الجمعة، 26 سبتمبر 2014

فكر الشيعة التكفيري

فكر الشيعة التكفيري

 المقدمة
[ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ] (يوسف:17).
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .. فلا شك أن الحقيقة هي ضالة الجميع .. وهي -قبل ذلك- ضالة المؤمن ، إليها يصبو ولنيلها يسعى .. ومع أنها قد تندرس زمناً ، إلا أنها لا ريب تعود لتظهر ثانية بفعلٍ قدري صرف أو بجهد باحثٍ مجد ..
والحقائق عموماً منها ما هو مشرِّف نبيل ، يسعى أهلها لإعلانها والتعريف بها، ومنها ما هو مخزٍ سقيم ، يحاول أصحابها جاهدين طمسها وتغييب معالمها([1]) .. بل ربما نسبوها إلى غيرهم ورموهم بسوئها ؛ ليسلم لهم ماء الوجه ولتبقى ساحتهم بعيدة عن مرمى سهام النقد والتقييم
وفي حين أن الأولى لا تحتاج إلى طول عناء لإبرازها وإماطة اللثام عنها حتى تبرز معالمها واضحة بعد إهمال، فإن الثانية تحتاج إلى جهد كبير في التنقيب عنها ، يوازي الجهد المبذول في قبرها وتغييبها ..
ولطالما بقيت غالب معتقدات الشيعة الإمامية في إطار الثانية ، خصوصاً ما يتعلق منها بحقيقة فكرهم التكفيري تجاه باقي فرق المسلمين عامة ، وتجاه أهل السنة والجماعة على وجه الخصوص، حيث أنها ظلَّت ملقاة في جُبّ التغييب والتغريب زمناً طويلاً دون أن يعلم بها السواد الأعظم من المسلمين ، بل إنَّ الأمر لم ينتهِِ معهم عند هذا الحد، فقد جاؤوا على قميص الحقيقة تلك بدمٍ كذب، وألبسوا غيرهم ثوب جرائمهم، وجاؤوا الناس في كل وقت وحين يبكون ويتباكون على الوحدة الإسلامية الضائعة([2]) !! ومظلومية المذهب الشيعي مقابل تعنُّت وتجبر المذاهب الإسلامية الأخرى وقسوتها في الحكم عليه وعلى أتباعه([3])، فصيَّروا "بإعلانهم الكاذب ومكرهم" الذئب حملاً، والحمل ذئباً .. بل برعوا في تصوير ذلك إلى الحد الذي صدَّقهم فيه أغلب الناس بما فيهم الكثير من أهل السنة أنفسهم !!
وتعبداً مني بالأمر الشرعي القاضي بوجوب تغيير المنكر، وحتى لا يصبح الوهم حقيقة ، والكذب أصلاً في الأذهان، عمدت إلى خوض غمار الكتابة في هذا الموضوع- رغم ثقله على نفسي- مبيناً الواقع الذي عليه حال معتقد القوم تجاه غيرهم من المسلمين ، مستناً فيه سابقة في أسلوب الطرح –بحسب ظني- لم يتعرض لها غيري بهذا التفصيل- على حد علمي- والذي اتسم بسمتين أساسيتين ، تقطعان الطريق بوجه المراوغين والمخادعين من علمائهم ودعاتهم هما:
1-اعتمادي في التدليل على ثبوت تلك العقيدة عندهم على تقريرات علمائهم الفقهية ، والتي يتعبد بها الشيعة في جميع أنحاء العالم ، دون حصر الاعتماد فيه على سرد روايات بالنص أو بالمعنى ؛ لكون الإقتصار على ذلك مما قد يتيح لهم مجالاً للهرب عن طريق تضعيف أو إنكار تلك الروايات على ما جرت عليه عادتهم من قلبٍ للحقائق ، وتزويرٍ لها حين كانوا يواجَهون بنصوص ونُقُول تثبت عليهم مثلبة أو تفضح في مذهبهم زيغاً([4]) .
2-اعتمدت في دراستي على نفس مؤلفات علماء المذهب ومُنَظِّريه –من خلال شروحهم وفتاويهم- فكان النقل منها مباشرة ، ولم ألتفت لما كتبه غيري من كُتّاب أهل السنة من ردود على الشيعة في هذا المجال ، ولم أنقل منها حرفاً واحداً في معرض نقلي الروايات والنصوص ، والاستشهاد بها ، وهذه الطريقة وإن كانت شاقَّة في سبر غور مؤلفاتهم الوقوف على تقريراتهم العقدية والفقهية ، إلا أني أجدها الطريقة المثلى في تناول المواضيع الخلافية عموماً وموضوع التكفير على وجه الخصوص ، وذلك لأمرين:
 الأول:أنه أقرب إلى الإنصاف معهم .
والثاني:أنه الأكثر إلزاماً لهم ، والأشدّ وقعاً عليهم ؛ لأنه سيقطع كل ما قد يتعلق به بعض دعاة التغرير والخديعة منهم ، بأن النقولات المعتمدة والمحتج بها إنما هي من كتب خصوم المذهب ، وليست من نفس كتب علمائه ومصادره([5]).
وعليه جاءت الدراسة بفضل الله تعالى وتوفيقه محكمة في إغلاقها كل المنافذ والسبل بوجه المخادعين الذين ينفون كذباً وزوراً تكفير الشيعة الإمامية لغيرهم من المسلمين ، متينة رصينة حسنة السبك كونها أُسِّسَت وبُنِيت على تصريحات علماء الشيعة وتقريراتهم ، ناهيك عن مرويات المذهب ونصوصه المعتدّ بها .
داعياً الله تعالى أن يُيَسِّر نشرها بين المسلمين كافة ، وأن يكتب لها القبول عندهم والسداد في تحقيق المراد ..
راجياً من أصحاب الكلمة الأفاضل – علماء ودعاة ومفكرين- وأصحاب القرار والنفوذ – من حكام ومسؤولين- ثم ممن ينتهي إليهم صوت الكلمة وفعل القرار – من عموم أهلنا من المسلمين كافّة- أن ينظروا إليها نظرة جد ، ويولوها مزيد اهتمام ؛ لأن المادة التي تعرضها وتتعرض لها - رغم شديد أهميتها وعظيم فائدتها- لم تكن مُيَّسرة أو سهلة المنال ، بل تطلب الحصول عليها بحثاً مضنياً في بطون عشرات الكتب ، ونبشاً دقيقاً لمادة مئات المتون والحواشي التي يتعذر على المتخصصين –فضلاً عن غيرهم- الوقوف عليها .. عسى أن تكون سبباً لتبصير المسلمين بواقع حال مجتمعاتهم ، حتى تُرْفع عن العيون غشاوتها ، ويُعرف العدو من الصديق ، فلا يُحسَن الظن بمتربص ، ولا يُسْتأمن خوّان ، ولا يُتًَّخذ الطالح بطانة .. فتصدق فينا وصية ربنا - جل وعلا- حين خاطب عباده المؤمنين موصياً إياهم في كل زمان ومكان بقوله سبحانه:]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ* هَاأَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[(آل عمران:118-120) ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الباب الأول:
إثبات كون الفكر التكفيري عقيدة راسخة عند الشيعة ، نصَّت عليها مروياتهم وصرّحت بها أقوال علمائهم
 يقطع كل من طاف في مصادر الشيعة العقائدية ، أو اطلع على تقريرات علمائهم وفتاويهم بالجزم-بعد الاستقراء- بأن حقيقة تكفير الشيعة لكل من عداهم من المسلمين ، واعتقاد استحقاقهم الخلود في نار وجحيم الآخرة هي بدون أدنى شك عقيدة راسخة عندهم يحملها كل شيعي –مثقف مذهبياً- بين جوانحه ، ويدين الله تعالى بها ، ويتقرب إليه بالعمل على نشرها وبثها بين صفوف أتباع المذهب وأنصاره ، فهي عنده أصل لا يخضع للنقاش ، فضلاً عن أن تعتريه شبهة إنكاره أو القول بخلافه ، وهو وإن لم يصرح بها أو ينكرها –خوفاً من بطش أو طمعاً في تحقيق مصلحة- فهي عنده ثابتة راسخة ، لا يعتريها أدنى شك ، ولا يحيد عنها قيد شعرة ، لا عن محض هوى أو جموح رغبة أو انسياق وراء عاطفة ، لكن تسليماً لما عليه المذهب ، واتباعاً للمنصوص عليه من أئمة المذهب المعصومين-وفق معتقدهم فيهم- وتقريرات علمائه الثابتة في كتب العقيدة والفقه عندهم ، ولتسالم الأدلة عليها واستفاضتها حد التزاحم ، حتى لَيُعَدّ المخالف لها خارجاً عن المذهب خارقاً لإجماعه ، وإليك - أخي القارئ الكريم- عرضاً سريعاً لتلك الأدلة والبراهين سواء ما كان منها بالتنصيص والتصريح ، أو ما كان منها بالمقتضى واللزوم.

الفصل الأول:تنصيص روايات الأئمة على عقيدة التكفير
إن من أصول مذهب الإمامية وبديهياته التي يعلمها كل مطلع عليه اعتقادهم بعصمة اثني عشر إماماً عصمة مطلقة عن الصغائر والكبائر ، وأنهم لا ينطقون عن هوى واجتهاد ، بل يوحى إليهم من عند الله تعالى وحياً عن طريق إلهام أو رؤيا أو مَلَك ، حالهم في ذلك حال الأنبياء والرسل تماماً ، ولما كانت هذه حالهم عندهم كانت تقريراتهم –أي الأئمة- في نظر أتباع المذهب نصاً تشريعياً واجب الاتباع تماماً كتقريرات القرآن الكريم والسنة النبوية ، لا فرق بين هاتين وتلك على الإطلاق ، وعليه إن كانت أقوال أئمتهم تصرح بتكفير باقي المسلمين ، فإن ذلك يُعَدُّ قطعاً عقيدة راسخة عند أصحاب المذهب ، لا مناص من التسليم بها والإيمان التام بمقتضاها.
وللوقوف على حقيقة ورود عقيدة التكفير عن هؤلاء الأئمة كان لا بد من الاطلاع على الأقوال التي تنسب إليهم في مروياتهم والتي تزخر بها كتب الحديث والعقائد عندهم ، وبعد التنقيب عن هذه الروايات لم تكن النتيجة خارج إطار المتوقع ، إذ حفلت تلك الكتب بالعديد من أقوال أئمتهم المعصومين -والموحى إليهم في نظرهم- بما يفوق العد والحصر([6])، كلها تثبت بالقطع تكفير جميع المسلمين – ما عدا الشيعة طبعاً- وتلزم أتباعهم بالاعتقاد بها ، والعمل بمقتضاها ، وسأحاول هنا أن أنقل نتفاً منها تصرح بذلك غاية التصريح والوضوح ، كما جمعها محدثهم الشهير يوسف البحراني في كتابه (الحدائق الناضرة)([7]) حيث يقول:[ وأما الأخبار الدالة على كفر المخالفين([8]) عدا المستضعفين فمنها ما رواه في الكافي([9]) بسنده عن مولانا الباقر (عليه السلام) قال: " إنَّ الله – عز وجل - نصب عليا (عليه السلام) عَلـَمًا بينه وبين خلقه , فمن عرفه كان مؤمنا ,ومن أنكره كان كافرا , ومن جهله كان ضالا..". وروى فيه([10]) عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: " إنَّ عليا (عليه السلام) باب من أبواب الجنة , فمن دخل بابه كان مؤمنا , ومن خرج من بابه كان كافرا , ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين لله  – عز وجل - فيهم المشيئة". وروى فيه([11]) عن الصادق (عليه السلام) قال: ".. من عرفنا كان مؤمنا , ومن أنكرنا كان كافرا , ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعتنا الواجبة فان مات على ضلالته يفعل الله به ما يشاء ". وروى الصدوق في عقاب الأعمال قال: "قال أبو جعفر (عليه السلام) : " إنَّ الله تعالى جعل عليا (عليه السلام) عَلـَمًا بينه وبين خلقه , ليس بينهم وبينه علم غيره ,فمن تبعه كان مؤمنا , ومن جحده كان كافرا, ومن شك فيه كان مشركا " ورواه البرقي في المحاسن مثله , وروى فيه أيضا عن الصادق (عليه السلام)([12]) قال: " إنَّ عليا (عليه السلام) باب هدى , من عرفه كان مؤمنا , ومن خالفه كان كافرا , ومن أنكره دخل النار " وروى في العلل بسنده إلى الباقر (عليه السلام) قال: " إنَّ العلم الذي وضعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند علي (عليه السلام) من عرفه كان مؤمنا , ومن جحده كان كافرا ". وروى في كتاب التوحيد وكتاب إكمال الدين و إتمام النعمة عن الصادق (عليه السلام)([13]) قال: " الإمام عَلـَم بين الله - عز وجل - وبين خلقه من عرفه كان مؤمنا , ومن أنكره كان كافرا ". وروى في الأمالي بسنده فيه عن النبي (صلى الله عليه وآله)([14]) انه قال لحذيفة اليماني : " يا حذيفة ! إنَّ حجة الله عليكم بعدي علي بن أبي طالب (عليه السلام) الكفر به كفر بالله سبحانه , والشرك به شرك بالله سبحانه , والشك فيه شك في الله سبحانه والإلحاد فيه إلحاد في الله سبحانه, والإنكار له إنكار لله تعالى , والإيمان به إيمان بالله تعالى ؛ لأنه أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه وإمام أمته ومولاهم , وهو حبل الله المتين , وعروته الوثقى التي لا انفصام لها.. الحديث ". وروى في الكافي([15]) بسنده إلى الصحاف قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى : " فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ)(التغابن: من الآية2) " ، فقال : عرف الله تعالى إيمانهم بموالاتنا , وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق , وهم ذر في صلب آدم ". وروى فيه بسنده([16]) عن الصادق (عليه السلام) قال: " أهل الشام شر من أهل الروم , وأهل المدينة شر من أهل مكة , وأهل مكة يكفرون بالله تعالى جهرة".
 وروى فيه بسنده عن أحدهما (عليهما السلام)([17]) "إنَّ أهل المدينة ليكفرون بالله جهرة وأهل المدينة أخبث من أهل مكة، أخبث منهم سبعين ضعفا". وروى فيه([18]) عن أبي مسروق قال: " سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة ما هم؟ فقلت: مرجئة وقدرية وحرورية. قال: لعن الله تعالى تلك الملل الكافرة المشركة ، التي لا تعبد الله على شيء"]([19]).
      وغير ذلك الكثير من الروايات التي تغص بها كتب الشيعة الإمامية والعياذ بالله ، حتى أن علماءهم صرحوا بأن هذه الروايات بلغت حداً من الكثرة والتواتر ، لا تحتاج معها إلى مزيد بحث وتقصي في إثبات صحتها أو قطعية دلالتها على كفر المخالفين من المسلمين ، وإليك بعض تصريحات علماء الشيعة بذلك:
1- قال محدثهم يوسف البحراني بعد سرد الروايات التي نقلناها آنفاً:[ إلى غير ذلك من الأخبار التي يضيق عن نشرها المقام ، ومن أحب الوقوف عليها فليرجع إلى الكافي ، ولا سيما في تفسير الكفر في جملة من الآيات القرآنية]([20]) ، وقال ناقلاً تصريح محققهم أبي الحسين الشريف بتجاوزها حد التواتر:[وقال: والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى ، وليس هنا موضع ذكرها ، وقد تعدت عن حد التواتر. وعندي أن كفر هؤلاء من أوضح الواضحات في مذهب أهل البيت (عليهم السلام)]([21]).
2-قال خاتمة محدثيهم المجلسي:[والأخبار الواردة في ذلك أكثر من أن يمكن جمعه في باب أو كتاب] ، وقال:[والأحاديث الدالة على خلودهم في النار متواترة أو قريبة منها]([22]).
3- قال علامتهم محمد حسن النجفي:[ وعلى كل حال ، فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين]([23]).
4- قال شيخهم الأعظم الأنصاري:[ويدل عليه أخبار متواترة نذكر بعضها تيمناً وتشريفاً للكتاب…. إلى أن عبَّر عن كثرتها بعد سردها ص 352 بقوله: إلى غير ذلك مما لا يطيق مثلي الإحاطة بعشر معشاره!!  بل ولا قطرة من بحاره!!]([24]).
5- قال آيتهم العظمى محسن الحكيم:[وكيف كان فالاستدلال على النجاسة … وأخرى بالنصوص المتجاوزة حد الاستفاضة، بل قيل أنها متواترة المتضمنة كفرهم]([25]).
6- قال آيتهم العظمى الخوئي:[ويمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة الأول: ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم كافر]([26]) ، وقال:[ وتدل عليه الأخبار المتواترة الظاهرة في كفر منكر الولاية]([27]).
7- قال الخميني:[ فقد تمسك لنجاستهم بأمور ، منها: روايات مستفيضة دلّت على كفرهم، كموثقة الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (ع) .. ونحوهما أخبار كثيرة]([28]).
وهكذا تبين لنا بعد هذا العرض السريع للنصوص الواردة عن أئمة الشيعة المعصومين والمعتمدة عند علماء المذهب ومحققيه أنَّ عقيدة التكفير عند الشيعة أمر ثابت لا يحتاج إلى برهان ، وفي ذلك قطع لألسنة المخادعين منهم المنكرين لوجودها.
الفصل الثاني:تبني أعلام المذهب وأعمدته([29]) للفكر التكفيري واعتقادهم الصريح به
بعد أن نقلنا روايات أئمة الشيعة "المعصومين!" الكثيرة والمتواترة في إثبات التكفير كعقيدة راسخة في المذهب ، أصبح القول باعتقاد عموم من اطلع على تلك الروايات المعتمدة من الشيعة –وفي طليعة هؤلاء وعلى رأسهم علماء المذهب وأعمدته- لهذه الفكرة المسخ أمراً بديهياً ، لا حاجة بنا إلى أن نبسط القول في تقريره أو توثيقه ، خصوصاً بعد أن علمنا منزلة أولئك الأئمة عندهم ، وأن حجيتهم الشرعية كحجية النبي r تماماً دون أدنى فرق ، بمعنى أن نفي ما أثبتوه أو إنكاره يُعَدُّ عندهم نكوصاً يقحم صاحبه في دائرة الكفر والردة([30]) تماماً كمن ينكر ما صحَّ عن النبيr من تقريرات أو تشريعات ، وعليه فإننا في غنى عن أن نسوق أقوال علماء المذهب لإثبات إيمانهم بتلك العقيدة المنكرة ، لأننا لن نزيد على أن نُدلِّل على أمر سبق بالبداهة توقعه ، ونثبت حقيقة تَقرَّرَ في الأذهان السليمة وقوعها ، ولكن رغبة منا في التأكيد ، وزيادة في التوثيق ، ثم إمعاناً في تقريع المنكرين والمراوغين والمخادعين ، ولَجْمِ أفواههم سنسوق جملة من أقوال علماء المذهب وأعمدته التي تبين تأصل الفكر التكفيري وتجذره فيه ، وفيما يلي عرض لأهم هذه التصريحات:
أولاً:ذكر محدثهم يوسف البحراني أسماء أعلام المذهب الحاملين للفكر التكفيري:
قال:[ والمشهور في كلام أصحابنا المتقدمين : هو الحكم بكفرهم ونصبهم ونجاستهم , وهو المؤيد بالروايات الإمامية، قال الشيخ ابن نوبخت (قدس سره) وهو من متقدمي أصحابنا في كتابه فص الياقوت: دافعوا النص كفرة عند جمهور  أصحابنا ,ومن أصحابنا من يفسقهم.. الخ ،
وقال العلامة - أي ابن المطهر الحلي - في شرحه : أما دافعوا النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) بالإمامة فقد ذهب أكثر أصحابنا إلى تكفيرهم ؛ لأنالنص معلوم بالتواتر من دين محمد (صلى الله عليه وآله) , فيكون ضروريا أي : معلوما من دينه ضرورة فجاحده يكون كافرا , كمن يجحد وجوب الصلاة وصوم شهر رمضان. واختار ذلك في المنتهى فقال في كتاب الزكاة في بيان اشتراط وصف المستحق بالايمان ما صورته: لأن الإمامة من أركان الدين وأصوله ,وقد علم ثبوتها من النبي (صلى الله عليه وآله) ضرورة , والجاحد لها لا يكون مصدقا للرسول في جميع ما جاء به , فيكون كافرا. انتهى.
وقال المفيد في المقنعة: ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفاً للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه. ونحوه قال ابن البراج.
وقال الشيخ - أي الطوسي - في التهذيب بعد نقل عبارة المقنعة: الوجه فيه إنَّ المخالف لأهل الحق كافر ، فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار ، إلا ما خرج بالدليل.
وقال ابن ادريس في السرائر بعد أن اختار مذهب المفيد في عدم جواز الصلاة على المخالف ما لفظه: وهو أظهر ويعضده القرآن وهو قوله تعالى: " وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )..(التوبة: من الآية84) " يعني الكفار، والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.
ومذهب المرتضى في ذلك مشهور في كتب الأصحاب.. 
وقال الفاضل المولى محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي: ومن أنكرها - يعني الولاي- فهو كافر حيث انكر أعظم ما جاء به الرسول وأصلاً من أصوله.
وقال الشريف القاضي نور الله في كتاب إحقاق الحق: من المعلوم أنَّ الشهادتين بمجردهما غير كافيتين ، إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي (صلى الله على وآله) من أحوال المعاد والإمامة كما يدل عليه ما اشتهر من قوله (صلى الله عليه وآله)([31]) "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" ولا شك أنَّ المنكر لشئ من ذلك ليس بمؤمن ، ولا مسلم ؛ لأن الغلاة والخوارج وإن كانوا من فرق المسلمين - نظراً إلى الإقرار بالشهادتين إلا أنهما من الكافرين - نظراً إلى جحودهما- ما علم من الدين ، وليكن منه ، بل من أعظم أصوله إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام).
وممن صرح بهذه المقالة أيضاً الفاضل المولى المحقق أبو الحسن الشريف ابن الشيخ محمد طاهر المجاور بالنجف الأشرف حياً وميتاً في شرحه على الكفاية ، حيث قال في جملة كلام في المقام في الاعتراض على صاحب الكتاب ، حيث أنه من المبالغين في القول بإسلام المخالفين!! وليت شعري أيُّ فرق بين من كفر بالله تعالى ورسوله ، ومن كفر بالأئمة (عليهم السلام) مع أن كل ذلك من أصول الدين؟ إلى أن قال: ولعل الشبهة عندهم زعمهم كون المخالف مسلما حقيقة , وهو توهم فاسد مخالف للاخبار المتواترة، والحق ما قاله علم الهدى من كونهم كفارا مخلدين في النار، ثم نقل بعض الأخبار في ذلك وقال والأخبار في ذلك اكثر من أن تحصى وليس هنا موضع ذكرها , وقد تعدت عن حد التواتر. وعندي أنَّ كفر هؤلاء من أوضح الواضحات في مذهب أهل البيت (عليهم السلام)]([32]) انتهى كلام البحراني بطوله.
ثانياً:سرد محدثهم المجلسي أسماء أعلام المذهب ممن يحملون الفكر التكفيري:
قال:[ قال الصدوقرحمه الله: اعتقادنا في الظالمين أنهم ملعونون , والبراءة منهم واجبة، واستدل على ذلك بالآيات والأخبار. ثم قال: والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، فمن ادعى الإمامة , وليس بإمام فهو الظالم الملعون، ومن وضع الإمامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون، وقال النبي صلى الله عليه وآله: من جحد علياً إمامته من بعدى فإنما جحد نبوتي، ومن جحد نبوتي فقد جحد الله ربوبيته ) . ثم قال: (واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين و الأئمة من بعده - عليهم السلام - أنه بمنزلة من جحد نبوة الأنبياء - عليهم السلام - ,  واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا ممن بعده من الأئمة - عليه السلام- أنه بمنزلة من آمن بجميع الأنبياء وأنكر نبوة محمد صلى الله عليه وآله، وقال الصادق - عليه السلام- : المنكر لآخرنا كالمنكر لأولنا. وقال النبي صلى الله عليه وآله: الأئمة من بعدي اثنا عشر ,  أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - عليه السلام - , وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني. وقال الصادق عليه السلام: من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر. واعتقادنا فيمن قاتل عليا - صلوات الله عليه - كقول النبي صلى الله عليه وآله: من قاتل عليا فقد قاتلني. وقوله: من حارب عليا فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله - عز وجل - , وقوله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين - عليهم السلام - : أنا حرب لمن حاربهم , وسلم لمن سالمهم. واعتقادنا في البراءة أنها من الأوثان الأربعة والإناث الأربع , ومن جميع أشياعهم وأتباعهم , وأنهم شر خلق الله - عز وجل - ولا يتم الإقرار بالله وبرسوله و بالأئمة - عليهم السلام - إلا بالبراءة من أعدائهم.
وقال الشيخ المفيد - قدس الله روحه - في كتاب المسائل: اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة , فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار. وقال في موضع آخر: اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار , وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم، فإن تابوا من بدعهم , وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم ؛ لردتهم عن الإيمان ، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك , وزعموا أن كثيرا من أهل البدع فساق ليسوا بكفار، وأن فيهم من لا يفسق ببدعته , ولا يخرج بها عن الإسلام , كالمرجئة من أصحاب ابن شبيب , والتبرية من الزيدية الموافقة لهم في الأصول , وإن خالفوهم في صفات الإمام.
وقال المحقق الطوسي - روح الله روحه القدوسي - في قواعد العقائد: أصول الإيمان عند الشيعة ثلاثة : التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته والعدل في أفعاله، و التصديق بنبوة الأنبياء عليهم السلام، والتصديق بإمامة الأئمة المعصومين من بعد الأنبياء. وقال أهل السنة: الإيمان هو التصديق بالله تعالى , وبكون النبي صلى الله عليه وآله صادقا، والتصديق بالأحكام التي نعلم يقينا أنه عليه السلام حكم بها دون ما فيه اختلاف أو اشتباه، والكفر يقابل الإيمان، والذنب يقابل العمل الصالح , وينقسم إلى كبائر وصغائر، ويستحق المؤمن بالإجماع الخلود في الجنة ويستحق الكافر الخلود في العقاب.
وقال الشهيد الثاني - رفع الله درجته - في رسالة (حقائق الإيمان) عند تحقيق معنى الإيمان والإسلام: ... وأيضا قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليهم السلام من أصول الإيمان عند الطائفة من الإمامية , كما هو معلوم مذهبهم ضرورة، وصرح بنقله المحقق الطوسي - رحمه الله - عنهم فيما تقدم , ولا ريب أنَّ الشيء يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه، فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين.. ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار .
وقال الشيخ الطوسي - نور الله ضريحه - في تلخيص الشافي: عندنا أنَّ من حارب أمير المؤمنين كافر، والدليل على ذلك إجماع الفرقة المحققة الإمامية على ذلك، وإجماعهم حجة، وأيضا فنحن نعلم أنَّ من حاربه كان منكراً لإمامته ودافعاً لها، ودفع الإمامة كفر , كما أن دفع النبوة كفر ؛ لأن الجهل بهما على حد واحد. ثم استدل -رحمه الله-  بأخبار كثيرة على ذلك.
فإذا عرفت ما ذكره القدماء والمتأخرون من أساطين العلماء و الإمامية ومحققيهم عرفت ضعف القول بخروجهم من النار، والأخبار الواردة في ذلك أكثر من أن يمكن جمعه في باب أو كتاب]([33]).
ثالثاً:نقل تصريحات بعض أساطين المذهب وأعمدته بالفكر التكفيري:
فمن تصريحاتهم بالفكر التكفيري ما يلي:
1- إن شيخهم المفيد نقل لنا إجماع الشيعة الإمامية على ذلك ، فقال تحت عنوان (القول في تسمية جاحدي الإمامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للائمة من فرض الطاعة): [ واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة([34])،  وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار]([35]).
2- ينقل علامتهم زين الدين العاملي الملقب بالشهيد الثاني إجماعهم على ذلك فقال:[ ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار]([36]).
3- قال محدثهم نعمة الله الجزائري ناقلاً قول عمدتهم وفيلسوفهم نصير الدين الطوسي:[إن الإمامية قد تفردوا بأن دخول الجنة والنجاة لا يكون إلا بعد ولاية آل محمد عليهم السلام واعتقاد إمامتهم، وأما باقي الفرق الإسلامية، فقد أطبقوا على أن أصل النجاة هو الإقرار بالشهادتين]([37]).
4- يقول المرتضى الملقب عندهم بعلم الهدى حول تكفير من لا يؤمن بإمامة أئمتهم الاثني عشر في رسالته (الرسالة الباهرة في العترة الطاهرة): [مما يدل أيضا على تقديمهم عليهم السلام وتعظيمهم على البشر أن الله تعالى دلنا على أن المعرفة بهم كالمعرفة به تعالى في أنها إيمان وإسلام ، وأن الجهل والشك فيهم كالجهل به والشك فيه في أنه كفر وخروج من الإيمان ، وهذه منزلة ليس لأحد من البشر إلا لنبينا صلى الله عليه وآله وبعده لأمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من ولده على جماعتهم السلام .... والذي يدل على أن المعرفة بإمامة من ذكرناه عليهم السلام من جملة الإيمان ، وأن الإخلال بها كفر ورجوع عن الإيمان ، إجماع الشيعة الإمامية على ذلك ، فإنهم لا يختلفون فيه]([38]).
5-قال شيخهم المفيد :[وأما الخبر : فهو المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : " من مات وهو لا يعرف إمام زمانه ، مات ميتة جاهلية "، وهذا صريح بأن الجهل بالإمام يخرج صاحبه عن الإسلام]([39]) .
6-يقول شيخ طائفتهم الطوسي:[ بسم الله الرحمن الرحيم , وبه ثقتي , إذا سألك سائل وقال لك: ما الإيمان ؟ فقل : هو التصديق بالله , و بالرسول , وبما جاء به الرسول و الأئمة عليهم السلام . كل ذلك بالدليل ، لا بالتقليد ، وهو مركب على خمسة أركان ، من عرفها فهو مؤمن ، ومن جهلها كان كافرا ، وهي : التوحيد، والعدل ، والنبوة والإمامة ، والمعاد]([40]) ،وقال في نفس الكتاب ص317:[ مسألة : عن قول النبي صلى الله عليه وآله : " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " , وقوله صلى الله عليه وآله : " من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية " وهذا تفاوت لا يجوز عليه ؛ لأن الجهل بالإمام يخرج عن الإيمان ، و من صحَّت عقيدته وحسنت أعماله ، وأخطأ في ترك الوصية لا يخرج بذلك عن الإيمان ، فما الكلام في ذلك إذا اتفقت العبارتان واختلفتا في المعنى ؟ . الجواب : الجهل بالإمام كفر, وقد استفسروا عنه ,فقالوا :هو ميته كفر و ضلال ].
7-يقول محققهم الكركي:[ بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين ، في التتميم الحمد لله والصلاة على رسوله محمد وآله الأطهار . يجب على كل مكلف حر وعبد، ذكر وأنثى ، أن يعرف الأصول الخمسة التي هي أركان الإيمان ، وهي: التوحيد، والعدل ، والنبوة ، والإمامة ، والمعاد ، بالدليل لا بالتقليد. ومن جهل شيئا من ذلك لم ينتظم في سلك المؤمنين ، واستحق العقاب الدائم مع الكافرين]([41]).
8- يذكر علامتهم وآيتهم العظمى عبد الحسين الموسوي – صاحب المراجعات – أن أخبار الشيعة لا تثبت النجاة يوم القيامة لجميع الموحدين ، بل هي مخصصة بمن يعتقد بالولاية والإمامة ، ومن ثم فهي تحكم على باقي الموحدين من عدا الإمامية بالخلود بالنار ، حيث قال:[ وإن عندنا صحاحاً أُخَر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر .. فهي السنة التالية للكتاب، وهي الجنة الواقية من العذاب، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة ... ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين]([42]).
9-يقول آيتهم العظمى المعاصر محمد صادق الروحاني:[منكر إمامة الإمام أمير المؤمنين وأولاده المعصومين عليهم السلام يموت كافرا]([43]).
بعد هذا العرض الموجز للفصلين: الأول-تنصيص الأئمة- ، والثاني-تصريح العلماء- تبين لنا بما لا يدع مجالاً للشك ، وبشكل قاطع رسوخ الفكر التكفيري عند الشيعة ، فما يكون بعد الآن لمخادع منهم أو مزوِّر احترف التدليس أن يسّوق كذب إنكاره للآخرين ، أو يعمي أبصارهم عن رؤية الحقيقة صارفاً إياها عن مسارها الصحيح الذي وضعتها فيه هذه الدراسة المتخصصة بفضل الله تعالى.
الفصل الثالث:الفكر التكفيري نتيجة حتمية لعدِّهم الإمامة من أصول الدين
من أجل أن تعم الفائدة وتكتمل الصورة في الأذهان عمدت هنا إلى بيان حتمية منطقية ، مفادها أن عقيدة التكفير عند الشيعة نتيجة لازمة لطبيعة الفكرة التي يقوم عليها أصل المذهب ، والتي تميزه عن غيره من مذاهب المسلمين المعتدلة ، وأقصد بها فكرة وجوب الإمامة وعدها أصلاً من أصول الدين التي بها يكمل إيمان المرء فيحسن إسلامه ، وبدونها ينتفي عنه الإيمان فيكفر ، أي أننا إن وَعَينا جيداً الأصول التي يقوم عليها المذهب استطعنا أن نجزم وبكل ثقة بتكفيرهم لمن عداهم من المسلمين ، حتى وإن لم تقع في أيدينا أية أدلة مباشرة تثبت عليهم ذلك بالتنصيص أو بالتصريح والإقرار ، وإليك - أخي القارئ- بيان ذلك بإيجاز حتى تعلم أن تجريم المذهب بالتكفير كامن في أصوله قبل أن تدل عليه روايات أئمته-المفتراة- أو تقريرات علمائه ، فلقد عدَّ الشيعة الإمامة من أصول الدين كالتوحيد والنبوة والمعاد بل اعتبروها أهم وأوكد من بعض الأصول العظيمة كالنبوة([44])، فمن علمائهم الذين صرحوا بذلك:
1- نقل لنا آيتهم العظمى ، وعلامتهم ، ومحققهم جعفر سبحاني إجماع الشيعة على ذلك في كتابه (الملل والنحل) تحت عنوان (هل الإمامة من الأصول أو من الفروع) فقال ما نصه: [الشيعة على بكرة أبيهم اتفقوا على كونها أصلاً من أصول الدين وقد برهنوا على ذلك في كتبهم ، ولأجل ذلك يُعَدُّ الاعتقاد بإمامة الأئمة من لوازم الإيمان الصحيح عندهم ، وأما أهل السنة فقد صرحوا في كتبهم الكلامية أنها ليست من الأصول]([45]) ، وقال:[ اتفقت كلمة أهل السنة أو أكثرهم على أن الإمامة من فروع الدين …… هذا ما لدى أهل السنة، وأما الشيعة فالاعتقاد بالإمامة عندهم أصل من أصول الدين]([46]).
2-وقال محمد رضا المظفر: [نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين لا يتم الإيمان إلا بالاعتقاد بها]([47]).
3- يقول الخميني: [الإمامة إحدى أصول الدين الإسلامي]([48]).
4- يقول عبد الحسين المظفر: [ولأجل هذا وجب علينا أن نبحث عن الإمامة لأنها أصل من أصول الدين ولا يستقيم بدونها]([49]).
5-يقول آيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي: [فالإمامة في نظر طائفة الشيعة وأتباع مذهب أهل البيت u من أصول الدين والأسس العقائدية، بينما تعتبر في نظر طائفة أهل السنة من فروع الدين والأحكام العملية]([50])، وقال:[ لهذا يعتبر الإيمان بالإمامة جزءاً من أصول الدين ، لا من فروع الدين]([51]).
6-يقول علي الحسيني الميلاني: [وأما أن الإمامة من أصول الديانات والعقائد أم هي من الفروع ؟ فالحق: أنها من الأصول كالنبوة]([52]).
7-يقول آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين:[ فعلم أنها ترمي إلى أن ولاية علي من أصول الدين كما عليه الإمامية]([53]) ،وقال:[مع أن إمامتهم من أصول الدين على رأي الشيعة]([54]).
فتصريحهم هذا بعدِّ الإمامة أصلاً من أصول الدين يترتب عليه نتيجة منطقية حتمية ، مفادها أن المخالف لهم فيها المنكر لها يكون حكمه كحكم المنكر لباقي أصول الدين الثلاثة ، وهي التوحيد والنبوة والمعاد ، وبما أن حكم المنكر لأحدها مجمع عليه بين المسلمين وهو الكفر والخروج من دائرة الإسلام ، كان من الطبيعي والمتوقع أن يحكم علماء الشيعة على المخالف لهم في الإمامة بالكفر والخروج من دائرة الإسلام كذلك ، وإليك - أخي القارئ- ترجمة هذا الاستنتاج المنطقي إلى حقيقة واقعة نصَّت عليها تصريحات علمائهم ومراجعهم والتي منها: 
 1-يقول محققهم يوسف البحراني:[ إنك قد عرفت أن المخالف كافر ، لا حظَّ له في الإسلام بوجه من الوجوه ، كما حققناه في كتابنا "الشهاب الثاقب"، وليت شعرى أي فرق بين من كفر بالله سبحانه وتعالى ورسوله وبين من كفر بالأئمة - عليهم السلام - ؟ مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين]([55]). 
2-يقول العاملي الملقب عندهم بالشهيد الثاني:[ وأيضا قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الأئمة عليهم السلام من أصول الإيمان عند الطائفة الإمامية ، كما هو معلوم من مذهبهم ضرورة ، وصرح بنقله المحقق الطوسي رحمه الله عنهم فيما تقدم . ولا ريب أن الشيء يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه ، فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين.... وذلك لأنا نحكم بأن من لم يتحقق له التصديق المذكور كافر في نفس الأمر ... وحاصله أن الموجب لحكمنا بكفره هو علمنا بأنه لم يعتقد ما يتوقف حصول الإيمان على اعتقاده ، وهذا العلم باق ما دام لم يعتقد ، فالحكم بكفره باق باطنا وظاهرا]([56]).
3-إن علامتهم محمد جميل حمود لم يكتفِ بالتصريح بكون الإمامة من أصول الدين ، بل صرح والتزم بالنتيجة الخطيرة المترتبة عليها وهو تكفير جميع فرق المسلمين ، وذلك في معرض ردِّه على اعتراض وجِّه إليهم ونصه:[ إنه لو كانت الإمامة من أصول الدين ، للزم خروج الفرق الإسلامية غير الأثني عشرية عن الدين ، ولزم تكفير المنكرين لها، فيكون بذا الإسلام فرقة واحدة والباقي كفّاراً] ، ثم أقرَّ بهذا اللازم -وهو تكفير جميع المسلمين- والتزم به فقال:[إن التكفير من لوازم عدم الاعتقاد بإمامة العترة الطاهرة]([57]).
فإجماعهم إذاً متحقق على تخليد المخالف لهم في الإمامة في نار جهنم خالداً مخلداً فيها كباقي الكفار من اليهود والنصارى([58])، حتى لو كان هذا المخالف موافقاً لهم في الإقرار بجميع أصول الدين الإسلامي الأخرى ، بل حتى لو كان ممن ينطق بالشهادتين ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت .. فلا الإقرار بالأصول المجمع عليها ، ولا العمل بالأركان وسائر العبادات العظيمة الأخرى تغني عن صاحبها شيئاً في نظر الشيعة إنْ هو أنكر الإمامة بمعناها المُعاق عندهم ، بل إنَّ مصيره المحتوم في نظرهم ، هو الخلود في نار الجحيم ، حاله كحال من لم يأتِ من الإسلام شيئاً أو يقرّ منه بأصل ، بل هو عندهم كمن لم يؤمن بالله طرفة عين من المجوس والوثنيين!! وهذه العقيدة اتفقت عليها كلمات أعلام المذهب وتحقق إجماعهم عليها([59]) ، فهي حقيقة ثابتة ليس في نسبتها إليهم أي افتراء أو تقوّل أو مبالغة.    
ومع انتهاء الفصل نكون قد أنهينا الحديث عن قطعية ثبوت الفكر التكفيري عند الشيعة وتجذُّره في عقولهم ، وبينّا كيف أن هذا الفكر قائم بالضرورة والتلازم مُذُّ وُجِدَ المذهب وتأسست أصوله ، وكنا قبل ذلك قدمنا القول في إثباته من خلال نصوص الأئمة وتصريحات علمائهم ، وبذلك نكون قد أنهينا الباب الأول من الدراسة عسى أن ينتهي معها سباتنا وطول غفلتنا عن فكر هؤلاء ، فنميِّز الغث من السمين ، ونحسن في البناء انتقاء اللبنات ونتخير له السواعد!
  
الباب الثاني:
أثر الفكر التكفيري على واقع الشيعة العملي (التقييمي والسلوكي) تجاه باقي فرق المسملين

قد ظهر لنا في القسم الأول من هذه الدراسة - وعند استعراض الروايات والنصوص الدالة على ثبوت عقيدة التكفير عند الشيعة- ، ورود هذه الروايات والنصوص في العديد من كتب الفقه الجعفري على وجه التميّز ، الأمر الذي أثار حفيظتي ودفعني للبحث عن سبب ذلك ، خصوصاً ونحن نعلم جيداً أن هذا النوع من الكتب يُعنى تحديداً بتناول الأمور التي لها علاقة بالممارسات التعبدية ، والمعاملات الفقهية ، وما إلى ذلك من الأمور المماثلة([60]) ، وكنت قد ألمحت إلى أن إقحام هذه النصوص في كتب الفقه تلك ، فيه دلالة واضحة على إرادة نقل مستوى التعامل مع هذه العقيدة التكفيرية من مجرد التصديق والإقرار القلبي إلى حيز العمل التعبدي بما يتضمنه من تقرير وتحرير للأحكام وانغماس في سلوكيات وخصوصيات فقهية ، وربما اعتبر البعض ذلك التلميح مني تحميلاً للأمر فوق طاقته واستشرافاً متنطعاً لحقيقة غير معلنة ودون دعامة واضحة له ، لكن سيثبت للجميع في هذا القسم من الدراسة صدق ذلك الحدس وواقعية ذلك التلميح من خلال بيان الأثر العملي لعقيدة التكفير عند الشيعة متمثلاً بإصدار الأحكام الجائرة والحاقدة في حق مخالفيهم ابتداءً من صحابة رسول الله r وخصوصاً الخلفاء الراشدين الثلاثة - رضي الله عنهم- ، وتجويز لعنهم وسبهم والحث عليه ثم تكفيرهم والبراءة منهم ، وانتهاءً بجميع مذاهب وفرق المسلمين من أهل السنة والجماعة على اختلاف توجهاتهم ومدارسهم دون فرق أو تمييز ، ثم ما ترتب على تلك الأحكام وما لازمها من ممارسات ومؤامرات وتجويزات تُقطع بمجرد معرفتها حبال المودة وتُنقض عرى المحبة عروة بعد أخرى ، حتى ليصبح الحديث معها عن المؤاخاة والوحدة والتقريب ضرباً من السخف والحمق بل سفه يستوجب الحجر والتغرير([61])!!!

الفصل الأول: ظهور الأثر الواقعي لفكرهم التكفيري على صحابة رسول الله eوخصوصا خلفاءه الراشدين y
ويمكن بيان ذلك في عدة مباحث كما يلي:
المبحث الأول:المرويات التي حملت الكفر واللعن للخلفاء الراشدين صراحة وبأسمائهم
لن نستطيع أن نتناول جميع مرويات الشيعة التي حملت هذا المضمون في حق الخلفاء الراشدين بسبب كثرتها وصعوبة الإحاطة بها ، بل إنَّ جمع المتيسر منها من كتب الشيعة يحتاج إلى مجلدات عِدَّة([62]) ، لذلك سأقتصر على ذكر بعضها([63]) فقط:
1-قال: ورووا عن الحارث الأعور، قال: دخلت على علي عليه السلام - في بعض الليل ، فقال لي: ما جاء بك في هذه الساعة ؟. قلت: حبك يا أمير المؤمنين قال: الله.. ؟. قلت: الله. قال: ألا أحدثك بأشد الناس عداوة لنا ، وأشدهم عداوة لمن أحبنا؟. قلت: بلى يا أمير المؤمنين، أما والله لقد ظننت ظنا. قال: هات ظنك. قلت: أبو بكر وعمر ، قال: أدن مني يا أعور، فدنوت منه، فقال: إبرأ منهما.. برئ الله منهما.
2-وفي رواية أخرى: إني لأتوهم توهما ، فأكره أن أرمي به بريئا، أبو بكر وعمر. فقال: أي! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنهما لهما ظلماني حقي ونغصاني ريقي وحسداني وآذياني ، وإنه ليؤذي أهل النار ضجيجهما ورفع أصواتهما وتعيير رسول الله صلى الله عليه وآله إياهما.
3-قال: ورووا عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: سئل علي بن الحسين عليهما السلام عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: أضغنا بآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا.
4-وعن أبي إسحاق، أنه قال: صحبت علي بن الحسين عليهما السلام بين مكة والمدينة، فسألته عن أبي بكر وعمر ما تقول فيهما ؟. قال: ما عسى أن أقول فيهما، لا رحمهما الله، ولا غفر لهما.
5-وعن أبي علي الخراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: كنت معه عليه السلام في بعض خلواته، فقلت: إن لي عليك حقا، ألا تخبرني عن هذين الرجلين، عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: كافران، كافر من أحبهما.
6-وعن بشير، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن أبي بكر وعمر فلم يجبني، ثم سألته فلم يجبني، فلما كان في الثالثة قلت: جعلت فداك، أخبرني عنهما ؟. فقال: ما قطرت قطرة من دمائنا ولا من دماء أحد من المسلمين إلا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامة.
7-وعن سلام بن سعيد المخزومي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السماء ، ولا يقبل منهم عمل: من مات ولنا أهل البيت في قلبه بغض، ومن تولى عدونا، ومن تولى أبا بكر وعمر.
8-وعن ورد بن زيد - أخي الكميت -، قال: سألنا محمد بن علي عليهما السلام عن أبي بكر وعمر ؟. فقال: من كان يعلم أن الله حكم عدل، بَرِئَ منهما، وما من محجمة دم يهراق إلا وهي في رقابهما.
9-وعنه عليه السلام، - وسئل عن أبي بكر وعمر، فقال -: هما أول من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوثب على رقابنا، وفتح علينا باباً لا يسده شيء إلى يوم القيامة، فلا غفر الله لهما ظلمهما إيانا.
10-وعن فضيل الرسان، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: مثل أبي بكر وشيعته مثل فرعون وشيعته، ومثل علي وشيعته مثل موسى وشيعته.
11- ورووا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله –عزوجل-: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا..)، قال: أسر إليهما أمر القبطية، وأسر إليهما أن أبا بكر وعمر يليان أمر الأمة من بعده ظالمين فاجرين غادرين .
12-روى الصفار(عن موسى بن عمر، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، سمى رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر: الصديق؟. قال: نعم. قلت: فكيف؟. قال: حين كان معه في الغار، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) تضطرب في البحر ضالة. قال: يا رسول الله (ص)! وإنك لتراها؟! قال: نعم. قال: فتقدر أن ترينيها ؟. قال: ادن مني. قال:: فدنا منه، فمسح على عينيه، ثم قال: انظر، فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر، ثم نظر إلى قصور أهل المدينة فقال في نفسه: الآن صدقت أنك ساحر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت)([64])، قال المجلسي -مستهزئاً بتلقيب أبي بكر بالصديق - [بيان: قوله صلى الله عليه وآله: الصديق أنت.. على التهكم، أو على الاستفهام الإنكاري]([65]).
13-ذكر المجلسي: (عن موسى بن عمر مثله، وزاد في آخره: فقلت لم سمي عمر: الفاروق؟. قال: نعم، ألا ترى أنه قد فرق بين الحق والباطل وأخذ الناس بالباطل)([66]).
14-روى البرسي في (مشارق الأنوار): (عن محمد بن سنان، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر: يا مغرور ! إني أراك في الدنيا قتيلا بجراحة من عبد أم معمر تحكم عليه جورا فيقتلك توفيقا، يدخل بذلك الجنة على رغم منك، وإن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه صلبا وهتكا، تخرجان عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلبان على أغصان جذعة يابسة فتورق فيفتتن بذلك من والاك. فقال عمر: ومن يفعل ذلك يا أبا الحسن (ع) ؟. فقال: قوم  قد فرقوا بين السيوف وأغمادها، فيؤتى بالنار التي أضرمت لإبراهيم عليه السلام ويأتي جرجيس ودانيال وكل نبي وصديق، ثم يأتي ريح فينسفكما في اليم نسفا. وقال عليه السلام يوما للحسن: يا أبا محمد ! أما ترى عندي تابوت من نار يقول: يا علي ! استغفر لي، لا غفر الله له)([67]).
15-وأما ماورد من تكفيرهم لعثمان بن عفان رضي الله عنه فحدِّث ولاحرج إذ يورد عالم المذهب وأحد أعلامه أبوالصلاح الحلبي فصلاً كاملاً بعنوان (تكفير عثمان)([68]) افتتحه بقولـه:[(تكفير عثمان) ثم اشتهر التدين بتكفير عثمان بعد قتله، وكفر من تولاه من علي عليه السلام وذريته وشيعته ووجوه الصحابة والتابعين إلى يومنا هذا ، وحفظ عنهم التصريح بذلك ، المستغني عنه بمعلوم المقصود منهم] وبعدها أخذ يسرد الروايات في كفره وذمه ومنها:
أ-ورووا عن علي بن حزور، عن الأصبغ بن نباتة قال: سأل رجل عليا عليه السلام عن عثمان؟ فقال: وما سؤالك عن عثمان، إن لعثمان ثلاث كفرات، وثلاث غدرات، ومحل ثلاث لعنات، وصاحب بليات، لم يكن بقديم الإيمان، ولا ثابت الهجرة، وما زال النفاق في قلبه، وهو الذي صد الناس يوم أحد.
ب-وذكر الثقفي في تاريخه، عن حكيم بن جبير، عن أبيه، عن أبي إسحاق، وكان قد أدرك عليا عليه السلام قال: ما يزن عثمان عند الله ذبابا، فقال: ذبابا! فقال: ولا جناح ذباب، ثم قال: و(لا نقيم لهم يوم القيامة وزنا). وذكر فيه، عن أبي سعيد التيمي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أنا يعسوب المؤمنين، وعثمان يعسوب الكافرين وعن أبي الطفيل: وعثمان يعسوب المنافقين. وذكر فيه، عن هبيرة بن ميرم قال: كنا جلوسا عند علي عليه السلام، فدعا ابنه عثمان، فقال له: يا عثمان، ثم قال: إني لم أسمه باسم عثمان الشيخ الكافر، إنما سميته باسم عثمان بن مظعون.
ج-وروي فيه، عن مالك بن خالد الأسدي، عن الحسن بن إبراهيم، عن آبائه قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام يقول: (معشر) الشيعة علموا أولادكم بغض عثمان، فإنه من كان في قلبه حباً لعثمان فأدرك الدجال آمن به، فإن لم يدركه آمن به في قبره.
د-وروي فيه، عن الحسين عليه السلام: أن عثمان جيفة على الصراط، من أقام عليها أقام على أهل النار، ومن جاوزه جاوز إلى الجنة. وروي فيه، عن حكيم بن جبير يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله: أن عثمان جيفة على الصراط، يعطف عليه من أحبه ويجاوزه عدوه.
هـ-ورووا فيه عن الوليد بن زرود الرقي، عن أبي جارود العبدي قال: أما عجل هذه الأمة فعثمان، وفرعونها معاوية، وسامريها أبو موسى الأشعري وذو الثدية، وأصحاب النهر ملعونون، وإمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام.
  
المبحث الثاني:نصوص علماء الشيعة وأعلامهم([69])في لعن وتكفير الخلفاء الراشدين
 1-شيخهم المفيد(ت413هـ)
1- قال: [(القول في المتقدمين على أمير المؤمنين -على بن أبي طالب عليه السلام):
 واتفقت الإمامية وكثير من الزيدية على أن المتقدمين على أمير المؤمنين([70])u ضلال فاسقون، وأنهم بتأخيرهم أمير المؤمنين - عليه السلام - عن مقام رسول الله - صلوات الله عليه وآله - عصاة ظالمون، وفي النار بظلمهم مخلدون]([71])
2- قال: [(القول في تسمية جاحدي الإمامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للأئمة من فرض الطاعة) واتفقت الامامية على أن من أنكر إمامة أحد الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار]([72]).

2-علي بن يونس العاملي البياضي (ت 877هـ)
1-قال([73]) عن فاروق الأمة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: [كلام في خساسته وخبث سريرته. ذكر الحنبلي في كتاب نهاية الطلب أن عمر بن الخطاب كان قبل الإسلام نخاس الحمير….. وفي الفصل الرابع من الجزء الأول من الإحياء للغزالي أن عمر سأل حذيفة هل هو من المنافقين أم لا؟ ولولا أنه علم من نفسه صفات تناسب صفات المنافقين، لم يشك فيها، وتقدم على فضيحتها]، فهو يصف فاروق الأمة بالخسة وخبث السريرة بل تجاوزها إلى اتهامه بالنفاق.
2-يقول في ص38ج3: [يقول البياضي العاملي أيضاً عن الخلفاء الثلاثة – أبو بكر وعمر وعثمان y -: [ ورووا أنه لم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء. فهذه نبذة من مخازي الثلاثة ... تدل بأدنى فكر على عدم استحقاقهم الخلافة]، فهو ينسب إليهم الخزايا - أخزاه الله في الدنيا والآخرة - وعدم استحقاقهم للخلافة وكأنه أعلم من الصحابة بذلك!!!
3- اتهم عثمان بن عفان رضي الله عنه بتهم يندى لها الجبين ويعفُّ القلم عن ذكرها ، ولولا ضرورة تحذير المسلمين بما تنطوي عليه قلوب هؤلاء تجاه الخلفاء لَما ذكرته ، حيث اتهمه بما يلي:
أ-أنه واقَعَ امرأة زانية قبل أن يرجمها فقال(3/30):[ إنه أتي بالمرأة لتحد فقاربها ثم أمر برجمها]
ب-أنه كان مخنثاً و... ، فقال لعنه الله(3/30):[ قال الكلبي في كتاب المثالب : كان عثمان ممن يلعب به ويتخنث ، و كان يضرب بالدف ]

3- علي بن عبد العالي الكركي (ت 940هـ )
1- قال في ص12([74]) : (وقد روى الشيخ في التهذيب أن الصادق (ع) كان ينصرف من الصلاة بلعن أربعة من الرجال منهم أبو بكر وعمر).
2- وقال في ص5: (وليتأمل العاقل المنصف أنه هل يجوز أن يتولى منصب الخلافة الذي هو معظم منصب النبوة مثل شيخ تيّم الجاهل بأمور الدين … ومثل عُتلّ عديٍّ الزنيم ذي الفظاظة والغلظة والمكر والخديعة … ومثل ثور بني أمية الذي حملهم على أعناق الناس).
3- وقال في ص82: (وقد وقع كل من الأمرين من أبي بكر وعمر عليهما اللعنة… وقال في ص85: وقد وقع من عثمان لعنه الله…. وقال ص86: عثمان بن عفان لعنه الله).
4- وقال في الفصل الخامس ص105 (بحث أول): (في نبذة من الأحكام التي صدرت من أبي بكر لعنه الله) وقال ص113 (بحث ثاني): في نبذه من مخالفة عمر لعنه الله … وقال ص135 (بحث ثالث): نبذه من مخالفات عثمان لعنه الله … ص162: ومن أدل دليل على كفر عثمان واستحقاقه اللعن … ص191 فلعنة الله عليه  وعلى صاحبيه([75]) وأشياعهم وأتباعهم إلى يوم الدين([76]))
5- وقال في ص192: (وقد اشتهر أن أمير المؤمنين (ع) كان يقنت في الوتر بلعن صنمي قريش يريد بهما أبا بكر وعمر).
6- وقال: [فنقول: لا ريب في عداوة أبي بكر بن أبي قحافة التيمي لأمير المؤمنين عليه السلام، وبقدمه وعداوته لكافة أهل البيت عليهم السلام، وكتب الحديث والتأريخ مشحونة بذلك من طرق المؤمنين والمخالفين. وكذا ابن عمه طلحة بن عبد الله التيمي، وهو ممن ظاهر عثمان على أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى. وقد قال بعض المحققين: إن أمير المؤمنين عليه السلام عناه بقوله في الخطبة الشقشقية: " فصعا رجل منهم لضغنه " فجعله صاحب ضغن وحقد وعداوة لأمير المؤمنين عليه السلام. وقد كمل ذلك بمحاربته إياه يوم الجمل مع عائشة لا يلوي ولا يرعوي. ومن رؤوس أعدائه عمر بن الخطاب العدوي القرشي، وهو الفظ الغليظ الجأش الجاني، وأمر عداوته وإيذائه لعلي وفاطمة وأهل البيت عليهم السلام أشهر من الشمس. ومن تابعيه على ذلك ابنه عبيد الله، وكذا ابنه عبد الله وإن ستر عداوته ببعض الستر. ومن رؤوس أعدائه عثمان بن عفان الأموي]([77])
7- قال: (وأي عاقل يعتقد تقديم ابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان الأدنياء في النسب، والصعاب، الذين لا يعرف لهم تقدم ، ولا سبق في علم ولا جهاد، وقد عبدوا الأصنام مدة طويلة، وفروا من الزحف في أحد وحنين، وأحجموا يوم الأحزاب ، ونكست رؤوسهم الراية وبراءة ، وظلموا الزهراء بمنع إرثها ونحلتها، وألبسوا أشياء أقلها يوجب الكفر، فعليهم وعلى محبيهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)([78])
4- محمد بن طاهر القمي الشيرازي(ت 1098هـ )
1-قال في ص140: [وسنذكر إن شاء الله الأخبار الدالة على بغض خلفائهم الثلاثة لعلي أمير المؤمنين عليه السلام، ليظهر لك أنهم رؤوس المنافقين، وأعداء دين سيد المرسلين، وسيجئ - إن شاء الله- في الدليل الثامن والعشرين عدة قرائن دالة على نفاقهم].
2-وقال في ص579: [إن عثمان الملقب بـ (نعثل) الذي هو ثالث خلفاء المخالفين كان ظالما فاسقا].
3-وقال في ص509-510: [ إن أول خلفائهم كان ظالما فاسقا، والظالم والفاسق لا يستحق الخلافة، لقوله تعالى (لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(البقرة: من الآية124) ) عهدي الظالمين) ولقوله تعالى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)(هود: من الآية113)) (هود:113) ، ولقوله تعالى (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا)(الحجرات: من الآية6) ، فإذا بطل امامة أبي بكر بطل امامة الآخرين أيضا، فإذا بطل إمامة أئمة النواصب([79]) ثبت إمامة أئمتنا الاثني عشر].
4-وقال في ص533-534: [إنَّ عمر ثاني خلفائهم كان ظالما فاسقا ، لا يستحق الخلافة …. وأيضا قد دل على إثمه وفسقه وغدره ، ما قدمناه من حكاية ارتفاع علي والعباس إلى عمر، وتخلفه عن جيش أسامة].
5-محمد باقر المجلسي (ت 1111هـ)
1-قال في شرحه لروضة الكافي في كتابه (مرآة العقول)([80]) في الحديث (16): (قوله مع فلان) يعني أبا بكر عليه اللعنة).
2-وقال في شرح الحديث 18 (25 / 125): [قوله (ع) (فغضب الأعرابيان)أي أبو بكر وعمر إذ هما لم يهاجرا إلى الإسلام، وكانا على كفرهما، وكان إسلامهما نفاقا، وهجرتهما شقاقا، فهما داخلان في قوله تعالى الأعراب أشد كفراً ونفاقاً].
3-وقال في شرح الحديث (21): (قوله (ع) " وأمرت بإحلال المتعتين "أي متعة النساء ، ومتعة الحج اللتين حرمهما عمر عليه اللعنة)قال في الحديث (23): (قوله " وأمات هامان " أي عمر " وأهلك فرعون " يعني أبا بكر، ويحتمل العكس ، ويدل على أن المراد هذان الأشقيان قوله (ع) وقد قتل عثمان).
4-وقال في الحديث (95): (قوله " أي موسى الكاظم " " وسألت عن رجلين " يعني أبا بكر وعمر عليهما اللعنة ، " اغتصبا رجلاً " يعني أمير المؤمنين " مالاً " يعني الخلافة).
5- وقال في (بحار الأنوار) جزء 30 ص 399: (أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما، وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى ، وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم).
6- وقال في رسالة (العقائد) ق17: (ومن ضروريات دين الإمامية: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية…).
7-وذكر رواية مختلقة مفادها: أنَّ جدلاً وقع بين علي وعثمان رضي الله عنهما تطور إلى شتم وتجريح من ضمنه قول عثمان لعلي: بفيك التراب، فأخذ يهجم على عثمان ، ويلعنه ، ويتهم أمه بالزنا ، بل ويلعن من يحب عثمان ويتولاه ، فقال في (بحار الأنوار) ج31 ص313:[ قولـه لعنه الله: الترباء في فيك يا علي.. الترباء - بالفتح أو بضم التاء وفتح الراء - لغتان في التراب، انظر هذا الذي خانت أمه أباه ، كيف شتم وعقَّ مولاه، لعنة الله عليه وعلى من والاه ].
6-نور الله التستري (ت 9 101هـ)
وأما أقواله([81]) فمنها:
1- قال في ص35-36: [فلما لم يظهر منهم المسابقة والمسارعة في تلك المشاهد لنصرة الدين ، علم أن مسابقتهم يوم السقيفة إنما كانت لنيل الرياسة ؛ طلبا للجاه ، وحبا للدنيا ، وحسدا لآل محمد عليهم السلاموذلك موجب لخروجهم بالكلية عن دين الإسلام].
2- وقال في ص40: [فبايعوا أبا بكر بحضوره ، وعقدوا البيعة الفلتة الفاسدة لأبي بكر ، بعد إعمال وجوه أخرى من التلبيس وتطميع الناس واستمالتهم بتفويض إمارة البلاد ونحوها].
7-محدثهم نعمة الله الجزائري (ت 1112هـ)
1-قال:[كما نقل في الأخبار أن الخليفة الأول قد كان مع النبي e ، وصنمه الذي كان يعبده زمن الجاهلية مُعَلَّق بخيط في عنقه ساتره بثيابه، وكان يسجد ويقصد أن سجوده لذلك الصنم إلى أن مات النبي e  فأظهروا ما كان في قلوبهم ، وقد تقدم مجمل أحوالهم]([82]).
2-وكرر نفس المعنى فقال: [فإنه قد روي في الأخبار الخاصة أن أبا بكر كان يصلّي خلف رسول e والصنم معلق في عنقه، وسجوده له]([83]).
3-وقال:[ وطول مدة خلافتهما هو أن مدة خلافة أبي بكر سنتان وستة أشهر وأيام ، ومدة خلافة الثاني عشر سنين فصبر عليها ، فلما أراد الله أن يقبضه إلى ما هيأ له من أليم العذاب جعل عمر الخلافة في ستة رجال وجعل علياً u منهم]([84]).
4-وقال في (الأنوار النعمانية):[وحاصله أنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد r نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول أن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا]([85]).
8- محدثهم الشهير يوسف البحراني (ت 1186هـ) 
1-قال في كتابه (الشهاب الثاقب) ص232: [إنَّ بعض الشافعية استدل بهذه الواقعة على جواز الكلام قبل التسليم في الصلاة للضرورة اعتماداً على فعل أبي بكر لعنه الله].
2-وقال أيضاً ص251: [ثم أورد الرواية المذكورة، وأورد بعدها رواية تزويج عمر لعنه الله بأم كلثوم].

9- عبد الحسين شرف الدين (ت 1377هـ)
1- قال([86]) في المراجعة (64) معللاً عدم ظهور نصوص الإمامة وصراحتها:[أما عدم إخراج تلك النصوص فإنما هو لشنشنة نعرفها لكل من أضمر لآل محمد حسيكة، وأبطن لهم الغل من حزب الفراعنة في الصدر الأول، وعبدة أولي السلطة والتغلب الذين بذلوا في إخفاء فضل أهل البيت، وإطفاء نورهم كل حول وكل طول، وكل ما لديهم من قوة وجبروت، وحملوا الناس كافة على مصادرة مناقبهم وخصائصهم بكل ترغيب وترهيب، وأجلبوا على ذلك تارة بدراهمهم ودنانيرهم، وأخرى بوظائفهم ومناصبهم، ومرة بسياطهم وسيوفهم، يدنون من كذب بها، ويقصون من صدق بها، أو ينفونه أو يقتلونه. وأنت تعلم أن نصوص الإمامة، وعهود الخلافة لمما يخشى الظالمون منها أن تدمر عروشهم وتنقض أساس ملكهم] ، وهذا طعن بالصحابة ولكنه خفي ومغلَّف ، وبيانه:
أ- اتهم الصحابة بسلب الخلافة وغصبها.
ب- اتهم الصحابة بالحقد والغل على علي رضي الله عنه وأهل بيته.
ج- وصفهم بالطغيان والكفر مشبهاً إياهم بفرعون ، وأعوانه الذين استبدوا بالحكم والكفر، حيث وصفهم (من حزب فراعنة الصدر الأول).
د- وصفهم بأنهم عبدة أولي السلطة والتغلب ، وهذا ذم ما بعده ذم لمن قاتلوا وعرضوا أنفسهم للموت طمعاً في رضوان الله والدار الآخرة، كما قال تعالى: }فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً{ [النساء:74].
 هـ- أنهم استخدموا القوة ، وهددوا كل من يذكر إمامة علي رضي الله عنه.
2-وصفهم في المراجعة (84):[أما الخلفاء الثلاثة وأولياؤهم، فقد تأولوا النص عليه بالخلافة ؛ للأسباب التي قدمناها، ولا عجب منهم في ذلك ، بعد الذي نبهناك إليه من تأولهم واجتهادهم في كل ما كان من نصوصه صلى الله عليه وآله، متعلقا بالسياسات والتأميرات، وتدبير قواعد الدولة، وتقرير شؤون المملكة، ولعلهم لم يعتبروها كأمور دينية، فهان عليهم مخالفته فيها، وحين تم لهم الأمر، أخذوا بالحزم في تناسي تلك النصوص، وأعلنوا الشدة على من يذكرها أو يشير إليها]. وقوله هذا فيه عدة مطاعن بالخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم منها:
أ-اتهم الصحابة بعدم الامتثال لأوامر الرسول r إذا كانت تتعارض مع مصالحهم ، خصوصاً فيما يتعلق بالحكم وإدارة الدولة، فإنهم لا يمتثلون فيها إلى أوامره ، بل يتركونها ويفعلون ما يرون فيه مصلحتهم، وهذا طعن مؤلم فيهم.
ب-اتهمهم باستخدام القوة والحزم لأجل إخفاء نصوص خلافة علي رضي الله عنه التي اغتصبوها،وتوعدوا بالشدة والعقاب لمن يذكرها أو يشير إليها،وكأنهم في وصفه مجموعة من اللصوص الغادرين([87])،مع أنهم قادة الإسلام وبناة مجده.
3-وذكر في المراجعة (84):[وأيضا، فإن قريشا وسائر العرب، كانوا قد تشوقوا إلى تداول الخلافة في قبائلهم، واشرأبت إلى ذلك أطماعهم، فأمضوا نياتهم على نكث العهد، ووجهوا عزائمهم إلى نقض العقد، فتصافقوا على تناسي النص، وتبايعوا على أن لا يذكر بالمرة، وأجمعوا على صرف الخلافة من أول أيامها عن وليها المنصوص عليه من نبيها، فجعلوها بالانتخاب والاختيار، ليكون لكل حي من أحيائهم أمل في الوصول إليها ولو بعد حين، ولو تعبدوا بالنص، فقدموا عليا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، لما خرجت الخلافة من عترته الطاهرة].
10- محمد مهدي الخالصي (ت 1383هـ 1963م)
لقد حاول الخالصي أن يفنِّد استدلال أهل السنة على أن الله تعالى قد رضي عن أبي بكر وعمر لأنهما ممن بايع تحت الشجرة من خلال قوله تعالى } لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ{(الفتح:18) ، فحاول إيجاد مخرج حتى لا يقر برضا الله لهم ، لأنه يشق على نفوسهم الإقرار بفضيلة للخلفاء، فادعى أن الرضا لم يشمل جميع من بايع، وإنما شمل فقط المؤمنين منهم، ولا دليل (بزعمه) على أن الخلفاء الثلاثة من المؤمنين، فيقول:[ وإن قالوا أن أبا بكر وعمر من أهل بيعة الرضوان الذين نص الله على الرضا عنهم في القرآن }لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ{، قلنا: لو قال ((لقد رضي الله عن الذين يبايعونك تحت الشجرة)) أو ((عن الذين بايعوك)) لكان في الآية دلالة على الرضا عن كل من بايعه، ولكن لما قال (( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك)) فلا دلالة فيه على الرضا إلا عمن محّض الإيمان]([88]).
فهو يشكك في أن الخلفاء من المؤمنين ، لذا لا يَعُدُّهم مشمولين برضا الله ؛ لأنه خاص بالمؤمنين، وماذا يقصد بإخراجهم من المؤمنين؟!، إنه لا يقصد إلا اتهامهم بالنفاق ، وجعلهم من زمرة المنافقين ، لأن الذين بايعوا تحت الشجرة كلهم من متابعي النبي r ، فإن كان مؤمناً، فهو صحابي مؤمن به ، وإن كان غير مؤمن به ولكنه يتابعه في الظاهر فهو منافق، ولا يوجد صنف ثالث من المبايعين، ولما أخرجهم من المؤمنين، فهو حتماً قد جعلهم من المنافقين،}أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ{.

11-آيتهم العظمى محمد باقر الصدر(ت1402هـ 1982م):
يكشف عن حقده وبغضه لهما في كتابه (فدك في التاريخ):
1-وصف([89]) الصديق بالخوف والجبن ؛ لأنه - في معتقده- لم يختر البقاء مع رسول الله e في العريش إلا من أجل ضمان السلامة من القتل، إذ أنها تكون أبعد نقطة عن الأعداء وقتالهم،  فقال في ص127: [وأن الصديق رضى عنه الله هو الذي التجأ إلى مركز القيادة العليا الذي كان محاطا بعدة من أبطال الأنصار لحمايته ، حتى يطمئن بذلك عن غوائل الحرب]... وقال في ص128: [وليس لدي من تفسير معقول للموقف إلا أن يكون قد وقف إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكسب بذلك موقفا ، هو في طبيعته أبعد نقاط المعركة عن الخطر لاحتفاف العدد المخلص في الجهاد يومئذ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وليس هذا ببعيد لأننا عرفنا من ذوق الصديق أنه كان يحب أن يكون إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب ؛ لأن مركز النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو المركز المصون الذي تتوفر جميع القوى الإسلامية على حراسته والذب عنه([90])]... وقال في ص125 عن الصديق: [وشخصية اكتفت من الجهاد المقدس بالوقوف في الخط الحربي الأخير – العريش([91])-].
2-اتهم الصديق بشراء ذمم الصحابة بالمال ؛ لتثبيت خلافته ، فقال في ص89:[ فلا غرابة في أن ينتزع من أهل البيت أموالهم المهمة ؛ ليركز بذلك حكومته ، أو أن يخشى من علي عليه السلام أن يصرف حاصلات فدك وغير فدك على الدعوة إلى نفسه. وكيف نستغرب ذلك من رجل كالصديق ، وهو الذي قد اتخذ المال وسيلة من وسائل الإغراء، واكتساب الأصوات([92])].
3-وصف خلافة الصديق بأنها خلافة لم تباركها السماء ، ولا رضي بها المسلمون، فقال في ص138:[ ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون ] ويقصد بها خلافة الصديق ، حيث قال قبلها بأسطر:[ تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة]
4-بعد زعمه بأن خلافة الصديق لم تباركها السماء صرح بأنها خلافة ليس لها لون شرعي، فقال ص186: [والنقطة الأولى التي نؤاخذ الصديق عليها هي وقوفه موقف الحاكم في المسألة مع أن خلافته لم تكتسب لونا شرعيا].

12- الخميني([93])(ت 1409هـ 1989م)
طعن في الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه طعناً حاقداً مؤلماً ، حيث قال في (كشف الأسرار) ص 113:[وهذا يؤكد أن هذه الفرية صدرت من ابن الخطاب المفتري، ويعتبر خير دليل لدى المسلم الغيور، والواقع أنهم (أي الصحابة) ما أعطوا الرسول حق قدره!!! الرسول الذي جدّ وكدّ وتحمل المصائب من أجل إرشادهم وهدايتهم، وأغمض عينيه وفي أذنيه ترن كلمات ابن الخطاب القائمة على الفرية والنابعة من أعمال الكفر والزندقة].
13- آيتهم العظمى الوحيد الخراساني([94])
          فقد ألقى محاضرات على الهواء في مدينة قم أمام جمع من فقهائهم وطلاب العلم عندهم ، ونسخت في كتاب بعنوان (مقتطفات ولائية) ذكر فيه أن الوظيفة الأساسية للشيعي تجاه أسرته وأهل مذهبه أمران:
الأول:أن يزرع في قلوبهم محبة علي رضي الله عنه بأعلى درجة من المحبة؟
والثاني: أن يزرع في قلوبهم بغض غاصبي حقه بالخلافة (ومقصوده الخلفاء الثلاثة وبقية كبار الصحابة) بأعلى درجة من البغض، فلم يكتف بزرع البغض للخلفاء، وإنما اشترط أن يكون بأعلى درجاته ، كما أن حب علي رضي الله عنه بأعلى درجة في المحبة، وحذرهم بأن البغض لو نقص عن الحب بمثقال ذرة ، فإن الأمة ستصاب بلعنة !!!
          سبحان الله! يحذرهم بأن بغض الخلفاء لو نقص مثقال ذرة فإن اللعنة ستحل عليهم. فكيف نطمع بعد ذلك منهم بأن يحبوا الخلفاء ويترضوا عنهم ، ويشهدوا لهم بالفضل والجنة؟! وها هو يخرج ما في قلبه من حقد وبغض للخلفاء رضي الله عنهم، ولا يعجب القارئ من هذه الصراحة ؛ لأنه بين أهل نحلته ، وفي قم الإيرانية ، إذ لا تقية ، ولا مداراة لأهل السنة ، وإليك نص قولـه في المحاضرة السادسة ص 79ـ80 بعنوان (ظلامة علي (ع) ، وأقيمت بتاريخ 12رجب1411هـ الموافق 28/1/1991م) في المسجد الأعظم بقم:(من هنا ليتعرف الحضور في هذا المجلس، وهم من طبقة الفقهاء أو المتفقهين الذين هم في سبيل الفقاهة، على وظيفتهم بعد هذا… إن وظيفتكم الأساسية تتلخص في أمرين:
1-غرس بذرة محبة علي (ع) في القلوب…
2-أن نعمل وبنفس المستوى والمقدار، ودون قيد أنملة من فارق أو تفاوت مع الأمر الأول (غرس الولاية والمحبة)، على زرع بذرة بغض غاصبي حقه في قلوب الأمة، واعلموا أن الأمة جمعاء ستبلى بلعنة ونقمة شاملة ، لا يعلم ما وراءها ، إذا ظهر بين التولي والتبرّي تفاوت ما، أو برز شيء من الفارق بينهما، ولو بقدر مثقال ذرة.. ).

الفصل الثاني: ظهور الأثر الواقعي لفكرهم التكفيري على جميع المسلمين بفرقهم ومذاهبهم           
قبل الولوج في بيان مادة الفصل ، لا بد من وقفتين مهمتين جدا ، يغفل عنهما الكثير من المسلمين ، وهما:
الوقفة الأولى:تكفيرهم يشمل جميع فرق ومذاهب أهل السنة
ربما يتوهم بعض أهل السنة -بدافع حسن الظن أو الجهل بالمذهب وحقيقته ، بسبب وقوعهم في فريسة الإعلام الشيعي الكاذب والمخادع- أن المقصود بهذا اللعن والتكفير بعض الفرق الضالة التي قد تحسب على أهل السنة كالنواصب والخوارج([95]) دون مجموع فرق أهل السنة والجماعة ، وهذا في واقع الأمر توهم خاطئ بعيد جداً عن الصواب ، إذ أن تكفير الشيعة لمخالفيهم يشمل جميع مذاهب وفرق أهل السنة بدون أي استثناء ، فلا فرق بين شافعي وحنبلي ، ولا بين معتزلي وأشعري ، ولا بين صوفي أو سلفي ، فالجميع في نظر الشيعة كفار ملعونون مستحقون للخلود في نار وجحيم الآخرة إلى الأبد مع اليهود والنصارى والمجوس!! وإليك - أخي القارئ- إثبات هذه الحقيقة من وجهين:
الوجه الأول:
وهو وجه استدلالي يقوم على ما تقدم ذكره من نصوص ومرويات ويبني عليه ، هو كما يلي:
أولاً: إن أهل السنة والجماعة يعظِّمون جميع صحابة رسول الله r ، ويجزمون بعدالتهم-كما هو معلوم لدى الجميع- ويفاضلون بينهم فيعدُّون أفضلهم –بل أفضل الناس على الإطلاق بعد الأنبياء- الخلفاء الثلاثة الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ويعتبرونهم النبراس الذي يُستضاء به ، والمثال الذي يُحتذى ، بل المجد التليد الذي يُعتدُّ به ، لما قدموه من نصرة وجهاد ، وما بذلوه من غالٍ ونفيس في سبيل نبيهم ودينهم ، حتى جاءت آيات القرآن الكريم تثني عليهم أجمل الثناء ، وتأمر باتباع نهجهم والسير على خطاهم ؛ لأن في ذلك اتباعاً وسيراً على منهاج النبوة قطعاً ، ولما كان هؤلاء النفر العظيم ، والنادر من البشر قد زخرت -ويا للوقاحة- بذمه ولعنه وتكفيره كتب الشيعة ، كما جاء معنا في الفصل السابق ، كان من المنطقي إذن أن ينسحب هذا الحكم –بالذم واللعن والتكفير- على كل من تبعهم ، وسار على نهجهم ، ودان لهم بالفضل والخيرية ، إذ لا يُعقل أن يُكفَّر ويلعن ويسب الفاضل المتبوع ممن شهد له القرآن الكريم بالخير والرضوان ، وخصَّه النبي rبالصحبة والنصرة وزخر التاريخ بعظيم أعماله وروائع إنجازاته ، ويُنزَّه عن ذلك كله التابع المفضول ممن لم يُعصَم ذكره أو يُنزه ذمته شرع من كتاب أو سنة ، ولم يبلغ عشر معشار مبلغ سلفه من البذل والعطاء والصبر والجهاد!!!
ثانيا: ثبت عندنا من خلال ما مر بنا في القسم الأول من الدراسة أن الشيعة الإمامية الاثني عشرية كَفََّروا كل من خالفهم في أصل الإمامة أو أنكره ، ولا شك على الإطلاق أن أهل السنة جميعهم بكل فرقهم ومذاهبهم هم في مقدمة هؤلاء ، فبقاءهم بمنئىً عن الذم والطعن والتكفير من قبل الشيعة أمرٌ ممتنع عقلاً ، ولا دليل عليه من منطق أو نظر.      
الوجه الثاني:
بعد أن بينا في الوجه الأول – بالنظر والاستدلال- أن تكفير الشيعة لأهل السنة يشمل جميع مذاهبهم وفرقهم بدون أي استثناء ، بقي أن نعلم: هل أن ما ذهبنا إليه هو عين ما جاء في المذهب وتقرر فيه ، أم أنه لا يعدو كونه بُعْدٌ في المسلك عن واقع حال القوم ، أو تسريح للنظر في غير مجاله وأن تكفيرهم يقتصر على جماعة دون غيرها وعلى فرقة بعينها دون أخرى؟
وحتى نقف جميعاً على الحقيقة ، إليك - أخي القارئ- على سبيل المثال لا الحصر ما سطَّره علماء الشيعة في كتبهم من روايات أئمتهم –المفتراة- وتصريحات لآياتهم بهذا الخصوص:
1-روى الكليني رواية تصف أبا حنيفة بأنه ناصبي، ونصها هو: [عن محمد بن مسلم ، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده أبو حنيفة ، فقلت له: جعلت فداك رأيت رؤيا عجيبة ، فقال لي:يا ابن مسلم هاتها ، فإن العالم بها جالس وأومأ بيده إلى أبي حنيفة، قال: فقلت: رأيت كأني دخلت داري وإذا أهلي قد خرجت علي ، فكسرت جوزا كثيرا ونثرته علي، فتعجبت من هذه الرؤيا ، فقال: أبو حنيفة أنت رجل تخاصم و تجادل لئاما في مواريث أهلك. فبعد نصب شديد تنال حاجتك منها إن شاء الله، فقال: أبو عبد الله (عليه السلام): أصبت والله يا أبا حنيفة، قال: ثم خرج أبو حنيفة من عنده، فقلت: جعلت فداك إني كرهت تعبير هذا الناصب، فقال: يا ابن مسلم لا يسؤك الله، فما يواطيء تعبيرهم تعبيرنا ولا تعبيرنا تعبيرهم ، وليس التعبير كما عبره …]([96]).
2-وروى الكليني أيضا:[عن محمد بن حكيم قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام : جعلت فداك! فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس ، حتى أن الجماعة منا لتكون في المجلس ، ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة ، و يحضره جوابها فيما من الله علينا بكم ، فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شيء ، فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا عنكم فنأخذ به؟ فقال: هيهات هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم، قال : ثم قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت]([97]).
3- نقل لنا محدثهم نعمة الله الجزائري وثيقة خطيرة لكشف الحقد الصفوي الفارسي على أئمة المسلمين ، من خلال موقف كل من الشاه عباس ، وجده إسماعيل تجاه قبر الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله تعالى ، فيقول:[ إن السلطان الأعظم شاه عباس الأول لمّا فتح بغداد أمر بأن يجعل قبر أبي حنيفة كنيفا. وقد أوقف وقفا شرعيا بغلتين وأمر بربطهما على رأس السوق حتى أن كل من يريد الغائط يركبهما ويمضي إلى قبر أبي حنيفة لقضاء الحاجة. وقد طلب خادم قبره يوما فقال له: ما تخدم في هذا القبر وأبو حنيفة الآن في أسفل الجحيم؟ فقال: أن في هذا القبر كلبا أسودا دفنه جدك الشاه إسماعيل لما فتح بغداد قبلك فأخرج عظام أبي حنيفة وجعل موضعها كلبا أسودا فأنا أخدم ذلك الكلب .. ثم أكد الجزائري وقوع الاعتداء الآثم على قبر أبي حنيفة رحمه الله تعالى فقال: وكان صادقاً في مقالته ، لأن المرحوم شاه إسماعيل فعل مثل هذا]([98]).
4-وروى الكليني أيضاً:[عن محمد بن حكيم ، وحماد عن أبي مسروق قال: سألني أبو عبد الله (عليه السلام) عن أهل البصرة ، فقال لي: ما هم؟ قلت: مرجئة وقدرية وحرورية. فقال: لعن الله تلك الملل الكافرة المشركة التي لا تعبد الله على شيء ]([99]).
قال محقق كتاب الكافي علي أكبر غفاري عند تعريفه للمرجئة ، معلقاً عن هذه الرواية ما نصه:[المرجئة: المؤخرون أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن مرتبته في الخلافة([100]) ، أو القائلون بأن  لا يضر مع الإيمان معصية].
5-طعن محدثهم محمد بن طاهر القمي بالأئمة الأربعة -أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد- قائلاً:[خاتمة في أحوال الأئمة الأربعة لأهل السنة وبعض فتاويهم الركيكة وعقائدهم السخيفة]([101]).
6-ينقل خاتمة محدثي الشيعة محمد  باقر المجلسي معتقد الأئمة الأربعة لأهل السنة بكون التكبير على الجنازة أربعاً ، وضمَّنه لعنهم ووصمهم بأخبث المنافقين فقال:[ وذهب الفقهاء الأربعة من المخالفين ، وجماعة أخرى منهم إلى أن التكبير أربع ، وأما كون الصلاة على غير المؤمن أربعا ، فهو المقطوع به في كلامهم ، ويظهر لك من أمثال هذا الخبر أنَّ منشأ اشتباه العامة لعنهم الله في الأربع ، هو فعل النبي صلى الله عليه وآله ذلك أحيانا، ولم يفهموا جهة فعله، بل أعماهم الله تعالى عن ذلك، ليتيسر للشيعة العمل بهذا في الصلاة عليهم، لكونهم من أخبث المنافقين لعنة الله عليهم أجمعين]([102]).
7-قال محدثهم نعمة الله الجزائري أيضاً في الأنوار النعمانية:[ فالأشاعرة ومتابعوهم أسوأ حالاً في باب معرفة الصانع من المشركين والنصارى ... فمعرفتهم له سبحانه على هذا الوجه الباطل من جملة الأسباب التي أورثت خلودهم في النار مع إخوانهم من الكفار]([103]).
8- ما قام به محدثهم يوسف البحراني([104]) من طعن ولعن لعلماء أهل السنة , دون تفريق بين معتزلي وأشعري , حيث طعن في الزمخشري والرازي والغزالي والتفتازاني، فبعد أن نقل كلام الزمخشري , وأتبعه بالرازي قال عنهما في ص88: [إلىآخر كلامه أذاقه الله تعالى مع سابقه ـ أي الزمخشري ـ شديد انتقامه].
وقال عن الغزالي في ص137: [وإنه ليعجبني أن أنقل كلاماً للغزالي الذي هو حجة إسلامهم، لتطلع بذلك على خبث سرائرهم وقبح مرامهم …… إلى أن قال في  ص139: فسرِّح بريد نظرك في أطراف هذا الكلام ، الذي هو كلام إمام اولئك اللئام، وحجة إسلام تلك الطغام].
وقال عن التفتازاني في ص139: [ولقد أجرى الله الحق على لسان علامتهم التفتازاني… قال عليه ما يستحقه في شرح المقاصد …إلى أن قال عنه فيص141: ولقد أنصف التفتازاني في ذلك تمام الإنصاف على رغم أنفه، وفي المثل المشهور(حامل حتفه بكفِّه)، وقد ظن أن التستُّر بهذه الأعذار يطفئ عنهم نائرة العار والشنار، ولم يدرِ أن عثراتهم لِعظِم قبائحها قد بلغت في الاشتهار إلى حد لا تقبل الإنكار، وعَذَراتهم لنتن روائحها قد بلغت في الانتشار إلى مقام لا يقبل الاستتار].
9-قال شيخهم محمد باقر المازندراني:[وهذا عند أصحاب الكياسة والعقل عجيب ، وإن كان لدى أهل السنة السفهاء غير غريب] ([105]).
10-قال علامتهم ومحققهم الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي عن الصوفية والمتصوفة: [ قد تبين وتحقق لك مما أوردناه في شرح هذا الكلام لأمير المؤمنين عليه السلام أن مذاهب الصوفية بحذافيرها مخالفة لمذهب المتشرعة الإمامية الحقة ، شيَّد الله بنيانه وأحكم قواعده وأركانه، كما ظهر لك أن الآيات والأخبار في لعنهم وطعنهم والتعريض والازراء عليهم لعنهم الله تعالى متظافرة ، وأن الأخبار التي تمسَّكت بها هذه الفئة الضالة المبتدعة المطرودة الملعونة إما موضوعة مجعولة ، أو متشابهة مؤولة ، أو ضعيفة سخيفة ... فويل لقوم اتخذوا سلفهم الذين مهدوا لهم البدعات ، وموَّهوا لهم الضلالات أرباباً ، فرضوا بالشِّبلي والغزالي وابن العربي وجنيد البغدادي أئمة ... خذلهم الله تعالى في الدنيا ، وضاعف عليهم العذاب في العقبى..]([106]).
11-إن علامتهم محمد جميل حمود قد طعن بالرازي ، ووصمه برأس النواصب([107])، فقال في ص541: [اعترض على الفهم الإسلامي العام للآية جماعة من المتعصبين النواصب ، وعلى رأسهم الفخر الرازي في التفسير الكبير] ، وقال عنه أيضاً في ص562: [فظهر مما ذكرنا غفلة الناصب اللعين عن أخبار الشيعة أيدهم الله تعالى]، ثم وصم الآلوسي بالنصب أيضاً فقال في ص560: [قال الناصبي الآلوسي] 
12-يقول آيتهم العظمى أبوالقاسم الخوئي عن الغزالي: [وبذلك يتجلى لك افتضاح الناصبي المتعصب إمام المشككين، حيث لهج بما لم يلهج به البشر]([108]).
وهكذا علمنا على وجه اليقين بالدليل والاستقراء أن العداء والتكفير تجاه أهل السنة ليس مخصوصاً بأعيان دون آخرين أو فرقة دون غيرها ، إذ لا فرق بين ابن تيمية صاحب كتاب منهاج السنة –الذي دكَّ به صرح المذهب الإمامي من القواعد- وبين الشافعي –الناظم أجمل القول في حب الآل من البيت النبوي- في نظر الشيعة ، فكلاهما عندهم كافر ملعون خالد مخلد في نار الجحيم ، لا الأول أورده منهاجه مورد الكفر واللعن ، ولا الثاني عَصَمه إنشاده وثناؤه من نار الآخرة وجحيمها ، وهكذا الحال على العموم ، فالسلفية –الذين تميزوا عن غيرهم من الجماعات الإسلامية السنية بقوة التصدي للفكر الشيعي والتثقيف ضده ، وخصومهم من بعض الطرق الصوفية ، ممن يدعون انفرادهم بطرق أو مناهج تعبدية خاصة ، وروثوها بزعمهم عن أئمة آل البيت ، وتحديداً علياً وأبناءه رضي الله عنهم ، كلاهما في ميزان الشيعة كافر مستحق للخلود في النار ، إذ الكل عندهم سواء ، ما داموا يجتمعون على حب الصحابة والخلفاء الراشدين ، وما داموا لم يسلموا لهم بسلامة منهجهم الأصولي السقيم في وجوب القول بالإمامة والعصمة ، وما إلى ذلك من عقائدهم الفاسدة البينة الضلال ، أما سبب كون بعض علماء السنة كابن تيمية وبعض فرقهم كالسلفية أكثر عرضةً لهجوم أتباع هذا المذهب وعلمائه من غيرهم ، فمردُّه إلى أن هؤلاء العلماء وتلك الفرق كانوا أشد من غيرهم وقعاً عليهم كونهم تصدوا بحزم وجدية لفضح عيوبهم ، وهدم أسس مذهبهم ، وتقويض بناءه ، فجعلوا من أنفسهم مرمى سهام القوم ونبالهم ، لكنهم ظلوا صروحاً شامخة تكسَّرت على صخورها نصول سهامهم والنبال:
    كناطح صخرةٍ يوماً ليوهنها              فلم يَضِرها وأوهى قرنه الوعلُ
الوقفة الثانية:بيان معاني أهم مصطلحاتهم المتداولة في قضية التكفير
وأهم هذه المصطلحات هي:
1-الإيمان:
مرادهم به الإسلام , مع الإعتقاد بإمامة الأئمة الاثني عشر ، والدليل ما يلي:
1-يقول علامتهم محمد بن علي الموسوي العاملي:[ المراد بالإيمان هنا معناه الخاص ,وهو الإسلام مع الولاية للأئمة الاثني عشر]([109]).
2-قال آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني:[ الإيمانيعني : الإسلام , والولاية للأئمة الاثني عشر]([110]).
3-قول علامتهم محمد بن جمال الدين مكي العاملي , الملقب بالشهيد الثاني: [والمراد بالإيمان معناه الأخص , وهو الإسلام , والولاية للأئمة الاثني عشر]([111]).
4-يقول محدثهم يوسف البحراني: [الإيمان الذي هو عبارة عن الإسلام , مع اعتقاد إمامة الأئمة الاثني عشر]([112])، وقال:[ الإيمان الذي هو عبارة عن معرفة الإمام والقول به]([113])، أكد أن مصطلح الإيمان لا يصح إطلاقه على غير الشيعة ممن لا يعتقد بالإمامة , فقال:[والذي دلت عليه الأخبار كما تقدمت الإشارة إليه أن الإيمان لا يصدق على غير الإمامية]([114]).
2-المؤمن:
ومرادهم بالمؤمن هو الشيعي الإمامي حصراً , وممن صرح بذلك من علمائهم:
1-يقول محمد بن علي الموسوي العاملي: [المؤمن هو المسلم الذي يعتقد إمامة الأئمة الاثني عشر]([115]).
2-و يقول محدثهم يوسف البحراني: [المؤمن وهو المسلم المعتقد لإمامة الأئمة الاثني عشر]([116]).
3-و قال علامتهم النجفي:[كما أنه لا إشكال في وجوب غسل المؤمن , أي الإمامي المعتقد لإمامة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)]([117]).
4-يقول الخونساري في كتابه(جامع المدارك) ( ج6ص4 ):[ ومن الشروط الإيمان بمعنى كونه اثني عشريا].
5-يقول آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي في كتابه (مصباح الفقاهة) ( ج1 ص323 ) :[ أقول: المراد من المؤمن هنا من آمن بالله وبرسوله , وبالمعاد وبالأئمة الاثني عشر -عليهم السلام- أولهم علي بن أبي طالب u , وآخرهم القائم الحجة المنتظر].
6-يقول آيتهم وإمامهم الخميني في كتابه (المكاسب المحرمة) ( ج1 ص250):[ المراد بالمؤمن : الشيعة الإمامية الاثنيعشرية].
7-أخيرا يقول آيتهم العظمى السيستاني في كتابه (المسائل المنتخبة) ( ص 13):[ رابعاً:الإيمان - بمعنى أن يكون اثنا عشريا].
3-المخالف:
ومقصودهم به كل من عدا الشيعي الإمامي من المسلمين , ممن لا يعتقد بالإمامة التي ينصّون عليها , كأحد أهم أصول المذهب ، وممن صرح بمعناه عندهم من علماء الشيعة ما يلي:
1- قال آيتهم العظمى الكلبايكاني جواباً على سؤالٍ مانصه: [من هو المخالف ؟ هل هو من خالف معتقد الشيعة في الإمامة أو من خالف بعض الأئمة , ووقف على بعضهم؟ فيدخل في ذلك الزيدية وغيرهم، وهل حكم المخالف حكم "الخارج والناصب والغالي" أم لا؟
بسمه تعالى: المخالف في لساننا يطلق على منكر خلافة أمير المؤمنين " عليه السلام " بلا فصل([118])، وأما الواقف على بعض الأئمة " عليهم السلام " فهو وإن كان معدودا من فرق الشيعة إلا أن أحكام الاثني عشرية لا تجري في حقه]([119]).
2- يقول محمد كلانتر محقق كتاب اللمعة الدمشقية: [المخالف وهو غير الاثنى عشري من فرق المسلمين]([120]).
3- يقول الميرزا جواد التبريزي: [بحيث أنهم عُرِفوا([121] ) حتى عند أعدائهم بتوليهم لهؤلاء الأئمة الطاهرين، وميزوا بأنهم (الاثنا عشرية) في إشارة إلى اعتقادهم بإمامة الأئمة الاثني عشر. وصار الأمر عند الشيعة بحيث أن من كان لا يؤمن بأحدهم , أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه الطائفة المحقة]([122]).
4- يقول محدثهم يوسف البحراني: [لأنا لا نعقل من المخالف متى أُطلق إلا المخالف في الإمامة والمُقَدِّم فيها]([123])، وقال أيضاً: [ومخالفيه هم الذين لم يأخذوا بأحكامه، ولم يعتقدوا إمامته وعصمته، بل جعلوه من سائر الخلفاء]([124])، وقال أيضاً: [ولاريب أن مراد ابن إدريس بالحق الذي صرح بنجاسة من لم يعتقده إنما هو الولاية كما سيأتيك بيانه إن شاء الله تعالى في الأخبار , فإنها معيار الكفر والإيمان في هذا المضمار]([125]).
5- إن آيتهم العظمى المعاصر محمد سعيد الحكيم -الذي يقطن النجف الآن- قد صرح بمعنى مصطلحي "العامة" و"المخالفين" بأنهم الذين يتولون الشيخين ـ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ـ ويعتقدون بشرعية خلافتهما ، بمعنى آخر أن المخالفين والعامة هم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم ,فقال ما نصه:[ الظاهر أن المراد بالعامة المخالفون الذين يتولون الشيخين ويرون شرعية خلافتهما على اختلاف فرقهم ، لأن ذلك هو المنصرف إليه العناوين المذكورة في النصوص]([126]).
6- ويبين آيتهم العظمى محسن الحكيم الذين يشملهم عنوان المخالف بقوله: [ولاينافي الطعن فيه بما سبق، إذ يكون حاله حال جماعة من العامة، والفطحية والواقفية وغيرهم من المخالفين للفرقة المحقة]([127]).
7- يقول الخوئي: [والمخالف مسلم –غير مضمر للكفر– إلا أنه لا يعتقد بالولاية]([128]).
8-إن الطوسي ذكر كلاماً في موضوع صلاة الجنازة ، يفهم منه معنى المخالف ، حيث قال: ["وأما ما يتضمن من الأربع تكبيرات محمول على التقية ؛ لأنه مذهب المخالفين.."]([129])، فعبَّر عن أهل السنة بالمخالفين الذي يكبرون أربعاً في صلاة الجنازة.
9- إن محققهم الحلي ذكر عبارة بخصوص حكم دفع الزكاة ، لغير الشيعي ، فقال:[ ولو أعطي مخالف زكاته لأهل نحلته ثم استبصر أعاد]([130])، وعندما أراد محقق الكتاب صادق الشيرازي شرح هذه العبارة ذكر فيها المخالف بكل وضوح –بأنه غير الشيعي من المسلمين- حيث قال:[ [يعني: لو أعطى غير الشيعي زكاته لفقراء غير الشيعة وجب عليه إعادة الزكاة بعد ما صار شيعياً].
وهناك ملاحظة من الضروري الإشارة إليها ، وهي: بما أن معنى المخالف هو كل من عدا الشيعي الإمامي من المسلمين فهي تشمل صنفين:
الأول:
أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم ، فهم المقصود الأول بهذا المصطلح كما تقدم تصريح مراجعهم به.
الثاني:
فرق الشيعة الأخرى كالإسماعيلية والزيدية وغيرهم ، فهم أيضاً يعدهم الإمامية مخالفين لهم ، فلا يجرون عليهم أحكامهم([131]).
وعليه فالمقصود بمصطلح المخالف هم أهل السنة أولاً وأصالةً ، وباقي فرق الشيعة من غير الإمامية ثانياً وتبعاً ، ويجب التنبه لهذا وخصوصا عند نقلي لفكرهم التكفيري وظهور آثاره من خلال تطبيقه على المسلمين ، فأحياناً أعبَّر بموقفهم من أهل السنة ، وأحياناً أعبِّر بموقفهم من جميع المسلمين ، وكلا التعبيرين صحيح ، فالكل يشملهم لفظ المخالف.
4-الكفر المقابل للإيمان:
ذكر آيتهم العظمى أبا القاسم الخوئي ثلاثة معاني للكفر ، أحدها يخص موضوع دراستنا وهو القسم الثاني ، حيث قال:[ وذلك لأن للكفر مراتب عديدة ... و"منها": ما يقابل الإيمان ويحكم بطهارته واحترام دمه وماله وعرضه ، كما يجوز مناكحته وتوريثه([132]) إلا أنَّ الله سبحانه يتعامل معه معاملة الكافر في الآخرة ، وقد كنا سمينا هذه الطائفة في بعض أبحاثنا بمسلم الدنيا ، وكافر الآخرة]([133]).
وبعد هاتين الوقفتين آن لنا أن نبين كيف ظهر أثر الفكر التكفيري الذي يحمله الشيعة بين جوانحهم تجاه أهل السنة ، من خلال عرض أهم المظاهر العقائدية والفقهية التي تجلى فيها أثر هذا الفكر بوضوح ، وإليك أخي القارئ بعض أهم تلكم المظاهر:
المظهر الأول:حملهم كفر أهل السنة على ما يقابل الإيمان([134])
فمن مراجع الشيعة وأعلامهم الذين صرحوا بذلك:
1-خاتمة محدثيهم المجلسي:
قال:[ويدخل في هذا الكفر المقابل لهذا الإيمان من سوى الفرقة الناجية الإمامية من فرق المسلمين وغيرهم]([135]).
2-علامتهم محمد حسن النجفي صاحب كتاب (جواهر الكلام):
فمن أقواله([136])ما يلي:
1-    قال في (ج39 ص32):[ولعل الوجه فيه إطلاق الكفر على المخالفين في بعض الأخبار، وهو محمول على إرادة الكفر الإيماني دون الإسلامي].
2- وقال أيضاً في (ج6 ص 60ـ 61):[محمول على إرادة تنزيله منزلة الكافر فيما يتعلق بالأمور الأخروية من شدة العذاب والخلود فيه).
     فلم يكتف بحمل كفرهم على الآخرة ، وإنما استدل ليثبت أن مراد الأئمة هو هذا فقال بعدها مباشرة: (كما هو ظاهر المنساق إلى الذهن من ملاحظتها، بل من أعطى النظر والتأمل فيها يقطع بإرادتهم (عليهم السلام)، بيان دفع وهم احتمال حصول ثواب لهم، أو مرتبة أخروية، أو امتياز من الكفار بسبب ما أظهروه من الشهادتين مع إنكارهم الولاية...].
3- وقال أيضاً في (ج6 ص 56):[ لأن الأقوى طهارتهم في مثل هذه الأعصار، وإن كان عند ظهور صاحب الأمرu بأبي وأمي يعاملهم معاملة الكفار([137])، كما أن الله تعالى شأنه يعاملهم كذلك بعد مفارقة أرواحهم أبدانهم، وفاقاً للمشهور بين الأصحاب].
3-شيخهم الأعظم مرتضى الأنصاري صاحب كتاب المكاسب:

بعد أن أثبت صحة الأخبار التي تكفِّر منكر الإمامة ومخالفها، حمل الكفر الوارد فيها على الكفر المقابل للإيمان، فقال: [والحاصل أنَّ ثبوت صفة الكفر لهم مما لا إشكال فيه ظاهرا كما عرفت من الأصحاب ,ويدل عليه أخبار متواترة نذكر بعضها تيمنا وتشريفا للكتاب([138])…… إلا أن المستفاد من مجموع الأخبار وكلمات الأخيار أن المراد بهذا الكفر المقابل للإيمانالذي هو أخص من الإسلام]([139])، -  وقال أيضاً - : [فإطلاق الكفر عليهم باعتبار إرادة مايقابل الإيمان لا ما يقابل الإسلام]([140]).
4-آيتهم العظمى محسن الحكيم:
1-قال: [وأما النصوص فالذي يظهر منها أنها في مقام إثبات الكفر للمخالفين بالمعنى المقابل للإيمان، كما يظهر من المقابلة فيها بين الكافر والمؤمن فراجعها]([141]).
2- وقال: [وأما ما ورد في كفر الناصب والغالي فالظاهر منه الكفر بلحاظ الآثار الأخروية نظير ما ورد في كفر المخالف]([142]).
3-وقال: [أما المسلم المخالف ، فالمشهور ظاهرا عدم جواز النيابة عنه ؛ لأنه بحكم الكافر في الآخرة]([143]).
 5-آيتهم العظمى وأبرز زعمائهم السياسيين في العصر الحاضر الخميني:
1-فبعد أن اعترف بصحة الروايات التي تُكَفِّر المخالف في الإمامة حملها على الكفر المقابل للإيمان ، وذلك في معرض رده على علامتهم يوسف البحراني ، فقال: [فهلا تنبه بأن الروايات التي تشبث بها ، لم يرد في واحدة منها أن من عرف عليا عليه السلام فهو مسلم ، ومن جهله فهو كافر، بل قابل في جميعها بين المؤمن والكافر، والكافر المقابل للمسلم ، غير المقابل للمؤمن]([144]).
2-أكد نفس هذا المعنى بقوله: [فما وردت في أنهم كفار لا يراد به الحقيقة بلا إشكال، ولا التنزيل في الأحكام الظاهرة … فلا بد من حملها إما على التنزيل في الأحكام الباطنة ، كالثواب في الآخرة ، كما صرحت به رواية الصيرفى ، أو على بعض المراتب التي هي غير مربوطة بالأحكام الظاهرة]([145]).
6-آيتهم العظمى ومحققهم وزعيم الحوزة في وقته أبوالقاسم الخوئي:
1-بعد أن اعترف بأن الروايات التي تُكَفِّر المخالف في الإمامة كثيرة ، وبالغة حد الاستفاضة ، حمل الكفر فيها على ما يقابل الإيمان ، فقال: [وما يمكن أن يستدل به على نجاسة المخالفين وجوه ثلاثة: " الأول ": ما ورد في الروايات الكثيرة البالغة حد الاستفاضة من أن المخالف لهم – عليهم السلام - كافر وقد ورد في الزيارة الجامعة: " ومن وحده قبل عنكم " فلإنه ينتج بعكس النقيض أن من لم يقبل منهم فهو غير موحد لله سبحانه ، فلا محالة يحكم بكفره. والأخبار الواردة بهذا المضمون وإن كانت من الكثرة بمكان إلا أنه لا دلالة لها على نجاسة المخالفين إذ المراد فيها بالكفر ليس هو الكفر في مقابل الإسلام وإنما هو في مقابل الإيمان كما أشرنا إليه سابقا]([146]).
2-وقال: [ للأخبار الواردة في كفر المخالفين كما تأتي جملة منها عن قريب ؛ لأن الكفر فيها إنما هو في مقابل الإيمان ولم يرد منه ما يقابل الإسلام]([147]).
3-وقال:[فقد قلنا في أبحاث الطهارة أن المراد من الكفر ترتب حكمه عليه في الآخرة ، وعدم معاملة المسلم معهم فيها، بل يعاقبون كالكافر ...]([148]).
7-آيتهم العظمى المعاصر محمد صادق الروحاني:
فقد صرح بأن السنة لا يدخلون الجنة لعدم اعتقادهم بالولاية ، وذلك من خلال سؤال وجِّه إليه ونصه([149]):
السؤال هو : هل السنة يحكم عليهم بالكفر ؟  .هذا هو الأهم .... هل يدخلون السنة الجنة؟ طبعا هم لا يوالون عليا عليه السلام ولكنهم لا يكرهون أهل البيت ويحبونهم .... وكيف يدخلون النار وهم يشهدون الشهادتين ويصلون الصلوات الخمس ، ويحجون ، ويصومون رمضان ...
الجواب :بسمه جلّت أسماؤه ، يشترط في صحة العبادات الولاية لأمير المؤمنين عليه السلام، فمع فقد الشرط لا يتحقق المشروط.
فهم يعلنونها صراحةً بأن مصير أهل السنة الخلود في نار الجحيم مع اليهود والنصارى وباقي الملل الكافرة.
المظهر الثاني:بطلان عبادات أهل السنة ، وعدم نيلهم الثواب عليها([150])
وممن اعترف بهذا المظهر من مظاهر فكرهم التكفيري من علمائهم ومراجعهم هم:
1-علامتهم وخاتمة محدثيهم محمد باقر المجلسي:
1-نقل لنا إجماع الإمامية على هذا الفكر التكفيري ، فقال:[ واعلم أن الإمامية أجمعوا على اشتراط صحة الأعمال وقبولها بالإيمان الذي من جملته الإقرار بولاية جميع الأئمة عليهم السلام وإمامتهم]([151]).
2-قال:[فغير المؤمن الاثنى عشري المصدق قلباً لا يترتب على شيء من أعماله ثواب في الآخرة ، ويلزمه الخلود في النار كما مر وسيأتي أيضاً إن شاء الله]([152]).
2-آيتهم العظمى محسن الحكيم:
حيث يقول:[ثم إنه لا ريب في شرطية الإيمان([153]) في صحة العبادة ، وعليه فعبادة المخالف باطلة]([154])، وقال:[لأن بطلان عبادة المخالف إنما استفيدت من الأخبار]([155]).
3-قال آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين صاحب كتاب المراجعات:
قال في معرض تعليقه على حديث أورده مثبتا هذه العقيدة:[ فأنعم النظر في قوله: لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا ، ثم أخبرني ما هو حقهم الذي جعله الله شرطا في صحة الأعمال . أليس هو السمع والطاعة لهم والوصول إلى الله –عزوجل- عن طريقهم القويم وصراطهم المستقيم ، وأي حق غير النبوة والخلافة يكون له هذا الأثر العظيم]([156]).
4-إمامهم وآيتهم العظمى الخميني:
فقد صرح بهذه الحقيقة في أقوال عدة من كتابه(الأربعين) وإليك بعضاً منها:
1- قال في ص583: [ثم ذكر عليه السلام -الصادق- مغزى كلامه من أن الولاية شرط في قبول الأفعال ، كما سيأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى].
2-    وقال في ص592: [والأخبار في هذا الموضوع وبهذا المضمون كثيرة، ويستفاد من مجموعها أن ولاية أهل البيت عليهم السلام شرط في قبول الأعمال عند الله سبحانه، بل هو شرط في قبول الإيمان بالله والنبي الأكرم e ].
3-    أكَّد أن هذا الحقد والعداء ليس عقيدةً خاصةً به دون غيره من علماء الإمامية ، بل هي من الحقائق المُسَلَّمة في المذهب التي لايختلف عليها اثنان منهم، والاعتقاد بها ضرورة من ضروريات المذهب ، فقال في ص591: [إن ما مرّ في ذيل الحديث الشريف من أن ولاية أهل البيت ومعرفتهم شرط في قبول الأعمال، يعتبر من الأمور المُسَلَّمة، بل تكون من ضروريات مذهب أهل التشيع المقدس، وتكون الأخبار في هذا الموضوع أكبر من طاقة مثل هذه الكتب المختصرة على استيعابها وأكثر من حجم التواتر].
4-    كشف عن معتقده العدائي البغيض تجاه أهل السنة ، بصورة أخرى أبشع وهي تصريحه بأن التوبة الصادقة التي يُبَدِّل الله سيئات صاحبها حسنات هي خاصة بالشيعة الإمامية فقط دون غيرهم ، فلا تشمل أهل السنة أبداً ؛ لأنهم لا يؤمنون بمعتقدهم بالإمامة والولاية ، فقال في ص590: [فكل من توفرت فيه هذه الأمور الثلاثة -آمنوا وتابوا وعملوا صالحاً- فاز وشملته ألطاف الله سبحانه وأصبح مكرَّماً أمام ساحة قدسه ، فتتحول سيئاته وآثامه إلى حسنات، ومن المعلوم أن هذا الأمر يختص بشيعة أهل البيت، ويحرم عنه الناس الآخرون ؛ لأن الايمان لايحصل إلا بواسطة ولاية علي وأوصيائه من المعصومين الطاهرين عليهم السلام، بل لا يقبل الإيمان بالله ورسوله من دون الولاية كما سنذكر ذلك في الفصل التالي].
5-آيتهم العظمى وزعيم الحوزة العلمية أبو القاسم الخوئي:
 1-اعترف بأن إجماع الشيعة متحقق على بطلان العبادة من دون الولاية، وأن النصوص الكثيرة تثبته فقال:[ تكفينا - بعد الإجماع- المحقق كما عرفت النصوص الكثيرة الدالة على بطلان العبادة من دون الولاية].
2-قال:[ فقد قلنا في أبحاث الطهارة أنَّ المراد من الكفر ترتب حكمه عليه في الاخرة ، وعدم معاملة المسلم معهم فيها ، بل يعاقبون كالكافر ولا يثاب بأعمالهم الخيرية الصادرة منهم في الدنيا ، كالصلاة وغيرها]([157]).
3-وقال أيضاً:[قدمنا في كتاب الطهارة عند التكلم حول غسل الميت اعتبار كون المغسل مؤمنا ، استنادا إلى الروايات الكثيرة الدالة على أنَّ عمل المخالف باطل عاطل لا يعتد به، وقد عقد صاحب الوسائل بابا لذلك في مقدمة العبادات]([158]).
4-وقال أيضاً: [اشتراط الإيمان في المصلي: للأخبار الدالة على عدم مقبولية عمل غير المؤمن فإنها كما تدل على عدم كفاية عمل المخالف في مقام الامتثال، كذلك تقتضي عدم كفايته في الإجزاء ، فلا يجزي عمله عن المكلفين ، وفي بعضها أنَّ الله سبحانه شانع أو يشنع عمل المخالف ، أي يبغضه فلا يقع مقبولاً امتثالاً إجزاءً]([159]).
5-وأورد رواية ساقها كشاهد على معتقدهم التكفيري ، فقال:[ كصحيحة محمد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : كل من دان الله –عزوجل- بعبادة يجهد فيها نفسه ، ولا إمام له من الله ، فسعيه غير مقبول ، وهو ضال متحير والله شانئ لأعماله].
    ثم -استنبط منها عقيدتهم في البطلان- فقال:[ فإن من يكون الله شانئاً لأعماله ومبغضاً لأفعاله ، كيف يصح التقرب منه وهو ضال متحير لا يقبل سعيه؟ فكل ذلك يدل على البطلان . وفي ذيل الصحيحة أيضا دلالة على ذلك كما لا يخفي على من لاحظها ، فإذا بطل العمل ممن لا إمام له وكان كالعدم ، فمن لا يعترف بالنبي بطريق أولى ، إذ لا تتحقق الولاية من دون قبول الإسلام . ومما ذكرنا يظهر الحال في اعتبار الإيمان في صحة الصوم ، وأنه لا يصح من المخالف لفقد الولاية].
6-آيتهم العظمى محمد صادق الصدر:
حيث وجه إليه سؤال حول عقيدتهم هذه ، ونصه مع جوابه:
[ س: هناك أناس يعتقدون بأن مذهب التشيع مذهب خامس ، وله الحق في نشر تعاليمه ، ولا يفرقون بينهم وبين الشيعة ، ولكن لا يعتقدون بأن الخلافة يجب أن تكون للإمام علي عليه السلام فهل عملهم صحيح وموجب للقبول؟
ج: بسمه تعالى:يعتبر في قبول الأعمال الولاية]([160]).
7-آيتهم العظمى على السيستاني:
فقد أكَّد هذه العقيدة من خلال اعتباره الإيمان-وهو الإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر- شرطاً في استحقاق الثواب ، وحاصل كلامه أن بدونها-وهو حال فرق أهل السنة- لن يكون هناك ثواب على العبادات ، فقال:[ شرائط صحة الصوم ، وهي أمور:1- الاسلام ، فلا يصح الصوم من الكافر ، نعم. إذا اسلم في نهار شهر رمضان ، ولم يأت بمفطر قبل إسلامه فالأحوط لزوما أن يمسك بقية يومه بقصد ما في الذمة ، وأن يقضيه إن لم يفعل ذلك ، وأما الإيمان فالأظهر عدم اعتباره في الصحة بمعنى سقوط التكليف وإن كان معتبرا في استحقاق المثوبة]([161]).
فليتأمل المسلمون هذه العقيدة التكفيرية الضالة ، وما تورثه من حقد في نفوس أهلها ، فلا يرون في جميع أعمال أهل السنة وعباداتهم من صلاة وصيام وحج وزكاة وجهاد ، وما إلى ذلك غير النَصَب والتعب ونقص المال دون أدنى أجر أو ثواب ، حالهم في ذلك حال من لم يعبد الله طرفة عين من الكفار الذين وصفهم الله تعالى بذلك في كتابه الكريم حين قال]وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ{ [التوبة:54] ، وطبعاً فإن حرمانهم من الأجر والثواب كحال الكفار مؤدّاه الطبيعي أن يقاسموهم نار الآخرة وجحيمها ، وهذا ما قرروه ونقلناه عنهم في المظهر الأول من هذا الفصل فتمعَّن.      
المظهر الثالث:تحريمهم إعطاء الزكاة لفقراء أهل السنة لأنهم كفار
يمكن إبراز أثر فكرهم التكفيري في موضوع دفع الزكاة من خلال مبحثين هما:
المبحث الأول:بيان بعض صور حقدهم على أهل السنة:
وقد تجلى هذا الحقد بصورتين يتعبدون بهما ، أملاها عليهم فكرهم التكفيري ووقع إجماعهم عليها ، وهما:
1-الصورة الأولى:
إن إعطاء الزكاة يكون لفقراء الشيعة فقط ، وعليه لا يجوز اعطاؤها للمخالفين من أهل السنة وغيرهم من المسلمين ، وعلى هذا إجماعهم ، ولا تجد عالماً واحداً يخالفه.
2-الصورة الثانية:
إن المخالف – من باقي المسلمين- إذا أعطى الزكاة إلى أهل نحلته – مهما كانت نحلته من المسلمين- ثم اعتنق مذهب الشيعة الإمامية بعد ذلك ، فيجب عليه إعادتها بدفعها إلى فقراء الشيعة ، ولا تقبل منه تلك التي دفعها لفقراء المسلمين، وعلى هذا إجماعهم أيضاً.
وإليك بعض نصوص مراجعهم التي أفتوا بها لأتباعهم –بما تقدم من الصورتين أعلاه- كي يتعبدوا بها وبعضها نصت على وقوع الإجماع منهم عليها:
1-قال علي بن بابويه: [وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية]([162]).
2-وقال ابن بابويه الملقب بالصدوق: [لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية]([163]).
3-وقال محققهم الحلي:[الأول: الإيمان، وهو معتبر إلا في المؤلفة، فلا يعطى الكافر، وعلى ذلك أهل العلم، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لمعاذ: (أَعْلِمْهم أنَّ في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) وكذا لا يعطى غير الإمامي وإن اتصف بالإسلام...]([164])، وقال:[ القسم الثاني في أوصاف المستحق: الوصف الأول: الإيمان فلا يعطى كافرا ، ولا معتقدا لغير الحق([165])، ولو أعطي مخالف زكاته لأهل نحلته ، ثم استبصر أعاد([166])]([167]) ، وقال:[وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين. فأربعة: الإيمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم غير محق … ولو أعطى مخالف فريضة ثم استبصر أعاد]([168])
4-وقال شهيدهم الأول: [ويلحق بذلك مسائل يشترط الإيمان في الجميع ، إلا المؤلفة فلا يعطى الكافر ، ولا معتقد غير الحق من المسلمين ، ولو أعطى مخالف فريقه ثم استبصر أعاد]([169]).
5-وقال ابن فهد الحلي: [وأما الأوصاف المعتبرة في الفقراء والمساكين، فأربعة: الايمان: فلا يعطى منهم كافر، ولا مسلم غير محق … ولو أعطى مخالف فريضة، ثم استبصر أعاد]([170]).
6-ويقول آيتهم العظمى علي السيستاني:[ في أوصاف المستحقين: يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها ، مع استجماع الشروط الآتية : الأول : الإيمان . فلا يعطى الكافر ، وكذا المخالف منها]([171]) ، وقال أيضاً في (ص373) مسألة رقم (1145):[ إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته ، ثم رجع إلى مذهبنا أعادها ، وإن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ]([172]).
7-وينقل علامتهم محمد حسن النجفي إجماعهم بقوله: [(الوصف الأول الإيمان) بالمعنى الأخص (فلا يعطى الكافر) بجميع أقسامه في غير التأليف وسبيل الله بلا خلاف معتد به بين المسلمين ، فضلا عن المؤمنين، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منه متواتر، بل يمكن دعوى كونه من ضروريات المذهب أو الدين.
(و) كذا (لا) يعطى عندنا (معتقدا لغير الحق) من سائر فرق المسلمين بلا خلاف أجده فيه بيننا، بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منه متواتر كالنصوص خصوصا في المخالفين]([173]).
8-وينقل علمهم آغا رضا الهمداني إجماعهم ، وكثرة الأخبار في ذلك ، حيث قال:[الثاني في أوصاف المستحقين للزكاة وهي أمور: الأول: الإيمان يعني الإسلام مع الولاية للائمة الاثني عشر عليهم السلام فلا يعطى الكافر بجميع أقسامه ، بل ولا معتقد لغير الحق من سائر فرق المسلمين بلا خلاف فيه على الظاهر بيننا. والنصوص الدالة عليه فوق حد الإحصاء]([174]).   
المبحث الثاني:تصريحهم بعلة منعهم الزكاة عن فقراء أهل السنة
في هذا المبحث سيتجلى حقدهم بشكل أظهر وأبشع مما سبق ، وذلك من خلال ذكر أعلامهم ، وأعمدة مذهبهم للعلة والسبب الذي من أجله منعوا إعطاء زكاتهم للمخالفين، حيث ستقف على تصريح ثلاثة من أعمدة مذهبهم([175]) لعلة المنع وهم:
1-الشريف المرتضى المقلب عندهم بعلم الهدى:
قال:[(وجوب دفع الزكاة إلى الإمامي) ، ومما انفردت به الإمامية: القول بأن الزكاة لا تجزئ إلا إذا انصرفت إلى إمامي ، ولا تسقط عن الذمة بدفعها إلى مخالف. والحجة في ذلك: مضافا إلى الإجماع أن الدليل قد دل على أن خلاف الإمامية في أصولهم كفر ، وجار مجرى الردة ، ولا خلاف بين المسلمين في أن المرتد لا تخرج إليه الزكاة]([176])، وكرر ذكرها بقولـه: [المسألة الثامنة والعشرون (اشتراط الولاية في مستحقي الزكاة) ولا يجزئ إخراجها إلا إلى المقرين العارفين لولاية أمير المؤمنين عليه السلام، فإن أخرجت إلى غيرهم وجبت الإعادة. والوجه في ذلك: بعد الإجماع المتكرر ذكره أن الجاهل لولاية أمير المؤمنين عليه السلام وإمامته مرتد عند أهل الإمامة، ولا خلاف بين المسلمين في أن الزكاة لا تخرج إلى المرتدين، ومن أخرجها إليهم وجبت عليه الإعادة، وهذا فرع مبني على هذا الأصل]([177]).
1-محققهم الحلي:
قال:[الأول: الإيمان، وهو معتبر ، إلا في المؤلفة، فلا يعطى الكافر، وعلى ذلك أهل العلم، ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال لمعاذ: (أَعْلِمْهم أنَّ في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) وكذا لا يعطى غير الإمامي وإن اتصف بالإسلام، ونعني به كل مخالف في اعتقادهم الحق كالخوارج والمجسمة وغيرهم من الفرق الذين يخرجهم اعتقادهم عن الإيمان ، وخالف جميع الجمهور في ذلك ، واقتصروا على اسم الإسلام. لنا أن الإيمان هو تصديق النبي صلى الله عليه وآله في كل ما جاء به ، والكفر جحود ذلك، فمن ليس بمؤمن كافر ، وليس للكافر زكاة لما بينَّاه، ولأن مخالف الحق معادٍ لله ورسوله ، فلا تجوز موادته ، والزكاة معونة ومودة وإرفاق ، فلا تصرف إلى معادٍ]([178]).
3-علامتهم ابن المطهر الحلي:
قال: [ولا يكفي الإسلام ، بل لا بد من اعتبار الإيمان ، فلا يعطى غير الإمامي ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، خلافا للجمهور كافة ، واقتصروا على اسم الإسلام. لنا: أن الإمامة من أركان الدين وأصوله ، وقد علم ثبوتها من النبي صلى الله عليه وآله ضرورة ، فالجاحد بها لا يكون مصدقا للرسول عليه السلام في جميع ما جاء به ، فيكون كافراً ، فلا يستحق الزكاة ، ولأن الزكاة معونة وإرفاق ، فلا يعطى غير المؤمن ، لأنه محادد لله ولرسوله ، والمعونة والارفاق موادَّه ، فلا يجوز فعلها مع غير المؤمن لقولـه تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )]([179])، وكرر ذكرها بقوله: [وشرط علماؤنا أيضا الإيمان، فلا يعطى غير المؤمن عندنا - خلافا للجمهور؟ فإنهم اقتصروا على الإسلام خاصة؛ - لأن مخالف الحق محادد لله ورسوله فلا تجوز مودته، والزكاة معونة ومودة فلا تصرف إليه]([180]).
فليتأمل المسلمون كيف ظهر أثر فكرهم التكفيري بمنعهم الزكاة عن فقراء أهل السنة ؛ لأنهم كفار في معتقدهم.
المظهر الرابع:جعلهم أهل السنة في حيز الأعداء ، ورفضهم التآخي معهم([181])
فممن صرح بذلك من علمائهم ومراجعهم:
1-محدثهم ومحققهم يوسف البحراني:
قال:[فإن إثبات الأخوة بين المؤمن والمخالف له في دينه ، لا يكاد يدعيه من شمَّ رائحة الإيمان ، ولا من أحاط خبراً بأخبار السادة الأعيان ، لاستفاضتها بوجوب معاداتهم ، والبراءة منهم]([182]).
2-فقيههم ومدققهم علي الطباطبائي:
 قال:[ ودعوى الإيمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده ، والنصوص المستفيضة بل المتواترة ظاهرة في رده]([183]).
3-علامتهم وفقيههم النراقي:
قال:[ ودعوى الإيمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده . وتؤكده النصوص المتواترة الواردة عنهم في طعنهم ولعنهم وتكفيرهم]([184]).
4-علامتهم الذي كانت له رئاسة مذهبهم في وقته: محمد حسن النجفي:
فقد نفى النجفي وبشدة دلالة قوله تعالى } وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ { (الحجرات: من الآية12) على تحريم غيبة أهل السنة ، لأنها تحرم الغيبة بين الإخوة (أي الإمامية فيما بينهم فقط)، والمخالف ليس أخاً للإمامي، بل استبعد مثل هذه الأخوة ونفاها ؛ لأن رواياتهم المتواترة أوجبت معاداتهم والبراءة منهم ، فقال:[وصدر الآية (الذين آمنوا) وآخرها: التشبيه بأكل لحم الأخ.
بل في جامع المقاصد أن حد الغيبة على ما في الأخبار أن يقول في أخيه ما يكرهه لو سمعه مما فيه، ومعلوم أن الله تعالى عقد الأخوَّة بين المؤمنين بقوله تعالى:} إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ دون غيرهم، وكيف يتصور الأخوَّة بين المؤمن والمخالف، بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات، في وجوب معاداتهم، والبراءة منهم]([185]).
وليتأمل عقلاء المسلمين من كل الفرق كيف استبعد كل البعد الإخوة بين الشيعة وغيرهم من المسلمين؟! لأن الروايات جاءت متواترة بوجوب معاداتهم والبراءة منهم.
5-شيخهم الأنصاري الذي يلقبونه بالشيخ الأعظم:
1-في معرض مناقشته لنفس الآية التي تحرم الغيبة أعلاه ، نفى دلالتها على تحريم غيبة باقي المسلمين ، فزعم بأنها تحرم الغيبة فقط بين الأخوة بقوله (لحم أخيه)، والمخالف عنده ليس بأخٍ للإمامي ، لأن أخبارهم أوجبت التبرّي منه، فلا يتخذ أخاً ، فقال: [مع أن التمثيل المذكور في الآية مختص بمن ثبت أخوته، فلا يعم من وجب التبرّي عنه] ([186]).
2- وأكد أيضا عدم دخول المخالف في تلك الآية ، وعدم شمولها له ، بتصريحه أن المعلوم ضرورةً من مذهب الإمامية هو عدم احترام المخالفين ، وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم، فقال:[وتوهُّم عموم الآية - كبعض الروايات - لمطلق المسلم، مدفوع بما علم بضرورة المذهب من عدم احترامهم ، وعدم جريان أحكام الإسلام عليهم]([187]).
6-آيتهم العظمى وزعيم حوزتهم العلمية أبو القاسم الخوئي:
في معرض إثباته لجواز غيبة باقي المسلمين ، تعرض للآية التي تحرم الغيبة بين المسلمين ، لأنهم إخوة ، وهي قوله تعالى: } وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ { (الحجرات: من الآية12) ، فصرح بعدم شمولها للمسلمين لأنهم في معتقده ليسوا بإخوانٍ للشيعة ، فقال: [إن المستفاد من الآية والروايات هو تحريم غيبة الأخ المؤمن، ومن البديهي أنه لا أخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين، وهذا هو المراد أيضا من مطلقات أخبار الغيبة]([188])،
فهو يرفض مطلقا وبشدة مثل هذه الأُخوَّة مع المسلمين ، بل ويجعل هذا النفي أمراً بديهياً ثابتاً ومُسَلَّماً به في المذهب.
7-إمامهم وزعيمهم الخميني:
في معرض ِإثباته لجواز غيبة باقي المسلمين ، تعرض للروايات التي تحرم الغيبة فاستبعد شمولها لهم ، وخصوصا تلك التي تذكر عنوان تحريم غيبة المسلم لأخيه المسلم بأن غير الشيعي ليس بأخ لهم ، فقال:[ وما اشتملت على الأخ لا تشملهم أيضا لعدم الأُخوَّة بيننا وبينهم بعد وجوب البراءة عنهم وعن مذهبهم وعن أئمتهم، كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب]([189])، وقال أيضاً [فإنها في مقام تفسيرها اعتبرت الأُخوَّة فيها،فغيرنا ليسوا بإخواننا وإن كانوا مسلمين]([190])،
وهكذا يؤسس الخميني –مؤسس الدولة الإيرانية الشيعية - لعلاقته بأهل السنة والجماعة ، فليتأمل المسلمون وخاصة جيرانهم وليحذروا ! ولكن للإنصاف نقول أن الخميني لم ينفرد بهذا المعتقد ، ولم تلده رحم أفكاره ، بل الرجل كان فيه تبعاً لمن سبقه ، وهذا ما أشار إليه هو بنفسه ، حين قال:[ كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب].
8-آيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم([191]):
اعترف بأن أهل السنة لا يمكن إدخالهم في دائرة التآخي مع الشيعة ؛ لأنهم من صنف الأعداء الذين لا يستحقون في معتقده إلا البغض واللعن ، فقال:[ومن الظاهر أنه لا احترام ولا ولاية ولا حق لغير المؤمن، بل هو في حيز الأعداء. بل ما ورد من لعن المخالفين وسبهم والبراءة منهم يقتضي جواز غيبتهم بالأولوية العرفية..]([192])،
فتأمل كيف أملى عليه فكره التكفيري الأسود نفي أي  احترام أو ولاية لأهل السنة في مذهبهم ؛ لأنهم في حيز الأعداء، والأخبار قد وردت بلعنهم وسبهم والبراءة منهم.
وبعد أن عرضنا بعض أقوال علمائهم في إثبات هذا المظهر التكفيري بحق المخالف لا بد من التذكير بأن ذلك لا يُعَدُّ اجتهاداً خاصاً يمثل عين قائله دون عموم المذهب ، لأن هؤلاء إنما نقلوا ما هو ثابت فيه ، أو مقطوع بصحته عند المذهب ، وإثبات ذلك يمكن أن نقف عليه -أخي القارئ- من خلال مجموعة أدلة ، منها:
 1-الروايات الكثيرة والمتواترة التي أشار إليها النجفي بقوله:[ بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات، في وجوب معاداتهم، والبراءة منهم].
2-إن أصول المذهب أوجبته كما قال الخميني:[كما تدل عليه الأخبار واقتضته أصول المذهب].
3-إن ثبوته من البديهيات التي لا يمكن مناقشتها ، كما قال الخوئي:[ ومن البديهي أنه لا أخوة ولا عصمة بيننا وبين المخالفين].
وهذا يعني أن الفكر التكفيري بكل آثاره ومظاهره توجبه روايات متواترة ، فلا ينكر تورط الشيعة وتلوثهم به إلا مخادع ماكر أو جاهل.
المظهر الخامس:تجويز لعن أهل السنة وغيبتهم وسبهم
فممن صرح بذلك من مراجعهم :
1-محدثهم ومحققهم يوسف البحراني:
قال:[ من أوضح الواضحات في جواز غيبة المخالفين طعن الأئمة - عليه السلام - بأنهم أولاد زنا ، فمن ذلك ما رواه الكافي ( ج 8 ص 285 ) (عن أبى حمزة ,عن أبي جعفر - عليه السلام - قال : قلت له : إنَّ بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم ، فقال : الكف عنهم أجمل . ثم قال : والله يا أبا حمزة ، إنَّ الناس كلهم أولاد بغايا , ما خلا شيعتنا) . . . فإذا كان الأئمة - عليهم السلام - قد طعنوا فيهم بهذا الطعن , واغتابوهم بهذه الغيبة التي لا أعظم منها في الدين بالنسبة إلى المؤمنين والمسلمين , فكيف يتم ما ذكره من الــمنع من غيبتهم !! ]([193]).
2-علامتهم الذي كانت له رئاسة مذهبهم في وقته محمد حسن النجفي:
1-قال:[ لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم]([194]).
2-كما صرح بأن جوازه وقع عليه الإجماع ، بل هو من الضروريات ، حيث قال:[وعلى كل حال فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك ؛ لاتحاد الكفر الإسلامي والإيماني فيهم، بل لعل هجاءهم على رؤوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية، وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وعوامهم، حتى ملأوا القراطيس منها ، بل هي عندهم من أفضل الطاعات، وأكمل القربات فلا غرابة في دعوى تحصيل الإجماع، كما عن بعضهم بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات ، فضلا عن القطعيات]([195]).
3-الأنصاري الذي يلقبوه بالشيخ الأعظم:

1-قال:[ المسألة السابعة والعشرون هجاء المؤمن حرام بالأدلة الأربعة، لأنه همز ولمز وأكل اللحم وتعيير وإذاعة سر، وكل ذلك كبيرة موبقة…واحترز بالمؤمن عن المخالف، فإنه يجوز هجوه لعدم احترامه]([196]).
2- وصرح بأن المخالف يجوز لعنه فضلاً عن غيبته ، فقال: [ثم إن ظاهر الأخبار اختصاص حرمة الغيبة بالمؤمن، فيجوز اغتياب المخالف، كما يجوز لعنه]([197]).
4-آيتهم العظمى وزعيم حوزتهم العلمية أبو القاسم الخوئي:
1-قال:[ أنه ثبت في الروايات والأدعية والزيارات جواز لعن المخالفين، ووجوب البراءة منهم، وإكثار السب عليهم، واتهامهم، والوقيعة فيهم: أي غيبتهم ؛ لأنهم من أهل البدع والريب]([198]).
2-قال:[قيام السيرة المستمرة بين عوام الشيعة وعلمائهم على غيبة المخالفين، بل سبهم ولعنهم في جميع الأعصار والأمصار، بل في الجواهر أن جواز ذلك من الضروريات]([199]).
5-آيتهم العظمى وإمامهم الخميني
قال:[ فلا شبهة في عدم احترامهم ، بل هو من ضروري المذهب ، كما قال المحققون ، بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم ، بل الأئمة المعصومون ، أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساويهم]([200]).
6-آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي:
 الذي صرح تحريم غيبة الشيعي وجوازها فيما عداه من المسلمين ؛ لأنهم في حيز الأعداء ، وممن يجب التبرّي منهم واغتيابهم ، وذلك من خلال سؤال وجِّه إليه ونصه([201]):
سؤال:ما حكم اغتياب الأصناف التالية : أ- الكافر المسلم ، والحربي.  ب- المسلم غير الإمامي.  ج - الطفل؟ وهل هناك فرق بين الطفل المميز وغير المميز ،  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جواب:بسمه تعالى.المشهور بين الأصحاب والمستفاد منالأدلة اختصاص حرمة الغيبة بالأخ المؤمن ـ و من طبيعة الأخوة أن يكون بينهما تحابب ، فجعل الشارع المؤمن أخاً للمؤمن مرجعه إلى جعله محباً و صديقاً له فهي تتحقق فيمن لميأمر الشارع بالاجتناب والتبرّي عنه ، بل واتخاذه عدواً ، فالأخوة منحصرة بالمسلم الإمامي فلا تحرم غيبة غيره  ، وأما الطفل فإن كان غير مميز فلا كلام في عدم حرمةغيبته ؛ لعدم صدق الموضوع -وإن كان مميزاً ومؤمناً - فالأظهر حرمة غيبته ـ مع ملاحظة صدق الغيبة بمالها من الشرائط.
المظهر السادس:جعلهم سب أهل السنة من أفضل الطاعات والقربات
إن كان المظهر السابق قد بين تجويزهم سبّ أهل السنة وغيبتهم والوقيعة فيهم ، فإن هذا المظهر ينطوي على ما هو أبشع وأقبح من ذلك بكثير ، إذ أنه ينقل حكم تلك السلوكيات المنكرة والمقيتة من مجرد بيان جوازها دون أن يترتب على اقترافها إثم ، إلى الترغيب فيها وترتيب أعم الأجر والثواب عليها !! وفي ذلك دعوى صريحة للشيعة بأن يجعلوا من ممارسة ذلك الفحش البذيء سلوكاً دائماً فيهم ، لا يخلو منه ذكر عابد أو قانت أو حديث متسامرين أو مذاكرة طلاب علم([202]) ، وإليك أخي القارئ بعض تصريحات أعلامهم ومراجعهم بهذا الخصوص:     
1-يذكر المجلسي أن في لعن أبي بكر وعمر والبراءة منهم أجراً وثواباً ، فيقول:[أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما، وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتى ، وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم ]([203]).
 2-وقد بالغ الشيعة في لعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بدعاء معروف بينهم يسمى بدعاء صنمي قريش([204])، ثم بعد إيراده صرَّحوا بالأجر العظيم لمن يقرأه ؛ كي يُرَغِّبوا الشيعة في قراءته ، فيقول المجلسي حول فضل قراءته:[هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة و رواه عبد الله بن عباس عن علي عليه السلام أنه كان يقنت به، وقال: إن الداعي به كالرامي مع النبي صلى الله عليه وآله في بدر وأُحُد وحُنَيْن بألف ألف سهم ] ([205]).
 3-وقد جعل عَلَمَهم محمد حسن النجفي هجاء المخالفين -وعلى رأس المخالفين لهم في الإمامة الخلفاء الثلاثة- وغيبتهم من أفضل عبادة العباد ، وأكمل القربات ، فقال:[ وعلى كل حال ، فالظاهر إلحاق المخالفين بالمشركين في ذلك ؛ لاتحاد الكفر الإسلامي والإيماني فيهم، بل لعل هجاءهم على رؤوس الأشهاد من أفضل عبادة العباد ما لم تمنع التقية، وأولى من ذلك غيبتهم التي جرت سيرة الشيعة عليها في جميع الأعصار والأمصار علمائهم وعوامهم، حتى ملأوا القراطيس منها ، بل هي عندهم من أفضل الطاعات، وأكمل القربات ، فلا غرابة في دعوى تحصيل الإجماع ، كما عن بعضهم ، بل يمكن دعوى كون ذلك من الضروريات، فضلا عن القطعيات]([206]).
4-صرح شيخهم الأعظم الأنصاري بأن كفر أهل السنة ثابت ، ومما لا إشكال فيه ، إذ قررته مرويات الأئمة المتواترة وتصريحات علمائهم ، ولما أراد أن يسرد بعضاً من هذه المرويات أخرج حقده بعبارة تجلَّت بشاعتها بقوله إن ذكرها في كتابه مما يشرِّفه ، ويلقي البركة فيه ، حيث قال:[ والحاصل أنَّ ثبوت صفة الكفر لهم مما لا إشكال فيه ظاهرا ، كما عرفت من الأصحاب ، ويدل عليه أخبار متواترة نذكر بعضها تيمّناً وتشريفاً للكتاب]([207]).
المظهر السابع:لعنهم لأموات أهل السنة في صلاة الجنازة:
لقد أصابني وأنا أتناول هذا المظهر الجديد من مظاهر الفكر التكفيري الشيعي تجاه المسلمين عموماً وأهل السنة خصوصاً من الغم والأسى أضعاف ما أصابني جرّاء المظاهر السابقة جميعاً ، والسبب هو أنَّ كل ما سبق من سَبٍّ ولعن وقذف وفحش ، على ما فيه من بذاءة وحقد ، إلا أنه كان يُطال بأذاه الأحياء من المسلمين ، أما هذا المظهر فهو بحق أمواتهم الذين ما إن يفارقوا هذه الدنيا ، حتى يصبحوا أحوج ما يكونون فيه إلى الدعاء الصالح لهم ؛ عسى أن تشملهم رحمة الله تعالى ومغفرته([208]) ، فكلنا يعلم أن المسلم حين يموت ، ويفارق دنيا العمل ، ويفضي إلى عالم الحساب ، لن ينفعه غير سابق عمله ودعاء باقي المسلمين له بالرحمة والمغفرة ، ولهذا حين يموت تتوقف عن ذكر مساوئه الألسن ، وترقّ له القلوب ، حتى التي كانت تجد عليه غلظة قبل موته ، لأنه قد أقبل على موقف عصيب وشديد([209]) ، والمسلم رحيم لا يعرف الغل والحقد على أخيه المسلم ، وهو قد يخالفه أو يختلف معه ، أو ربما تقع بينهما عداوة وبغضاء ، لكن حين تدق ساعة الموت تلهج الألسن جميعاً صديقها وعدوها " اللهم اغفر له وارحمه ونقِّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس" ، فهل المسلم إلا نتاج دينه وهل ديننا إلا دين رحمة؟ ولكن للأسف الشديد فإن هذه القاعدة ليست ثابتة ومطلقة ، فبين ظهرانينا أناس يدّعون الإسلام وقلوبهم أقسى من الحجر –وإن من الحجارة لما يتشقق منه الماء فيمنح الحياة- تلك القلوب التي لم ترقّ لأموات المسلمين في أحرج الأوقات وأشدها تأثيراً في النفوس([210]) ، بل راحت تتفنن في التعبير عن هذا الغيظ تجاههم ، حتى اختاروا عبادة أريد لها أن تكون مظهراً سامياً من مظاهر التراحم بين المسلمين ، ليحيلوها رغماً عن إرادة الشارع إلى مظهر قاتم ومقيت من مظاهر الغل والحقد! تلك هي صلاة الجنازة التي أدخلوا عليها قسراً وجهاً قبيحاً وبذيئاً من خزين حقدهم الذي لا ينفد ، فأبدلوا التراحم فيها بالتشفي ، والدعاء للميت بالمغفرة ودخول الجنة بلعنه وسبِّه والتضرع لإقحامه في النار!! ولا تنفِ أخي القارئ ولا تنكر فإليك بعض فتاوى علمائهم بهذا الخصوص([211]):    
1-قال علي بن بابويه القمي(ت329هـ): [وإذا كان الميت مخالفا ، فقل في تكبيرك الرابعة: اللهم اخز عبدك وابن عبدك هذا، اللهم أصله نارك، اللهم أذقه أليم عقابك وشديد عقوبتك، وأورده نارا واملأ جوفه نارا، وضيق عليه لحده، فإنه كان معاديا لأوليائك ومواليا لأعدائك، اللهم لا تخفف عنه العذاب واصبب عليه العذاب صبا. فإذا رفع جنازته فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه]([212]).
2-وقال شيخهم المفيد(ت413هـ): [ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلى عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية، فيغسله تغسيل أهل الخلاف، ولا يترك معه جريدة، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له]([213]).

3-إنَّ شيخ طائفتهم الطوسي(ت460هـ) علَّق على كلام المفيد السابق - بعدم الصلاة على المخالف وإن اضطرَّ لذلك لعنه فيها - موضحاً الوجه في ذلك ، فقال: [قال الشيخ أيده الله تعالى: (ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه إلا أن تدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله تغسيل أهل الخلاف ، ولا يترك معه جريدة ، وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ، ولم يدع له فيها). فالوجه فيه أن المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار إلا ما خرج بالدليل، وإذا كان غسل الكافر لا يجوز ، فيجب أن يكون غسل المخالف أيضا غير جايز ، وأما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام على المنافقين، وسنبين فيما بعد كيفية الصلاة على المخالفين إن شاء الله تعالى والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز إجماع الأمة ؛ لأنه لا خلاف بينهم في أن ذلك محظور في الشريعة]([214])، وقال أيضاً: [وإن كان مخالفا معاندا دعا عليه ولعنه]([215]).
4-وقال شيخهم أبو الصلاح الحلبي(ت447هـ): [وإن كان مخالفا للحق بجبر أو تشبيه أو اعتزال أو خارجية أو إنكار إمامة لعنه بعد الرابعة وانصرف. ولا يجوز الصلاة على من هذه حاله إلا لتقية]([216]).
5-وقال ابن زهرة الحلبي(ت 585هـ): [وإن كان مخالفا للحق دعا عليه بما هو أهله]([217]).
6-وقال أبو المجد الحلبي: [وبعد الرابعة بالترحم على الميت إن كان محقا، وعليه إن كان مبطلا]([218]).
7-وقال يحيى بن سعيد الحلي(ت690هـ): [وكيفيتها أن ينوي ويكبر ويتشهد الشهادتين، ثم يكبر ثانية ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم يكبر ثالثة، ويدعو للمؤمنين، ثم رابعة ويدعو للميت المحق، ثم خامسة، ويقول عفوك ثلاثا، وينصرف بها. وإن كان إماما: وقف حتى ترفع الجنازة سنة. وإن كان مبطلا دعا عليه، ولعنه عقيب الرابعة وانصرف]([219]).
8-وقال محققهم القمي(ت1090هـ): [ثم يكبر رابعة ويدعوا للميت إن كان مؤمنا ، ثم يكبر وينصرف ويدعوا على الميت إن كان مخالفا]([220]).
9-وقال الميرزا القمي(ت1221هـ): [وإن كان الميت مخالفا فأقل الواجب هو الدعاء عليه، والمنقول فيه روايات منها حسنة الحلبي في جاحد الحق: " اللهم املأ جوفه نارا، وقبره نارا، وسلط عليه الحيات والعقارب ". ومنها صحيحة صفوان بن مهران للناصب: " اللهم أخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك، فإنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك"]([221]).
10-كما وصرح آيتهم العظمى أبو القاسم الخوئي بنفس الحقد ، فقال:[ (حكم الصلاة على المخالف من حيث الدعاء): وأما من حيث الدعاء فيختلفان حيث يدعى على الميت المخالف ، ويدعى له في المؤمن]([222]) ، ثم بيَّن لنا في نفس الموضع الرواية التي ورد فيها صيغة الدعاء ، وهي (صحيحة الحلبي) ، فقال:[ وقد ورد في صحيحة الحلبي الأمر بالدعاء على الميت] ، ونصها:[ محمد بن على بن الحسين بإسناده عن عبيدالله بن علي الحلبي([223])، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا صليت على عدو الله ، فقل: اللهم إنا لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارا، واحش جوفه نارا، وعجل به إلى النار، فإنه كان يوالي أعداءك، ويعادي أولياءك، ويبغض أهل بيت نبيك، اللهم ضيق عليه قبره، فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي مثله]([224]).
وقبل أن أطوي صفحة هذا المظهر أدعو المسلمين جميعاً ممن اطلعوا معي على خبث سرائر هؤلاء ، أن يتخيلوا معي هذا المشهد الأليم لميت من أموات أهل السنة مُكَفَّن في أسباله ومُسَجى في تابوته وموضوع تجاه القبلة عند المحراب ، وأهله من حوله يذرفون الدموع على فراقه ، ويعتصر قلوبهم الخوف على مصيره: هل إلى جنةٍ ونعيم أو إلى عذابٍ وحميم ؟! لاهجين له بالدعاء الحار الصادق ، والاستغفار الملح المتواصل ، عسى الله تعالى أن يغفر له باستغفارهم ، ويشمله بفضله ومَنِّه استجابة لدعائهم ، ثم تُقام الصلاة ويُقَدَّم رجل دين شيعي ليَؤم المصلين فيتصدر دعاؤه دعاءهم قائلاً في سرِّه :
[اللهم احشُ جوفه ناراً، اللهم املأ قبره ناراً، اللهم عَجِّل به إلى النار، اللهم سَلِّطْ عليه الحيات والعقارب، اللهم اجعل الشيطان له قرينا] !!! ([225])
المظهر الثامن:بشاعة معتقدهم بمنزلة أهل السنة وطهارتهم
قبل الشروع في عرض نصوص علماء الإمامية المثبتة لهذا المظهر المثير والخطير ، وحتى لا تختلط الرؤى وتتشتت الأذهان ، لا بد أن نؤصِّل لأمر مهم وأساسي بل ومبدئي يتميز به الشيعة الإمامية عن غيرهم من باقي فرق المسلمين ومذاهبهم ، وهو الذي يمكن - في حال تقرر عندنا معرفته والعلم به- أنه يساعدنا في فهم الكثير من تشريعات مذهب الإمامية التكفيري وطروحاته واستيعابها ، ذلك أن المنظِّرين في المذهب وقادة الفكر فيه – فضلاً عمن دونهم في العلم والمنزلة- قد اتخذوا كل مُسلَّمات الدين الإسلامي الحنيف وآدابه العظيمة السمحاء ورائهم ظهريا ، فتنكروا لها وانسلخوا منها حتى كأنهم ليسوا من الإسلام في شئ ، بل هم فوق ذلك قد نبذوا عنهم كل ثوابت المروءة وأبجديات السلوك الإنساني السويّ ، حتى غدوا مسخاً من البشر موبوء النفس سقيمها ، شاذ الرؤية مُشَّوه النظرة ، لا تحكم تقريراته وتسليماته ضابطةٌ من دين أو منطق ، بل الأمر عندهم تبعٌ لهوى منحرف ، ومزاجية في إطلاق الأحكام منتنة.
هذه الحقيقة لا بد أن نستوعبها جيدا ونتيقن منها تماماً حتى يتهيأ لنا – على المدى البعيد والمنظور- القدرة الكاملة على تكوين صورة واضحة المعالم عنهم ، تمكننا من اختيار الإطار المناسب لها الذي تليق به ويليق بها ، فيضبط ملامحها ولا تخرج عنه. ومن جهة أخرى – وعوداً إلى موضوع هذا المظهر- حتى لا ننكر أنفسنا أو نتهم عقولنا ومداركنا فيما سنقرأ الآن من تصريحات القوم وتقريراتهم([226]) فيما يتعلق باعتقادهم بمنزلة أهل السنة وطهارتهم ، فقد اخترنا منها بعض ما جاء على ألسنة التالي ذكرهم من كبار علماء المذهب ورجاله ممن رسموا مع أقرانهم بأقلامهم وريشهم ملامح صورته الشوهاء المنفرة:
1-علامتهم وفقيههم ومحقههم النراقي:
1-قال:[ ودعوى الإيمان والأخوة للمخالف مما يقطع بفساده . وتؤكده النصوص المتواترة([227]) الواردة عنهم في طعنهم ولعنهم وتكفيرهم ، وأنهم شر من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب([228])]([229]).
2-وقال:[ المعتضدتين بما في الأخبار من أنهم شر من اليهود والنصارى ومن الكلاب]([230]).
2-فقيههم ومدققهم علي الطباطبائي:
قال:[ مضافا إلى النصوص المتواترة الواردة عنهم ( عليهم السلام ) بطعنهم ولعنهم ، وأنهم أشر من اليهود([231]) والنصارى ، وأنجس من الكلاب]([232]).
3-علامتهم ومجدد مذهبهم محمد باقر الوحيد البهبهاني:
قال:[ فإن المخالف الذي أنكر أصلا أو أصلين من اصول الدين - وهما الإمامة والعدل - بل وكثيرا من صفات الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) ... كافر بلا شك بالكفر المقابل للإيمان ، وإن لم يكن كافرا بالكفر المقابل للإسلام ، بل ورد في الأخبار أنه شر من اليهود والنصارى وغيرهما]([233]). 
4-علامتهم الذي كانت له رئاسة مذهبهم في وقته: محمد حسن النجفي:
1-قال:[ لكن لا يخفى على الخبير الماهر الواقف على ما تظافرت به النصوص، بل تواترت من لعنهم وسبهم وشتمهم وكفرهم وأنهم مجوس هذه الأمة، وأشرُّ من النصارى وأنجس من الكلاب]([234]).
2-قال:[ وعلى كل حال فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين وأنهم مجوس هذه الأمة وشر من اليهود والنصارى]([235]).
3-قال:[ كل ذلك مضافا إلى ما ورد في النصوص من لعن المخالفين والدعاء عليهم وأنهم مجوس هذه الأمة وشر من اليهود والنصارى وأنهم لغير رشدة]([236]).
5-محدثهم نعمة الله الجزائري:
راح يترجم هذه العقيدة البشعة إلى واقع فقهي يتعبدون به ، وذلك في معرض تعليقه على رواية ينسبوها للكاظم([237]) -رحمه الله تعالى- بيَّنت الكفارة التي يتوجب على الشيعي دفعها إن قتل مخالفاً للشيعة من باقي المسلمين -والتي كانت تيساً وهو الذكر من المعز- بقوله:[فكفِّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس , والتيس خير منه] ، حيث قال:[فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر , وهو كلب الصيد , فإن ديته عشرون درهماً ، ولا دية أخيهم الأكبر , وهو اليهودي أو المجوسي , فإنها ثمانمائة درهم ، وحالهم في الآخرة أخسّ وأنجس]([238])، فجعل هذه الكفارة الجزيلة لدم المسلم -التي لم تصل إلى قيمة دية كلب الصيد!!! أو دية اليهودي والمجوسي !!!- ترجمة واقعية لمعتقدهم بكوننا شر من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب ، وتأمل تأكيده على رسوخ هذه العقيدة التكفيرية النكراء بقوله:[ وحالهم في الآخرة أخسّ وأنجس].
ومع نهاية هذا العرض الموجز والسريع لهذا المظهر البشع من مظاهر الفكر الشيعي الإمامي التكفيري أود التنبيه إلى أمرين أساسيين غاية في الأهمية تشترك فيهما غالب التقريرات والنصوص الآنفة الذكر وهما:
1-إن هذه النصوص جاءت جميعاً على لسان مجموعة من أشهر وأكبر العلماء شأناً في المذهب ، مبينين بوضوح تام تبنّيهم لما دلت عليه من أحكام واعتقادهم المطلق بها.
2-إن الروايات والنصوص التي اعتمد عليها هؤلاء العلماء في إثبات معتقدهم ومعتقد أتباع المذهب عموماً بخصوص منزلة وطهارة أهل السنة – في أنهم مجوس هذه الأمة وشرٌ من اليهود والنصارى وأنجس من الكلاب- كلها روايات ونصوص متواترة([239]) ، وبالتالي فلا مجال للطعن بصحتها أو التشكيك بشهرتها عند علماء المذهب ورجاله ، ومن ثم لا معنى في الاستفاضة بسرد كم أكبر من الروايات التي تناقش هذا الأمر وتثبته.
وبانتهاء التنبيه على هذين الأمرين وقبل أن أطوي صفحة هذا المظهر لا بد لي معه ومع القارئ الكريم من وقفة أخيرة أحاول من خلالها أن أوجِّه دفة شعور سينشأ وعاطفة ستتأجج ، ومزيلاً للبس في الفهم قد يقع وتشكيك في النوايا قد يثار ، ذلك إنني أعلم أن كل مسلم غيور بل كل من له شيء من كرامة وبقية من اعتزاز بآدمية – ولن أقول بدين وإسلام- حالما تقع عيناه على مجوعة النصوص هذه ودعوى التواتر فيها -وأنها بهذا الاعتبار تُعَدُّ أصلاً مقطوعاً فيه وحقيقة قائمة في المذهب- لا شك ستمتليء نفسه غيظاً وكمداً وستشعل بين جوانحها نارُ نقمةٍ تلظّى ، إن أريد لها أن تُحاصَر أو أن يُحاط بها ، فلا أظن إلا أنها ستعظم وتتعاظم ، وربما انفجرت عن مثل بركان هائل يقذف بحممه بعيداً ليطال شررها القاصي والداني ، ولتأكل ألسنة ناره الأخضر واليابس ، ونحن لا نريد لهذه النار أن تخمد قسراً أو أن تطوَّق ، بل أن تنطلق من صدورنا – تحاملاً وامتعاظاً- إلى أيدينا جذوات هدى وضياء حتى ننير بها طريق معرفة واقع الفِرَق والمذاهب([240]) ، تلك الطريق التي ظلت أسيرة ظلمات من الجهل والغفلة دهوراً طويلة ، حتى لطالما تعثرت عليها الخطوات ،  وتخبط فيها السائرون ، وضل الكثيرون عليها وجهتهم ، وقد آن لنا أن نسير فيها عن علم ودراية ، حاملين بأيدينا جذوات الهدى تلك ، شآقِّين بها غيمة الطريق ومتحسسين عليها مواقع أقدامنا جيداً ، متنبهين لعثراتها ومطباتها ، نافضين عن علامات الدلالة فيها غبار الإهمال والتغريب ، كي نعيد أو نبدأ من جديد قراءتها جيداً ، حتى لا نخطيء الوجهة ثانية .
المظهر التاسع: تقتيل أهل السنة واستباحة أموالهم من أخطر آثار فكرهم التكفيري
ربما تفاجأ العديد منا بهذا الكم الكبير من الحقائق المريعة ، التي حواها مذهب الشيعة الإمامية ، كأصول ومسلَّمات ، والتي كانت خافية علينا ، متوارية عنا ببريق إعلامهم الكاذب والمزوِّر ، ورغم يقيننا أن لا شيء منكر بعدها يمكن أن يصعُب وجوده فيه ، إلا أني أستطيع الجزم أن الكثير منا لم يكن ذلك كله كافياً ليهيئ نفسه ، ويمهد لها إمكانية استيعاب ما سوف تقع عليه عينه بعد قليل ، كما أنني أستطيع أن أتخيل امتعاض بعض القراء الشديد لمجرد قراءته للعنوان ، وربما يتوقع أن ما سيجده مسطوراً فيما سيلي من هذه الدراسة في هذا الموضوع بالذات لن يعدو كونه أكثر من مجرد استنتاجات بُنيت على ما سبق طرحه من حقائق وإثباتات ، أو مجرد مبالغات وتهويلات مُتوهَّمة لن تجد لها رصيداً من الواقع إذا انبرى لذلك تدقيق جيد وتحقيق منصف! بل لعل البعض الآن يسرّ في نفسه اتهاماً لي ، ويقول:[لا شك أن الدافع الحقيقي لصاحب هذه الدراسة في سعيه لإثبات هذه التهمة هو ما يجد في نفسه من ألم استذكار ما جرى في غابر الأزمان وقديمها([241]) من تواطئ بعض ساسة الدولة الإسلامية العباسية من الشيعة مع بعض أعدائها من الكفار التتار ، والعمل على إسقاطها وتقتيل أهلها من المسلمين([242]) ، عندها قد يعترض هذا البعض مصوِّباً:[نعم. لا شك أن ذلك الحدث هو ما يثير في النفس الألم ، ومما يوجب النقمة على من تلبس بجرم التآمر والخيانة تلك ، ولكن لا ينبغي أن ينسحب ذلك كله على المذهب كفكر وكيان ، فيؤخذ بجريرة بعض رموزه ، أو أتباعه] ، ثم قد يسترسل هذا البعض من الكرماء بالاتهام ، فيحدث نفسه:[أن ربما زاوج الكاتب بين تلك الحادثة الأليمة وغيرها مع ما سبق عرضه من اعتقادات ومظاهر ، شحنت النفوس واستفزت المشاعر ؛ ليدفع بعقول أصحابها إلى التصديق بكل ما سوف يُقال] ، وعندها أيضاً قد يعترض مصوِّباً ليقول:[ونحن إذ ندين المذهب بكل ما جاء عنه مما سبق ذكره في الصفحات السابقة ، ونعلن تصدينا له ونقمتنا عليه ، إلا أننا كمسلمين –وكأهل سنة وجماعة- أُمِرنا بالعدل والإنصاف حتى مع أعدائنا ، وهذا يلزمنا بعدم التدليس على الناس ؛ لاستعدائهم ، أو إثبات تهمة عليهم دون دليل أو بينة ، ولأننا لا يمكن أن نصدق أن هناك مسلماً في هذا العالم كله مهما تطرَّفت آراؤه ، أو شذَّت أفكاره يمكن أن يستحل دم أخيه المسلم وماله ، لا لشيء إلا أنه يخالفه في ما ذهب إليه اجتهاده العقلي([243]) ، فإننا لذلك نقطع بعدم وجود دليل واحد أو بينة ولو يتيمة على مثل هذا الادعاء في حق هؤلاء القوم ، ونقول بصراحة: لو جاز لنا أن نصدق مثل هذا الاتهام ، لجاز لنا تصديق كل الممتنعات التي قد ينبذها العقل تجاه هذا المذهب!!] ، وأنا إن قدِّر لي الرد على هؤلاء المعترضين الكرام ، فإني سأستهله أولاً بالتماس العذر لهم على ما جال بخواطرهم من امتعاض ، أو ما استحال في عقولهم تقريره ، لأن تفاصيل هذا المظهر الدامي فيها من الفظاعة والبشاعة ما يصعب معه التصديق والاستيعاب ، لكني رغم ذلك سأخوض في الحديث عن هذا الموضوع رغم المرارة العظيمة التي ترافقه ورغم الألم الكبير الذي يعتصر القلب بسببه ، ومعتمداً نفس الأسلوب الذي سبق لي اعتماده في إظهار ما سبق تقريره في الفصول السابقة من هذه الدراسة ، وسأفصل ذلك في مطلبين:
الأول: سوف أثبت فيه -وبصورة قاطعة- وجود النصوص الواضحة والصريحة الدالة على استحلال دم أهل السنة وسلب أموالهم ، من نفس كلام علمائهم ومراجعهم وأعلامهم!!!
الثاني: سأعرض فيه مظاهر تطبيق تلك الآراء الدموية ، كفعل ممارس على أرض الواقع من خلال سوق العديد من الأمثلة الدامية الثابتة التي يندى لها جبين الإسلام ، بل جبين الإنسانية عموماً ، وتخجل صفحات التاريخ عن أن تعرض بعض صوره ، وإليك أخي القارئ الكريم –بعد الاعتذار- بيان هذين المطلبين:           
المطلب الأول: تبني بعض مراجعهم لهذا المظهر الخطير كعقيدة يتعبدون بها
وهو مطلب مهم جدا نرفع به تعجب وإنكار بعض الطيبين ممن يحسنون الظن بالشيعة ، من خلال إثبات كون هذا الأثر عقيدة راسخة يحملها بعض مراجعهم ، بل ويدعون لها ويسوقون في سبيل تأكيدها الأدلة والبراهين ، حتى يقنعوا بها غيرهم ممن قد يشكل عليه أمرها ويصعب عليه التسليم بها ، وسنكتفي هنا بذكر اثنين من أهم مراجعهم الذين دافعوا عن هذا المعتقد ودعوا إليه صراحة([244]):
1-محدثهم يوسف البحراني([245]):
وإليك تصريحه بعقيدته السوداء الحاقدة الضالة:
أ-حكم بكفر ونجاسة أهل السنة:

فقد قال ما نصه:[ والمشهور في كلام أصحابنا المتقدمين هو الحكم بكفرهم ، ونصبهم ، ونجاستهم ، وهو المؤيد بالروايات الإمامية…]([246]) ، وقال:[أقول: وهذا القول عندي هو الحق الحقيق بالاتباع ، لاستفاضة الأخبار بكفر المخالفين وشركهم ونصبهم ونجاستهم…]([247])
ب- صرح بجواز قتل أهل السنة وأخذ أموالهم:
1-فقد قال:[وإلى هذا القول ذهب أبو الصلاح وابن إدريس وسلار، وهو الحق الظاهر بل الصريح من الأخبار لاستفاضتها وتكاثرها بكفر المخالف ونصبه وشركه وحل ماله ودمه، كما بسطنا عليه الكلام، بما لا يحوم حوله شبهة النقض والإبرام في كتاب الشهاب الثاقب، والقول بالكفر هو المشهور بين الأصحاب من علمائنا المتقدمين (رضوان الله عليهم أجمعين)]([248]).
2-وقال:[ وحينئذ فبموجب مادلت عليه هذه الأخبار ، وصرح به أولئك العلماء الأبرار لو أمكن لأحد اغتيال شيء من نفوس هؤلاء وأموالهم ، من غير استلزامه لضرر عليه أو على أحد إخوانه ، جاز له فيما بينه وبين الله تعالى]([249]).
وليتنبه المسلمون إلى أن البحراني لا ينسب هذا القول لنفسه فقط ، بل ويجعله عقيدة تسالم عليها علماؤهم وأعلامهم المتقدمون وتصافقوا على اعتقادها.
 2-محدثهم نعمة الله الجزائري:
وإليك تصريحه بعقيدته السوداء الحاقدة الضالة:
أ-حكم بكفر ونجاسة أهل السنة([250])
1-فقد نقل وأيَّدّ حكم كل من المرتضى وابن إدريس الحلي بكفر المخالفين ونجاستهم ، فقال:[ومن هذا يقوى قول السيد المرتضى وإبن إدريس -قدس الله روحيهما- وبعض مشائخنا المعاصرين بنجاسة المخالفين كلهم ، نظراً إلى إطلاق الكفر والشرك عليهم في الكتاب والسنة فيتناولهم هذا اللفظ حيث يطلق ، ولأنك قد تحققت أن أكثرهم نواصب بهذا المعنى].
2- نفى واستبعد أن يشملهم حكم الإسلام ، فقال:[ ولكن أنّى لهم الإسلام ، وقد هجروا أهل بيت نبيهم المأمور بودادهم في محكم الكتاب بقوله تعالى: ( قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) ، فهم قد أنكروا ما علم من الدين ضرورة ]
3- وقال عن نجاسة أهل السنة مانصه:[ وماء الفرات ، ولا تسأل عن عذوبته ولطافته وحلاوته وبركته ، لأنه ورد في الحديث أنه يصب فيه ميزاب من ماء الجنة كل يوم ، وفي الحديث: أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص وذوي العاهة، لكن باشره نجاسة أبدان المخالفين ، فأزال عظيم بركته وبقي القليل]([251]).
             
ب- صرح بجواز قتل أهل السنة وأخذ أموالهم([252]):
1- صرح بذلك فقال بـ :[جواز قتلهم واستباحة أموالهم]
2- استدل على ذلك بروايات ثابتة عندهم منها:
أ-ما روى شيخ الطائفة نور الله مرقده في باب الخمس والغنائم ، من كتاب التهذيب ، بسند صحيح عن مولانا الصادق عليه السلام قال: ( خذ مال الناصب حيث ما وجدت ، وابعث إلينا بالخمس).
ب-وروى بعده بطريق حسن عن المعلّى ، قال: (خذ مال الناصب حيث وجدت ، وابعث إلينا بالخمس) . 
ج-روى الصدوق طاب ثراه في العلل مسنداً إلى داود بن فرقد ، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب؟ قال: (حلال الدم ، لكني أتقي عليك ، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً ، أو تغرقه في ماء ؛ لكي لا يشهد به عليك فافعل) ، فقلت فما ترى في ماله؟ قال: (خذ ما قدرت).
3-أطلق حقده الأسود بوجوب تقتيل أهل السنة أينما كانوا ومهما كانوا بشراً أو جِنّاً أو طيراً ، وذلك حين صرح بأن العصفور من أهل السنة ينبغي قتله. وليس هذا افتراءاً مني ، بل هو ما صرح به حيث قال:[ روي أن العصفور يحب فلاناً وفلاناً ، وهو سُنِّي ، فينبغي قتله بكل وجه وإعدامه وأكله]([253])، فالتقتيل العام لجميع أهل السنة واجب في شرع الجزائري المارق ، حتى لو كان هذا السُنِّي حيواناً لا عقل له كالعصفور !!!
وهكذا ثبت لنا أن تقتيل أهل السنة واستباحة أموالهم ، عقيدة صرح بها بعض مراجعهم ، معترفين بتبني جميع علمائهم المتقدمين لها.
المطلب الثاني:ظهور هذا الأثر على أرض الواقع في مشاهد دموية
لقد ظهر هذا الأثر واقعيا في مشاهد عديدة يحدثنا التاريخ عنها بكل حزن وأسى ، بينما لا يزال علماء الشيعة يذكرونها بكل زهو وفخر ؛ لأن فيها من جهةٍ إثلاج صدورهم لما حلَّ بألدِّ أعدائهم من أهل السنة والجماعة من قتلٍ وتشريدٍ وتنكيل ، ولأنهم يرون فيها من جهة أخرى مثالاً شاخصاً يمكن أن يرسم ملامح العمل الشيعي في القادم من الزمن ، ينسجون على منواله ويبنون على أساسه ، وإليك -أخي القارئ الكريم- وصفاً صادقاً لما ترتب على هذا الفكر التكفيري الضال من وقائع مأساوية ، اخترنا لتمثيلها أربعة مشاهد دموية ، غاية في الإجرام ، تبين مقدار الحقد ومبلغ الغلّ الذي تكنه صدروهم الموبوءة السقيمة:         
المشهد الأول:مجزرة أهل السنة في بغداد على يد هولاكو بمباركة شيخهم الأعظم النصير الطوسي:
لكي نعطي لهذا المشهد الدموي حقه ، لا بد من عرضه متسلسلاً في عدة مباحث لعله يكون سبباً في تبصير الكثير من أهل السنة:
المبحث الأول:تصوير المجزرة الدموية لأهل السنة
1-نقل لنا ابن كثير فصولاً منها ، فقال:[ ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان ، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وقنى الوسخ، وكمنوا كذلك أياما لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ، ويغلقون عليهم الأبواب ، فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة ، فيقتلونهم بالأسطحة ، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقَّة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة من اليهود والنصارى ، ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي ، وطائفة من التجار أخذوا لهم أمانا ، بذلوا عليه أموالا جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم. وعادت بغداد بعد ما كانت آنس المدن كلها كأنها خراب([254]) ليس فيها إلا القليل من الناس، وهم في خوف وجوع وذلة وقلة، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش ، وإسقاط اسمهم من الديوان ، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريبا من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف، ثم كاتب التتار ، وأطمعهم في أخذ البلاد، وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال، وكشف لهم ضعف الرجال، وذلك كله طمعا منه أن يزيل السنة بالكلية، وأن يظهر البدعة الرافضة ، وأن يقيم خليفة من الفاطميين ، وأن يبيد العلماء والمفتين، والله غالب على أمره، وقد رد كيده في نحره، وأذله بعد العزة القعساء، وجعله حوشكاشا للتتار ، بعد ما كان وزيرا للخلفاء ، واكتسب إثم من قتل ببغداد من الرجال والنساء والأطفال، فالحكم لله العلي الكبير رب الأرض والسماء... وقد اختلف الناس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة . فقيل ثمانمائة ألف ، وقيل ألف ألف وثمانمائة ألف ، وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين يوما ... وقتل أستاذ دار الخلافة الشيخ محيي الدين يوسف ابن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي ، وكان عدو الوزير ، وقتل أولاده الثلاثة : عبد الله ، وعبد الرحمن ، وعبد الكريم ، وأكابر الدولة واحدا بعد واحد ، منهم الديودار الصغير مجاهد الدين أيبك ، وشهاب الدين سليمان شاه ، وجماعة من أمراء السنة وأكابر البلد . وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني العباس ، فيخرج بأولاده ونسائه ، فيذهب به إلى مقبرة الخلال ، تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشاة ، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه . وقُتِل شيخ الشيوخ مؤدب الخليفة صدر الدين علي بن النيار ، وقُتِل الخطباء والأئمة ، وحملة القرآن ، وتعطلت المساجد والجماعات والجمعات مدة شهور ببغداد ، وأراد الوزير ابن العلقمي - قبحه الله ولعنه- أن يعطل المساجد والمدارس والربط ببغداد ، ويستمر بالمشاهد ومحال الرفض ، وأن يبني للرافضة مدرسة هائلة ينشرون عِلْمَهم وعَلَمهم بها وعليها ، فلم يقدره الله تعالى على ذلك ، بل أزال نعمته عنه ، وقصف عمره بعد شهور يسيرة من هذه الحادثة ، وأتبعه بولده فاجتمعا - والله أعلم- بالدرك الأسفل من النار . ولما انقضى الأمر المقدر وانقضت الأربعون يوما ، بقيت بغداد خاوية على عروشها ، ليس بها أحد إلا الشاذ من الناس ، والقتلى في الطرقات كأنها التلول ، وقد سقط عليهم المطر فتغيرت صورهم وأنتنت من جيفهم البلد ، وتغير الهواء فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلق كثير من تغير الجو وفساد الريح ، فاجتمع على الناس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطاعون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . ولما نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير والقنى والمقابر كأنهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضا فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الشديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى ، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى ، الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى .... وذكر أبو شامة ، وشيخنا أبو عبد الله الذهبي ، وقطب الدين اليونيني أنه أصاب الناس في هذه السنة بالشام وباء شديد ، وذكروا أن سبب ذلك من فساد الهواء والجو ، فسد من كثرة القتلى ببلاد العراق ، وانتشر حتى تعدى إلى بلاد الشام فالله أعلم]([255]) .
2- حتى لا يعترض علينا شيعي موتور بالقول أن ابن كثير هذا أموي متعصب([256])، فلا تطلب منا تصديقه فيما ينقل ، سأنقل للقارئ الآن وصفاً آخر لهذه النكبة ، ولكن هذه المرة بلسان شيخ الشيعة المعاصر محمد مهدي الآصفي في كلام له تحت عنوان (سقوط بغداد : في سنة 656 ه‍ـ ):[ سقطت بغداد حاضرة العالم الإسلامي بيد التتار بقيادة " هولاكو " . وكان سقوط بغداد واحدة من أعظم النكبات التي حلت بالعالم الإسلامي منذ ظهور الإسلام إلى اليوم الحاضر ، وكان التخريب الحضاري والثقافي والاقتصادي والسكاني الذي حل بعاصمة العباسيين في هذا الهجوم - بمقاييس ذلك التأريخ- من أوسع ما حل بالحواضر البشرية ، وقد قدر عدد القتلى في هذه المجزرة الرهيبة كما يقول اليافعي بألف ألف وثمانمائة وكسر ، وإذا كان في هذا التقدير ثمة شئ من المبالغة ، فمما لا ريب فيه أن الخسائر البشرية كبيرة جدا " وفادحة بمقاييس الخسائر الحربية في ذلك التاريخ . وقد استمر القتل والنهب سبعة أيام " ثم رفعوا السيف وبطلوا السبي "  وقيل : إن القتل والنهب والسبي استمر نيفا " وثلاثين يوما " وقيل : أربعين يوما " . يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن : وقد أعمل جند المغول السيف في رقاب أهل بغداد أربعين يوما " سلبوا فيها أموالهم وأهلكوا كثيرين من رجال العلم ، وقتلوا أئمة المساجد وحملة القرآن ,وتعطلت المساجد والمدارس والربط ، وأصبحت المدينة قاعا " صفصفا " ، ليس فيها إلا فئة قليلة مشردة الأذهان . وكان القتلى في الطرقات كأنها التلال ، ولما نودي بالأمان خرج من تحت الأرضمن اختفوا في المطامير والمقابر ومن لجأ إلى الآبار والحشائش , كأنهم الموتى قد نبشت قبورهم ، وقد أنكر بعضهم البعض ,فلم يعرف الأب ابنه ولا الأخ أخاه ، ثم انتشر الوباء , فحصدهم بمنجله حصدا " ذريعا " , وفسد الهواء وعم الوباء .
   وأما ما حل بخزائن العلم من المكاتب والمدارس في بغداد فحدث ولا حرج ، فقد كانت بغداد مركزا " من أعظم مراكز الإشعاع الفكري في العالم كله في ذلك التاريخ من دون مبالغة ، وقد أحرق التتار كلما وجدوا في بغداد من علم ومن مراكز للعلم ، كما قتلوا كل من عثروا عليه من العلماء , أو كل من كان في بغداد من العلماء ، وليس بإمكان أحد أن يقدر ضخامة الخسارة التي لحقت بالفكر والثقافة الإسلامية والبشرية في هذه النكبة . يقول قطب الدين الحنفي : تراكمت الكتب التي ألقاها التتار في نهر دجلة حتى صارت معبرا " يعبر عليه الناس والدواب واسودت مياه دجلة بما ألقي فيها من الكتب , ولنقرأ لتقي الدين ابن أبي اليسر هذه النفثة من شعره في بغداد :
لسائل الدمع عَن بغدادَ أخبارُ
                 فما وُقـُوفك والأحبابُ قـَد ساروا
يا زائرين إلى الزوراء لا تـَفِدُوا
                        فما بذاك الحِمى والدارُ ديارُ
تاجُ الخلافةِ والربعُ الذي شرفت
                            به العالمُ قَد عفاه أقفارُ
أضحى لعصف البِلى في رَبْعه أثر
                         وللدموع ِعلى الآثار آثارُ
يا نارَ قلبي نارٌ لحرب وغى
                  شَبَّت عليه ووافى الرَّبع إعصارُ
علا الصليبُ على أعلى منابِرِها
                    وقامَ بالأمرِ مَنْ يحويه زنّارُ
وكَمْ حريمٍ سبَتْه التركُ غاصبةً
                وكانَ من دونِ ذاك السترِ أستارُ
وكَمْ بُدورٍ على البَدْرِية انْخَسفتْ
                          ولم يَعُدْ لبُدور منه أبدارُ
وكَمْ ذخائرَ أضحَتْ وهي شائعةٌ
                    من النّهابِ وقَدْ حازَتَهُ كفَّارُ
وكَمْ حدودٍ أقيمت من سيوفهمُ
              على الرِّقابِ وحطَّتْ فيه أوزارُ
ناديتُ والسَّبْيُ مَهْتُوكٌ تَجُرُّ بِهِم
                  إلى السَّفاحِ مِنَ الأعداءِ دَعَّارُ

 ولسنا نستطيع أن نقدر الخسارة التي لحقت بالإسلام وبالبشرية في هذه النكبة التي حلت بمدينة السلام ، كما نجزم أن الخسارة الواسعة التي حلت بعاصمة العباسيين في القرن السابع الهجري لم تعوض بالمعنى الدقيق للكلمة إلى اليوم الحاضر ، ولو لم تتعرض بغدادُ لهذه النكبة لكان تاريخ المسلمين غير هذا التاريخ ، وكان للإسلام والمسلمين شأن آخر على وجه الأرض غير هذا الشأن]([257]).
3-قال عالمهم فارس رضا الحسون , محقق كتاب إرشاد الأذهان لعلامتهم الحلي , الذي عاصر مذبحة بغداد في ( ج1 ص30 ) :[ وفي زمان صباه أيضا وقعت الفاجعة العظيمة والمجزرة الكبيرة في بغداد , التي أذابت الصخر حزناً وألماً , ولم ترحم حتى الأطفال والشيوخ والنساء]([258]).
المبحث الثاني:وصف جريمة قتل خليفة المسلمين المستعصم بالله
وأما مشهد قتل الخليفة العباسي المسلم المستعصم بالله ، فيقول ابن كثير:[ وأحضر الخليفة بين يدي هلاكو فسأله عن أشياء كثيرة ، فيقال إنه اضطرب كلام الخليفة من هول ما رأى من الإهانة والجبروت، ثم عاد إلى بغداد وفي صحبته خواجه نصير الدين الطوسي، والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحوطة والمصادرة، فأحضر من دار الخلافة شيئا كثيرا من الذهب والحلي والمصاغ والجواهر والأشياء النفيسة، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو أن لا يصالح الخليفة، وقال الوزير: متى وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلا عاما أو عامين ، ثم يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل ذلك، وحسَّنوا له قتل الخليفة ، فلما عاد الخليفة إلى السلطان هولاكو أمر بقتله، ويقال: إن الذي أشار بقتله الوزير ابن العلقمي، والمولى نصير الدين الطوسي، وكان النصير عندهولاكو قد استصحبه في خدمته لما فتح قلاع الموت، وانتزعها من أيدي الإسماعيلية ، وكان النصير وزيرًا لشمس الشموس ولأبيه من قبله علاء الدين بن جلال الدين، وكانوا ينسبون إلى نزار بن المستنصر العبيدي، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة هون عليه الوزير ذلك , فقتلوه رفسا، وهو في جوالق لئلا يقع على الأرض شئ من دمه، خافوا أن يؤخذ بثأره فيما قيل لهم، وقيل : بل خنق، ويقال : بل أغرق ,فالله أعلم، فباؤوا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء والقضاة والأكابر والرؤساء والأمراء وأولي الحل والعقد ببلاده ( وستأتي ترجمة الخليفة في الوفيات) ... وكان قتل الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين يوم الأربعاء رابع عشر صفر وعفي قبره ، وكان عمره يومئذ ستا وأربعين سنة وأربعة أشهر ، ومدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام ، وقتل معه ولده الأكبر أبو العباس أحمد ، وله خمس وعشرون سنة ، ثم قتل ولده الأوسط أبو الفضل عبد الرحمن وله ثلاث وعشرون سنة ، وأسر ولده الأصغر مبارك , وأسرت أخواته الثلاث فاطمة وخديجة ومريم ، وأسر من دار الخلافة من الأبكار ما يقارب ألف بكر فيما قيل والله أعلم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون]([259]).
المبحث الثالث:كشف هوية المجرمين الذين تلطخت أيديهم بدماء المسلمين
من المعلوم والمتسالم عليه عند الكثير من أهل السنة ، بأن المجرم الأول والرأس المدبِّر المحرِّض على ارتكاب هذه المجزرة هو عالم الشيعةالمعروف ومرجعهم الكبير الخواجة النصير الطوسي ، ورغم أن الشيعة اليوم ينكرون تورطه بها –عناداً أو كذباً أوخجلاً- إلا أنني سأثبت في هذا المبحث - ومن خلال تصريح أهم أعلامهم ومؤرخيهم ومحققيهم- تورطه الصريح بها([260]) بما لا يدع مجالاً لمعاند أو مخادع أن ينفي ذلك عنه أو ينكره ، وممن سأنقل اعترافه بذلك:
1-اعترف علامتهم الذي كان رئيس مذهب الشيعة في زمنه محمد حسن النجفي بضلوع الطوسي في هذه المجزرة الدموية الفريدة التي وقعت في حق أهل السنة ، وذلك في أحد كتبه الفقهية ، بل أحد أهم كتب المذهب الشيعي على الإطلاق([261]) ، والعجيب المثير في الأمر أنه لم يورد هذه الواقعة في كتاب تأريخ أو سيرة مثلاً حتى يمكن القول إنها مجرد رواية , قد لا تثبت صحتها , فلا يصح عندها الاحتجاج بها ، لكنه أوردها في كتاب فقهي معتمد ، مما يعطي دلالة واضحة على أن الرواية قد ثبتت صحتها عنده , وتأكَّد توثيقها في نظره من جهة ، ومن جهة أخرى –وهذا ما يجب أن نقف عنده طويلاً- فإن ذلك يوحي للشيعة جميعا وبقوة إلى ضرورة إعطاء هذا الحدث بعداً تطبيقياً تشريعياً وفقهياً , يتعبدون الله به في كل وقت وآن ، بل إنَّ النجفي الخبيث قد ذكر حادثة الطوسي في معرض ردِّه على أحد علمائهم , وهو المقدس الأردبيلي الذي شذَّ عن غالب علماء الإمامية بتحريمه غيبة المخالفين ، فهاجمه بكل شراسة , وراح يستهجن لين موقفه وضعفه , مقارناً إياه بقوة وصلابة موقف شيخهم الأعظم الطوسي وعلامتهم ابن المطهر الحلي اللذين كانا يفتيان بجواز قتل السنة وسلب أموالهم والتنكيل بهم ، حتى كان منهم ما كان من دور محرِّض على غزو بغداد , وارتكاب مجزرة يفوق تصورها الخيال , ويندر سماع مثلها على مر الزمان ، وإليك - أخي القارئ - نص قوله:[ وما أبعد ما بينه وبين الخواجه نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي وغيرهم([262]) ممن يرى قتلهم ونحوه من أحوال الكفار([263])، حتى وقع منهم ما وقع في بغداد ونواحيها]([264]).
2- وقال مؤرخهم محمد باقر الخوانساري في ترجمة المجرم الطوسي:[ ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي خان بن جنكيز خان من عظماء سلاطين التاتارية وأتراك المغول ، ومجيئه في موكب السلطان المؤيد , مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد لإرشاد العباد وإصلاح البلاد ، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد ، وإخماد نائرة الجور والإلباس بإبداء دائرة ملك بني العباس ، وإيقاع القتل العام من أتباع أولئك الطغام ، إلى أن أسال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار , فأنهار بها في ماء دجلة , ومنها إلى نار جهنم دار البوار ، ومحل الأشقياء والأشرار]([265]) ،، وقال معترفاً بتحريض هولاكو على ارتكابها:[ فلما استشعر هولاكو لجأ عنده بإشارة المحقق ومشورته ، وافتتح القلعة ودخلها ، أكرم المحقق غاية الإكرام والإعزاز ، وصحبه وارتكب الأمور الكلية حسب رأيه وإجازته ، فرغبه المحقق-قدس سره- في تسخير عراق العرب ، فعزم هولاكو خان على فتح بغداد ، وسخَّر البلاد والنواحي ، واستأصل الخليفة المستعصم ...] ([266]).
3-وقال عنه عالمهم أبو الهدى الكلباسي - مؤكداً تحريضه هولاكو لإيقاع القتل بأهل السنة-:[أنه لما استقرت السلطنة لهلاكو وعمه جنكيز، سعى في المرام هلاكو بتدابير العلامة الطوسي نصير الدين، فأرسل جمعا كثيرا من العساكر إلى بغداد ، فقتلوا المستعصم العباسي، وانقرضت خلافتهم ، فقرر هلاكو بسعي العلامة المشار إليه نقابة أشراف هذه الولاية بالسيد المؤيد]([267]).
4-وقال علامتهم وحجتهم إبراهيم الزنجاني:[ كان ابتداء دولة هولاكو خان في إيران عام650هـ وانتهاء دولته وسلالته بموت سعيد خان سلطانية زنجان عام 736 هـ وحمل على العراق بقيادة نصير الدين الطوسي فيلسوف الإسلام , وبتأييد سديد الدين العلقمي وزير الخليفة العباسي بتاريخ 656هـ وقضى على خلفاء بني العباس]([268]).
5-وناقش آيتهم العظمى وزعيمهم السياسي الخميني مسألة دخول الشيعي في ركب الحكام –من غير الشيعة- من حيث الجواز والتحريم ، حيث رجَّح الجواز بشرط أن تكون فيه مصلحة واضحة ونصراً ظاهراً للشيعة ، ثم استدل على صحة رأيه بحادثة دخول النصير الطوسي في ركب هولاكو الكافر ، حيث عده نصراً كبيراً للمذهب ، رغم ما كان قد ترتب عليه من ضرر فادح في حق الإسلام والمسلمين([269]) ، في إشارة واضحة منه إلى أن النصر الذي ينشده هذا الخميني هو إمعان القتل بأهل السنة والتنكيل بهم([270]) ، وإليك نص قوله –عليه من الله ما يستحق-:[ وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدا منا بالدخول في ركب السلاطين ، فهنا يجب الامتناع عن ذلك ، حتى لو أدى الامتناع إلى قتله ، إلا أن يكون في دخولـه الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين([271]) ونصير الدين الطوسي رحمهما الله]([272])، ثم أكد خطتهم الخبيثة في اختراق أهل السنة وطعنهم بالظهر فقال:[ ومما ذكرناه يظهر عدم صحة التشبث لاثبات المدعى ، أي جواز ارتكاب المحرمات بالروايات الكثيرة المتقدمة الدالة على جواز التولي من قبل الجائر لصلاح حال الشيعة : لما عرفت من أن الظاهر من مجموعها أو المتيقن منها بعد ضعف إسنادها جواز التولي فيما إذا كان صلاح المذهب ولولا التولى لخيف تشتت الشيعة ، وذهاب حزبهم مع قلة عددهم وضعفهم وقوة اعدائهم وشدة اهتمامهم لعنهم الله بهضمهم وهلاكهم كما هو ظاهر ، فلولا أمثال على بن يقطين ، والنجاشى ومحمد بن إسماعيل ، ومن يحذو حذوهم لخيف على الشيعة الانقراض]([273])، وأخيرا يمدح هذا المجرم السفاح بعلو المقام ، فقال:[ قال أفضل المتأخرين واكمل المتقدمين الخواجه نصيرالدين الطوسي..انتهى كلامه زيد في علو مقامه] ([274]).
المشهد الثاني:قتل 500 من أهل السنة في السجن على يد المجرم -ثقة الشيعة- علي بن يقطين
يذكر الشيعة أن علي بن يقطين من أصحاب الإمام الكاظم –أحد أئمة الشيعة الاثني عشر المعصومين عندهم- كان شيعيا ، استغل قربه من هارون الرشيد وثقته به في نصرة مذهبه وتقتيل أهل السنة ، وسنبدأ أولاً بذكر من أثنى عليه ووثقه منهم:
1-يقول عالمهم محمد جواد مغنية:[ كان علي بن يقطين مقربا عند هارون الرشيد ، يثق به ، وينتدبه إلى ما أهمه من الأمور ، وكان ابن يقطين يكتم التشيع والولاء لأهل البيت ( ع ) ، ويظهر الطاعة للرشيد]([275]).
2-ينقل الخميني عنه عدة روايات تبين تشيعه فقال:[ كما تشهد به مضافا إلى رواية محمد بن عيسى المتقدمة روايته الأخرى انه كتب إلى أبي الحسن موسى عليه السلام " قال : إن قلبي يضيق مما أنا عليه من عمل السلطان , وكان وزيرا لهارون فإن أذنت ! - جعلني الله فداك - هربت منه . فرجع الجواب : لا آذن لك بالخروج من عملهم , واتق الله أو كما قال " ، واحتمال التقية بعيد ولو بملاحظة سائر الروايات]([276]) ، وروى أيضا:[ ونحوها رواية على ابن يقطين " قال : قلت لأبي الحسن عليه السلام : ما تقول في أعمال هؤلاء ؟   قال : إن كنت لا بد فاعلا , فاتق أموال الشيعة . قال : فأخبرني على : أنه كان يجبيها من الشيعة علانية , ويردها عليهم سرا "]([277]).
بيان المذبحة التي أقامها لأهل السنة: 
بعد أن بينا ثناء العلماء عليه , إليك - أخي القارئ الكريم - بيان المذبحة التي أقامها لأهل السنة ، يرويها لنا محدثهم نعمة الله الجزائري , فيقول:[وفي الروايات أن علي بن يقطين , وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة،فأمر غلمانه وهدموا سقف المحبس على المحبوسين فماتوا كلهم ، وكانوا خمسمائة رجل تقريباً، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم، فأرسل إلى الإمام مولانا الكاظم عليه السلام فكتب عليه السلام إليه جواب كتابه : بأنك لو كنت تقدمت إليَّ قبل قتلهم , لما كان عليك شئ من دمائهم ، وحيث أنك لم تتقدم إليَّ , فكفِّر عن كل رجل قتلته منهم بتيس , والتيس خير منه . فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لا تعادل دية أخيهم الأصغر , وهو كلب الصيد , فإن ديته عشرون درهماً ، ولا دية أخيهم الأكبر , وهو اليهودي أو المجوسي , فإنها ثمانمائة درهم ، وحالهم في الآخرة أخسّ وأنجس]([278]).
وقد أثارت حفيظتي في هذه الرواية -المنسوبة للكاظم ظلماً وزوراً- عدة أمور رأيت من الضروري التأكيد عليها ، منها ما جاء في نص القصة ، ومنها ما لحق بها من قول ناقلها الجزائري ، فأما ما جاء في أصل القصة من أمور فهي: 
أ-إن الوزير الشيعي استغل منصبه ، فقتل من أهل السنة "المخالفين" ممن اجتمع في حبسه خمسمائة رجل([279]).
ب-إن الإمام الكاظم عاتبه –بعد أن أرسل إليه بالخبر- أنه لو كان قد أخبره برغبته في قتلهم قبل إقدامه على الفعل ، لما كان عليه شئ من إثم أو كفارة ، وأن الكفارة التي ترتبت عليه كانت بسبب تأخره في إخبار الإمام، لا بسبب الفعل نفسه([280]).  
ج-إن كفارة المسلم السنّي –الذي أكرمه الله تعالى ، وجعل قتله كأي مسلم آخر أشدُّ إثماً من هدم الكعبة حجراً حجراً- عند الإمام المعصوم للشيعة هي تيس من المعز ، بل إن قدر السني عندهم أقل من هذا التيس ؛ لقول إمامهم في الرواية "والتيس خير منه"([281]) !!!
أما الأمور التي جاءت على لسان محدثهم وعلامتهم الجزائري فهي:
أ-إن دية قتل كلب الصيد عندهم أغلى وأثمن من دية قتل المسلم السنّي ، والتي هي أقل طبعا من دية قتل اليهودي والمجوسي كذلك!    
ب-إنه يرى المسلم السني الأخ الوسط بين اثنين ، الأكبر منه هما اليهودي والنصراني ، والأصغر هو كلب الصيد([282])! 
ج-يرى أن حالنا في الآخرة أخسّ من ذلك وأنجس.
وهنا لا أجد ما أقوله في هذا الموضوع الخطير غير ما أُمرنا بقوله في كل مصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون.
المشهد الثالث:مجازر تقتيل أهل السنة في العراق في ظل الغزو الأمريكي([283]):
إن الحديث عن الدور الخبيث الذي لعبه شيعة العراق([284]) في إسقاط الدولة من خلال تعاونهم مع أعداء الإسلام من الأمريكان وغيرهم لَيُثير في النفس حزناً مضاعفاً وأسىً مركباً ، فهو من جانب مكَّن المحتل من إحكام سيطرته على أحد أهم دول المنطقة تأثيراً ، وأبرزها حضوراً ؛ مما خلق وضعاً قلقاً ومربكاً في محيط المنطقة ككل ، ومن جانب آخر أدى إلى القضاء على العراق كله كدولة وكيان ، وضمان عدم تعافيه قبل أمد بعيد جداً , ومن ذلك من خلال العمل المنظم أولاً على هدم كل بناه التحتية ومقومات نهوضه([285]) ، ثم – وهذا هو الأخطر- من خلال هدم البناء المجتمعي ومسخ الموجود البشري عن طريق قتل خيرة رجالات الدولة من علماء دين وأطباء وأساتذة ورجال فكر ، أو خطفهم والتعرض لعوائلهم ، ثم عن طريق إحداث شرخ داخل الصف العراقي الواحد قد لا يلتئم أبداً ، وخلق هوة بين العراقيين , كلما مرَّ عليها الزمان كثرت واتسعت ، حتى أصبح من شبه المستحيل ردمها.

أما عن حال أهل السنة في العراق فالحديث عنه يدمي القلب ويغم النفس ، إذ هم الخاسر الأكبر- إن لم يكن الوحيد -([286]) من كل ما جرى على العراق من هول الاحتلال وما تلاه ، فما إن تشكَّلت أول حكومة عراقية انتقالية بأمر المحتل الأمريكي وتأسست أجهزتها الأمنية العسكرية تحت إشراف قواته وسيطرتها ، حتى بدأت معاناة أهل السنة بشكل رهيب ، ممثلة بنطاق واسع من عمليات القتل والاغتيال المنظم في حقهم دون أي سبب أو مبرر ، بل صار السُنِّي يقتل على الهوية وعلى مجرد الاسم واللقب! وأصبحت المساجدُ -  "بيوت الله" - موضع شبهة وعنوان أزمة ، حتى غدت روحة المسلم لها وغدوه منها مقدمة لقتله أو خطفه أو التضييق على معيشته ، وعاش أهل السنة أزمة قل نظيرها وندر السماع عن مثلها ، حتى أطبقت عليهم كماشة أعدائهم من كل حدب وصوب ؛ إذ هم ملاحقون بدءاً من قوات الاحتلال الكافر ؛ لكونهم – وحدهم- من تبنى مبدأ الجهاد والقتال ضده ، ثم من جهة أخرى , منهم معرضون كذلك للاعتقال من قبل مؤسسات الدولة الأمنية - خصوصا قوى وزارة الداخلية ذات الأجندة الطائفية والولاء المطلق للمرجعية الشيعية- لقتلهم فيما بعد , ورميهم في الطرقات والمزابل بعد التفنن بتعذيبهم بأفظع صور العذاب وأقبحه من ثقب للأجسام بالآلات الحادة وقلع للأعين وتقطيع للأجزاء - والعياذ بالله - ، ثم بعد كل هذا وذاك أحكمت عليهم دائرة التآمر المقيت بقيام الدولة بدعم عمل بعض المليشيات الشيعية المسلحة وتقديم الغطاء الأمني والقانوني لهم ، لتمارس تجاه أهل السنة شتى صنوف العذاب وصور التنكيل من قتل وذبح وتهجير.
كل هذا التآمر (الشيعي – الأمريكي) عانى منه أهل السنة في العراق على مدى 3 سنوات كاملة وما زالت معاناتهم مستمرة حتى يومنا هذا ، بل الأمر في ازدياد مضطرد ، حتى لا يكاد يمر يوم إلا وتسمع عن العثور على عشرات الجثث لأناس مجهولي الهوية ملقاة على قارعة أحد الطرق ، أو في إحدى المزابل وهي موثقة الأيدي وعليها آثار التعذيب الشديد([287])، وأنا إذ أذكر هذا المشهد المعتم لواقع حال الشيعة المعاصر في العراق – والمنبثق طبعا من حقيقة ثبوت إيمانهم بالفكر التكفيري- أقف مشدوهاً إزاء هذه الغفلة المقيتة من قبل باقي أهل السنة في العالم تجاه هذا الفكر الآسن ، الممتد بين ظهرانينا ، والمكوِّن الغادر المتربص بنا الدوائر دون أن نتحرك تجاه مواجهته قيد أنملة!!!
المشهد الرابع:قيام إمامهم الموهوم الثاني عشر المزعوم بتقتيل أهل السنة ، بدءاً بأبي بكر وعمر وانتهاءً بجميع من تبعهما ، أو رضي عنهما من المسلمين
أنا أرى أن هذا المشهد هو أشد مشاهد هذا المظهر الدموي قتامة ، وأكثرها مدعاة للنظر ؛ لسببين أساسيين هما:
الأول: وهو السبب الأهم ؛ لأنه المشهد الوحيد الذي يمارس القتل الدموي فيه إمام معصوم من أئمة المذهب ، إذ لا شك أن في ذلك ترسيخ للمظهر ولتصوره في أذهان الشيعة أقوى بكثير من مجرد نقل روايات عنهم –أي المعصومين- توصي بذلك أو تثني عليه.
الثاني: إن قيام وظهور إمامهم المهدي -وهو آخر أئمتهم الاثني عشر- يمثل في وجدان الشيعة منتهى آمالهم وغاية أمانيهم ؛ لأنهم يرون فيه المخلِّص للمذهب الذي سيقوم عليه أمرهم , وتنهض على يديه دولتهم الكبرى في العالم –بعد أن ظلت طوال تأريخهم مجرد أمل وحلم أو واقع كسيح في بعض الفترات- ولهذا يسمونه عندهم الإمام الغائب أو قائم آل محمد . والأمر لا يشكل خطراً كبيراً لو وقف عند هذا الحد ، ولكن لو علمنا أن هذا الإمام في نظرهم هو الذي سيحكم بأمر الله تعالى –بعد أن يوحى إليه فعل ما يفعل- وأن أفعاله تمثل -بسبب ذلك- غاية درجات الفضيلة والعدل ، وجب علينا عندها أن ننتبه إلى أمر في غاية الخطورة وهو:
لما كان كل ما سيصدر عن هذا الإمام من تقرير أو حكم أو عمل يمثل منتهى المثالية في التصور والسلوك ، إذن فإن قيامه بقتل أهل السنة وأئمتهم بعد ظهوره في آخر الزمان سيدخل حتماً ضمن دائرة المثالية تلك ، وأنه سيمثل في نظر الشيعة أقصى غايات العدل والإنصاف ، إذن لا شك أن ثبوت صحة ورود هذا الفعل عن هذا الإمام يعني تهيئة نفوس أتباعه وتمرينها بصورة كاملة على تقبل هذه الفكرة الدموية الخطيرة([288]) ، بل وإعطائها المبرر المنطقي القوي لشرعنة ممارسة ما يترتب عليها من أفعال دموية والترغيب فيها!
وحتى أضع القارئ الكريم في الصورة كاملة ، سأنقل هنا الروايات الصحيحة التي تعرض لنا تفاصيل هذا المشهد البشع كما يرويها أشهر محققي الشيعة في كتبهم ، مقسِّماً إياها إلى مبحثين رئيسين هما:
المبحث الأول:صلب أبي بكر وعمر y وقتلهما بعد نبش قبريهما([289])
ويروي هذا المشهد الدموي من علمائهم كل من :
1- البرسي في (مشارق الأنوار) حيث يروي: (عن محمد بن سنان، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لعمر: يا مغرور ! إني أراك في الدنيا قتيلا بجراحة من عبد أم معمر ، تحكم عليه جوراً ، فيقتلك توفيقا، يدخل بذلك الجنة على رغم منك، وإن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه صلباً وهتكاً، تخرجان عن جوار رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلبان على أغصان جذعة يابسة ، فتورق فيفتتن بذلك من والاك. فقال عمر: ومن يفعل ذلك يا أبا الحسن u؟. فقال: قوم  قد فرقوا بين السيوف وأغمادها، فيؤتى بالنار التي أضرمت لإبراهيم عليه السلام ويأتي جرجيس ، ودانيال ، وكل نبي وصديق، ثم يأتي ريح فينسفكما في اليم نسفا...)([290]).
2-روى المجلسي في بحاره المسْوَدَّة بالتكفير:[ قال المفضل : يا سيدي ثم يسير ( المهدي ) إلى أين ؟ قال عليه السلام : إلى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب , يظهر فيه سرور للمؤمنين وخزي للكافرين ، قال المفضل : يا سيدي ما هو ذاك ؟ قال : يرد إلى قبر جده صلى الله عليه وآله فيقول :  يا معشر الخلائق !هذا قبر جدي رسول الله e . فيقولون : نعم يا مهدي آل محمد  ! فيقول : ومن معه في القبر ؟ فيقولون : صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر. فيقول : - وهو أعلم بهما والخلائق كلهم جميعا يسمعون - من؟ أبو بكر وعمر !! وكيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله صلى الله عليه واله ؟! وعسى المدفونون غيرهما . فيقول الناس : يا مهدي آل محمد ! ماههنا غيرهما , إنهما دفنا معه ؛ لأنهما خليفتا رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوا زوجتيه . فيقول للخلق - بعد ثلاث - أخرجوهما من قبريهما . فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما , ولم يشحب لونهما . فيقول :هل فيكم من يعرفهما ؟ فيقولون : نعرفهما بالصفة , وليس ضجيعي جدك غيرهما . فيقول : هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما ؟ فيقولون : لا . فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام , ثم ينتشر الخبر في الناس , ويحضر المهدي ويكشف الجدران عن القبرين , ويقول  للنقباء : ابحثوا عنهما ,  وانبشوهما  ! فيبحثون بأيديهم , حتى يصلوا إليهما , فيخرجان غضين طريين كصورتهما , فيكشف عنهما أكفانهما , ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة , فيصلبهما عليها , فتحيى الشجرة وتورق , وتونع , ويطول فرعها... فيأمر ريحا سوداء , فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية , ثم يأمر بإنزالهما , فينزلان إليه فيحييان , ويأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم قصص أفعالهما في كل كور ودور , حتى يقص عليهم قتل هابيل بن آدم , وجمع النار لإبراهيم , وطرح يوسف في الجب , وحبس يونس ببطن الحوت , وقتل يحيى , وصلب عيسى , وحرق جرجيس ودانيال ... وإثم وظلم وجور من عهد آدم إلى وقت قائمنا , كله يعده عليهم , ويلزمهم إياه , فيعترفان به , ثم يأمر بهما , فيقتص منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر , ثم يصلبهما على الشجرة ويأمر ناراً تخرج من الأرض تحرقهما , ثم يأمر ريحاً تنسفهما في اليم نسفا . قال المفضل : يا سيدي ! وذلك هو آخر عذابهم . قال : هيهات يا مفضل ! والله ليُرَدّان , ويحضر السيد محمد الأكبر رسول الله , والصديق الأعظم أمير المؤمنين , وفاطمة , والحسن , والحسين , والأئمة إمام بعد إمام , وكل من محض الإيمان محضا , ومحض الكفر محضا , وليقتصن منهم بجميع المظالم , حتى إنهما ليقتلان كل يوم ألف قتلة , ويردان إلى ما شاء الله من عذابهما ..]([291]).
3-يؤكد هذه الجريمة بحق خليفتي المسلمين محدثهم نعمة الله الجزائري , فيقول:[وفي الأخبار ما هو أغرب من هذا وهو أن مولانا صاحب الزمان u إذا ظهر وأتى المدينة , أخرجهما من قبريهما , فيعذبهما على كل ما وقع في العالم من الظلم المتقدم على زمانهما كقتل قابيل هابيل ، وطرح إخوة يوسف له في الجب ، ورمي إبراهيم في نار نمرود ، وإخراج موسى خائفاً يترقب ، وعقر ناقة صالح , وعبادة من عبد النيران ، فيكون لهما الحظ الأوفر من أنواع ذلك العذاب]([292]).
المبحث الثاني:إعماله القتل العام لأهل السنة جميعاً
حيث صرحت مروياتهم أن هذا الموعود المسمى بالإمام الغائب حين يستيقظ من سباته الطويل([293]) ويخرج للناس ، فإنه يترك التقية([294]) ليكشف حقيقة الوجه التكفيري الكالح ، فيبيح القتل العام لأهل السنة جميعاً ، ويباشر هذا الفعل بنفسه دون أن يميِّز بين سنِّي وآخر ، شيخاً كان أو امرأة أو طفلاً ، وإليك بيان الروايات التي تبين حقيقة رسوخ صورة هذه المشاهد في الفكر العقائدي الشيعي:   
1-يروي شيخ طائفتهم الطوسي:[عن الحسن بن هارون بياع الأنماط , قال : كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) جالسا , فسأله معلى بن خنيس أيسير القائم بخلاف سيرة علي ( عليه السلام ) ؟ قال : نعم ، وذلك أن عليا ( عليه السلام ) سار بالمن والكف ؛ لأنه علم أن شيعته سيظهر عليهم ، وأن القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي ، وذلك أنه يعلم أن شيعته لم يظهر عليهم من بعده أبدا]([295]).
2- ويروي ثقة إسلامهم الكليني:[ عن أبي بكر الحضرمي , قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : لسيرة علي ( عليه السلام ) في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته مما طلعت عليه الشمس ، إنه علم أن للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته . قلت : فأخبرني عن القائم ( عليه السلام ) يسير بسيرته ؟ قال : لا , إن عليا ( صلوات الله عليه ) سار فيهم بالمن للعلم من دولتهم ، وإن القائم عجل الله فرجه يسير فيهم بخلاف تلك السيرة ؛ لأنه لا دولة لهم]([296]).
3- وقال خاتمة محدثيهم المجلسي:[ فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار]([297]).
4-وقال علامتهم محمد حسن النجفي:[عند ظهور صاحب الأمر u بأبي وأمي يعاملهم معاملة الكفار، كما أن الله تعالى شأنه يعاملهم كذلك بعد مفارقة أرواحهم أبدانهم، وفاقاً للمشهور بين الأصحاب]([298]).
5-ويقول محدثهم ومحققهم يوسف البحراني:[وقد أوضحنا سابقا أن حكم هؤلاء المخالفين كحكم أسلافهم من الغاصبين والناكثين والقاسطين والمارقين ، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، وأمير المؤمنين -صلوات الله عليه- قد قاتل أولئك واستباح أموالهم ودماءهم ، ولكن شريعة التقية بعده u - لخمود نور الحق وقيام دولة الشرك- حظرت ذلك ومنعته ، ألا ترى بعد قيام القائم-صلوات الله عليه- يستبيح أموالهم ودماءهم ، فلولا أنهم مباحوا الدم والمال في هذا الحال -لولا شريعة التقية- لما استباحه u بعد خروجه ، فيصير حكمهم من قبيل حكم الكافر الحربي ، كأسلافهم الغاصبين ضاعف الله تعالى عليهم جميعاً العذاب الأليم]([299]).
                                
بمثل هذه المشاهد الدموية البشعة ننتهي من عرض أخطر آثار ومظاهر الفكر التكفيري القبيح الذي يكنِّه الشيعة تجاه غيرهم من المسلمين ، مسوِّدين كتبهم الموبوءة بتسطير الروايات والنصوص في إثباته ، ومترجمين إياه سلوكاً ممثلاً بأفظع صورة من خلال مجموعة أحكام وتقريرات فقهية شاذة ، ثم عَبْر مشاهد دموية غاية في الإجرام تمزق قلب كل من يسمع بها ، وتقض مضجع كل من يطلع عليها ، وبذلك ننتهي من القسم الثاني من هذه الدراسة آملين أن يكون هو الآخر خطوة أخرى تجاه الفهم الصحيح لعمق المشكلة ، ودافعاً إضافياً قوياً في سبيل بذل الجهود الحقيقية لمواجهتها ، ووضع حد نهائي وجذري لها يمكن أن يطمئن بعده المسلمون على أنفسهم ووجودهم ، ليبدأوا من ثم مسيرة إعادة المجد الإسلامي العظيم ، ويعيدوا بناء دولته الخالدة التليدة ، شرط أن تكون المسيرة هذه المرة مغربلة ، وأن يكون البناء قوياً لا تنخر في عمق أساسه أَرَضَة الشيعة الإمامية.
الباب الثالث:
التبعات المعيبة والشاذة المترتبة على تبني المذهب لعقيدة التكفير
لا شك أن تبني فكرة أو عقيدة تترتب عليه تبعات منهجية تصطبغ بلونها وتلبس ثوبها ، فإن كانت الفكرة أو العقيدة سليمة قويمة جاءت تبعاتها كذلك ، وإن كان العكس فلن يلازمها أو يزاملها غير منهج مخجل معيب أو رأي شاذ منكر ، وهذه قاعدة ثابتة قد نجد فيها التنوع والتباين , لكننا بلا شك لن نقف منها على استثناء ، ففي حين نرى - مثلاً -أن البعض من متبني تلك الأفكار والعقائد الفاسدة يحاول تبريرها بشتى أنواع التدليلات والإيحاءات الملتوية المنكرة ، نجد أن البعض الآخر منهم – حين يُعدَم الحيلة ويعوز الوسيلة في تسويقها لوضوح بطلانها – يأوي إلى ركن الكذب والاحتيال سعياً منه لإخفائها أو نفياً لشبهة تبنيه لها ، لكن تبقى المفارقة الملفتة للنظر أن كلا الفريقين ، حتى من حرص منهما على الظهور بمظهر الجاحد للمعتقد المنكر لوجوده تظهر عليه – شاء أم أبى عن وعي منه أو غفلة – دلالات اعتقاده وإيمانه اليقيني به ، حيث نجد بين ثنايا كلامه ومن وراء طروحاته الجنوح الواضح نحو تأصيل وإثبات ما سعى ظاهراً – بالنفي والاحتيال- إلى نفيه والبراءة منه!
ومثل هذا التنوع والتباين في المسالك المعوجة والمعيبة , مع الاشتراك في فساد الرأي الناتج وشذوذه , نجده شاخصاً واضحاً في مذهب الشيعة الإمامية التكفيري ، فمن عالم فيهم لا يستحي أن يلوي أعناق الواضحات مدلِّلاً على معتقده التكفيري باجتهادات عقلية سقيمة لا تمت للشرع والمنطق بصلة([300]) ، إلى آخر لم يجد سبيلاً غير احتراف الكذب الواضح والتدليس المخجل وسيلة لخداع الآخرين وإقناعهم بخلو المذهب من فكر التكفير الإقصائي المقيت ، حرصاً منه على إيجاد مكان له بينهم يمارس منه دور الهدم والتخريب بخفاء ودهاء([301]) ، ومع ذلك يبقى التباين في الطرح والاختلاف في الأسلوب عاجزاً عن أن يُلغي وحدة الرأي والتقاء القناعات ، فنجد ذات الآراء المتنطعة الشاذة في رأي هذا العالم وذاك دون أدنى فرق ملحوظ([302]) .
الفصل الأول: الكذب الفاضح سبيلهم الوحيد لنفي تهمة التكفير عن المذهب ومن ثم الترويج له
من المعلوم لدى معظم المسلمين أن هناك من غير الشيعة بعض الفرق الضالة التي تبنت الفكر التكفيري كمنهج لها تعتقده وتتمثله في حياتها ، ولعل أهم تلك الفرق وأشهرها على الإطلاق هم الخوارج الذين ظهروا وبرزوا على عهد الإمام علي - رضي الله عنه - ، لينعدم وجودهم في الوقت الحاضر أو يكاد.
ورغم أن الخوارج هؤلاء يشتركون مع الشيعة في المؤدَّى – بتكفير المخالف واستحلال دمه – إلا أن هناك بينهما فرقاً جوهرياً مهماً يلاحظه كل متابع لتأريخ هاتين الفرقتين التكفيريتين – في الماضي والحاضر- يتمثل بكيفية تعاطي كل منهما مع حقيقة دعوته وأسلوب مواجهته وتعريف الآخرين بها ، ففي حين نجد الصدق والشجاعة في الطرح لدى طائفة الخوارج ، نرى بوضوح مُلفِت مقدار الغموض المحير بل الكذب "المخجل" الذي ينتهجه دعاة الشيعة وعلماؤهم في عرض أفكارهم ومعتقداتهم وبيانها للناس.
وفي حين أدى وضوح أولئك وشجاعتهم في طرح منهجهم إلى استعداء جميع المسلمين عليهم([303]) ، وعزلهم مجتمعياً بل وقتالهم عليه([304]) ، أدى كذب هؤلاء وجبن نهجهم ومكره إلى غض الطرف عنهم ، بل وفسح المجال لهم ؛ ليندسّوا بين صفوف أهل السنة والجماعة إلى الحد الذي نجحوا معه في اختراق العديد من مواقع اتخاذ القرار والتأثير في المجتمع والدولة ، فكان ضررهم على الأمة والمسلمين أكبر بكثير وأذاهم أعم وأشمل.
ولعل الغريب والمخجل في الأمر أن الذين مارسوا هذا الكذب الفاضح في المذهب الإمامي ليسوا زمرة إعلاميين رخيصين أو حفنة تبليغيين هواة ، بل كانوا مجموعة من أشهر وألمع كُتّابهم وعلمائهم على الإطلاق، ومنهم من كان مرجعاً في المذهب وآية من آياته العظام([305])، وسأقتصر في هذا المبحث السريع على ذكر مجموعة منهم , اشتهرت بتميز نشاطها في هذا المجال – مجال الكذب والدجل- وإتقانها اللعب على حباله ، ومن بين هؤلاء:
1-آيتهم العظمى: عبدالحسين شرف الدين (صاحب كتاب المراجعات):

وهو أحد أبرز علماء الشيعة الذين برعوا في مجال الكذب والخداع ، واشتهر بجرأته على تشويه الحقائق وقلبها بأسلوب حَرْفيّ مميزٌ قلما أتقنه غيره ، حتى أن الكثير من أكاذيبه قد انطلت على العديد من عوام أهل السنة ، إن لم أقل على بعض علمائهم أيضاً ممن لم يطلع على حقيقة مذهبهم وما تنطوي عليه أصولهم ، فمن نماذج كذبه الرخيص ما يلي:
1-زعم بكل جرأة ووقاحة بأن الإمامية لا يُكَفِّرون أهل السنة([306]) , حيث قال: [ألا ترى أن الشيعة لم تُكَفِّر أهل السنة بإنكارها إمامة الأئمة من أهل البيت (ع) مع أن إمامتهم من أصول الدين على رأي الشيعة]([307]).
2-حاول أن يرد على كلام موسى جار الله الذي أثبت وجود الفكر التكفيري عندهم ، فقال: [قال: صرحت كتب الشيعة أن الفرق الإسلامية كلها كافرة ملعونة خالدة في النار إلا الشيعة الخ.
     فأقول : نعوذ بالله من تكفير المسلمين ، - والله المستعان على كل معتد أثيم، همّازٍ مشّاءٍ بنميم - ، كيف يجوز على الشيعة أن تكفِّر أهل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج والإيمان باليوم الآخر]([308]).
3-قال في معرض ردِّه على محمد كرد علي - رئيس المجمع العلمي بدمشق - الذي اتهم الشيعة بالتكفير:[الحادي عشر : زعم أن الشيعة كفروا كل من لم يوافقهم على هواهم . قلت : هذه إفكة أفاك ، وفرية صواغ يدس النمائم ، ويبس العقارب ، نعوذ بالله من سماسرة الشقاق ، وزراع العداوات ظلما وعدوانا ، ونبرأ إلى الله من تكفير أحد من أهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، والصلوات الخمس إلى القبلة ، والزكاة المفروضة وصوم الشهر وحج البيت ...]([309]) .
     وقال في نفس الرسالة ص61:[ونحن لو كلفنا الأستاذ بإثبات شيء مما عزاه إلينا لأحرجناه مزجورا مدحورا ، بل لو اجتمع الأمويون بعضارطهم ، والخوارج بحثالتهم ، والنواصب بطغامهم , وسائر أعداء الله ورسوله بقضهم وقضيضهم ، على أن يأتوا بدليل على تلك المفتريات ، لا يأتون به ، ولو كان بعضهم لبعضهم ظهيرا ، وها نحن نتحداهم ، هاتفين: "هاتو برهانكم أن كنتم صادقين"].
تعريته وكشف كذبه:
1-لا أعتقد أننا سنحتاج إلى جهد كبير ؛ كي نكشف كذبه , ونفضح زور ادعائه ببراءة مذهبه من رزية التكفير؛ إذ هذه الدراسة كافية لتعريته وهتك أستاره بما عرضته من غزارة مروياتهم وفتاوي علمائهم التي أثبتت في حقهم وصمة العار تلك ، فجاءت صفحاتها سيلاً هادراً نسف كل قلاع رماله التي أقامها على ركائز مكره وخداعه ، فهَوَت وصفصفت حتى لم يبقَ منها أثر !!!
2-رغم أن في النقطة الأولى "بلى" سيدنا إبراهيم عليه السلام ، لكن لا بأس من ذكر المزيد "ليطمئن القلب" ثم ليطلع القارئ بنفسه على مدى تدليس هذا الآية (العظمى!) ورخص مسلكه ، وليتصور بعد ذلك حال من هم دونه في المرتبة من عامة الأتباع والمقلدين ، فبعد كل ذلك الدفاع المستميت في تبرئة الشيعة من تهمة تكفير مخالفيهم في أصل الإمامة ، وبعد كل ذلك النواح والنحيب على مظلوميتهم وما لاقوه من جور أهل السنة وقسوتهم ! نجده يعود لينسف كل ما بناه ، مثبتاً ما كان قد نفاه ، ضارباً بيده فاه! ، ففي بحث له بعنوان (طائفة مما صح عند أهل السنة من الأحاديث الحاكمة بنجاة مطلق الموحدين)([310])، ينقل عبد الحسين الموسوي أولاً نصوصاً من كتب أهل السنة تثبت نجاة الموحدين جميعاً من الخلود في النار قائلاً:[ الفصل الخامس: في طائفة مما صح عند أهل السنة من الأحاديث الحاكمة بنجاة مطلق الموحدين... أوردناها ليعلم حكمها بالجنة على كل من الشيعة والسنة.. وهذه الأخبار أجلى من الشمس في رابعة النهار وصحتها أشهر من نار على عَلـَمٍ ، فيها من البشائر ما ربما هون على المسلم موبقات الكبائر، فدونك أبوابها في كتب أهل السنة ؛ لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة , وكلما ذكرناه شذر من بذر، ونقطة من لجج بحر، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه , وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح].
وبعد أن ينتهي من نقل رأي أهل السنة يعمد إلى بيان معتقد الشيعة في ذلك ، فيؤكد – في لحظة غاب فيها دهاؤه وظل مكره طريقه- أن النجاة يوم القيامة عند الشيعة لا تشمل كل الموحدين([311]) بل تقتصر على من يؤمن بإمامة أئمتهم الاثني عشر ويدين بها ، أي أنها حكر على الشيعة فقط دون غيرهم([312]) ، فقال ما نصه:[ وإن عندنا صحاحاً أُخَر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر: 
             روتها هداة قولهم وحديثهم    *    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
فهي السنة التالية للكتاب، وهي الجنة الواقية من العذاب، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر . لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة، الذين قرنهم بمحكم الكتاب، وجعلهم قدوة لأولي الألباب، ونص على أنهم سفن النجاة إذا طغى زخار الفتن، وأمان الأمة إذا هاج إعصار المحن، ونجوم الهداية إذا أسدلهم ليل الغواية، وباب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها، والعروة الوثقى لا انفصام لها. ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين].
2-آيتهم العظمى جعفر سبحاني
يُعَدُّ هذا الرجل اسماً لامعاً في مجال التأليف والبحث المذهبي ، ونجماً ساطعاً في سماء الدعوة الشيعية المعاصرة ، إلا أنه كسابقه سلك مسلك الكذب الرخيص ، والتزم طريق التضليل فلم يحد عنه قيد شعرة ، ولن أعمد هنا إلى فضحه عن طريق تتبع طروحاته وكتاباته – كما فعلت مع عبد الحسين السابق- بل سأكتفي فقط بإيراد جوابه على سؤال وجِّهَ إليه من قبل إحدى المسلمات من أهل السنة تسأله عن حقيقة وجود ما يسمى بـ "دعاء صنمي قريش" عند الشيعة([313]) ، حيث قال:[ كما وكتبتِ في رسالتك الأولى بأن الإمام الخميني سمّى الخليفتين بصنمي قريش في كتابه كشف الأسرار ص111،114،117  ولم أجد في الصفحات المستنسخة التي أرسلتِها إلي شيئاً من تلك الكلمات] ، ثم استرسل في كذبه الفاضح نازعاً إلى أصل خُلُقُه قائلاً:[وأني بما أنا شيعي وقد ناهزت من العمر 73 عاما وأَلَّفت ما يفوق المائة كتاب لم أجد تلك الكلمة، وإنما سمعته من شيخ سعودي كان ينسبه إلى الشيعة]([314]).
تعريته وكشف كذبه:
لن أزيد في كشف دجل هذا الآية الكذاب على أن أعرض أسماء الكتب التي حوت هذا الدعاء ونصوص تصريحات بعض علماء المذهب الذين أكدوا ثبوته وصحته ، وكما يلي:
أولاً:
بيان أسماء بعض الكتب([315]) التي شرحت هذا الدعاء وبينت معانيه([316]) ، كما يذكرها مرجعهم آقا بزرگ الطهراني([317])( المتوفى عام1389هـ 1969م ) كي تعرف ثبوته وتكرر ذكره في كتبهم ، بما يكشف خداعه وكذبه:
1-(شرح دعاء صنمي قريش) للشيخ أبي السعادات أسعد بن عبد القاهر، أستاذ المحقق الخواجه نصير الطوسي وغيره، واسمه (رشح الولاء في شرح الدعاء) كما مر في ج 11 ص 236.
2-(939: شرح دعاء صنمي قريش) للمولى علي العراقي الفه سنة 878 ه‍. ذكره في (الرياض) وقال: انه فارسي رأيته باستراباد وألفه وهو في قصبة جاجرم.
3-(940: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي، للفاضل عيسى خان الاردبيلي.
4-(941: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي، ليوسف بن حسين بن محمد النصير الطوسي الاندرودي، أوله: الحمد لله رب العالمين.. الخ رأيته عند العلامة أبي المجد الشيخ آغا رضا الاصفهاني.
5-(شرح دعاء صنمي قريش) اسمه (ذخر العالمين) كما مر في محله ج10 ص9.
6-(942: شرح دعاء صنمي قريش) فارسي في غاية البسط يقرب من (مجمع البحرين) يوجد عند المحدث الميرزا عبد الرزاق الهمداني، كما حدثني به.
7-(شرح دعاء صنمي قريش) اسمه (نسيم العيش) كما يأتي في حرف النون.

8-(943: شرح دعاء صنمي قريش) أبسط عبارة من (رشح الولاء) وهو موافق معه في المطالب، لم يذكر فيه اسم التأليف ولا اسم مؤلفه، كان عند المولى مهدي القزويني صاحب (ذخر العالمين) حين تأليفه له في سنة 1119 ه‍. كما ذكره في أوله، ولعله بعينه (ضياء الخافقين) الآتي في حرف الضاد.
9-(944: شرح دعاء صنمي قريش) لشيخنا الميرزا محمد علي المدرس الچهاردهي النجفي، كان بخطه عند حفيده مرتضى المدرسي.
ثانياً:
هناك نصوص لعلماء الإمامية –قاصمة لظهر سبحاني- أكدوا فيها ثبوت الدعاء عندهم ومنها:
1-قال علامتهم وخاتمة محدثيهم المجلسي: [أقول: ودعاء صنمي قريش مشهور بين الشيعة، ورواه الكفعمي عن ابن عباس، أن أمير المؤمنين -عليه السلام- كان يقنت به في صلاته، وسيأتي في كتاب الصلاة إن شاء الله، وهو مشتمل على جميع بدعهما، ووقع فيه الاهتمام والمبالغة في لعنهما بما لا مزيد عليه]([318]).
2-قال قاضيهم نورالله التستري في (إحقاق الحق): [كما أشار إليه مولانا أمير المؤمنين علي – علـيه السلام - ، في دعاء صنمي قريش]، ثم علق عليه المرعشي في شرحه للكتاب بقوله: [أورده العلامة المجلسي في باب القنوت من كتاب الصلاة من مجلدات البحار , ونقل هناك فوائد عن كتاب رشح الولاء في شرح الدعاء للشيخ الجليل أسعد بن عبد القاهر بن الأسعد الأصبهاني، ثم اعلم أن لأصحابنا شروحا على هذا الدعاء (منها) الرشح المذكور , (ومنها) كتاب ضياء الخافقين لبعض العلماء من تلاميذ الفاضل القزويني صاحب لسان الخواص , (ومنها) شرح مشحون بالفوائد للمولى عيسى بن علي الأردبيلي , وكان من علماء زمان الصفوية، وكلها مخطوطة. وبالجملة صدور هذا الدعاء مما يطمئن به، لنقل الأعاظم إياها في كتبهم واعتمادهم عليها]([319]).
3-قال علامتهم ومحققهم الحاج الميرزا حبيب الله الهاشمي الخوئي:[ وأكثرها احتواءً لذلك دعاؤه المعروف بدعاء صنمي قريش الذي كان يواظب u عليه في قنوته وساير أوقاته، وقد رواه غير واحد من أصحابنا - قدس الله أرواحهم - في مؤلفاتهم]([320])
 4-وقد اعترف آيتهم العظمى ومرجعهم المعاصر والشهير علي الميلاني بوجود هذا الدعاء عندهم، وذلك من خلال سؤال وجه إليه ونصه:
 [والسؤال الثاني: ما هي حقيقة دعاء (صنمي قريش).. وهل فعلا وقّع عليه عدد من كبار علماء الشيعة؟ فأجاب بقوله: هذا الدعاء من الأدعية المشهورة المتداولةبين المؤمنين]([321]).
وكان يسع سبحاني الاتصال بالميلاني هذا ، ولو هاتفيا([322]) ليسأله عن ثبوت الدعاء عندهم ، خيرٌ له من أن يكذب زاعماً أنه من افتراء شيخ سعودي ، ولكن أبى الله إلا أن يسقط وثاقته وأمانته بين المسلمين
3-كاتبهم ومحققهم: عبد الجبار شرارة
وهو أيضا قد نسج على منوال سابقَيه وباقي أغلب علماء المذهب فتقصّص آثارهم على طريق الكذب والتدليس ، ولكنه حاول القفز فوق مطباته الكثيرة ومزالقه العديدة , عسى أن يطويه بعثرات أقل وسقطات أخف وطأة ، فراح بدلاً من مجرد إنكار الحقيقة وإخفائها يتحدى أن يكون هناك دليلاً واحداً عليها !! ففي لقاء تلفازي حواري معه –حول موضوع السنة والشيعة- حوَّل مادته فيما بعد إلى كتاب بعنوان (المواجهات بين الشيعة والسنة) ، وحين تطرق إلى موضوع الطعن بالصحابة واتهام مذهبه بتجويز هذا الأمر والحث عليه ، أطلق تحدياً سافراً وبكل وقاحة وصلافة في أن يأتي شخص برواية شيعية واحدة تبيح لعن الصحابة وسبِّهم ، أو قول عالم شيعي واحد يطعن بهم أو يشتم أحدهم ، أو يفتي ويرضى بذلك ، فقال - بتبجح تستحي من مثله البغايا - ما يلي([323]):
1-قال ص130:[ فأقول: إني أتحدى أن يعثر أحد على رواية صحيحة عن أئمتنا في كتبنا المعتمدة أو المعتبرة تُجَوِّز لعن الصحابة أو تنال منهم بشيء ، أو أن يعثر على فقيه واحد من فقهائنا في أي كتاب فقهي وفتوائي منتشر بيننا من كتب الشيعة يعثر فيه مثل هذا الكلام]
2-قال ص132:[ وقلت:أتحدى أن يأتيني أحد بكلام لواحد من علمائنا وفقهائنا يشتم به أحداً من صحابة رسول الله ]،
3-نفى وجود دعاء صنمي قريش عندهم قائلاً ص148:[ وأنا أتحداه ومازال التحدي قائماً في أن يجد هو أو غيره كتاباً لدى الشيعة الإمامية الاثني عشرية من الكتب المعتبرة لدينا ولدى فقهائنا تذكر مثل هذا الدعاء] وكرره ص147 بقوله:[ فلا يوجد لدينا مثل هذا الدعاء الموثق] .
ولا شك أن تخصيص رد على هذا المحقق الصلف مما لن يأتي بجديد كون كل ما تقدم ذكره من روايات وفتاوي ونصوص في جواز سب الصحابة ولعنهم والطعن بهم ، بل وإعظام الفرية فيهم ، ثم ما تم بيانه قبل قليل من إثبات وجود دعاء "صنمي قريش" السيئ الصيت واعتراف علمائهم بذلك ، بل وتخصيصهم فصولاً في كتبهم لشرحه وبيان معانيه ، يكفينا مؤونة تخصيص رد عليه ، ويوفر علينا جهد فضحه وتعريته أمام العالم أجمع ، لكني أتنفل في الرد على هذا المدلس المحقق ، وأختم مشواري معه بعرض سريع لنص جواب آيتهم العظمى المعاصر محمد صادق الشيرازي على سؤال وجِّه إليه حول جواز تخصيص أعيان من الصحابة باللعن والشتم وتسميتهم بأسمائهم ، ليكون آخر عهدي بهذا المحقق المزوِّر صفعة تأديب عسى أن تنفض عن وجهه القاتر بعض ما اسود منه جراء عظيم كذبه وقبح دجله:
السؤال الأول:
هل يجوز اللعن بالأسماء للثلاثة مغتصبي الخلافة والجهربذلك؟ودمتم موفقين مسددين!
الجواب :كونهم من مصاديقالظلمة الذين ينطبق عليهم قوله تعالى ( ألا لعنة الله على الظالمين ) مما لا شك فيه .
وأما الجهر بذلك فهو تبع للظروف الموضوعية ، فإن ترتب على ذلك ضرر أو مفسدة فلا يجوز ، وإلا فلا إشكال فيه([324]).
السؤال الثاني:
هل من المراجع العظام من يجيز اللعن ( الأول ,  والثاني , والثالث , وغيرهم من مغتصبي حق أهل البيت؟ وهل لعنهم يقربنا إلي الله ؟ وهل اللعن منفروع الدين؟
الجواب: ورد في زيارة عاشوراء المعتبرة معنى هذه العبارات ، وأما فروع الدين فمنها : التولي والتبري ، وهو التوليلأولياء الله والتبري من أعدائهم ، وقد يكون اللعن من مصاديق التبري([325]).
وقبل أن أنهي الحديث في هذا الموضوع لأنتقل لموضوع آخر ، أجد نفسي ملزماً مرة أخرى أن أتوجه بالدعوة إلى حَسَني النوايا والطيبين من أهل السنة والجماعة ، وتحديدا منهم ذوي التوجهات التوفيقية ممن يصرفون جلَّ جهدهم ووقتهم في الدعوة للتقريب بين المذاهب ، إلى ضرورة أن يكونوا واقعيين أكثر منهم حالمين ، وأن تكون دعوتهم للآخرين أو معهم عن تمام علم وبصيرة بحالهم ، لا عن جهل به وغفلة ، وأن يعلموا جيداً أن دعاوي التقريب تلك أول ما يشترط في نجاحها صدق التوجه ، وإخلاص النية ، وسمو الغاية ، من طرفي الدعوة وقطبيها ، أما وحال القوم كما رأينا وتأكد لنا ، وجب علينا أن نسأل بعد ذلك: هل يجوز لعاقل لبيب أن يأمن مكنون صدور القوم وما تنطوي عليه قلوبهم ؟! وهل نتوقع منهم أن يصدقونا في القول والحال بعد أن رأينا بعين اليقين كيف أن من يُعَدّون علماء المذهب وسادة الفكر؟! بل والأعجب من كل ذلك رؤوس دعاة التقريب فيه قد استمرأوا الكذب وامتهنوه حرفةً يتكسبون بها على أبواب السذج والطيبين من رجال هذه الدعوة من أهل السنة والجماعة والحاملين لواءها ، فهل بعد ذلك يُعقَل أن من يجد جرأة الكذب والتدليس في أمر هو للعيان من أوضح الواضحات وأوثق الثوابت – وأقصد به الفكر التكفيري الإقصائي- من الممكن أن يصدق في أمر آخر خفي لا يعدو كونه نيةً يسرها في نفسه ، فلا يملك أحد لمس صدقها أو الوقوف على وجه لها ، فيا أهل الرأي والنظر تنبهوا لهذه الحقيقة ، بأن الذي ضلَّلَ وكذب في تلك فهو في هذه أكثر إضلالاً وأكذب([326]).
الفصل الثاني: غلو الشيعة وبغيهم في مقابل وسطية أهل السنة و عدلهم([327])
استرسالاً مني في بيان التبعات المعيبة والشاذة المترتبة على تبني المذهب الإمامي لعقيدة التكفير الإقصائية ، وحرصاً مني على إبراز عمق فساد هذه التبعات وشذوذها ، فقد ارتأيت أن أصوغ مادة هذا الفصل على هيئة مقارنة ومقابلة بين موقف كل من أهل السنة والجماعة من جهة ، وبين الشيعة التكفيريين من جهة أخرى ، ونظرة كل منهما تجاه باقي فرق المسلمين وأفرادهم ، في قضيتين هما من بين أكثر قضايا الجهد البحثي الإسلامي أهمية وأشدها خطراً على الإطلاق نظراً لما تنطوي عليه هاتان القضيتان من مساس مباشر وقوي بالجانب العَقَدي للفرد المسلم من جهة ، ثم لما يترتب على تناولهما من أثر واضح وجلي على الواقع التعايشي للمسلمين فيما بينهم من خلال نظرة كل منهم للآخر من جهة أخرى ، تلكما هما قضية النجاة يوم القيامة وعلامً تتوقف ، وقضية النظرة إلى موضوع الخلافة بعد الرسول rوالنظرة إلى التنوع المذهبي ، ومن الجدير بالذكر هنا أن أنبه القارئ الكريم إلى أني سأعتمد في عرض مادة هذا الفصل على تصريحات علماء الإمامية واعترافاتهم هم أنفسهم دون سواهم ، ومن غير أن أُقحم لأهل السنة والجماعة في ذلك رأياً أو طرحاً([328]) ، فأدعهم يعرضون لرأي واجتهاد أهل السنة والجماعة أولاً ؛ ليعقبوا بعد ذلك ببيان رأيهم واجتهادهم هم ، ولسوف يظهر لكل من يطلع على رأي الفريقين مقدار التعنت والتزمت الذي ينطوي عليه مذهب الشيعة الإمامية التكفيري في مقابل الاعتدال والوسطية ، المسحة الظاهرة بجلاء في رأي أهل السنة والجماعة ، وكأن الله تعالى أراد لنار بغيهم أن تلفح وجوههم ، فأجرى الحق على ألسنتهم رغماً عنهم , فشهدت عليهم ناطقة بتجريمهم وفساد مذهبهم –حتى تكون أدلة الإدانةِ في حقهم أكبر , وحسابهم أشد وأنكى- ومقرةً في ذات الوقت بالمقتضى واللزوم بعدل أهل السنة وإنصافهم - حتى يكون صرحهم أعلى وشأنهم أسمى وفضلهم على غيرهم آكد([329])-  ، وإليك - أخي القارئ-  بسط القول في هاتين القضيتين , وموقف كل فريق منها ، وكما نصت على ذلك تصريحاتهم هم .
القضية الأولى: ما تتوقف عليه النجاة يوم القيامة
وهي من أخطر المسائل وأهمها على الإطلاق , كونها تناقش مآل الإنسان المسلم ونهاية مطافه , إما إلى خلود في الجنة ونعيمها , أو قرار في النار وجحيمها . وهذا الموضوع في واقع الأمر يختصر حياة المسلم كلها ، لأنه الحقيقة الأكبر التي تقف وراء ممارساته في هذه الحياة الدنيا بكل تفاصيلها ، فالسعي وراء كل عمل صالح في الدنيا والأمر به أو الدعوة إليه - مهما ترتب عليه من صعاب أو مصائب - يدفع تجاه تبنيه ويحرض عليه طمع بالجنة ونعيمها ، وتجنب كل سوء وبُعْد عنه وإنكار له - مهما حلا طعمه وازدانت نتائجه - يكمن وراءه خوف من النار وجحيمها ، إذ لا معنى لكل خير الدنيا وحلوها إن ساءت العاقبة وساء المآل ، ولا اعتبار لكل مصائب الدنيا وأهوالها إن حسنت الآخرة وطاب المقام فيها ، فمن قبل تلك المعاني يكتسب هذا الأمر أهميته ويستمد خطورته ؛ لذا كان لزاماً على من يتصدى للكلام فيه أن يتصف بأعلى درجات الإنصاف والعدل والسمو على الغرض والهوى ؛ لأنه الآن إزاء تقرير واقع أبدي خالد ، لا بيان حال دنيوي فانٍ . وحتى نقف على حقيقة موقف الفريقين من هذا الموضوع فنبين مَنْ منهما توسط في الطرح بعد أن تجرد عن الهوى وسطوته فأنصف وعدل ، ومَنْ بغى وتعنَّت فمال عن جادة الحق ليسقط في مهاوي الباطل والضلال . و سنعرض نصوصاً واضحة لعلمائهم ومراجعهم يثبتون من خلالها موقفهم الصريح بهذا الخصوص عارضين للفرق بينه وبين موقف أهل السنة والجماعة ؛ ليتبين لك بعد ذلك وضوح التمايز وعِظَم التباين بينهما ، وسندع الكلام الآن لعلماء الإمامية يصفون من خلاله حقيقة ما عليه حال الفريقين:
1-صرح شيخهم الأعظم النصير الطوسي بكلام فيه نوع غموض يثبت من خلاله أن فرقة الشيعة الإمامية هي الفرقة الناجية , وما عداها هالك يوم القيامة , فقال:[الفرقة الناجية هي الفرقة الإمامية ، - قال - :لأن جميع المذاهبوَقفتُ على أصولها وفروعها ،فوجدت من عدا الإمامية مشتركين فيالأصول المعتبرة في الإيمان ... ثم وجدت أن طائفة الإمامية هميخالفون الكل في أصولهم ، فلو كانت فرقة من عداهم ناجية لكان الكل ناجين ، فيدل علىأن الناجي هو الإمامية لا غير]([330]).
2-قام محدثهم نعمة الجزائري بشرح كلام الطوسي السابق في أكثر من موضع ؛ كي يبرز المعنى بصورة أكثر , حيث قال:[ وبيانه:أن الإمامية قد تفردوا بأن دخول الجنة والنجاة لايكون إلا بعد ولاية آل محمد - عليهم السلام- واعتقاد إمامتهم . وأما باقي الفرق الإسلامية ، فقد أطبقوا على أن أصل النجاة هو الإقراربالشهادتين]([331]).
3-وقال علامتهم نعمة الجزائري أيضاً معلقاً على نفس القول السابق:[ وهذا تحقيق متين ، حاصله أنه لو كانت الفرقة الناجية غير الإمامية لكان الناجي كلهم لا فرقة واحدة ، وذلك لأنهم مشتركون في الأصول والعقائد الموجبة لدخول الجنة ولا يخالفهم أحد سوى الإمامية ، فإنهم اشترطوا في دخول الجنة ولاية الأئمة الاثني عشر والقول بإمامتهم]([332]).
4-أما مؤرخهم وعالمهم محمد باقر الخوانساري فقد أعجبه كلام الطوسي والجزائري , فنقله بعبارة أوضح من سابقتيها فقال:[ وقال السيد نعمة الله الجزائري - أجزل الله بره - بعد نقله لهذه العبارة وتحريره: أن جميع الفرق مطبقون على أن الشهادتين وحدهما مناط النجاة تعويلاً على قوله صلى الله عليه وسلم : من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ، وأما هذه الفرقة الإمامية فهم مجمعون على أن النجاة لا تكون إلا بولاية أهل البيت - عليه السلام - إلى الإمام الثاني عشر - عليه السلام - ، والبراءة من أعدائهم ، فهي مباينة لجميع الفرق في هذا الاعتقاد الذي تدور عليه النجاة]([333]).
5-قال علامتهم ابن المطهر الحلي:[ إن الإمامية جازمون بحصول النجاة لهم ولأئمتهم ، قاطعون على ذلك ، وبحصول ضدها لغيرهم]([334]).
6-اعترف محققهم ومحدثهم البحراني بأن نجاة غير الشيعة الإمامية لم يقل به أحد منهم، قائلا:[ والذى دلت عليه الأخبار كما تقدمت الإشارة إليه أن الإيمان لا يصدق على غير الإمامية ، وإلا لزم دخول غيرهم الجنة ، ولا قائل به]([335]).
7-وقد عقد آيتهم العظمى عبد الحسين صاحب كتاب المراجعات مبحثاً طويلاً([336]) حول ما تتحقق به النجاة عند كل من الشيعة وأهل السنة , و إليك بيانه:
أ-أثبت أن مرويات أهل السنة نصت على أن النجاة تحصل بالشهادتين , وهو تصريح بإنصاف أهل السنة حيث قال:[ الفصل الخامس: في طائفة مما صح عند أهل السنة من الأحاديث الحاكمة بنجاة مطلق الموحدين. أوردناها ليعلم حكمها بالجنة على كل من الشيعة والسنة……. إلى أن قال: وهذه الأخبار أجلى من الشمس في رابعة النهار , وصحتها أشهر من نار على علم، فيها من البشائر ما ربما هون على المسلم موبقات الكبائر، فدونك أبوابها في كتب أهل السنة ؛ لتعلم حكمها عليك وعليهم بالجنة , وكلما ذكرناه شذر من بذر، ونقطة من لجج بحر، اكتفينا منها بما ذكره البخاري في كتابه وكرره بالأسانيد المتعددة في كثير من أبوابه، ولم نتعرض لما في باقي الصحاح، إذ انشق بما ذكرناه عمود الفجر واندلع لسان الصباح].
ب-اعترف صاغراً بأن كتبهم ومروياتهم لا تحكم بالنجاة لجميع الموحدين -كما صرحت به مرويات أهل السنة- بل تخصصها وتقيدها للمعتقدين بالإمامة فقط ، حيث قال: [وإن عندنا صحاحاً أُخَر فزنا بها من طريق أئمتنا الاثني عشر:
   روتها هداة قولهم وحديثهم    *    روى جدنا عن جبرئيل عن الباري
فهي السنة التالية للكتاب، وهي الجنة الواقية من العذاب، وإليكها في أصول الكافي وغيره تعلن بالبشائر لأهل الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر لكنها تخصص ما سمعته من تلك العمومات المتكاثرة بولاية آل رسول الله وعترته الطاهرة، الذين قرنهم بمحكم الكتاب، وجعلهم قدوة لأولي الألباب، ونص على أنهم سفن النجاة إذا طغى زخار الفتن، وأمان الأمة إذا هاج إعصار المحن، ونجوم الهداية إذا إدْلَهَمَّ ليل الغواية، وباب حطة لا يغفر إلا لمن دخلها، والعروة الوثقى لا انفصام لها. ولا غرو فإن ولايتهم من أصول الدين].
 8- وصرح بذلك آيتهم العظمى - المعاصر الآن - محمد صادق الروحاني من خلال جواب على سؤال وجِّه إليه ونصه([337]):
السؤال :هو هل السنة يحكم عليهم بالكفر ؟ .هذا هو الأهم .... هل يدخل السنة الجنة ؟ طبعا هم لا يوالون عليًا - عليه السلام - ولكنهم لا يكرهون أهل البيت , ويحبونهم .... وكيف يدخلون النار وهم يشهدون الشهادتين ويصلونالصلوات الخمس ويحجون ويصومون رمضان([338]) ...؟
الجواب : بسمه جلّت أسماؤه :
 يشترط في صحة العبادات الولاية لأمير المؤمنين - عليه السلام- ، فمع فقد الشرط لا يتحقق المشروط.
 وهكذا تبين لنا عِظَم الفرق وسعة الفجوة بين مذهب الوسطية مذهب أهل السنة والجماعة ، وبين المذهب التكفيري البشع مذهب الشيعة الإمامية ، ففي حين نجدهم هم أنفسهم يصرحون بتعليق أهل السنة لدخول المسلم الجنة-إما عاجلاً أو آجلاً- بمجرد النطق بالشهادتين والإقرار بها([339])، نراهم يقرون بعدم جدوى ذلك عندهم ، فلا خلاص بالشهادتين ولا حتى بما فوقها من أعمال وعبادات وقربات ما لم يقترن ذلك بالإيمان بأصل الإمامة عندهم ، بل وبأشخاص الأئمة خاصتهم ، وعليه فقد أجمع علماء المذهب([340]) أنْ لا نجاةَ يوم القيامة لغير الشيعة ولا فوز بالجنة لسواهم ، أما باقي المسلمين فهم كلهم في النار خالدين فيها أبداً مع اليهود والنصارى والمجوس والوثنيين!!! هذا - أخي الكريم - نص كلامهم وعين تقريراتهم , أعرضها لك كما هي ؛ لتحكم بنفسك بعد ذلك أي الفريقين أهدى سبيلاً وأيهما حقت عليه الضلالة !!
 القضية الثانية:نظرة الفريقين إلى موضوع الخلافة والتنوع المذهبي
وهي مجموعة قضايا في قضية ، يتجلى فيها أيضاً إنصاف أهل السنة ووسطيتهم وبغي الشيعة وتنطعهم ، وأيضاً من خلال تصريحات علمائهم ونقولهم ، وإليك بيان ذلك بصورتين رئيسيتين:
الصورة الأولى:النظرة إلى إشكالية الخلافة بعد النبيr
إن نظرة أهل السنة والجماعة في مسألة الخلافة نابعة بالأساس من نظرة القرآن لها ، والمتمثل بقوله تعالى في محكم كتابه (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) ، فالخلافة عند أهل السنة إذن أمرٌ يوجه دفته المسلمون أنفسهم([341]) بدليل نص الآية الكريمة ، وبموجب آليات وقوانين معينة ، ولما كانت الخلافة عند أهل السنة هكذا – مفهوماً واسعاً لا يقيده إلزام معين- كان باب الترشيح لها مفتوحاً على مصراعيه لكل من تتوفر في حقه الأهلية والجدارة لاعتلاء منصب الخليفة([342]) ، ليرى المسلمون بعد ذلك من خلال أهل الحل والعقد فيهم مَن من المرشحين يصلح لها أكثر من غيره فيبايعونه ، ومَن تقصر بعض صفاته عن أن يفوز بسبق المفاضلة هذه ، فينصرفون عنه أو يؤخرونه إلى حين تحقق الأهلية والاستحقاق فيه ، كما يعطي أهل السنة والجماعة الحق للمسلمين في محاسبة هذا الخليفة إنْ بدر منه عجز أو قصور ، وحتى إقالته والخروج عليه إنْ جاء بكفر صريح لا يحتمل التأويل والتبرير([343]).
أما نظرة الشيعة لموضوع الخلافة فيختلف عن هذا النهج القرآني اختلافاً جذرياً ، إذ أنهم يعتبرونها حقاً محصوراً ومقصوراً على اثني عشر إماماً فقط ، لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتجاوزهم لغيرهم أو يخلو الزمان من أحدهم مهما طال الزمان أو قصر([344]) ، ثم زعموا أن هؤلاء الأئمة ينبغي أن يكون منصوصاً عليهم – بالاسم والترتيب- من الله تعالى , مصرين على زعمهم هذا بكل عناد وعنت , دون أدنى رصيد على دعواهم تلك من نقل أو عقل ، بل أنهم عجزوا أن يدلِّلوا على دعواهم تلك ولو بآية واحدة أو جزء من آية من كتاب الله العزيز([345]) ، ثم إنهم اعتبروا الإمامة من أصول الدين كالتوحيد والمعاد والنبوة([346])، ورتبوا على كل ذلك نتيجة طبيعية مفادها الحكم بكفر كل من لم يؤمن بهذا الأصل أو يعتقد به – تماماً كمن ينكر أصل التوحيد أو المعاد أو النبوة- ولم يكتفوا بذلك , بل كفَّروا حتى من أقرَّ بأصلها لكنه أنكر شخص أحد الأئمة الاثني عشر ، أو أنكر استحقاقه لها ، ولذا ومن خلال النظر إلى رأي كل من الفريقين لموضوع الخلافة نستطيع أن نفهم بوضوح طبيعة الخلاف بينهما حولها ، ويمكن أن نتبين ببساطة شديدة أي الفريقين أدعى للعدل والإنصاف والوسطية ، وأيهما واقع في شَرَك التكفير والزيغ والضلال ، ولقد ترتب على هذا التباين في فهم فكرة الخلافة - بين أهل السنة من جهة ، والشيعة من جهة أخرى - أمران مهمان يُجَذِّران هذا التباين ويؤكدانه .
الأمر الأول:نظرة كل منهما إلى حجم الخلاف بين الصحابة في قضية الخلافة:
إذ يرى أهل السنة أن الخلاف بينهم –بين الصحابة- على الخلافة أمر طبيعي جداً ؛ كونه يمثل استحقاقاً لكل من كان جديراً بها , وأن الأمر في أصله خاضع للاجتهاد , و لا يستحق أن يأخذ أكبر من حجمه , ولا أن يترتب عليه ولاء مطلق لصحابي دون آخر , فضلاً عن أن يُطعَن بأحد ويُزكّى آخر ، فقضية اختيار شخص الخليفة بين جمع كلهم أهل لها - في نظر أهل السنة والجماعة-  قضية فرعية خضعت لاجتهاد الصحابة رضي الله عنهم ، وكانوا كلهم في ذلك رغم اختلاف وتنوع آرائهم على خير كبير.
أما الشيعة فإنهم يرون أن هذا الخلاف ليس كذلك وأنه خلاف في أصل العقيدة ، بل وذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير فعدُّوه الفيصل بين الكفر والإيمان ، فمن وافقهم على رأيهم – في أن علياً رضي الله عنه كان هو المستحق الشرعي الوحيد للخلافة وأن أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كفار خالدون في النار لسلبهم الخلافة منه على حد زعمهم- فهو مؤمن معصوم الدم والمال , وتجري عليه أحكام المؤمن ، ومن خالفهم ورأى خلاف ما يرَوْنه اعتبروه كافراً خارجاً عن الملة تجري عليه أحكام الكفر في الدنيا والآخرة([347]) ، وإليك هذه الحادثة التي يرويها محدثهم نعمة الله الجزائري , والتي يدعي أنها جرت بين علماء أهل السنة مع أحد علمائهم المتقدمين في مجلس أحد الخلفاء مبيناً ما عليه معتقدهم في مسألة الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم على خلافة الأمة بعد النبي r ، فيقول:[ قال الصدوق - تغمده الله برحمته - في تمام ما حكيناه عنه في المباحثة مع علماء الجمهور في مجلس بعض الملوك - لما قالوا له: إننا وأنتم على إله واحد ونبي واحد، وافترقنا في تعيين الخليفة الأول-: ليس الحال على ما تزعمون , بل نحن وأنتم في طرف من الخلاف، حتى في الله سبحانه والنبي، وذلك أنكم تزعمون أن لكم رباً، وذلك الرب أرسل رسولاً خليفته بالاستحقاق أبا بكر، ونحن نقول: إن ذلك الرب ليس رباً لنا، وذلك النبي لا نقول بنبوته، بل نقول: إن ربنا الذي نص على أن خليفة رسوله علي بن أبي طالب - عليه السلام - فأين الاتفاق؟]([348]) ، ثم بعد ذلك يدلي نعمة الله الجزائري بكلام له مؤكداً موقفهم المتنطع تجاه موضوع الإمامة هذا فيقول:[ وحاصله أنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد r نبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول أن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا]([349]).
الأمر الثاني:النظرة إلى جدارة آل البيت والصحابة للخلافة
إن نقطة الخلاف في هذه المسألة تكمن في السؤال التالي:
هل هناك جمع من الصحابة وآل البيت-إلى جانب علي وولديه الحسن والحسين رضي الله عنهم- ممن عُرِفوا بالإيمان والتقوى والهجرة والجهاد وخدموا الإسلام ونصروه ، حتى أثنى عليه الله تعالى وذكر فضائلهم وحبه لهم وحبهم له ، كما أثنى عليه رسوله r وخصهم بصحبته وحبه أمثال أبي بكرٍ , وعمر , وعثمان , والعباس عم النبي r , وابنه حبر الأمة , وغيرهم من كبار الصحابة والآل ، لائقون للخلافة ومؤهلون لها ؟ وهل فيمن تبعهم بإحسان من أحفاد الصحابة وآل البيت من قريش-إلى جانب بعض ولد الحسين بن علي- ممن عُرِفَ عنهم الصلاح والتقوى كعبد الله بن الزبير , وعمر بن عبد العزيز , والصالحين من ولد الحسن بن علي , وباقي أولاد الحسين-عدا الاثني عشر من أئمة الشيعة- هم كذلك لهم حق نيلها أو الترشيح لها ؟ أم أنها ممنوعة عنهم جميعاً ، محصورةٌ في أفراد معينين مخصوصين , لا يمكن أن تتعداهم لغيرهم ؟
 إذ أن الجواب على هذا السؤال يمثل مكمن الخلاف وأصل النزاع ، ففي حين يرى أهل السنة والجماعة أن هؤلاء جميعا جديرون بالخلافة وأهلٌ لها ، ومنهم من بايعه المسلمون عليها بالفعل ، فتقلدها وكان خير من نهض بأعبائها وتبعاتها كأبي بكر وعمر وعثمان من جيل الصحابة ، وكعمر بن عبد العزيز من جيل التابعين([350]) ، وفي المقابل يرى الشيعة الإمامية الاثني عشرية أنْ لا أحد أبداً من الناس مهما بلغ من التقوى والصلاح والعلم ورجاحة العقل والرأي جدير بها غير اثني عشر رجلاً([351]) فقط –هم علي والحسن والحسين ثم تسعة من ولد الحسين بن علي بن أبي طالب من ولد الحسين ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا-([352])، وأما من عداهم من الصحابة وآل البيت والتابعين وباقي المسلمين فليسوا كذلك([353])!
ولذا أرى لزاماً عليَّ - أخي القارئ الكريم- أن أسوق لك بعض تصريحات علمائهم بهذا الخصوص:
1-يقول محققهم وعلامتهم علي عبدالعال الكركي نافياً أهلية الخلفاء الراشدين للخلافة بوقاحة وبذاءة لسان لم يتلفظ بها حتى اليهود والنصارى:[ وأي عاقل يعتقد تقديم ابن أبي قحافة وابن الخطاب وابن عفان الأدنياء في النسب، والصعاب، الذين لا يعرف لهم تقدم ولا سبق في علم ولا جهاد ... وألبسوا أشياء أقلها يوجب الكفر، فعليهم وعلى محبيهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين]([354]).
    وقال:[ وليتأمل العاقل المنصف أنه هل يجوز أن يتولى منصب الخلافة الذي هو معظم منصب النبوة مثل شيخ تيِّم الجاهل بأمور الدين … ومثل عُتلّ عديٍّ الزنيم ذي الفظاظة والغلظة والمكر والخديعة … ومثل ثور بني أمية الذي حملهم على أعناق الناس]([355]).
2-وقال علامتهم العاملي البياضي مثبتاً عقيدتهم في ذلك:[فالشيعة تأبى إمامة الثلاثة ، وتقول بإمامة علي دونها]([356]) ، وقال:[فهذه نبذة من مخازي الثلاثة … تدل بأدنى فكر على عدم استحقاقهم الخلافة ]([357]).
3-ويقول آيتهم العظمى محمد مهدي الخالصي مثبتاً عدم أهلية وجدارة الخلفاء الثلاثة الذين تقدموا علياً رضي الله عنه فينيلها:[ومع هذا كيف يدخل الريب قلب أحد في خلافة علي u عن النبيe وعدم استحقاق من تقدمه لها]([358]).
4-يقول آيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم:[ولا سيما وأن الله سبحانه لم يجعلها فيمن جعلها فيه إلا لانحصار الأهلية به ، وعدم صلاحية غيره لها ، ويكفينا في التعرف على الآثار والفوائد المهمة التي تترتب لو ولي الخلافة أمير المؤمنين u ، الذي يدعي الشيعة النص عليه ..]([359]).
5-يقول آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني:[ أما الخلفاء الثلاثة فنعتقد أنتوليهم الحكم لم يكن شرعياً لوجود النص الصريح من النبي e على تعيين علي -عليهالسلام- خليفة من بعده]([360]).
فتأمل - أخي المسلم - بعد ذلك نقطة الخلاف التي جسدتها هذه الصورة جيداً ؛ لترى فيها أيضاً شمس إنصاف أهل السنة ووسطيتهم بازغة ساطعة لا يمكن أن يَحجب نورها إلاّ عارضٌ مظلم مضلل ، فعند الشيعة أن الصالحين من أهل البيت المشهود لهم بالفضل والخير والصلاح-كحال باقي كبار الصحابة- أهل للخلافة دون أدنى ريب ، وأن من تقلدها منهم وبايعه الناس عليها , فخلافته صحيحة لا يشك فيها أو يطعن بها مسلم([361]) ؛ لأنهم المؤمنون الصادقون المجاهدون الذين لهم فضل الإسلام والقربى من رسول e.
وفي مقابل هذا العدل والتوسط ترى النهج الشيعي المألوف بما فيه من زيغ وقبح وضلال , يحاول أن يشوه الصورة ويقلب الموازين ، فينفي جدارة كبار الصحابة - وتحديداً أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم - ، ويطعن بخلافتهم مع سبقهم في الإسلام ونصرهم له بالأنفس والأموال ، ومع حبهم لرسول الله e وحبه لهم حتى أنه صاهرهم وصاهروه([362]) وأدناهم منهم ، فكانوا أحب صحابته إليه وأقربهم إلى قلبه ، مع ثناء الله تعالى عليه في أكثر من موضوع في القرآن الكريم وتصريحه برضاه عنهم ورضاهم عنه في عدة آيات كقوله تعالى: } وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{ [التوبة:100] ، بل قد تجاوز الأمر تكفير خيار الصحابة ورجالات الإسلام إلى تكفير آل البيت([363]) –ما خلا الاثني عشر- وإن كان من ذرية علي - رضي الله عنه - كما نصت الروايات التي نقلناها آنفاً.
الصورة الثانية:النظرة إلى التنوع المذهبي بين الفريقين
وهنا سنرى واقعا علمياً ينطق بتحقيقه نظرة كل من أهل السنة والإمامية إلى مشروعية التنوع المذهبي وجواز التعبد بأي منها دون أدنى فرق أو تمييز ، وذلك من خلال ما نقله وثبته علماء الإمامية أنفسهم في كتبهم من فتاوى وتقريرات ناقشت هذه المسألة –بالذات- عارضة بجلاء التباين الواضح بين الموقفين.
أولاً:إقرار أهل السنة بمشروعية التنوع المذهبي وتجويز أشهر علمائهم التعبد بالمذهب الجعفري([364])
إذ ينقل بعض علماء الشيعة في كتبهم نص فتوى شيخ الأزهر فضيلة العالم الكبير الشيخ محمود شلتوت بجواز التعبد بالمذهب الجعفري كمذهب خامس يُضاف إلى باقي المذاهب السنية الأربعة التي يتعبد بها أهل السنة والجماعة في العالم كله ، وإليك نص فتواه - رحمه الله - كما ينقلها الشيعة – والعهدة عليهم([365])- تحت عنوان (بسم الله الرحمن الرحيم نص الفتوى التي أصدرها السيد صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر . في شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية):
 [ قيل لفضيلته : إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة , وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية , ولا الشيعة الزيدية ، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه , فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مثلا ؟
فأجاب فضيلته:
 1- إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتباع مذهب معين , بل نقول : إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة . ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره - أي مذهب كان - ولا حرج عليه في شئ من ذلك .
2- إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة . فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك ، وأن يتخلصوا من العصبية بغير الحق لمذاهب معينة ، فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب ، فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى , يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم ، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات .
السيد صاحب السماحة العلامة الجليل الأستاذ محمد تقي القمي : السكرتير العام لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية : سلام عليكم ورحمته , أما بعد , فيسرني أن أبعث إلى سماحتكم بصورة موقع عليها بإمضائي من الفتوى التي أصدرتها في شأن جواز التعبد بمذهب الشيعة الإمامية راجيا أن تحفظوها في سجلات دار التقريب بين المذاهب الإسلامية التي أسهمنا معكم في تأسيسها . ووفقنا الله لتحقيق رسالتها ! والسلام عليكم ورحمة الله . شيخ الجامع الأزهر ]([366]).
ثانياًً:تحريم علماء الشيعة التعبد بغير مذهب الإمامية الاثني عشرية
لن أخوض كثيرا في إثبات هذا الأمر عند الشيعة الإمامية ، إذ لا يمكن لعاقل أن يصدق تجويزهم التعبد بالمذاهب الأربعة بعد ما أثبتوه من زيغ وكفر أئمتها ومقلديهم ، بل كفر كل من انتسب لغير الإمامية وتعبد بغير أصولهم([367]) ، ولكني سأكتفي في بيان هذا الأمر على نص جواب المرجع الشيعي اللبناني المعاصر محمد حسين فضل الله – أحد أكثر العلماء الشيعة في تاريخ الشيعة القديم والحديث اعتدالاً في نظر الشيعة والسنة على السواء([368])- على سؤال وجه إليه بخصوص جواز التعبد بأحد مذاهب أهل السنة والجماعة ؛ لترى بعد ذلك إمكان استمرار القول بادعاء وجود التقارب بين المذهبين ، عسى أن تكتمل الصورة وتتضح معالمها ، فلا تفلح بعد ذلك مساعي ذوي الأغراض الدنيئة في تشويهها , أو مسخ ملامحها ؛ لتمرير مراميهم وغاياتهم الموبوءة ، وإليك - أخي القارئ الكريم - نص السؤال ، ونص جواب فضل الله عليه([369]) ، مُنْهياً بهما القسم الأخير من هذه الدراسة:
[ سُئِل: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة ، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية ؟
الجواب: لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت - عليهم السلام - ؛ لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة . والله الموفق وهو حسبنا ونعم الوكيل ! ]([370]).
الخاتمة
بعد أن تبين بوضوح لا لبس فيه ، وبيقين لا يعتريه الشك – من خلال أدلة قطعية لا تحتمل ظنية الثبوت أو توهم الفهم- رسوخ الفكر التكفيري المقيت في نظرة المذهب الشيعي الإمامي إلى باقي فرق المسلمين ، جاز لنا ، بل وجب علينا أن نتساءل .. ثم ماذا ..؟
هل نرضى بعد كل ما وقفنا عليه في هذه الدراسة أن يظل تناولنا لهكذا موضوع خطير مجرد طرح باهت لا يزيد عن كونه عرضاً روتينياً لحقائق وبراهين وقعت عليها يد باحث أو مجموعة أفكار جالت في خاطر ناظر لينتهي به المطاف على موضوع لكتاب على رفّ ؟!
هل نقبل ؟ بل هل نعقل أن تبقى تلك الحقائق على عِظَم خطرها وهول ما تنذر به مُكبَّلة مقيَّدة ، حبيسة الكتب ، رهينة سطورها ، تختنقها صفحاتها ، ويضيق ما بين دفتيها بها ؟!
هل يكفينا ويريح ضمائرنا أن تكون لردود الفعل تجاه ما علمنا مديات وميادين تقصر وتضيق حتى لا تعدو غير أن تبقى تراوح بين اندهاشة غافل ، أو نقمة متحمس ، أو حسرة حالم ؟!
هل نطمح من وراء الطرح مجرد تحفيز الأحاسيس الراكدة ، وتثوير المشاعر الهامدة ؟!
هل .. وهل .. ؟!
لا شك أن الجواب على كل هذه الأسئلة لن يكون إلا: كلا وحاشا .. فلن يطوي النسيان والكلمات ، أو تخنق صفحات الكتب أنفاسها ، كما لن يكون رف الإهمال مرساها ، بل لا بد "إن شاء الله تعالى" أن تلي الكلمات كلمات ، وتترتب عليها التبعات ، فتكون الكلمة أول الفعل ومبتدأه ، حتى إذا ما حرَّكت الكلمة في النفس المشاعر وأيقظتها لن نرضى أن يبقى التفاعل تجاهها ومعها عاجزاً أو قاصراً يتلجلج في الصدور بين حزنٍ وإحباط ، أو نقمة وتحامل ، بل لا بد أن يتعاظم ويتفاقم ليفلت من ضيق عقال العواطف المتأثرة إلى سعة فضاء الفعل المؤثر "المنضبط" ليمارس الدور ويُحْدِث التغيير دون تهور أو مراهقة.
وهكذا ينبغي لنا حين نتناول هذا الطرح الحساس والخطير –وأمثاله- لمثل هذه المواضيع الجادة ، أن لا نكتفي بالإصغاء والمراقبة ، أو حتى التأمل فيها ومجرد إمعان النظر ، لأن ذلك مما يجعل الحديث فيها عقيماً أبتر ، بل لا بد للطرح أن يلد آخر ، وأن يلد الآخر غيره ، وأن تتعهد يد الغياثة والتناول الجاد هذه الولادات فتكبر وتتسع لتأخذ مديات أوسع ، ويكون لصوتها صدى يصمّ الآذان ، عسى أن توجد بعد السبات استفاقة ، وتُحْدث بعد الغفلة انتباهة ، لتحرك في ساحة التأثير "المبادرة".
ولعلي "أبادر" بدوري في ختام هذه الدراسة بتذكير أهل السنة –دولاً وجماعات وأفراداً- إلى ضرورة أن يكون لهم موقف واضح وجلي تجاه من يعمل على هدم دينهم , ويبيح لعنهم , ويُعِين عليهم عدوهم , ويطعن بحملة الإسلام - منها الخلفاء العظام والصحابة الكرام - بأن يلتزموا حكم الشرع فيهم عن طريق الرجوع لأقوال أهل العلم في هذا المجال.
كما ينبغي التأكيد على علماء أهل السنة خصوصاً أن يأخذوا دورهم في هذا الأمر , وأن يتمحوروا حولـه في خطبهم ودروسهم ومحاضراتهم، وأن يتركوا السلبية والانهزامية التي جرَّت علينا الويلات -في هذا المجال وفي غيره- تحت حجج واهية لا تقنع عاقلاً ولا تصيب من الحقيقة كبداً ، ولا حتى إصبعاً ، وأن يُذَكِّروا أنفسهم ويُعَلِّموا غيرهم أن لا مداراة في باطل (ولا مصلحة في مهادنة!)، ولنَنْأَى بأنفسنا أن نكون بعد اليوم شياطيناً خُرْساً ساكتين عن الحق أبداً ... كذا وليعلم أهل التقريب ودعاته أن الوحدة حتى تكون قوية لا بد لها من أساس قوي، وأن الأرض حتى يصلح زرعها لا بد أن يُزال منها أي دغل، وإلا نقضنا غزلنا بأيدينا، وما ضربنا في بنيان الوحدة وتداً...
ولنكن جميعاً على يقين تام في أن "التقريب" الذي يكون ثمنه الرضا بلعن الخلفاء الراشدين وباقي الصحابة والطعن بهم وبجميع المسلمين- أئمتهم وعامتهم - ما هو إلا بُعْدٌ عن الحق ، وزيغٌ وهدم للأساس قبل رصِّ اللَّبنات ؛ إذ فيه هدم لكل عقائدنا التي استقيناها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله r ... فالله الله يا أهل السنة في دينكم ، والغَيْرة الغَيْرة على عقيدتكم ، ولا يكوننَّ أهل الأهواء والبدع أشدّ تمسكاً بباطلهم منكم بحقكم ، ويقيناً لا نصر لنا إلا بذلك , كما قال ربنا جلَّ في علاه}يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ{ (محمد:7)
هذه كانت خطوة على الطريق وللباقين خطوات ، نسأل الباري - عز وجل - أن يكتب لجميعها السداد ، وأن يتقبل منا العمل والجهد , ويرضى عنا ويرحمنا ، فذاك والله غاية المُنى ومنتهى المرام !
} وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{ (المائدة:48)
                   عبد الملك بن عبد الرحمن الشافعي
----------------------------------------------------------------------
 ([1]) كعقيدة التكفير عند الشيعة – موضوع هذه الدارسة- والتي يسعى رجال المذهب وخاصته – حال ضعفهم وغياب التمكين لهم- جاهدين لإخفائها ، وطمس معالمها ، والبراءة منها بكل ما أوتوه من قوة ومكر وكذب وخديعة ، حتى أنك -أخي القارئ- حين تقف بنفسك على مدى تأصُّل هذه العقيدة النكراء فيهم ، وقطعية ثبوتها عندهم ، ستعجب كثيراً لكيفية بقائهم بعيدين –في نظر الآخرين- عن أن يوصموا بها أو حتى أن يتطرق مجرد الاحتمال لورودها عندهم .. ولك أن تتخيل بعد ذلك مقدار الجهد المبذول من قبلهم في تغييب هذا المعلم الواضح والأصيل في فكرهم وتغريبه عن مدارك الآخرين !
 ([2]) وهم من أبعد الناس عن أن يتجهوا نحو تحقيق هذه الوحدة ولو خطوة واحدة .. بل أن الحقيقة المرّة التي تغمّ كل من يقف عليها هي أن الإمامية استخدموا مثل هذه الدعوات –كدعوة التقريب بين المذاهب- وسيلة سهلة لنشر معتقدهم بين صفوف أهل تلك المذاهب من أهل السنة وإيجاد موطئ قدم لهم في بلدانهم ( وما يلي ذلك من غرسٍ لبذور هدم أصول تلك المذاهب أو مسخ صورتها في أنظار معتنقيها) .. وها هو فيلسوفهم مرتضى مطهري يبين أن الغاية الأساسية من مثل مشاريع التقريب تلك هو ذاك ، ويؤكد عليه بقوله في كتابه (الإمامة) ص28-29: [إن ما ننتظره على خط الوحدة الإسلامية أن ينبثق محيط صالح للتفاهم المشترك لكي نعرض ما لدينا من أصول وفروع، تضّم ما نحمله من فقه وحديث وكلام وفلسفة وتفسير وأدبيات، بحيث يسمح لنا ذلك الجو أن نعرض بضاعتنا بعنوان كونها أفضل بضاعة،حتى لا يبقى الشيعة في العزلة أكثر، وتنفتح أمامهم المواقع المهمة في العالم الإسلامي،ثم لا تبقى الأبواب مغلقة أمام المعارف الإسلامية الشيعية النفيسة] ، ثم يعود ليؤكد أن هذا هو عين الهدف الذي كان يسعى لتحقيقه آيتهم العظمى البروجردي من وراء رفعه شعار التقريب والدعوة إليه ، مبيناً مقدار النجاح الذي حققه في هذا المجال فيقول ص30:[ ما كان يُفَكِّر به المرحوم آية الله العظمى البروجردي على الخصوص، هو إيجاد الأرضية المناسبة لبثّ معارف أهل البيت ونشرها بين الإخوة من أهل السنة، وكان يعتقد أن هذا العمل لا يكون إلاّ بإيجاد أرضية التفاهم المشترك، والنجاح الذي أحرزه المرحوم البروجردي -جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء- في طبع بعض كتب الفقه الشيعي في مصر من قبل المصريين أنفسهم، إنما كان على إثر هذا التفاهم الذي انبثق، وكان ذلك أهمّ نجاح حققه علماء الشيعة].
    وها هو أيضاً كاتبهم جعفر الشاخوري البحراني يدعو إلى اعتماد هذا النهج الملتوي في اختراق الصف السُنّي من خلال دعوته كُتّاب الإمامية إلى ترك أسلوب الهجوم اللاذع على مذاهب أهل السنة ورموزهم (خصوصاً الخلفاء الثلاثة الأوائل) معلِّلاً دعوته تلك بأن اعتماد مثل هذا الأسلوب سيكون مدعاة لتنفير أهل السنة عن المذهب الشيعي ، ومن أسباب نقمتهم عليه .. ويدعوهم عوضاً عن ذلك إلى اتباع الأسلوب الهادئ المتودِّد بشعارات الوحدة والأخوة والتقريب ، معترفاً صراحةً بنجاح هذا الأسلوب في نشر الفكر الشيعي الإمامي في الكثير من بلدان المسلمين ، وبشكل واسع ، ومشيداً بجهود مرجعهم الديني عبد الحسين شرف الدين صاحب كتاب المراجعات ، أحد أكثر دعاتهم المتأخرين انتهاجاً لهذا المسلك الماكر ، وبراعةً فيه .. فيقول في كتابه (مرجعية المرحلة وغبار التغيير) ص228:[ ومن الجدير ذكره هنا، أن مثل هذه المؤلفات التي تركز كل جهودها على إبراز مساوئ رموز السُنَّة ، حتى الأمور الخلقية والأمور العادية التي لا ربط لها بالتاريخ ، تتسبب في نفور الناس من التشيع ، على العكس من الكتابات المتوازنة ككتاب المراجعات (للسيد شرف الدين) ومعالم المدرستين (للسيد مرتضى العسكري)، حيث أنها تسببت في انتشار الفكر الشيعي بشكل واسع ؛ لأن القارئ السني عندما يجد فيها الموضوعية واللغة الهادئة ، فسوف تنفتح شهيته على قراءتها ودراستها].
    وللأسف الشديد فقد نجح بعض دعاتهم من خلال رفع شعارات التقريب والوحدة والإخاء تلك في نشر مذهبهم بين البعض من أهل السنة خصوصاً وأن غالب هؤلاء -إن لم يكونوا كلهم- من جهلة الناس ، وممن لا حصانة عنده من علم أو إيمان ، فيسهل خداعه والتغرير به. 
([3])وها هو آيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين –أستاذ التمثيل الدرامي في الفكر الإمامي- يعرض لنا نتفاً من إبداعاته في الأداء التراجيدي في كتابه (أجوبة مسائل جار الله) وصفاً جَوْر ذوي القربى وتجنّي إخوة الدين بآسى عبارات التظلم والمسكنة ، فيقول في ص49:[ فحتى م تصوبون على إخوانكم - الصواعق المحرقة - وتنبزونهم بأهل البدع والزندقة ، حتى كان - منهاج السنة - سبابا و - نبراسها - كذابا ، و - فجر الإسلام - هو - الإسلام الصحيح - و - كرد - الشام هو العربي الصريح ، وأرباب القلم وأنصار السنة أضراب النصولي في كتاب معاوية بن أبي سفيان ، والحصاني صاحب العروبة في الميزان ، وموسى هذا الأرعن في مسائله ، وابن عانة في معاميه ومجاهله ، يتحكمون بجهلهم ، فيستحلون من الشيعة ما حرم الله عز وجل ، بغيا منهم وجهلا . والمسلمون بمنظر وبمسمع ، لا منكر منهم ، ولا متفجع ، كأن الشيعة ليسوا بإخوانهم في الدين ، ولا بأعوانهم على من أراد بهم سوءا] .
 ([4]) حيث تجد وأنت تُقلِّب ناظريك في كتب المذهب أن الشيعة ليس عندهم منهج متكامل واضح المعالم ، وميزان منضبط للحكم على الروايات أو الأحاديث بالقبول أو الرد .. فأنت حين تحتج عليهم برواية معيبة تدينهم بها ، سارعوا إلى الحكم بتضعيفها ، وبادروك القول بأن " ليس كل ما في كتبنا صحيح " رغم احتجاجهم بما هو أضعف منها سنداً ، أو أوهى منها متناً في مواضع أخرى من مؤلفاتهم .. وكتب العقيدة عندهم تزخر بمثل هذا التناقض المحيِّر في التعامل مع المرويات .. وهكذا فإنك حين تريد أن تلزمهم القول بعقيدة ما من خلال اقتصارك على الاستشهاد بالروايات ، فإنك ستجد نفسك كمن يدور في دوامة لا يستقر فيها على قرار .. وهكذا كان ديدن علماء المذهب هذا في احتراف أسلوب المراوغة هو القادح لذهني في اللجوء إلى مثل هذا الطرح الغير مسبوق ، بالاعتماد في عرض موضوعة الكتاب على تصريحات علماء المذهب في كتبهم العقائدية والفقهية –إضافة لمروياتهم- بما لا يجعل لأحدٍ منهم أدنى فرصة للمراوغة والتحايل ، وإلا فليتعبدوا إلى الله تعالى بغير مذهبهم وليتفقهوا بغير فقه علمائهم.
([5]) كما تبجح بذلك أستاذ التباكي عندهم عبد الحسين شرف الدين ، مطالباً المسلمين بإنصاف الشيعة والكفِّ عن ظلمهم بالنقل من كتبهم لا من كتب خصومهم !! حيث قال في كتابه (الفصول المهمة  في تأليف الأمة) ص166: [" القسم الرابع " جماعة قد اعتمدت في نقل تلك الدواهي والطامات عن الشيعة على من تقدمهم من علماء سلفهم ، إذ رأوهم ينقلون شيئا فنقلوه ووجدوا أثرا فاتبعوه ، ولو رجعوا في معرفة أقوال الإمامية إلى علمائهم ، وأخذوا مذهبهم في الأصول والفروع من مؤلفاتهم ؛ لكان أقرب إلى التثبت والورع وما أدري كيف نبذوا في هذا المقام كتب الإمامية على كثرتها وانتشارها ، واعتمدوا على نقل أعدائهم المرجفين ، وخصمائهم المجازفين الذين تحكموا في تضليلهم ، وسلقوهم بألسنة الافتراء ، وهذا عصر لا يصغى فيه إلى من يرسل نقله إرسال الكذابين أو يطلق كلامه إطلاق المموهين ، حتى يرشدنا إلى المأخذ ويدلنا على المستند ، وقد طبع في أماكن من فارس والهند ألوف من مصنفات أصحابنا في الفقه والحديث والكلام والعقائد والتفسير والأصول والأوراد والأذكار والسلوك والأخلاق ، فليطلبها من أراد الاستبصار ولا يعول على كتب المهولين الذين بثوا روح البغضاء في جسم المسلمين ، ونقلوا عن الشيعة كل إفك مبين].
وكما تباكى آيتهم العظمى المعاصر محمد سعيد الحكيم محاكياً أسلوب عبد الحسين حين قال في كتابه (في رحاب العقيدة) ج1ص300-301:[وأما اليوم فكتب الشيعة ، ومصادر ثقافتهم في متناول كل أحد ، لا يستطيع غيرهم تجاهلها ، كما لا يستطيع الشيعة إخفاؤها وإنكارها ، وليس من الإنصاف أن يصدَّق عليهم أعداؤهم المشنِّعون عليهم دون الرجوع لتلك المصادر والاطلاع عليها].
وأقول لهم ولأمثالهم فلتقرَّ أعينكم لأني لن أنقل إلا ما سطره علماء المذهب ، ومن نفس المصدر مباشرةً دون أية واسطة في النقل ، لعل مسلسل التباكي بدموع التماسيح والتظلم الزائف ينتهي إلى غير رجعة.
([6]) وسأنقل اعترافات علماء الشيعة بكثرتها واستفاضتها وذلك بعد استعراض بعضها.
([7]) وهنا أود أن أُلفت نظر القراء الكرام إلى نقطة ، هي غاية في الأهمية ، وذلك أني لم أنقل الروايات التي تثبت الفكر التكفيري من أحد كتب الحديث أو التاريخ أو النوادر ، بل من كتاب فقهي يعُدُّه علماء الشيعة من أعمدة كتب الفقه في المذهب! ومعنى هذا أن قضية ثبوت صحة هذه الروايات هو أمر مفروغ منه عندهم ، لأن الأحاديث الضعيفة لا تصلح مطلقاً أن تكون مادة لاستنباط الأحكام الفقهية التي يتعبد بها أصحاب المذهب ، وعليه فإن مجرد اعتماد روايات التكفير هذه في هذا النمط من الكتب يُعَدُّ بحد ذاته دليل إدانة جازماً وقطعياً ، يثبت رسوخ هذا الفكر عندهم ، بل ينبغي أن نلفت الأنظار إلى حقيقة غاية في الخطورة ، وهي أن إقحام مثل هذه الروايات في كتب الفقه والعبادات ، يعني حتماً أنه يُراد لهذه الفكرة أن تأخذ مدىً أوسع من كونها مجرد قناعة عقدية محلها القلب ، إلى ضرورة تحولها إلى مجموعة ممارسات سلوكية يمكن أن تُعَدُّ أفعالاً تعبدية يُتقرَّب بها إلى الله تعالى ، وهنا هو مكمن الخطر وموضع الداء ، والذي سنراه شاخصاً أمامنا بأبشع صوره في الباب الثاني من هذه الدراسة - إن شاء الله تعالى- فترقب!!
([8]) مقصودهم بمصطلح "المخالفين" هو كل من عدا الشيعي الإمامي من المسلمين , وتحديداً أهل السنة الذين يعتقدون بشرعية خلافة الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فيقول آيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم -الذي يقطن النجف الآن- في كتابه(المحكم في أصول الفقه) ج6 ص194:[ الظاهر أن المراد بالعامة المخالفون الذين يتولون الشيخين , ويرون شرعية خلافتهما, على اختلاف فرقهم ، لأن ذلك هو المنصرف إليه العناوين المذكورة في النصوص] .
    وسوف نستفيض في ذكر النصوص التي تثبت معنى "المخالف" عندهم بالمزيد من النصوص في الباب الثاني من هذه الدراسة إن شاء الله تعالى.
([9]) أصول الكافي ج 1 ص 437 الطبعة الحديثة .
([10]) أصول الكافي ج 2 ص 389.
([11])أصول الكافي ج 1 ص 187 الطبعة الحديثة.
([12]) المحاسن ص89 واللفظ: "علي باب الهدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار".
([13]) رواه في البحار ج 7 ص 27.
([14]) رواه في البحار عنه ج 9 ص 283.
([15]) أصول الكافي ج 1 ص 426 الطبعة الحديثة.
([16]) أصول الكافي ج 2 ص 409 الطبعة الحديثة.
([17]) أصول الكافي ج 2 ص 410 الطبعة الحديثة.
([18])أصول الكافيج 2 ص 409 الطبعة الحديثة.
([19]) الحدائق الناضرة ج5 ص 181-183.
([20] المصدر السابق ج5 ص183.
([21]) المصدر السابق ج5 ص177.
([22]) بحار الأنوار للمجلسي ج8 ص365-368.
([23]) جواهر الكلام لشيخهم النجفي الجواهريج36 ص93-94.
([24]) كتاب الطهارة (ط.ق) - لشيخهم الأنصاري ج2 ص352.
([25]) مستمسك العروة – لآيتهم العظمى محسن الحكيم ج1 ص392.
([26]) كتاب الطهارة - لآيتهم العظمى الخوئي ج2 ص84.
([27]) مصباح الفقاهة- لآيتهم العظمى الخوئي ج1 ص323.
([28])كتاب الطهارة - لآيتهم العظمى الخميني ج3 ص326.
([29])أحجمت في هذه الدراسة عن ذكر تراجم علماء المذهب الذين نقلت عنهم الأقوال الدالة على ثبوت عقيدة التكفير عندهم –رغم ما لهذه الترجمة من أهمية- لأني رأيت أن ذلك سيزيد من حجم الدراسة ، ورغم أن معظم هؤلاء لا يحتاج إلى التعريف به لشهرته إلا أن بإمكان من يريد الوقوف على تراجمهم العودة إلى كتابي (موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين) الذي أُستُلَّت منه هذه الدراسة أصلاً ، فإنه سيجد فيه ضالته بإذن الله.
([30]) فقد روى ثقة إسلامهم الكليني في كتابه الكافي -وهو أصح كتب الحديث عند الشيعة - باب( باب أن الأئمة هم أركان الأرض ) ج1 ص196 رقم الحديث(1):[ عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه ، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله ولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عز وجل ، المتعقب عليه في شئ من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله].
([31]) وقد علَّق في هامش الكتاب ما نصه: [رواه الكليني في أصول الكافي ج 1 ص 376 الطبع الحديث بطرق متعددة عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله واللفظ في بعضها "من مات وليس عليه امام..." وفي آخر "من مات وليس له امام.." وفي ثالث "من مات لا يعرف إمامه"].
([32])الحدائق الناضرة - لمحققهم يوسف البحراني ج5 ص175-177.
([33])بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج8  ص365-368.
([34]) وفي هذا تخصيص أشد وأنكى من مجرد إنكار الإمامة ، بل أن منكر إمامة أحد الأئمة (حتى وإن اعترف بالإمامة كأصل) يُعدُّ في نظر علماء الشيعة كافراً ضالاً يستحق الخلود في النار!!
([35]) أوائل المقالات- لشيخهم المفيد  ص 44.
([36]) ينظر: بحار الأنوار للمجلسي(8/368).
([37]) نور البراهين - لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج1 ص64.
([38]) رسائل المرتضى – لعَلَمَهم المرتضى ج2 ص 251-252.
([39]) الإفصاح لشيخهم المفيد ص28-29.
([40]) الرسائل العشر- لشيخ طائفتهم الطوسي  ص 103.
([41]) رسائل الكركي - لمحققهم الكركي ج1ص59.
([42]) ينظر الفصول المهمة لعبد الحسين شرف الدين ص32.
([43]) ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=30
([44]) فمن تصريحاتهم التي تنص على تفضيل الإمامة على النبوة ما يلي:
     أ- يقول آيتهم العظمى ناصر مكارم الشيرازي عند تفسيره للآية(124) من سورة البقرة في تفسيره (الأمثل) (1/324):[ فمنزلة الإمامة أسمى مما ذكر ، بل أسمى من النبوة والرسالة].
    ب- يقول آيتهم العظمى كاظم الحائري في (الإمامة وقيادة المجتمع) ص29: [فمقام الإمامة إذن فوق مقام النبوة].
    ج-يقول آيتهم وشيخهم الذي يُعَدُّ من أبرز شخصياتهم السياسية محمد باقر الحكيم في كتابه (الإمامة وأهل البيت النظرية والاستدلال)  ص22:[ أن الإمامة هي مرتبة عالية أعلى من درجة النبوة].
([45]) الملل والنحل ج1 ص257.
([46]) ينظر: الإلهيات: 4/9-10 .
([47]) ينظر: عقائد الإمامية: ص102.
([48]) ينظر: كشف الأسرار: ص149.
([49]) ينظر: الشافي في شرح أصول الكافي: ص49.
 ([50]) ينظر: نفحات القرآن: 9/10.
([51]) ينظر: المصدر السابق: ص12.
([52]) ينظر: الإمامة في أهم الكتب الكلامية: ص43.
([53]) المراجعات لعبد الحسين شرف الدين ص260.
([54]) الفصول المهمة في تأليف الأمة - لعبد الحسين شرف الدين ص154.
([55]) الحدائق الناضرة - لمحققهم البحراني ج 18 ص153.
([56]) حقائق الإيمان - لشهيدهم الثاني ص 131-132.
([57]) الفوائد البهية في شرح عقائد الأمامية ج2 ص26.
([58])بل أن هناك روايات تثبت أن مصير المسلم المخالف للشيعة في الآخرة لا يساوي عندهم مصير اليهود والنصارى في شدة العذاب فحسب ، بل يزيد عليه في الشدة كما صرح بذلك علامتهم محمد حسن النجفي حول توجيهه للروايات التي تضمنت ذلك فقال في كتابه (جواهر الكلام) الذي يعد عندهم مفخرة الفقه الشيعي ج36 ص93-94:[وعلى كل حال فمنشأ هذا القول من القائل به استفاضة النصوص وتواترها بكفر المخالفين وأنهم مجوس هذه الأمة وشر من اليهود والنصارى التي قد عرفت كون المراد منها بيان حالهم في الآخرة ]، وقال أيضاً بنفس الكتاب ج30ص97: [فوجب حينئذ حمل على النصوص على ذلك، نحو ما دل على أنهم كفار، وأنهم شر من اليهود والنصارى أي في الآخرة] ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى دراستنا المشار إليها بعنوان (موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين).
([59]) سواء صرحوا به أم لم يصرحوا ، إذ عدم تصريح البعض منهم بحصول هذا الإجماع لا يعني أبداً عدم إيمانهم به أو إنكارهم له ، ومن زعم خلاف ذلك فليعلنه لنا موثقاً من كتب أعلام المذهب وأعمدته ، وسنكون نحن قبل غيرنا أسعد به وأكثر فرحاً ، ولكن هيهات.. (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ)(آل عمران: من الآية118) .
([60]) على غير هدي كتب العقائد التي تهتم غالباً بمجال إثبات فكرة معينة أو نفي أخرى لخلق عقيدة ما ثم العمل على تأصيلها في النفوس من خلال أدلة وبراهين مُساقة.
([61]) كتجويزهم قتل المسلم السني وسلب ماله والحث على ذلك والترغيب فيه.
([62]) وليس هناك أية مبالغة في ذلك بل هو عين ما اعترف به علماؤهم وأقروا به ، وممن صرح بذلك:
    أ-علامتهم ومحققهم الكركي، حيث قال في رسالته (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) ص 198، بعد أن أورد بعض الروايات في لعن الخلفاء وتكفيرهم:[وهذا النحو في كتب أصحابنا مما لو تحرّى المتصدي لحصره جمع منه مجلدات ولم يأت على آخره، وقد أورد الأمين الضابط الثقة محمد بن يعقوب الكليني في كتابه الكافي من ذلك شيئاً كثيراً، وفيه أحاديث باللعن الصريح، والحث عليه من الأئمة ].
   ب-قال علامتهم المجلسي في (بحار الأنوار) ج30 ص 399:[أقول: الأخبار الدالة على كفر أبي بكر وعمر وأضرابهما وثواب لعنهم والبراءة منهم، وما يتضمن بدعهم، أكثر من أن يذكر في هذا المجلد أو في مجلدات شتّى، وفيما أوردناه كفاية لمن أراد الله هدايته إلى الصراط المستقيم] .
([63])الروايات (1-11) نقلناها من كتاب (بحار الأنوار) لخاتمة محدثيهم المجلسي ج30 ص (379-383)، وكذلك تقريب المعارف ص242-249 لأبي الصلاح الحلبي.
([64])بصائر الدرجات ص442 ورواها أيضاً القمي في تفسيره ج1ص290.
([65]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج 30 ص 194.
([66]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج 30 ص 194.
([67]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج30 ص276.
([68])وذلك في كتابه(تقريب المعارف) ص292-296، وذكر هذه الروايات بنصها محدثهم محمد باقر المجلسي في كتابه(بحار الانوار) ج31 .
([69]) قد تركت ترجمة أعلام الشيعة وأعمدة مذهبهم الذين نقلت لعنهم وتكفيرهم للراشدين في هذه الدراسة خشية الإطالة ومن شاء فليرجع لدراستنا الأم التي لا يسع من أراد التفصيل إلا أن يرجع إليها وهي بعنوان (موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين).
([70]) ويقصد بهم الذين تقدموا على علي رضي الله عنه بمنصب الخلافة وهم ابو بكر وعمر وعثمان y.
([71]) أوائل المقالات- لشيخهم المفيد  ص41-42.
([72]) المصدر السابق  ص 44.
([73]) كل أقواله هنا نقلناها من كتابه (الصراط المستقيم) ج3.
 ([74]) إن هذه الرسالة (نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت) التي نقلنا منها الأقوال من الأول إلى الخامس هي نسخة مخطوطة في دائرة الآثار والتراث في بغداد ، ولذا فقد اعتمدنا على ترقيم الصفحات الموجود فيها، دون النسخة المطبوعة، لأني لم أقف عليها.
([75]) ويقصد بصاحبيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
 ([76]) ويقصد بأشياعهم وأتباعهم أهل السنة بجميع فرقهم ومذاهبهم.
([77]) رسائل الكركي - لمحققهم الكركي ج2 ص226-227.
([78]) المصدر السابق ج1 ص62.
([79]) يتهم جميع أهل السنة بأنهم نواصب وإمامنا في هذا أبو بكر رضي الله عنه ، فعليه من الله ما يستحق.
([80]) النسخة التي نقلت منها النصوص مخطوطة بدائرة الآثار والتراث في بغداد ، وهي برقم (27099) ، والسبب في نقلي منها هو أني رجعت للنسخة المطبوعة فوجدتهم قد حذفوا العبارات التي صرح فيها باللعن.
([81]) نقلنا أقواله من كتابه (الصوارم المهرقة).
([82]) الأنوار النعمانية - ج2 ص111.
([83]) المصدر السابق ج1 ص53.
([84]) المصدر السابق ج1 ص116.
([85]) المصدر السابق ج2 ص 278.
([86]) كل أقواله نقلناها من كتابه المراجعات.
([87]) نعم ما لمح به عبد الحسين بوصف الصحابة بأنهم لصوص غادرون قد صرح به المازندراني في شرحه لأصول الكافي ج5ص112 حيث قال:[ فقلدها r علياً (ع) (أي الخلافة) بأمر الله تعالى ، فصارت في ذريته الأصفياء الأتقياء البررة الكرماء الذي هم أولو الأمر ، كما قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) ثم طائفة من اللصوص المتغلبة الذين نشأت عقولهم وعظامهم ولحومهم في عبادة الأوثان، غصبوها من أهل الصفوة، فضلوا وأضلوا كثيراً].
([88])إحياء الشريعة  ج1 ص86.
([89]) كل أقواله نقلناها من كتابه (فدك في التاريخ).
([90]) ولا ندري! هل أن فرح الصديق بصحبة الرسول e في رحلة الغار كان لتوفر نفس العلة المزعومة (وهي كونه أبعد المراكز عن الخطر‍‍!!!  إن شر الدواب عند الله ...).
([91]) مع النبي الكريم e !!!
([92]) فهو لم يكتفِ بهذا القول باتهام الصديق ، بل تعداه إلى تشويه صورة كبار الصحابة بأنهم كانوا على استعداد لبيع دينهم وتأييد الباطل بدراهم معدودة . فإنا لله وإنا إليه راجعون.
([93])أحد أبرز مراجع الشيعة ومؤسس دولتهم الحديثة (الجمهورية الإيرانية الشيعية الإمامية) وقد توسعت في ذكر موقفه من أهل السنة في كتابي(موقف الشيعة الإمامية)، وفي النية إفراد موقفه بكتيب صغير بعنوان ( هذا هو التشيع بلسان الخميني ).
([94]) وهو أحد مريدي الفكر الخميني والمتعبدين بنصوصه.
([95]) لا شك أن نسبة هذه الفرق الضالة إلى أهل السنة والجماعة فيه مجانبة كبرى للحق والصواب ، بل إن أهل السنة كانوا دائما الخصم والند لمثل هذه الجماعات المنحرفة ، وكتبهم حافلة بالرد عليها وتفنيدها أصولها ، ولطالما ذكر لنا التاريخ العديد من المساجلات والمواجهات بل والمعارك الدامية بين أتباع هذه الفرق الضالة وأنصار الفرقة الناجية من أهل السنة والجماعة.
([96])الكافي – لثقة إسلامهم الكليني ج8  ص292.
([97])المصدر السابق ج1 ص56.
([98])الأنوار النعمانية – لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج2 ص324.
([99])الكافي - لثقة إسلامهم الكليني ج2 ص387.
([100])إن تعريف المحقق للمرجئة التي نصت الرواية على لعنهم وكفرهم وشركهم بأنهم الذين يؤخرون علياً رضي الله عنه عن مرتبته في الخلافة - بجعله رابع الخلفاء ، وليس الأول كما يعتقده الإمامية- يؤكده محققهم البحراني في كتابه (الشهاب الثاقب) حيث قال في ص134:[والمرجئة يطلق على معنيين ، أحدهما من أخَّر علياًu عن الخلافة ، والثاني من قال أنه لا يضر مع الإيمان معصية] ، ومرادهم من ذلك تكفير جميع فرق أهل السنة ؛ لأنهم قاطبةً يعتقدون بأن عليا رضي الله عنه هو الخليفة الرابع للمسلمين وليس الأول، وعليه بموجب الرواية وتعريفهم للمرجئة تكون جميع فرق أهل السنة كافرة ومشركة وعليها لعنة الله، فلتتدبر فرق أهل السنة ذلك ، لعلهم يستفيقون من غفلتهم.
([101])كتاب الأربعين – لمحدثهم محمد بن طاهر القمي ص641.
([102]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج78 ص340.
([103])كتاب (الأنوار النعمانية) لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج2 ص278 .
([104])وذلك في كتابه (الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب).
([105])أنوار الرشاد للأمة في معرفة الأئمة – محمد باقر المازندراني ص34.
([106]) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة لحبيب الله الهاشمي الخوئي ج14 ص21.
([107]) وذلك في كتابه (أبهى المداد في شرح مؤتمر علماء بغداد).
([108]) مصباح الفقاهة – لآيتهم العظمى الخوئي ج1 ص412.
([109]) مدارك الأحكام ج5 ص237.
([110]) فقه الصادق  ج7 ص258.
([111]) مسالك الافهام ج1 ص421.
([112]) الحدائق الناضرة ج12 ص203.
([113]) الشهاب الثاقب – لمحققهم يوسف البحراني ص97.
([114]) الحدائق الناضرة – لمحققهم يوسف البحراني ج22 ص204.
([115]) مداركالأحكامج4 ص150.
([116]) الحدائق الناضرة ج10 ص359.
([117]) جواهر الكلام – لشيخهم النجفيج4 ص80.
([118]) ومقصده من هذا القيد في تعريفالإمامي ومخالفه هو أن الإمامي يعتقد أن علياًرضي الله عنه الخليفة بعد النبي e مباشرةً بلا فصل , أي أنه الخليفة الأول بعد النبي e , وهو متضمن النفي لخلافة أبي بكر التي نالها بعد النبي e مباشرةً، و أما أهل السنة (المخالفون) فيعتقدون أن علياً رضي الله عنه خليفةً للنبي e , ولكنه الرابع بعد الخلفاء الثلاثة (أبي بكر وعمر وعثمانy) وليس الأول.
([119]) إرشاد السائل- الگلپايگاني ص 199 رقم السؤال742.
([120]) اللمعة الدمشقية لشهيدهم الثاني ج1 ص248.
([121])ويقصد الشيعة الإمامية .
([122]) رسالة في إمامة الأئمة الاثني عشر- الميرزا جواد التبريزي ص 12.
([123]) الشهاب الثاقب للبحراني ص254، ومراده من المُقَدِّم فيها أي الذي يقدم أبا بكر وعمر على علي (رضي الله عنهم جميعاً) في الخلافة.
([124]) نفس المصدر السابق ص 228.
([125]) الحدائق الناضرة ج5 ص179.
([126])المحكم في أصول الفقه – لآيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم ج6 ص194، وهكذا أينما وردت لفظة (العامة) فإن المقصود بها هم أهل السنة .. وهنا أود الإشارة إلى ضرورة التفريق بينها وبين لفظة (العوام) فإن المقصود بها غالب البسطاء من المسلمين .
([127]) مستمسك العروة الوثقى – لآيتهم العظمى الحكيم ج5  ص366.
([128]) كتاب الطهارة ج9 ص94.
([129]) تهذيب الأحكام ج3 ص316.
([130]) شرائع الإسلام - لمحققهم الحلي ج1 ص123.
([131]) فمن علمائهم الذين صرحوا بدخول فرق الشيعة في عنوان المخالف وعدم إجراء أحكام الإمامية عليهم: يقول شيخهم محمد حسن النجفي في كتابه (جواهر الكلام) ج4ص80-81:[ كما أنه لا إشكال في وجوب غسل المؤمن أي الإمامي المعتقد لإمامة الأئمة الاثنى عشر (عليهم السلام) ما لم يحصل منه سبب الكفر، بل هو إجماعي إن لم يكن ضروريا، وأما من لم يكن كذلك كالعامة وقد يلحق بهم فرق الإمامية المبطلة ، كالواقفية والفطحية والناووسية] ، وقال آيتهم العظمى محسن الحكيم في كتابه (مستمسك العروة الوثقى) ج5 ص366:[ولاينافي الطعن فيه بما سبق، إذ يكون حاله حال جماعة من العامة، والفطحية والواقفية وغيرهم من المخالفين للفرقة المحقة] ، وقال آيتهم العظمى الگلپايگاني في كتابه (إرشاد السائل) ص 199 رقم السؤال742:[ وأما الواقف على بعض الأئمة " عليهم السلام " فهو وإن كان معدودا من فرق الشيعة ، إلا أن أحكام الاثني عشرية لا تجري في حقه].  
([132]) ربما يمحو هذا التجويز الوهمَ الذي يتبجح به بعض الجهال ممن لم يطلع عليه من أن ثبوت التناكح والتصاهر فيما بين الشيعة والسنة ينقض -في نظره- دعوى التكفير تلك!!! ومن الجدير بالذكر ومما يثير الحنق والنقمة أن هذا الحكم الجائر القذر في حق المسلمين السنة يُعَدُّ عند معظم علماء المذهب تساهلاً كبيراً يثير حفيظتهم ، ويعدونه خروجاً سافراً عن المعتقد به في المذهب في كونهم –أي أهل السنة- كفاراً في الدنيا والآخرة ، أنجاساً مستباحي المال والدم ، إذ أن مجهولية هذا الرأي ومرجوحيته تُعَدُّ في المذهب الإمامي حقيقة مُسَلَّماً بها ومقطوعاً بصحتها ، بل إنَّ مما يُعجب منه ومما يحتار له العقل السوي هو أن هذا الرأي لا يمثل حتى حقيقة معتقد من طرحوه أو قدموا له ، حيث كان تبنيهم له وفتياهم به ، إما تقية يخدعون بها السُذَّج من المسلمين ، أو ضرورة أملتها مصلحة المذهب ومصلحة أتباعه ، من خلال تذليل ما يعترضهم من عقبات ومعوِّقات في المعيشة ، مع من هم بين ظهرانيهم من المسلمين ، ودليلنا على ذلك ما صرح به دهاقنة المذهب ومراجعه العظام ممن هم على معرفة تامة بالعلوم والحقائق الخافية فيه بين ثنايا مجموع أحكامه وعقائده ، من أن ما قيل من طهارة المسلم المخالف في الدنيا لا يعدو كونه تقية أو مداراة لمصلحة عارضة ، وممن صرح بذلك:   
1-قال شيخهم الأعظم الأنصاري في كتابه (كتاب الطهارة) ج 2 ص 353:[ ولا يتوهم من الحكم بطهارتهم  بثبوت مزية لهم من حيث الرتبة على سائر الكفار ، كما توهمه بعض فطعن على المتأخرين بما طعن، وإنما نحكم بذلك كما ذكره كاشف اللثام استهزاءً بهم ، ودفعا للحرج عن المؤمنين ].
2-قال محققهم ومحدثهم البحراني في كتابه (الشهاب الثاقب) ص280:[ فإن رسوم الإيمان قد انطمست ، وآثاره قد عفت واندرست ، ونار التقية قد علا شرارها ، وعظم في الفرقة الناجية انتشارها ، وقد ورد الأمر في الشريعة المحمدية أن احجبوا دينكم بالتقية ، ولعل هذا هو السر في تصريح علمائنا المتأخرين بإسلام أولئك المخالفين ، كما قد نقل فضلاؤنا المتأخرون عن الشيخ رحمه الله من أنه أظهر تلك المقالة في بعض مصنفاته تقية لقوله بكفرهم ، كما نقله عنه غير واحد من الأصحاب].
3-قال محدثهم نعمة الله الجزائري في كتابه (الأنوار النعمانية) ج2 ص308:[ وأما إطلاق الإسلام عليهم في بعض الروايات فلضرب من التشبيه والمجاز وإلتفاتاً إلى جانب التقية التي هي مناط الأحكام].
4-وقال علامتهم المعاصر محمد جميل حمود في كتابه (الفوائد البهية في شرح عقائد الإمامية) ج2ص27 :[ أما حكم بعض المتأخرين بإسلامهم، فمبني على ضرب من المصلحة والتسهيل وحقناً للدماء، كل هذا بحسب الظاهر دون الواقع، ويشهد له ما ذكره صاحب البحار والخوئي في مصباح الفقاهة فليراجع، وإلا فالمسألة موضع اتفاق لا سيما عند المتقدمين] ، وقال في نفس الجزء ص26:[ مضافاً إلى أن تبني هذا الرأي ما هو إلا مماشاة معهم ومداراة لهم].
فتصور أخي القارئ الكريم أن هذه التصريحات وغيرها كثيرة جاءت كلها تبريراً لقول مرجوح في المذهب –بل مجهول- انفرد به بعض متأخريه ، منكر عند المتقدمين فيه نص على الحكم على المخالف بالإسلام الدنيوي دون الأخروي ، رغم أن إسلام الدنيا هذا مُعاق وممسوخ ومشوَّه ، إذ أنه يحرم اتخاذه أخاً في الدين ، بل ويجيز لعنه واغتيابه والبراءة منه والتقوُّل عليه وإعظام الفرية فيه ، وغير ذلك كثير مما سنجده في القادم من صفحات هذه الدراسة ، وأما في الآخرة فهو وفق هذا الحكم "المتسامح!" خالد مخلد في النار مع اليهود والنصارى والمجوس ، لا يرى الجنة ولا يشم ريحها!! فهل بعد هذا كله يطمع أحد ، أو يأمل ، أو حتى يتوهم أن يجد بين أصحاب هذا المذهب من يقول بإسلام المخالف المطلق الكامل في الدنيا والآخرة؟! إلا أن يكون كاذباً مخادعاً إستسهل الضحك على الذقون ، واستمرأ جهل وسذاجة الندّ!!!
 ([133])كتاب (التنقيح في شرح العروة الوثقى) لآيتهم العظمى (أبو القاسم الخوئي) ج2 ص63-64.
([134]) وهو الذي عرفه الخوئي بأنه كفر أخروي ، مصير صاحبه في الآخرة كمصير اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، يُنظر الوقفة الثانية من هذا الفصل.
([135]) مرآة العقول شرح الكافي– لعلامتهم ومحدثهم المجلسي ج7 ص127.
([136]) كل أقواله نقلناها من كتابه (جواهر الكلام) الذي يعدونه مفخرة الفقه الشيعي الذي بلغت مجلداته ثلاثة وأربعين مجلدا.
([137]) يقصد بصاحب الأمر إمامهم الثاني عشر الذي غاب وهو صغير في جُبِّ سامراء –على أشهر الروايات عندهم- منذ أكثر من ألف عام ، وما زال ينتظر الفرج بالظهور حتى يومنا هذا !  فإذا خرج بعد عمر طويل بسط سلطانه ، وأجرى على أهل السنة أحكام الكفار ، فيبدأ أولاً بقتلهم وإعمال السيف فيهم ، ثم يستحل بعد ذلك أموالهم وأعراضهم!!
([138]) فانظر كيف أثبت صفة الكفر , وزعم تواترها بين أصحاب المذهب ، ثم تأمل قوله " نذكر بعضاً منها تيمناً وتشريفاً " في إشارة منه واضحة إلى أن تكفير المخالفين –أهل السنة أجمع- ولعنهم يُعَدُّ في نظر هؤلاء قربة من أفضل القربات وأعظمها ، حتى أنهم يُشَرِّفون بذكرها كتبهم ,ويرفعون بها من شأنها! فأيّ حقدٍ وأي غلٍّ هذا ؟! 
([139]) كتاب الطهارة (ط.ق) - لشيخهم الأنصاري ج2 ص 352.
([140]) المصدر السابق ج2 ص 354.
([141]) مستمسك العروة – لآيتهم العظمى محسن الحكيم ج 1 ص 391.
([142]) نهج الفقاهة- لآيتهم العظمى محسن الحكيم ص 318.
([143]) دليل الناسك- لآيتهم العظمى محسن الحكيم ص 47.
([144]) كتاب الطهارة - لآيتهم العظمى الخميني ج 3 ص 320.
([145]) المصدر السابق ج3 ص323.
([146]) كتاب الطهارة - لآيتهم العظمىالخوئي ج 2 ص 84-85.
([147]) المصدر السابق ج2 ص 75-76.
([148]) مصباح الفقاهة - لآيتهم العظمى الخوئي ج 5 ص 94.
([149])ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوى العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=1861
([150])وهذا المظهر الخطير من مظاهر التكفير أثبتته الروايات ، والتي نقل بعضها آيتهم العظمى الخميني في كتابه (الأربعين) ص591-592:[عن الكافي بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال:( ذِرْوةُ الأمر , وَسَنامُهُ , ومفتاحه , وباب الأشياء , وَرِضى الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته ... أما لو أن رجلاً قام ليله , وصام نهاره , وتصدق بجميع ماله , وحج جميع دهره , ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه وتكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ماكان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان ) (أصول الكافي) ، وبإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال:( من لم يأتِ الله عز وجل يوم القيامة بما أنتم عليه ، لم يُتَقَبَّل منه حسنة ولم يُتَجاوز له سيئة ) (وسائل الشيعة) ، وبإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال:( والله لو أن إبليس ـ لعنه الله ـ سجد لله بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قَبِلَهُ الله ما لم يسجد لآدم كما أمره الله -عز وجل- أن يسجد له ، وكذلك هذه الأمة الغاصبة المفتونة بعد تركهم الإمام الذي نَصَبَهُ نبيهم لهم ، فلن يقبل الله لهم عملاً ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله من حيث أمرهم ، ويتولَّوا الإمام الذي أمرهم الله بولايته ، ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم )(وسائل الشيعة)] ، وقد ادعى مراجع الشيعة كثرتها وتواترها ، فممن صرح بذلك خاتمة محديثهم المجلسي في (بحار الأنوار) (ج8 ص369) حيث قال:[وقد وردت أخبار متواترة أنه لا يقبل عمل من الأعمال إلا بالولاية] ، قال آيتهم العظمى الخوئي في كتابه (الصوم) جزء1 ص424:[النصوص الكثيرة الدالة على بطلان العبادة من دون الولاية] ، وهناك كتاب مجلد لشيخهم هاشم البحراني ، جمع فيه جل الروايات التي تنص على بطلان العبادة بدون الإمامة وعنوانه (نهاية الإكمال فيما به تقبل الأعمال).
([151]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج27 ص166.
([152]) مرآة العقول شرح الكافي– لعلامتهم ومحدثهم المجلسي ج7 ص121.
([153]) مرادهم بالإيمان هو الإيمان بإمامة الأئمة الاثني عشر كما نقلنا تعريفهم له آنفاً في مطلع هذا الفصل.
([154]) مستمسك العروة – لآيتهم العظمى محسن الحكيم ج10 ص226.
([155]) المصدر السابق ج11 ص7.
([156]) المراجعات- لآيتهم العظمى عبد الحسين شرف الدين  ص 82.
([157]) مصباح الفقاهة – لآيتهم العظمى الخوئي ج 5 ص 94.
([158]) كتاب الصلاة - لآيتهم العظمى الخوئي ج 2 ص 360.
([159]) كتاب الطهارة - لآيتهم العظمى الخوئي ج 9 ص 27.
([160]) كتاب (مسائل وردود) – لآيتهم العظمى محمد محمد صادق الصدر ج1 ص10 مسألة(13).
([161]) منهاج الصالحين - لآيتهم العظمى علي السيستاني ج1 ص330-331.
([162]) فقه الرضا ص 199.
([163]) المقنع- شيخهم الصدوق ص 165.
([164]) المعتبر - لمحققهم الحلي ج2 ص579.
([165]) قال محقق الكتاب صادق الشيرازي:[(الحق) هو الاعتقاد باثني عشر إماما ، فمن لم يعتقد بذلك كاملا فليس معتقداً للحق].
([166]) قال المحقق أيضاً: [يعني: لو أعطى غير الشيعي زكاته لفقراء غير الشيعة وجب عليه إعادة الزكاة بعد ما صار شيعياً].
([167]) شرائع الإسلام - لمحققهم الحلي ج1 ص123.
([168]) المختصر النافع- لمحققهم الحلي ص 59.
([169]) البيان- لشهيدهم الأول ص 196.
([170]) المهذب البارع - ابن فهد الحلي ج1 ص 32-533.
([171]) منهاج الصالحين – لآيتهم العظمى علي السيستاني ج1 ص373.
([172]) المصدر السابق ج1 ص373 المسألة (1145).
([173]) جواهر الكلام – لشيخهم النجفي ج15 ص 377.
([174]) مصباح الفقيه - آغا رضا الهمداني ج3 ص 104.
([175]) من أراد الوقوف على عِظَم منزلة هؤلاء الثلاثة -الذين ذكروا علة منع الزكاة عن فقراء أهل السنة وباقي المسلمين- عندهم فليرجع إلى كتابي (موقف الشيعة الإمامية) ففيه من التفصيل ما أنصح المتخصص بالرجوع إليه.
([176]) الانتصار- لعلمهم المرتضى ص 217.
([177]) رسائل المرتضى - لعلمهم المرتضى ج1 ص225.
([178]) المعتبر - محققهم الحلي ج2 ص579.
([179]) منتهى المطلب (ط.ق) - لعلامتهم الحلي ج1 ص522.
([180]) تذكرة الفقهاء (ط.ج) - لعلامتهم الحلي ج5 ص263.
([181]) بعد أن تُنهي قراءة هذا المظهر ، ستعجب كثيراً من مقدار المكر والخبث والكذب الجريء الذي يمتاز به آيتهم العظمى عبد الحسين –صاحب كتاب المراجعات- حين تراه يتباكى على حرمان الشيعة من حقوق الأخوَّة الإسلامية ، جاعلاً المتهم بريئاً ، والبريء متهماً ، حين قال في كتابه (أجوبة مسائل جار الله) ص49:[ فحتى م تصوبون على إخوانكم - الصواعق المحرقة - وتنبزونهم بأهل البدع والزندقة ... كأن الشيعة ليسوا بإخوانهم في الدين] ! ثم ستعجب أكثر حين تجد من علماء –ولا أقول عوام- أهل السنة من يصدقه في دعواه تلك ، ويلهج ليلاً ونهاراً بالدعوة إلى التقريب والتآخي مع الشيعة وإنصافهم في حقوقهم ، ومنها حقوقهم الدينية!!
([182]) الحدائق الناضرة - لمحققهم البحراني ج 18 ص150.
([183]) رياض المسائل (ط.ج) - لمحققهم علي الطباطبائي ج 8  ص 68.
([184])مستند الشيعة - لمحققهم النراقي ج 14 ص 163.
([185]) جواهر الكلام – لشيخهم النجفي ج22 ص63.
([186]) كتاب المكاسب - لشيخهم الأنصاري ج1 ص319.
([187]) نفس المصدر السابق ونفس الصفحة.
([188]) مصباح الفقاهة – لآيتهم العظمى الخوئي ج1 ص324.
([189]) المكاسب المحرمة – لآيتهم العظمى الخميني ج 1 ص250.
([190]) المصدر السابق ج1 ص251.
([191]) وهو يسكن النجف الآن.
([192]) مصباح المنهاج، التقليد- لآيتهم العظمى محمد سعيد الحكيم  ص302.
([193]) الحدائق الناضرة - لمحققهم البحراني ج 18 ص155.
([194]) جواهر الكلام - لشيخهم النجفيج22 ص62.
([195]) المصدر السابق ج22 ص62.
([196]) كتاب المكاسب - لشيخهم الأنصاري ج 2 ص 117.
([197]) المصدر السابق ج1 ص319.
([198]) مصباح الفقاهة – لآيتهم العظمى الخوئي ج1 ص323.
([199]) المصدر السابق ج1 ص324.
[200]) المكاسب المحرمة - لآيتهم العظمى الخميني ج1 ص251.
([201]) ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=1976
([202]) ربما كان مجرد إيرادنا هذا المظهر السلوكي المشين كافياً لمعرفة حقيقة هذا المذهب والحكم بفساده ، ففي حين جاءت كل الأديان تهذب نفوس الناس ، وترقى بهم من درك الرذيلة في السلوك كله إلى سماء الفضيلة فيه ، جاء هذا المذهب ليقلب الأمر رأساً على عقب ، هذا ويشهد الله أني لم أعرف –خلا مذهب الشيعة الإمامية ودين اليهود المحرف- ديناً سماوياً واحداً ، بل حتى دعوة بشرية للإصلاح واحدة تهبط بمستوى أتباعها إلى هذا الدرك من الانحطاط ، بحيث أنها تجيز لهم فحش القول وسوء الخلق – من طعن وقذف وهتك وافتراء- بل وتُرَتِّب عليه عظيم الأجر والثواب!! فإنا لله وإنا إليه راجعون.
([203]) بحار الأنوار ج30 ص399.
([204]) قد خصصت مبحثاً كاملاً بخصوص هذا الدعاء ، من حيث نقل نصه ، وثبوته في (كتابي موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين).
([205]) بحار الأنوار ج82 ص260.
([206]) جواهر الكلام – لشيخهم النجفي ج22 ص61-63 .
([207]) كتاب الطهارة (ط.ق) - لشيخهم الأنصاري ج2 ص 352.
([208]) ولهذا شُرِّعت صلاة الجنازة على الميت ؛ لما فيها من دعاء له وترُّحم عليه.
([209]) كما روى البخاري في صحيحه: (عن عائشة ، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، ينظر صحيح البخاري ج7 ص193.
([210]) وأنّى لها أن ترقّ ، وقد ختم الله عليها بختم التكفير ، فصدأت واسودَّت فما عادت تعرف غير الكره والحقد واللؤم.
([211]) وفي الباب تفصيل واسع جداً , حاولت جاهداً الإحاطة به في أحد بحوث كتابي ( موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين ) ، ولمن أراد الوقوف فعليه أن يرجع إليه , وسيجد فيه بغيته إن شاء الله ، ولكني أحببت أن أثير هنا مسألة مفادها: أن تقريرات علمائهم التي نقلتها هنا واضحة وصريحة في التمييز بين الشيعي والسني في صلاة الجنازة –من حيث الدعاء والهيئة- ولكن هناك نصوصًا أخرى كثيرة , تحمل نفس المعنى , لكن دلالتها عليه خفية متوارية بين مصطلحات مذهبية فقهية , قد لا يعرفها القارئ العادي , لكنها لا تخفى قطعاً على ذوي الاختصاص والاطلاع ممن خبروا المذهب وألفوا مراميه ، بل إن هناك نصوصاً يعرضها أصحابها بمكر محترف , ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب ، لا يقف على خبثها إلا ذوو النهى والأبصار ، ومن الأمثلة على تلك النصوص الماكرة ما ذكره أشهر مراجعهم المعاصرين (على السيستاني) في كتابه (المسائل المنتخبة) عند حديثه عن صلاة الجنازة ص59-60 حيث قال: :[ ( كيفية صلاة الميت ) يجب في الصلاة على الميت خمس تكبيرات والدعاء للميت عقيب إحدى التكبيرات الأربع الأول ، و أما في البقية فالظاهر أنه يتخير بينه وبين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والشهادتين والدعاء للمؤمنين والتمجيد لله تعالى ، ولكن الأحوط أن يكبر أولا ويقول : ( أشهد أن لا إله إلا الله وإن محمدا رسول الله ) ثم يكبر ثانيا ويصلي على النبي وآله ، ثم يكبر ثالثا ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ، ثم يكبر رابعا ويدعو للميت ، ثم يكبر خامسا وينصرف . والأفضل أن يقول بعد التكبيرة الأولى : ( أشهد أنلا إله إلا الله ,وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة ) . وبعد التكبيرة الثانية : ( اللهم صل على محمد وآل محمد , وارحم محمدا وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد ,  وصل على جميع الأنبياء والمرسلين والشهداء والصديقين , وجميع عباد الله الصالحين ) . وبعد التكبيرة الثالثة : ( اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات , تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات , إنك مجيب الدعوات , إنك على كل شئ قدير ) . وبعد الرابعة : ( اللهم إنَّ هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك,  نزل بك وأنتخير منزول به ، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه , وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته واغفر له ، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف على أهله في الغابرين ,وارحمه برحمتك ياأرحمالراحمين ) .ثم يكبر ، وبها تتم الصلاة] .
    ثم أردف ذلك كله بقوله:[تختص هذه الكيفية بما إذا كان الميت مؤمنا بالغا ] ، قاصراً إياها على الشيعي البالغ فقط ، باعتبار أن مرادهم بالمؤمن هو الشيعي الإمامي تحديداً دون غيره ، كما سبق وبينت ذلك عند حديثي عن مصطلح المؤمن والمخالف ، فتنبه أخي القارئ الكريم لمثل هذا الطرح المعسول عندهم , ولا يغرنّك حسن ظاهره ؛ لأن السم مدسوس في كثير عسله!
([212]) فقه الرضا- علي بن بابويه ص 178.
([213]) المقنعة- لشيخهم المفيد ص 85.
([214]) تهذيب الأحكام – لشيخ طائفتهم الطوسي ج 1 ص 335.
([215]) مصباح المتهجد- لشيخ طائفتهم الطوسي ص 525.
([216]) الكافي للحلبي- أبو الصلاح الحلبي ص157.
([217]) غنية النزوع- ابن زهرة الحلبي ص 104.
([218]) إشارة السبق- أبو المجد الحلبي ص 104.
([219]) الجامع للشرايع- يحيى بن سعيد الحلي ص 121.
([220]) كفاية الأحكام- لمحققهم السبزواري ص 22.
([221]) غنائم الأيام - الميرزا القمي ج 3 ص 479-480.

([222]) كتاب الطهارة – لآيتهم العظمى الخوئي ج 9 ص 94-95.
([223]) وسميت بصحيحة الحلبي على اسم الراوي لها وهو عبيد الله بن علي الحلبي.
([224]) وسائل الشيعة  - لمحدثهم الحر العاملي ج2 ص769-770، باب 4، ح1.
([225]) ولو أنهم ألزموا أنفسهم بفتوى عدم جواز الصلاة علينا – كحال أموات اليهود والنصارى- لكان أرحم وألطف.
([226])إذ لا يمكن أن يصدق عاقل أو أن يدرك متزن أن هناك مسلماً تربّى على قرآن الله العظيم وتتلمذَ على سنة نبيه الكريم e يذهب إلى ما ذهب إليه هؤلاء الخلق من بذاءة القول وسفاهة الرأي وخبث الاعتقاد في حق أكثرية يشاركونهم أهم أصول دينهم وغالب فروعه ، لا لشيء إلا أنهم خالفوهم فيما ذهبت إليه عقولهم المعاقة من تقرير بعض الأصول السقيمة البينة البطلان!
([227]) إيراد التواتر رد واضح على من ينكر صحة وجود هذه العقيدة عندهم أو شذوذها أو انفراد بعض النصوص الضعيفة أو المنكرة بها أو اقتصارها على فريق منهم دون آخر.
([228]) أعجب والله كل العجب كيف يجد مَنْ في قلبه مثقال ذرة من إيمان بعظمة الله وقدره الجرأة في نفسه أن يصف من دانَ لله تعالى بالكمال والعظمة ونفى عنه التشبيه والمِثْل ، بأنه شرٌ من اليهود الذين غَلّوا يد الله ، ومن النصارى الذين صيَّروه ثالث ثلاثة – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- بل الأعجب من ذلك أن يجد مثل هذه الجرأة في أن يصف ذاتاً نقّى أعضاءها وضوء الصلاة ، وسمى بجوارحها الخضوع لله ، وشرَّف جبهتها السجود له ، وطهَّر لسانها ذكره وذكر رسوله e من أنها أنجس من الكلاب – والعياذ بالله- أما وسعه وقد تجرأ واستهزأ بصنع الله الذي كرمه وفضله على سائر خلقه قائلاً في حقه في محكم كتابه( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الاسراء:70) أن يحترم ولو بالحد الأدنى من الاحترام رسول الله الكريم بل رب العزة العلي العظيم فينأى بذاتٍ حوى قلبُها ذكرهما ورَطُبَ لسانُها بطُهْر لفظها ، عن أن يقارن بكلب نجس مستقذر ، فضلاً عن أن يكون أنجس منه وأقذر!!! فأي استخفاف عظيم بالله ورسوله ، أي اجتراء قبيح مخيف بحقهما ، وأي صنف من البشر له أن يقول مثل هذا الافتراء العظيم إلا أن يكون مسخاً!!! اللهم إنا نبرأ إليك منهم وممن تابعهم من أصحاب مذهبهم ، وممن ناصرهم أو مالأهم أو رضي عنهم من باقي المسلمين إلى يوم الدين.
([229]) مستند الشيعة - لمحققهم النراقي ج14 ص 163.
([230]) المصدر السابق ج18 ص47.
([231]) قدر الله تعالى أن يوافق كتابتي لهذا المظهر قيام حدث مهم في الساحة العربية والإسلامية ، ذلك هو اندلاع القتال في جنوب لبنان بين فصائل "حزب الله " اللبناني الشيعي بقيادة رجل الدين الشيعي"حسن نصر الله" من جهة وبين يهود اسرائيل-لعنهم الله- من جهة أخرى ، وكما غمني وأحزنني كثيراً عِظَم الخسارة والدمار الذي لحق بلبنان الحبيب وعلى جميع الأصعدة والمستويات ، فقد غمني وأحزنني أيضاً وبنفس القدر ربما حجم الجهل والغفلة اللذين يخيمان على عقول وبصائر غالب أهل السنة والجماعة في العالم ، وأنا أراهم يمجدون ويهللون باسم أمين عام الحزب "حسن نصر الله" الزعيم الديني في مذهب يرى في هؤلاء الممجدين والمهللين –من جميع فرق أهل السنة- خلقاً دون اليهود- الذين قاتلهم- في المنزلة ! بل وفوق الكلاب في النجاسة!!! ووالله لست أدري على أيهما أحزن على التضحية الشيعية اللبنانية الإيرانية بلبنان الإنسان والدولة ، أم على عِظَم الغفلة وانتكاسة الفهم السنية التي ابتلينا بها ممثلةً بالعديد من علمائنا وقادة الفكر فينا ، ناهيك عن غالب العامة والبسطاء منا ، فإلى الله المشتكى وإنا لله وإنا إليه راجعون.
([232]) رياض المسائل (ط.ج) – لفقيههم ومدققهم علي الطباطبائي ج8  ص 68.
([233]) حاشية مجمع الفائدة والبرهان- الوحيد البهبهاني  ص32.
([234])جواهر الكلام – لشيخهم النجفي ج 22 ص 62.
([235])المصدر السابق ج36  ص93-94 .
([236])المصدر السابق ج 41  ص 17 .
([237])نص الرواية وما حوته من بشاعة وحقد سنستعرضه في المظهر التاسع من هذا الفصل .([238]) الأنوار النعمانية– لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج1 ص292.
([239])كما جاء في نص قول كل من المحقق النراقي والمدقق الطباطبائي ورئيس المذهب في وقته محمد حسن النجفي.
([240])والتي يدعو البعض متحمساً إلى صهرها جميعاً في بوتقة واحدة دون غربلة ودون قيد أو شرط.
([241]) بل وحديثها أيضاً .. كما حصل في العراق مؤخراً.
([242]) وسيأتي الحديث عن ذلك مفصلاً.
([243]) تفرد الشيعة عن باقي الفرق التكفيرية الأخرى كالخوارج مثلاً في أنهم كفَّروا باقي فرق المسلمين فقط ، لأنهم خالفوهم في أصل الإمامة الذي هو نتاج اجتهاد عقلي بحت ، دون أن يكون له أي رصيد نقلي صريح ، لا بالظاهر ولا بالمضمون ، في حين أن الخوارج يستشهدون على عقيدتهم الضالة بالعديد من النصوص القرآنية الظاهرة ، لكنهم تعنتوا في تفسيرها وحمّلوها غير ما تحتمل.
([244]) اكتفينا بذكر هذين المرجعين لأنهما نقلا لنا تبني جميع علماء المذهب المتقدمين لهذه العقيدة -كما سنرى من أقوالهم- لذا فإن تسليط الضوء على أقوالهما إنما هو في واقع الحال تسليط له على أقوال جميع علماء المذهب المعتمدين.
([245]) من أراد الوقوف على ترجمته لمعرفة وزنه ووزن كتابه (الحدائق الناضرة) ، وكذلك محدثهم التالي ذكره (نعمة الله الجزائري) فليرجع لكتابي (موقف الشيعة الإمامية) ؛ لأن التوسع هنا يتعارض مع الغرض الأساسي من هذه الدراسة.
([246])الحدائق الناضرة - لمحققهم البحراني ج5 ص175.
([247]) المصدر السابق ج3 ص405.
([248]) المصدر السابق ج10 ص360 .
([249]) الشهاب الثاقب لمحققهم البحراني ص266-267.
([250]) وذلك في كتابه الأنوارالنعمانية ج2 ص306-308.
([251]) نور البراهين - لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج1 ص20.
([252]) الأنوار النعمانية- لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج2 ص308 ، ومعلوم أن استحلال القتل عندهم فرع عن التكفير، فمتى ما ثبت كفر المخالفين ترتب عليه القول بنجاستهم واستحلال دمائهم وأموالهم وهو ما بنى عليه البحراني والجزائري.
([253]) الأنوار النعمانية- لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج2 ص308.
([254]) من يرى بغداد هذه الأيام (بين عامي 2003-2006 م) إثر احتلال التتار الجدد وعملائهم الخونة من الرافضة تصيبه الدهشة لشدة التطابق بين حال بغداد في الغزوتين ، فما أشبه اليوم بالبارحة.
(1) البداية والنهاية - ابن كثير ج 13  ص 234-237.
([256]) على ما جرت عليه عادتهم في وصف كل من يفضح مخازيهم ويكشف ما ستر من عيوبهم.
(1) رياض المسائل (ط.ج) – لمحققهم علي الطباطبائي ، مقدمة الجزء الثاني ص6-8.
([258])ربما يلمس البعض من كلام هذين العالمين الشيعين بعض الأسى على ما حصل ببغداد تلك الفترة ، ولا ندري هل هذا منهما صدق شعور يشذان فيه عن شعور غالب الشيعة؟ أم هي التقية التي اعتدنا سماع وقراءة الكثير من أمثالها؟ خصوصا وأننا سنقف بعد قليل على حقيقة رأي علمائهم ومراجعهم الكبار في النظرة إلى تلك المأساة وحقيقة رأيهم فيها ، وأحد هؤلاء "ويا للسخرية" العلامة الحلي الذي همَّش هذا الأخير على كتابه فترقب!!!
(1) البداية والنهاية - ابن كثير ج 13  ص 234-236
([260]) ستتلمس بنفسك عزيزي القارئ وأنت تقرأ تصريحات علمائهم هؤلاء قوة نبرة التشفِّي الظاهر في كلامهم لِما حصل من قتل وتشريد بأهل السنة ، كما سترى بنفسك مقدار الفخر الكبير الذي ينظرون به للدور الخبيث الذي لعبه مرجعهم المجرم الطوسي في التخطيط والتحضير لهذه المجزرة الأليمة فتمعن.
([261])ومن شاء الوقوف على وثاقة المؤلف وكتابه ، فليرجع إلى كتابي (موقف الشيعة الإمامية) ، فإيراده هنا يتنافى مع غرض كون الدراسة مختصرة.
([262])وليتنبه المسلمون جيدا لعبارة النجفي "وغيرهم"،فهي تثبت بأن تقتيل أهل السنة ليست عقيدة خاصة بالطوسي والحلي فقط ، بل هي عقيدة يتبناها جلّ علماء الشيعة ، بمن فيهم البحراني والجزائري اللذين نقلنا معتقدهما في بداية الفصل ، وهم بدورهم قد صرحوا بأن هذا المعتقد الضال يتبناه كل علمائهم المتقدمين.
([263])وقوله " يرى قتلهم ونحوه من أحوال الكفار"غاية في الخطورة ، إذ يتجلى فيه فكرهم التكفيري بأبشع صوره ، من خلال تصريحه بأن حكمنا في معتقدهم كحكم سائر الكفار من استحلال الدم والمال ، فكانت مجزرة بغداد ترجمة واقعية لمعتقدهم التكفيري في حق أهل السنة . 
([264])جواهر الكلام - لشيخهم الجواهري ج 22 ص 63.
([265])روضات الجنات – لمؤرخهم ومرجعهم محمد باقر الخوانساري ج6 ص279.
([266]) نفس المصدر السابق ج6 ص293.
([267])سماء المقال في علم الرجال ج1 ص401.
([268])عقائد الإمامية الاثني عشرية – لعلامتهم الحجة إبراهيم الزنجاني ج3 ص231.
([269]) كما نقلنا بشاعته بوصف دقيق لابن كثير وعلامتهم محمد مهدي الآصفي.
([270])ويجب أن نتذكر جيداً أن الخميني ورجال ثورته الدينية الشيعية قد طبَّقوا هذا الفكر الدموي عملياً أيضاً حين استتب لهم أمر الحكم في إيران الفارسية ، إذ عملوا في أهل السنة وفي علائهم تحديداً بالقتل والتشريد والملاحقة وإلى يومنا هذا ، حتى خلت منهم البلاد أو كادت.
([271])سيقف القارئ على الدور الإجرامي الذي قام به علي بن يقطين والذي لا يختلف كثيرا عما قام به النصير الطوسي وذلك في المشهد الثالث.
([272])الحكومة الإسلامية – لآيتهم العظمى الخميني ص142 ، الطبعة الرابعة.
([273])المكاسب المحرمة - لآيتهم العظمى الخميني ج2 ص164.
([274])كتاب الأربعين - لآيتهم العظمى الخميني ج2 ص612.
([275])الشيعة في الميزان  - محمد جواد مغنية  ص 237، وكذلك شرح إحقاق الحق ج28ص568.
([276])المكاسب المحرمة - لآيتهم العظمى الخميني ج2 ص119.
([277])المصدر السابق ج2 ص121 .
([278]) الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ج1 ص292، ويروي هذه الجريمة كل من علامتهم الرجالي الملا علي العلياري التبريزي في كتابه (بهجة الآمال) ص140 ، وكذلك محدثهم يوسف البحراني في كتابه (الشهاب الثاقب) ص264 ، وكذلك محسن المعلم في كتابه (النصب والنواصب) ص622.
([279])فليتقِ الله فينا حكامنا , ولا يسلطوا علينا بطانة شيعية , تدين الله بقتلنا , وتتقرب إليه بدمائنا . فهنا وزير الرشيد الشيعي على بن يقطين , وهناك فيما بعد وزير المستعصم ابن العلقمي .. وفي الحديث (المؤمن لا يُلْدَغ من جحرٍ مرتين) .
([280])ومعنى ذلك عدم ترتب أي كفارة على قتلهم المسلم السُنّي ، لقوله:[ بأنك لو كنت تقدمت إليَّ قبل قتلهم , لما كان عليك شيء مندمائهم]
([281])هذا على التسليم الجدلي بأن التيس كان دية لقتل المسلم ، وإلا فالحق عدم ترتب كفارة على قتله كما نصت عليه الرواية.
([282])انظر -أخي القارئ الكريم- مدى انحطاط أسلوب ، ومدى وضاعةُ خُلُقُ أحد أكبر علماء المذهب ومراجعه ممن أخذ عنه من تلاه أصول المذهب وتفاصيله ، وتربّى على يديه ، ولولا خوفي الإطالة لنقلت ترجمة هذا الجزائري عندهم ، ولعجِبتَ من عِظَم شأنه فيهم .
([283]) وهذا المشهد الدموي لا يحتاج لمزيد إثبات ، فوكالات الأنباء المسموعة والمرئية تنقل وقائع تقتيل أهل السنة ، ومن بين أهم المواقع التي تعرض جرائم تقتيل أهل السنة هو موقع مذبحة بغداد (www.baghdadmass.com ) ، ولن أجانب الصواب إن قلت إن ما نقلناه في المشهد الدموي الأول ، من وصف ابن كثير لمجزرة بغداد في غزو هولاكو ، ما هو إلا عشر ما يجري هذه الأيام على أهل السنة في العراق بمباركة مراجع الشيعة وساستهم وعلمائهم. 
([284])لا نقصد بالشيعة هنا عموم الشيعة بالمطلق ، وإنما أصحاب الرأي والنفوذ فيهم من رجال دين وسياسة ومال ، ومن جُنِّدَ لهم من العامة والدهماء.
([285])تم العثور في بعض مقرات الأحزاب الشيعية على أوراق وبيانات تتضمن أوامر وتوجيهات موجهة من سلطات عليا – مرجعيات دينية وحزبية- إلى أتباعهم في مناطق العراق المختلفة وخصوصاً العاصمة الحبيبة بغداد ، بضرورة العمل على حرق وسلب وتدمير كل مؤسسات الدولة وتهيئة عموم الشيعة لذلك ، وعدم الالتفات إلى ما قد يصدر من الحوزة العلمية في النجف من نداءات وفتاوي – لأنها تدخل من باب التقية وتحسين الصورة لا غير- وبالفعل فقد تم لهم الأمر كما أرادوه وبالتنسيق مع قوات الاحتلال الأمريكي ، فلم تسلم مؤسسة ولا بناية ولا مَعْلَم من السرقة والحرق والتدمير ، حتى بناية المكتبة الوطنية في بغداد طالها أذى هؤلاء الرعاع والخَوَنة ,فتم حرق أغلب محتوياتها ، ولم ينجُ منها إلا النزر اليسير ، في مقاربة بل مطابقة عجيبة لما حصل لبغداد إبّان الاجتياح المغولي لها ، والذي تم هو الآخر بتواطؤ شيعي أيضاً.
([286])والحق أن الخاسر مما جرى هم كل المسلمين الشرفاء في العالم.
([287])رغم كل هذا التكالب والتآمر على أهل السنة ، إلا أنهم بقوا أبطالاً ثابتين على المبدأ ، ولم يرضوا من الدنيا بقضيضها ، فكانوا خير خلف لخير سلف ، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه وما بدلوا تبديلا.
([288]) وبالفعلقد هيئوا النفوس لتقبل بشاعة المجازر الدموية التي سيقوم بها وعدم النفرة من شخصيته السفاحة ، عن طريق وضعهم لمرويات تقول بأن الناس في ذاك الوقت سيقع عندهم شك بكونه من آل محمد لكثرة الدماء التي سيريقها ، فقد روى النعماني في كتابه (الغيبة) في ص 233:[ عن العلاء عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول:" لو يعلم الناس ما يصنع القائم إذا خرج لأحبّ أكثرهم ألا يروه مما يقتل من الناس ، أما إنه لا يبدأ إلا بقريش فلا يأخذ منها إلا السيف ، ولا يعطيها إلا السيف حتى يقول كثير من الناس : ليس هذا من آل محمد ، ولو كان من آل محمد لرحم " ، حتى قالوا بأن محمداً صلى الله عليه وسلم رحمة ومهديهم نقمة] ، ثم ركزوا بالقتل على العرب بما يكشف عن النفس الشعوبي الحاقد لواضعها ، مثاله ما رواه النعماني أيضاً في كتابه (الغيبة) في ص233:[ عن أبي بصير قال : قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : " يقوم القائم بأمر جديد ، وكتاب جديد ، وقضاء جديد ، على العرب شديد ، ليس شأنه إلا السيف ، لا يستتيب أحدا ، ولا يأخذه في الله لومة لائم "] ، ورى أيضاً في ص235-236:[ عن بشر بن غالب الاسدي قال : قال لي الحسين ابن على ( عليهما السلام ) : " يا بشر ما بقاء قريش إذا قدم القائم المهدي منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبرا ، ثم قدم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا ، ثم خمسمائة فضرب أعناقهم صبرا ، قال : فقلت له : أصلحك الله أيبلغون ذلك ، فقال الحسين بن علي ( عليهما السلام ) : إن مولى القوم منهم ، قال : فقال لى بشير بن غالب أخو بشر بن غالب : أشهد أن الحسين بن على [ ( عليهما السلام ) ] عد على أخي ست عدات - أو قال ست عددات - على اختلاف الرواية "]. 

([289])هذا ما يأملون حصوله بحق هذين الرجلين العظيمين وأحب الناس إلى قلب النبي r وخليفتيه بعده ، وأفضل الخلق بعد الأنبياء ، وهذا هو جزاؤهم على ما بذلوا من أموال ودماء في سبيل نصرة الإسلام ونشره حتى عم أرجاء المعمورة ، فلك أن تتصور مقدار حقدهم على أتباع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ومحبيهم من باقي فرق أهل السنة.
([290]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج30 ص276.
([291]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج53 ص12، ورواها أيضاً الحسن بن سليمان الحلي في كتابه (مختصر بصائر الدرجات) ص186-187 ، ورواها حسين بن حمدان الخصيبي في كتابه (الهداية الكبرى) ص401-402.
([292]) الأنوار النعمانية- لمحدثهم نعمة الله الجزائري ج1 ص141.
([293]) تروي أساطيرهم التي بني عليها المذهب أن هذا الإمام اختفى صغيراً منذ أكثر من ألف عام في أحد آبار سامراء هرباً من بطش أعدائه ، ولا يزال يعيش هارباً إلى يومنا هذا وينتقل من بلد إلى آخر بلمح البصر –على بساط الريح ربما- ليظهر لبعض الخواص من علماء المذهب ، حيث ظهر خلال كل تلك السنوات للعديد من هؤلاء الخاصة ممن ادعى أن الإمام قد ظهر له ، وأسرَّ إليه ببعض أسرار الملكوت الإلهي –والتي يلقيها هذا العالم بدوره على الملايين الحمقى من أتباعه- ثم يعود فيختفي ، ليظهر ثانية في مناسبة أخرى.
([294]) والتقية استخدمها علماء الشيعة كثيراً لإخفاء فكرهم التكفيري المنبوذ , بالإضافة إلى استخدامه في إخفاء الكثير من حقائق المذهب المشوهة التي يتداولها أهله في الخفاء بعيداً عن مدارك الآخرين.
([295]) تهذيب الأحكام - لشيخ طائفتهم الطوسي ج 6  ص154.
([296]) الكافي – لثقة إسلامهم الكليني ج 5 ص33 ، وكذلك تهذيب الأحكام – لشيخ طائفتهم الطوسي ج 6 ص155 .
([297]) بحار الأنوار – لعلامتهم المجلسي ج 8 ص369.
([298]) جواهر الكلام – لشيخهم النجفي الجواهري ج 6 ص56.
([299]) الشهاب الثاقب – لمحققهم يوسف البحراني ص265.
([300]) وهم الصنف الأغلب من علماء المذهب الذين صرحوا في كتبهم بكفر المخالفين دون أن يظهروا معتقدهم هذا على الملأ، وقد زخر البابان الأول والثاني من هذه الدراسة بالعديد من أمثال هؤلاء.
([301]) وهو الفريق الذي سنسلط عليه الضوء في الفصل الأول من هذا الباب ؛ للتنبيه إلى خطورته وتعريف الناس بمكره وخبثه وحقيقة ما تنطوي عليه نفسه.
([302]) وهذا ما سنقف عليه في الفصل الثاني من هذا الباب حين سنعقد مقارنة بين موقف علماء المذهب الإمامي التكفيري من جهة , وموقف باقي علماء المسلمين ، - خصوصاً من أهل السنة والجماعة- ، من جهة أخرى حيث سيتجلى لنا بوضوح اشتراك جميع علماء الإمامية مهما تباينت وسائلهم الدعوية وأساليب تعريفهم بالمذهب بذات الآراء وعين المواقف.
([303]) وهذا من واجب المسلم الشرعي في مواجهة المنكر والتصدي له.
([304]) حتى لم تقم للإسلام دولة إلا وكانت لها مع هذه الفرقة الضالة صولات وجولات كانت الغلبة فيها – بفضل الله تعالى- لحق أهل السنة والجماعة على باطل الخوارج المارقين.
([305]) لقب "آية الله العظمى" يختص به بعض أكابر علماء المذهب , يميزهم عن غيرهم من العلماء الأدنى ، وهو درجة علمية تؤهله للاجتهاد.
([306]) وممن صرح بذلك من الإمامية أيضاً : داعيتهم الشهير : أحمد الوائلي , حيث قال في كتابه (من فقه الجنس في قنواته المذهبية) ص75: [ وأود – هنا - أن ألفت النظر إلى نقطة هامة هي:أن موقف الشيعة من أهل السنة -باستثناء النواصب- حتى ولو خالفوهم بنظرية الإمامة التي هي محور النزاع، فإن الشيعة لا يخرجون من يخالفهم بذلك عن الإسلام، خلافاً لموقف غير الشيعة من الشيعة] ، وكل ما قلته وسأقوله بحق عبد الحسين يثبت بحق الوائلي لنفس الجرم.

([307]) الفصول المهمة , لعبد الحسين شرف الدين ، في الفصل التاسع , ص208.
([308]) أجوبة مسائل جار الله , لعبد الحسين شرف الدين , ص47.
([309]) إلى المجمع العلمي بدمشق , لعبد الحسين شرف الدين  , ص27.
([310]) وهو الفصل الخامس من كتابه (الفصولالمهمة فيتأليف الامة) ص25-32.
([311]) كما هو واقع الحال عند أهل السنة والجماعة.
([312]) أما باقي "إخوانهم المسلمين" ففي النار خالدين فيها أبداً!
([313]) وهو دعاء مشهور في حق الشيخين: أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فيه من سوء القول وبذاءته ما يخجل القلم من تسطيره ، ولا أظن أن بشراً –عدا الشيعة- مهما عَظُمَ حقده وتفاقمت غلواء نفسه على الإسلام ورجالاته يمكن أن تتفتق قريحته عن مثل ما في بعضه من فحش القول وقبيحه ، ولولا خشية الإطالة لذكرته بطوله ، ولكن من يريد أن يُكَدِّر صفو خاطره ، فليرجع إلى كتابي الأم (موقف الشيعة الإمامية من باقي فرق المسلمين) فهو مذكور هناك بتفصيله .
([314]) رسائل ومقالات رسالة رقم 10 ص412 جواب رسالة حول الشيعة وأصولها.
([315]) هل يمكن أن يصد ق عاقل أن رجلاً بمنزلة السبحاني وبعمر 73 سنة قضاها أغلبها بين كتب المذهب حتى صار آية عظمى فيه لم يقف على هذه الكتب ، أو حتى على أحدها!! ولكن الرجل إن لم يكن كذاباً ، فربما -وهو بهذه السن- قد خَرِف أو ضعف عقله ، وهكذا آياتهم العظام بين كذاب وخَرِف.
([316]) أي أن علماء الشيعة لم يكتفوا بإثبات الدعاء في كتبهم ، بل بادروا إلى توضيح معانيه وشرح عباراته.
([317]) الذريعة - آغا بزرگ الطهراني  ج31  ص 256-257.
([318]) بحار الأنوار - لعلامتهم المجلسي ج30 ص394.
([319]) شرح إحقاق الحق , للسيد المرعشي , ج1 ص337.
([320]) منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة , ج14ص397 .
([321]) ينظر أجوبة المسائل العقائدية – الصفحة العقائدية رقم (21).
([322]) إذ هو معاصر له ومن نفس بلده "إيران".
([323]) لا تعجب أخي القارئ وأنت تقرأ بعض فقرات هذا التحدي ، فالقوم هذا ديدنهم بل هذا دينهم.
([324]) ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=744
([325]) ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=1090
([326]) ربما كان موقف البعض من هذه الحقيقة يشوبه التوجس والحيرة قبل الآن ، ولكن أما وقد تبين لنا من خلال ما سبق الاطلاع عليه في فصول هذه الدراسة أن الأصل عندهم تكفيرنا والبراءة منا , بل واستحلال دماءنا وأموالنا ، عندها لن يكون لهذا التوجس وتلك الحيرة أدنى مبرر من عقل أو منطق , إذ العداء الآن ظاهر , والنية صدَّقها –وترجمها- العمل فتشكلت ملامحها وبانت.
([327]) كتبت هذا الفصل من أجل تأكيد حقيقة الجنوح الشاذ نحو التنطع في الآراء والأفكار لمتبني الفكر التكفيري من الشيعة الإمامية وإبرازها ، وليس من أجل إثبات أو بيان فساد معتقدهم وبطلانه ، إذ ذلك مما غصَّت به هذه الدراسة منذ الفصل الأول فيها ، بدءاً من شذوذ رواياتهم وتقريرات علمائهم ، وانتهاءً بفساد المظاهر والآثار المترتبة عليها والسلوكيات الناتجة عنها.

([328]) وهو عين ما اعتمدته في جل فصول هذه الدراسة حتى يُلزموا بالحجة وتُقطع حبال كذبهم .
([329]) كما قال الشاعر:  ومليحةٌ شهدت لها ضرّاتها        والحق ما شهدت به الأعداءُ .
([330])نورالبراهين ,  لمحدثهم نعمة الله الجزائري , (1/64).
([331])المصدر السابق, (1/64).
([332])الأنوار النعمانية , لمحدثهم نعمة الله الجزائري , ج2 ص279.
([333])روضات الجنات , لمحدثهم ومؤرخهم محمد باقر الخوانساري , ج6 ص285 في ترجمة النصير الطوسي.
([334])منهاج الكرامة - لعلامتهم الحلي  ص50.
([335])الحدائق الناضرة , لمحققهم البحراني , ج 22  ص 204.
([336]) وهو مبحث طويل من كتابه (الفصولالمهمة فيتأليف الأمة) , ص25-32.
([337])ينظر : موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ،     ورابط هذه الفتوى هو :
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=1861      
([338])وليتأمل المسلمون عموماً وأهل السنة خصوصا كيف صرح أبرز مراجعهم في المذهب والذي ما زال على قيد الحياة بالفكر التكفيري ، حتى أن السائل كان مستبعداً ومستنكراً لذلك حيث ذكر في سؤاله بأنهم يشهدون الشهادتين ويصلون الصلوات الخمس ويحجون ويصومون نهار رمضان ، إلا أن جواب آيتهم العظمى جاء حاسماً بكل ما أوتي من حقد وبغي وانحراف بتكفيرهم وعدم دخولهم الجنة ، معبِّراً عما في قلوبهم التي أُشرِبَت داء التكفير ولوثته .
([339]) والغريب والمثير لشديد العجب أن هؤلاء-أهل السنة- هم من يتهمهم الشيعة بالتزمت والتعنت ، ويشكون في كتبهم وندواتهم وكل مجالسهم من ظلمهم وجبروتهم ، وأنهم يقفون عائقاً في وجه الوحدة الإسلامية! والأغرب من ذلك والأعجب أنك تجد من "علماء" أهل السنة –ولا أقول عوامهم- من يؤيد مقالتهم ويصدقهم فيها بل ويذهب إلى أبعد من ذلك فيدعو أهل مذهبه إلى أن يفتحوا قلوبهم وصدروهم لإخوة الدين هؤلاء وينصفوهم ويكفوا عن ظلمهم! فإلى الله نشكو قبح مكر أولئك ، وجهل وغفلة هؤلاء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. .
([340]) ينقل لنا شيخهم المفيد الذي انتهت إليه رئاسة مذهب الشيعة في وقته إجماع الشيعة على كفر منكر الإمامة تحت عنوان (القول في تسمية جاحدي الإمامة ومنكري ما أوجب الله تعالى للأئمة من فرض الطاعة) حيث قال: [ واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار] ، ينظر: أوائل المقالات , للمفيد  , ص44.
([341]) باعتبارها أمراً يخص المسلمين لتعلقه بتنظيم حياتهم وأحوالهم.
([342]) وقد أجاد علماء أهل السنة والجماعة في بيان الصفات التي ينبغي توفرها فيمن يصلح للخلافة مما لا مجال للتطرق إليه الآن.
([343]) وهذا النمط من ممارسة الناس للقرار يمثل -بحق وبشهادة العدو قبل الصديق- أسمى وأرقى مظاهر المشاركة السياسية التي عرفها العالم حتى يومنا هذا.
([344]) بل وصلوا في تعنتهم هذا حداً بلغوا فيه مبلغ أساطير الإغريق والرومان الخيالية وقصص الأطفال الخرافية ، وذلك حين انتهى الأمر إلى إمامهم الثاني عشر والقيامة لم تقم بعد والدنيا قائم حالها ، فبادروا إلى اختراع خرافة غيابه منذ أكثر من ألف ومائة عام ، وأنه ما زال على قيد الحياة إلى يومنا هذا يمارس الخلافة والإمامة على نطاق ضيق لا يتعدى شخصه الكريم!
([345]) وربما هذا ما دفع بعض علمائهم ومراجعهم إلى القول بأن القرآن الذي عندنا هو قرآن محرف حذفت منه بعض الآيات التي أشارت إلى أسماء هؤلاء الأئمة ، والبعض الآخر إلى وجود قرآن آخر غير هذا القرآن الذي نتعبد به ، وأسموه قرآن فاطمة ، مخبأ عند إمامهم الغائب , وأن فيه أضعاف ما في قرآننا هذا من الآيات والسور ، ومنها بالتأكيد ما يشير إلى عدد هؤلاء الأئمة وأسمائهم  .
([346]) ومنهم من اعتبرها أهم من النبوة كما سبق عرضه في بداية هذه الدراسة.
([347]) أو في الآخرة  فقط , على رأي ضعيف في المذهب بل ومشبوه ، إذ سأفرد له دراسة منفصلة لكشف خداعه والتواءاته ، نسأل الله تعالى التوفيق في إتمامها .
([348]) نور البراهين , لمحدثهم نعمة الله الجزائري , ج1 ص59.
([349]) الأنوار النعمانية , لمحدثهم نعمة الله الجزائري , ج2 ص278.
([350]) وربما كان هناك غيرهم ممن هو جديرٌ بها كذلك , ولكن بُويع لغيره فتجاوزته , ولم يتقلدها وهو أهل لها.
([351]) هناك فرق أخرى من الشيعة كالإسماعيلية ترى أن الإمامة محصورة في سبعة أئمة فقط ، وكلٌ يضع الرقم الذي يناسبه ويتفاءل به!
([352]) رغم أن غالب هؤلاء الأئمة الاثنا عشر لم يُعرف عنه الفضل والعلم والتقوى بنفس الدرجة الثابتة لمن تقلد الخلافة من الصحابة ، بل منهم مَنْ لم يُعرف عنه العقل والبلوغ والتمييز كإمامهم الثاني عشر الذي غاب عن الأنظار-بعد أن انتهت إليه إمامة الشيعة- وهو بَعْدُ صبي لم يبلغ الحلم.
([353]) فحتى باقي أولاد الإمام علي , وأبناء الحسن بن علي , وباقي أبناء الحسين - رضي الله عنهم جميعاً - ليسوا أهلاً للإمامة في نظر الشيعة الإمامية الاثنى عشرية ، ولهذا عدُّو من تقلدها –خلا الاثني عشر- مغتصباً لها ، ومن طالب بها دونهم ضالاً , فكفروا هؤلاء وأولئك ، حتى لو كان من آل البيت ومن ذرية علي - رضي الله عنه - ، وهذا ليس تقولاً مني عليهم , بل ما نصت عليه مروياتهم في أوثق كتبهم , وهو الكافي , وإليك روايتان منها رواهما في (1/372):
أ‌-    عن سورة ابن كليب ، عن أبي جعفر - عليه السلام - قال : قلت له : قول الله عزوجل : " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " ؟ قال : من قال : إني إمام وليس بإمام . قال : قلت : وإن كان علويا ؟ قال : وإن كان علويا . قلت : وإن كان من ولد علي ابن أبي طالب - عليه السلام - ؟ قال : وإن كان.
 ب- عن الحسين بن المختار قال : قلت لأبي عبد الله - عليه السلام - : جعلت فداك " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله " ؟ قال : كل من زعم أنه إمام وليس بإمام . قلت : وإن كان فاطميا علويا ؟ قال : وإن كان فاطميا علويا .
بل تفاقمت لوثة التكفير عندهم إلى تكفير كل من تابعهم أو رضي بهم وعنهم إلى يوم القيامة!!!
([354]) رسائل الكركي - لمحققهم الكركي ج1 ص62.
([355]) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت – محققهم علي عبد العال الكركي ص5 وهي مخطوطة.
([356])الصراط المستقيم- العاملي البياضي (1/88).
([357])المصدر السابق (3/38).
([358]) إحياء الشريعة في مذهب الشيعة ج1 ص85.
([359]) في رحاب العقيدة – لآيتهم محمد سعيد الحكيم ج2 ص98.
([360]) ينظر موقع آيتهم العظمى محمد صادق الروحاني الشيرازي للفتاوي العقائدية في الإنترنت ، ورابط هذه الفتوى هو:
hرضي الله عنهرضي الله عنهp://www.imamrohani.com/faرضي الله عنهwa-ar/viewرضي الله عنهopic.php?رضي الله عنه=1370
 ([361])كاعتقادهم صحة خلافة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .
([362]) فهذا عثمان رضي الله عنه قد تزوج بنتي رسول الله e وهو شرفٌ لم ينله أحدٌ من الصحابة غيره ولذا لُقِّب بذي النورين ، وهذا أبو بكر فقد تزوج رسول الله e بنته عائشة، وكذلك عمر تزوج رسول الله بنته حفصة - رضي الله عنهم أجمعين- ، وهو بدوره -أي عمررضي الله عنه- قد تزوج من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
([363])رغم أنهم يرفعون لافتة محبة أهل البيت-زوراً وكذباً- للإيقاع بالسذج والطيبين في شراكهم.
([364])ننبه القارئ إلى أن هذه التقريرات ينقلها علماء الشيعة عن بعض العلماء من أهل السنة والجماعة ، وليس ضرورياً أن يكون ذلك هو واقع الحال أو ما ينبغي أن يكون عليه ، إذ القول بجواز التعبد بمذهب يجيز قتلنا ، ويمنع عن فقرائنا زكاته ، ويبيح غيبتنا وبُهْتنا والطعن في أعراضنا ، بل ويرغِّب في ذلك كله ويرتِّب عليه الأجر والثواب ، إن لم يجد له ما يبرره من أعذار سائغة ، فهو لا يعدو كونه حمقاً مطلقاً أو جهلاً مدقعاً أو هرطقة لا ينبغي الالتفات إليها ..
([365])ومن باب الإقرار لأهل العلم بالفضل والتقدير يتوجب علي سوق الأعذار للشيخ الفاضل والعالم الجليل -رحمه الله تعالى- عن فتواه المذكورة فأقول:    
     أ-أنه رحمه الله تعالى قيدها بالنقل الصحيح بقوله:[ إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا] ، ومعلوم أن هذا القيد غير متحقق في مذهب الإمامية الاثني عشرية ، وأصرح دليل على عدم تحقق شرط النقل الصحيح فيه هو ما اعترف به أبرز أعمدة المذهب ومؤسسيه وهو السيد المرتضى الذي يلقبوه بعلم الهدى ، بأن كل أسانيد مروياتهم عن الأئمة لا تخلو من المعروفين بفساد العقيدة ، كالواقفة والغلاة والخطابية والحلولية والمشبهة والمجبرة ، فقال في كتابه (رسائل المرتضى) (3/310):[ فإن معظم الفقه وجمهوره بل جميعه لا يخلو مستنده ممن يذهب مذهب الواقفة ، إما أن يكون أصلا في الخبر أو فرعا " ، راويا " عن غيره ومرويا " عنه . وإلى غلاة ، وخطابية ، ومخمسة ، وأصحاب حلول ، كفلان وفلان ومن لا يحصى أيضا " كثرة . وإلى قمي مشبه مجبر . وأن القميين كلهم من غير استثناء لأحد منهم إلا أبا جعفر بن بابويه ( رحمة الله عليه ) بالأمس كانوا مشبهة مجبرة ، وكتبهم وتصانيفهم تشهد بذلك وتنطق به . فليت شعري أي رواية تخلص وتسلم من أن يكون في أصلها وفرعها واقف أو غال ، أو قمي مشبه مجبر ، والاختبار بيننا وبينهم التفتيش].
      ومعلوم كون كل أو معظم رجال أسانيدهم الذين نقلوا لهم المذهب عن الإمام الصادق رضي الله عنه من ذوي العقائد المنحرفة الفاسدة –وبعضهم ملعون على لسان الصادق رضي الله عنه صراحةً- ، معناه انتفاء النقل الصحيح عنه ، ومن ثم لا يدخل مذهب الشيعة الإمامية ضمن هذه الفتوى التي قيدها رحمه الله تعالى بقوله "المنقولة نقلا صحيحا".    
     ب-أنه كان لا يعلم حقيقة معتقدهم التكفيري ، فهو لذلك معذور بعدم علمه , مخطئ باجتهاده ، وله أجر الاجتهاد ، وليس في هذا مطعن بشخصه رحمه الله تعالى ، ؛ لأنه واقع حال غالب علماء المسلمين ، فالكثير ممن يتصدر ساحات أهل السنة لا يعلم بحقيقة مذهبهم وقد لمست هذا الأمر ، لأن هذه الطامات في مذهبهم غير معلنة , بل يبذلون جهودًا كبيرة وتعتيماً إعلامياً لإخفائها ؛ كي لا يُدانوا بها ، مما جعل علماء المسلمين بمنأى عن معرفة ما تقرره مصادرهم الحديثية والعقائدية والفقهية ، وما تنطوي عليه من براثن الطعن والحقد والتكفير ، وهو السبب الذي دفعني للغور في مصادرهم كي أستخرج فكرهم التكفيري الدفين من بين آلاف المصادر.
    وهناك قصة قد تكون مشابهة وقعت للشيخ سليم البشري -رحمه الله تعالى- على ما ينسبها له مرجع الشيعة الأكبر عبد الحسين شرف الدين – وهو في نظري مطعون بصدقه وأمانته في النقل - بأنه قال في المراجعة رقم (1):[وكنت أسمع أن من رأيكم - معشر الشيعة - مجانبة إخوانكم - أهل السنة - وانقباضكم عنهم ، وأنكم تأنسون بالوحشة وتخلدون إلى العزلة ، وأنكم . وأنكم] ، وكأنه يقول: وجدت فيهم صورة مشرقة تخالف الصورة البشعة الحاقدة التي كان يسمعها عنهم ، مع أنها حق قررته هذه الدراسة بنقول صريحة لمراجعهم ، ولكني مستيقن أن القضية مُفتراة على البشري -رحمه الله تعالى- والناقل مطعون فيه فلا تقبل روايته ، وإن صحت فهي تثبت عدم معرفته التامة -أسوةً بمن ذكرناهم- بمعتقدهم التكفيري الحاقد.
([366]) سبيل النجاة في تتمة المراجعات- لشيخهم حسين الراضي  ص 111، وهي مذكورة في نهاية كتاب (المراجعات) في أكثر الطبعات.

([367]) وارجع - أخي القارئ - إلى الوقفة الأولى في مقدمة الباب الثاني من هذه الدراسة لتستذكر نظرتهم إلى أئمة المذاهب الأربعة وأتباعهم ، وما أثبتوه في حقهم من زيغ وضلال , بل ووصفهم بالكفر والردة.
([368]) وقد سبقه في التظاهر بمظهر المشفق على الوحدة الإسلامية اللاهث وراء تحقيق التقريب بين أهل السنة والشيعة الإمامية آيتهم العظمى : عبد الحسين شرف الدين , صاحب كتاب المراجعات ، الذي طالما تباكى وطالب أهل السنة بالإفتاء بجواز التعبد بمذهب الشيعة ، كما لهج به في كتابه المراجعات وغيره ، ولكنه بكل صلافة يقرر هذه الحقيقة التكفيرية في أكثر من موضع ، زاعماً أن الأدلة توجب التعبد بمذهب الشيعة –مذهب أهل البيت بزعمه- وتمنع أخذ الدين عن غيرهم ، وهي مبطن للقول بعدمجواز صحة التعبد بباقي مذاهب المسلمين ، وإليك بعض نصوصه على عجالة:
    أ-قال فيالمراجعة رقم (10) بعد نقله لحديث ينسب للنبي بأن علم العبد لا يقبل بغير ولاية أهل البيت فقال:[ فأنعم النظر في قوله لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفة حقنا ، ثم أخبرني ما هو حقهم الذي جعله الله شرطا في صحة الأعمال ؟ أليس هو السمع والطاعة لهم والوصول إلى الله – عزوجل - عن طريقهم القويم وصراطهم المستقيم ؟ وأي حق غير النبوة والخلافة يكون له هذا الأثر العظيم ؟ لكنا منينا بقوم لا يتأملون . فإنا لله وإنا إليه راجعون] !
   ب-قال في المراجعة رقم (4):[ ولو سمحت لنا الأدلة بمخالفة الأئمة من آل محمد ، أو تمكنا من تحصيل نية القربة لله سبحانه في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور ، وقفونا أثرهم ، تأكيدا لعقد الولاء ، وتوثيقا لعرى الإخاء ، لكن الأدلة القطعية تقطع على المؤمن وجهته ، وتحول بينه وبين ما يروم].
([369]) فإن كان هذا هو موقف أبرز رمز من رموز دعاة التقريب الشيعة ممن تغص به فضائيات أهل السنة وتملأ صورته أُطُر مجالس التقريب ومؤتمرات التوحيد بين المذاهب . فكيف بالمتنطع منهم والمتعصب من علمائهم !!
([370]) مسائل عقائدية , لآيتهم العظمى محمد حسين فضل الله , ص 110.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق