مصطلح الحديث 1- تعريف الحديث:
1- تعريف الحديث:
2- لغة: ضد القديم، ويستعمل في اللغة أيضاً حقيقة في الخبر.
قال في القاموس: الحديث: الجديد والخبر.
واصطلاحاً: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل أو تقرير، أو وصف خِلقي أو خُلُقي.
والخبر عند علماء هذا الفن مرادف للحديث. فلا فرق إذن عند الجمهور بين الحديث والخبر.
فالتعريف المختار للحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف خِلقي أو خُلُقي، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
================
مصطلح الحديث 2- تعريف السنة
2- تعريف السنة
لغة: السيرة والطريقة المعتادة، حسنةً كانت أو قبيحة.
وفي اصطلاح بعض العلماء: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والأكثرون يرون أنها تشمل أيضاً ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
الفريق بني السنة والحديث شمول الوصف الخلقي.
أما الأثر: فيسمى تعريف بغامض، وهذا هو المعتمد، لأنه مأخوذ من أثرت الحديث إذا رويته.
فالحاصل: أن هذه العبارات الثلاثة: الحديث، الخبر، الأثر تطلق عند المحدثين بمعنى واحد هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة خِلقية أو خُلُقية، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
==============
مصطلح الحديث 3- أقسام علم الحديث علم الحديث رواية. علم الحديث دراية. ما الفرق بين علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية. مصطلح الحديث خصيصة للمسلمين.
3- أقسام علم الحديث
ينقسم علم الحديث إلى قسمين: علم الرواية وعلم الدِّراية.
علم الحديث رواية:
تعريفه: علم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابي، أو التابعي وهو الذي عليه الأكثر وأفعاله، وتقريراته، وصفاته، وروايتها، وضبطها، وتحرير ألفاظها.
موضوعه: موضوع هذا العلم هو: ذات النبي صلى الله عليه وسلم من حيث أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم.
فائدته: العصمة عن الخطأ في نقل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته.
غايته: الفوز بالسعادة في الدارين.
فضله: هو من أشرف العلوم، لأنه تُعرف به كيفية إتباع النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا الله تعالى بإتباعه في قوله: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158].
وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [ آل عمران: 31 ].
علم الحديث دراية:
تعريفه: علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن.
موضوعه: هو السند والمتن من حيث التوصل إلى معرفة المقبول والمردود.
فائدته: معرفة ما يقبل وما يرد من الأحاديث .
غايته: حفظ الحديث النبوي من الخلط والدَّس والافتراء.
ما الفرق بين علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية ؟
الجواب: أن علم الحديث دراية يوصل إلى معرفة المقبول من المردود بشكل عام، أي بوضع قواعد عامة. أما علم رواية الحديث فإنه يبحث في هذا الحديث المعين الذي تريده ، فيبين بتطبيق تلك القواعد أنه مقبول أو مردود، ويضبط روايته وشرحه ، فهو إذن يبحث بحثاً جزئياً تطبيقاً ، فالفرق بينهما كالفرق بين النحو والإعراب ، وكالفرق بين أصول الفقه وبين الفقه.
مصطلح الحديث خصيصة للمسلمين:
لما جعل الله هذا الدين خاتمة الرسالات والأديان وتعهد بحفظه وصونه، اختص هذه الأمة بأن وفقها لحفظ كتاب ربها وصيانة حديث نبيها. فإذا بها تبتكر لحفظ الحديث قواعد المصطلح على أدق منهج علمي يمكن أن يوجد للاستثبات من النصوص المروية وتمحيصها.
==============
مصطلح الحديث 4- أدوار علوم الحديث. الدور الأول: دور النشوء. أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة. ظهور الوضع ووسائل المكافحة. الدور الثاني: دور التكامل. الدور الثالث: دور التدوين لعلوم الحديث المختلفة. الدور الرابع: عصر التآليف الجامعة وانبثاق فن علوم الحديث مدوناً. أهم كتب علوم الحديث. الدور الخامس: دور النضج والاكتمال في تدوين فن علوم الحديث. مؤلفات استوفت أنواع علوم الحديث. الدور السادس: عصر الركود والجمود. الدور السابع: دور اليقظة والتنبه في هذا العصر.
الدور الأول: دور النشوء.
وذلك في عصر الصحابة الممتد إلى نهاية القرن الأول الهجري.
عوامل حفظ الصحابة للحديث:
1- صفاء أذهانهم وقوة قرائحهم، ذلك أن العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب. والأمي يعتمد على ذاكرته فتنمو وتقوى لتسعفه حين الحاجة.
2- قوة الدافع الديني، ذلك أن المسلمين أيقنوا أن لا سعادة لهم في الدنيا، ولا فوز في الآخرة، ولا سبيل للمجد والشرف، ولا إلى المكانة بين الأمم إلا بهذا الإسلام.
3- مكانة الحديث في الإسلام، فإنه كما عرفت ركن أساسي دخل في تكوين الصحابة الفكري وسلوكهم العلمي والخلقي.
4- أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الصحابة سيخلفونه في حمل الأمانة وتبليغ الرسالة، فكان يتّبع الوسائل التربوية في إلقاء الحديث عليهم، ويسلك سبيل الحكمة كي يجعلهم أهلاً لتَحمل المسؤولية، فكان من شمائله في توجيه الكلام:
أ- أنه لم يكن يسرد الحديث سرداً متتابعاً، بل يتأنّى في إلقاء الكلام ليستقر في الأذهان.
ب- أنه لم يكن يطيل الأحاديث.
جـ- أنه صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يعيد الحديث لتعيه الصدور.
5- أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم قوة حتى كان أفصح البشر مما جعل كلامه ذا قربة أدبية يتذوقه الصحابة ويحفظونه.
6- كتابه الحديث: وهي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال، وقد كانت أحد العوامل في حفظ الحديث.
فكتابة الحديث مرت بمرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة جمع الحديث في صحف خاصة بمن يكتب دون أن تتداول بين الناس، وهذه بدأت منذ عهده صلى الله عليه وسلم وبإذنه.
المرحلة الثانية: الكتابة التي تقصد مرجعاً يعتمد عليه ويتداولها الناس وهذه بدأت في القرن الثاني للهجرة.
وكانت في كل من هاتين المرحلتين مجرد جمع للأحاديث في الصحف غالباً لا يُراعى فيها تبويب أو ترتيب معين، ثم جاء دور التصنيف الذي اتخذت فيه الكتابة طابع التبويب والترتيب في منتصف القرن الثاني، وبلغ أوجه وذروته في القرن الثالث المعروف بعصر التدوين.
أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة:
أولاً: تقليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية أن تزل أقدام المكثرين بسبب الخطأ أو النسيان، فيقعوا في شبهة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعرون.
ثانياً: التثبت في الرواية عند أخذها وعند أدائها.
ثالثاً: نقد الروايات وذلك بعرضها على نصوص وقواعد الدين فإن خالفت النصوص القطعية أو القواعد الدينية ردوها وتركوا العمل بها.
ظهور الوضع ووسائل مكافحته:
برز قرن الفتنة التي أدت إلى مقتل الإمام الشهيد عثمان بن عفان، ثم مقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين رضي الله عنهما، وظهرت الفرق المنحرفة، وراح المبتدعة يبحثون عن مستندات من النصوص يعتمدون عليها في كسب أعوان لهم، فعمدوا إلى الوضع في الحديث، فاختلقوا على رسول الله صلى الله عليه سلم ما لم يقل، فكان مبدأ ظهور الوضع في الحديث منذ ذلك الوقت.
وقد انتدب الصحابة للمحافظة على الحديث، واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة.
ومن ذلك أنهم:
أولا: عنوا بالبحث في إسناد الحديث وفحص أحوال الرواة بعد أن كانوا من قبل يرجحون توثيق من حدثهم.
ثانياً: حث علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة ، وألاّ يأخذوا إلا حديث منْ يُوثق به ديناً وورعاً، وحفظاً وضبطاً، حتى شاعت في عرف الناس هذه القاعدة:
إنما هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذونها.
ثالثاً: الرحلة في طلب الحديث ، لأجل سماعه من الراوي الأصل والتثبت منه. وقد وافتنا أخبار رحلاتهم بالعجيب المستغرب، إذ بلغ بهم الأمر أن يرحل الرجل في الحديث الواحد مسافة شاسعة، على الرغم مما كان في مواصلاتهم من المشقات والتعب.
رابعاً: ومن طرق معرفة الوضع والضعف في الحديث عرض حديث الراوي على راوية غيره من أهل الحفظ والإتقان.
الدور الثاني: دور التكامل .
اكتملت علوم الحديث في هذا الدور، إذ وجدت كلها واحداً واحداً، وخضعت لقواعد يتداولها العلماء وذلك من مطلع القرن الثاني إلى أول الثالث.
فقد جدّت في هذا العصر أمور أهمها:
1- ضعف ملكة الحفظ عند الناس.
2- طالت الأسانيد وتشعبت بسبب بُعد العهد وكثرة حملة الحديث، حيث حمل الحديث عن كل صحابي جماعات كثيرة تفرقوا في البلاد، فكثرت الأحاديث ودخلتها العلل الظاهرة والخفية .
3- كثرت الفرق المنحرفة عن جادة الصواب والمنهج الذي كان عليه الصحابة والتابعون.
فنهض أئمة الإسلام لمواجهة هذه الضرورات ووضعوا لكل طارىء ما يسد الثغرة التي حصلت. ومن ذلك:
1- التدوين الرسمي، فقد أحس عمر بن عبد العزيز بالحاجة الملحة لحفظ كنوز السنة، فكتب إلى الأمصار أن يكتبوا ما عندهم من الحديث ويدونوه حتى لا يضيع بعد ذلك.
2- توسع العلماء في الجرح والتعديل وفي نقد الرجال لكثرة شيوع الضعف من جهة الحفظ، ومن جهة انتشار الأهواء والبدع.
3- توقفوا في قبول الحديث ممن لم يعرف بالتحديث.
4- تتبعوا الأحاديث لكشف خباياها، ووضعوا لكل صورة جديدة قاعدة تعرفها وتبين حكمها ، فتكاملت أنواع الحديث ووجدت كلها واتخذت اصطلاحاتها الخاصة.
الدور الثالث: دور التدوين لعلوم الحديث المختلفة
وذلك من القرن الثالث الهجري إلى منتصف الرابع.
والقرن الثالث هو عصر السنة الذهبي، دونت فيه السنة وعلومها تدوينا كاملا.
في مطلع هذا الدور ارتأى العلماء إفراد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالتصنيف، فابتكروا لذلك ( المسانيد) جمعوا فيها الحديث النبوي مرتبا بحسب أسماء الصحابة، فالأحاديث عن أبي بكر مثلا تجمع كلها في مكان واحد، تحت عنوان: مسند أبي بكر. وكذا أحاديث عمر وهكذا.
ثم جاء البخاري فرأى إفراد الحديث الصحيح،ورتبه على الأبواب الفقهية لتسهيل الوصول إليه. وجاء بقية الستة وهم - ما عدا النسائي- من تلامذته، فوضعوا كتبهم على الأبواب الفقهية، ولم يشترطوا الصحة.
وهكذا كان لمدرسة الإمام البخاري الفضل العظيم على السنة بما صنفت في رواية الحديث وفي علومه.
ثم جاء بعدهم ابن خزيمة، ثم ابن حبان.
وفي هذا العصر أصبح كل نوع من أنواع الحديث علما خاصا، مثل: علم الحديث الصحيح، علم المرسل، علم الأسماء والكنى، وهكذا فأفرد العلماء كل نوع منها بتأليف خاص.
لكن لم يوجد في هذا الدور أبحاث تضم قواعد هذه العلوم وتذكر ضوابط تلك الاصطلاحات، اعتمادا منهم على حفظهم وإحاطتهم بها سوى تأليف صغير هو كتاب:
(( العلل الصغير )) للأمام الترمذي.
الدور الرابع: عصر التآليف الجامعة وانبثاق فن علوم الحديث مدونا:
ويمتد من منتصف القرن الرابع إلى أوائل القرن السابع ألب العلماء في هذه الفترة على تصانيف السابقين التي كانت تجربة أولى في التدوين، فجمعوا ما تفرق في مؤلفات الفن الواحد. واستدركوا ما فات السابقين، معتمدين في كل ذلك على نقل المعلومات عن العلماء بالسند إليهم كما فعل سابقوهم، ثم التعليق عليها والاستنباط منها.
فوجدت كتب في علوم الحديث لا تزال مرجعاً لا يُستغنى عنها، ومن أهمها:
1- (( المحدث الفاصل بين الراوي والواعي )) ألفه القاضي أبو محمد الرامهرمزي الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد تصغير الخط (360هـ) استوفى فيه مؤلفه البحث في آداب الراوي والمحدث وطرق التحمل والأداء.
2-(( الكفاية في علم الرواية)) لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى (463هـ) استوفى فيه البحث في قوانين الرواية، وأبان فيها أصولها وقواعدها الكلية.
3-(( الإلماع في أصول الرواية والسماع)) للقاضي عياض بن موسى اليحصبي المتوفى (544هـ).
فهذه المراجع وسواها مما صنفت في ذلك العصر في كل نوع من أنواع علوم الحديث،
أصبحت المراجع الأصلية في هذه الفنون.
وفي هذا الدور وضعت التآليف الجامعية لأنواع الحديث ونما التدوين في فن علوم الحديث. ومن أهم ما صنف في ذلك:
1- ((معرفة علوم الحديث )) لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى (405هـ).
2- (( المستخرج )) لأبي نُعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني المتوفى (430 هـ).
الدور الخامس: دور النضج والاكتمال في تدوين فن علوم الحديث:
وذلك من القرن السابع إلى القرن العاشر ، وفيه بلغ التصنيف لهذا العلم كماله التام،فوضعت مؤلفات استوفت أنواع هذا العلم.
وكان رائد هذا التحول العظيم في تدوين هذا الفن الإمام المحدث الحافظ أبو عمرو عثمان بن الصلاح المتوفى ( 643هـ )، في كتابه المشهور (( علوم الحديث )).
ومن أهم المؤلفات في هذا الدور بعد (( علوم الحديث )).
1. (( الإرشاد )) للإمام يحيى بن شرف النووي المتوفى ( 676 هـ ) لخص فيه كتاب ابن الصلاح، ثم لخصه في كتاب : (( التقريب والتيسير لأحاديث البشير النذير )).
2- (( التبصرة والتذكرة )) منظومة من ألف بيت للإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى ( 806 هـ ) ضمنها كتاب ابن الصلاح وتعقبه، وزاد عليه مسائل نافعة، ثم شرحها شرحاً قيماً سماه: " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث".
3- شرح الحافظ العراقي أيضاً لكتاب ابن الصلاح المسمى: (( التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح )).
4- شرح الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى ( 852هـ ) على كتاب ابن الصلاح المسمى: (( النكت على كتاب ابن صلاح )).
5- (( فتح المغيث شرح ألفية العراقي في علم الحديث)) للحافظ شمس الدين محمد السخاوي المتوفى ( 902 هـ ).
6- (( تدريب الراوي شرح تقريب النواوي )) للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى (911 هـ ).
7- (( نخبة الفكر )) وشرحه : (( نزهة النظر )) كلاهما للحافظ ابن حجر العسقلاني.
الدور السادس: عصر الركود والجمود:
وقد امتد ذلك من القرن العاشر إلى مطلع القرن الهجري الحالي.
في هذا الدور توقف الاجتهاد في مسائل العلم والابتكار في التصنيف، وكثرت المختصرات في علوم الحديث.
ومن المؤلفات في هذا الدور:
1-(( شرح شرح نخبة الفكر)) للشيخ على بن سلطان الهروي القاري المتوفى (1014هـ): لم يخل من فوائد في أبحاثه لغزارة علم مؤلفه.
2- (( المنظومة البيقونية )) لعمر بن محمد بن فتوح البيقوني المتوفى ( 108 هـ ) .
3- (( توضيح الأفكار )) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني المتوفى ( 1182 هـ ) وهو كتاب حافل مفيد .
4- توجيه النظر وظفر الأماني ومقدمة في علوم الحديث.
الدور السابع: دور اليقظة والتنبه في هذا العصر:
من مطلع القرن الهجري الحالي إلى وقتنا هذا ، وفيه تنبهت الأمة للأخطار المحدقة نتيجة اتصال العالم الإسلامي بالشرق والغرب.
ومن المؤلفات النافعة المبتكرة نذكر ما يلي:
1. "قواعد التحديث" للشيخ جمال الدين القاسمي.
2. "مفتاح السنة" أو (( تاريخ فنون الحديث )) لعبد العزيز الخولي.
3. "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" للدكتور مصطفى السباعي.
4. "الحديث والمحدثون" للدكتور محمد محمد أبو زهو.
5. "المنهج الحديث في علوم الحديث" للدكتور محمد محمد السماحي.
6. "منهج النقد في علوم الحديث" للعتر .
7. "منهج النقد عند المحدثين" للأعظمي.
5- أنواع علوم الحديث:
1- علوم رواة الحديث.
2- علوم رواية الحديث.
3- علوم الحديث من حيث القبول والرد.
4- علوم المتن.
5- علوم السند.
6- العلوم المشتركة بين المتن والسند (1).
_______________________________
(1) انتهى باختصار من كتاب منهج النقد في علوم الحديث.
===============
مصطلح الحديث النوع الأول: علوم رواة الحديث أ- القسم الأول: العلوم المعرفة بحال الراوي 1-تمهيد 2-صفة من تقبل روايته ومن ترد 3-الجرح والتعديل 4-الصحابة رضي الله عنهم أ- تعريف الصحابي ب- ضوابط يعرف بها الصحابي جـ- طبقات الصحابة د- عدالة الصحابي 5-الثقات والضعفاء 6-من اختلط في آخر عمره من الثقات 7-الوحدان 8-المدلسون ب- القسم الثاني: العلوم التي تبين شخص الراوي علوم الرواة التاريخية أ- تواريخ الرواة ب- طبقات الرواة جـ- التابعون د- أتباع التابعين هـ- الأخوة والأخوات و-المدبج ورواية الأقران بعضهم عن بعض ز- رواية الأكابر عن الأصاغر ح- السابق واللاحق ط- رواية الأباء عن الأبناء ي- رواية الأبناء عن الأباء 2. علوم أسماء الرواة أ- المهمات ب- من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة جـ- الأسماء والكنى د- ألقاب المحدثين هـ- المنسوبون إلى غير آبائهم و- النسب التي على خلاف ظاهرها ز- الموالي من الرواة والعلماء ح- أوطان الرواة وبلدانهم ط- الأسماء المفردة والكنى والألقاب ي- المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ك- المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب ل- المتشابه م- المشتبه المقلوب.
وتقسم أبحاث هذا النوع إلى قسمين:
أ- القسم الأول: العلوم المعرفة بحال الراوي.
1- تمهيد:
في بيان بعض الكلمات المصطلح عليها في هذا الفن
السند الإسناد، المتن، المخرِج، المخْرَج، الحديث النبوي،الخبر، الأثر، المسنِد، المحدّث، الحافظ، الحديث القدسي.
هذه الكلمات يكثر المحدثون من ذكرها فلا بدَّ لطالب هذا الفن من معرفتها.
السند: هو: الطريق الموصلة إلى المتن-يعني رجال الحديث-.
وسموا بذلك لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره.
الإسناد: هو: الإخبار عن طريق المتن. أي حكاية رجال الحديث.
المتن: هو: ما انتهى إليه السند.
المخرج: اسم فاعل فانهم يقولون: هذا حديث خرَّجه أو أخرجه فلان أي ذكر رواته أو ذكره عن رواته. فالمخرج- بالتشديد أو التخفيف- هو ذاكر رواة الحديث كالبخاري ومسلم ونحوهما.
المخرج: اسم مكان فانهم يقولون: هذا حديث عرف مخرجه أو لم يعرف مخرجه -فتح الميم والراء - أي رجاله الذين رووه لأن كلاًّ من رواته موضع صدور الحديث عنه.
الحديث النبوي: هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو وصفاً أو تقريراً، وسمي بذلك مقابلة للقرآن الكريم فإنه قديم، وقد أطلق كثير من المحدثين اسم الحديث على أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم وتقريرهم، ولكنهم يسمون ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً مرفوعاً، وما أضيف إلى الصحابي يسمونه حديثاً موقوفاً، وما أضيف إلى التابعي يسمونه مقطوعاً، كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى.
الخبر: قال في شرح النخبة: الخبر عند العلماء هذا الفن مرادف للحديث. وقيل: الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره، ومن ثمة قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها: الأخباري،ولمن يشتغل بالسنة النبوية: المحدّث.
الأثر: قال في التقريب: إن المحدثين يسمون المرفوع والموقوف بالأثر، وإن فقهاء خراسان يسمون الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر.
المُسنِد: هو: من يروي الحديث بإسناده سواء كان له علم به أو ليس له إلا مجرد الرواية.
المحدّث: هو: العالم بطرق الحديث وأسماء الرواة والمتون، فهو أرفع من المُسنِد.
الحافظ: هو: مرادف للمحدث عند بعض السلف، وبعضهم خصَّ الحافظ بمن هو مكثر لحفظ الحديث متقن لأنواعه ومعرفته رواية ودراية ومدرك لعلله. ولذلك قال الإمام الزهري: لا يولد الحافظ إلا في أربعين سنة.هذا، وقد ذكر العلامة المناوي لأهل الحديث مراتب: أولها الطالب وهو المبتدىء، ثم المحدث وهو من يتحمل الحديث ويعتني به ودراية، ثم الحافظ وهو من حفظ مائة ألف حديث متناً وإسناداً ووعى ما يحتاج إليه، ثم الحجة وهو من أحاط بثلاثمائة ألف حديث. ثم الحاكم وهو من أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية متناً وإسناداً، وجرحاً وتعديلاً وتاريخاً اهـ.
وزاد بعضهم لقب أمير المؤمنين. قال الحافظ السيوطي: وقد لقب به جماعة، منهم: سفيان وابن راهويه والبخاري وغيرهم. وكأنَّ تلقيب المحدث بأمير المؤمنين مأخوذ من الحديث الذي رواه الطبراني وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم ارحم خلفائي "تتمة الحديث".
2- صفة من تقبل روايته ومن ترد
معرفة من تقبل روايته ومن ترد
يقبل خبر الثقة في دينه وروايته وهو العدل الضابط.
والعدل: هو المسلم البالغ العاقل السالمُ من الفسق: بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، والسالمُ من خوارم المروءة.
والمروءة: هي تعاطي المرء ما يستحسن، وتجنبه ما يسترذل، كالأكل ماشياً والبول في الطريق من غير ضرورة.وأما ضبط: فهو اتقان الراوي ما يرويه، وذلك بأن يكون متيقظاً غير مغفل، حافظاً لما يرويه إن كان يروي من حفظه، ضابطاً لكتابه إن كان يروي من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه، وبما يحيل المعنى عن المراد إن كان يروي بالمعنى. وتثبت عدالة الراوي: بالشهرة في الخبر والثناء الجميل، كالأئمة الأربعة وغيرهم أو بتعديل الأئمة، أو تعديل اثنين منهم، أو واحد منهم. ويثبت الضبط بموافقة الثقات المتقنين، ولا تضرّ المخالفة النادرة، فإن كثرت ردّت روايته لعدم ضبطه.
حكم الرواية عن أهل البدع:
ترد رواية المبتدع إن كانت بدعته مكفرة، بأن أنكر أمراً في الشرع معلوماً من
الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه ونحو ذلك، كالقائلين بعدم علم الله تعالى بالجزيئات.
وأما إن كانت بدعته لا توجب الكفر فان كان يستحلّ الكذب ترد أيضاً، وأما إن كان لا يستحل الكذب فتقبل روايته إذا لم يكن داعياً إلى بدعة، لأنه إذا كان داعياً إليها فان تزيين بدعته يحمله على تحريف روايته. ورجح النووي هذا التفصيل، وقال: هو الأظهر الأعدل، وقول الكثير أو الأكثر. وقيد الحافظ أبو إسحاق الجوزاني القول بقبول رواية غير الداعي بما إذا لم يرو ما يقوي بدعته، قال ابن حجر: وما قاله متجه، لأن العلة التي ردّت بها رواية الداعي واردة فيه أيضاً.
مراتب الجرح والتعديل
قد أوضح الحافظ ابن حجر في كتابه "تقريب التهذيب" مراتب الجرح
والتعديل، فجعلها اثنتي عشرة مرتبة:
1. الصحابة رضي الله عنهم.
2. من أُكد مدحه بـ "أفعل" كأوثق الناس، أو بتكرار الصفة لفظاً: كثقة أو معنى: كثقة حافظ.
3. من أُفرد بصفة: كثقة، أو متقن، أو ثُبْت، أو عدل.
4. من قصر عمن قبله قليلاً: كصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
5. من قصر عن الدرجة الرابعة، ويشار إليه: بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يَهِم، أوله أوهام، أو يخطىء أو تغيّر بأخَرَةٍ. ويلحق بذلك من رمى بنوع من البدعة: كالقدر والإرجاء.
6. من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه لأجله، ويشار إليه بلفظ: "مقبول" حيث يتابع؛ وإلاّ: فليِّن الحديث.
7. من روى عنه أكثر من واحد ولم يُوثَّق، ويشار إليه بلفظ: مستور، أو مجهول الحال.
8. من لم يوجد فيه توثيق معتبر، وجاء فيه تضعيف ولو لم يُسَّر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف.
9. من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثَّق ويشار إليه بلفظ: مجهول العين أي: لا يعرف عند المحدثين.
10. من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، ويشار إليه: بمتروك أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط.
11. من اتهم بالكذب، ويقال فيه: متهم، ومتهم بالكذب أي متهم بتعمد الكذب بأن يكذب في الحديث،لا على وجه التعمد والتقصد، ولكن يكثر منه حتى يتهم بتعمده.
12. من أطلق عليه اسم الكذب أو الوضع، كقولهم: كذاب، أو وضاع، أو ما أكذبَه فمن كان من المرتبة الثانية والثالثة: فحديثه مقبول وغالبه في الصحيحين، ومن كان من الدرجة الرابعة: فهو مقبول أيضاً، وقبوله في المرتبة الثانية، وهو ما يحسِّنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود، ومن كان من الخامسة والسادسة: فان تعددت طرقه وتقوّى بمتابع أو شاهد فحسن لغيره، وإلا فمردود، وما كان من السابعة إلى آخر المراتب: فضعيف على اختلاف درجات الضعف.
عبارات خاصة لبعض المحدثين:
1-قد يطلق البخاري كلمات ويريد بها معنى خاصاً، كقوله في الرجل: "سكتوا عنه"
أو "فيه نظر" يعني أنه متروك الحديث، وأنه في أدنى المنازل، ولكن البخاري لطيف العبارة في التجريح.وكذلك قوله البخاري: "منكر الحديث" فانه يريد به الكذابين، كما نقله عنه ابن القطان حيث قال: قال البخاري: كل من قلت عنه "منكر الحديث" فلا نحل الرواية عنه.
2- قال يحيى بن معين: إذا قلتُ: ليس به بأس فهو ثقة.
3- قول الشافعي: أخبرني من لا أتهم فهو كقوله: أخبرني الثقة، خلافاً للذهبي حيث
يقول: إنه نفي للتهمة فقط، وليس فيه تعرض لإتقانه، ولا لأنه حجة.
4- قول المحدث: أخبرني الثقة ونحو ذلك من غير أن يسميه لا يكفيه في التعديل، لأنه ربما كان عنده ثقة ولكن لو سماه لجرحه غيره، وقيل: يكتفي بذلك كما لو سماه، فان كان القائل مجتهداً كأحد الأئمة مثلاً كفى في حق موافقيه من أهل المذهب عند بعض المحققين.
متى يقبل الجرح والتعديل:
اختلف العلماء في الجرح والتعديل هل يقبلان مبهَمَيْن- أي من غير ذكر أسبابهما-
أو لا؟
1-فذهب بعضهم إلى عدم قبول ذلك بدون بيان السبب في كل منهما.
2- وشرط بعضهم ذكر السبب في التعديل دون الجرح.
3- ومنهم من قبل التعديل مبهماً، وشرط في الجرح بيان السبب مفصلاً. وهو الذي اختاره ابن الصلاح والنووي وغيرهما.
4- وذهب بعضهم إلى أنه يقبل كل منهما مبهماً إذا كان الجارح والمعدل عالماً بأسباب الجرح والتعديل، بصيراً مرضياً في اعتقاده وأفعاله. قال السيوطي : وهو اختيار القاضي أبي بكر، ونقله عن الجمهور.
5- وقد اختار ابن حجر أن من جُرح مجملاً وقد وثقه أحد أئمة الحديث: لم يقبل الجرح فيه من أحد إلا مفسراً، لأنه ثبتت ثقته فلا تسلب عنه إلا بأمر جلي، وأما إذا خلا عن التعديل قُبِل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف، لأنه إذا لم يعدَّل فهو حيز مجهول، وإعمال قول الجارح أولى من أهماله.
تعارض الجرح والتعديل:
وأما إذا اجتمع في الراوي جرح مفسر وتعديل: فالجرح مقدم، ولو زاد عدد المعدِّلين.
قال السيوطي: هذا الأصح عند الفقهاء والأصوليين، ونقله الخطيب عن جمهور العلماء، لأن مع الجارح زيادةً لم يطلع عليها المعدِّل، ولأنه مصدّق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عليه. وقيَّد الفقهاء ذلك إذا لم يقل المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح ولكنه تاب منه، فانه حينئذ يقدَّم المعدّل، وقيل: إن زاد المعدلون قدم التعديل. هذا حكم التعارض بين قولين لعالمين.
أما إذا تعارض قولان من عالم واحد - كما وقع من ابن معين وابن حبان -فالعمل على آخر القولين إن علم ذلك، وإلا فالتوقف.
ما ورد من الطعن في بعض الأئمة:
قد يرد على لسان بعض العلماء الطعن في بعض الأئمة، أو رواة الحديث الذين هم موطن ثقة وعدالة وحسن قبول، وذلك على وجوه وألوان مختلفة الأسباب:
قد يكون السبب في طعن بعض الأئمة ناشئاً عن عصبية مذهبية، أو اختلافات اجتهادية، أو قد يكون عن منافسات دنيوية. فهذه الطعون لا يلتفت إليها ما دام المطعون معروفاً بالعدالة والضبط، والصلاح والتقى.
قال العلامة السبكي في الطبقات الكبرى (1/187) تحت عنوان (قاعدة في الجرح والتعديل): "إن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحه، وكانت قرينة دالّة على سبب جرحه:من تعصب مذهبي أو غيره، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه، ونعمل فيه بالعدالة، وإلا فلو فتحنا هذا الباب وأخذنا بتقديم الجرح على إطلاقه: لما سلم لنا أحد من الأئمة، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون، وقد عقد الحافظ ابن عبد البر في كتاب العلم باباً في حكم قول العلماء بعضهم في بعض، بدأ فيه بحديث الزبير رضي الله عنه مرفوعاً (دَبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء… الحديث). وروى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال (استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض، فوالذي نفسي بيده لهم أشدّ تغبراً من التيوس في زُروبها).
وعن مالك بن دينار قال: يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم
في بعض.
ثم قال العلامة السبكي جملة: قد عرّفناك أولاً أن الجارح لا يقبل منه الجرح -وإن
فسره- في حق من غلبت طاعته على معاصيه، ومادحوه على ذامّيه، ومزكوه على جارحيه، إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة في الذي جرحه: من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية، كما يكون من النظراء، أو غير ذلك. فنقول مثلا: لا يلتفتً إلى كلام ابن ذئب في مالك، بن معين في الشافعي والنسائي في أحمد بن صالح، لأن هؤلاء الأئمة مشهورون صار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب، لو صحّ لتوفرت الدواعي على نقله، وكان القطع قائماً على كذبه.
ومما ينبغي أن يُتفقّد عند الجرح حال العقائد واختلافها، بالنسبة إلى الجارح والمجروح،
فربما خالف الجارحُ المجروح في العقيدة فجرحه لذلك، وإليه أشار الرافعي بقوله: وينبغي أن يكون المزكون بُرآء من الشحناء والعصبية في المذهب، خوفاً من أن يحملهم ذلك على جرحِ عدل، أو تزكية فاسق. وقد وقع هذا لكثير من الأئمة.
وقد أشار شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه (الاقتراح) إلى هذا وقال:
أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام.
قال العلامة السبكي: ومن أمثلة ما قدمناه قول بعضهم في البخاري: تركه أبو زرعة
وأبو الحاتم من أجل مسألة اللفظ. فيالله والمسلمين!! أيجوز لأحد أن يقول: البخاري متروك؟ وهو حامل لواء الصناعة ومقدم أهل السنة والجماعة. ثم قال: ومن ذلك قول بعض المجسمة في أبي حاتم ابن حبان: لم يكن له كبير دين، نحن أخرجناه من سجستان لأنه أنكر الحدّ لله. فيا ليت شعري من أحق بالإخراج: من يجعل ربه محدوداً أو من ينزهه عن الجسمية؟؟ وأمثلة هذا تكثر.
قال: وهذا شيخنا الذهبي رحمه الله تعالى من هذا القبيل، له علم وديانة وعنده على
أهل السنة والجماعة تحامل مفرط، فلا يجوز أن يعتمد عليه -أي في طعنه بمن يخالف مذهبه-.
فكل طعن نشأ عن عصبية مذهبية أو اختلافات اجتهادية أو منافسة بين الأفراد لا اعتبار لذلك كله. كما جاء في ترجمة محمد بن المثنى من كتاب "تهذيب التهذيب": سئل عمرو بن علي عن محمد بن المثني وبندار؟ فقال: ثقتان. يقبل منهما كل شيء إلا ما تكلم به أحدهما في الآخر.
وقال في شرح "فواتح الرحَموت" (1/154): فائدة: لا بد للمزكي أن يكون عدلاً، عارفاً بأسباب الجرح والتعديل، وأن يكون منصفاً ناصحاً، لا أن يكون متعصباً ومعجباً بنفسه، فانه لا اعتداد بقول المتعصب، كما قدح الدارقطني في الإمام الهمام أبي حنيفة رضي الله عنه بأنه ضعيف في الحديث، أي شناعة فوق هذا؟؟ فانه -يعني أبا حنيفة- إمام ورع، تقي نقي، خائف من الله تعالى، وله كرامات شهيرة، فبأيّ شيء يتطرق إليه الضعف؟ فتارة يقولون: إنه كان مشتغلاً بالفقه -أي فلا خبرة له بالحديث- انظر بالإنصاف أي قبح فيما قالوا، بل الفقيه أولى بأن يؤخذ الحديث منه- أي لأنه يبنى عليه حكماً شرعياً فلا بد من ثبوته لديه-.
وتارة يقولون: إنه لم يلاق أئمة الحديث، إنما أخذ من حمّاد رضي الله تعالى عنهما، وهذا أيضاً باطل، فإنه روى عن كثير من الأئمة كالإمام محمد الباقر والأعمش وغيرهما، مع أن حمّاداً كان وعاء للعلم فالأخذ منه أغناه عن الأخذ من غيره. هذا أيضاً آية ورعة وكذا علمه وتقواه، فإنه لم يكثر الأساتذة لئلا تتكثر الحقوق فيخاف عجزه عن إيفائها.
وتارة يقولون: إنه كان من أصحاب القياس والرأي، وكان لا يعمل الحديث،حتى وضع أبو بكر أبي شيبة رحمه الله في كتابه "المصنف" باباً للرد عليه وترجمه بـ " باب الرد على أبي حنيفة"، وهذا أيضاً من التعصب.
ثم ذكر في الشرح المذكور نبذة فيها مثار العجب، وذلك أن أبا حنيفة رضي الله عنه
قال: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالبرأس والعين، وما جاء عن أصحابه فلا أتركه، ولم يخصّص بالقياس ولا بخبر الواحد عامّ الكتاب، ولم يعمل بالمصالح المرسلة، وقَبِل المراسيل وعمل بها، وقد خالف الشافعيُّ في ذلك، ولم يطعنوا فيه بل قبلوا ذلك منه. رضي الله عنهم أجمعين.
ثم قال: والحق أن الأقوال التي صدرت عنهم في حق الإمام الهمام مقتدى الأنام، كلها صدرت من التعصب، لا تستحق أن يلتفت إليها ولا ينطفي نور الله بأفواههم فاحفظ واثبت. وسبب وقوعهم في هذا الأمر الفظيع أنهم كانوا سئي الفهم، يخدمون ظواهر ألفاظ الحديث، ولا يرومون فهم بواطن المعاني، فضلاً عن المعاني الدقيقة التي تعجز عنها أفهام المتوسطين، وكان هذا التحرير الإمام مؤيداً بالتأييد الإلهي متعمداً في بحار المعاني.
وجاء في كتاب "الرفع والتكميل" للإمام المحدث الشيخ عبد الحي اللكنوي في أبي حنيفة: وقال الإمام على بن المديني: أبو حنيفة روى عنه الثوري وابن المبارك وحماد بن زيد وهشام وعباد بن العوام ووكيع وجعفر بن عون، وهو ثقة لا بأس به، وكان شعبة حسن الرأي فيه. وقال يحيى بن معين: أصحابنا يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه، فقيل له: كان يكذب؟ قال: لا.
فالطعن الناشىء عن عصبية خلافيات المذاهب لا عبرة به ولا تأثير، كما وأن والطعن الناشىء عن الاختلاف في المفاهيم والمشارب السنية النبوية لا اعتبار به.
4- الصحابة رضي الله عنهم
أ- تعريف الصحابي: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام.
ب- ضوابط يُعرف بها الصحابي:
1. التواتر، بأن ينقل إثبات صحبته عن عدد كثير جداً من الصحابة، كالخلفاء الراشدين الأربعة.
2. الشهرة والاستفاضة القاصرة عن رتبة التواتر . كضمام بن ثعلبة، عُكَّاشة بن مِحْصن.
3. أن يُروى عن واحد من الصحابة أن فلاناً له صحبة.
4. أن يُروى عن أحد من التابعين أن فلاناً له صحبة.
5. أن يقول هو عن نفسه إنه صحابي ، وذلك بشرطين:
أن يكون ثابت العدالة، وأن يكون في المدة الممكنة، وهي مائة سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
جـ- طبقات الصحابة:
الطبقة الأولى: قوم أسلموا بمكة ، مثل أبي بكر وعمر و عثمان وعلي.
الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، وهم جماعة من أهل مكة.
الطبقة الثالثة: المهاجرة إلى الحبشة.
الطبقة الرابعة: الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة.
الطبقة الخامسة: أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.
الطبقة السادسة: أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقُباء قبل أن يدخل المدينة ويبني المسجد.
الطبقة السابعة: أهل بدر.
الطبقة الثامنة:المهاجرين الذين هاجروا بين بدر والحديبية.
الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان.
الطبقة العاشرة: المهاجرين بين الحديبية والفتح.
الطبقة الحادية عشرة: هم الذين أسلموا يوم الفتح.
الطبقة الثانية عشرة: صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع.
د- عدالة الصحابة.
لقد اختص الله سبحانه وتعالى الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، وهي أنهم لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وهذا ينطبق على الصحابة كلهم، لأنهم المخاطبون مباشرة بهذا النص.
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباً ما بلغ أحدهم ولا نصيفه" وقوله صلى الله عليه وسلم:"خير الناس قرني"... ثم الذين يلونهم…" .
5- الثقات والضعفاء:
وهو من أجل علوم الحديث وأفخمها، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه.
ولقد لقي هذا العلم عناية أئمة الحديث في القديم والحديث، فصنفوا فيه التآليف الكثيرة.
وتنقسم التصانيف المؤلفة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المؤلفات في الثقات: أشهرها:
1. "الثقات" للإمام أبي حاتم محمد بن حبان البُستي المتوفى (354هـ).
2. "الثقات" للإمام أحمد بن عبد الله العجلي المتوفى (261هـ).
3. "تذكرة الحفاظ" للإمام الحافظ شمس الدين محمد الذهبي المتوفى (748هـ).
القسم الثاني: المؤلفات في الضعفاء:
1. "الكامل في الضعفاء" للحافظ أبي أحمد عبد الله بن عَدِي المتوفى (365هـ).
2. "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للإمام الذهبي.
3. "المغنى في الضعفاء" للذهبي أيضاً.
4. "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر العسقلاني.
القسم الثالث: الكتب التي تجمع الثقات والضعفاء:
1. "الجرح والتعديل" للإمام عبد الرحمن بن الإمام أبي حاتم الرازي المتوفى ( 327هـ).
2. "الكمال في أسماء الرجال" للحافظ عبد الغني المقدسي المتوفى (600هـ).
اقتصر فيه على رجال الكتب الستة.
3. "تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ أبي الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى ( 742هـ).
4. "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر العسقلاني، لخص فيه (( تهذيب الكمال )).
6- من اختلط في آخر عمره من الثقات.
معنى الاختلاط: فساد العقل، وعدم انتظام الأقوال والأفعال.
وفائدة دراسة الرواة المختلطين تمييز المقبول من حديثهم من غير المقبول.
وقد ألف فيه الحافظ العلائي خليل بن كيكلدي المتوفى ( 761هـ) ، وأفرده بالتصنيف
الإمام الحافظ إبراهيم بن محمد ابن سبط ابن العجمي الحلبي المتوفى (840هـ) وسماه: (( الاغتباط ممن رمي بالاختلاط )).
والحكم في حديث من رمي بالاختلاط من الثقات قرر فيه المحدثون التفصيل، فما سمع منهم قبل الاختلاط يُقبل ويُحتج به.
أما ما سُمع بعد الاختلاط، أو أشكل أمره فلم يُدر هل أُخِذَ عنه قبل الاختلاط أو بعده، فإنه يرد ولا يُقبل.
ويتميز ذلك بالراوي عنه إن كان أخذ عنه في شبابه أو في هرمه.
7- الوحدان
وهم الرواة الذين لم يرو عنهم إلا راو واحد فقط.
وفائدة هذا العلم معرفة المجهول إذا لم يكن صحابياً ومن أمثلته من الصحابة: وهب بن خنبش، وعمرو بن تغلب.
8- المدلسون
المدلس: هو من يحدث عمن سمع منه ما لم يسمع منه، بصيغة توهم أنه سمعه منه. وكأن يقول: عن فلان، أو قال فلان والتدليس على أقسام تأتي في الحديث المدلس.
ومن الكتب التي صنفت في هذا:
1-التبيين في أسماء ((المدلسين)) للحافظ البرهان الحلبي.
2- (( تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس )) لابن حجر العسقلاني. وهو أجمعها وأوسعها.
ب- القسم الثاني: العلوم التي تُبين شخص الراوي
1- علوم الرواة التاريخية:
أ- تواريخ الرواة: التاريخ عند المحدثين هو: التعريف بالوقت الذي تُضبط به الأحوال في المواليد و الوفيات، ويلتحق به من الحوادث والوقائع التي ينشأ عنها معان حسنة من تعديل وتجريح ونحو ذلك.
وقد احتل التاريخ عند أهل الحديث مكانة هامة جداً لمعرفة اتصال الأسانيد وانقطاعها، وفي الكشف عن أحوال الرواة وفضح الكذابين.
ب- طبقات الرواة: الطبقة في اصطلاح المحدثين: عبارة عن جماعة متعاصرين اشتركوا في السن أو تقاربوا فيه أو اشتركوا في الأخذ عن المشايخ.
جـ- التابعون: من شافه -أو لقي- أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه مؤمناً .
د- اتباع التابعين: تابع التابعي من شافه - أو لقي - التابعي مؤمناً.
ولهذا العلم فائدة عظيمة هي: التفريق بين الصحابي والتابعي واتباع التابعين.
هـ- الاخوة والأخوات: ومن فائدة هذا العلم أنه قد يَشْتَهر أحد الاخوة بالرواية، فيظن الباحث إذا وجد الرواية عن بعض إخوته أنها وهم ويزول الالتباس بواسطة هذا العلم.
فمن أمثلة الأخوين من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعتبة بن مسعود هما أخوان.
و- المدبج ورواية الأقران بعضهم عن بعض:الأقران: هم الرواة المتقاربون في السن والإسناد.
وقد ذكروا قسمين لرواية القرين عن القرين:
الأول: المدّبج: وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر، مثل: أبي هريرة وعائشة، روى كل منهما عن الآخر.
الثاني: غير المدبّج: وهو أن يروي أحد القرنيين عن الآخر، ولا يروي الآخر عنه، مثاله:
رواية سليمان التيمي عن مسعر، وهما قرينان، ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي.
ز- رواية الأكابر عن الأصاغر: هي رواية الشخص عمن دونه سناً أو قدراً أو عمن هو دونه سناً وقدراً.
حـ- السابق واللاحق: وهو معرفة من اشترك في الرواية عنه اثنان وكان بين وفاتهما زمن طويل.
طـ- رواية الآباء عن الأبناء: تعريفها: هو أن يوجد في سند الحديث أب يروي عن ابنه.
ي- رواية الأبناء عن الأباء: تعريفها: هو أن يوجد في سند الحديث راو يروي عن أبيه أو عن أبيه عن جده.
ومن هذا التعريف يعلم تقسيمها إلى قسمين:
1- رواية الابن عن أبيه فقط، وذلك كثير جداً.
2- رواية الابن عن أبيه عن جده.
2- علوم أسماء الرواة:
أ- المبهم هو:
هو الحديث الذي يوجد في سنده أو متنه رجل أو امرأة لم يُسمَّيا بل عُبِّر عنهما بلفظ عام.
ومن هنا يعلم أن المبهم نوعان:
النوع الأول: أن يكون الإبهام في سند الحديث، وذلك بأن يكون بعض رواته غير مسمى وإنما ذكر بلفظ عام، ومثاله: ما رواه أبو داود من طريق حجاج بن فُرافِصة عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "المؤمن غرٌ كريم…" فهذا الرجل هو يحيى بن أب كثير، كما جاء في رواية أخرى لأبي داود أيضاً.
النوع الثاني: أن يكون الإبهام في متن الحديث، وذلك بأن يقول الصحابي فمن دونه، إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم. ونحوَ ذلك، ومثاله، ما رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل قال: خذي فرِصة من مسك فتطهري بها. قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله تطهري بها. فاجتذبتُها إليّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
والمرأة هي أسماء بنت شكل كما في رواية مسلم.
أنواع المبهمات: المبهمات أنواع كثيرة بعضها أشد إبهاماً، فمنها: الرجل والمرأة، والابن والبنت والأب، والأخ والأخت، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم والعمة، والخال والخالة، ونحو ذلك.
حكم المبهم: تقدم أن المبهم نوعان: الأول: أن يقع الإبهام في متن الحديث، والثاني: أن يقع في سنده.
أما الأول: فحكمه أنه لا خلاف في جواز الاستدلال به ما دامت شروط القبول ثابتة موفورة فيه.
وأما الثاني: فان كان المبهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كأن يقول التابعي الثقة: عن رجل من الصحابة أو نحو ذلك: فهو مقبول عند الجمهور باعتبار أن الصحابة كلهم عدول رضوان الله تعالى عليهم.
وأما إن كان المبهم غير صحابي بأنْ كان من التابعين فمن دونهم فلا يجوز الاحتجاج بالحديث الذي فيه هذا المبهم، للجهل بحاله، لأن من أُبهم اسمه لم تعرف عينه، فكيف عدالته؟
وقد تقدم أن من شروط القبول ثبوت عدالة الراوي وضبطه، فإذا زال هذا الإبهام
وعرف هذا المبهم بمجيئه من طريق أخرى وتبين أنه ثقة، فحينئذ يحتج به كما تقدم في حديث: "المؤمن غرٌ كريم".
ولذلك اجتهد العلماء في بيان من أبهم من الرواة وصنفوا في ذلك كتباً كثيرة.
ب- من ذكر بأسماء مختلفة أو نُعوت متعددة: ومن فوائده: الأمن من جعل الواحد اثنين، والتحرز من توثيق الضعيف وتضعيف الثقة، وفيه إظهار تدليس المدلسين، فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم.
جـ- الأسماء والكنى: المراد بهذا بيان أسماء ذوي الكنى، وكنى المعروفين بالأسماء وفائدته تسهيل معرفة اسم الراوي المشهور بكنيته، ليكشف عن حاله، والاحتراز عن ذكر الراوي مرة باسمه ومرة بكنيته، فيظنهما من لم يتنبه لذلك رجلين.
د- ألقاب المحدثين: اللقب: هو ما يطلق على الإنسان مما يشعر بمدح أو ذم. وهو نوع هام، فإن في الرواة جماعة لا يُعرفون إلا بألقابهم.
مثاله: عبد الله بن أبي صالح وعبّاد بن أبي صالح، وإنما عباد لقب لعبد الله، ولا أخ له باتفاق الأئمة.
هـ- المنسوبون إلى غير آبائهم: معرفة الأب الذي ينسب إليه الراوي ضرورية لتمييزه عن غيره ، إلا أن بعض الرواة قد ينسب إلى غير أبيه، فالحاجة لمعرفة هؤلاء مهمة، وتسمية آبائهم هامة جداً لدفع توهم التعدد عن نسبتهم إلى آبائهم.
وهذا النوع بالنسبة لمن ينسب إليهم الرواة على أقسام:
الأول: من نسب إلى أمه: كمعاذ بن عفراء.
الثاني: من نسب إلى جدته: بشر بن الخصاصية.
الثالث: من نسب إلى جده: كأبي عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح.
الرابع: من نسب إلى رجل غير أبيه بسبب: كالمقداد بن الأسود الصحابي، هو المقداد بن عمرو الكندي، كان في حِجر الأسود بن عبد يغوث الزهري زوج أمه، فتبناه، فنسب إليه.
و- النسب التي على خلاف ظاهرها: معرفة أنساب الرواة هامة ومفيدة لتمييز الراوي عن غيره، ومن لم يتنبه لهذا وقع في الخطأ، مثل ما وقع لابن حزم حيث ضعف حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر " لأن في سنده سليمان بن داود، وهو متفق على تركه. وهو وهم، فإن المتفق على ترك حديثه سليمان بن داود اليماني، وهذا الحديث من رواية سليمان بن داود الخولاني، وهو ثقة.
ز- الموالي من الرواة والعلماء: الأصل في نسبة الراوي إلى قبيلة أن يكون منهم، كقولهم: قرشي أي من أولاد قريش. وإذا نسبوا إليها من ينتمي إليها أضافوا كلمة مولى، فقالوا: مولى قريش.
ولذلك عني العلماء بمعرفة الموالي حتى لا يختلط من ينسب إلى القبيلة بالولاء مع من ينسب إليها أصالة.
ح- أوطان الرواة وبلدانهم: لقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها، فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان.
ط- الأسماء المفردة والكنى والألقاب: كثيراً ما نجد الاسم يطلق على أكثر من شخص، مثل علي، وسعد وكذلك الكنية واللقب.
أما هذا النوع فقد خص المحدثون به الأسماء والكنى و الألقاب التي لا يوجد في الرواة من يحملها إلا واحد فقط.
ي- المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها: هو أن تتفق أسماء الرواة وأسماء أبائهم فصاعداً لفظاً وخطاً، وتختلف أشخاصهم.
ك- المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها: هو أن تتفق الأسماء والكنى أو الألقاب أو الأنساب خطاً، وتختلف لفظاً.
مثاله: الأذرعي والأدْرَعي، وحِزام، حَرَام.
وحُصين كله بالضم، والصاد المهملة، إلا حَصِين عثمان بن عاصم ، وأبا ساسان حُضَيْن.
ل- المتشابه: هو أن تتفق أسماء الرواة لفظاً، وتختلف أسماء الأباء لفظاً وتتفق خطاً أو بالعكس، أو أن يتفق اسم الراوي واسم أبيه لفظاً وخطاً وتختلف في النسبة.
مثاله: محمد بن عبد الله المُخَرِّمي ومحمد بن عبد الله المَخْرَمي.
م- المشتبه المقلوب:
وهو أن يكون اسم أحد الراويين مثل اسم أبي الآخر خطاً ولفظاً، واسم الآخر مثل اسم أبي الأول . فينقلب على بعض المحدثين.
مثاله: يزيد بن الأسود، والأسود بن يزيد.
==========================
2- تعريف السنة
لغة: السيرة والطريقة المعتادة، حسنةً كانت أو قبيحة.
وفي اصطلاح بعض العلماء: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والأكثرون يرون أنها تشمل أيضاً ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
الفريق بني السنة والحديث شمول الوصف الخلقي.
أما الأثر: فيسمى تعريف بغامض، وهذا هو المعتمد، لأنه مأخوذ من أثرت الحديث إذا رويته.
فالحاصل: أن هذه العبارات الثلاثة: الحديث، الخبر، الأثر تطلق عند المحدثين بمعنى واحد هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة خِلقية أو خُلُقية، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
==============
مصطلح الحديث النوع الثالث: علوم الحديث من حيث القبول أو الرّد أ- القسم الأول: في أنواع الحديث المقبول 1- الحديث الصحيح تعريفه فائدة هامة في أسباب الاختلاف في تصحيح الأحاديث حكم الحديث الصحيح أصح الأسانيد، والاحتياط فيها. قولهم: (( أصح شيء في الباب أو أحسن)). مصادر الصحيح: وخصائصها: 1. الموطأ. 2. صحيح البخاري. 3. صحيح مسلم. 4. صحيح ابن خزيمة. 5. صحيح ابن حبان 6. المختارة 2- الحديث الحسن سبب الخلاف فيه، وتعريف الحسن لذاته. اصطلاحات شاملة للصحيح والحسن: الجيد، والقوي الخ. مصادر الحديث الحسن وخصائصها: السنن الأربعة ومسند أحمد وأبي يعلي. ب- القسم الثاني: أنواع الحديث المردود. الضعيف: شروط القبول واحتياط المحدثين الشديد فيه. مراتب الضعيف وأضعف الأسانيد. مسألة هامة: ضعف الإسناد لا يقتضي ضعف المتن. حكم الحديث الضعيف: -المضعف. -المتروك. -المطروح. -الحديث الموضوع: تعريفه وحكم روايته. أسباب الوضع وأصناف الواضعين.(ظهور الخلاف الذي دب بين المسلمين بسبب الفتنة.-العداء للإسلام وقصد تشويهه.-الترغيب والترهيب لحث الناس على الخير.-التوصل إلى الأغراض الدنيوية.) محاربة الوضع وأهم وسائلها. علامات الحديث الموضوع :(العلامات في الراوي-علامات الوضع في متن الحديث المروي) أهم مصادر الحديث الموضوع
ونقسم أبحاث هذا النوع إلى قسمين:
أ-القسم الأول: أنواع الحديث المقبول.
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط ضبطاً كاملاً عن العدل الضابط إلى منتهاه، وخلا من الشذوذ والعلة.
شرح التعريف:
1-الاتصال: ومعناه أن يكون كل واحد من رواة الحديث سمع ممن فوقه حتى يبلغ قائله.
2-العدالة في الرواة: الملكة التي تحث على التقوى، وتحجز صاحبها عن المعاصي والكذب وما يخل بالمروءة.
3- الضبط: نوعان: ضبط صدر: وهو أن يسمع الراوي الحديث من الشيخ ثم يحفظه في صدره، ويستحضره متى شاء.
وضبط كتاب: وهو أن يسمع الراوي الحديث من الشيخ ثم يكتبه في كتاب عنده ويصونه من التحريف والتبديل.
4- الخلو من الشذوذ بأن لا يخالف الثقة من هو أوثق منه من الرواة.
5- الخلو من العلة: وهي سبب يطرأ على الحديث فيقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
ووجه دلالة هذه الشروط الخمسة على صحة الحديث:
أن العدالة والضبط يحققان أداء الحديث كما سمع من قائله، واتصال السند على هذا الوصف في الرواة يمنع اختلال ذلك في أثناء السند، وعدم الشذوذ يحقق ويؤكد ضبط هذا الحديث الذي نبحثه بعينه وأنه لم يدخله وهم، وعدم الإعلال يدل على سلامته من القوادح الخفية.
حكم الحديث الصحيح:
أجمع العلماء من أهل الحديث ومَنْ يُعْتَدُ به من الفقهاء والأصوليين على أن الحديث الصحيح حجةْ يجب العمل به، سواء كان راويه واحدا لم يروه غيره، أو رواه معه راو آخر، أو اشتهر برواية ثلاثة فأكثر.
الصحيح لغيره
الصحيح الذي سبق تعريفه هو الذي بلغ درجة الصحة بنفسه دون أن يحتاج إلى ما يقويه، ويسميه العلماء الصحيح لذاته. وهذا لا يشترط للحكم بصحته أن يكون عَزيزاً أي أن يُرْوّى من وجه آخر.
أما الصحيح لغيره: فهو الحديث الحسن لذاته إذا روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه، فإنه يقوى ويرتقي من درجة الحسن إلى الصحيح، ويسمى الصحيح لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت من انضمام غيره له.
مرتبته: هو أعلى مرتبة من الحسن لذاته، ودون الصحيح لذاته.
أصح الأسانيد:
واختلفوا في ذلك على أقوال كثيرة، والصحيح في هذه المسألة أنه لا يقال عن إسناد: إنه أصح الأسانيد مطلقاً، إلا مع التقييد بالصحابي أو بالبلد.
مقيداً بالصحابي:مثاله: أصح الأسانيد عن أبي بكر: ما رواه إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن حازم، عن أبي بكر.
مقيداً بالبلد: أصح أسانيد المكيين: ما رواه سفيان بن عينية، عن عمر بن دينار، جابر بن عبد الله. وهناك من يقول:
1- أصح الأسانيد : مالك عن نافع عن ابن عمر.
2- أصحها : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه.
3-4 أصحها: محمد بن سيرين بن عَبِيدة السلماني عن علي.
5- سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود.
أصح أحاديث الباب وأحسن:
يوجد في كلام المحدثين قولهم: "أصح شيء في الباب كذا" أو "أحسن شيء في الباب كذا". ويكثر ذلك في جامع الترمذي، وفي تاريخ البخاري.
ولا يلزم صحة الحديث ولكن قد يكون ضعيفاً ومرادهم بذلك الأرجح أو الأقل ضعفاً أو الأحسن أو الأمثل.
مصادر الحديث الصحيح
1- الموطأ:
مؤلفه الإمام مالك بن أنس الفقيه المجتهد نجم الآثار النبوية ، من كبار أئمة المسلمين ، ومن فقهاء المدينة الذين تحققت بهم كلمة النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة " [ أخرجه تانرمذي ].
2- الجامع الصحيح للبخاري:
مؤلفه: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجُعْفيّ وَلاءً .
ولد سنة 194 بخزتنك قرية قرب بخارَى ، وتوفي فيها سنة 256 هـ.
وبدت عليه علائم الذكاء والبراعة منذ حداثته: حفظ القرآن - وهو صبي- ثم استوفى حفظ حديث شيوخه البخاريين ونظر في الرأي وقرأ كتب ابن المبارك حين استكمل ست عشرة سنة، فرحل في هذه السن إلى البلدان وسمع من العلماء وأكب عليه الناس وتزاحموا عليه ولم تطلع لحيته.
2- صحيح مسلم:
مصنفه الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري ولد بمدينة نيسابور سنة 206 هـ وتوفى بها سنة 261هـ. كان إماما جليلا مهابا، وكان غيوراً على السنة والذب عنها، تتلمذ على البخاري وأفاد منه ولازمه. وهجر مِنْ أجله من خالفه، وكان في غاية الأدب مع إمامه البخاري.
- 4صحيح ابن خُزَيْمَة :للإمام المحدث الكبير أبي عبد الله أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، المتوفى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة (311هـ). وقد عُرِفَ بالتحري، حتى انه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد، فيقول: (( إن صح الخبر )) أو (( إن ثبت كذا )) ونحو ذلك.
5- صحيح ابن حِبّان: للإمام المحدث الحافظ أبي حاتم محمد بن حِبّان البُسْتي، المتوفى سنة (354هـ) تلميذ ابن خزيمة، ويسمى كتابه هذا: ((التقاسيم والأنواع )).
هذان الكتابان صحيحا ابن خزيمة وابن حبان اشترط صاحباهما الصحة فيما يخرجانه فيهما، إلا أن العلماء لم يجمعوا عليهما بل وقعت انتقادات لأحاديث فيهما تساهلا في تصحيحها.
6- المختارة، للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة (643هـ)، وهو كتاب التزم ما يصلح للحجية.
لكن انتقد على الكتاب تصحيح أحاديث لا تبلغ رتبة الصحة، بل ولا رتبة الحسن.
2- الحديث الحسن:
الحديث الحسن: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الذي قل (خفَّ) ضبطه عن مثله إلى منتهى من غير شذوذ ولا علة.
الحسن لغيره: هو الحديث الضعيف إذا روى من طريق أخرى أقوى منه.
حكم الحسن: الحسن بنوعيه يشارك الصحيح في الاحتجاج والعمل به عند جميع الفقهاء وأكثر المحدثين، وإن كان دونه في القوة.
الحسن لغيره:
هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو كذِبهُ.
يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:
أ) أي يُروى من طريق آخر فأكثر، على أن يكون الطريق الآخر مثله أو أقوى منه.
ب) أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله.
مرتبته:
الحسن لغيره أدنى مرتبة من الحسن لذاته.
وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيره قُدِّمَ الحسنُ لذاته.
ألقاب الحديث المقبول:
كثيراً ما يستعمل المحدثون للدلالة على قبول الحديث ألقاباً غير قولهم: ((صحيح))، أو قولهم: ((حسن))، مثل ((الجيد))، و((القوي))، و ((الصالح))، و ((المعروف))، و ((المحفوظ))، و ((المُجَوَّد))، و ((الثابت)).
فأما الجيد، فقد قرر الحافظ ابن حجر أنه لا مغايرة بين صحيح وجيد عندهم، إلا أن الجهبذ منهم لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا لنكتة، كأن يرتقى الحديث عنده عن الحسن لذاته، ويتردد في بلوغه الصحيح، فالوصف به أنزل رتبة من الوصف بصحيح، وكذا القوي.
وأما الصالح، فيشمل الصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج بهما، ويستعمل أيضاً في ضعيف ضعفاً يسيراً لأنه يصلح للاعتبار.
وأما المعروف فهو مقابل المنكر، والمحفوظ مقابل الشاذ.
والمجوّد والثابت يشملان أيضاً الصحيح والحسن.
مصادر الحديث الحسن
وأهم مصادر الحديث الحسن: السنن الأربعة، والمسند للإمام أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلى، نعرف بها فيما يلي:
1- "الجامع" للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَة الترمذي، المولودسنة 209 هـ والمتوفى سنة 279 هـ.
وكان الترمذي من خواص تلامذة البخاري، شهد له العلماء بالعلم والحفظ والمعرفة، وبالديانة والورع، حتى إنه لغلبه الخشية عليه كُفَّ بصره آخر عمره بسبب البكاء من خشية الله تعالى.
2- "السنن" للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المولود سنة (202 هـ) والمتوفى سنة (273هـ). وأبو داود من تلامذة البخاري أيضاً، أفاد منه وسلك في العلم سبيله، وكان يشبه الإمام أحمد في هديه ودله وسمته.
3- "المجْتَبَى" للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المولود سنة (215هـ) والمتوفى (303هـ) .
قال الدارقطني: (( أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره )).
))كان النسائي إماماً حافظاً ثبتا )).
4-"سنن المصطفى" لابن ماجه محمد بن يزيد القزويني الحافظ الكبير المفسر، ولد سنة (209هـ) وتوفي سنة (273). (( ابن ماجة ثقة كبير متفق عليه، محتج به، له معرفة وحفظ ...)).
5- "المسند" للإمام المبجل أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة والحديث، ولد سنة (164) وتوفي (241).
قال الشافعي: ((خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه من أحمد بن حنبل )).
6- "المسند" لأبي يعلي الموصلي أحمد بن علي بن المثنى، ولد سنة عشر ومئتين، وارتحل في طلب الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة، وعمِّر وتفرد ورحل إليه الناس. وتوفي سنة (307هـ) .
أثنى عليه العلماء ووصفوه بالحفظ والإتقان والدين .
ب- القسم الثاني : أنواع الحديث المردود.
1- الضعيف.
الضعيف هو: ما لم يجمع صفة الحسن، بفقد شرط من شروطه.
قال البيقوني في منظومته:
وكل ما عن رتبة الحُسْنِ قَصُر فهو الضعيف وهو أقسام كُثُر
وشروط الحديث المقبول ستة هي:
اتصال السند، والعدالة، والضبط، وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة، وعدم وجود العاضد عند الاحتياج إليه.
أنواع الضعيف:
الحديث الضعيف له أنواع كثيرة، منها ما له لقب خاص، ومنها ما ليس له لقب خاص، وقد كثرت أقوال المحدثين في تقسيماته، فذكر الحافظ ابن الصلاح للضعيف تقسيمات باعتبار فقدان صفة واحدة من صفات القبول أو صفتين أو أكثر، فبلغت أقسامه عنده اثنين وأربعين،وأوصلها بعضهم إلى ثلاثة وستين، وبعضهم إلى تسعة وعشرين ومائة باعتبار التقسيم العقلي، وإلى واحد وثمانين باعتبار ممكن الوجود وإن لم يتحقق وقوعه، وقد بسط ذلك الحافظ العراقي. وكل ذلك كما قال الحافظ ابن حجر: تعب ليس وراءه أرب.
ويمكننا أن نذكر جملة مشهورة من أنواع الضعيف ونبين وجه تنوعها، تقريباً لفهم المبتدىء فنقول:
إذا فقد شرط اتصال السند: فان كان من أول السند ولو إلى آخره فهو المعلق، وإن كان من آخره فهو المرسل -على خلاف في الاحتجاج به- وإن كان من وسط السند: فان كان الساقط من الرواة واحداً فهو المنقطع. وإن كان اثنين إِثرَ بعضِهم فهو المعضل. ويدخل في هذه الزمرة أيضاً المعنعن الذي لم يحكم باتصاله.
وأما إذا فقد شرط العدالة: فان كان ذلك بسبب الجهالة بعين الراوي أو حاله فيقال فيه ضعيف للجهل بعين الراوي أو بحاله، وإن سمي الراوي باسم غير معين فهو المبهم، وإن كان فقد العدالة لفسق الراوي أو كذبه فانه تحت لقب المتروك، وإن كان ذلك مع المخالفة فهو المنكر -على رأي من يشترط فيه المخالفة-.
وأما إذا فقد الضبط: فان كان ذلك بسبب غفلة الراوي أو كثرة نسيانه أو خطأه في الحديث فيدخل تحت لقب المتروك أيضاً، وإن كان لاضطراب رواياته فهو المضطرب.
وأما إذا كان في الحديث علة قادحة فهو المعلل.
وإذا كان فيه شذوذ -أي مخالفة للثقات- فهو الشاذ.
وهناك أنواع للضعيف منها ما له لقب يخصه، ومنها ما ليس له لقب خاص، وإنما يذكر فيه وجه الضعف فقط.
ضعف الإسناد لا يقتضي ضعف المتن:
وههنا مسألة هامة جداً تدل على دقة نظر المحدثين في تطبيق أصول النقد، حيث نبهوا على أنه لا يلزم من ضعف السند ضعف المتن، كما أنه لا يلزم من صحة السند صحة المتن.
فقد يضعف السند و يصح المتن لوروده من طريق آخر، كما أنه قد يصح السند ولا يصح المتن لشذوذ أو علة.
حكم العمل بالحديث الضعيف:
اختلف العلماء في الأخذ بالضعيف على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنه لا يجوز العمل به مطلقاً.
المذهب الثاني: أنه يعمل به مطلقاً
المذهب الثالث: أنه يعمل به في الفضائل العملية والمواعظ والقصص ونحو ذلك مما ليس له تعلق بالعقائد والأحكام.
يستحب العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال من المستحبات والمكروهات، وهو مذهب جماهير العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم، وقد أوضح الحافظ ابن حجر شروطه خير إيضاح فقال: "إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة:
الأول: متفق عليه، وهو أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
الثاني: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.
الثالث: ألا يُعْتَقَدَ عند العمل به ثبوته، لئلا ينسبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله)).
2- المضعف
وهو الذي لم يجمع على ضعفه، بل ضعفه بعضهم وقواه آخرون: إما في المتن أو في المسند.
3- المتروك
هو الحديث الذي يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة، وكذا من عرف بالكذب في كلامه وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي.
وهذا النوع يسمى متروكاً ولم يسم موضوعاً، لأن مجرد الاتهام بالكذب لا يُسَوِّغُ الحكم بالوضع.
4- المطروح
ما نزل عن الضعيف وارتفع عن الموضوع.
5- الحديث الموضوع: هو المختلق المصنوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بالحقيقة ليس بحديث، لكنهم سموه حديثاً بالنظر إلى زعم راويه.
وكثيراً ما يكون اللفظ المزعوم من كلام الحكماء أو الأمثال، أو من آثار الصحابة ينسبه الواضع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون من نسج خياله وإنشائه.
والحديث الموضوع هو شر الأحاديث الضعيفة، وأشدها خطراً، وضرراً على الدين وأهله.
أسباب الوضع: الأسباب التي حملت الوضاعين على اختلاق الأحاديث هي كثيرة نذكر أهمها:
الأول: قصد الواضع إلى إفساد الدين على أهله، كما فعلت الزنادقة إذ وضعوا أربعة عشر ألف حديث كما رواه العقيلي. منهم عبد الكريم ابن أبي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي. قال ابن عدي: لما أخذ يضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرّم فيها الحلال وأحلِّل الحرام. ومنهم محمد بن سعيد الشامي المصلوب روى عن حميد عن أنس مرفوعاً: أنا خاتم النبيين لا نبيَّ بعدي إلا أن يشاء الله وضع هذا الاستثناء لما يدعو إليه من التنبؤ والإلحاد.
الثاني: قصد الواضع نصرة مذهبه.
كما روى ابن أبي حاتم عن شيخ من الخوارج أنه كان يقول بعد ما تاب: انظروا عمن تأخذون دينكم! فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيّرناه حديثاً.
الثالث: قصد الواضع التقرب إلى الرؤساء والأمراء بما يوافق فعلهم، كما في قصة غياث بن إبراهيم مع المهدي.
الرابع: رغبة الواضع في التكسب والارتزاق، كأبي سعيد المدائني.
الخامس: قصد الأجر والثواب في زعم الواضع. كما فعله قوم من الجهلة حيث وضعوا أحاديث في الترغيب احتساباً في زعمهم الباطل.
قال في التدريب: من أمثله ما وضع حِسبة: ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورةً سورةً وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن اسحاق، فوضعت هذا الحديث حِسبةً. وكان يقال لأبي عصمة هذا "نوح الجامع" قال ابن حبان: جمع كل شيء إلا الصدق.
السادس: قصد الواضع الاغراب لأجل الاشتهار.
محاربة الوضع وأهم وسائلها:
انبرى العلماء لمحاربة الوضع ودرء مفاسد الوضاعين، واتبعوا من أجل ذلك وسائل علمية دقيقة نلخصها.
لك فيما يلي:
1- البحث في أحوال الرجال وتتبع سلوكهم ورواياتهم، حتى فارقوا من أجل ذلك الأهل والأوطان .
2- التحذير من الكذابين وفضحهم، والإعلان بكذبهم على رؤوس الخلائق.
3- البحث عن الأسانيد: فلا يقبل حديث لا يوجد له إسناد.
4- اختبار الحديث بعرضه على الروايات الأخرى والأحاديث الثابتة.
5- وضع ضوابط يكشف بها الحديث الموضوع.
6- التصنيف في الأحاديث الموضوع، للتنبيه عليها، والتحذير منها.
علامات الحديث الموضوع
وهي علامات استخلصها المحدثون من أبحاثهم وتنقيبهم عن الأحاديث الموضوعة واحداً واحداً، تيسر معرفة الحديث الموضوع وتكفي مؤونة التطويل، وقد شملت هذه الضوابط النظر في حال الراوي، وفي حال المروي، كما نفصله فيما يلي :
علامات الوضع في الراوي:
1- إقراره بأنه وضعه.
2- أن يكذبه التاريخ.
3- أن تقوم قرينه في حال الراوي على أن ذلك المروي موضوع.
4- أن يتفرد برواية عن شيخه وشأن مرويات شيخه أن تشتهر.
علامات الوضع في المروي :
1- كون ذلك المروي ركيك المتن، لفظاً أو معنىً.
2- أن ينقب عن الحديث ثم لا يوجد عند أهله من صدور الرواة وبطون الكتب، بعد أن تم استقراء الأحاديث وتدوينها.
3- أن يكون الحديث مخالفاً للقضايا المقررة، كأن يكون مخالفاً للعقل ولا يقبل التأويل، أو اشتمل على أمر يدفعه الحس والمشاهدة أو الواقع التاريخي.
4- أن يخالف المروي دلالة الكتاب القطعية، أو السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي، أو دليل العقل، ولم يقبل التأويل ليوافق ما خالفه، فأما إن قبل التأويل فلا.
5- استقراء الأبواب: أي قولهم لم يصح في الباب شيء أو إلا حديث كذا، وذلك لما قاموا به من استقراء للأحاديث وتبويبها. وهو ضابط هام رأينا التنبيه عليه لعظيم فائدته.
6- أن يكون المروي قد تضمن الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير، أو الوعيد العظيم على الفعل الحقير، ويكون هذا في أحاديث القصص.
7- أن يكون خبراً عن أمر جسيم تتوافر الدواعي على نقله بمحمل الجمع العظيم، ثم لا يرويه إلا واحد.
حكم الوضع: الوضع بأنواعه حرام بإجماع المسلمين الذين يُعتد بهم.
أحكام الموضوع: اتفق العلماء على أن الموضوع ساقط الاعتبار بكل اعتبار، لأنه كذب مختلق.
حكم رواية الموضوع: تحرم روايته مع العلم بوضعه في أي معنى كان، سواء الأحكام والقصص والترغيب والترهيب، وغير ذلك، إلا أن يقرنه ببيان وضعه، لحديث مسلم:
" من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".
مصادر الحديث الموضوع:
وإليك أهم هذه المصادر فيما يلي:
1- الموضاعات: للإمام الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة ( 597) .
2- ((اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)) للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911 هـ ).
3- (( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)). للحافظ أبي الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني المتوفى ( 963 هـ).
4- ((المنار المنيف في الصحيح والضعيف)) للحافظ ابن قيم الجوزية (المتوفى سنة 751 هـ ).
5- ((المصنوع في الحديث الموضوع)). للحافظ علي القاري (المتوفى سنة 1014هـ).
=====================
مصطلح الحديث النوع الرابع: علوم المتن أ- القسم الأول: علوم المتن من حيث قائله 1. الحديث القدسي 2. الحديث المرفوع 3. الموقوف 4. المقطوع مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع المسألة الأولى: مذاهب العلماء في حجية الحديث الموقوف المسألة الثانية: ما له حكم الرفع من الحديث المقطوع لا يحتج به ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته 1-غريب الحديث 2-أسباب ورود الحديث 3-ناسخ الحديث ومنسوخه 4-مختلف الحديث 5-محكم الحديث
المتن: هو ما انتهى إليه السند من الكلام.
ينقسم هذا النوع إلى قسمين:
أ- القسم الأول: علومُ متن الحديث من حيث قائله.
1-الحديث القدسي
الحديث القدسي: هو ما نُقل إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل.
ومن أمثلة الحديث القدسي:
حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى:
(( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) .
[أخرجه مسلم وابن ماجه].
الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن:
"إن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول ومعناه من عند الله بالإلهام أو بالمنام".
ويختص القرآن بخصال ليست في الحديث القدسي أهمها:
1-أن القرآن معجز من أوجه وهي: كونه معجزة باقية على ممر الدهر، محفوظة من التغيير والتبديل، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبتعينه في الصلاة، وبتسميته قرآناً....
2-أننا تعبدنا بلفظ القرآن، ولا يجوز لمسه لمحدث ولا قراءته للجنب على ما ذهب إليه الأئمة الأربعة.
3-تواتر القرآن، وعدم تواتر الأحاديث القدسية -وهي ما نقل إلينا آحاداً بل فيها ما يضعف.
2-الحديث المرفوع
الحديث المرفوع: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة وسواء كان المضيف هو الصحابي أو من دونه متصلاً كان الإسناد أو منقطعاً، فيدخل في المرفوع الموصول والمرسل والمتصل والمنقطع وهذا هو المشهور في حقيقته، وهناك أقوال أخرى في حقيقته وتعريفه.
3-الموقوف
وهو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، سواء كان الإسناد إليه متصلاً أم منقطعاً.
سمي موقوفاً لأنه وقف به عند الصحابي، ولم يرتفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
4- المقطوع
هو: ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل.
حكم الاحتجاج به:
المقطوع لا يحتج به في شيء من الأحكام الشرعية، أي ولو صحت نسبته لقائله، لأنه كلام أو فعل أحد المسلمين، لكن إن كانت هناك قرينة تدل على رفعه، كقول بعض الرواة: -عند ذكر التابعي- "يرفعه" مثلاً، فيعتبر عندئذ له حكم المرفوع المرسل.
مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع
المسألة الأولى:
اختلف العلماء في الاحتجاج بما ثبت عن الصحابة من الموقوفات في إثبات الأحكام الشرعية.
فذهب الحنفية ومالك وأحمد إلى أنه حجة، لما أن حال الصحابة كان العمل بالنسبة وتبليغ الشريعة .
المسالة الثانية: ما له حكم الرفع:
إذا احتف الحديث الموقوف بقرائن معنوية أو لفظية تدل على رفعه فإنه يكون له حكم المرفوع ويحتج به.
وذلك في عدة صور بينها العلماء وهي:
أنواع الموقوف: الموقوف من حيث الحكم نوعان: موقف له حكم المرفوع، وموقوف ليس له حكم المرفوع. والأول على وجوه:
الأول: قول الصحابي: أُمرنا أو نهينا أو أوجب علينا أو أبيح لنا أو نحو ذلك من الإخبار عن الأحكام بصيغة ما لم يسم فاعله.
فكل ذلك مرفوع، لأن الآمر في ذلك والناهي والموجب هو النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: قول الصحابي: كنا نفعل، أو كنا نقول، أو كانوا يفعلون، أو كانوا يقولون، أو كنا لا نرى بأساً بكذا، أو كانوا لا يرون بأساً بكذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسم وهو فينا، أو بين أظهرنا.
الثالث:قول صحابي: من السنة كذا، أو أصبت السنة أو السنة كذا وكذا.
الرابع: أن يتكلم الصحابي كلاماً في أمور نقلية أو يعمل عملاً لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، أو يحكم على فعل أنه طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو معصية.
الخامس: أقوال الصحابة في أسباب نزول الآيات الكريمة كقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزوَّدون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] رواه البخاري.
وكذلك أقوال الصحابة في تفسير الآيات ومعانيها على وجه لا علاقة له باللغة،العربية، ولا مجال للرأي والاجتهاد فيه، كتفسير أمر مغيب من أمور الدنيا أو الآخرة أو الجنة أو النار، أو تعيين ثواب أو عقاب أو نحو ذلك. كقول أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 29] قال: تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفهم لفحة فلا تبقي لحماً على عظم.
وأما تفسير الصحابي المشتمل على بيان المعاني اللغوية، أو بيان حكم للرأي فيه مجال: فليس له حكم المرفوع.
السادس: قول التابعي فمن دونه عند ذكر الصحابي: يرفعه، أو يرفع الحديث، أو ينميه، أو يبلغ به، أو يرويه، أو رواه، أو رواية، فإن ذلك كله له حكم المرفوع. قال الحافظ العراقي:
وقولهم: يرفعه، يبلغ به رواية، ينميه: رفع فانتبه
ويلتحق بذلك ما إذا قيل عند ذكر الصحابي: "قال: قال" ففاعل "قال" الثاني هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره العراقي ومثّل له بما رواه الخطيب بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال:"الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه".
وأما إذا قال الصحابي "عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه" فهو في حكم قوله:عن الله عز وجلّ، ويكون من الأحاديث الإلهية.
النوع الثاني: ما ليس له حكم المرفوع، وهو ما عدا الوجوه التي لها حكم الرفع.
المسألة الثالثة في الحديث المقطوع:
الحديث المقطوع لا يحتج به في إثبات شيء من الأحكام الشرعية، وإذا احتف بقرائن تفيد رفعه، فإنه عندئذ يكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لسقوط الصحابي منه.
ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته.
1- غريب الحديث.
غريب الحديث: هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
ومعرفة معاني هذه الألفاظ علم مهم بالنسبة للمحدث، كي لا يكون ناقلاً للأخبار لا يدري ما يرويه.
2- أسباب ورود الحديث
وهو ما ورد الحديث متحدثاً عنه أيام وقوعه.
ومنزلة هذا الفن من الحديث كمنزلة أسباب النزول من القرآن الكريم .
وهو طريق قوي لفهم الحديث، لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّبِ.
3- ناسخ الحديث ومنسوخه
النسخ: هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر .
وقد وقع النسخ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لحكم جليلة، منها ضرورة التدرج بالناس من حضيض الجاهلية إلى علو المثالية الإسلامية.
ويعرف النسخ بأمور:
منها:- أن يثبت بتنصيص الشارع عليه، كحديث ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) . [ أخرجه مسلم وغيره ] .
ومنها:- بجزم الصحابي المتأخر، كحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
(( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار )) [أخرجه أبو داود والنسائي ].
ومنها:- ما عرف نسخه بالتاريخ، كحديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أفطر الحاجم والمحجوم )).
ومنها:- ما عرف نسخه بالإجماع. قال السيوطي والمثال الصحيح لذلك ما رواه الترمذي من حديث جابر رضي الله عنه قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان. قال الترمذي: أُجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.
4- مختلف الحديث
وربما سماه المحدثون ((مشكل الحديث)).
وهو أن يوجد حديثان متضادان في المعنى بحسب الظاهر.
وهو من أهم ما يحتاج إليه العالم والفقيه، ليقف على حقيقة المراد من الأحاديث النبوية، لا يَمْهَرُ فيه إلا الإمام الثاقب النظر.
5- محكم الحديث.
حكمه: أما الحكم في ذلك فهو أن ينظر في ذلك:
1. فإن أمكن الجمع بينهما بوجه صحيح فلا يعدل عنهما، بل يعمل بهما معاً.
2. وأما إذا كان الحديثان المتعارضان لا يمكن الجمع بينهما، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ للأخر بوجه من الوجوه الدالة على النسخ، أخذنا بالناسخ.
3. وإن لم يثبت النسخ أخذنا بالأرجح منهما.
وهو ((الأخبار التي لا معارض لها بوجه من الوجوه)).
مثال ذلك : حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي مستترة بقرام فيها صورة تماثيل، فتَلَوَّن وجهه، ثم أهوى على القرام فهتكه بيده، ثم قال:
"إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله" [ متفق عليه ].
=====================
مصطلح الحديث النوع الخامس: علوم السند أ- القسم الأول: علوم السند من حيث الاتصال المتصل -المسند - المعنعن والمؤنن · المسلسل · -العالي · -النازل · -المزيد في متصل الأسانيد · -حكم الاتصال وأنواع المتصل ب- القسم الثاني: علوم السند من حيث الانقطاع 1. المنقطع 2. -المرسل(حكم المرسل-تتمة في مرسل الصحابي) 3. -المعلق 4. المعضل 5. المدلس(القسم الأول: تدليس الإسناد-الأول: تدليس الاسقاط-الثاني: تدليس التسوية-الثالث: تدليس القطع-الرابع: تدليس العطف-القسم الثاني: تدليس الشيوخ) 6. المرسل الخفي(وسائل معرفة الإرسال)
المراد بالسند هنا: هو الطريق الموصلة إلى المتن -يعني رجال الحديث- وسموا بذلك لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره.
والبحث في السند دعامة أساسية في علوم الحديث، وفي التوصل إلى هدفه الأسمى والغرض المطلوب منه، وهو تمييز الحديث المقبول من المردود.
لذلك عني المحدثون بتحقيق الأسانيد والبحث فيها، لما أنه كثيراً ما يتوصل عن طريق السند إلى نقد للمتن لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البحث في السند.
أ- القسم الأول: علوم السند من الإتصال
1- المتصل
هو الحديث الذي اتصل إسناده بسمع كل راوٍ ممن فوقه من أوله إلى منتهاه، مرفوعاً أو موقوفاً.
2- المسند
الحديث المسند: هو ما اتصل سنده مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا يدخل الموقوف والمقطوع ولو اتصل إسنادهما، ولا المنقطع، ولو كان مرفوعاً.
وهذا هو المعتمد المشهور في تعريف المسند.
3و4- المعنعن والمؤنن
هذان النوعان يدرسان بعض الصيغ التي يستعملها الرواة في النقل عمن فوقهم، لما فيها من احتمال عدم الاتصال.
والمعنعن: هو الذي يقال في سنده: فلان عن فلان، دون بيان للتحديث أو الإخبار أو السماع، فهو من صفات الإسناد.
حكم المعنعن: اختلف العلماء في حكم المعنعن أهو من قبيل المتصل أم من قبيل المنقطع؟.
فذهب الجمهور من المحدثين والفقهاء والأصوليين إلى أنه يعتبر من المتصل بشرطين
أحدهما: سلامة معنعنه من التدليس. والثاني: ثبوت ملاقاته لمن رواه عنه بالعنعنة على مذهب البخاري وشيخه علي بن المديني وغيرهما. أو ثبوت كونهما في عصر واحد مع إمكان اللقاء، وإن لم يثبت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها عند الإمام مسلم.
وأما المؤنن: فهو الذي يقال في سنده: فلان أن فلاناً …إلخ
حكم المؤنن: ذهب الجمهور إلى التسوية بين الرواية بلفظ: عن فلان ولفظ: أن
فلاناً، ولا عبرة للحروف إنما هو اللقاء أو المعاصرة مع إمكان اللقاء، والسلامة من التدليس.
5- المسلسل
المسلسل في اصطلاح المحدثين : هو الحديث الذي توارد رجال إسناده واحداً فواحداً على حاله واحدة، أو صفة واحدة للرواة و للرواية.
6- العالي
الإسناد العالي: هو الإسناد الذي قل عدد رجاله مع الاتصال.
وكذا إذا تقدم سماع رواية، أو تقدمت وفاة شيخه.
وينقسم العلو بحسب جهته أقساماً خمسة، ترجع إلى قسمين رئيسيين : علو مسافة بقلة الوسائط، وعلو صفة.
أما العلو بالمسافة فهو ثلاثة أقسام:
القسم الأول: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد صحيح.
القسم الثاني: القرب من إمام من أئمة الحديث. وهو علو نسبي.
القسم الثالث: العلو بالنسبة إلى الكتب الحديثية المشتهرة، وهو أن يعلو إسناد المحدث بالنسبة إلى روايته عن طريق الصحيحين وبقية الستة.
وأما علو الصفة: فهو هذان القسمان الباقيان.
الأول: العلو بتقدم وفاة الراوي.
الثاني: العلو بتقدم السماع من الشيخ.
7- النازل
الحديث النازل: ضد العالي، وهو الإسناد الذي كثر عدد رجاله.
ينقسم النزول إلى خمسة أقسام وهي:
1- كثرة الوسائط إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وهو نزول مسافة مطلق.
2- كثرة الوسائط إلى إمام من أئمة الحديث . وهو نزول مسافة نسبي.
3- نزول الإسناد من طريق غير الكتب الستة عن الإسناد من طريقها. وهو نزول مسافة نسبي أيضا.
4و5- تأخر الوفاة وكذا تأخر السماع وهما نزول صفة.
8- المزيد في متصل الأسانيد
وهو أن يزيد راو في الإسناد المتصل رجلاً لم يذكره غيره.
حكم الاتصال وأنواع المتصل
اتصال السند له شأن كبير في مصطلح الحديث، يتوقف عليه قبول الحديث كما عرفت من قبل، فإذا وجد الاتصال مع سائر شروط القبول كان الحديث مقبولاً، وإلا كان مردوداً، فأنواع هذا القسم مشتركة بين أقسام الحديث الثلاثة : الصحيح، الحسن، الضعيف.
ب- القسم الثاني : علومُ السنَدِ مِنْ حَيثُ الانقطاع.
1- المنقطع
هو ما سقط من إسناده راو أو أكثر قبل الصحابي لا على التوالي. وهو قول أكثر المحدثين، وهو الصحيح.
2- المرسل
هو رواية التابعي مطلقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا تعريف أكثر المحدثين، منهم الحاكم وابن الصلاح وابن حجر وغيرهم، وهو الصحيح.
حكم المرسل:
اختلف العلماء في حكم المرسل على أقوال أشهرها ثلاثة:
القول الأول: أنه يجوز الاحتجاج له مطلقاً، وهذا قول الإمام أبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنهما، وأتباعهم من الفقهاء والمحدثين والأصوليين.
القول الثاني: أنه ضعيف لا يحتج به. وقد حكى النووي "التقريب: هذا القول عن جماهير من المحدثين وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول.
القول الثالث: هو التفصيل وهو قول الإمام الشافعي. وذلك أن المرسل يحتج به إذا اعتضد بعاضد: بأن يُروى مسنداً، أو مرسلاً من جهة أخرى أو يعمل به بعض الصحابة، أو أكثر الفقهاء.
3- المعلق
والحديث المُعَلَّق: هو الحديث الذي حُذِفَ من مُبْتَدأ سنده، واحد فأكثر على التوالي ولو إلى نهاية السند، وعزي لمن فوق المحذوف.
4- المعضل
وفي اصطلاح المحدثين: هو ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر في موضع واحد على التوالي، سواء كان في أول السند أو وسطه أو منتهاه.
حكمه: من أنواع المردود للجهالة بحال الساقط.
5- المدلس
أنواع التدليس: التدليس نوعان تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ.
أولاً: تدليس الإسناد: هو أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو يروي عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه سمعه منه، بأن يقول: عن فلان، أو قال فلان، أو أن فلاناً فعل كذا، أو أن فلاناً قال كذا، ونحو ذلك من كل لفظ يوهم الاتصال ولا يقتضيه.
أما إذا روى عمن لم يعاصره بلفظ يوهم الاتصال فليس بتدليس على الصحيح
المشهور بل هو منقطع. ويعبَّر على ذلك بأنه إرسال ظاهر.
وإذا صرح بالسماع ولم يكن سمع من شيخه ولم يقرأ عليه فانه يكون من باب
الكذب الصريح فيكون مجروحاً مردود الرواية. وهذا النوع من التدليس أشار إليه الإمام البيقوني بقوله: الأول الإسقاط للشيخ الخ…
حكم تدليس الإسناد:إن هذا النوع من التدليس مكروه جداً قد ذمَّه أكثر العلماء، حتى إن فريقاً منهم ردَّ رواية من عرف بذلك وإن صرح بالسماع كما حكاه النووي، ثم بين أن القول الصحيح في ذلك هو التفصيل: فما رواه المدلِّس بلفظ محتمل لم يبين فيه الاتصال لا يقبل، كقوله: عن فلان، ويحكم عليه بالانقطاع. وما بين فيه الاتصال بأن قال في بعض رواياته: حدَّثني فلان، أو سمعت فلاناً، أو حدثنا أو أخبرنا أو نحو ذلك، فهو مقبول محتج به حيث كان ثقة، لأن الرواية التي جاءت بلفظ الاتصال دلت على أن الرواية التي جاءت بلفظ محتمل كـ (عن فلان) أو نحوه هي متصلة أيضاً.
ثانياً: تدليس الشيوخ: وهو: أن يسمى الراوي شيخه باسم أو يكنيه بكنية أو يلقبه بلقب أو ينسبه إلى قبيلة أو بلدة أو يصفه بصفة غير ما اشتهر به من الاسم أو الكنية أو اللقب أو النسبة أو الصفة.
مثال ذلك: قول أبي بكر بن مجاهد المقرىء: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله، يريد به:
عبد الله بن أبي داود السجستاني صاحب السنن.
حكم هذا النوع: هذا النوع مكروه عند علماء الحديث، لأنه إذا ذكر شيخه بما لا يعرف به، فقد دعا إلى جهالته، فربما يبحث عنه الناظر فيه فلا يعرفه. ولما في ذلك من تضييع المروي عنه. ويختلف الحال في كراهة هذا النوع باختلاف القصد الحامل عليه.
فشره أن يكون الحامل على ذلك هو ضعف المروي عنه، فيدلسه حتى لا تظهر
روايته عن الضعفاء، كما فعل بعض المدلسين في محمد بن السائب الكلبي الضعيف حيث قال فيه: حماد. فلا ريب أن هذا حرام لتضمنه الغش والخيانة.
وقد يكون الحامل عليه كون المروي عنه أصغر سناً من المدلس، أو أكبر لكن بيسير،
أو بكثير لكن تأخر موته حتى شاركه في الأخذ عنه من هو دونه.
وقد يكون الحامل على ذلك إبهام كثرة الشيوخ، بأن يروي عن الشيخ الواحد في موضع بصفة، وفي موضع آخر بصفة أخرى يوهم أنه غيره.
6- المرسل الخفي
والمعتمد أن المرسل الخفي هو الحديث الذي رواه الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، ولم يلقه.
وسائل معرفة الإرسال:
1- أن يُعرف عدم اللقاء بينهما بنص بعض الأئمة على ذلك، أو يعرف بوجه صحيح من البحث في تواريخ الرواة.
2-أن يُعرف عدم السماع منه مطلقاً بنص إمام على ذلك، أو نحوه، كأن يصرح الراوي نفسه بذلك.
3- أن يُعرف عدم سماعه منه لذلك الحديث فقط، وإن سمع منه غيره، إمام بنص إمام أو إخباره عن نفسه.
4- أن يَرِدَ في بعض طرق الحديث زيادة اسم راوٍ بينهما.
=====================
مصطلح الحديث النوع السادس: العلوم المشتركة بين المتن والسند أ- القسم الأول: تفرد الحديث الغريب الإفراد حكم الغريب والفرد ب- القسم الثاني: تعدد رواة الحديث مع اتفاقهم المتواتر: تعريفه وشرحه وأقسامه -المشهور -المستفيض -العزيز -التابع والشاهد تعريفهما والفرق بينهما جـ- القسم الثالث: اختلاف روايات الحديث زيادات الثقات تعريفها وأقسامها القسم الأول: زيادة السند وتحقيق أنها تقبل من حافظ متقن القسم الثاني: زيادة في المتن وهي ثلاثة أنواع وحكم كل نوع الشاذ والمحفوظ · المنكر والمعروف · حكم المنكر بحسب إطلاقاته-قولهم : " أنكر ما رواه فلان" لا يعني ضعفه! -المضطرب -المقلوب -المدرج ومدرج الاسناد له صور أجملناها في ثلاث -كيف يعرف المدرج -حكم المدرج والإدراج وأثره في حديث الراوي -المصحف وله تقاسيم عديدة لطيفة ذكرناها المعلل انتقاد استعماله من حيث اللغة تعريف العلة والحديث المعل وتقسيمه بحسب موقع العلة
1. القسم الأول: تفَرّدُ الحَدِيثِ
1-الغريب
لغة: هو المنفرد أو البعيد عن أقاربه.
إصطلاحاً: هو الحديث الذي تفرد به راويه، في أي طبقة من طبقات السند.
وقد قسم العلماء الغريب بحسب موضع الغرابة فيه أقساماً كثيرة، ترجع إلى قسمين:
الأول: الغريب متنا وإسناداً .
وهو الحديث الذي لا يروى إلا من وجه واحد.
القسم الثاني: الغريب إسناداً لا متنا.
وهو والحديث الذي اشتهر بوروده من عدة طرق عن راو، أو عن صحابي أو عدة رواة، ثم تفرد به فرواه من وجه آخر غير ما اشتهر به الحديث.
2- الأفراد
الحديث الفرد: هو ما تفرد به راويه بأي وجه من وجوه التفرد.
وهو قسمان: الفرد المطلق، والفرد النسبي.
القسم الأول: الفرد المطلق: هو ما كانت الغرابة أو التفرد من أصل سنده، وأصل السند هو طرفه الذي فيه صحابي.
القسم الثاني: الفرد النسبي: هو ما كانت الغرابة أو التفرد في أثناء سنده.
حكم الغريب والفرد:
يخضع حكم هذين النوعين إلى استيفائهما شروط الصحة أو الحسن أو عدم استيفائها،
فينقسم كل منهما ممن حيث القبول أو الرد ثلاثة أقسام:
1. الغريب الصحيح، أو الفرد الصحيح، وهو ما توفرت في سنده شروط الصحة.
2. الغريب الحسن أو الفرد الحسن، وهو ما توفرت فيه صفات الحسن لذاته.
3. الغريب الضعيف أو الفرد الضعيف، وهو ما لم تتوفر فيه صفات الصحيح ولا الحسن.
ب- القسم الثاني: تعدّدُ روَاةِ الَحدِيثِ مَعَ اتِفاقِهِم
1-المتواتر
لغة: اسم فاعل مشتق من التواتر، وهو التتابع.
اصطلاحاً: الحديث المتواتر هو الذي رواه جمع كثير في كل طبقة من طبقات السند يؤمن عادةً تواطؤهم على الكذب عن مثلهم، إلى انتهاء السند واستندوا إلى أمر محسوس.
فقولهم: ((جمع كثير)) أي من غير تقييد بعدد، إنما المقصود العدد الذي يحصل به إحالة العقل تواطؤهم (أي اتفاقهم) على الكذب. وكذا وقوع الكذب أو السهو منهم بالمصادفة.
وقولهم: ((عن مثلهم إلى انتهاء السند)) خرج به ما كان آحاديا في بعض الطبقات ثم رواه عدد التواتر بعد ذلك، فإنه لا يكون متواترا.
مثل حديث: (( إنما الأعمال بالنيات)) فإنه آحادي في مبدأ إسناده وإنما طرأ عليه التواتر في وسط الإسناد، فلا يكون متواتراً.
حكم المتواتر:
أقسام المتواتر:
يقسم العلماء الحديث المتواتر إلى قسمين: متواتر لفظي، ومتواتر معنوي.
أما المتواتر اللفظي: فهو ما تواترت ألفاظه. كحديث ((من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
وأما المتواتر المعنوي: هو ما تواترت معانيه دون ألفاظه مثل أحاديث: رفع اليدين في الدعاء.
هل يشترط للتواتر عدد معين:
اختلف في ذلك على قولين:
1. اشتراط عدد معين فقيل: أربعة، وقيل: خمسة، وقيل سبعة، وقيل: اثنا عشر، وقيل: أربعون، وقيل: سبعون، وقيل: غير ذلك.
2. عدم اشتراط عدد معين واشتراط إحالة العادة تواطؤ الرواة على الكذب، وهو الصحيح.
2- المشهور
ما رواه ثلاثة أو أكثر في كل طبقة من طبقات السند ولم يبلغ حد التواتر.
حكم الحديث المشهور:
ينقسم الحديث المشهور من حيث القبول أو الرد إلى ثلاثة أقسام: الصحيح، والحسن، والضعيف.
3-المستفيض
وهو الحديث المشهور عند جماعة من العلماء.
4- العزيز
هو الذي يكون في طبقة من طبقات سنده راويان فقط .
5و6و7- التابع والشاهد والاعتبار
أما المتابَعَة، فهي أن يوافقَ راوي الحديث على ما رواه من قِبَلِ راو واحد أو أكثر عن شيخه أو عمن فوقه.
وأما الشاهد: هو أن يروي حديث آخر إما بلفظه ومعناه أو بمعناه فقط عن صحابي آخر.
وأما الاعتبار: هو تتبع طرق الحديث الذي ظن أنه تفرد به راويه ليعلم هل له تابع أو شاهد أم لا.
ج- القسم الثالث: اختِلافُ رِوَايَةِ الحَدِيثِ
1- زيادات الثقات
زيادة الثقة: هي ما يتفرد به الثقة في رواية الحديث من لفظة أو جملة في السند أو المتن.
تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الزيادة في السند: ومنها ما يكثر من اختلاف الرواة في وصل الحديث وإرساله، وكذا في رفعه ووقفه.
القسم الثاني: الزيادة في المتن : وهي أن يروي أحد الرواة زيادة لفظة أو جملة في متن الحديث لا يرويها غيره.
2و3- الشاذ والمحفوظ
الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه لكثرة عدد أو زيادة حفظ . والمحفوظ: مقابل الشاذ، وهو ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو دونه في القبول.
4و5- المنكر والمعروف
المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة (وهو الذي استقر عليه الصلاح).
وهذا القسم يقع في مقابلة المعروف.
والمعروف هو: حديث الثقة الذي خالف رواية الضعيف.
أما حكم المنكر: فهو بالنسبة للاصطلاح الأول ضعيف جداً.
6- المضطرب
هو الحديث الذي تقع المخالفة فيه بإبدال راو براو، أو مروي بمروي، أو باختلاف في وصل أو إرسال مع عدم ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى وعدم الجمع بينهما وعرَّف أيضاً بأنه: الحديث الذي يروى من قبل راو واحد أو أكثر على أوجه مختلفة متساوية، لا مرجح بينها، ولا يمكن الجمع.
7- المقلوب
والمقلوب في اصطلاح المحدثين: هو الحديث الذي أبدل فيه رواية شيئاً بآخر في السند أو المتن سهواً أو عمداً.
يمكن أن نقسِّم المقلوب إلى قسمين:
القسم الأول: ما وقع من الراوي سهواً كأن يروي الحديث بإسناد لحديث آخر.
القسم الثاني: ما وقع فيه القلب عمداً.
مثاله: في السند: ما يكون خطأ من بعض الرواة في اسم راو أو نسبة كأن يقول:
كعب بن مرة بدل مرة بن كعب.
من: المتن: ما رواه الطبراني عن أبي هريرة مرفوعاً: "إذا أمرتكم بشيء فأتوه، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم".
8- المدرج
ما ذكر في ضمن الحديث متصلاً به من غير فصل وليس منه .
وقد قسموا الإدراج بحسب موضعه إلى قسمين: مدرج المتن، ومدرج الإسناد.
القسم الأول: مدرج المتن:
وهو ما ذكر في ضمن متن الحديث من قول بعض الرواة الصحابي أو من دونه موصولاً بالحديث.
القسم الثاني : مدرج الإسناد: ما غُير سياق إسناده.
-أقسام مدرج السند
ذكر العلماء لأدرج السند صوراً متعددة يمكن أن تجمل فيما يلي:
1-أن يسمع الراوي حديثاً عن جماعة مختلفين في إسناده، فيرويه عنهم بإسناد واحد، ولا يبين اختلافهم .
2- أن يكون المتن عند راوٍ إلا طرفاً منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه عنه راوٍ تاماً بإسناد واحدٍ.
3- أن يسوق المحدث إسناد حديث، ثم يعرض له عارض فيقول كلاماً من عند نفسه فيظنه بعض السامعين متن ذلك الإسناد، فيرويه به.
كيف يعرف المدرج:
1- بوروده منفصلاً من رواية أخرى.
2-بالنص على ذلك من الراوي نفسه، أو بعض الأئمة المطلعين.
3- باستحالة كونه صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
حكم المدرج والإدراج:
والمدرج من أنواع الحديث الضعيف، لأنه إدخال في الحديث لما ليس منه.
9- المصحَّف
المصحف: هو ما كانت المخالفة فيه بتغيير حرف أو حروف بتغيير النقط مع بقاء صورة الخط.
ويقع التصحيف في سند الحديث ومتنه.
أقسام التصحيف:
1- تصحيف السمع: كأن يقول الشيخ حدثنا عاصم الأحول، فيرويه بعضهم واصل الأحدب.
2- تصحيف البصر: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد "احتجم" تصحيف، وإنما هو بالراء: "احتجر" فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغيرِ سماع.
10- المعلل
والعلة: هي عبارة عن أسباب خفية غامضة طرأت على الحديث فقدحت في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
والحديث المعلل: هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها.
وينقسم الحديث المعلل بحسب موقع العلة إلى المعل في السند، ومعل في المتن، ومعل فيهما.
القسم الأول: المعل في السند وهو الأكثر والأغلب.
القسم الثاني: المعل في المتن.
القسم الثالث: المعل في السند والمتن.
كيف يعرف الحديث المعل:
1- تعرف بجمع طرق الحديث والنظر في اختلاف الرواة والاعتبار بمكانهم في الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط.
2- موازنة نسق الرواة فيالإسناد بمواقعهم في عامة الأسانيد.
3- حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم للرجال وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك.
4- أن ينص على علة الحديث، أو القدح فيه أنه معلل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن.
================
http://madrasat-l7abib-mohamad-mostala7.blogspot.com/2012/02/3_27.html
1- تعريف الحديث:
2- لغة: ضد القديم، ويستعمل في اللغة أيضاً حقيقة في الخبر.
قال في القاموس: الحديث: الجديد والخبر.
واصطلاحاً: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل أو تقرير، أو وصف خِلقي أو خُلُقي.
والخبر عند علماء هذا الفن مرادف للحديث. فلا فرق إذن عند الجمهور بين الحديث والخبر.
فالتعريف المختار للحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف خِلقي أو خُلُقي، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
================
مصطلح الحديث 2- تعريف السنة
2- تعريف السنة
لغة: السيرة والطريقة المعتادة، حسنةً كانت أو قبيحة.
وفي اصطلاح بعض العلماء: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والأكثرون يرون أنها تشمل أيضاً ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
الفريق بني السنة والحديث شمول الوصف الخلقي.
أما الأثر: فيسمى تعريف بغامض، وهذا هو المعتمد، لأنه مأخوذ من أثرت الحديث إذا رويته.
فالحاصل: أن هذه العبارات الثلاثة: الحديث، الخبر، الأثر تطلق عند المحدثين بمعنى واحد هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة خِلقية أو خُلُقية، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
==============
مصطلح الحديث 3- أقسام علم الحديث علم الحديث رواية. علم الحديث دراية. ما الفرق بين علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية. مصطلح الحديث خصيصة للمسلمين.
3- أقسام علم الحديث
ينقسم علم الحديث إلى قسمين: علم الرواية وعلم الدِّراية.
علم الحديث رواية:
تعريفه: علم يشتمل على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابي، أو التابعي وهو الذي عليه الأكثر وأفعاله، وتقريراته، وصفاته، وروايتها، وضبطها، وتحرير ألفاظها.
موضوعه: موضوع هذا العلم هو: ذات النبي صلى الله عليه وسلم من حيث أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم.
فائدته: العصمة عن الخطأ في نقل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وصفاته.
غايته: الفوز بالسعادة في الدارين.
فضله: هو من أشرف العلوم، لأنه تُعرف به كيفية إتباع النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا الله تعالى بإتباعه في قوله: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158].
وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [ آل عمران: 31 ].
علم الحديث دراية:
تعريفه: علم بقوانين يعرف بها أحوال السند والمتن.
موضوعه: هو السند والمتن من حيث التوصل إلى معرفة المقبول والمردود.
فائدته: معرفة ما يقبل وما يرد من الأحاديث .
غايته: حفظ الحديث النبوي من الخلط والدَّس والافتراء.
ما الفرق بين علم الحديث رواية وعلم الحديث دراية ؟
الجواب: أن علم الحديث دراية يوصل إلى معرفة المقبول من المردود بشكل عام، أي بوضع قواعد عامة. أما علم رواية الحديث فإنه يبحث في هذا الحديث المعين الذي تريده ، فيبين بتطبيق تلك القواعد أنه مقبول أو مردود، ويضبط روايته وشرحه ، فهو إذن يبحث بحثاً جزئياً تطبيقاً ، فالفرق بينهما كالفرق بين النحو والإعراب ، وكالفرق بين أصول الفقه وبين الفقه.
مصطلح الحديث خصيصة للمسلمين:
لما جعل الله هذا الدين خاتمة الرسالات والأديان وتعهد بحفظه وصونه، اختص هذه الأمة بأن وفقها لحفظ كتاب ربها وصيانة حديث نبيها. فإذا بها تبتكر لحفظ الحديث قواعد المصطلح على أدق منهج علمي يمكن أن يوجد للاستثبات من النصوص المروية وتمحيصها.
==============
مصطلح الحديث 4- أدوار علوم الحديث. الدور الأول: دور النشوء. أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة. ظهور الوضع ووسائل المكافحة. الدور الثاني: دور التكامل. الدور الثالث: دور التدوين لعلوم الحديث المختلفة. الدور الرابع: عصر التآليف الجامعة وانبثاق فن علوم الحديث مدوناً. أهم كتب علوم الحديث. الدور الخامس: دور النضج والاكتمال في تدوين فن علوم الحديث. مؤلفات استوفت أنواع علوم الحديث. الدور السادس: عصر الركود والجمود. الدور السابع: دور اليقظة والتنبه في هذا العصر.
الدور الأول: دور النشوء.
وذلك في عصر الصحابة الممتد إلى نهاية القرن الأول الهجري.
عوامل حفظ الصحابة للحديث:
1- صفاء أذهانهم وقوة قرائحهم، ذلك أن العرب أمة أمية لا تقرأ ولا تكتب. والأمي يعتمد على ذاكرته فتنمو وتقوى لتسعفه حين الحاجة.
2- قوة الدافع الديني، ذلك أن المسلمين أيقنوا أن لا سعادة لهم في الدنيا، ولا فوز في الآخرة، ولا سبيل للمجد والشرف، ولا إلى المكانة بين الأمم إلا بهذا الإسلام.
3- مكانة الحديث في الإسلام، فإنه كما عرفت ركن أساسي دخل في تكوين الصحابة الفكري وسلوكهم العلمي والخلقي.
4- أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن الصحابة سيخلفونه في حمل الأمانة وتبليغ الرسالة، فكان يتّبع الوسائل التربوية في إلقاء الحديث عليهم، ويسلك سبيل الحكمة كي يجعلهم أهلاً لتَحمل المسؤولية، فكان من شمائله في توجيه الكلام:
أ- أنه لم يكن يسرد الحديث سرداً متتابعاً، بل يتأنّى في إلقاء الكلام ليستقر في الأذهان.
ب- أنه لم يكن يطيل الأحاديث.
جـ- أنه صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يعيد الحديث لتعيه الصدور.
5- أسلوب الحديث النبوي، فقد أوتي النبي صلى الله عليه وسلم قوة حتى كان أفصح البشر مما جعل كلامه ذا قربة أدبية يتذوقه الصحابة ويحفظونه.
6- كتابه الحديث: وهي من أهم وسائل حفظ المعلومات ونقلها للأجيال، وقد كانت أحد العوامل في حفظ الحديث.
فكتابة الحديث مرت بمرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة جمع الحديث في صحف خاصة بمن يكتب دون أن تتداول بين الناس، وهذه بدأت منذ عهده صلى الله عليه وسلم وبإذنه.
المرحلة الثانية: الكتابة التي تقصد مرجعاً يعتمد عليه ويتداولها الناس وهذه بدأت في القرن الثاني للهجرة.
وكانت في كل من هاتين المرحلتين مجرد جمع للأحاديث في الصحف غالباً لا يُراعى فيها تبويب أو ترتيب معين، ثم جاء دور التصنيف الذي اتخذت فيه الكتابة طابع التبويب والترتيب في منتصف القرن الثاني، وبلغ أوجه وذروته في القرن الثالث المعروف بعصر التدوين.
أهم قوانين الرواية في عهد الصحابة:
أولاً: تقليل الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية أن تزل أقدام المكثرين بسبب الخطأ أو النسيان، فيقعوا في شبهة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعرون.
ثانياً: التثبت في الرواية عند أخذها وعند أدائها.
ثالثاً: نقد الروايات وذلك بعرضها على نصوص وقواعد الدين فإن خالفت النصوص القطعية أو القواعد الدينية ردوها وتركوا العمل بها.
ظهور الوضع ووسائل مكافحته:
برز قرن الفتنة التي أدت إلى مقتل الإمام الشهيد عثمان بن عفان، ثم مقتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الحسين رضي الله عنهما، وظهرت الفرق المنحرفة، وراح المبتدعة يبحثون عن مستندات من النصوص يعتمدون عليها في كسب أعوان لهم، فعمدوا إلى الوضع في الحديث، فاختلقوا على رسول الله صلى الله عليه سلم ما لم يقل، فكان مبدأ ظهور الوضع في الحديث منذ ذلك الوقت.
وقد انتدب الصحابة للمحافظة على الحديث، واجتهدوا في ذلك متبعين أقصى وأحكم ما يمكن من وسائل البحث والفحص الصحيحة.
ومن ذلك أنهم:
أولا: عنوا بالبحث في إسناد الحديث وفحص أحوال الرواة بعد أن كانوا من قبل يرجحون توثيق من حدثهم.
ثانياً: حث علماء الصحابة الناس على الاحتياط في حمل الحديث عن الرواة ، وألاّ يأخذوا إلا حديث منْ يُوثق به ديناً وورعاً، وحفظاً وضبطاً، حتى شاعت في عرف الناس هذه القاعدة:
إنما هذه الأحاديث دين، فانظروا عمن تأخذونها.
ثالثاً: الرحلة في طلب الحديث ، لأجل سماعه من الراوي الأصل والتثبت منه. وقد وافتنا أخبار رحلاتهم بالعجيب المستغرب، إذ بلغ بهم الأمر أن يرحل الرجل في الحديث الواحد مسافة شاسعة، على الرغم مما كان في مواصلاتهم من المشقات والتعب.
رابعاً: ومن طرق معرفة الوضع والضعف في الحديث عرض حديث الراوي على راوية غيره من أهل الحفظ والإتقان.
الدور الثاني: دور التكامل .
اكتملت علوم الحديث في هذا الدور، إذ وجدت كلها واحداً واحداً، وخضعت لقواعد يتداولها العلماء وذلك من مطلع القرن الثاني إلى أول الثالث.
فقد جدّت في هذا العصر أمور أهمها:
1- ضعف ملكة الحفظ عند الناس.
2- طالت الأسانيد وتشعبت بسبب بُعد العهد وكثرة حملة الحديث، حيث حمل الحديث عن كل صحابي جماعات كثيرة تفرقوا في البلاد، فكثرت الأحاديث ودخلتها العلل الظاهرة والخفية .
3- كثرت الفرق المنحرفة عن جادة الصواب والمنهج الذي كان عليه الصحابة والتابعون.
فنهض أئمة الإسلام لمواجهة هذه الضرورات ووضعوا لكل طارىء ما يسد الثغرة التي حصلت. ومن ذلك:
1- التدوين الرسمي، فقد أحس عمر بن عبد العزيز بالحاجة الملحة لحفظ كنوز السنة، فكتب إلى الأمصار أن يكتبوا ما عندهم من الحديث ويدونوه حتى لا يضيع بعد ذلك.
2- توسع العلماء في الجرح والتعديل وفي نقد الرجال لكثرة شيوع الضعف من جهة الحفظ، ومن جهة انتشار الأهواء والبدع.
3- توقفوا في قبول الحديث ممن لم يعرف بالتحديث.
4- تتبعوا الأحاديث لكشف خباياها، ووضعوا لكل صورة جديدة قاعدة تعرفها وتبين حكمها ، فتكاملت أنواع الحديث ووجدت كلها واتخذت اصطلاحاتها الخاصة.
الدور الثالث: دور التدوين لعلوم الحديث المختلفة
وذلك من القرن الثالث الهجري إلى منتصف الرابع.
والقرن الثالث هو عصر السنة الذهبي، دونت فيه السنة وعلومها تدوينا كاملا.
في مطلع هذا الدور ارتأى العلماء إفراد حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بالتصنيف، فابتكروا لذلك ( المسانيد) جمعوا فيها الحديث النبوي مرتبا بحسب أسماء الصحابة، فالأحاديث عن أبي بكر مثلا تجمع كلها في مكان واحد، تحت عنوان: مسند أبي بكر. وكذا أحاديث عمر وهكذا.
ثم جاء البخاري فرأى إفراد الحديث الصحيح،ورتبه على الأبواب الفقهية لتسهيل الوصول إليه. وجاء بقية الستة وهم - ما عدا النسائي- من تلامذته، فوضعوا كتبهم على الأبواب الفقهية، ولم يشترطوا الصحة.
وهكذا كان لمدرسة الإمام البخاري الفضل العظيم على السنة بما صنفت في رواية الحديث وفي علومه.
ثم جاء بعدهم ابن خزيمة، ثم ابن حبان.
وفي هذا العصر أصبح كل نوع من أنواع الحديث علما خاصا، مثل: علم الحديث الصحيح، علم المرسل، علم الأسماء والكنى، وهكذا فأفرد العلماء كل نوع منها بتأليف خاص.
لكن لم يوجد في هذا الدور أبحاث تضم قواعد هذه العلوم وتذكر ضوابط تلك الاصطلاحات، اعتمادا منهم على حفظهم وإحاطتهم بها سوى تأليف صغير هو كتاب:
(( العلل الصغير )) للأمام الترمذي.
الدور الرابع: عصر التآليف الجامعة وانبثاق فن علوم الحديث مدونا:
ويمتد من منتصف القرن الرابع إلى أوائل القرن السابع ألب العلماء في هذه الفترة على تصانيف السابقين التي كانت تجربة أولى في التدوين، فجمعوا ما تفرق في مؤلفات الفن الواحد. واستدركوا ما فات السابقين، معتمدين في كل ذلك على نقل المعلومات عن العلماء بالسند إليهم كما فعل سابقوهم، ثم التعليق عليها والاستنباط منها.
فوجدت كتب في علوم الحديث لا تزال مرجعاً لا يُستغنى عنها، ومن أهمها:
1- (( المحدث الفاصل بين الراوي والواعي )) ألفه القاضي أبو محمد الرامهرمزي الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد تصغير الخط (360هـ) استوفى فيه مؤلفه البحث في آداب الراوي والمحدث وطرق التحمل والأداء.
2-(( الكفاية في علم الرواية)) لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى (463هـ) استوفى فيه البحث في قوانين الرواية، وأبان فيها أصولها وقواعدها الكلية.
3-(( الإلماع في أصول الرواية والسماع)) للقاضي عياض بن موسى اليحصبي المتوفى (544هـ).
فهذه المراجع وسواها مما صنفت في ذلك العصر في كل نوع من أنواع علوم الحديث،
أصبحت المراجع الأصلية في هذه الفنون.
وفي هذا الدور وضعت التآليف الجامعية لأنواع الحديث ونما التدوين في فن علوم الحديث. ومن أهم ما صنف في ذلك:
1- ((معرفة علوم الحديث )) لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى (405هـ).
2- (( المستخرج )) لأبي نُعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني المتوفى (430 هـ).
الدور الخامس: دور النضج والاكتمال في تدوين فن علوم الحديث:
وذلك من القرن السابع إلى القرن العاشر ، وفيه بلغ التصنيف لهذا العلم كماله التام،فوضعت مؤلفات استوفت أنواع هذا العلم.
وكان رائد هذا التحول العظيم في تدوين هذا الفن الإمام المحدث الحافظ أبو عمرو عثمان بن الصلاح المتوفى ( 643هـ )، في كتابه المشهور (( علوم الحديث )).
ومن أهم المؤلفات في هذا الدور بعد (( علوم الحديث )).
1. (( الإرشاد )) للإمام يحيى بن شرف النووي المتوفى ( 676 هـ ) لخص فيه كتاب ابن الصلاح، ثم لخصه في كتاب : (( التقريب والتيسير لأحاديث البشير النذير )).
2- (( التبصرة والتذكرة )) منظومة من ألف بيت للإمام الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى ( 806 هـ ) ضمنها كتاب ابن الصلاح وتعقبه، وزاد عليه مسائل نافعة، ثم شرحها شرحاً قيماً سماه: " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث".
3- شرح الحافظ العراقي أيضاً لكتاب ابن الصلاح المسمى: (( التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح )).
4- شرح الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى ( 852هـ ) على كتاب ابن الصلاح المسمى: (( النكت على كتاب ابن صلاح )).
5- (( فتح المغيث شرح ألفية العراقي في علم الحديث)) للحافظ شمس الدين محمد السخاوي المتوفى ( 902 هـ ).
6- (( تدريب الراوي شرح تقريب النواوي )) للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى (911 هـ ).
7- (( نخبة الفكر )) وشرحه : (( نزهة النظر )) كلاهما للحافظ ابن حجر العسقلاني.
الدور السادس: عصر الركود والجمود:
وقد امتد ذلك من القرن العاشر إلى مطلع القرن الهجري الحالي.
في هذا الدور توقف الاجتهاد في مسائل العلم والابتكار في التصنيف، وكثرت المختصرات في علوم الحديث.
ومن المؤلفات في هذا الدور:
1-(( شرح شرح نخبة الفكر)) للشيخ على بن سلطان الهروي القاري المتوفى (1014هـ): لم يخل من فوائد في أبحاثه لغزارة علم مؤلفه.
2- (( المنظومة البيقونية )) لعمر بن محمد بن فتوح البيقوني المتوفى ( 108 هـ ) .
3- (( توضيح الأفكار )) لمحمد بن إسماعيل الصنعاني المتوفى ( 1182 هـ ) وهو كتاب حافل مفيد .
4- توجيه النظر وظفر الأماني ومقدمة في علوم الحديث.
الدور السابع: دور اليقظة والتنبه في هذا العصر:
من مطلع القرن الهجري الحالي إلى وقتنا هذا ، وفيه تنبهت الأمة للأخطار المحدقة نتيجة اتصال العالم الإسلامي بالشرق والغرب.
ومن المؤلفات النافعة المبتكرة نذكر ما يلي:
1. "قواعد التحديث" للشيخ جمال الدين القاسمي.
2. "مفتاح السنة" أو (( تاريخ فنون الحديث )) لعبد العزيز الخولي.
3. "السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي" للدكتور مصطفى السباعي.
4. "الحديث والمحدثون" للدكتور محمد محمد أبو زهو.
5. "المنهج الحديث في علوم الحديث" للدكتور محمد محمد السماحي.
6. "منهج النقد في علوم الحديث" للعتر .
7. "منهج النقد عند المحدثين" للأعظمي.
5- أنواع علوم الحديث:
1- علوم رواة الحديث.
2- علوم رواية الحديث.
3- علوم الحديث من حيث القبول والرد.
4- علوم المتن.
5- علوم السند.
6- العلوم المشتركة بين المتن والسند (1).
_______________________________
(1) انتهى باختصار من كتاب منهج النقد في علوم الحديث.
===============
مصطلح الحديث النوع الأول: علوم رواة الحديث أ- القسم الأول: العلوم المعرفة بحال الراوي 1-تمهيد 2-صفة من تقبل روايته ومن ترد 3-الجرح والتعديل 4-الصحابة رضي الله عنهم أ- تعريف الصحابي ب- ضوابط يعرف بها الصحابي جـ- طبقات الصحابة د- عدالة الصحابي 5-الثقات والضعفاء 6-من اختلط في آخر عمره من الثقات 7-الوحدان 8-المدلسون ب- القسم الثاني: العلوم التي تبين شخص الراوي علوم الرواة التاريخية أ- تواريخ الرواة ب- طبقات الرواة جـ- التابعون د- أتباع التابعين هـ- الأخوة والأخوات و-المدبج ورواية الأقران بعضهم عن بعض ز- رواية الأكابر عن الأصاغر ح- السابق واللاحق ط- رواية الأباء عن الأبناء ي- رواية الأبناء عن الأباء 2. علوم أسماء الرواة أ- المهمات ب- من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة جـ- الأسماء والكنى د- ألقاب المحدثين هـ- المنسوبون إلى غير آبائهم و- النسب التي على خلاف ظاهرها ز- الموالي من الرواة والعلماء ح- أوطان الرواة وبلدانهم ط- الأسماء المفردة والكنى والألقاب ي- المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ك- المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب ل- المتشابه م- المشتبه المقلوب.
وتقسم أبحاث هذا النوع إلى قسمين:
أ- القسم الأول: العلوم المعرفة بحال الراوي.
1- تمهيد:
في بيان بعض الكلمات المصطلح عليها في هذا الفن
السند الإسناد، المتن، المخرِج، المخْرَج، الحديث النبوي،الخبر، الأثر، المسنِد، المحدّث، الحافظ، الحديث القدسي.
هذه الكلمات يكثر المحدثون من ذكرها فلا بدَّ لطالب هذا الفن من معرفتها.
السند: هو: الطريق الموصلة إلى المتن-يعني رجال الحديث-.
وسموا بذلك لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره.
الإسناد: هو: الإخبار عن طريق المتن. أي حكاية رجال الحديث.
المتن: هو: ما انتهى إليه السند.
المخرج: اسم فاعل فانهم يقولون: هذا حديث خرَّجه أو أخرجه فلان أي ذكر رواته أو ذكره عن رواته. فالمخرج- بالتشديد أو التخفيف- هو ذاكر رواة الحديث كالبخاري ومسلم ونحوهما.
المخرج: اسم مكان فانهم يقولون: هذا حديث عرف مخرجه أو لم يعرف مخرجه -فتح الميم والراء - أي رجاله الذين رووه لأن كلاًّ من رواته موضع صدور الحديث عنه.
الحديث النبوي: هو: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً أو فعلاً أو وصفاً أو تقريراً، وسمي بذلك مقابلة للقرآن الكريم فإنه قديم، وقد أطلق كثير من المحدثين اسم الحديث على أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم وتقريرهم، ولكنهم يسمون ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً مرفوعاً، وما أضيف إلى الصحابي يسمونه حديثاً موقوفاً، وما أضيف إلى التابعي يسمونه مقطوعاً، كما سيتضح لك إن شاء الله تعالى.
الخبر: قال في شرح النخبة: الخبر عند العلماء هذا الفن مرادف للحديث. وقيل: الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخبر ما جاء عن غيره، ومن ثمة قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها: الأخباري،ولمن يشتغل بالسنة النبوية: المحدّث.
الأثر: قال في التقريب: إن المحدثين يسمون المرفوع والموقوف بالأثر، وإن فقهاء خراسان يسمون الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر.
المُسنِد: هو: من يروي الحديث بإسناده سواء كان له علم به أو ليس له إلا مجرد الرواية.
المحدّث: هو: العالم بطرق الحديث وأسماء الرواة والمتون، فهو أرفع من المُسنِد.
الحافظ: هو: مرادف للمحدث عند بعض السلف، وبعضهم خصَّ الحافظ بمن هو مكثر لحفظ الحديث متقن لأنواعه ومعرفته رواية ودراية ومدرك لعلله. ولذلك قال الإمام الزهري: لا يولد الحافظ إلا في أربعين سنة.هذا، وقد ذكر العلامة المناوي لأهل الحديث مراتب: أولها الطالب وهو المبتدىء، ثم المحدث وهو من يتحمل الحديث ويعتني به ودراية، ثم الحافظ وهو من حفظ مائة ألف حديث متناً وإسناداً ووعى ما يحتاج إليه، ثم الحجة وهو من أحاط بثلاثمائة ألف حديث. ثم الحاكم وهو من أحاط علمه بجميع الأحاديث المروية متناً وإسناداً، وجرحاً وتعديلاً وتاريخاً اهـ.
وزاد بعضهم لقب أمير المؤمنين. قال الحافظ السيوطي: وقد لقب به جماعة، منهم: سفيان وابن راهويه والبخاري وغيرهم. وكأنَّ تلقيب المحدث بأمير المؤمنين مأخوذ من الحديث الذي رواه الطبراني وغيره عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهم ارحم خلفائي "تتمة الحديث".
2- صفة من تقبل روايته ومن ترد
معرفة من تقبل روايته ومن ترد
يقبل خبر الثقة في دينه وروايته وهو العدل الضابط.
والعدل: هو المسلم البالغ العاقل السالمُ من الفسق: بارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة، والسالمُ من خوارم المروءة.
والمروءة: هي تعاطي المرء ما يستحسن، وتجنبه ما يسترذل، كالأكل ماشياً والبول في الطريق من غير ضرورة.وأما ضبط: فهو اتقان الراوي ما يرويه، وذلك بأن يكون متيقظاً غير مغفل، حافظاً لما يرويه إن كان يروي من حفظه، ضابطاً لكتابه إن كان يروي من الكتاب، عالماً بمعنى ما يرويه، وبما يحيل المعنى عن المراد إن كان يروي بالمعنى. وتثبت عدالة الراوي: بالشهرة في الخبر والثناء الجميل، كالأئمة الأربعة وغيرهم أو بتعديل الأئمة، أو تعديل اثنين منهم، أو واحد منهم. ويثبت الضبط بموافقة الثقات المتقنين، ولا تضرّ المخالفة النادرة، فإن كثرت ردّت روايته لعدم ضبطه.
حكم الرواية عن أهل البدع:
ترد رواية المبتدع إن كانت بدعته مكفرة، بأن أنكر أمراً في الشرع معلوماً من
الدين بالضرورة، أو اعتقد عكسه ونحو ذلك، كالقائلين بعدم علم الله تعالى بالجزيئات.
وأما إن كانت بدعته لا توجب الكفر فان كان يستحلّ الكذب ترد أيضاً، وأما إن كان لا يستحل الكذب فتقبل روايته إذا لم يكن داعياً إلى بدعة، لأنه إذا كان داعياً إليها فان تزيين بدعته يحمله على تحريف روايته. ورجح النووي هذا التفصيل، وقال: هو الأظهر الأعدل، وقول الكثير أو الأكثر. وقيد الحافظ أبو إسحاق الجوزاني القول بقبول رواية غير الداعي بما إذا لم يرو ما يقوي بدعته، قال ابن حجر: وما قاله متجه، لأن العلة التي ردّت بها رواية الداعي واردة فيه أيضاً.
مراتب الجرح والتعديل
قد أوضح الحافظ ابن حجر في كتابه "تقريب التهذيب" مراتب الجرح
والتعديل، فجعلها اثنتي عشرة مرتبة:
1. الصحابة رضي الله عنهم.
2. من أُكد مدحه بـ "أفعل" كأوثق الناس، أو بتكرار الصفة لفظاً: كثقة أو معنى: كثقة حافظ.
3. من أُفرد بصفة: كثقة، أو متقن، أو ثُبْت، أو عدل.
4. من قصر عمن قبله قليلاً: كصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
5. من قصر عن الدرجة الرابعة، ويشار إليه: بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يَهِم، أوله أوهام، أو يخطىء أو تغيّر بأخَرَةٍ. ويلحق بذلك من رمى بنوع من البدعة: كالقدر والإرجاء.
6. من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه لأجله، ويشار إليه بلفظ: "مقبول" حيث يتابع؛ وإلاّ: فليِّن الحديث.
7. من روى عنه أكثر من واحد ولم يُوثَّق، ويشار إليه بلفظ: مستور، أو مجهول الحال.
8. من لم يوجد فيه توثيق معتبر، وجاء فيه تضعيف ولو لم يُسَّر، وإليه الإشارة بلفظ: ضعيف.
9. من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثَّق ويشار إليه بلفظ: مجهول العين أي: لا يعرف عند المحدثين.
10. من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، ويشار إليه: بمتروك أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط.
11. من اتهم بالكذب، ويقال فيه: متهم، ومتهم بالكذب أي متهم بتعمد الكذب بأن يكذب في الحديث،لا على وجه التعمد والتقصد، ولكن يكثر منه حتى يتهم بتعمده.
12. من أطلق عليه اسم الكذب أو الوضع، كقولهم: كذاب، أو وضاع، أو ما أكذبَه فمن كان من المرتبة الثانية والثالثة: فحديثه مقبول وغالبه في الصحيحين، ومن كان من الدرجة الرابعة: فهو مقبول أيضاً، وقبوله في المرتبة الثانية، وهو ما يحسِّنه الترمذي ويسكت عليه أبو داود، ومن كان من الخامسة والسادسة: فان تعددت طرقه وتقوّى بمتابع أو شاهد فحسن لغيره، وإلا فمردود، وما كان من السابعة إلى آخر المراتب: فضعيف على اختلاف درجات الضعف.
عبارات خاصة لبعض المحدثين:
1-قد يطلق البخاري كلمات ويريد بها معنى خاصاً، كقوله في الرجل: "سكتوا عنه"
أو "فيه نظر" يعني أنه متروك الحديث، وأنه في أدنى المنازل، ولكن البخاري لطيف العبارة في التجريح.وكذلك قوله البخاري: "منكر الحديث" فانه يريد به الكذابين، كما نقله عنه ابن القطان حيث قال: قال البخاري: كل من قلت عنه "منكر الحديث" فلا نحل الرواية عنه.
2- قال يحيى بن معين: إذا قلتُ: ليس به بأس فهو ثقة.
3- قول الشافعي: أخبرني من لا أتهم فهو كقوله: أخبرني الثقة، خلافاً للذهبي حيث
يقول: إنه نفي للتهمة فقط، وليس فيه تعرض لإتقانه، ولا لأنه حجة.
4- قول المحدث: أخبرني الثقة ونحو ذلك من غير أن يسميه لا يكفيه في التعديل، لأنه ربما كان عنده ثقة ولكن لو سماه لجرحه غيره، وقيل: يكتفي بذلك كما لو سماه، فان كان القائل مجتهداً كأحد الأئمة مثلاً كفى في حق موافقيه من أهل المذهب عند بعض المحققين.
متى يقبل الجرح والتعديل:
اختلف العلماء في الجرح والتعديل هل يقبلان مبهَمَيْن- أي من غير ذكر أسبابهما-
أو لا؟
1-فذهب بعضهم إلى عدم قبول ذلك بدون بيان السبب في كل منهما.
2- وشرط بعضهم ذكر السبب في التعديل دون الجرح.
3- ومنهم من قبل التعديل مبهماً، وشرط في الجرح بيان السبب مفصلاً. وهو الذي اختاره ابن الصلاح والنووي وغيرهما.
4- وذهب بعضهم إلى أنه يقبل كل منهما مبهماً إذا كان الجارح والمعدل عالماً بأسباب الجرح والتعديل، بصيراً مرضياً في اعتقاده وأفعاله. قال السيوطي : وهو اختيار القاضي أبي بكر، ونقله عن الجمهور.
5- وقد اختار ابن حجر أن من جُرح مجملاً وقد وثقه أحد أئمة الحديث: لم يقبل الجرح فيه من أحد إلا مفسراً، لأنه ثبتت ثقته فلا تسلب عنه إلا بأمر جلي، وأما إذا خلا عن التعديل قُبِل الجرح فيه غير مفسر إذا صدر من عارف، لأنه إذا لم يعدَّل فهو حيز مجهول، وإعمال قول الجارح أولى من أهماله.
تعارض الجرح والتعديل:
وأما إذا اجتمع في الراوي جرح مفسر وتعديل: فالجرح مقدم، ولو زاد عدد المعدِّلين.
قال السيوطي: هذا الأصح عند الفقهاء والأصوليين، ونقله الخطيب عن جمهور العلماء، لأن مع الجارح زيادةً لم يطلع عليها المعدِّل، ولأنه مصدّق للمعدل فيما أخبر به عن ظاهر حاله، إلا أنه يخبر عن أمر باطن خفي عليه. وقيَّد الفقهاء ذلك إذا لم يقل المعدل عرفت السبب الذي ذكره الجارح ولكنه تاب منه، فانه حينئذ يقدَّم المعدّل، وقيل: إن زاد المعدلون قدم التعديل. هذا حكم التعارض بين قولين لعالمين.
أما إذا تعارض قولان من عالم واحد - كما وقع من ابن معين وابن حبان -فالعمل على آخر القولين إن علم ذلك، وإلا فالتوقف.
ما ورد من الطعن في بعض الأئمة:
قد يرد على لسان بعض العلماء الطعن في بعض الأئمة، أو رواة الحديث الذين هم موطن ثقة وعدالة وحسن قبول، وذلك على وجوه وألوان مختلفة الأسباب:
قد يكون السبب في طعن بعض الأئمة ناشئاً عن عصبية مذهبية، أو اختلافات اجتهادية، أو قد يكون عن منافسات دنيوية. فهذه الطعون لا يلتفت إليها ما دام المطعون معروفاً بالعدالة والضبط، والصلاح والتقى.
قال العلامة السبكي في الطبقات الكبرى (1/187) تحت عنوان (قاعدة في الجرح والتعديل): "إن من ثبتت إمامته وعدالته، وكثر مادحوه ومزكوه، وندر جارحه، وكانت قرينة دالّة على سبب جرحه:من تعصب مذهبي أو غيره، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه، ونعمل فيه بالعدالة، وإلا فلو فتحنا هذا الباب وأخذنا بتقديم الجرح على إطلاقه: لما سلم لنا أحد من الأئمة، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون، وقد عقد الحافظ ابن عبد البر في كتاب العلم باباً في حكم قول العلماء بعضهم في بعض، بدأ فيه بحديث الزبير رضي الله عنه مرفوعاً (دَبّ إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء… الحديث). وروى بسنده عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال (استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض، فوالذي نفسي بيده لهم أشدّ تغبراً من التيوس في زُروبها).
وعن مالك بن دينار قال: يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم
في بعض.
ثم قال العلامة السبكي جملة: قد عرّفناك أولاً أن الجارح لا يقبل منه الجرح -وإن
فسره- في حق من غلبت طاعته على معاصيه، ومادحوه على ذامّيه، ومزكوه على جارحيه، إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثلها حامل على الوقيعة في الذي جرحه: من تعصب مذهبي أو منافسة دنيوية، كما يكون من النظراء، أو غير ذلك. فنقول مثلا: لا يلتفتً إلى كلام ابن ذئب في مالك، بن معين في الشافعي والنسائي في أحمد بن صالح، لأن هؤلاء الأئمة مشهورون صار الجارح لهم كالآتي بخبر غريب، لو صحّ لتوفرت الدواعي على نقله، وكان القطع قائماً على كذبه.
ومما ينبغي أن يُتفقّد عند الجرح حال العقائد واختلافها، بالنسبة إلى الجارح والمجروح،
فربما خالف الجارحُ المجروح في العقيدة فجرحه لذلك، وإليه أشار الرافعي بقوله: وينبغي أن يكون المزكون بُرآء من الشحناء والعصبية في المذهب، خوفاً من أن يحملهم ذلك على جرحِ عدل، أو تزكية فاسق. وقد وقع هذا لكثير من الأئمة.
وقد أشار شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد في كتابه (الاقتراح) إلى هذا وقال:
أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام.
قال العلامة السبكي: ومن أمثلة ما قدمناه قول بعضهم في البخاري: تركه أبو زرعة
وأبو الحاتم من أجل مسألة اللفظ. فيالله والمسلمين!! أيجوز لأحد أن يقول: البخاري متروك؟ وهو حامل لواء الصناعة ومقدم أهل السنة والجماعة. ثم قال: ومن ذلك قول بعض المجسمة في أبي حاتم ابن حبان: لم يكن له كبير دين، نحن أخرجناه من سجستان لأنه أنكر الحدّ لله. فيا ليت شعري من أحق بالإخراج: من يجعل ربه محدوداً أو من ينزهه عن الجسمية؟؟ وأمثلة هذا تكثر.
قال: وهذا شيخنا الذهبي رحمه الله تعالى من هذا القبيل، له علم وديانة وعنده على
أهل السنة والجماعة تحامل مفرط، فلا يجوز أن يعتمد عليه -أي في طعنه بمن يخالف مذهبه-.
فكل طعن نشأ عن عصبية مذهبية أو اختلافات اجتهادية أو منافسة بين الأفراد لا اعتبار لذلك كله. كما جاء في ترجمة محمد بن المثنى من كتاب "تهذيب التهذيب": سئل عمرو بن علي عن محمد بن المثني وبندار؟ فقال: ثقتان. يقبل منهما كل شيء إلا ما تكلم به أحدهما في الآخر.
وقال في شرح "فواتح الرحَموت" (1/154): فائدة: لا بد للمزكي أن يكون عدلاً، عارفاً بأسباب الجرح والتعديل، وأن يكون منصفاً ناصحاً، لا أن يكون متعصباً ومعجباً بنفسه، فانه لا اعتداد بقول المتعصب، كما قدح الدارقطني في الإمام الهمام أبي حنيفة رضي الله عنه بأنه ضعيف في الحديث، أي شناعة فوق هذا؟؟ فانه -يعني أبا حنيفة- إمام ورع، تقي نقي، خائف من الله تعالى، وله كرامات شهيرة، فبأيّ شيء يتطرق إليه الضعف؟ فتارة يقولون: إنه كان مشتغلاً بالفقه -أي فلا خبرة له بالحديث- انظر بالإنصاف أي قبح فيما قالوا، بل الفقيه أولى بأن يؤخذ الحديث منه- أي لأنه يبنى عليه حكماً شرعياً فلا بد من ثبوته لديه-.
وتارة يقولون: إنه لم يلاق أئمة الحديث، إنما أخذ من حمّاد رضي الله تعالى عنهما، وهذا أيضاً باطل، فإنه روى عن كثير من الأئمة كالإمام محمد الباقر والأعمش وغيرهما، مع أن حمّاداً كان وعاء للعلم فالأخذ منه أغناه عن الأخذ من غيره. هذا أيضاً آية ورعة وكذا علمه وتقواه، فإنه لم يكثر الأساتذة لئلا تتكثر الحقوق فيخاف عجزه عن إيفائها.
وتارة يقولون: إنه كان من أصحاب القياس والرأي، وكان لا يعمل الحديث،حتى وضع أبو بكر أبي شيبة رحمه الله في كتابه "المصنف" باباً للرد عليه وترجمه بـ " باب الرد على أبي حنيفة"، وهذا أيضاً من التعصب.
ثم ذكر في الشرح المذكور نبذة فيها مثار العجب، وذلك أن أبا حنيفة رضي الله عنه
قال: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فالبرأس والعين، وما جاء عن أصحابه فلا أتركه، ولم يخصّص بالقياس ولا بخبر الواحد عامّ الكتاب، ولم يعمل بالمصالح المرسلة، وقَبِل المراسيل وعمل بها، وقد خالف الشافعيُّ في ذلك، ولم يطعنوا فيه بل قبلوا ذلك منه. رضي الله عنهم أجمعين.
ثم قال: والحق أن الأقوال التي صدرت عنهم في حق الإمام الهمام مقتدى الأنام، كلها صدرت من التعصب، لا تستحق أن يلتفت إليها ولا ينطفي نور الله بأفواههم فاحفظ واثبت. وسبب وقوعهم في هذا الأمر الفظيع أنهم كانوا سئي الفهم، يخدمون ظواهر ألفاظ الحديث، ولا يرومون فهم بواطن المعاني، فضلاً عن المعاني الدقيقة التي تعجز عنها أفهام المتوسطين، وكان هذا التحرير الإمام مؤيداً بالتأييد الإلهي متعمداً في بحار المعاني.
وجاء في كتاب "الرفع والتكميل" للإمام المحدث الشيخ عبد الحي اللكنوي في أبي حنيفة: وقال الإمام على بن المديني: أبو حنيفة روى عنه الثوري وابن المبارك وحماد بن زيد وهشام وعباد بن العوام ووكيع وجعفر بن عون، وهو ثقة لا بأس به، وكان شعبة حسن الرأي فيه. وقال يحيى بن معين: أصحابنا يفرطون في أبي حنيفة وأصحابه، فقيل له: كان يكذب؟ قال: لا.
فالطعن الناشىء عن عصبية خلافيات المذاهب لا عبرة به ولا تأثير، كما وأن والطعن الناشىء عن الاختلاف في المفاهيم والمشارب السنية النبوية لا اعتبار به.
4- الصحابة رضي الله عنهم
أ- تعريف الصحابي: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام.
ب- ضوابط يُعرف بها الصحابي:
1. التواتر، بأن ينقل إثبات صحبته عن عدد كثير جداً من الصحابة، كالخلفاء الراشدين الأربعة.
2. الشهرة والاستفاضة القاصرة عن رتبة التواتر . كضمام بن ثعلبة، عُكَّاشة بن مِحْصن.
3. أن يُروى عن واحد من الصحابة أن فلاناً له صحبة.
4. أن يُروى عن أحد من التابعين أن فلاناً له صحبة.
5. أن يقول هو عن نفسه إنه صحابي ، وذلك بشرطين:
أن يكون ثابت العدالة، وأن يكون في المدة الممكنة، وهي مائة سنة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
جـ- طبقات الصحابة:
الطبقة الأولى: قوم أسلموا بمكة ، مثل أبي بكر وعمر و عثمان وعلي.
الطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، وهم جماعة من أهل مكة.
الطبقة الثالثة: المهاجرة إلى الحبشة.
الطبقة الرابعة: الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة.
الطبقة الخامسة: أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار.
الطبقة السادسة: أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقُباء قبل أن يدخل المدينة ويبني المسجد.
الطبقة السابعة: أهل بدر.
الطبقة الثامنة:المهاجرين الذين هاجروا بين بدر والحديبية.
الطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان.
الطبقة العاشرة: المهاجرين بين الحديبية والفتح.
الطبقة الحادية عشرة: هم الذين أسلموا يوم الفتح.
الطبقة الثانية عشرة: صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وفي حجة الوداع.
د- عدالة الصحابة.
لقد اختص الله سبحانه وتعالى الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، وهي أنهم لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب والسنة: أما الكتاب فقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران:110] وقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] وهذا ينطبق على الصحابة كلهم، لأنهم المخاطبون مباشرة بهذا النص.
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحُد ذهباً ما بلغ أحدهم ولا نصيفه" وقوله صلى الله عليه وسلم:"خير الناس قرني"... ثم الذين يلونهم…" .
5- الثقات والضعفاء:
وهو من أجل علوم الحديث وأفخمها، فإنه المرقاة إلى معرفة صحة الحديث وسقمه.
ولقد لقي هذا العلم عناية أئمة الحديث في القديم والحديث، فصنفوا فيه التآليف الكثيرة.
وتنقسم التصانيف المؤلفة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المؤلفات في الثقات: أشهرها:
1. "الثقات" للإمام أبي حاتم محمد بن حبان البُستي المتوفى (354هـ).
2. "الثقات" للإمام أحمد بن عبد الله العجلي المتوفى (261هـ).
3. "تذكرة الحفاظ" للإمام الحافظ شمس الدين محمد الذهبي المتوفى (748هـ).
القسم الثاني: المؤلفات في الضعفاء:
1. "الكامل في الضعفاء" للحافظ أبي أحمد عبد الله بن عَدِي المتوفى (365هـ).
2. "ميزان الاعتدال في نقد الرجال" للإمام الذهبي.
3. "المغنى في الضعفاء" للذهبي أيضاً.
4. "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر العسقلاني.
القسم الثالث: الكتب التي تجمع الثقات والضعفاء:
1. "الجرح والتعديل" للإمام عبد الرحمن بن الإمام أبي حاتم الرازي المتوفى ( 327هـ).
2. "الكمال في أسماء الرجال" للحافظ عبد الغني المقدسي المتوفى (600هـ).
اقتصر فيه على رجال الكتب الستة.
3. "تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ أبي الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى ( 742هـ).
4. "تهذيب التهذيب" للحافظ ابن حجر العسقلاني، لخص فيه (( تهذيب الكمال )).
6- من اختلط في آخر عمره من الثقات.
معنى الاختلاط: فساد العقل، وعدم انتظام الأقوال والأفعال.
وفائدة دراسة الرواة المختلطين تمييز المقبول من حديثهم من غير المقبول.
وقد ألف فيه الحافظ العلائي خليل بن كيكلدي المتوفى ( 761هـ) ، وأفرده بالتصنيف
الإمام الحافظ إبراهيم بن محمد ابن سبط ابن العجمي الحلبي المتوفى (840هـ) وسماه: (( الاغتباط ممن رمي بالاختلاط )).
والحكم في حديث من رمي بالاختلاط من الثقات قرر فيه المحدثون التفصيل، فما سمع منهم قبل الاختلاط يُقبل ويُحتج به.
أما ما سُمع بعد الاختلاط، أو أشكل أمره فلم يُدر هل أُخِذَ عنه قبل الاختلاط أو بعده، فإنه يرد ولا يُقبل.
ويتميز ذلك بالراوي عنه إن كان أخذ عنه في شبابه أو في هرمه.
7- الوحدان
وهم الرواة الذين لم يرو عنهم إلا راو واحد فقط.
وفائدة هذا العلم معرفة المجهول إذا لم يكن صحابياً ومن أمثلته من الصحابة: وهب بن خنبش، وعمرو بن تغلب.
8- المدلسون
المدلس: هو من يحدث عمن سمع منه ما لم يسمع منه، بصيغة توهم أنه سمعه منه. وكأن يقول: عن فلان، أو قال فلان والتدليس على أقسام تأتي في الحديث المدلس.
ومن الكتب التي صنفت في هذا:
1-التبيين في أسماء ((المدلسين)) للحافظ البرهان الحلبي.
2- (( تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس )) لابن حجر العسقلاني. وهو أجمعها وأوسعها.
ب- القسم الثاني: العلوم التي تُبين شخص الراوي
1- علوم الرواة التاريخية:
أ- تواريخ الرواة: التاريخ عند المحدثين هو: التعريف بالوقت الذي تُضبط به الأحوال في المواليد و الوفيات، ويلتحق به من الحوادث والوقائع التي ينشأ عنها معان حسنة من تعديل وتجريح ونحو ذلك.
وقد احتل التاريخ عند أهل الحديث مكانة هامة جداً لمعرفة اتصال الأسانيد وانقطاعها، وفي الكشف عن أحوال الرواة وفضح الكذابين.
ب- طبقات الرواة: الطبقة في اصطلاح المحدثين: عبارة عن جماعة متعاصرين اشتركوا في السن أو تقاربوا فيه أو اشتركوا في الأخذ عن المشايخ.
جـ- التابعون: من شافه -أو لقي- أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه مؤمناً .
د- اتباع التابعين: تابع التابعي من شافه - أو لقي - التابعي مؤمناً.
ولهذا العلم فائدة عظيمة هي: التفريق بين الصحابي والتابعي واتباع التابعين.
هـ- الاخوة والأخوات: ومن فائدة هذا العلم أنه قد يَشْتَهر أحد الاخوة بالرواية، فيظن الباحث إذا وجد الرواية عن بعض إخوته أنها وهم ويزول الالتباس بواسطة هذا العلم.
فمن أمثلة الأخوين من الصحابة: عبد الله بن مسعود، وعتبة بن مسعود هما أخوان.
و- المدبج ورواية الأقران بعضهم عن بعض:الأقران: هم الرواة المتقاربون في السن والإسناد.
وقد ذكروا قسمين لرواية القرين عن القرين:
الأول: المدّبج: وهو أن يروي القرينان كل واحد منهما عن الآخر، مثل: أبي هريرة وعائشة، روى كل منهما عن الآخر.
الثاني: غير المدبّج: وهو أن يروي أحد القرنيين عن الآخر، ولا يروي الآخر عنه، مثاله:
رواية سليمان التيمي عن مسعر، وهما قرينان، ولا نعلم لمسعر رواية عن التيمي.
ز- رواية الأكابر عن الأصاغر: هي رواية الشخص عمن دونه سناً أو قدراً أو عمن هو دونه سناً وقدراً.
حـ- السابق واللاحق: وهو معرفة من اشترك في الرواية عنه اثنان وكان بين وفاتهما زمن طويل.
طـ- رواية الآباء عن الأبناء: تعريفها: هو أن يوجد في سند الحديث أب يروي عن ابنه.
ي- رواية الأبناء عن الأباء: تعريفها: هو أن يوجد في سند الحديث راو يروي عن أبيه أو عن أبيه عن جده.
ومن هذا التعريف يعلم تقسيمها إلى قسمين:
1- رواية الابن عن أبيه فقط، وذلك كثير جداً.
2- رواية الابن عن أبيه عن جده.
2- علوم أسماء الرواة:
أ- المبهم هو:
هو الحديث الذي يوجد في سنده أو متنه رجل أو امرأة لم يُسمَّيا بل عُبِّر عنهما بلفظ عام.
ومن هنا يعلم أن المبهم نوعان:
النوع الأول: أن يكون الإبهام في سند الحديث، وذلك بأن يكون بعض رواته غير مسمى وإنما ذكر بلفظ عام، ومثاله: ما رواه أبو داود من طريق حجاج بن فُرافِصة عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "المؤمن غرٌ كريم…" فهذا الرجل هو يحيى بن أب كثير، كما جاء في رواية أخرى لأبي داود أيضاً.
النوع الثاني: أن يكون الإبهام في متن الحديث، وذلك بأن يقول الصحابي فمن دونه، إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم. ونحوَ ذلك، ومثاله، ما رواه الشيخان من حديث عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف تغتسل قال: خذي فرِصة من مسك فتطهري بها. قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: سبحان الله تطهري بها. فاجتذبتُها إليّ فقلت: تتبعي بها أثر الدم.
والمرأة هي أسماء بنت شكل كما في رواية مسلم.
أنواع المبهمات: المبهمات أنواع كثيرة بعضها أشد إبهاماً، فمنها: الرجل والمرأة، والابن والبنت والأب، والأخ والأخت، وابن الأخ، وابن الأخت، والعم والعمة، والخال والخالة، ونحو ذلك.
حكم المبهم: تقدم أن المبهم نوعان: الأول: أن يقع الإبهام في متن الحديث، والثاني: أن يقع في سنده.
أما الأول: فحكمه أنه لا خلاف في جواز الاستدلال به ما دامت شروط القبول ثابتة موفورة فيه.
وأما الثاني: فان كان المبهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم كأن يقول التابعي الثقة: عن رجل من الصحابة أو نحو ذلك: فهو مقبول عند الجمهور باعتبار أن الصحابة كلهم عدول رضوان الله تعالى عليهم.
وأما إن كان المبهم غير صحابي بأنْ كان من التابعين فمن دونهم فلا يجوز الاحتجاج بالحديث الذي فيه هذا المبهم، للجهل بحاله، لأن من أُبهم اسمه لم تعرف عينه، فكيف عدالته؟
وقد تقدم أن من شروط القبول ثبوت عدالة الراوي وضبطه، فإذا زال هذا الإبهام
وعرف هذا المبهم بمجيئه من طريق أخرى وتبين أنه ثقة، فحينئذ يحتج به كما تقدم في حديث: "المؤمن غرٌ كريم".
ولذلك اجتهد العلماء في بيان من أبهم من الرواة وصنفوا في ذلك كتباً كثيرة.
ب- من ذكر بأسماء مختلفة أو نُعوت متعددة: ومن فوائده: الأمن من جعل الواحد اثنين، والتحرز من توثيق الضعيف وتضعيف الثقة، وفيه إظهار تدليس المدلسين، فإن أكثر ذلك إنما نشأ من تدليسهم.
جـ- الأسماء والكنى: المراد بهذا بيان أسماء ذوي الكنى، وكنى المعروفين بالأسماء وفائدته تسهيل معرفة اسم الراوي المشهور بكنيته، ليكشف عن حاله، والاحتراز عن ذكر الراوي مرة باسمه ومرة بكنيته، فيظنهما من لم يتنبه لذلك رجلين.
د- ألقاب المحدثين: اللقب: هو ما يطلق على الإنسان مما يشعر بمدح أو ذم. وهو نوع هام، فإن في الرواة جماعة لا يُعرفون إلا بألقابهم.
مثاله: عبد الله بن أبي صالح وعبّاد بن أبي صالح، وإنما عباد لقب لعبد الله، ولا أخ له باتفاق الأئمة.
هـ- المنسوبون إلى غير آبائهم: معرفة الأب الذي ينسب إليه الراوي ضرورية لتمييزه عن غيره ، إلا أن بعض الرواة قد ينسب إلى غير أبيه، فالحاجة لمعرفة هؤلاء مهمة، وتسمية آبائهم هامة جداً لدفع توهم التعدد عن نسبتهم إلى آبائهم.
وهذا النوع بالنسبة لمن ينسب إليهم الرواة على أقسام:
الأول: من نسب إلى أمه: كمعاذ بن عفراء.
الثاني: من نسب إلى جدته: بشر بن الخصاصية.
الثالث: من نسب إلى جده: كأبي عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح.
الرابع: من نسب إلى رجل غير أبيه بسبب: كالمقداد بن الأسود الصحابي، هو المقداد بن عمرو الكندي، كان في حِجر الأسود بن عبد يغوث الزهري زوج أمه، فتبناه، فنسب إليه.
و- النسب التي على خلاف ظاهرها: معرفة أنساب الرواة هامة ومفيدة لتمييز الراوي عن غيره، ومن لم يتنبه لهذا وقع في الخطأ، مثل ما وقع لابن حزم حيث ضعف حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر " لأن في سنده سليمان بن داود، وهو متفق على تركه. وهو وهم، فإن المتفق على ترك حديثه سليمان بن داود اليماني، وهذا الحديث من رواية سليمان بن داود الخولاني، وهو ثقة.
ز- الموالي من الرواة والعلماء: الأصل في نسبة الراوي إلى قبيلة أن يكون منهم، كقولهم: قرشي أي من أولاد قريش. وإذا نسبوا إليها من ينتمي إليها أضافوا كلمة مولى، فقالوا: مولى قريش.
ولذلك عني العلماء بمعرفة الموالي حتى لا يختلط من ينسب إلى القبيلة بالولاء مع من ينسب إليها أصالة.
ح- أوطان الرواة وبلدانهم: لقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها، فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان.
ط- الأسماء المفردة والكنى والألقاب: كثيراً ما نجد الاسم يطلق على أكثر من شخص، مثل علي، وسعد وكذلك الكنية واللقب.
أما هذا النوع فقد خص المحدثون به الأسماء والكنى و الألقاب التي لا يوجد في الرواة من يحملها إلا واحد فقط.
ي- المتفق والمفترق من الأسماء والأنساب ونحوها: هو أن تتفق أسماء الرواة وأسماء أبائهم فصاعداً لفظاً وخطاً، وتختلف أشخاصهم.
ك- المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها: هو أن تتفق الأسماء والكنى أو الألقاب أو الأنساب خطاً، وتختلف لفظاً.
مثاله: الأذرعي والأدْرَعي، وحِزام، حَرَام.
وحُصين كله بالضم، والصاد المهملة، إلا حَصِين عثمان بن عاصم ، وأبا ساسان حُضَيْن.
ل- المتشابه: هو أن تتفق أسماء الرواة لفظاً، وتختلف أسماء الأباء لفظاً وتتفق خطاً أو بالعكس، أو أن يتفق اسم الراوي واسم أبيه لفظاً وخطاً وتختلف في النسبة.
مثاله: محمد بن عبد الله المُخَرِّمي ومحمد بن عبد الله المَخْرَمي.
م- المشتبه المقلوب:
وهو أن يكون اسم أحد الراويين مثل اسم أبي الآخر خطاً ولفظاً، واسم الآخر مثل اسم أبي الأول . فينقلب على بعض المحدثين.
مثاله: يزيد بن الأسود، والأسود بن يزيد.
==========================
2- تعريف السنة
لغة: السيرة والطريقة المعتادة، حسنةً كانت أو قبيحة.
وفي اصطلاح بعض العلماء: ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، والأكثرون يرون أنها تشمل أيضاً ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
الفريق بني السنة والحديث شمول الوصف الخلقي.
أما الأثر: فيسمى تعريف بغامض، وهذا هو المعتمد، لأنه مأخوذ من أثرت الحديث إذا رويته.
فالحاصل: أن هذه العبارات الثلاثة: الحديث، الخبر، الأثر تطلق عند المحدثين بمعنى واحد هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً، أو فعلاً، أو تقريراً، أو صفة خِلقية أو خُلُقية، أو أضيف إلى الصحابي أو التابعي.
==============
مصطلح الحديث النوع الثالث: علوم الحديث من حيث القبول أو الرّد أ- القسم الأول: في أنواع الحديث المقبول 1- الحديث الصحيح تعريفه فائدة هامة في أسباب الاختلاف في تصحيح الأحاديث حكم الحديث الصحيح أصح الأسانيد، والاحتياط فيها. قولهم: (( أصح شيء في الباب أو أحسن)). مصادر الصحيح: وخصائصها: 1. الموطأ. 2. صحيح البخاري. 3. صحيح مسلم. 4. صحيح ابن خزيمة. 5. صحيح ابن حبان 6. المختارة 2- الحديث الحسن سبب الخلاف فيه، وتعريف الحسن لذاته. اصطلاحات شاملة للصحيح والحسن: الجيد، والقوي الخ. مصادر الحديث الحسن وخصائصها: السنن الأربعة ومسند أحمد وأبي يعلي. ب- القسم الثاني: أنواع الحديث المردود. الضعيف: شروط القبول واحتياط المحدثين الشديد فيه. مراتب الضعيف وأضعف الأسانيد. مسألة هامة: ضعف الإسناد لا يقتضي ضعف المتن. حكم الحديث الضعيف: -المضعف. -المتروك. -المطروح. -الحديث الموضوع: تعريفه وحكم روايته. أسباب الوضع وأصناف الواضعين.(ظهور الخلاف الذي دب بين المسلمين بسبب الفتنة.-العداء للإسلام وقصد تشويهه.-الترغيب والترهيب لحث الناس على الخير.-التوصل إلى الأغراض الدنيوية.) محاربة الوضع وأهم وسائلها. علامات الحديث الموضوع :(العلامات في الراوي-علامات الوضع في متن الحديث المروي) أهم مصادر الحديث الموضوع
ونقسم أبحاث هذا النوع إلى قسمين:
أ-القسم الأول: أنواع الحديث المقبول.
الحديث الصحيح
الحديث الصحيح: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الضابط ضبطاً كاملاً عن العدل الضابط إلى منتهاه، وخلا من الشذوذ والعلة.
شرح التعريف:
1-الاتصال: ومعناه أن يكون كل واحد من رواة الحديث سمع ممن فوقه حتى يبلغ قائله.
2-العدالة في الرواة: الملكة التي تحث على التقوى، وتحجز صاحبها عن المعاصي والكذب وما يخل بالمروءة.
3- الضبط: نوعان: ضبط صدر: وهو أن يسمع الراوي الحديث من الشيخ ثم يحفظه في صدره، ويستحضره متى شاء.
وضبط كتاب: وهو أن يسمع الراوي الحديث من الشيخ ثم يكتبه في كتاب عنده ويصونه من التحريف والتبديل.
4- الخلو من الشذوذ بأن لا يخالف الثقة من هو أوثق منه من الرواة.
5- الخلو من العلة: وهي سبب يطرأ على الحديث فيقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
ووجه دلالة هذه الشروط الخمسة على صحة الحديث:
أن العدالة والضبط يحققان أداء الحديث كما سمع من قائله، واتصال السند على هذا الوصف في الرواة يمنع اختلال ذلك في أثناء السند، وعدم الشذوذ يحقق ويؤكد ضبط هذا الحديث الذي نبحثه بعينه وأنه لم يدخله وهم، وعدم الإعلال يدل على سلامته من القوادح الخفية.
حكم الحديث الصحيح:
أجمع العلماء من أهل الحديث ومَنْ يُعْتَدُ به من الفقهاء والأصوليين على أن الحديث الصحيح حجةْ يجب العمل به، سواء كان راويه واحدا لم يروه غيره، أو رواه معه راو آخر، أو اشتهر برواية ثلاثة فأكثر.
الصحيح لغيره
الصحيح الذي سبق تعريفه هو الذي بلغ درجة الصحة بنفسه دون أن يحتاج إلى ما يقويه، ويسميه العلماء الصحيح لذاته. وهذا لا يشترط للحكم بصحته أن يكون عَزيزاً أي أن يُرْوّى من وجه آخر.
أما الصحيح لغيره: فهو الحديث الحسن لذاته إذا روي من وجه آخر مثله أو أقوى منه بلفظه أو بمعناه، فإنه يقوى ويرتقي من درجة الحسن إلى الصحيح، ويسمى الصحيح لغيره لأن الصحة لم تأت من ذات السند، وإنما جاءت من انضمام غيره له.
مرتبته: هو أعلى مرتبة من الحسن لذاته، ودون الصحيح لذاته.
أصح الأسانيد:
واختلفوا في ذلك على أقوال كثيرة، والصحيح في هذه المسألة أنه لا يقال عن إسناد: إنه أصح الأسانيد مطلقاً، إلا مع التقييد بالصحابي أو بالبلد.
مقيداً بالصحابي:مثاله: أصح الأسانيد عن أبي بكر: ما رواه إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن حازم، عن أبي بكر.
مقيداً بالبلد: أصح أسانيد المكيين: ما رواه سفيان بن عينية، عن عمر بن دينار، جابر بن عبد الله. وهناك من يقول:
1- أصح الأسانيد : مالك عن نافع عن ابن عمر.
2- أصحها : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه.
3-4 أصحها: محمد بن سيرين بن عَبِيدة السلماني عن علي.
5- سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود.
أصح أحاديث الباب وأحسن:
يوجد في كلام المحدثين قولهم: "أصح شيء في الباب كذا" أو "أحسن شيء في الباب كذا". ويكثر ذلك في جامع الترمذي، وفي تاريخ البخاري.
ولا يلزم صحة الحديث ولكن قد يكون ضعيفاً ومرادهم بذلك الأرجح أو الأقل ضعفاً أو الأحسن أو الأمثل.
مصادر الحديث الصحيح
1- الموطأ:
مؤلفه الإمام مالك بن أنس الفقيه المجتهد نجم الآثار النبوية ، من كبار أئمة المسلمين ، ومن فقهاء المدينة الذين تحققت بهم كلمة النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدا أعلم من عالم المدينة " [ أخرجه تانرمذي ].
2- الجامع الصحيح للبخاري:
مؤلفه: الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجُعْفيّ وَلاءً .
ولد سنة 194 بخزتنك قرية قرب بخارَى ، وتوفي فيها سنة 256 هـ.
وبدت عليه علائم الذكاء والبراعة منذ حداثته: حفظ القرآن - وهو صبي- ثم استوفى حفظ حديث شيوخه البخاريين ونظر في الرأي وقرأ كتب ابن المبارك حين استكمل ست عشرة سنة، فرحل في هذه السن إلى البلدان وسمع من العلماء وأكب عليه الناس وتزاحموا عليه ولم تطلع لحيته.
2- صحيح مسلم:
مصنفه الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري ولد بمدينة نيسابور سنة 206 هـ وتوفى بها سنة 261هـ. كان إماما جليلا مهابا، وكان غيوراً على السنة والذب عنها، تتلمذ على البخاري وأفاد منه ولازمه. وهجر مِنْ أجله من خالفه، وكان في غاية الأدب مع إمامه البخاري.
- 4صحيح ابن خُزَيْمَة :للإمام المحدث الكبير أبي عبد الله أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، المتوفى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة (311هـ). وقد عُرِفَ بالتحري، حتى انه يتوقف في التصحيح لأدنى كلام في الإسناد، فيقول: (( إن صح الخبر )) أو (( إن ثبت كذا )) ونحو ذلك.
5- صحيح ابن حِبّان: للإمام المحدث الحافظ أبي حاتم محمد بن حِبّان البُسْتي، المتوفى سنة (354هـ) تلميذ ابن خزيمة، ويسمى كتابه هذا: ((التقاسيم والأنواع )).
هذان الكتابان صحيحا ابن خزيمة وابن حبان اشترط صاحباهما الصحة فيما يخرجانه فيهما، إلا أن العلماء لم يجمعوا عليهما بل وقعت انتقادات لأحاديث فيهما تساهلا في تصحيحها.
6- المختارة، للحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة (643هـ)، وهو كتاب التزم ما يصلح للحجية.
لكن انتقد على الكتاب تصحيح أحاديث لا تبلغ رتبة الصحة، بل ولا رتبة الحسن.
2- الحديث الحسن:
الحديث الحسن: هو الحديث الذي اتصل سنده بنقل العدل الذي قل (خفَّ) ضبطه عن مثله إلى منتهى من غير شذوذ ولا علة.
الحسن لغيره: هو الحديث الضعيف إذا روى من طريق أخرى أقوى منه.
حكم الحسن: الحسن بنوعيه يشارك الصحيح في الاحتجاج والعمل به عند جميع الفقهاء وأكثر المحدثين، وإن كان دونه في القوة.
الحسن لغيره:
هو الحديث الضعيف إذا تعددت طرقه، ولم يكن سبب ضعفه فسق الراوي أو كذِبهُ.
يستفاد من هذا التعريف أن الضعيف يرتقي إلى درجة الحسن لغيره بأمرين هما:
أ) أي يُروى من طريق آخر فأكثر، على أن يكون الطريق الآخر مثله أو أقوى منه.
ب) أن يكون سبب ضعف الحديث إما سوء حفظ راويه أو انقطاع في سنده أو جهالة في رجاله.
مرتبته:
الحسن لغيره أدنى مرتبة من الحسن لذاته.
وينبني على ذلك أنه لو تعارض الحسن لذاته مع الحسن لغيره قُدِّمَ الحسنُ لذاته.
ألقاب الحديث المقبول:
كثيراً ما يستعمل المحدثون للدلالة على قبول الحديث ألقاباً غير قولهم: ((صحيح))، أو قولهم: ((حسن))، مثل ((الجيد))، و((القوي))، و ((الصالح))، و ((المعروف))، و ((المحفوظ))، و ((المُجَوَّد))، و ((الثابت)).
فأما الجيد، فقد قرر الحافظ ابن حجر أنه لا مغايرة بين صحيح وجيد عندهم، إلا أن الجهبذ منهم لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا لنكتة، كأن يرتقى الحديث عنده عن الحسن لذاته، ويتردد في بلوغه الصحيح، فالوصف به أنزل رتبة من الوصف بصحيح، وكذا القوي.
وأما الصالح، فيشمل الصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج بهما، ويستعمل أيضاً في ضعيف ضعفاً يسيراً لأنه يصلح للاعتبار.
وأما المعروف فهو مقابل المنكر، والمحفوظ مقابل الشاذ.
والمجوّد والثابت يشملان أيضاً الصحيح والحسن.
مصادر الحديث الحسن
وأهم مصادر الحديث الحسن: السنن الأربعة، والمسند للإمام أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلى، نعرف بها فيما يلي:
1- "الجامع" للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَة الترمذي، المولودسنة 209 هـ والمتوفى سنة 279 هـ.
وكان الترمذي من خواص تلامذة البخاري، شهد له العلماء بالعلم والحفظ والمعرفة، وبالديانة والورع، حتى إنه لغلبه الخشية عليه كُفَّ بصره آخر عمره بسبب البكاء من خشية الله تعالى.
2- "السنن" للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني المولود سنة (202 هـ) والمتوفى سنة (273هـ). وأبو داود من تلامذة البخاري أيضاً، أفاد منه وسلك في العلم سبيله، وكان يشبه الإمام أحمد في هديه ودله وسمته.
3- "المجْتَبَى" للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المولود سنة (215هـ) والمتوفى (303هـ) .
قال الدارقطني: (( أبو عبد الرحمن مقدم على كل من يذكر بهذا العلم من أهل عصره )).
))كان النسائي إماماً حافظاً ثبتا )).
4-"سنن المصطفى" لابن ماجه محمد بن يزيد القزويني الحافظ الكبير المفسر، ولد سنة (209هـ) وتوفي سنة (273). (( ابن ماجة ثقة كبير متفق عليه، محتج به، له معرفة وحفظ ...)).
5- "المسند" للإمام المبجل أحمد بن حنبل، إمام أهل السنة والحديث، ولد سنة (164) وتوفي (241).
قال الشافعي: ((خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلاً أفضل ولا أعلم ولا أفقه من أحمد بن حنبل )).
6- "المسند" لأبي يعلي الموصلي أحمد بن علي بن المثنى، ولد سنة عشر ومئتين، وارتحل في طلب الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة، وعمِّر وتفرد ورحل إليه الناس. وتوفي سنة (307هـ) .
أثنى عليه العلماء ووصفوه بالحفظ والإتقان والدين .
ب- القسم الثاني : أنواع الحديث المردود.
1- الضعيف.
الضعيف هو: ما لم يجمع صفة الحسن، بفقد شرط من شروطه.
قال البيقوني في منظومته:
وكل ما عن رتبة الحُسْنِ قَصُر فهو الضعيف وهو أقسام كُثُر
وشروط الحديث المقبول ستة هي:
اتصال السند، والعدالة، والضبط، وعدم الشذوذ وعدم العلة القادحة، وعدم وجود العاضد عند الاحتياج إليه.
أنواع الضعيف:
الحديث الضعيف له أنواع كثيرة، منها ما له لقب خاص، ومنها ما ليس له لقب خاص، وقد كثرت أقوال المحدثين في تقسيماته، فذكر الحافظ ابن الصلاح للضعيف تقسيمات باعتبار فقدان صفة واحدة من صفات القبول أو صفتين أو أكثر، فبلغت أقسامه عنده اثنين وأربعين،وأوصلها بعضهم إلى ثلاثة وستين، وبعضهم إلى تسعة وعشرين ومائة باعتبار التقسيم العقلي، وإلى واحد وثمانين باعتبار ممكن الوجود وإن لم يتحقق وقوعه، وقد بسط ذلك الحافظ العراقي. وكل ذلك كما قال الحافظ ابن حجر: تعب ليس وراءه أرب.
ويمكننا أن نذكر جملة مشهورة من أنواع الضعيف ونبين وجه تنوعها، تقريباً لفهم المبتدىء فنقول:
إذا فقد شرط اتصال السند: فان كان من أول السند ولو إلى آخره فهو المعلق، وإن كان من آخره فهو المرسل -على خلاف في الاحتجاج به- وإن كان من وسط السند: فان كان الساقط من الرواة واحداً فهو المنقطع. وإن كان اثنين إِثرَ بعضِهم فهو المعضل. ويدخل في هذه الزمرة أيضاً المعنعن الذي لم يحكم باتصاله.
وأما إذا فقد شرط العدالة: فان كان ذلك بسبب الجهالة بعين الراوي أو حاله فيقال فيه ضعيف للجهل بعين الراوي أو بحاله، وإن سمي الراوي باسم غير معين فهو المبهم، وإن كان فقد العدالة لفسق الراوي أو كذبه فانه تحت لقب المتروك، وإن كان ذلك مع المخالفة فهو المنكر -على رأي من يشترط فيه المخالفة-.
وأما إذا فقد الضبط: فان كان ذلك بسبب غفلة الراوي أو كثرة نسيانه أو خطأه في الحديث فيدخل تحت لقب المتروك أيضاً، وإن كان لاضطراب رواياته فهو المضطرب.
وأما إذا كان في الحديث علة قادحة فهو المعلل.
وإذا كان فيه شذوذ -أي مخالفة للثقات- فهو الشاذ.
وهناك أنواع للضعيف منها ما له لقب يخصه، ومنها ما ليس له لقب خاص، وإنما يذكر فيه وجه الضعف فقط.
ضعف الإسناد لا يقتضي ضعف المتن:
وههنا مسألة هامة جداً تدل على دقة نظر المحدثين في تطبيق أصول النقد، حيث نبهوا على أنه لا يلزم من ضعف السند ضعف المتن، كما أنه لا يلزم من صحة السند صحة المتن.
فقد يضعف السند و يصح المتن لوروده من طريق آخر، كما أنه قد يصح السند ولا يصح المتن لشذوذ أو علة.
حكم العمل بالحديث الضعيف:
اختلف العلماء في الأخذ بالضعيف على ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: أنه لا يجوز العمل به مطلقاً.
المذهب الثاني: أنه يعمل به مطلقاً
المذهب الثالث: أنه يعمل به في الفضائل العملية والمواعظ والقصص ونحو ذلك مما ليس له تعلق بالعقائد والأحكام.
يستحب العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال من المستحبات والمكروهات، وهو مذهب جماهير العلماء من المحدثين والفقهاء وغيرهم، وقد أوضح الحافظ ابن حجر شروطه خير إيضاح فقال: "إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة:
الأول: متفق عليه، وهو أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
الثاني: أن يكون مندرجاً تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.
الثالث: ألا يُعْتَقَدَ عند العمل به ثبوته، لئلا ينسبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله)).
2- المضعف
وهو الذي لم يجمع على ضعفه، بل ضعفه بعضهم وقواه آخرون: إما في المتن أو في المسند.
3- المتروك
هو الحديث الذي يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة، وكذا من عرف بالكذب في كلامه وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي.
وهذا النوع يسمى متروكاً ولم يسم موضوعاً، لأن مجرد الاتهام بالكذب لا يُسَوِّغُ الحكم بالوضع.
4- المطروح
ما نزل عن الضعيف وارتفع عن الموضوع.
5- الحديث الموضوع: هو المختلق المصنوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بالحقيقة ليس بحديث، لكنهم سموه حديثاً بالنظر إلى زعم راويه.
وكثيراً ما يكون اللفظ المزعوم من كلام الحكماء أو الأمثال، أو من آثار الصحابة ينسبه الواضع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون من نسج خياله وإنشائه.
والحديث الموضوع هو شر الأحاديث الضعيفة، وأشدها خطراً، وضرراً على الدين وأهله.
أسباب الوضع: الأسباب التي حملت الوضاعين على اختلاق الأحاديث هي كثيرة نذكر أهمها:
الأول: قصد الواضع إلى إفساد الدين على أهله، كما فعلت الزنادقة إذ وضعوا أربعة عشر ألف حديث كما رواه العقيلي. منهم عبد الكريم ابن أبي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي. قال ابن عدي: لما أخذ يضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرّم فيها الحلال وأحلِّل الحرام. ومنهم محمد بن سعيد الشامي المصلوب روى عن حميد عن أنس مرفوعاً: أنا خاتم النبيين لا نبيَّ بعدي إلا أن يشاء الله وضع هذا الاستثناء لما يدعو إليه من التنبؤ والإلحاد.
الثاني: قصد الواضع نصرة مذهبه.
كما روى ابن أبي حاتم عن شيخ من الخوارج أنه كان يقول بعد ما تاب: انظروا عمن تأخذون دينكم! فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيّرناه حديثاً.
الثالث: قصد الواضع التقرب إلى الرؤساء والأمراء بما يوافق فعلهم، كما في قصة غياث بن إبراهيم مع المهدي.
الرابع: رغبة الواضع في التكسب والارتزاق، كأبي سعيد المدائني.
الخامس: قصد الأجر والثواب في زعم الواضع. كما فعله قوم من الجهلة حيث وضعوا أحاديث في الترغيب احتساباً في زعمهم الباطل.
قال في التدريب: من أمثله ما وضع حِسبة: ما رواه الحاكم بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة نوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورةً سورةً وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن اسحاق، فوضعت هذا الحديث حِسبةً. وكان يقال لأبي عصمة هذا "نوح الجامع" قال ابن حبان: جمع كل شيء إلا الصدق.
السادس: قصد الواضع الاغراب لأجل الاشتهار.
محاربة الوضع وأهم وسائلها:
انبرى العلماء لمحاربة الوضع ودرء مفاسد الوضاعين، واتبعوا من أجل ذلك وسائل علمية دقيقة نلخصها.
لك فيما يلي:
1- البحث في أحوال الرجال وتتبع سلوكهم ورواياتهم، حتى فارقوا من أجل ذلك الأهل والأوطان .
2- التحذير من الكذابين وفضحهم، والإعلان بكذبهم على رؤوس الخلائق.
3- البحث عن الأسانيد: فلا يقبل حديث لا يوجد له إسناد.
4- اختبار الحديث بعرضه على الروايات الأخرى والأحاديث الثابتة.
5- وضع ضوابط يكشف بها الحديث الموضوع.
6- التصنيف في الأحاديث الموضوع، للتنبيه عليها، والتحذير منها.
علامات الحديث الموضوع
وهي علامات استخلصها المحدثون من أبحاثهم وتنقيبهم عن الأحاديث الموضوعة واحداً واحداً، تيسر معرفة الحديث الموضوع وتكفي مؤونة التطويل، وقد شملت هذه الضوابط النظر في حال الراوي، وفي حال المروي، كما نفصله فيما يلي :
علامات الوضع في الراوي:
1- إقراره بأنه وضعه.
2- أن يكذبه التاريخ.
3- أن تقوم قرينه في حال الراوي على أن ذلك المروي موضوع.
4- أن يتفرد برواية عن شيخه وشأن مرويات شيخه أن تشتهر.
علامات الوضع في المروي :
1- كون ذلك المروي ركيك المتن، لفظاً أو معنىً.
2- أن ينقب عن الحديث ثم لا يوجد عند أهله من صدور الرواة وبطون الكتب، بعد أن تم استقراء الأحاديث وتدوينها.
3- أن يكون الحديث مخالفاً للقضايا المقررة، كأن يكون مخالفاً للعقل ولا يقبل التأويل، أو اشتمل على أمر يدفعه الحس والمشاهدة أو الواقع التاريخي.
4- أن يخالف المروي دلالة الكتاب القطعية، أو السنة المتواترة، أو الإجماع القطعي، أو دليل العقل، ولم يقبل التأويل ليوافق ما خالفه، فأما إن قبل التأويل فلا.
5- استقراء الأبواب: أي قولهم لم يصح في الباب شيء أو إلا حديث كذا، وذلك لما قاموا به من استقراء للأحاديث وتبويبها. وهو ضابط هام رأينا التنبيه عليه لعظيم فائدته.
6- أن يكون المروي قد تضمن الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الصغير، أو الوعيد العظيم على الفعل الحقير، ويكون هذا في أحاديث القصص.
7- أن يكون خبراً عن أمر جسيم تتوافر الدواعي على نقله بمحمل الجمع العظيم، ثم لا يرويه إلا واحد.
حكم الوضع: الوضع بأنواعه حرام بإجماع المسلمين الذين يُعتد بهم.
أحكام الموضوع: اتفق العلماء على أن الموضوع ساقط الاعتبار بكل اعتبار، لأنه كذب مختلق.
حكم رواية الموضوع: تحرم روايته مع العلم بوضعه في أي معنى كان، سواء الأحكام والقصص والترغيب والترهيب، وغير ذلك، إلا أن يقرنه ببيان وضعه، لحديث مسلم:
" من حدث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين".
مصادر الحديث الموضوع:
وإليك أهم هذه المصادر فيما يلي:
1- الموضاعات: للإمام الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى سنة ( 597) .
2- ((اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة)) للحافظ جلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911 هـ ).
3- (( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة)). للحافظ أبي الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني المتوفى ( 963 هـ).
4- ((المنار المنيف في الصحيح والضعيف)) للحافظ ابن قيم الجوزية (المتوفى سنة 751 هـ ).
5- ((المصنوع في الحديث الموضوع)). للحافظ علي القاري (المتوفى سنة 1014هـ).
=====================
مصطلح الحديث النوع الرابع: علوم المتن أ- القسم الأول: علوم المتن من حيث قائله 1. الحديث القدسي 2. الحديث المرفوع 3. الموقوف 4. المقطوع مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع المسألة الأولى: مذاهب العلماء في حجية الحديث الموقوف المسألة الثانية: ما له حكم الرفع من الحديث المقطوع لا يحتج به ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته 1-غريب الحديث 2-أسباب ورود الحديث 3-ناسخ الحديث ومنسوخه 4-مختلف الحديث 5-محكم الحديث
المتن: هو ما انتهى إليه السند من الكلام.
ينقسم هذا النوع إلى قسمين:
أ- القسم الأول: علومُ متن الحديث من حيث قائله.
1-الحديث القدسي
الحديث القدسي: هو ما نُقل إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل.
ومن أمثلة الحديث القدسي:
حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى:
(( أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) .
[أخرجه مسلم وابن ماجه].
الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن:
"إن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جلي، وأما الحديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول ومعناه من عند الله بالإلهام أو بالمنام".
ويختص القرآن بخصال ليست في الحديث القدسي أهمها:
1-أن القرآن معجز من أوجه وهي: كونه معجزة باقية على ممر الدهر، محفوظة من التغيير والتبديل، وبأن كل حرف منه بعشر حسنات، وبتعينه في الصلاة، وبتسميته قرآناً....
2-أننا تعبدنا بلفظ القرآن، ولا يجوز لمسه لمحدث ولا قراءته للجنب على ما ذهب إليه الأئمة الأربعة.
3-تواتر القرآن، وعدم تواتر الأحاديث القدسية -وهي ما نقل إلينا آحاداً بل فيها ما يضعف.
2-الحديث المرفوع
الحديث المرفوع: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة وسواء كان المضيف هو الصحابي أو من دونه متصلاً كان الإسناد أو منقطعاً، فيدخل في المرفوع الموصول والمرسل والمتصل والمنقطع وهذا هو المشهور في حقيقته، وهناك أقوال أخرى في حقيقته وتعريفه.
3-الموقوف
وهو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، سواء كان الإسناد إليه متصلاً أم منقطعاً.
سمي موقوفاً لأنه وقف به عند الصحابي، ولم يرتفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
4- المقطوع
هو: ما أضيف إلى التابعي أو من دونه من قول أو فعل.
حكم الاحتجاج به:
المقطوع لا يحتج به في شيء من الأحكام الشرعية، أي ولو صحت نسبته لقائله، لأنه كلام أو فعل أحد المسلمين، لكن إن كانت هناك قرينة تدل على رفعه، كقول بعض الرواة: -عند ذكر التابعي- "يرفعه" مثلاً، فيعتبر عندئذ له حكم المرفوع المرسل.
مسائل تتعلق بالموقوف والمقطوع
المسألة الأولى:
اختلف العلماء في الاحتجاج بما ثبت عن الصحابة من الموقوفات في إثبات الأحكام الشرعية.
فذهب الحنفية ومالك وأحمد إلى أنه حجة، لما أن حال الصحابة كان العمل بالنسبة وتبليغ الشريعة .
المسالة الثانية: ما له حكم الرفع:
إذا احتف الحديث الموقوف بقرائن معنوية أو لفظية تدل على رفعه فإنه يكون له حكم المرفوع ويحتج به.
وذلك في عدة صور بينها العلماء وهي:
أنواع الموقوف: الموقوف من حيث الحكم نوعان: موقف له حكم المرفوع، وموقوف ليس له حكم المرفوع. والأول على وجوه:
الأول: قول الصحابي: أُمرنا أو نهينا أو أوجب علينا أو أبيح لنا أو نحو ذلك من الإخبار عن الأحكام بصيغة ما لم يسم فاعله.
فكل ذلك مرفوع، لأن الآمر في ذلك والناهي والموجب هو النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: قول الصحابي: كنا نفعل، أو كنا نقول، أو كانوا يفعلون، أو كانوا يقولون، أو كنا لا نرى بأساً بكذا، أو كانوا لا يرون بأساً بكذا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسم وهو فينا، أو بين أظهرنا.
الثالث:قول صحابي: من السنة كذا، أو أصبت السنة أو السنة كذا وكذا.
الرابع: أن يتكلم الصحابي كلاماً في أمور نقلية أو يعمل عملاً لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، أو يحكم على فعل أنه طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو معصية.
الخامس: أقوال الصحابة في أسباب نزول الآيات الكريمة كقول ابن عباس رضي الله عنهما: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزوَّدون ويقولون نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] رواه البخاري.
وكذلك أقوال الصحابة في تفسير الآيات ومعانيها على وجه لا علاقة له باللغة،العربية، ولا مجال للرأي والاجتهاد فيه، كتفسير أمر مغيب من أمور الدنيا أو الآخرة أو الجنة أو النار، أو تعيين ثواب أو عقاب أو نحو ذلك. كقول أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير {لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 29] قال: تلقاهم جهنم يوم القيامة فتلفهم لفحة فلا تبقي لحماً على عظم.
وأما تفسير الصحابي المشتمل على بيان المعاني اللغوية، أو بيان حكم للرأي فيه مجال: فليس له حكم المرفوع.
السادس: قول التابعي فمن دونه عند ذكر الصحابي: يرفعه، أو يرفع الحديث، أو ينميه، أو يبلغ به، أو يرويه، أو رواه، أو رواية، فإن ذلك كله له حكم المرفوع. قال الحافظ العراقي:
وقولهم: يرفعه، يبلغ به رواية، ينميه: رفع فانتبه
ويلتحق بذلك ما إذا قيل عند ذكر الصحابي: "قال: قال" ففاعل "قال" الثاني هو النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكره العراقي ومثّل له بما رواه الخطيب بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: قال:"الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه".
وأما إذا قال الصحابي "عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه" فهو في حكم قوله:عن الله عز وجلّ، ويكون من الأحاديث الإلهية.
النوع الثاني: ما ليس له حكم المرفوع، وهو ما عدا الوجوه التي لها حكم الرفع.
المسألة الثالثة في الحديث المقطوع:
الحديث المقطوع لا يحتج به في إثبات شيء من الأحكام الشرعية، وإذا احتف بقرائن تفيد رفعه، فإنه عندئذ يكون حكمه حكم المرفوع المرسل، لسقوط الصحابي منه.
ب- القسم الثاني: علوم متن الحديث من حيث درايته.
1- غريب الحديث.
غريب الحديث: هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها.
ومعرفة معاني هذه الألفاظ علم مهم بالنسبة للمحدث، كي لا يكون ناقلاً للأخبار لا يدري ما يرويه.
2- أسباب ورود الحديث
وهو ما ورد الحديث متحدثاً عنه أيام وقوعه.
ومنزلة هذا الفن من الحديث كمنزلة أسباب النزول من القرآن الكريم .
وهو طريق قوي لفهم الحديث، لأن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبَّبِ.
3- ناسخ الحديث ومنسوخه
النسخ: هو رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر .
وقد وقع النسخ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لحكم جليلة، منها ضرورة التدرج بالناس من حضيض الجاهلية إلى علو المثالية الإسلامية.
ويعرف النسخ بأمور:
منها:- أن يثبت بتنصيص الشارع عليه، كحديث ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) . [ أخرجه مسلم وغيره ] .
ومنها:- بجزم الصحابي المتأخر، كحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
(( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار )) [أخرجه أبو داود والنسائي ].
ومنها:- ما عرف نسخه بالتاريخ، كحديث شداد بن أوس وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أفطر الحاجم والمحجوم )).
ومنها:- ما عرف نسخه بالإجماع. قال السيوطي والمثال الصحيح لذلك ما رواه الترمذي من حديث جابر رضي الله عنه قال: كنا إذا حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نلبي عن النساء، ونرمي عن الصبيان. قال الترمذي: أُجمع أهل العلم أن المرأة لا يلبي عنها غيرها.
4- مختلف الحديث
وربما سماه المحدثون ((مشكل الحديث)).
وهو أن يوجد حديثان متضادان في المعنى بحسب الظاهر.
وهو من أهم ما يحتاج إليه العالم والفقيه، ليقف على حقيقة المراد من الأحاديث النبوية، لا يَمْهَرُ فيه إلا الإمام الثاقب النظر.
5- محكم الحديث.
حكمه: أما الحكم في ذلك فهو أن ينظر في ذلك:
1. فإن أمكن الجمع بينهما بوجه صحيح فلا يعدل عنهما، بل يعمل بهما معاً.
2. وأما إذا كان الحديثان المتعارضان لا يمكن الجمع بينهما، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ للأخر بوجه من الوجوه الدالة على النسخ، أخذنا بالناسخ.
3. وإن لم يثبت النسخ أخذنا بالأرجح منهما.
وهو ((الأخبار التي لا معارض لها بوجه من الوجوه)).
مثال ذلك : حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي مستترة بقرام فيها صورة تماثيل، فتَلَوَّن وجهه، ثم أهوى على القرام فهتكه بيده، ثم قال:
"إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله" [ متفق عليه ].
=====================
مصطلح الحديث النوع الخامس: علوم السند أ- القسم الأول: علوم السند من حيث الاتصال المتصل -المسند - المعنعن والمؤنن · المسلسل · -العالي · -النازل · -المزيد في متصل الأسانيد · -حكم الاتصال وأنواع المتصل ب- القسم الثاني: علوم السند من حيث الانقطاع 1. المنقطع 2. -المرسل(حكم المرسل-تتمة في مرسل الصحابي) 3. -المعلق 4. المعضل 5. المدلس(القسم الأول: تدليس الإسناد-الأول: تدليس الاسقاط-الثاني: تدليس التسوية-الثالث: تدليس القطع-الرابع: تدليس العطف-القسم الثاني: تدليس الشيوخ) 6. المرسل الخفي(وسائل معرفة الإرسال)
المراد بالسند هنا: هو الطريق الموصلة إلى المتن -يعني رجال الحديث- وسموا بذلك لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره.
والبحث في السند دعامة أساسية في علوم الحديث، وفي التوصل إلى هدفه الأسمى والغرض المطلوب منه، وهو تمييز الحديث المقبول من المردود.
لذلك عني المحدثون بتحقيق الأسانيد والبحث فيها، لما أنه كثيراً ما يتوصل عن طريق السند إلى نقد للمتن لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق البحث في السند.
أ- القسم الأول: علوم السند من الإتصال
1- المتصل
هو الحديث الذي اتصل إسناده بسمع كل راوٍ ممن فوقه من أوله إلى منتهاه، مرفوعاً أو موقوفاً.
2- المسند
الحديث المسند: هو ما اتصل سنده مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا يدخل الموقوف والمقطوع ولو اتصل إسنادهما، ولا المنقطع، ولو كان مرفوعاً.
وهذا هو المعتمد المشهور في تعريف المسند.
3و4- المعنعن والمؤنن
هذان النوعان يدرسان بعض الصيغ التي يستعملها الرواة في النقل عمن فوقهم، لما فيها من احتمال عدم الاتصال.
والمعنعن: هو الذي يقال في سنده: فلان عن فلان، دون بيان للتحديث أو الإخبار أو السماع، فهو من صفات الإسناد.
حكم المعنعن: اختلف العلماء في حكم المعنعن أهو من قبيل المتصل أم من قبيل المنقطع؟.
فذهب الجمهور من المحدثين والفقهاء والأصوليين إلى أنه يعتبر من المتصل بشرطين
أحدهما: سلامة معنعنه من التدليس. والثاني: ثبوت ملاقاته لمن رواه عنه بالعنعنة على مذهب البخاري وشيخه علي بن المديني وغيرهما. أو ثبوت كونهما في عصر واحد مع إمكان اللقاء، وإن لم يثبت في خبر قط أنهما اجتمعا أو تشافها عند الإمام مسلم.
وأما المؤنن: فهو الذي يقال في سنده: فلان أن فلاناً …إلخ
حكم المؤنن: ذهب الجمهور إلى التسوية بين الرواية بلفظ: عن فلان ولفظ: أن
فلاناً، ولا عبرة للحروف إنما هو اللقاء أو المعاصرة مع إمكان اللقاء، والسلامة من التدليس.
5- المسلسل
المسلسل في اصطلاح المحدثين : هو الحديث الذي توارد رجال إسناده واحداً فواحداً على حاله واحدة، أو صفة واحدة للرواة و للرواية.
6- العالي
الإسناد العالي: هو الإسناد الذي قل عدد رجاله مع الاتصال.
وكذا إذا تقدم سماع رواية، أو تقدمت وفاة شيخه.
وينقسم العلو بحسب جهته أقساماً خمسة، ترجع إلى قسمين رئيسيين : علو مسافة بقلة الوسائط، وعلو صفة.
أما العلو بالمسافة فهو ثلاثة أقسام:
القسم الأول: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد صحيح.
القسم الثاني: القرب من إمام من أئمة الحديث. وهو علو نسبي.
القسم الثالث: العلو بالنسبة إلى الكتب الحديثية المشتهرة، وهو أن يعلو إسناد المحدث بالنسبة إلى روايته عن طريق الصحيحين وبقية الستة.
وأما علو الصفة: فهو هذان القسمان الباقيان.
الأول: العلو بتقدم وفاة الراوي.
الثاني: العلو بتقدم السماع من الشيخ.
7- النازل
الحديث النازل: ضد العالي، وهو الإسناد الذي كثر عدد رجاله.
ينقسم النزول إلى خمسة أقسام وهي:
1- كثرة الوسائط إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وهو نزول مسافة مطلق.
2- كثرة الوسائط إلى إمام من أئمة الحديث . وهو نزول مسافة نسبي.
3- نزول الإسناد من طريق غير الكتب الستة عن الإسناد من طريقها. وهو نزول مسافة نسبي أيضا.
4و5- تأخر الوفاة وكذا تأخر السماع وهما نزول صفة.
8- المزيد في متصل الأسانيد
وهو أن يزيد راو في الإسناد المتصل رجلاً لم يذكره غيره.
حكم الاتصال وأنواع المتصل
اتصال السند له شأن كبير في مصطلح الحديث، يتوقف عليه قبول الحديث كما عرفت من قبل، فإذا وجد الاتصال مع سائر شروط القبول كان الحديث مقبولاً، وإلا كان مردوداً، فأنواع هذا القسم مشتركة بين أقسام الحديث الثلاثة : الصحيح، الحسن، الضعيف.
ب- القسم الثاني : علومُ السنَدِ مِنْ حَيثُ الانقطاع.
1- المنقطع
هو ما سقط من إسناده راو أو أكثر قبل الصحابي لا على التوالي. وهو قول أكثر المحدثين، وهو الصحيح.
2- المرسل
هو رواية التابعي مطلقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا تعريف أكثر المحدثين، منهم الحاكم وابن الصلاح وابن حجر وغيرهم، وهو الصحيح.
حكم المرسل:
اختلف العلماء في حكم المرسل على أقوال أشهرها ثلاثة:
القول الأول: أنه يجوز الاحتجاج له مطلقاً، وهذا قول الإمام أبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنهما، وأتباعهم من الفقهاء والمحدثين والأصوليين.
القول الثاني: أنه ضعيف لا يحتج به. وقد حكى النووي "التقريب: هذا القول عن جماهير من المحدثين وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول.
القول الثالث: هو التفصيل وهو قول الإمام الشافعي. وذلك أن المرسل يحتج به إذا اعتضد بعاضد: بأن يُروى مسنداً، أو مرسلاً من جهة أخرى أو يعمل به بعض الصحابة، أو أكثر الفقهاء.
3- المعلق
والحديث المُعَلَّق: هو الحديث الذي حُذِفَ من مُبْتَدأ سنده، واحد فأكثر على التوالي ولو إلى نهاية السند، وعزي لمن فوق المحذوف.
4- المعضل
وفي اصطلاح المحدثين: هو ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر في موضع واحد على التوالي، سواء كان في أول السند أو وسطه أو منتهاه.
حكمه: من أنواع المردود للجهالة بحال الساقط.
5- المدلس
أنواع التدليس: التدليس نوعان تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ.
أولاً: تدليس الإسناد: هو أن يروي الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه، أو يروي عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه سمعه منه، بأن يقول: عن فلان، أو قال فلان، أو أن فلاناً فعل كذا، أو أن فلاناً قال كذا، ونحو ذلك من كل لفظ يوهم الاتصال ولا يقتضيه.
أما إذا روى عمن لم يعاصره بلفظ يوهم الاتصال فليس بتدليس على الصحيح
المشهور بل هو منقطع. ويعبَّر على ذلك بأنه إرسال ظاهر.
وإذا صرح بالسماع ولم يكن سمع من شيخه ولم يقرأ عليه فانه يكون من باب
الكذب الصريح فيكون مجروحاً مردود الرواية. وهذا النوع من التدليس أشار إليه الإمام البيقوني بقوله: الأول الإسقاط للشيخ الخ…
حكم تدليس الإسناد:إن هذا النوع من التدليس مكروه جداً قد ذمَّه أكثر العلماء، حتى إن فريقاً منهم ردَّ رواية من عرف بذلك وإن صرح بالسماع كما حكاه النووي، ثم بين أن القول الصحيح في ذلك هو التفصيل: فما رواه المدلِّس بلفظ محتمل لم يبين فيه الاتصال لا يقبل، كقوله: عن فلان، ويحكم عليه بالانقطاع. وما بين فيه الاتصال بأن قال في بعض رواياته: حدَّثني فلان، أو سمعت فلاناً، أو حدثنا أو أخبرنا أو نحو ذلك، فهو مقبول محتج به حيث كان ثقة، لأن الرواية التي جاءت بلفظ الاتصال دلت على أن الرواية التي جاءت بلفظ محتمل كـ (عن فلان) أو نحوه هي متصلة أيضاً.
ثانياً: تدليس الشيوخ: وهو: أن يسمى الراوي شيخه باسم أو يكنيه بكنية أو يلقبه بلقب أو ينسبه إلى قبيلة أو بلدة أو يصفه بصفة غير ما اشتهر به من الاسم أو الكنية أو اللقب أو النسبة أو الصفة.
مثال ذلك: قول أبي بكر بن مجاهد المقرىء: حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله، يريد به:
عبد الله بن أبي داود السجستاني صاحب السنن.
حكم هذا النوع: هذا النوع مكروه عند علماء الحديث، لأنه إذا ذكر شيخه بما لا يعرف به، فقد دعا إلى جهالته، فربما يبحث عنه الناظر فيه فلا يعرفه. ولما في ذلك من تضييع المروي عنه. ويختلف الحال في كراهة هذا النوع باختلاف القصد الحامل عليه.
فشره أن يكون الحامل على ذلك هو ضعف المروي عنه، فيدلسه حتى لا تظهر
روايته عن الضعفاء، كما فعل بعض المدلسين في محمد بن السائب الكلبي الضعيف حيث قال فيه: حماد. فلا ريب أن هذا حرام لتضمنه الغش والخيانة.
وقد يكون الحامل عليه كون المروي عنه أصغر سناً من المدلس، أو أكبر لكن بيسير،
أو بكثير لكن تأخر موته حتى شاركه في الأخذ عنه من هو دونه.
وقد يكون الحامل على ذلك إبهام كثرة الشيوخ، بأن يروي عن الشيخ الواحد في موضع بصفة، وفي موضع آخر بصفة أخرى يوهم أنه غيره.
6- المرسل الخفي
والمعتمد أن المرسل الخفي هو الحديث الذي رواه الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، ولم يلقه.
وسائل معرفة الإرسال:
1- أن يُعرف عدم اللقاء بينهما بنص بعض الأئمة على ذلك، أو يعرف بوجه صحيح من البحث في تواريخ الرواة.
2-أن يُعرف عدم السماع منه مطلقاً بنص إمام على ذلك، أو نحوه، كأن يصرح الراوي نفسه بذلك.
3- أن يُعرف عدم سماعه منه لذلك الحديث فقط، وإن سمع منه غيره، إمام بنص إمام أو إخباره عن نفسه.
4- أن يَرِدَ في بعض طرق الحديث زيادة اسم راوٍ بينهما.
=====================
مصطلح الحديث النوع السادس: العلوم المشتركة بين المتن والسند أ- القسم الأول: تفرد الحديث الغريب الإفراد حكم الغريب والفرد ب- القسم الثاني: تعدد رواة الحديث مع اتفاقهم المتواتر: تعريفه وشرحه وأقسامه -المشهور -المستفيض -العزيز -التابع والشاهد تعريفهما والفرق بينهما جـ- القسم الثالث: اختلاف روايات الحديث زيادات الثقات تعريفها وأقسامها القسم الأول: زيادة السند وتحقيق أنها تقبل من حافظ متقن القسم الثاني: زيادة في المتن وهي ثلاثة أنواع وحكم كل نوع الشاذ والمحفوظ · المنكر والمعروف · حكم المنكر بحسب إطلاقاته-قولهم : " أنكر ما رواه فلان" لا يعني ضعفه! -المضطرب -المقلوب -المدرج ومدرج الاسناد له صور أجملناها في ثلاث -كيف يعرف المدرج -حكم المدرج والإدراج وأثره في حديث الراوي -المصحف وله تقاسيم عديدة لطيفة ذكرناها المعلل انتقاد استعماله من حيث اللغة تعريف العلة والحديث المعل وتقسيمه بحسب موقع العلة
1. القسم الأول: تفَرّدُ الحَدِيثِ
1-الغريب
لغة: هو المنفرد أو البعيد عن أقاربه.
إصطلاحاً: هو الحديث الذي تفرد به راويه، في أي طبقة من طبقات السند.
وقد قسم العلماء الغريب بحسب موضع الغرابة فيه أقساماً كثيرة، ترجع إلى قسمين:
الأول: الغريب متنا وإسناداً .
وهو الحديث الذي لا يروى إلا من وجه واحد.
القسم الثاني: الغريب إسناداً لا متنا.
وهو والحديث الذي اشتهر بوروده من عدة طرق عن راو، أو عن صحابي أو عدة رواة، ثم تفرد به فرواه من وجه آخر غير ما اشتهر به الحديث.
2- الأفراد
الحديث الفرد: هو ما تفرد به راويه بأي وجه من وجوه التفرد.
وهو قسمان: الفرد المطلق، والفرد النسبي.
القسم الأول: الفرد المطلق: هو ما كانت الغرابة أو التفرد من أصل سنده، وأصل السند هو طرفه الذي فيه صحابي.
القسم الثاني: الفرد النسبي: هو ما كانت الغرابة أو التفرد في أثناء سنده.
حكم الغريب والفرد:
يخضع حكم هذين النوعين إلى استيفائهما شروط الصحة أو الحسن أو عدم استيفائها،
فينقسم كل منهما ممن حيث القبول أو الرد ثلاثة أقسام:
1. الغريب الصحيح، أو الفرد الصحيح، وهو ما توفرت في سنده شروط الصحة.
2. الغريب الحسن أو الفرد الحسن، وهو ما توفرت فيه صفات الحسن لذاته.
3. الغريب الضعيف أو الفرد الضعيف، وهو ما لم تتوفر فيه صفات الصحيح ولا الحسن.
ب- القسم الثاني: تعدّدُ روَاةِ الَحدِيثِ مَعَ اتِفاقِهِم
1-المتواتر
لغة: اسم فاعل مشتق من التواتر، وهو التتابع.
اصطلاحاً: الحديث المتواتر هو الذي رواه جمع كثير في كل طبقة من طبقات السند يؤمن عادةً تواطؤهم على الكذب عن مثلهم، إلى انتهاء السند واستندوا إلى أمر محسوس.
فقولهم: ((جمع كثير)) أي من غير تقييد بعدد، إنما المقصود العدد الذي يحصل به إحالة العقل تواطؤهم (أي اتفاقهم) على الكذب. وكذا وقوع الكذب أو السهو منهم بالمصادفة.
وقولهم: ((عن مثلهم إلى انتهاء السند)) خرج به ما كان آحاديا في بعض الطبقات ثم رواه عدد التواتر بعد ذلك، فإنه لا يكون متواترا.
مثل حديث: (( إنما الأعمال بالنيات)) فإنه آحادي في مبدأ إسناده وإنما طرأ عليه التواتر في وسط الإسناد، فلا يكون متواتراً.
حكم المتواتر:
أقسام المتواتر:
يقسم العلماء الحديث المتواتر إلى قسمين: متواتر لفظي، ومتواتر معنوي.
أما المتواتر اللفظي: فهو ما تواترت ألفاظه. كحديث ((من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
وأما المتواتر المعنوي: هو ما تواترت معانيه دون ألفاظه مثل أحاديث: رفع اليدين في الدعاء.
هل يشترط للتواتر عدد معين:
اختلف في ذلك على قولين:
1. اشتراط عدد معين فقيل: أربعة، وقيل: خمسة، وقيل سبعة، وقيل: اثنا عشر، وقيل: أربعون، وقيل: سبعون، وقيل: غير ذلك.
2. عدم اشتراط عدد معين واشتراط إحالة العادة تواطؤ الرواة على الكذب، وهو الصحيح.
2- المشهور
ما رواه ثلاثة أو أكثر في كل طبقة من طبقات السند ولم يبلغ حد التواتر.
حكم الحديث المشهور:
ينقسم الحديث المشهور من حيث القبول أو الرد إلى ثلاثة أقسام: الصحيح، والحسن، والضعيف.
3-المستفيض
وهو الحديث المشهور عند جماعة من العلماء.
4- العزيز
هو الذي يكون في طبقة من طبقات سنده راويان فقط .
5و6و7- التابع والشاهد والاعتبار
أما المتابَعَة، فهي أن يوافقَ راوي الحديث على ما رواه من قِبَلِ راو واحد أو أكثر عن شيخه أو عمن فوقه.
وأما الشاهد: هو أن يروي حديث آخر إما بلفظه ومعناه أو بمعناه فقط عن صحابي آخر.
وأما الاعتبار: هو تتبع طرق الحديث الذي ظن أنه تفرد به راويه ليعلم هل له تابع أو شاهد أم لا.
ج- القسم الثالث: اختِلافُ رِوَايَةِ الحَدِيثِ
1- زيادات الثقات
زيادة الثقة: هي ما يتفرد به الثقة في رواية الحديث من لفظة أو جملة في السند أو المتن.
تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الزيادة في السند: ومنها ما يكثر من اختلاف الرواة في وصل الحديث وإرساله، وكذا في رفعه ووقفه.
القسم الثاني: الزيادة في المتن : وهي أن يروي أحد الرواة زيادة لفظة أو جملة في متن الحديث لا يرويها غيره.
2و3- الشاذ والمحفوظ
الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه لكثرة عدد أو زيادة حفظ . والمحفوظ: مقابل الشاذ، وهو ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو دونه في القبول.
4و5- المنكر والمعروف
المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة (وهو الذي استقر عليه الصلاح).
وهذا القسم يقع في مقابلة المعروف.
والمعروف هو: حديث الثقة الذي خالف رواية الضعيف.
أما حكم المنكر: فهو بالنسبة للاصطلاح الأول ضعيف جداً.
6- المضطرب
هو الحديث الذي تقع المخالفة فيه بإبدال راو براو، أو مروي بمروي، أو باختلاف في وصل أو إرسال مع عدم ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى وعدم الجمع بينهما وعرَّف أيضاً بأنه: الحديث الذي يروى من قبل راو واحد أو أكثر على أوجه مختلفة متساوية، لا مرجح بينها، ولا يمكن الجمع.
7- المقلوب
والمقلوب في اصطلاح المحدثين: هو الحديث الذي أبدل فيه رواية شيئاً بآخر في السند أو المتن سهواً أو عمداً.
يمكن أن نقسِّم المقلوب إلى قسمين:
القسم الأول: ما وقع من الراوي سهواً كأن يروي الحديث بإسناد لحديث آخر.
القسم الثاني: ما وقع فيه القلب عمداً.
مثاله: في السند: ما يكون خطأ من بعض الرواة في اسم راو أو نسبة كأن يقول:
كعب بن مرة بدل مرة بن كعب.
من: المتن: ما رواه الطبراني عن أبي هريرة مرفوعاً: "إذا أمرتكم بشيء فأتوه، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم".
8- المدرج
ما ذكر في ضمن الحديث متصلاً به من غير فصل وليس منه .
وقد قسموا الإدراج بحسب موضعه إلى قسمين: مدرج المتن، ومدرج الإسناد.
القسم الأول: مدرج المتن:
وهو ما ذكر في ضمن متن الحديث من قول بعض الرواة الصحابي أو من دونه موصولاً بالحديث.
القسم الثاني : مدرج الإسناد: ما غُير سياق إسناده.
-أقسام مدرج السند
ذكر العلماء لأدرج السند صوراً متعددة يمكن أن تجمل فيما يلي:
1-أن يسمع الراوي حديثاً عن جماعة مختلفين في إسناده، فيرويه عنهم بإسناد واحد، ولا يبين اختلافهم .
2- أن يكون المتن عند راوٍ إلا طرفاً منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه عنه راوٍ تاماً بإسناد واحدٍ.
3- أن يسوق المحدث إسناد حديث، ثم يعرض له عارض فيقول كلاماً من عند نفسه فيظنه بعض السامعين متن ذلك الإسناد، فيرويه به.
كيف يعرف المدرج:
1- بوروده منفصلاً من رواية أخرى.
2-بالنص على ذلك من الراوي نفسه، أو بعض الأئمة المطلعين.
3- باستحالة كونه صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
حكم المدرج والإدراج:
والمدرج من أنواع الحديث الضعيف، لأنه إدخال في الحديث لما ليس منه.
9- المصحَّف
المصحف: هو ما كانت المخالفة فيه بتغيير حرف أو حروف بتغيير النقط مع بقاء صورة الخط.
ويقع التصحيف في سند الحديث ومتنه.
أقسام التصحيف:
1- تصحيف السمع: كأن يقول الشيخ حدثنا عاصم الأحول، فيرويه بعضهم واصل الأحدب.
2- تصحيف البصر: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد "احتجم" تصحيف، وإنما هو بالراء: "احتجر" فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغيرِ سماع.
10- المعلل
والعلة: هي عبارة عن أسباب خفية غامضة طرأت على الحديث فقدحت في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.
والحديث المعلل: هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها.
وينقسم الحديث المعلل بحسب موقع العلة إلى المعل في السند، ومعل في المتن، ومعل فيهما.
القسم الأول: المعل في السند وهو الأكثر والأغلب.
القسم الثاني: المعل في المتن.
القسم الثالث: المعل في السند والمتن.
كيف يعرف الحديث المعل:
1- تعرف بجمع طرق الحديث والنظر في اختلاف الرواة والاعتبار بمكانهم في الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط.
2- موازنة نسق الرواة فيالإسناد بمواقعهم في عامة الأسانيد.
3- حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث ومعرفتهم للرجال وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان، فيعللون الأحاديث بذلك.
4- أن ينص على علة الحديث، أو القدح فيه أنه معلل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن.
================
http://madrasat-l7abib-mohamad-mostala7.blogspot.com/2012/02/3_27.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق