حكومة العبادي الجديدة وحكومة المالكي المنصرفة وجهان لعملة واحدة
وجهات نظر
الطاهر إبراهيم
ينبغي الاعتراف بأن نوري المالكي نجح إلى حد بعيد بأن يكون بديلا للاحتلال الأمريكي، بما تعنيه الكلمة من اعتقالات وإعدامات وفساد وممارسات طائفية، حتى ظهر وكأن جورج بوش الابن هو الذي يحكم العراق لا شخصا من أهل العراق.
نذكر على سبيل التوضيح أن بوش أثناء زيارته بغداد سأل المالكي ما الذي ستفعلون بالرجل؟ ويقصد صدام حسين: قال المالكي: سنذهب به إلى حبل المشنقة، فأومأ بوش برأسه علامة الرضى، ما يدل على التطابق الكامل على الأرض بين سياسة نوري المالكي ورغبات الاحتلال الأمريكي.
لو عدنا بالذاكرة إلى عام 2006 عندما كان إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء وكيف وصل إلى طريق مسدود مع المكون السني العراقي، بسبب ممارسات الجعفري الطائفية. يومها تم اقتراح نوري المالكي كي يكون رئيسا للحكومة مكانه.
حاز المالكي على رضا قيادات السنة، وكانوا أكثر المعترضين على رئاسة إبراهيم الجعفري، لكن القضية لم تكن الذهاب بشخص والمجيء بآخر مكانه، مع بقاء النهج الذي توافقت عليه واشنطن وطهران.
لا نزعم أن تكليف حيدر العبادي بالوزارة تم برضى المالكي. لكن هذا التكليف جاء بعد أن تم التعهد بإعفاء المالكي من أي محاسبة عما اقترفه أثناء حكمه الذي دام 9 أعوام. لم يقبل المالكي بإلقاء خطاب التنازل إلا بعدما حصل على التعهد المطلوب، بأن آلاف الإعــــدامات سيتم شطبها من سجله، وآلاف المليارات التي نهبها هو حاشيته من العراق سيتم التغاضي عنها.
هذا الترحيب من قبل بعض القيادات السنية بتكليف العبادي لا معنى له، طالما أن هذا التكليف وضع عليه خاتم واشــــنطن وطهران في الوقت نفسه. وقد حكم العراق بعد صدام حسين باتفاقهما على استبعاد عرب السنة.
الشيخ بشار الفيـــضي الناطق باسم هيئة علماء المسلمين في العراق، كان أكثر حذرا إذ اعتبر أنه لا شيء تغير ما لم تصحح الظلامات التي تمت في عهد المالكي.
وإلا فإن العبادي والمالكي وجهان لعملة واحدة هي الطائفية التي حكمت منذ اجتياح أمريكا للعراق وحتى الآن.
لا نريد أن نستبق الأمور في هذا التغيير، فهو في حده الأدنى تخلص من طاغية. كما لا ينبغي ألا نثق بالعبادي قبل أن يشكل حكومته، فهو أولا وأخيرا من حزب الدعوة الذي رئيسه المالكي. كنت ذكرت أن المالكي جاء إلى الحكم بترحيب قيادات سنية عراقية، فما الذي يجعلنا نعتقد أن العبادي على خير قبل أن نرى ما يفعل؟
على أن تكليف حيدر العبادي جاء في ظل متغيرات إقليمية ودولية، وكلها لا توحي بالثقة، فقد رأينا أن واشنطن أرسلت طائراتها لقصف ما يقال انها مواقع أسلحة لتنظيم «داعش». فأين كانت هذه الطائرات يوم كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما يرفض قصف مواقع النظام في سورية على مدى ثلاث سنوات، وقد تمت إبادة أكثر من مئتي ألف مسلم سني سوري على يدي شبيحة بشار وقوات حالش. أما عندما تم تهديد عدة آلاف من المسيحيين واليزيديين في شمال غرب العراق فقد قامت قيامة واشنطن ولم تقعد.
هؤلاء المسيحيون واليزيديون عاشوا دهورا بجوار العرب والكرد لم يمسهم أذى قبل أن يستلم الحكم نوري المالكي.
لقد أصدر مجلس الأمن قرارا وضع تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة تحت البند السابع. تم ذلك بإجماع دول مجلس الأمن. رحبت به دمشق وطهران ودول أخرى. ولا يعرف إلا الله ماذا تنوي واشنطن في هذا القرار.
إذا كان تنظيم دولة «داعش» قد خاض في دماء النصارى واليزيديين فقد خاض أكثر بدماء المسلمين السنة، فما بال جبهة النصرة التي قاتلت شبيحة بشار على مدى ثلاث سنوات من عمر الثورة؟ ثم أين حزب الله في القرار وقد خاض في دماء المسلمين السنة في سورية وقتل منهم الآلاف المؤلفة مناصرة لبشار الأسد؟
تشكلت حكومة حيدر العبادي وصوت عليها مجلس النواب بالموافقة، وبقيت معظم المناصب المفصلية بيد أزلام إيران، ولم يعين وزير للداخلية ووزير للدفاع، وسيبقيان في عهدة العبادي، كما كانا في عهدة المالكي في الحكومة السابقة، فهل يفعل بهما العبادي كما فعل المالكي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق