ردي بأختصار ان اية التطهير نزلت خاصة بزوجات الرسول
وقالت عنهم في اخرها (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)
واما دعاء الرسول لعلي وفاطمة والحسن والحسين في رواية الكساء فهو دعاء لهم لذلك عندما حاولت ام المؤمنين ام سلمة ان تدخل معهم قال لها الرسول انكي على خير اي غير محتاجة لهذا الدعاء فانتي على خير سابق وهو الاية القرانية ..وعندي القرائن الدالة على صحة كلامي .
هذا ردي باختصار ..
اما ردي المفصل بعد الاستعانة بالله تعالى :
ويمنع كونه عاماً في جميع أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثالثاً.
وذلك كله ممتنع لأن لفظ (أهل البيت) في لغة العرب -التي خاطبهم الله تعالى بها في كتابه- أوسع من ذلك: فهو يتضمن الزوجة أولاً
، ثم من يشتمل عليه البيت من الأبناء والبنين والأب والأم وغيرهم ثانياً.
ثم يتسع -من بعد- ليعم الأقارب ثالثاً.
أما الزوجة فدلالة اللفظ عليها حقيقية، وكذلك الأولاد ومن في البيت. وأما الأقارب فمجازية.
واما دعاء الرسول لعلي وفاطمة والحسن والحسين في رواية الكساء فهو دعاء لهم لذلك عندما حاولت ام المؤمنين ام سلمة ان تدخل معهم قال لها الرسول انكي على خير اي غير محتاجة لهذا الدعاء فانتي على خير سابق وهو الاية القرانية ..وعندي القرائن الدالة على صحة كلامي .
هذا ردي باختصار ..
اما ردي المفصل بعد الاستعانة بالله تعالى :
يحتاج الإمامية ضرورة إلى الدليل القطعي الذي يقصر (أهل البيت) على علي وفاطمة والحسن والحسين أولاً.
ثم تعديته إلى تسعة من أحفادهم فقط ثانياً. ويمنع كونه عاماً في جميع أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثالثاً.
وذلك كله ممتنع لأن لفظ (أهل البيت) في لغة العرب -التي خاطبهم الله تعالى بها في كتابه- أوسع من ذلك: فهو يتضمن الزوجة أولاً
، ثم من يشتمل عليه البيت من الأبناء والبنين والأب والأم وغيرهم ثانياً.
ثم يتسع -من بعد- ليعم الأقارب ثالثاً.
أما الزوجة فدلالة اللفظ عليها حقيقية، وكذلك الأولاد ومن في البيت. وأما الأقارب فمجازية.
قال الراغب الاصفهاني في مفرداته:
أهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم مسكن واحد. ثم تجوز به فقيل: أهل بيت الرجل لمن يجمعه وإياهم نسب.
وقال: وعبر بـ(أهل الرجل) عن امرأته… و(تأهل) إذا تزوج ومنه قيل:
(أهّلك) الله في الجنة: أي زوجك فيها وجعل لك فيها أهلاً
وقال الرازي في مختار الصحاح: (أهَل) الرجل: تزوج. وبابه دخل وجلس. و(تأهل) مثله.
ولتعلم ان (أهل البيت) في القرآن هم الأزواج لا غير
فأصل معنى اللفظ وحقيقته الزوجة. وليس الأقارب. والقرآن جاء بذلك كما في قوله تعالى: { فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأْجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ } (القصص/29). ولم يكن معه غير زوجه.
وقول امرأة العزيز لزوجها: { مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً } (يوسف/25) أي بزوجتك. وقال عن لوط - عليه السلام - : { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرَأَتَهُ } (الأعراف/83).
وقال يحكي كلام الملائكة خطاباً لزوجة إبراهيم - عليه السلام - سارة: { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (هود/73).
وفي العموم فإن لفظ أهل البيت يعني سكنة البيت المجتمعين فيه كما أخبر الله تعالى عن يوسف - عليه السلام -. فإنه لما قال لإخوته: { وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } (يوسف/93) بيّن الله تعالى أنهم كانوا أباه وزوجة أبيه وأخوته، وذلك بقوله: { فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ* وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } (يوسف/99،100).
أما لفظ (أهل البيت) - بهذا التركيب: (( (أهل) مضافاً إلى (البيت) )) - فلم يرد في القرآن قط إلا في الزوجة فقط. وهو المعنى الحقيقي لـ(أهل البيت): فقد ورد في موضعين من القرآن لا غير أحدهما في زوجة إبراهيم - عليه السلام - وهو: { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (هود:73) والآخر في أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } (الأحزاب:33).
وحمل اللفظ على معناه الحقيقي هو الأصل. أما حمله على معناه المجازي دون الحقيقي فلا بدّ له من شرطين:
مانع يمنع حمله على معناه الحقيقي.
وقرينة أو دليل يصرفه إلى معناه المجازي. وكلا الأمرين مفقود في الآية: إذ لا مانع ولا قرينة إلا الهوى والتحكم المحض!
القرائن المرجحة لمعنى (الزوجة) في الآية
بل القرائن تؤكد المعنى الحقيقي تأكيداً جازماً. ونحن ،وإن كنا لا نحتاج لذكر هذه القرائن إذ يكفي أن نحتج بالأصل وهو حمل اللفظ على حقيقته وعدم وجود مانع منه، إلا أننا سنذكر بعض هذه القرائن زيادة في الفائدة لا أكثر:
أ) القرينة الاولى
سياق النص :
إن قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ليُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }
(الأحزاب/33)
هو جزء من آية لا يمكن بحال تجريدها منه وعزلها عنه وإلا اختل الكلام لفظاً ومعنى. فالآية جاءت في سياق كله حديث عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ورود الآية وبعدها.
يبدأ السياق بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } . ويستمر الكلام في خطابه لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } (الأحزاب/28-34). فقوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } جزء من آية ورد فيها مورد العلة والسبب الذي من أجله سيقت جميع الأوامر والنواهي المتقدمة. أي افعلن كذا ولا تفعلن كذا.
وما ذلك إلا لشرف المكان ورفعة البيت، كما أن الصلاة في (البيت) الحرام أو
أي (بيت) من بيوت الله مضاعفة، والمعصية كذلك: فإن الذي يسرق في بيت الله ليس
كمن يسرق في الشارع.
وبما أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - هن أهله وأهل بيته ، فقد جعل الله تعالى الثواب
والعقاب المتعلق بهن مضاعفاً، ولولا كونهن كذلك لما كان للمضاعفة مناسبة.
أيصح أن يصلي رجل في بيته ثم يريد أن يكون أجره كأجر المصلي في بيت الله ؟! أم يصح أن تضاعف عقوبة سارق من محل عام قياساً على عقوبة آخر سرق من بيت الله؟!
تكرر ذكر (البيت) في الخطاب السابق ثلاث مرات:
والبيوت المذكورة في الآية الأخيرة ليست بيوتاً أخرى غير البيوت التي ذكرت في الآيات الأولى، وإنما هي بيوت واحدة محددة تضاف مرة إلى أزواجه: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } ، { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ } ، ومرة تضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : { لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } . ولا شك أن هذه البيوت واحدة. فبيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - هي بيوت أزواجه. وبيوت أزواجه بيوته هو بلا فرق. إذ لا يعقل أن تكون لأزواجه بيوت خاصة بهن وللنبي بيوت أخرى غيرها. إذن البيت واحد وهو مشترك بين الجميع الذين هم أهله. فيضاف مرة إليهن، ومرة إليه حسب مقتضى الكلام. فإذا أطلق لفظ (البيت) من دون إضافة فليس هو غير البيت الواحد المشترك بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه.
ثم إن كل من يملك ذوقاً لغوياً عربياً يدرك بالفطرة أن دخول كلام أجنبي بين ثنايا كلام مسوق لقصد معين ممتنع في كلام العقلاء. فكيف بكلام الله ؟!!
وإذن ما علاقة الكلام عن عصمة أشخاص معينين بكلام مسوق لبيان أمور تختص بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحكام تختص ببيته وأهله؟!
سياق النص :
إن قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ ليُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }
(الأحزاب/33)
هو جزء من آية لا يمكن بحال تجريدها منه وعزلها عنه وإلا اختل الكلام لفظاً ومعنى. فالآية جاءت في سياق كله حديث عن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ورود الآية وبعدها.
يبدأ السياق بقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآْخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } . ويستمر الكلام في خطابه لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } (الأحزاب/28-34). فقوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } جزء من آية ورد فيها مورد العلة والسبب الذي من أجله سيقت جميع الأوامر والنواهي المتقدمة. أي افعلن كذا ولا تفعلن كذا.
لماذا كل هذا؟ ولماذا التشديد في العقوبة مع المخالفة ومضاعفة الأجر مع الموافقة؟ والجواب: لأن الله تعالى يريد لأهل هذا البيت وسكنته أن يكونوا طاهرين من كل ما يسيء إلى سمعته ومكانته بين الناس. لأن هذا البيت هو بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكل من انتمى إليه وكان من أهله وجب عليه أن يكون عمله وخلقه يليق وشرف هذا الانتماء، وإلا توجب عليه أن يخرج منه ويقطع علاقته به ثم ليفعل بعدها ما يشاء فإنه لن يحسب عليه، وعندها سيكون ثواب إحسانه وإساءته كغيره من المسلمين. أما إذا أصر على البقاء والانتماء فإن العقوبة - كالأجر- ستكون مضاعفة.
وما ذلك إلا لشرف المكان ورفعة البيت، كما أن الصلاة في (البيت) الحرام أو
أي (بيت) من بيوت الله مضاعفة، والمعصية كذلك: فإن الذي يسرق في بيت الله ليس
كمن يسرق في الشارع.
وبما أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - هن أهله وأهل بيته ، فقد جعل الله تعالى الثواب
والعقاب المتعلق بهن مضاعفاً، ولولا كونهن كذلك لما كان للمضاعفة مناسبة.
أيصح أن يصلي رجل في بيته ثم يريد أن يكون أجره كأجر المصلي في بيت الله ؟! أم يصح أن تضاعف عقوبة سارق من محل عام قياساً على عقوبة آخر سرق من بيت الله؟!
وأعلمي ياأخت جنان بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - هي بيوت أزواجه بلا فرق
تكرر ذكر (البيت) في الخطاب السابق ثلاث مرات:
الأولى في قوله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } . والثانية: في قوله تعالى: { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ } . وجاءت المرة الثالثة في قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } . ثم بعد عدة آيات يتكرر ذكر (البيت)، ولكن هذه المرة مضافاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } (53) وفي أخر هذه الآية قال تعالى: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } .
والبيوت المذكورة في الآية الأخيرة ليست بيوتاً أخرى غير البيوت التي ذكرت في الآيات الأولى، وإنما هي بيوت واحدة محددة تضاف مرة إلى أزواجه: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } ، { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ } ، ومرة تضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - : { لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ } . ولا شك أن هذه البيوت واحدة. فبيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - هي بيوت أزواجه. وبيوت أزواجه بيوته هو بلا فرق. إذ لا يعقل أن تكون لأزواجه بيوت خاصة بهن وللنبي بيوت أخرى غيرها. إذن البيت واحد وهو مشترك بين الجميع الذين هم أهله. فيضاف مرة إليهن، ومرة إليه حسب مقتضى الكلام. فإذا أطلق لفظ (البيت) من دون إضافة فليس هو غير البيت الواحد المشترك بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه.
والكرامة والتطهير والبركة نزلت على أهل هذا البيت- بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو بيت أزواجه بلا فرق. فإخراجهن من حكم الآية إسفاف وخروج عن العقل والعرف والذوق، ولا مسوغ له إلا التحكم بالكلام بغير ضابط، ولَيُّ أعناق النصوص بالهوى.
ثم إن كل من يملك ذوقاً لغوياً عربياً يدرك بالفطرة أن دخول كلام أجنبي بين ثنايا كلام مسوق لقصد معين ممتنع في كلام العقلاء. فكيف بكلام الله ؟!!
وإذن ما علاقة الكلام عن عصمة أشخاص معينين بكلام مسوق لبيان أمور تختص بأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحكام تختص ببيته وأهله؟!
أين موضع النص المناسب من القرآن؟
لو افترضنا أن النص (آية التطهير) معناه عصمة (الأئمة). فإن هذا يستلزم أن لا تكون للنص علاقة بما قبله، وما بعده من الكلام. ولا بد أن يكون موضعه في مكان آخر من القرآن! فأين يمكن أن نضعه ؟!
إن هذا النص هو روح الكلام ذلك كله، وعلته التي ابتني عليها، ومحوره الذي
يدور عليه. والعلاقة بينهما لفظية ومعنوية:
فمن حيث اللفظ فإن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - هن أهله. ولو أننا جردنا الآية من هذا الجزء لنقص الكلام واختل نظمه.
وأما من حيث المعنى فإن المقصود:
يا نساء النبي إن الله يريد لأهل هذا البيت أن يكونوا بعيدين عن كل ما يسيء إليه. فلا بد من فعل كذا، والابتعاد عن كذا. حتى يتحقق مراد الله، فيكون الثواب مضاعفاً. وإلا فإما أن تخرجن من هذا البيت بالطلاق. وإما أن يكون العقاب مضاعفاً بسبب انتمائكن لهذا البيت. إذن هذا الجزء المتمم للآية هو علة الكلام وروحه ومحوره. فكيف يجرد منه ؟!
محور سورة (الأحزاب) هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه رضي الله عنهن
إن المتدبر لسورة(الأحزاب) يجدها من البداية وإلى النهاية، موضوعها ومحورها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه. ففي أول السورة جاء قوله تعالى: { النَّبيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (الأحزاب/6). وما قبله تمهيد لا أكثر.
ثم ذكر الله غزوة الأحزاب، وبني قريضة الذين فتح المسلمون أرضهم، وغنموا أموالهم وديارهم. وبسبب تلك الأموال حصل الخلاف في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . لأن أزواجه صرن يطالبنه بالنفقة والتوسعة. فكان ذكر الغزوتين تمهيداً لذكر ما حصل في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبيان التوجيهات الربانية في شأن ذلك. وفيها جاء ذكر التطهير. ثم ذكر زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب رضي الله عنها زوجة متبناه زيد - رضي الله عنه - وما يتعلق به. وهو شأن خاص ببيت النبي. وفيه توجيه المؤمنين إلى الانشغال بذكر الله عوضاً عن الخوض بما يثيره الكفار والمنافقون من شبهات حول هذا الزواج. وهذا المعنى يشبه ما بدأت به السورة خطاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله جل وعلا: { يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين
... } (1-3) وتفسير له.
ثم قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ… } واستمرت الآيات تذكر أحكاما تتعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في علاقاته الزوجية البيتية. وفيها مكافأة الله تعالى لأزواجه بعد أن اخترنه على الحياة الدنيا وزينتها بقوله:
{ لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } .
ثم ذكر أدب الدخول إلى بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - . وحرمة أزواجه بحيث لا تكون مخاطبتهن إلا من وراء حجاب. وذكر تحريم الزواج بهن من بعده. ثم ذكر جواز تكليمهن مباشرة من قبل محارمهن كالآباء والأبناء…الخ.
واختتمت السورة بما بدأت به نفسه من ذم المنافقين والكافرين أو المشركين الذين نهى الله تعالى رسوله أن يسمع لهم أو يطيعهم في أهل بيته وما يشيعونه عنهم وأن يكون سمعه وطاعته لجهة واحدة هي جهة الوحي. فالبداية: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } (1،2). والنهاية: { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيما } (73). فالسورة كلها - بداية ونهاية - في النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه أهل بيته. والأحكام والآداب المتعلقة بذلك البيت. فما علاقة عصمة علي وأهله، أو غيره بهذا الموضوع ؟!
إن سبب نزول الآيات التي تضمنت هذا المقطع المسمى بـ(آية التطهير) أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. حينما طالبنه بالنفقة بعد غنائم بني قريضة من اليهود الذين قضى عليهم النبي بعد غزوة الأحزاب (الخندق) مباشرةً. ذلك أن يهود بني قريضة هم الذين ألبوا الأحزاب وتحالفوا معهم، فلما باءوا بالفشل وانصرف الأحزاب خائبين التفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حلفائهم من اليهود فأبادهم وغنم أرضهم وديارهم وأموالهم. فتنفس فقراء المسلمين لا سيما المهاجرون فصاروا يوسعون على بيوتهم ونسائهم. فطالبت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنفقة أسوة ببقية النساء. فنزلت الآيات بهذا الشأن. وقد بدأها الله تعالى بقوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } (الأحزاب/9).
واستمرت الآيات تذكر أحداث غزوة الأحزاب. ثم عرجت على بني قريضة، وكيف سلط الله عليهم نبيه - صلى الله عليه وسلم - :
وكان هذا التخيير، سببه مطالبة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه بالنفقة بسبب الأموال التي غنمها النبي - صلى الله عليه وسلم - من يهود قريضة.
ومن المعلوم في الأصول أن سبب النزول داخل في حكم الآيات النازلة من باب أولى. وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
إن المتدبر لسورة(الأحزاب) يجدها من البداية وإلى النهاية، موضوعها ومحورها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه. ففي أول السورة جاء قوله تعالى: { النَّبيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (الأحزاب/6). وما قبله تمهيد لا أكثر.
ثم ذكر الله غزوة الأحزاب، وبني قريضة الذين فتح المسلمون أرضهم، وغنموا أموالهم وديارهم. وبسبب تلك الأموال حصل الخلاف في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . لأن أزواجه صرن يطالبنه بالنفقة والتوسعة. فكان ذكر الغزوتين تمهيداً لذكر ما حصل في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . وبيان التوجيهات الربانية في شأن ذلك. وفيها جاء ذكر التطهير. ثم ذكر زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب رضي الله عنها زوجة متبناه زيد - رضي الله عنه - وما يتعلق به. وهو شأن خاص ببيت النبي. وفيه توجيه المؤمنين إلى الانشغال بذكر الله عوضاً عن الخوض بما يثيره الكفار والمنافقون من شبهات حول هذا الزواج. وهذا المعنى يشبه ما بدأت به السورة خطاباً للنبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله جل وعلا: { يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين
... } (1-3) وتفسير له.
ثم قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ… } واستمرت الآيات تذكر أحكاما تتعلق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في علاقاته الزوجية البيتية. وفيها مكافأة الله تعالى لأزواجه بعد أن اخترنه على الحياة الدنيا وزينتها بقوله:
{ لاَ يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلاَ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } .
ثم ذكر أدب الدخول إلى بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - . وحرمة أزواجه بحيث لا تكون مخاطبتهن إلا من وراء حجاب. وذكر تحريم الزواج بهن من بعده. ثم ذكر جواز تكليمهن مباشرة من قبل محارمهن كالآباء والأبناء…الخ.
ثم عظم من شأن أذى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أزواجه. وتوجيهه لهن مع بناته ونساء المؤمنين أن يدنين عليهن من جلابيبهن حتى لا يتعرضن للأذى والأقاويل. ثم تهديد المنافقين والذين في قلوبهم مرض الذين لا ينتهون عن ذلك. ثم توجيه المؤمنين أن لا يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفسه وأهله، كما آذى بنو إسرائيل موسى - عليه السلام - في أهله واتهموه بما يسيء إليهم. وأمرٌ لهم بأن يتقوا الله، ويقولوا قولاً سديداً. ويتذكروا عظم الأمانة التي حملهم الله إياها.
واختتمت السورة بما بدأت به نفسه من ذم المنافقين والكافرين أو المشركين الذين نهى الله تعالى رسوله أن يسمع لهم أو يطيعهم في أهل بيته وما يشيعونه عنهم وأن يكون سمعه وطاعته لجهة واحدة هي جهة الوحي. فالبداية: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } (1،2). والنهاية: { لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيما } (73). فالسورة كلها - بداية ونهاية - في النبي - صلى الله عليه وسلم - وأزواجه أهل بيته. والأحكام والآداب المتعلقة بذلك البيت. فما علاقة عصمة علي وأهله، أو غيره بهذا الموضوع ؟!
ب) القرينة الثانية
سبب نزول الآية :إن سبب نزول الآيات التي تضمنت هذا المقطع المسمى بـ(آية التطهير) أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -. حينما طالبنه بالنفقة بعد غنائم بني قريضة من اليهود الذين قضى عليهم النبي بعد غزوة الأحزاب (الخندق) مباشرةً. ذلك أن يهود بني قريضة هم الذين ألبوا الأحزاب وتحالفوا معهم، فلما باءوا بالفشل وانصرف الأحزاب خائبين التفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حلفائهم من اليهود فأبادهم وغنم أرضهم وديارهم وأموالهم. فتنفس فقراء المسلمين لا سيما المهاجرون فصاروا يوسعون على بيوتهم ونسائهم. فطالبت نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنفقة أسوة ببقية النساء. فنزلت الآيات بهذا الشأن. وقد بدأها الله تعالى بقوله:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا } (الأحزاب/9).
واستمرت الآيات تذكر أحداث غزوة الأحزاب. ثم عرجت على بني قريضة، وكيف سلط الله عليهم نبيه - صلى الله عليه وسلم - :
{ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمْ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَؤوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً * يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً } (الأحزاب/26-28).
وكان هذا التخيير، سببه مطالبة أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه بالنفقة بسبب الأموال التي غنمها النبي - صلى الله عليه وسلم - من يهود قريضة.
واستمرت الآيات تعالج هذا الموضوع الذي أثير في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . إلى أن قال تعالى: { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيراً } (الأحزاب/33-43).
ومن المعلوم في الأصول أن سبب النزول داخل في حكم الآيات النازلة من باب أولى. وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
===========
حديث الكساء
جاء في الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا).
ودلالة الرواية واضحة في أن الآية لم تنزل في هؤلاء الأربعة، ولا غيرهم من أقاربه. وإلا لما دعا لهم بما جاءت به الآية!
إذ ما معنى الدعاء لقوم بأمر محسوم ومتحقق قبل الدعاء؟
إنما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاءه ذلك رجاء أن يشمل الله بكرامته من دعا لهم.
وهذا يفسر لنا ما جاء في بعض ألفاظ الرواية من أن أم سلمة رضي الله عنها أرادت الدخول معهم، فردها قائلا: (إنك إلى خير).
وفي لفظ آخر: (أنت على مكانك وأنت على خير) أي لا داعي للدعاء لك. والآية قد نزلت فيك أصلا.
أما التحجج بأن قوله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم هؤلاء أهل بيتي) يعني أنه ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل سوى هؤلاء الأربعة ، وأن لفظ (أهل البيت) مقصور عليهم فقط ، فهذا باطل.
ولا أظن القائلين به - اللهم إلا إذا كانوا ممن لا علم لديهم بكلام العرب وصيغ التعبير به- يخفى عليهم أن هذه الصيغة لا تعني قصر اللفظ على المذكور فيه.
وإنما تعني أن المذكور من ضمن المقصود. كما تقول مشيراً إلى مجموعة من أصدقائك: (هؤلاء أصدقائي). أو (هؤلاء هم أصدقائي). ليس معناه أنه ليس لك من أصدقاء سواهم.
وتقول: (هؤلاء أخوتي). ولا يعني ذلك أنه ليس لك من إخوة سواهم.
وتشير إلى مجموعة من الشجعان وتقول: (هؤلاء هم الرجال)…الخ
وقد جاء هذا في القرآن كثيرا كما في قوله تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِْيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } (الحشر/8،9). ويستحيل أن يكون قصد الله قصر وصف (الصادقين) على المهاجرين، وإلا كان الأنصار كاذبين. ولا قصر وصف (المفلحين) على الأنصار، وإلا كان المهاجرون خاسرين.
وقوله تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم } (التوبة/36).
أي من الدين القيم. وإلا فإن الدين لا
يقتصر على هذه المسألة.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم هؤلاء أهل بيتي). أي من أهل بيتي وليس معناه أن هؤلاء هم أهل بيتي. لا أهل لي غيرهم.
وأنا اقول للاخت جنان :
إذا كانت هذه الصيغة تمنع دخول غير المدعو لهم في مسمى أهل البيت. فكيف تسلل تسعة آخرون إليه؟! مع أنهم لم يكونوا موجودين أو مخلوقين أصلاً يوم دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاءه ذلك – طبقاً إلى ما جاء في الرواية - !!
فإن قيل: لوجود أدلة أخرى.
يقال: الأدلة كلها تدل على أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - هن خصوص أهل بيته. وأولهم وأولاهم طبقاً إلى لغة العرب، ولغة القرآن، وعرف الناس الذي لم يتغير منذ خلق الله الخلق وإلى اليوم. تقول: (جاءت معي أهلي). وتقصد زوجتك. وبذلك عبرت زوجة عزيز مصر قائلة: { مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً } (يوسف/25). أي زوجتك. وبدلالة السياق. وسبب النزول. فكيف ساغ أن لا تنفع هذه الأدلة كلها. ولا تشفع لزوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن في بيته، ويكنَّ من أهله؟! بل يطردن منه. ولا يسمح لهن بدخوله، إلا بشرط أن يعترفن بأن البيت ليس بيتهن. وإنما يُقِمن فيه، أو ينزلنه كالمستأجرات. حتى إذا انتهت مدة الاستئجار، ومات الزوج خرجن منه مرغمات، مأزورات غير مأجورات؟!!!!!!!!
واخيرا ايها الاخت جنان :
إن القول بأن معنى الآية منصرف إلى علي وأهله فقط . يجعل البيت المذكور فيها بيت علي، لا بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - .!!!!
لقد كان لعلي - رضي الله عنه - حين نزول الآية بيت مستقل عن بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وهؤلاء الأربعة (علي وفاطمة والحسن والحسين) هم أهل بيت علي.
إذن لم يبق لبيت النبي مزية دون بيت علي!!
فلو جردناه منه كان بيت النبي لوحده مجرداً من هذا الفضل، وكان بيته تابعاً لا متبوعاً، وفرعاً لا أصلاً. فيكون قصر معنى النص على علي وأهله، ليس اتباعاً للمتشابه فحسب. وإنما هو قلة أدب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بتجريد بيته من هذا الفضل. فلا يكون فاضلاً بنفسه وإنما بالتبع لغيره. أما الحقيقة فإن بيت علي إنما كرم تبعاً لبيت النبي تبعية الفرع للأصل. وليس العكس.
============
لماذا جاء الخطاب في قوله تعالى: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } بالتذكير دون التأنيث فقال: (عنكم) ولم يقل: (عنكن)؟
فيه مغالطة كبيرة .
لأنه من المعروف جداً في لغة العرب أن الخطاب إذا اشترك فيه الذكور والإناث جاء بصيغة التذكير، وإلا كان خاصاً بالإناث. فلو قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُن الرِّجْسَ) لكان الحكم مقصوراً على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - دونه. وهذا لا يصح؛ إذ الكرامة بسببه هو. فهو المقصود بها أولاً. وأما أزواجه فلكونهن أهله أكرمن بها.
أما الخطاب بالتذكير فيشمل الذكور والإناث. وهو عامة لغة القرآن كقوله تعالى: { قد أفلح المؤمنون } (المؤمنون/1). وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ } (لقمان/8). وهكذا…
ثم إننا نقول: إن التعبير بلفظ (عنكم) أبلغ في مدح أمهات المؤمنين رضي الله عنهن. إذ أن الله تعالى جمعهن مع نبيه - صلى الله عليه وسلم - في ضمير واحد. فكأن الله يقول: لا فرق بين أي فرد من أفراد هذا البيت. لذلك اجتمعوا في الضمير نفسه. والتعبير بذلك أفخم وأدعى للتعظيم. وهو اللائق بأمهات المؤمنين. وذلك لا يخفى على عربي سليم الذوق.
ولقد تأملت في هذا الاعتراض فوجدته لا يخرج عن كونه موضوعاً للاستهلاك ومحاولة التملص من قبضة النصوص بأي وسيلة أو طريق ولو ملتوٍ أو مسدود. وإلا فإن المعترض في الوقت الذي يُخرج أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - من حكم النص - بحجة أنهن إناث والخطاب للذكور- يُدخل فاطمة رضي الله عنها فيه، مع إنها أنثى!!
إن الكيل بمكيالين دليل الهوى - شهد الله - لا أكثر.
بل اقول ولماذا قال تعالى { قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ } (هود:73)
لماذا الخطاب بصيغة التأنيث في صدر الاية ثم اصبح بصيغة التذكير فيما بعد ؟؟
=======================
اعيد الرد حتى لاتبقى حجة :
أما التحجج بأن قوله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم هؤلاء أهل بيتي) يعني أنه ليس للنبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل سوى هؤلاء الأربعة. وأن لفظ (أهل البيت) مقصور عليهم فقط . فهذا باطل. ولا أظن القائلين به - اللهم إلا إذا كانوا من عامة الناس، ممن لا علم لديهم بكلام العرب، وصيغ التعبير به- يخفى عليهم أن هذه الصيغة لا تعني قصر اللفظ على المذكور فيه. وإنما تعني أن المذكور من ضمن المقصود. كما تقول مشيراً إلى مجموعة من أصدقائك: (هؤلاء أصدقائي). أو (هؤلاء هم أصدقائي). ليس معناه أنه ليس لك من أصدقاء سواهم. وتقول: (هؤلاء أخوتي). ولا يعني ذلك أنه ليس لك من إخوة سواهم. وتشير إلى مجموعة من الشجعان وتقول: (هؤلاء هم الرجال)…الخ
وقد جاء هذا في القرآن كثيرا كما في قوله تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِْيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ } (الحشر/8،9).
ويستحيل أن يكون قصد الله قصر وصف (الصادقين) على المهاجرين، وإلا كان الأنصار كاذبين. ولا قصر وصف (المفلحين) على الأنصار، وإلا كان المهاجرون خاسرين.
وقوله تعالى: { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم } (التوبة/36).
أي من الدين القيم. وإلا فإن الدين لا
يقتصر على هذه المسألة.
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : (اللهم هؤلاء أهل بيتي). أي من أهل بيتي وليس معناه أن هؤلاء هم أهل بيتي. لا أهل لي غيرهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق