الثلاثاء، 15 يوليو 2014

تغريدات حمود العمري حول شبهات المتعاطفين مع دولة البغدادي ( داعش )

تغريدات حمود العمري حول شبهات المتعاطفين مع دولة البغدادي ( داعش )

حمود بن علي العمري
 @Alkareemiy


بسم الله الرحمن الرحيم

(١) بسم الله الرحمن الرحيم
لقد اغتر بعض الشباب بشبهات المتعاطفين مع دولة البغدادي ورأى بعضهم فيها حججاً لاتقبل النقض،فأحببت التعليق على بعضها

(٢) فمنها
الشجاعة والإقدام الذي يوجد في رجال داعش ،وهذا الإقدام يدل على إيمان ويقين
فأقول أما دلالته على إيمان ويقين فربما ،لكن إيمان بماذا؟

(٣) فإن الإيمان واليقين ربما دفعت صاحبها إلى الإقدام ،ولكن هذا لا يدل على صحة ما يؤمن به، فكم تجد من صاحب إيمان ببدعة من أشجع الناس في سبيلها

(٤) وتاريخ الخوارج زاخر بذلك ، بل وحتى التتار الذي مسحوا الأرض ذبحاً وقتلاً ، فهل كان ذلك ليشككنا في ضلالهم ، وأين شجاعة قطري وابن الأزق...

(٥) والمختار ،وابن تومرت وغيرهم عبر التاريخ ،ممن تتقاصر في جانبهم شجاعة الشجعاني،بل الذين حاصروا عثمان وقتلوه كانوا من أشجع الخلق ،وهم منهم

(٦) فلا تغتر أخي بشجاعةالمقاتل حتى يكون الحاكم لك وله الكتاب والسنة،التي كانت تقيد شجاعة الصحابة والسلف،فلا يتجاوزونها ولو كان هواهم في غيرها

(٧) وكان حديث(الإيمان قيد الفتك) هو معيارهم ،فكم يحجم أحدهم حين يأمره الشرع بالإحجام وهو يريد الإقدام،لأنه يصرف هواه إلى أمر الله ورسوله

(٨) ولعلك تذكر تلك الطلبات من عمر وخالد وغيرهما ،حين يطلبون الإذن من رسول الله لضرب عنق من بدرت منه بادرة كفر أو نفاق،فلا يتجاوزون أمره ونهيه

(٩) فهذا والله الجهاد الذي يراد به وجه الله، وهذه والله الشجاعة التي تدل على نزاهة صاحبها ودينه وورعه،أما بلا ذلك فهو قاطع طريق مقدام على ذلك

(١٠) فهذا جواب هذه الشبهة الأولى باختصار شديد أوجبه ضيق المقام ،ولنا بإذن الله في الليالي القادمة وقفات مع شبهات أخرى ،ونسأل الله الهداية

(١١) أما الشبهة الثانية التي يلبّس بها أتباع البغدادي على الناس
فقولهم:لقد أطبق العالم على معاداتهم كما فعل المشركون برسول الله وأصحابه


(١٢) وليس ذلك إلا لأنهم على الحق ،كما كان حال الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه حين رماهم الناس عن قوس واحدة،وستكون العاقبة لنا كما كانت لهم

(١٣) والجواب عن هذه الشبهة من وجهين
أولاً:لا نسلم لكم بهذه الدعوى،فإن المجاهدين يُقصفون في كل تجمع وفي كل خندق،وأنتم تستعرضون قواتكم ليل نهار

(١٤) وهذا أميركم يخطب جهاراً نهاراً،وأنتم تزعمون أن المطلوب الأول عند الشرق والغرب،فهل كان ابن لادن أو الظواهري سيخطب كخطبته ثم يخرج سالماً!؟

(١٥) وهذه جموع الدواعش تستعرض في العراق والشام ،وقد غطت براميل الرافضة الجو والبر،ولم يسلم منها كبير ولا صغير،فمادلالة ذلك عندك أخي المتعاطف

(١٦) بل انت أخي المتعاطف تعلم يقيناً أنكم تنسقون وتجمون الدعم وتتكلمون في مختلف الدول ،والمخابرات على علم بذلك،وأنتم تكفرونهم ،ومع ذلك !!!!

(١٧) وأنتم ترون الدعاة يُعتقلون لعشر معشار فعلكم،وأنتم تسرحون وتمرحون وتدعمون وتكفّرون ،ثم تزعمون أن العالم رمتكم عن قوس واحدة!؟

(١٨) أما لو سلمنا لك بذلك ،فإن مجرد عداوة الناس لك لا تدل على صوابك ولا عدمه،فقد عادوا القذافي شرقاً وغرباً ولم يكن ذلك تزكية له ولا مدح عليه

(١٩) ولن تجد أخي المتعاطف دليلاً يدعم نظريتك هذه ،فإن الحق يعرف بدليله وليس بكثرة الموافقين أو المخالفين، ولو تأملت في وضع داعش ومن يخالفها

(٢٠) فستجد أن أمة الإسلام من علماء ودعاة ومفكرين وعباد وعامة لم تُجمع من قرون على أمر كما أجمعت على مخالفة داعش ومنابذتها والتخلي عنها

(٢١) فهل كانت هذه الجموع من الأمة بمختلف مشاربها وتوجهاتها ومصالحها ،لتجمع على مخالفة داعش وهي على الصراط المستقيم!؟

(٢٢) فلا تغرنك أخي المتعاطف هذه الدعوى ، فهي كذب في ذاتها ولو صحت لم يكن فيها دلالة على ما يرمون إليه، وإنما هي من التهويش بالدعاوي لا أكثر

(٢٣) فلم يكن رسول الله وأصحابه يحددون الحق بكثرة المخالفين أو قلتهم ، بل عرفوا الحق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،فلا تُخدع بذلك

(٢٤) هذا جواب هذه الشبهة باختصار ، ولنا بإذن الله وقفة مع شبهات أخرى لهم في الليالي القادمات بإذن الله، وجزاكم الله خيراً على النشر والتفاعل

(٢٥) الشبهة الثالثة التي تلبس بها داعش على أتباعها والمتعاطفين معها، قولهم:الدولة الإسلامية تريد أن تطبق شرع الله ،وتقيم الخلافة الإسلامية

(٢٦) وهذا هو حُلم الأمة من أزمان مديدة،فلماذا تقفون في وجهها وتحاربون هذا المشروع الإسلامي العظيم،وهو حلم لكل مسلم،ولا يكرهه إلا منافق وعميل

(٢٧) فأقول جواباً على هذه الشبهة:ما أسهل الدعاوى ،وما أعسر الحقائق، لقد سمعنا هذه الدعوى الكبيرة من كثير من الطواغيت ،فلم تزدنا بهم إلا بصيرة

(٢٨) ولن يكون البغدادي بمجرد دعواه أحسن حالاً منهم، بل أقول ما أشبه الليلة بالبارحة ،فهذه هي دعوى الخوارج الأولى لما خرجوا علي أمير المؤمنين

(٢٩) بل أعجب من ذلك ،إنها دعوى جد الخوارج ذي الخويصرة حين اعترض على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في غنائم حنين ،فهي دعوى كاذبة ظالمة

(٣٠) فهم يريدون تطبيق فهمهم للشرع وليس حقيقة الشرع كما يفهمه العلماء على منهاج السلف وطريقتهم في الاستدلال،وإلا فكل مبتدع يزعم التمسك بالقرآن

(٣١) فإن قلتَ:هذه محاكم دولة البغدادي في كل بلدة يصيطر عليها ،تقيم شرع الله وتطبق الحدود وتحكم بين الناس ،فهل تقارن ذلك بحكومات الطواغيت!؟

(٣٢) فأقول:أما الحكم بين الناس بشرع الله فقد طبقه كثير ممن تكفرونهم وتصفونهم بالطواغيت،فهم يقيمون المحاكم بين الناس ويأخذ الناس حقوقهم من بعض

(٣٣) بل هم أفضل منكم في ذلك ،بكثرة محاكمهم وكفائة قضاتهم بلا مقارنة مع شبابكم الذين قلدتموهم القضاءوكثير منهم من أجهل الناس بالأحكام القضائية

(٣٤) بل إن الظلم في محاكم تلك الدول أقل منه في محاكم البغدادي،بسبب جهل قضاته أو ضعف الرقابة عليهم،فأي فضل للبغدادي في فتح محاكم تشوه شرع الله

(٣٥) أما من جهة أخرى فإن محاكم البغدادي أسوء حالاً من محاكم الدول التي يكفرها هو وحزبه ، وذلك أن أبرز ما تنبز به تلك الأنظمة عدم نزولها للشرع

(٣٦) ليس في آحاد الناس بل في رموزها وقادتها ،وهذا ما نقمه المجاهدون على البغدادي وزمرته وقادته ،فإنهم تنكبوا شرع الله في أنفسهم وذويهم

(٣٧) وليس في الأموال فقط ،بل في أخطر المظالم وهي الدماء،فكم اتهم الناس البغدادي وجماعته بالقتل والظلم والتعدي على الأموال والدماء

(٣٨) وكم نادوا بالتحاكم إلى شرع الله،والبغدادي يقول تحاكموا إلى شرعي ومحاكمي وقضاتي،فقلي بربك أي فرق بينه وبين أشد الطواغيت الذي يكفرهم هو

(٣٩) فتمنعه عن تحكيم شرع الله على نفسه وحزبه ،إما أن يكون لعدم كفائة غير قضاته ،أو لعدم عدالة غيرهم أو لعدم إسلام غيرهم ،فأيّن كان الجواب

(٤٠) فهو يبين لك منزلة الأمة عند البغدادي وحزبه، وقد بينت الأحداث في الشام قيمة قضاء البغدادي واستخفافه بالدماء وأحكام الردة بالريحة

(٤١) وهل سمعتم حكماً على قائد من قادته ،على كثرة تجاوزاتهم وتعديهم وظلمهم، وما قصص أبي أيمن العراقي عنكم ببعيدة، فمن يأمن هذا القضاء الظالم!

(٤٢) ولست أقول هذا بسبب سماعي عنهم ،بل بسماعي منهم في مقاطعهم وبياناتهم التي يخرجونها بعد جرائمهم ،وتكييفات شرعييهم التي تضحك المحزون

(٤٣) فوالله لن تجد طالب علم أو من شم القضاء وعرف بعض أحكامه إلا يعجب كل العجب من تلك المهازل التي تقيمها تلك المحاكم الهزليلة الهزيلة

(٤٤) فلسنا والله نكره أن يطبق شرع الله في شبر من الأرض ،لكن شرع الله وليس شرع الطواغيت ،بأي شعار وأي صورة ،فلا تغرنك أخي الشعارات فهي السراب

(٤٥) هذا تعليق مختصر على هذه الشبهة ، وهي تحتمل أكثر من هذا ،لكن هذا ما جاد به الوقت والمحل، وفق الله الجميع للحق والسنة

(٤٦) الشبهة الرابعة التي شبهت بها داعش على أتباعها وعلى المتعاطفين معها قولهم لكل من ينكر عليهم تعدياتهم وتجاوزاتهم:لماذا لا تنكرون على الحكام

(٤٧) ويقولون :أنتم تسكتون أو تجاملون أو تطبلون لطواغيت قد حاربوا الإسلام والدعاة وسجنوا المصلحين ،فكيف نقبل نقدكم في الدولة وأميرها وقادتها!؟

(٤٨) وللجواب على هذا التلبيس نقول:قد كذبتم ثم صدقتم كذبتكم هذه ، فلا نعلم عالماً أو داعية ممن تنبزونهم بالسرورية إلا وهم نصحة للخاصة والعامة

(٤٩) وقد تكبدوا في سبيل ذلك كثيراً من السجن والتضييق والمتاعب ،وقد أخذوا من السجن أكثر مما أخذتم ،لكنكم تريدون نواعاً خاصاً من الإنكار

(٥٠) فهم على منهج السلف في إنكارهم وأمرهم ونهيهم ،ولا ينكرون على طريقتكم بالتكفير والتفجير والإفساد ،فهل أصبحت طريقتكم معياراً للأمة تحذوها!؟

(٥١) وليتك أخي تتبع طُرق الإنكار على الظلمة عبر التاريخ ،فستجد طريقتين ،طريقة سلفية نهجها الصحابة ومن بعدهم من الأئمة،وطريقة المبتدعة الخوارج

(٥٢) وليس من شرط العالم الصادق أن ينكر كل منكر ،فإن هذا أمر لا يطيقه أحد إلا أصحاب المعرفات الوهمية التويترية، وإنما كل مسلم ينكر ما يستطيع

(٥٣) ولم أجد أحداً في تاريخ المسلمين استطاع أن ينكر كل منكر في زمانه ، وإنما العبرة في عدم تسويغ ذلك المنكر وشرعنته ،ثم إنكار ما يمكن إنكاره

(٥٤) وهذا شاهد ذلك في شرعيي البغدادي وقضاته ،لم نجد لهم حرفاً في إنكار جرائم البغدادي وقادته وحزبه، خوفاً أو مداهنة ، إلا أن تقولوا بعصمتكم

(٥٥) ولقد رأينا من الواقع أن محاكم تلك الأنظمة التي تكفرونها ،تخرج الدواعش من سجونها أسراباً وتعتقل كثيراً ممن تسمونهم سرورية ،فأيهما أظلم!؟

(٥٦) إن العلماء الصادقين ينكرون المنكر بلا منكر ويأمرون بالمعروف بالمعروف ، وأنتم تريدون أن تنزلوا سواد الأمة على طريقتكم ومنهجكم مع جهلكم

(٥٧) ولو فرضنا صحة دعواكم ،بأن من ينكر على صاحب منكر لا يقبل منه حتى ينكر كل منكر سواه ،فمن سينطبق عليه هذا الشرط،من الأولين والآخرين !!؟؟

(٥٨) والله ما هذه إلا حيلة شيطانية للتنصل من كل محتسب عليكم ،وإذا أغلقتم باب الحسبة عليكم فالويل والثبور لمن يفعل ذلك ، لقد اتخذ إلهه هواه

(٥٩) وهذا ما دعاكم لرفض المحاكم المستقلة بهذه الحيل الشيطانية ،مع أنه لو دعاك يهودي للتاحكم لشرع الله لوجب عليك أن تجيبه ،فكيف بمسلم!!؟؟

(٦٠) إن رفضكم نصح الناصحين بهذه الدعاوي ،لم نسمعها والله من أصحاب الأنظمة الذين تكفرونهم،بل كم سمعت من ذهب لنصح بعضهم فكان أحسن جواباً منكم

(٦١) إن أصحاب الأنظمة ملوكاً وزعماء يتفاوتون في خيرهم وشرهم ولا ندافع عن أحدمنهم بل كل منهم له وعليه بين مقل ومستكثر،بل بعضهم هو مارق من الدين

(٦٢) لكن العبرة في العالم الصادق في طريقة التعامل معهم حسب شرع الله ودينه وليس حسب المصالح الشخصية والمواقف الخاصة ،كما تفعلون من حيث لا تشعرون

(٦٣) ألم تتركوا استهداف إيران لمدة عقود لأجل مصلحة الجهاد بزعمكم ،فلماذا تنكرون على شيوخ المصالح كما تزعمون، ألستم ترفضون نقد البغدادي علانية

(٦٤) فما الفرق بينكم وبين قطعان الجامية ،مع أن أميركم يظهر من الشعارات الإسلامية ما لم يظهره عمر بن عبدالعزيز ،وهو أبعد الناس عنها

(٦٥) ولا زلت أذكر حين كتبت بياناتي الخمسة عن دولتكم،كم راسلتموني على الخاص،وطلبتم مناصحته سراوعدم النقد العلني،ثم تعيرون من يطبق ذلك مع غيركم

(٦٦) هذا بعض البيان لهذه الشبهة الرابعة ،ولنا بإذن الله في الليالي القادمة وقفات مع شبهات أخرى بإذن الله
وفق الله الجميع وأرشدنا للحق والسنة

(٦٧) الشبهة الخامسة التي يلبس بها أتباع البغدادي على الناس،قولهم:لا تجعل خصمك مجاهداً أو شهيداً ،يحتج عليك يوم القيامة وهو يحمل رأسه

(٦٨) وهذه حجة عاطفية ،لا تحق حقاً ولا تبطل باطلاً ،فليس الجهاد أو الشهادة أعظم حرمة من التوحيد والإسلام ،ومع ذلك لم يكن التوحيد أو الإسلام..

(٦٩) كل ذلك ليس مانعاً من النقد والاحتساب عليه ،بل أعظم من ذلك ،فقد عاتب الله نبيه على مالم يرضه منه سبحانه وتعالى، ثم الصحابة من بعده

(٧٠) فقد اشتد الرسول ﷺ على بعض الصحابة في أمور لا تبلغ عشر معشار جرائم البغدادي وحزبه، ولم تكن صحبتهم وفضلهم وسابقتهم وجهادهم ما نعة من ذلك

(٧١) وهذه بدعة داعشية بامتياز، وهي العصمة لكل من حمل بندقية حتى ولو كانت موجهة إلى صدور المسلمين بله المجاهدين، فبأي دليل منعتم نقد المجاهد!؟

(٧٢) وهذا والله من أثر الجهل بالنصوص وبسيرة رسول الله ﷺ وأصحابه الكرام ،وإلا فأي جهاد كجهاد خالد،ثم يقال له:اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد

(٧٣) وأين فهمكم للجهاد من فهم عمر حين لبب خالد بثيابه وجره إلى أبي بكر ليحكم فيه بحكمه،ولم يقل خالد : يا عمر لا تجعل خصمك من قاد عشرات المعارك

(٧٤) وأينكم من موقف رسول الله ﷺ من أسامة بن زيد حين تأول في قتل رجل كان كافراً وأجرم في خيار الصحابة،ثم يأتيه من العتاب على قتله ما جعله يقول:

(٧٥) ما جعله يقول:حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت إلا هذا اليوم . فكيف لو رأى رسول اللهﷺ ما تأولتم فيه من قتل لخيار القادة والمجاهدين!؟ بالمئات

(٧٦) وأين نقد بغداديكم من محاسبة عموم المسلمين لقادة الجهاد العظام الذين فتحوا الأمصار وجندوا الجنود،وكانوا حصناً للأمة وللدين

(٧٧) ثم لم يكسبهم ذلك حصانة،بل مع فضلهم فقد نقدتهم الأمة واعترضت على تصرفاتهم التي تخالف الشرع،كما فعل ابن عمر وابن عوف مع خالد يوم بني جذيمة

(٧٨) ولولا ضيق المقام لذكرت أمثلة عديدة من نقد السلف الكبار من صحابة ومن بعدهم ،لقادة الجهاد الذين شهد بفضلهم القاصي والداني،أم أنكم استثناء!

(٧٩) ولعل أحدهم يقول:لو كان ما تفعلونه نقداً ونصحاً لقبلناه ،ولكنه تخوين وتبديع ورما تكفير لهؤلاء المجاهدين ،فكيف يقبلون منكم !؟ فأقول:

(٨٠) فأقول جواباً على هذا التلبيس:لقد رأيت أكثر من ينقدكم اليوم بشدة ويحذر من شركم ، في بداية نقدهم لكم ،كانوا أرفق بكم من الوالدة بولدها

(٨١) حتى أصابتهم الأذية من هذا الترفق بكم،لكن ذلك الرفق وللأسف لم يزدكم إلا غياً وتمادياً في دماءالمسلمين والمجاهدين وأموالهم وتلبيساً عليهم

(٨٢) ولقد اتخذتم من ذلك الترفق ،ذريعة لتمرير كثير من باطلكم وبغيكم ،حتى أصبح التعاطف معكم مشاركة في إجرامكم،وتحرج كل محب ومتعاطف معكم من ذلك

(٨٣) بل والله لقد رأيت من بغيكم على المتعاطفين معكم عند أول مخالفة لهم معكم،ما لم نره إلا من الرافضة واللبرالين وأضرابهم،فأين دينكم وجهادكم!؟

(٨٤) حتى أصبح سكوت العلماء عنكم مطلباً لكم ،لتمرروا من التلبيس مالا يعرفه أكثر الناس، وأصبح الناصحون من العلماء والدعاة لا يرون سعة في السكوت

(٨٥) ثم إن هذه الشبهة التي تلبسون بها وهي(لا تجعل خصمك شهيداً أو مجاهد) ترتد عليكم بأشد مما رميتم به أضعافاً مضاعفة ،وليس مثل دعواكم بل أشد

(٨٦) فكم سيخصمكم من شهيد قتلتموه بأتفه الحيل،ومجاهد كفرتموه بأمر هو لديكم أضعافا مضاعفة، وكم سيخصمكم من عالم صادق خونتموه ثم كفرتموه

(٨٧) عفواً عن عشرات الدعاة وطلبة العلم وعموم المسلمين الذين لم تتركوا لهم من حرمة الإسلام صغيرة ولا كبيرة ،فما هي حجتكم لهم يوم القيامة!!؟؟

(٨٨) ولا مخرج لكم من ذلك إلا بتكفير كل من خالفكم حتى لا يبقى لهم حق ولا حرمة-وهذا ما يفعله بعضكم بل كثير منكم- ثم تتباكون حين ترمون بالخوارج

(٨٩) وكل من يتابع معارفتكم ومقاطعكم وكلمات رموزكم ،يقطع بأنكم لا ترون مجاهداً ولا موحداً حقيقة إلا أنتم ، فهل زاد عليكم الخوارج بشيئ!!؟؟

(٩٠) هذا ما يتعلق بهذه الشبهة، وهي تحتمل أكثر من هذا الجواب ، لكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق ، وفق الله الجميع للحق والسنة ، وشكرالله لكم

(٩١) الشبهة السادسة التي يلبس بها أتباع البغدادي على الناس حتى اغتر بها بعض الفضلاء وهي ردهم على من اتهمهم بأنهم خوارج،فقالوا :

(٩٢) فقالوا:هذه أصول الخوارج معلومة -التكفير بالكبيرة،إنكار الشفاعة،عدم العمل بالسنة،تعطيل الصفات،الإمامة في غير قريش) فأي أصل وافقناهم فيه

(٩٣) والحقيقة أن هذه الشبهة قد اغتر بها حتى بعض طلبة العلم،بل بعض من يخالف الدواعش ،يقول:لا يصح وصفهم بأنهم خوارج لعدم قولهم بأصول الخوارج

(٩٤) وللجواب على هذه الشبهة نقول:ليس من شرط نسبة أحد إلى فرقة أو جماعة بدعية ،أن يقول بكل أصولهم وفروعهم ،بل يكفي أن يوافقهم في أهم أصولهم

(٩٥) فمن سب الصحابة فهو رافضي ،ولولم يلتزم أصول الرافضة كاملة من عصمة الأئمة وغيرها، ومن عطل بعض الصفات سمي معطلاً ولو أثبت كثيراً من الصفات

(٩٦) بل إن تسمية المعطلة بمختلف درجات تعطيلهم جهمية ،معروفاً عن كثير من الأئمة،مع أنهم لا يوافقون الجهمية في كثير من أصول الجهمية البدعية

(٩٧) وإذا أردنا معرفة أهم أصول الخوارج ،فهي الأوصاف التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة أحاديث في صحيح مسلم وبعضها في البخاري

(٩٨) وليس الأوصاف التي لحقت بهم بعد ذلك ،والتي أخذوها من المعتزلة أو غيرهم، فلو كانت تلك الأوصاف التي وافقوا فيه الفرق الأخرى هي أهم أصولهم

(٩٩) لم يحذر الرسول منهم ويترك تلك الفرق البدعية التي هي أصل تلك البدع،فلم يصح في فرق من النصوص التحذيرية ما صح في الخوارج،بسبب ما تفردوا به

(١٠٠) فكيف نتجاهل الأوصاف الواردة في النصوص،ونذهب لأوصاف بدعية هم فيها فرع وغيرهم أصل ،ولو كانت تلك الأوصاف هي المقصودة لكان التحذير من الأصل

(١٠١) فحري بنا معرفة أوصافهم التي وصفهم بها رسول الله أولاً،وليس الأوصاف التي اكتسبوها بعد ذلك من المدارس الكلامية،وسأذكر هنا أبرز تلك الأوصاف

(١٠٢) فأول أوصافهم تلك الحال التي أتى عليها جد الخوارج الأول حينما اعترض على رسول الله،بقوله:(اعدل يا محمد) إنه الاعتراض على طريقة الحكم حتى

(١٠٣) حتى ولو كان الحَكم رسول الله صلى الله عليه وسلم،والمتتبع للفكر الخارجي اليوم يجد هذا معلماً في سياستهم وتفكيرهم وتعاطيهم مع كل من سواهم

(١٠٤) وما أمر المحاكم المستقلة عنا ببعيد، فكم تحايلوا ليسقطوا شرعية كل حكم لا يخرج من دهاقينهم، ولم نجد لهم قبولاً لحكم مهما كان ذلك الذي حكم

(١٠٥) بل إنها هي أول ما هوش به الخوارج في طورهم الثاني على عثمان رضي الله عنه حتى أهدروا دمه،بدعاوي الظلم وتولية من ليس أهلاً في نظرهم القاصر

(١٠٦) أما في طورهم الثالث وهو خروجهم على علي رضي الله عنه،فأشهر من أن تذكر،إنها زوبعة الحاكمية وليس التكفير بالكبيرة كما يعتقد بعض المخدوعين

(١٠٧) فهذا وصفهم الأول ،وقد اقتفيتم سيرهم قذة بقذة، ولولم يكن إلا هذا لكفاكم مشابهة للخوارج ، ولكفانا مسوغاً لوصفكم بأنكم من الخوارج

(١٠٨) لقد اعتمدت الخوارج الأولى على مسائل الحاكمية وشغبوا بها حتى على رسول الله وخيرة الخلفاء من بعده وجلة أصحابة حتى أصبح من أسماءهم المحكمة

(١٠٩) ومن يتابع أطروحات الدواعش والمتعاطفين معهم يجدهم لا يكادون يخرجون عن هذه القضية، حتى كفروا بسببها كثيراً ممن خالفهم في بعض فروعها

(١١٠) هذا ما يتعلق بهذا الوصف،وسأكمل في الليالي القادمة بقية الأوصاف بإذن الله،وربما أطلنا في الجواب عن هذه الشبهة لكثرة ما وقع فيها من تلبيس

(١١١) هذ ااستكمالاً للجواب على الشبهة السادسة للدواعش وهي أن أوصاف الخوارج لا تنطبق عليهم،فقلنا أن الوصف الأول هو أنهم محكمة كما سبق تفصيله

(١١٢) أما الوصف الثاني فهو ما ذكره الرسول في قوله (حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام) ولا يشك أحد أن غالبية الدواعش يدورون بين هذين الوصفين أو بهما

(١١٣) بل الحقيقة أنهم تميزوا بهذا الوصف، فلا تكاد تجد فيهم صاحب سن أو صاحب علم أو صاحب سابقة ،فقد نابذهم أصحاب السن والعقل والسابقة

(١١٤) حتى بعض من كان يوافقهم في بعض أفكارهم وأطروحاتهم ،لم يستطع الاستمرار معهم ،لشدة غلوهم ،وتفرد حدثاء الأسنان فيهم بالرأي والقرار الخداج

(١١٥) وليس سراً أنك لا تكاد تجد في شرعيي داعش صاحب سن أو رسوخ علمي أو رأي عميق،عفواً عن غير الشرعي،أما عامة الأتباع والمتعاطفين فحدثاء الحدثاء

(١١٦) أما السفه في الأحلام فأشهر من أن يذكر ،ولا عليك أخي إلا أن تنظر لردودهم وردود المتعاطفين والمتعاطفات معهم ، على العلماء عفواً عن غيرهم

(١١٧) فإذا خالفهم عالم أو صاحب سابقة في العلم أو الدعوة أو حتى في الجهاد ،فانظر لردودهم عليه، وكيف يستحلون منهم كل محرم،حتى كأنهم يتكلمون عن

(١١٨) حتى كأنهم يتكلمون عن يهودي أو عن منافق معلوم النفاق بوحي من الله ، ولك عبرة في نقاشهم مع نخبة من العلماء الذين لا يحسبون على أي جهة

(١١٩) وكيف كفروا بعضهم وبدعوا وفسقوا، وكيف استخفوا بهم وبعلمهم،واتهموهم بالعمالة للمخابرات وغير ذلك من التهم التي لا تصدرإلا من سفهاء أحلام

(١٢٠) ألم يقل كبير المتعاطفين معهم والمنظر لأتباعهم ناصر الثقيل عن الشيخ البراك يستتاب من كلامه في الدستور المصري، فأي سفه بعد هذا السفه

(١٢١) أما كلامهم عن العلامة الطريفي الذي عرف فضله القاصي والداني في العلم والدعوة والاحتساب ومناصرة الجهاد، لكن انظر لقيمته عند الدواعش

(١٢٢) بل انظر لكلامهم عن رموز كانوا يقدسونهم ويعظمونهم ولهم من السابقة ما ليس للدواعش مجتمعين،مثل كلامهم عن رموزهم السابقة المعظمة لديهم سابقا

(١٢٣) مثل كلامهم عن الظواهري والجولاني وأبي مارية القحطاني والمقدسي والقنيبي والمحيسني وغيرهم ممن لا يمكن أن يتميزوا عليهم بشيئ في جهادأوغيره

(١٢٤) وليس كلامي في خلافهم مع غيرهم ،وإنما كلامي في طريقة خلافهم مع غيرهم من أهل الفضل والسابقة ،وكيف ينطبق عليه أنه خلاف سفهاء الأحلام حقيقة

(١٢٥) أم خلافهم مع عامة المسلمين من طلبة العلم وعامة،وعامة المجاهدين ،فشيئ مهول والله ،فهم يستحلون قذف مخالفهم وشتمه وتخوينه وتكفيره وحتى قتله

(١٢٦) ومن يرد شواهدا على ذلك فهو يعيش خارج التغطية ،فإن جولة في مجالسهم أو مواقعهم أو معرفاتهم أو مقاطعهم وجرائمهم المصورة تبين ذلك بجلاء

(١٢٧) لقد فرضوا على أنفسهم قطيعة عامة مع سواد الأمة عامتها وخاصتها، مما أورثهم هذا الحال الذي كان عليه الخوراج الأولى ،وهو تفرد حدثاءهم بالأمر

(١٢٨) ومن إعجازه صلى الله عليه وسلم أنه وصفهم بهذين الوصفين المقترنين في النص وفي واقعهم عبر العصور،فإن المجتمع الذي يغلب عليه حدثاء الأسنان

(١٢٩) لا بد أن يكون طابعه العام سفه الأحلام ،فلا يرعون لصاحب حق حرمة،ولا يعرفون لصاحب سابقة سابقته ،فهذا وصفهم النبوي يتحقق فيهم كالشمس

(١٣٠) فهل يحق لأحد أن يزعم أن أوصاف الخوارج لا تنطبق عليهم !؟ بل هي والله كما ذكرها صلى الله عليه وسلم حذو القذة بالقذة ،فهذا هو وصفهم الثاني

(١٣١) ولمزيد من التوضيح لهذه الصفة الفارقة ،انظر لمفردات القذف والتكفير والتفسيق والتخوين والتسفيه ،لعموم رموز الأمة علمياً ودعوياً وفكرياً

(١٣٢) في أطروحاتهم المختلفة،بل إن تكرر كلمة الردة والمرتد ومشتقاتها في خطاباتهم وبياناتهم تفوق أي كلمة أخرى ،وهذا نتيجة طبيعية للسفهه أحلامهم

(١٣٣) هذا ما يتعلق بهذه الصفة ،بل هي صفتان مقترنتان متلازمتان في النص وفي الواقع، ووالله لقد رأيت من فجورهم مع خصومهم مالم أره إلا من الرافضة

(١٣٤)  فهذه ثلاث صفات ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم،وبينا أن تحققها فيهم أوضح من الشمس في رابعة النهار،وسنكمل غداً الصفة الرابعة بإذن الله

وشكر الله لكم جميعاً

(١٣٥) بسم الله نستأنف الجواب على الشبهة السادسة للدواعش،وهي قولهم:أن أوصاف الخوارج لا تنطبق عليهم،وقد ذكرنا ثلاث صفات وردت في النص تنطبق عليهم

(١٣٦) والآن أذكر الصفة الرابعة للخوراج الواردة في صحيح السنة وهي(يقولون من خير قول البرية،يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)  فهذه صفتان

(١٣٧) وقد وردت في الصحيحين،فأما الصفة الأولى وهي أنهم يقولون من خير قول البرية ،وهذا تحذير نبوي حتى لا تغرنا العبارات والشعارات حتى نرى العمل

(١٣٨) فمن صفات الخوارج العبارات الرنانة (تطبيق الشريعة،الجهاد،رفع الظلم،الولاء والبراء) إلى آخر تلك العبارات التي لن تكون أحسن من عبارات سلفهم

(١٣٩) التي نادوا بها في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ووجه عثمان وعلي وبقية الصحابة وهي شعارهم إلى اليوم، كلمة حق يراد بها باطلاً كما وصفها علي

(١٤٠) وهذه خطابات البغدادي والعدناني وبقية حزبهم ،تسمع فيها من خير قول البرية ،فلما تدعوهم إلى تطبيق تلك الدعاوي فإذا هي علقم على المسلمين

(١٤١) وهذه الصفة الخارجية هي التي غرت كثيراً من الشباب والمتعاطفين معهم،وقد سمعت ذلك من بعضهم مرارا،لأن المسلم بطبيعته يميل لقول الله ورسوله

(١٤٢) بل من العجيب أن تجد من المصادفات اللطيفة،بعض العبارات في خطابت الدواعش هي بعينها في خطب الخوارج الأولين، وكذلك البدع تتعانق ولو بلا قصد

(١٤٣) فالمطالبة بالعدل، من العبارات التي تأسر النفوس وتدغدغ المشاعر، لكن لا تنس أنها قيلت من سلفهم المارقين لرسول الله صلى الله عليه وسلم

(١٤٤) فهل ستغرك عند ذلك!،وكذلك حين تسمع قول العدناني:فأعدوا للصحوات-وهم من خالفهم-المفخخات والكواتم ووووو ،وهذا ليس في حق النصيري بل المسلمين

(١٤٥) فإنك تتذكر قول سلفهم وهم يحمسون بعضهم لقتال خير أهل الأرض ،علي وأصحابه ، قوموا إلى الرواح ،قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض

(١٤٦) فهل يغرك بعد ذلك ،قولهم ولو كان من خير قول البرية ،كما أخبر بذلك الصادق المصدوق!؟
إن القول الجميل لا يكفي حتى يتبعه فعل جميل

(١٤٧) فهذا القول الجميل من الخوارج والاجتهاد في العبادة لم يمنعهم أن يمرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية ،فلا تخدع أخي بخطاباتهم وخطبهم

(١٤٨) ولعل بعضهم أن يقول:وهل نسكت عن القول الخير حتى لا نشابه الخوارج!؟ فأقول إن الذم لم يكن للخوارج على قولهم الجميل ،وإنما على تطبيقهم

(١٤٩) فبعد أن قالوا من خير قول البرية ،فعلوا أفعال شر البرية ،فخدعوا الناس بالبيان ،وذبحوهم عند التطبيق وأخرجوهم من دين الله أفواجاً وهذا

(١٥٠) وهذا عين ما يفعله الدواعش اليوم ،فخُطب عظيمة ،وخطبهم على المسلمين أعظم، فما من عالم ولا داعية ولا فصيل مجاهد ولا جماعة إلا يشتكي شرهم

(١٥١) فهل حجَزهم كلامهم عن قتل المسلمين والمجاهدين وعن تكفيرهم وتفسيقهم وتخوينهم ،حتى أصبح كل من يخالفهم في أرض الجهاد صحوات وهي مرادفة للردة

(١٥٢) فهذه هي الصفة الرابعة والخامسة وهي مقترنتان في الحديث وفي الواقع ،القول الجميل والفعل القبيح ،فالقول يغر السفهاء،والفعل يعتبره العقلاء

(١٥٣) ومن هذه الصفة تخرج الصفة السادسة لهم ،وهي ما رواه البخاري عن ابن عمر قال(انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين) 

(١٥٤) فتسمع الكلام والاستشهاد وذكرهم للنصوص ،فإذا هو من خير قول البرية ،فإذا تأملت مقاصدهم ،فإذا هو إخراج للمسلمين من دين الله أفواجاً

(١٥٥) فعندهم هذا مرتد وهذا كافر وهذا منافق وهذا عميل وهذا صحوات ،وكلهم حلال الدم والمال والعرض ،ويخاصمونك بأدلة نزلت في الكفار والمنافقين

(١٥٦) فلسنا بحاجة بعد ذلك لنحاقق في مسألة كلامية هل هم يكفرون بالكبيرة أم لا ،بل الواجب النظر في تطبيقهم وليس في تنظيرهم،فهو الذي ورد به النص

(١٥٧) فلا تغتر أخي باستشهاداتهم حتى تسمع كلام العلماء في دلالة تلك الأدلة حتى لا يخدعوك بذكر أدلة وحشدها على مسائل لا تدل عليها ،فالعلم العلم

(١٥٨) فهذا ما يتعلق بالصفة السادسة الثابته في حق الخوارج الأولين وهي في الدواعش كالشمس في رابعة النهار ،ومن عرفهم وخالطهم لم يخف عليه أمرهم

(١٥٩) أم الصفة السابعة فهي ماورد في الحديث الصحيح (يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وصيامه إلى صيامهم) لكن النتيجة أنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم

(١٦٠) فهذه الصفة هي العبادة على جهل حتى يغتر بعبادته وتغرّه نفسه ويحتقر الناس ثم يفسقهم ثم يكفرهم ثم يستحل قتلهم فإذا هو خارجي بامتياز

(١٦١) وهذا والله ما رأيته من بعضهم ،فهو يلتزم اليوم ويتتلمذ غداً ويتمشيخ بعده،ويتوغل في العبادة بما يغر به من حوله، وعبادة الجاهل داء عضال

(١٦٢) وسبحان الله كيف ورد التحذير منهم ،مهما ظهر لنا من حالهم في العبادة أو حسن الكلام أو الشجاعة والإقدام حتى لا يغتر به قليل العلم والمعرفة

(١٦٣) ومع ذلك لا زال شبابنا ينخدع لأحوالهم ويغتر بأقوالهم وكأنهم لم يسمعوا تلك النصوص الواردة فيهم،وقد كان سلفهم أكثر عبادة،ولم يغتر بهم السلف

(١٦٤) وناقشني والله من اغتر بعبادة بعضهم،وقال:كيف تبدعهم وقد جلست معهم أهل عبادة وقرآن وذكر ،فقلت له:ما زدتني فيهم إلا بصيرة،ألا تنظر لفعلهم!

(١٦٥) ومن تأمل حالهم وأوصافهم الواردة على لسان الصادق المصدوق ،وجدها شبه متلازمة،فحديث السن إذا تفرد بالأمر وغر من حوله بقوله وعبادته

(١٦٦) كانت النتيجة سفه الأحلام ،وذلك بالتجني على كل من يخالفهم وانتهاك حرماتهم ،وتجاهل حقوقهم ،وحتى سفك الدماء ،فأي سفه أشد من هذا السفه!؟

(١٦٧) فهل بعد هذا يعترض معترض على وصفهم بأنهم خوراج!
وقد رأيت أخي كيف انطبقت عليهم تلك الأوصاف الواردة في النصوص،ولم نقل فيهم مالم يثبت عليهم

(١٦٨) وقد اعترض احدهم البارحة ،بقوله أليس أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من حدثاء الأسنان ،وكان هذا من أسباب سخرية الكفار بهم ، فأقول له :

(١٦٩) أولاً:ليس وجود حدثاء الأسنان في صفوف المجاهدين أو الدعاة أو طلبة العلم هو الوصف الذي أراده صلى الله عليه وسلم،بل المقصود تفردهم بالأمر

(١٧٠) كما تجده عند الخوارج في القديم والحديث، إنما المحذور تفرد هؤلاء الحدثاء وتسفيههم لأهل العلم والرأي والسابقة ،واعتقادهم في أنفسم الكمال

(١٧١) كما نراه منهم جلياً ،إن الحدث إذا كان في سواد الأمة وتحت رأي أهل العلم والفكر والرشد ،كان وقوداً لعزة الأمة وخيرها ،فإن تفرد أفسد

(١٧٢) هذا ما يتعلق بهذه الصفة ، ولا زلنا في الشبهة السادسة وسأكملها غداً بإذن الله ، والمعذرة على الإطالة لكن الموضوع يستحق ذلك
وفقكم الله

(١٧٣) بسم الله
هذا استكمال للجواب عن الشبهة السادسة للدواعش وهي قولهم أن صفات الخوارج لا تنطبق عليهم، وقد ذكرنا سبع صفات تنطبق عليهم بلا شك


(١٧٤) وهذه الصفة الثامنة وهي( أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنوني» هذا قول الأمين صلى الله عليه وسلم لأولهم حينما خونه في قسمته، إنه التخوين

(١٧٥) وهذا حالهم اليوم وعبر تاريخهم ،التخوين ،وهم يبدأون بالحكام حتى لا ينكر عليهم أحد ،لما في الحكام من كثرة الخيانة ،ثم يتدرجون في التخوين

(١٧٦) حتى يلصلوا إلى تخوين العلماء قليلاً قليلاً حتى يصل بهم الحال إلى تخوين كل مخالف لهم ،مهما كان فضله وعلمه وجهاده ،وانظر لوصفهم للمجاهدين

(١٧٧) فإذا كان سلفهم خون من أمنه الله ،وخونوا عثمان وعلي، فما عسى أحفادهم اليوم يفعلون في عموم المسلمين ، ومن يخالفهم في جرائمهم ومجازرهم

(١٧٨) فلا تغرنك أخي عباراتهم الرنانة في تخوين المخالفين لهم ،فقد قالوها لأمين الله على دينه ووحيه ،وقالوها لخيرة الخلق بعد الأنبياء، الصحابة

(١٧٩) هذا هو الوصف الثامن لهم يطابقون فيه سلفهم بلا مرية ،فاحذر أخي المسلم والمجاهد أن يستجرك أهل البدعة لبدعتهم وقد حذرك رسول الله منهم

(١٨٠) أم الصفة التاسعة الواردة في الخوارج وهي تنطبق على تنظيم داعش فهي قوله ( يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم) وهذا في صحيح مسلم

(١٨١) وهذه والله قاصمة الظهر، حينما يحسب الشاب الغر الذي لم يحصل من العلم ما يبصره ،فيقرأ الآيات يظنها له وهي عليه وعلى منهجه وحزبه وجماعته

(١٨٢) ولعل أحدهم يقول: وكيف جعلت هذا الوصف علينا ،وربما تكونوا أحق بهذ الوصف،وهل تريد أن تسد علينا الاستدلال بآيات الله حتى لا نكون من الخوارج!

(١٨٣) فأقول:ليس الأمر كذلك رحمك الله ،فإن هذا الوصف مرتبط بوصف سابق وهو تفرد حدثاء الأسنان بالأمور،حتى أمور تنزيل النصوص،فوقعوا في هذا المزلق

(١٨٤) عند ذلك تتكامل فيهم أوصاف الخوارج بشكل لا يمكن انفكاكهم منه،وهذا والله إعجاز نبوي، وقد رأيت أحدهم البارحة يعترض ويقول: يكفينا الكتاب والسنة

(١٨٥) وهذه كلمة حق والله لو عرفوا فقهها ،وهل جهد الأئمة سلفاً وخلفاً إلا لفهم هذين الأصلين!!؟ ثم يقول أحدهم:لا تحتاج مع الكتاب والسنة إلى شيئ

(١٨٦) فقلي بربك أي فهم سيحصله شاب من كتاب الله وهو لم يحط بعلم آلة ولا علم غاية!؟
أي تسطيح للعلم والشرع أكثر من هذا ،لكنه غرور الشباب وجهله

(١٨٧) وهذا الأمر كان نتيجة حتمية لتخوين العلماء وتسفيههم ،حتى أغلقوا على أنفسهم باب الانتفاع من العلماء والاستفادة منهم في كيفية فهم النصوص

(١٨٨)حتى استقل هؤلاء الشباب بتفسير النصوص ثم تطبيقها ثم تنفيذ ما توصولوا إليه من أحكام ، وهي والله كما في الحديث يحسبونها لهم وهي عليهم

(١٨٩) وكم رأينا والله من هذا عجباً ،فهل يعي شبابنا هذا المزلق الخطير ،ويعودوا إلى العلماء وإلى سواد الأمة ولا يغتروا ،فمراجعة الحق خير لهم

(١٩٠) أما الصفة العاشرة التي رأيت توارد الخوارج الأولى والدواعش اليوم عليها فهي(سيماهم التحليق)وهذه الصفة هي من الشبه التي يهوّشون بها
(١٩١) فهي مع أنها من صفاتهم كما في الحديث ،فقد اتخذها خوارج اليوم مبرراً لهم من صفات الخوارج ،فقالوا نحن على النقيض من ذلك،فلا نكاد نحلق

(١٩٢) فالتحليق مع أنه سمة الخوارج الأولين، لكن التحلق في حد ذاته ليس هو الأهم، بل الأهم هو أنهم يجنحون إلى التميز عن الأمة فكراً وفعلاً وحتى شكلا

(١٩٣) فهذا الشعور بالتفرد والتوحد عن سواد الأمة هو المذكور في هذا النص وفي غيره ، لأن هذا يعكس حالة مرضية عند صاحبه، يوصله إلى احتقار من سواه

(١٩٤) ففي الحديث الآخر(من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة) وغيرها من النصوص التي تدعو إلى الدخول في عموم المسلمين وسوادهم ما دامو على السنة

(١٩٥) وهذا ما فقهه السلف فكانوا يجنحون إلى تطبيق السنن التي لا تشهرهم ولا تميزهم عن عموم المسلمين،كما كان يفعل بعضهم في تقصير الثوب وعدمه

(١٩٦) إن محاولة التميز والتمايز عن صفوف الأمة وسوادها وشعاراتها ومظاهرها،مدعاة للتميز عنها في عقيدتها وفكرها،وهذا ما وقع فيه الخوارج الأوائل

(١٩٧) فقد تميز الخوارج الأوائل عن الأمة بالظاهر وذلك بالتحليق ونحوه من التقشف المبالغ فيه، فلم يلبثوا أن تميزوا عنها بالفكر والمنهج ،ثم السيف

(١٩٨) وهذا ما نراه اليوم في الدواعش وفي كثير من المتعاطفين معهم أو يحمل فكرهم ،بإطالة الشعور المبالغ فيها ،ولبس السواد وطريقة اللثام وووو

(١٩٩) وليس لهم في ذلك أثارة من سنة أو أثر ،وإنما هو مرض التمايز عن سواد المسلمين،وأنا هنا لا أمتدح التحليق أو الشعر أو أذمهما فهما مجرد ظاهرة

(٢٠٠) إنما المقصود الدافع إلى ذلك التميز ،ثم أثره النفسي بعد ذلك وأثره الفكري والمنهجي والسلوكي ،الذي أورث أمراضاً معضلة وانحرافات خطيرة

(٢٠١) وإذا أخذنا في الاعتبار أن أكثر من يتأثر بهذه التميزات هم شريحة الشباب حدثاء الأسنان ،فإنك تجد هذه الظاهرة وهي حب التميز في الصالح وغيره

(٢٠٢) فلا تعجب من هذا في الشباب الصالح،فهو أثر لهذه المرحلة العمرية وربما طال به هذا الأثر كما نراه في غير الصالحين،من تتبع للموضات والتقليعات

(٢٠٣) وأذكر أن أحدهم حدثني وهو من أعقلهم ،قال:كنا في السجن إذا رأينا أحد الشباب وقد أطال شعره ،قلنا بيننا:هذا المنهج ، إعجاباً بفعله وشكله

(٢٠٤) وارتباط هذه الصفة وهي العاشرة بما قبلها من الصفات مهم لمعرفة النسق الفكري لهذه المجموعات في القديم والحديث ،وإدراك هذا الإعجاز النبوي

(٢٠٥) هذه هي الصفة العاشرة وهي من وجه آخر الشبهة السابعة للدواعش الذي ظنوا أن عدم وجود التحليق فيهم يكفي لإخراجهم من الخوارج ،وهذا جهل كبير

(٢٠٦) هذا مايتعلق بالوصف العاشر الذي وافق فيها خوارج اليوم خوارج الأمس ، وهي كذلك شبهتهم السابعة، وسأكمل غداً بإذن الله وصفهم الحادي عشر

وفق الله الجميع لطاعته ورضوانه
وأرحب بكل نقاش أو نقد في سبيل معرفة الحق
وإنقاذ شبابنا من براثن البدع والضلال
https://twitter.com/Alkareemiy
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق