية وعملاً، والملتزمون بالكتاب والسنة أصولاً وفروعا.
ب - والأشاعرة من أتباع أبي الحسن الأشعري، لالتزامهم بمثل ذلك أيضاً.
ج - والماتريديةُ من أتباع أبي منصور الماتريدي – رضي الله عن الجميع.
6- ومن أهم أصول أهل السنة جميعًا - وكما هو معلوم - : ألا نكفر أحدًا من أهل القبلة بذنب جناه، وأن نصلي خلف البر والفاجر، ولا ننحاز عن جماعة المسلمين، وأن نتعاون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان، وألا نقع في عرض أحدٍ من المسلمين إذ " كل المسلم على المسلم حرام "، وألا نأمر ولا ننهى - على القطع - فيما اخَتلفَ فيه أهل الاجتهاد، وإنما يكون ذلك في المتفق عليه فحسب، وأن يكون النهي والأمر بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن، وأن نرد الأمر في المشكلات إلى أهل العلم بها " وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً " "النساء 83" وقد توافق المسلمون في العالم الإسلامي على أن الأزهر الشريف هو المرجعية الشرعية في أمور الدين وأنه ينبغي في ظلاله الحرص على الاجتماع والمودة، والاعتصام بحبل الله تعالى، والالتقاء على كل ما ينفع المسلمين ( فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )، والاجتماع رحمة والفرقة نزاع وفشل "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" ولنتذكر القاعدة الذهبية ( لنتعاونْ فيما اتفقنا فيه، وليعذرْ بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه ).
7- وأثق أنكم جميعًا حريصون على هذه الأصول التي نحتاج إلى مزيد من الاستمساك بها في وطننا اليوم، لقد أكرم الله مصر وحماها من شرور الفتنة والاقتتال، وخلصها من أهل الفساد وعبدة المال، ورد أمورها إلى أبنائها جميعًا دون عزل أو استئثار أو إقصاء أو إبعاد، فما أحرانا أن نحافظ على هذه النعمة، بالشكر العملي الإيجابي، وهو التعاون على كل بر وخير، والابتعاد عن الفُرقة والنزاع والتباغض والتدابر والتحاسد، والتنافس على النفوذ وحطام الدنيا، وأن نذكر المرضى والجوعى والفقراء والبائسين والمحرومين، والمهمًّشين من الأطفال والرجال والنساء من أبناء هذا الوطن العزيز، ولسوف نُسأل عن هؤلاء جميعاً بين يدي الله عز وجل يوم القيامة ، (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ {26/88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) ( الشعراء 88-89 ).
8- أيها الأخوة : مرحبًا بكم في رحاب الأزهر الشريف، ولقاءُ اليوم هو البداية على درب التفاهم والتعاون والاتفاق، ولن يكون الأخير - إن شاء الله -، اللهم إنا نسألك رحمة تهدي بها قلوبنا وتجمع بها شملنا، وتردُّ بها عنا الفتن يا أكرم الأكرمين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
أحمـد بن محمد الطـيب
شيخ الأزهـر


http://www.alazhar.gov.eg/News/News_...?Articleid=664



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق