الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

جواب استأذنوا النبي في أن يكتبوا عنه فلم يأذن لهم



جواب استأذنوا النبي في أن يكتبوا عنه فلم يأذن لهم


##

ذكر لنا أحد المعلمين في سياق أحد الدروس أن الرسول نهى عن كتابة شيء عنه عدا القرآن، و لم يوضح لنا المعلم سببا لذلك. فلماذا أمر الرسول بذلك؟ و لم كتب الحديث رغم نهيه صلى الله عليه و سلم عن ذلك؟

###

أجاب عنها فضيلة الشيخ: فريح بن صالح البهلال

الحمد لله، اختلف السلف - رضي الله عنهم - في جواز كتابة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضهم أجازها، وبعضهم منعها.
ثم استقر الأمر وثبت الإجماع منهم على جوازها إجماعاً قطعياً قد بني على أدلة ناصعة وثابتة على إباحة كتابته عنه - صلى الله عليه وسلم -.
قال الإمام البخاري جبل الحفظ وإمام الدنيا في ثقة الحديث - رحمه الله تعالى -: " باب كتابة العلم، حدثنا ابن سلام، قال: أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن مطرف، عن الشعبي، عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي: " هل عندكم" هل عندكم كتاب قال: " لا إلا كتاب الله أوفهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة ".
قال: قلت: " وما في هذه الصحيفة ؟ قال: " العقل وفاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر ".
حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن خُزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم، فركب راحلته، فخطب، فقال: " إن الله حبس عن مكة القتل أو الفيل - شك أبو عبد الله - وسُلط عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنون، ألا وإنها لم تحل لأحد فبلي، ولا تحل لأحد بعدي ألا وإنها أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا تلتقط ساقطتها إلا لمنشد، فمن فتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعقل، وإما أن يقاد أهل القتيل " فجاء رجل من أهل اليمن، فقال: " اكتب لي يا رسول الله، فقال: اكتبوا لأبي فلان، فقال رجل من قريش: إلا الأذخر " حدثنا علي بن عبد الله، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو، قال: أخبرني وهب بن منبه، عن أخيه، قال: سمعت أبا هريرة يقول: " ما من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب، تابعه معمر، عن همام، عن أبي هريرة.
حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: لما اشتد بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وجعه قال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده قال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا ".
فاختلفوا وكثر اللغط، قال: ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين كتابه " صحيح البخاري ( 1 / 36 ) كتاب العلم.
قال الإمام عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني - عليه رحمة الله تعالى: " في الأنوار الكاشفة ص 63: " وفي بعض روايات حديث أبي هريرة في شأن عبد الله بن عمرو: " استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكتب بيده ما سمع منه فأذن له رواه الإمام أحمد والبيهقي، قال في فتح الباري ( 1: 185 ): إسناده حسن، وله طرق أخرى ... " انظر فتح الباري ( 1 / 207 ) رقم 113. " .
وله مشاهد من حديث عبد الله بن عمرو نفسه جاء من طرق / راجع فتح الباري، والمستدرك ( 1: 104 ) ومسند أحمد أحمد محمد شاكر رحمه الله، الحديث 6510 ، وتعليقه، وقد اشتهر صحيفة عبد الله بن عمرو التي كتبها عن النبي - صلى الله لعيه وسلم -، وكان يغتبط بها، ويسميها الصادقة، وبقيت عنه ولده يروون منها " اهـ.
ونص الحديث عند أحمد ما يلي: " حدثنا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله بن الأخنس، أخبرنا الوليد بن عبد الله، عن يوسف ابن ماهِك، عن عبد الله بن عمرو، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشر، يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال: " اكتب فوا الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق " اهـ شرح المسند لأحمد شاكر ( 10 / 15 ) رقم 6510.
إسناده صحيح رجاله ثقات.
وأما الإجماع على جواز كتابة الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنها ما يلي:
قال ابن الصلاح في علوم الحديث ص162: " ثم زال ذلك الخلاف، وأجمع المسلمون على تسويغ ذلك، وإباحته، ولولا تدوينه في الكتب لدرس في الأعصر الآخرة. والله أعلم " اهـ.
وقال العلامة القاضي عياض في إكمال المعلم ( 8 / 553 ) رقم 3004 بعد ذكره للخلاف في ذلك: " ثم وقع بَعْدُ الاتفاق على جوازه؛ لما جاء منه -عليه السلام - من إذنه لعبد الله بن عمرو في الكتاب ".
وقال الحافظ في فتح الباري ( 1 / 204 ): " الأمر استقر، والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم ".
وقال العلامة أحمد محمد شاكر في الباعث الحثيث ص 132، 133:
" وقد حكي إجماع العلماء في الأعصار المتأخرة على تسويغ كتابة الحديث، وهذا أمر مستفيض، شائع ذائع من غير نكير ... ثم ذكر الخلاف في أول الأمر بين السلف ثم قال: " ثم جاء إجماع الأمة القطعي بعد قرينة قاطعة على أن الإذن هو الأمر الأخير، وهو إجماع ثابت بالتواتر العملي عن كل طوائف الأمة بعد الصدد الأول - رضي الله عنهم أجمعين " اهـ.
وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في تهذيب السنن ( 5 / 246 ) رقم 3499، 3500 في المسألة نفسها: " وقع الاتفاق على جواز الكتابة، وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقل القليل " اهـ.
إذا تقر هذا، فأعلم أنه ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - النهي عن كتابة شيء عنه غير القرآن، وذلك مثل ما أخرجه الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - في المسند ( رقم 11085، 11087، 11158، 11344، 11536 )، والإمام مسلم في الصحيح ( 4 / 2298 ) رقم 3004، والدارمي في سننه ( 1 / 126 ) رقم 456، وابن حبان في صحيحه ( 1 / 265 ) رقم 64، والحاكم في المستدرك ( 1 / 127 )، وابن عبد البر في جامع يبان العلم وفضله ( 1 / 77 ) رقم 306.
من طريق همام بن يحيى، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: " لا تكتبوا عني شيئاً غير القرآن، فمن كتب عني شيئاً غير القرآن، فليمحه ".
تابع هماماً سفيان بن عيينة، قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أنهم استأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في أن يكتبوا عنه ؟ فلم يأذن لهم ".
رواه الدارمي ( 1 / 126 ) رقم 457، والترمذي ( 5 / 38 ) رقم 2665 هذا لفظ الدارمي، ولفظ الترمذي: " استأذنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المتابة، فلم يأذن لنا ".
قال الترمذي: وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضاً، عن زيد بن أسلم رواه همام عن زيد بن أسلم " اهـ.
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه ".
رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله ص77 رقم 307 وقد أجاب أهل العلم عن هذه الأدلة بنحو ما يلي:

الأول: قالوا: إن حديث أبي سعيد لم يصح مرفوعاً.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 1 / 208 ): " ومنهم من أعله، وقال: الصواب: وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره ".
وقال الحافظ المزي في تحفة الأشراف ( 3 / 408 ) رقم 4167: " رواه أبو عوانة الإسفرائيني عن أبي داود السجتاني، عن هدبة - بقصة الكتابة - وقال أبو داود: " وهو منكر، أخطأ فيه همام، هو من قول أبي سعيد الخدري مرفوعاً: " لا تكتبوا عني ... الخ، والثاني زيد بن ثابت " اهـ بتصرف.
الثاني على فرض صحة هذه الأحاديث فقد أجاب عنها أهل العلم بأجوبة صحيحة، منها قول المعلمي في الأنوار الكاشفة ص36: " فهذه الأحاديث وغيرها ... إن لم تدل على صحة قول البخاري وغيره: إن حديث أبي سعيد غير صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنها تقتضي بتأويله، وقد ذكر في فتح الباري أوجها للجمع، والأقرب ما يأتي:
" قد ثبت في حديث زيد ابن ثابت في جمعه القرآن: " فتتبعت القرآن أجمعه من العُسُب واللخاف " ، وفي بعض رواياته: ذكر القصب، وقطع الأديم .. وهذه كلها قطع صغيره، وقد كانت تنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الآية والآيتان فكان بعض الصحابة يكتبون في تلك القطع، فتجتمع عند الواحد منهم عدة قطع في كل منها آية أو آيتان أو نحوهما، وكان هذا هو المتيسر لهم، فالغالب أنه لو كتب أحدهم حديثاً لكتبه في قطعة من تلك القطع، فعسى أن يختلط عند بعضهم القطع المكتوب فيها الأحاديث بالقطع المكتوب فيها الآيات، فنهوا عن كتابة الحديث سداً للذريعة " اهـ بتصرف يسير.
قلت: يعني المعلمي - رحمه الله تعالى - أن أحاديث النهي عن الكتابة منسوخة للأحاديث المبيحة، وقد صرح بذلك غير واحد.
قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن ( 5 / 245 ) رقم 3497: " قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الكتابة، والإذن فيها، والإذن متأخر فيكون ناسخاً لحديث النهي؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في غزاة الفتح: " اكتبوا لأبي شاه " يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبد الله بن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي؛ لأنه لم يزل يكتب، ومات، وعنده كتابته، وهي الصحيفة التي كان يسميها " الصادقة " ولو كان النهي ن الكتابة متأخراً لمحاها عبد الله لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحو ما كتب عنه غير القرآن، فلما لم يمحها، وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا وضح والحمد لله.
وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في مرض موته: " ائتوني باللوح والدواة والكتف لأكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً "، وهذا إنما يكون كتابة كلامه بأمره وإذنه.
وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم كتاباً فيه الديات وفرائض الزكاة وغيرها، وكتبه في الصداقات معروفة، مثل كتاب عمر بن الخطاب، وكتاب أبي بكر الصديق الذي دفعه إلى أنس - رضي الله عنهم -.
وقيل لعلي: " هل خصكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء ؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما علم القرآن وتميز وأفرد بالضبط والحفظ، وأمنت عليه مفسدة الاختلاط أذن في الكتابة " اهـ.
قلت وهذا الجمع بين أدلة النهي عن الكتابة وبين الإذن بجوازها أولى وأقرب للصواب؛ لأنه لا يعدل إلى الجمع إلا بعد تعذره، والجمع هنا أمكن بحمد الله - كما ترى -.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجعين.

من موقع الشيخ محمد بن ابراهيم الحمد


http://www.toislam.net/question/show...rder=3&num=147

==========


جواب لماذا نهى الرسول عن تدوين أحاديثه


http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?p=84757#post84757


##
عن أبي هريرة أنه قال : خرج علينا رسول الله ونحن نكتب الأحاديث ، فقال : (ما هذا الذي تكتبون ؟ قلنا : أحاديث نسمعها منك ، قال : أكتاب مع كتاب الله ؟ امحضوا كتاب الله وخلصوه ، أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى) ، قلنا : أنحدث عنك يا رسول الله ؟ قال : (حدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) ، قلنا : فنتحدث عن بني إسرائيل ؟ قال : حدثوا ولا حرج ، فإنكم لن تحدثوا عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه) .
قال أبو هريرة فجمعناها في صعيد واحد فألقيناها في النار ، وفي رواية أخرى عن أبي هريرة أنه قال : بلغ رسول الله أن ناسًا كتبوا حديثه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : (ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم ، إنما أنا بشر ، من كان عنده منها شيئاً فليأت به) ، فجمعناها وأحرقت ، فقلنا يا رسول الله : نتحدث عنك ؟ قال : (حدثوا ولا حرج ، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبـوأ مقعده من النار) .

###


أحاديث النهي عن الكتابة:


لم يصح سوى 


1- حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم : لا تكتبوا شيئًا عنِّي إلا القرآن، ومن كتب عني شيئًا فليمحه. {صحيح مسلم}


أما باقي ما ورد من أحاديث في النهي عن الكتابة- على قلتها- لا تسلم من الطعن، مثل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن أكتب الحديث، فأبى أن يأذن لي.
وفي رواية: استأذنا النبي صلى الله عليه وسلم في في الكتاب فأبى أن يأذن لنا- وفي سند هذا الحديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف.
- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، ونحن نكتب الأحاديث فقال: ما هذا الذي تكتبونه؟ قلنا: أحاديث سمعناها منك، قال: أكتابًا غير كتاب الله تريدون؟ ما أضل الأمم من قبلكم إلا ما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله... وفي رواية فجمعناها في صعيد واحد فألقيناها في النار.
وراوي هذا الحديث أيضًا هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وسبقت الإشارة إلى ضعفه- وحديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، أمرنا ألا نكتب شيئًا من حديثه.
وفي رواية: إن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى أن يُكتب حديثه.
وفي سند هذا الحديث كثير بن زيد وهو ضعيف، بالإضافة إلى علة أخرى في الحديث وهي الانقطاع.
فلم يبق من أحاديث النهي إلاَّ حديث أبي سعيد الذي رواه الإمام مسلم، مع ملاحظة أن رواته تفردوا به، قال الخطيب البغدادي: تفرد همام بروايته هذا الحديث عن زيد بن أسلم هكذا مرفوعًا.



صحيح مسلم. الإصدار 2.07 - للإمام مسلم


72 - (3004) حدثنا هداب بن خالد الأزدي. حدثنا همام عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تكتبوا عني. ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني، ولا حرج. ومن كذب علي - قال همام أحسبه قال - متعمدا فليتبوأ مقعده من النار".
[ش (لا تكتبوا عني) قال القاضي: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم. فكرهها كثيرون منهم، وأجازها أكثرهم. ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف. واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي. فقيل: هو في حق من يوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة، إذا كتب. وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه. كحديث "اكتبوا لأبي شاه" وحديث صحيفة علي رضي الله عنه، وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات. وحديث كتاب الصدقة ونصب الزكاة الذي بعث به أبو بكر رضي الله عنه أنسا رضي الله عنه حين وجهه إلى البحرين. وحديث أبي هريرة؛ أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب. وغير ذلك من الأحاديث وقيل: إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث. وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن. فلما أمن ذلك، أذن في الكتابة وقيل: إنما نهي عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة؛ لئلا يختلط، فيشتبه على القارئ]. صحيح مسلم - كتاب الزهد والرقائق >> 16 - باب التثبت في الحديث، وحكم كتابة العلم

إن حديث أبي سعيد لم يصح مرفوعاً.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 1 / 208 ): " ومنهم من أعله، وقال: الصواب: وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره ".
وقال الحافظ المزي في تحفة الأشراف ( 3 / 408 ) رقم 4167: " رواه أبو عوانة الإسفرائيني عن أبي داود السجتاني، عن هدبة - بقصة الكتابة - وقال أبو داود: " وهو منكر، أخطأ فيه همام، هو من قول أبي سعيد الخدري مرفوعاً: " لا تكتبوا عني ... الخ، والثاني زيد بن ثابت " اهـ بتصرف.

أنْ يكون النهي فيه خاصّا بكتابة غير القرآن في صفحة واحدة مع القرآن إرادة عدم كتابة شيء ـ مع كتاب الله ـ في كتاب واحد
قال الخطيب :وفي ذلك دليلٌ على أنّ النهي عن كتب ما سوى القرآن إنّما كان على الوجه الذي بيّناه من أن يضاهى بكتاب الله تعالى غيره ... فلمّا أمن ذلك ،ودعت الحاجة إلى كتب العلم ، لم يكره كتبه ،كما لم تكره الصحابة كتابة الشتهّد ،ولا فرق بين التشهّد وبين غيره من العلوم ، في أنّ الجميع ليس بقرآن / كتاب تقييد العلم


===========

هذا رد من كتاب الأنوار الكاشفة

هل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة الحديث
قال أبو رية (ص23): (وقد جاءت أحاديث صحيحة وآثار ثابتة تنهى كلها عن كتابة أحاديثه صلى الله عليه وسلم).
أقول: أما الأحاديث فإنما هي حديث مختلف في صحته، وآخر متفق على ضعفه.
فالأول: حديث مسلم وغيره عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً: {لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ -قال همام: أحسبه قال: (متعمداً)- فليتبوأ مقعده من النار} هذا لفظ مسلم. وذكره أبو رية مختصراً، وذكر لفظين آخرين، وهو حديث واحد.
والثاني: ذكره بقوله: (ودخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث وأمر إنساناً أن يكتبه فقال له زيد: [[إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه. فمحاه]].
وقد كان ينبغي لأبي رية أن يجري على الطريقة التي يطريها وهي النقد التحليلي فيقول: معقول أن لا يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة أحاديثه لقلة الكتبة وقلة ما يكتب فيه والمشقة، فأما أن ينهى عن كتابتها ويأمر بمحوها فغير معقول، كيف وقد أذن لهم في التحديث فقال: {وحدثوا عني ولا حرج}.
أقول: أما حديث أبي سعيد ففي فتح الباري (1/185): (منهم -يعني الأئمة- من أعلّ حديث أبي سعيد وقال: الصواب وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره (أي: الصواب أنه من قول أبي سعيد نفسه، وغلط بعض الرواة فجعله عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أورد ابن عبد البر في كتاب العلم (1/64) قريباً من معناه موقوفاً عن أبي سعيد من طرق لم يذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم. وأما حديث زيد بن ثابت فهو من طريق كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: دخل زيد بن ثابت.. إلخ. وكثير غير قوي، والمطلب لم يدرك زيداً. أما البخاري فقال في صحيحه (باب: كتابة العلم) ثم ذكر قصة الصحيفة التي كانت عند علي رضي الله عنه، ثم خطبة النبي صلى الله عليه وسلم زمن الفتح وسؤال رجل أن يكتب له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اكتبوا لأبي فلان) وفي غير هذه الرواية (لأبي شاة) ثم قول أبي هريرة: [[ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب وأنا لا أكتب]] ثم حديث ابن عباس في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: {ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده} وفي بعض روايات حديث أبي هريرة في شأن عبد الله بن عمرو: {استأذن رسول الله صلى اله عليه وسلم أن يكتب بيده ما سمع منه فأذن له} رواه الإمام أحمد و البيهقي. قال في فتح الباري (1/185): (إسناده حسن، وله طريق أخرى...) وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو نفسه جاء من طرق، راجع فتح الباري والمستدرك (1/104) ومسند أحمد بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله الحديث: (6510) وتعليقه. وقد اشتهرت صحيفة عبد الله بن عمرو التي كتبها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يغتبط بها ويسميها (الصادقة)، وبقيت عند ولده يروون منها، راجع ترجمة عمرو بن شعيب في تهذيب التهذيب. أما ما زعمه أبو رية أن صحيفة عبد الله بن عمرو إنما كانت فيها أذكار وأدعية فباطل قطعاً. أما زيادة ما انتشر عن أبي هريرة من الحديث عما انتشر عن عبد الله بن عمرو؛ فلأن عبد الله لم يتجرد للرواية تجرد أبي هريرة، وكان أبو هريرة بالمدينة وكانت دار الحديث لعناية أهلها بالرواية، ولرحلة الناس إليها لذلك، وكان عبد الله تارة بمصر، وتارة بالشام، وتارة بالطائف، مع أ نه كان يكثر من الأخبار عما وجده من كتب قديمة باليرموك، وكان الناس لذلك كأنهم قليلو الرغبة في السماع منه، ولذلك كان معاوية وابنه قد نهياه عن التحديث.
فهذه الأحاديث، وغيرها مما يأتي إن لم تدل على صحة قول البخاري وغيره: إن حديث أبي سعيد غير صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تقضي بتأويله، وقد ذكر في فتح الباري أوجهاً للجمع، والأقرب ما يأتي: قد ثبت في حديث زيد بن ثابت في جمعه القرآن: [[فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف]] وفي بعض رواياته ذكر: [[القصب وقطع الأديم]]. وقد مر قريبا (ص20)، وهذه كلها قطع صغيرة، وقد كانت تنزل على النبي صلى الله عليه وسلم الآية والآيتان فكان بعض الصحابة يكتبون في تلك القطع فتتجمع عند الواحد منهم عدة قطع في كل منها آية أو آيتان أو نحوها، وكان هذا هو المتيسر لهم، فالغالب أنه لو كتب أحدهم حديثا لكتبه في قطعة من تلك القطع، فعسى أن يختلط عند بعضهم القطع المكتوب فيها الأحاديث بالقطع المكتوب فيها الآيات، فنهوا عن كتابة الحديث سداً للذريعة.

http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=70367


##
وظلت كراهة التدوين سائدة حتى التابعين فجاء أن القاسم ابن محمد ومنصور بن المعتمر ومغيرة والأعمش وإبراهيم كانوا يكرهون كتابة الحديث ، وفي تعبير إبراهيم أنهم كانوا يكرهون الكتاب .

###

عن الأعمش عن الحسن قال إن لنا كتباً نتعاهدها وفي حديث أبي يزداذ قال الحسن إن عندنا كتباً نتعاهدها أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي، حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع، حدثنا جرير عن الأعمش عن الحسن قال إنما نكتبه لنتعاهد ، يعني الحديث. / تقييد العلم

أن كراهة من كره الكتاب من الصدر الاول إنما هي لئلا يضاهي بكتاب الله تعالى غيره أو يشتغل عن القرآن بسواه ونهي عن الكتب القديمة أن تتخذ لأنه لا يعرف حقها من باطلها وصحيحها من فاسدها مع أن القرآن كفى منها وصار مهيمنا عليها ونهي عن كتب العلم في صدر الإسلام وجدته لقلة الفقهاء في ذلك الوقت والمميزين بين الوحي وغيره لأن اكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين ولا جالسوا العلماء العارفين فلم يؤمن أن يلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن ويعتقدوا أن اشتملت عليه كلام الرحمن / تقييد العلم


##
كما جاء عن الضحاك بن مزاحم أنه قال : لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف .
وعنه أيضًا أنه قال : يأتي على الناس زمان يكثر فيه الأحاديث حتى يبقى المصحف بغباره لا ينظر فيه

###

ليس فيما ذكر الضحاك نهي عن كتابة الحديث انما يرى ان لا يجمع الحديث في شكل كراريس او كتاب ككرايس المصحف
وأمّا كتابة الحديث منفصلاً وبعيداً عن كراريس القرآن فلا نهي فيه , لعدم وجود خوف الاختلاط

الضحّاك بن مزاحم الهلالي (ت105هـ) ـ و هو ينهى عن كتابة الحديث في نفس الأوراق التي يكتب فيها القرآن ـ : لا تتّخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف / تقييد العلم

كان يكره أن تكتب الأحاديث في الكراريس، و يشبّه بالمصاحف.
وأمّا كتابة الحديث منفصلاً وبعيداً عن كراريس القرآن فلا نهي فيه , لعدم وجود خوف الاختلاط.
ـ إنّ النهي يدور مدار علّته ،وهي خوف الاختلاط ،فإذا زالت العلّة في موردٍ لم يثبت النهي .

##
وعن شعبة الحجاج أنه أوصى ولده سعد بأن يغسل كتبه ويدفنها من بعده ، ولما مات قام سعد بتنفيذ الوصية ، وقال سعد : كان أبي إذا اجتمعت عنده كتب من الناس أرسلني بها إلى البازجاه ، فأدفنها في الطين .

###

هذا الامر ليس متعلق بكتابة الحديث انما كان بعض المتقدمين، إذا حضرته الوفاة، أتلف كتبه، أو أوصى بإتلافها، خوفاً من أن تصير إلى من ليس من أهل العلم، فلا يعرف أحكامها، ويحمل جميع ما فيها على ظاهره، وربما زاد فيها ونقص، فيكون ذلك منسوباً إلى كاتبها في الأصل. وهذا كله وما أشبهه قد نقل عن المتقدمين الاحتراس منه. انما الامر خوف صيران العالم إلى غير أهله وذلك من دفن الكتب واتلافها

طالع كتاب تقييد العلم


ان الخشية من اختلاط القرآن في السنة كان لها مثال في الكتب السماوية السابقة
و اود ان أذكر ان الخشية من اختلاط كلام الله و كلام البشر في محلها لان الواقع يخبرنا ان في الكتاب المقدس حدث هذا الخلط عندما اضيفت رسائل بولس التي نسب فيها اقواله للمسيح وادعى انه تلقاه وحيا من السيد المسيح واضيفت الي الكتاب المقدس للمزيد راجع كتاب منهجية جمع السنة و جمع الاناجيل / عزية علي طه

واضيف انا قائلا مثال آخر على اختلاط كلام المسيح مع غيره في الكتاب المقدس الذي حفز النصارى باصدار نسخة للكتاب المقدس اطلق عليها الكتاب المقدس بالحروف الحمراء حتى يميزوا كلام المسيح عن كلام غيره الذي اختلط في الكتاب المقدس



The term red letter edition is used to describe Bibles in which words attributed to Jesus are printed in red ink to make them stand out.
The red letter edition was invented by Louis Klopsch, then editor of The Christian Herald magazine in 1899, and first published in 1900. This style of bible instantly became popular, and is sometimes favored by Christians in the United States. Especially in King James Bibles, this format can be useful as quotation marks are not used. Also, less common in some study bibles is that which is called "Blue Letter Edition", which in most cases is a bible that emphasizes on the fulfilled prophecies of Christ in blue ink. Called a "Blue Letter Bible" this form of bible is usually used by scholars as these sorts of bibles usually contain a large concordance or the Apocrypha


http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=11833


##

أخرى عن أنس أنه قال : لولا أخشى أن أخطأ لحدثتكم بأشياء قالها رسول الله  سمعت رسول الله  يقول : من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار

###

الجواب في نص الحديث اذ ان العلة في عدم حديثه هو الخشية من الخطأ وليس نهى عن الحديث

##

اقتباس:
ومثل ذلك روي عن صهيب حيث سئل عن علة عدم تحدثه عن رسول الله  كما يحدث غيره من أصحاب النبي  ؟ فقال : أما إني قد سمعت ما سمعوا ولكن يمنعني أن أحدث عنه إني سمعته يقول  : من كذب عليَّ فليتبوأ مقعده من النار ، وكلف يوم القيامة أن يقعد بين شعرتين ، ولن يقدر على ذلك

###

هذا نوع من الورع لانه يخشى ان يخطا
لا لخوفهم من الكذب المتعمد، القائم على الزور والبهتان، وإنما قصدوا الكذب غير المتعمد، الذي هو خطأ الراوي برواية ما يخالف الواقع، وهذا الحذر هو الذي حملهم على الاستشهاد بالحديث.


##
وأخرج البخاري والدارقطني عن السائب بن يزيد قال : صحبت عبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود فلم أسمع الواحد منهم يحدث عن رسول الله .
===

كما جاء عن عبد الله بن أبي بكر في رواية طويلة أن عمر بن الخطاب ردّ على أبي بن كعب فيما رواه من حديث النبي  ، وقال له : لتأتني على ما تقول ببينة ، فذكر أبي ذلك لجماعة من صحابة النبي  ، فقالوا : قد سمعنا هذا من رسول الله  ، فقال عمر : أما إني لم أتهمك ولكني أحببت أن أتثبت .
###


في البداية نذكر ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بالتبليغ عنه اما موضوع الخشية من التحدث سنرد عليه في موضعه

امر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه

حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد: أخبرنا الأوزاعي: حدثنا حسان بن عطية، عن أبي كبشة، عن عبد الله بن عمرو:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار).

ورواية اخرى

ليبلغ الشاهد الغائب

67 - حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر قال: حدثنا ابن عون، عن ابن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه:
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره، وأمسك إنسان بخطامه - أو بزمامه - قال: أي يوم هذا. فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قال: (أليس يوم النحر). قلنا: بلى، قال: (فأي شهر هذا). فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: (أليس بذي الحجة). قلنا: بلى، قال: (فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه).البخاري كتاب العلم.


علم هؤلاء الصحابة عظم المسؤولية وهم يحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانوا وقافين عندما يتيقنون من روايته، فقد روى الإمام البخاري وغيره من طريق عبد الله بن الزبير، قال: قلت للزبير: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان، قال: أما أني لم أفارقه، ولكن سمعته يقول: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار"(33) وأخرج البخاري من رواية أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: إنه ليمنعني أن أحدثكم حديثاً كثيراً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار"(34)، وكذلك روي عن أبي قتادة الأنصاري.

وهؤلاء الصحابة الأجلاء -الزبير وأنس وأبو قتادة- استدلوا بهذا الحديث لا لخوفهم من الكذب المتعمد، القائم على الزور والبهتان، وإنما قصدوا الكذب غير المتعمد، الذي هو خطأ الراوي برواية ما يخالف الواقع، وهذا الحذر هو الذي حملهم على الاستشهاد بالحديث. يقول الإمام ابن حجر معقباً على حديث الزبير -رضي الله عنه-: "والثقة إذا حدث بالخطأ، فحمل عنه وهو لا يشعر أنه خطأ، يعمل به على الدوام للوثوق بنقله، فيكون سبباً للعمل بما لم يقله الشرع، فمن خشي من الإكثار الوقوع في الخطأ لا يؤمن عليه الإثم إذا تعمد الإكثار، فمن ثم توقف الزبير وغيره من الصحابة عن الإكثار من التحديث"(35).

ولقد كان الصحابي إذا حدث فزع وخشي على نفسه من الزلل والخطأ، لشدة ورعه في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روي عن عمرو بن ميمون قال: كنت آتي ابن مسعود كل خميس، فإذا قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم انتفخت أوداجه ثم قال: "أو دون ذلك، أو فوق ذلك، أو قريب ذلك، أو شبيه ذلك، أو كما قال"(36)، وهذا أبو هريرة يسأل عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقوى على التحديث ويغمى عليه كلما هم بالتحديث(37).

ولشدة الحديث على بعض الصحابة كان ينتظر وقتاً طويلاً حتى يحدث، فقد روي عن ابن عمر أنه كان يأتي عليه الحول قبل أن يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(38)، وكان زيد بن أرقم يقول: والكلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد. وعن السائب بن يزيد قال: "صحبت عبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص والمقداد بن الأسود فلم أسمع أحداً منهم يتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أني سمعت طلحة بن عبيد الله يتحدث عن يوم أحد"(39).

ولم يترك أمر الرواية إلى الصحابة -رضي الله عنهم- دون سؤالهم عن رواياتهم، والتحري عن دقتهم، وطلب البينة على الحديث الذي يروونه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاءت الجدة إلى أبي بكر -رضي الله عنه- تسأله عن ميراثها، فقال لها، مالك في كتاب الله شيء، ولا علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فقال: المغيرة بن شبعة -رضي الله عنه- حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر(40).

وهكذا شرع أبو بكر في طلب الدليل والبرهان الشاهد على دقة الصحابي وضبطه، ثم سار عمر -رضي الله عنه- على منهج أبي بكر، بل شدد في السؤال، وتوعد من يحدث دون أن يقيم البينة على حديثه.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه (أن أبا سعيد الخدري قال: كنا في مجلس عند أبي بن كعب، فأتى أبو موسى الأشعري مغضباً، حتى وقف فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: استئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع؟ قال أبي: وما ذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب ثلاث مرات، فلم يؤذن لي، فرجعت، ثم جئته اليوم فدخلت عليه. فأخبرته أني جئت بالأمس فسلمت ثلاثاً، ثم انصرفت، قال: قد سمعناك، ونحن حينئذٍ على شغل، فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك؟ قال: استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال (عمر): فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا)(41) -وفي رواية: (أقم عليه البينة وإلا أوجعتك)(42). وفي رواية أخرى: (وإلا فلأجعلنك عظة)(43)-(فقالوا: لا يشهد لك على هذا إلا أصغرنا، فقام أبو سعيد فقال: كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني عنه الصفق بالأسواق)(44). وقد أخرج الإمام مسلم تعقيباً لأبي بن كعب -رضي الله عنه- قال لعمر: (فلا تكن يا بن الخطاب عذاباً على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: سبحان الله، إنما سمعت شيئاً فأحببت أن أتثبت)(45).

فهذه القصة -التي أطلنا في ذكر روايتها وتفاصيلها- توقفنا على منهج عمر في الرواية وحرصه على التثبت فيها، علماً بأن أبا موسى الأشعري من المهاجرين السابقين والصحابة الكبار. وليس طلب عمر -رضي الله عنه- للبينة تهمة لأبي موسى الأشعري، ولا يعني أن عمر -رضي الله عنه- لا يقبل خبر الواحد العدل، وإنما قصد أن يوجه الصحابة إلى طلب التحري والتثبت، وألا يحدث أحدهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بما تيقن من روايته وحفظه، وقد جاءت زيادة عن مالك في الموطأ أن عمر قال لأبي موسى: (أما إني لم أتهمك، ولكني أردت ألا يتجرأ الناس على الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)(46)

وكذلك كان موقف عمر -رضي الله عنه- من المغيرة بن شعبة، فقد أخرج الإمام البخاري من رواية المغيرة بن شعبة (قال: سأل عمر بن الخطاب عن إملاص المرأة -وهي التي يُضرب بطنها فتلقي جنينها- فقال: أيكم سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً؟ فقلت: أنا. فقال: ما هو؟ قلت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فيه غرة عبد أو أمة. فقال: لا تبرح حتى تجيئني بالمخرج فيما قلت)(47).

وهكذا فقد طبع الحديث في زمن عمر -رضي الله عنه- بهذا المنهج من التحري والضبط والتوقي من حديث لا شاهد عليه ولا بينة، وليس ذلك تهمة للصحابة الكرام، ولا تقليلاً من شأنهم، بل هو حب سنة النبي صلى الله عليه وسلم لتبقى صحيحة، مهيبة الجانب، بعيدة عن الأوهام، لقد ظهرت هذه البداية المنهجية مع بدء الرواية، ثم أخذت أشكالاً أخرى غير طلب الشاهد على الرواية كتتبع الروايات والطرق، والبحث عن المتابعات، وكانت هذه الطريقة المنهجية في وقتها المناسب، إذ تعلم الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- من خلالها درساً جعلهم لا ينطقون ولا يروون إلا ما كانوا على يقين منه، فتجنبوا الغرائب والظنون البعيدة. ولو تأخرت هذه المنهجية -لا قدر الله- لا تسعت الروايات دونما ضابط، ولما أمكن ضبطها بعد ذلك بالمناهج، فكان فضل الله على هذه الأمة عظيماً.


(33) أخرجه الإمام البخاري 1/200 (بهامش فتح الباري) وأبو داود في سننه 4/63.

(34) أخرجه الإمام البخاري 1/201 (بهامش فتح الباري).

(35) فتح الباري 1/201.

(36) الكامل لابن عدي 1/32.

(37)جامع الترمذي (4/591-593).

(38) الكامل لابن عدي 1/30.

(39)الكامل لابن عدي 1/30.

(40) الكفاية للخطيب البغدادي ص: 66-67، أخرجه الإمام مالك في الموطأ.

(41)أخرجه الإمام مسلم في صحيحه 3/1696، والإمام البخاري في صحيحه 11/26 (بهامش فتح الباري).


=============


الفكر المنهجي عند المحدثين » المنهج في زمن الصحابة


http://eltwhed.com/vb/showthread.php?p=102251#post102251

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق