ومن خطب الرسول صلى الله عليه وسلم
أول خطبة للنبي صلي الله عليه وسلم بالمدينة
" أما بعد أيها الناس .. فقدموا لأنفسكم ، تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ ، ثم ليقولن له ربه و ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه : ألم يأتك رسولى فبلغك ؟ وآتيتك مالاً وأفضلت عليك فما قدمت لنفسك ؟ فلينظرن يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً ، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم .
فمن استطاع أن يقى وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ، ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسلام عليكم وعلى رسول الله ورحمة الله وبركاته " .
( سيرة ابن هشام 1/300، وأخرجها أيضاً البيهقى )
خطبته صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة
" الحمد لله ، أحمده واستعينه واستغفره ، واستهديه وأؤمن به ولا أكفره ، وأعادى من يكفره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده وسوله، أرسله بالهدى ودين الحق والنور والموعظة على فترة من الرسل وقلة من العلم وضلالة من الناس وانقطاع من الزمان ، ودنو من الساعة ، وقرب من الأجل. من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصه فقد غوى وفرط وضل ضلالاً بعيداً، وأوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم أن يحضه على الآخرة، وأن يأمره يتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرى وإنه تقوى لمن عمل به على وجل ومخافة ، وعون صدق على ما تبتغون من أمر الآخرة ، ومن يصلح الذى بينه وبين الله من أمر السر والعلانية لا ينوى بذلك إلا وجه الله ، يكن له ذكراً فى عاجل أمره وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم .. وما كان من سوى ذلك : يود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ( ويحذركم الله نفسه و الله رءوف بالعباد ) والذى صدق قوله وأنجز وعده لا خلف لذلك فإنه يقول تعالى ( ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ) واتقوا الله فى عاجل أمركم وآجله فى السر والعلانية فإنه ( ... من يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجراً ) ، ومن يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً ، وإن تقوى الله توقى مقته وتوقى عقوبته وتوقى سخطه وإن تقوى الله تبيض الوجه ، وترضى الرب ، وترفع الدرجة . خذوا بحظكم ولا تفرطوا فى جنب الله ، فقد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله : ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين . فأحسنوا كما أحسن الله إليكم وعادوا أعداءه وجاهدوا فى الله حق جهاده هو اجتباكم وسماكم المسلمين ، ( ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حى عن بينة ) ولا قوة إلا بالله فأكثروا ذكر الله واعملوا لما بعد الموت ، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله يكفه ما بينه وبين الناس، ذلك بأن الله يقضى على الناس ولا يقضون عليه ، ويملك من الناس ولا يملكون منه ، الله أكبر ولا قوة إلا بالله العلى العظيم " .
( قال ابن كثير في البداية ج 3 ص 213 هكذا أوردها ابن جرير، وفي السند إرسال. ووردت في تاريخ الطبرى 2/255، والقرطبى في تفسيره ج 18 ص98 )
خطبة أخرى للنبي صلي الله عليه وسلم
" إن الحمد لله أحمده وأستعينه ، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إن أحسن الحديث كتاب الله تعالى : قد أفلح من زينه الله في قلبه ، وأدخله فى الإسلام بعد الكفرواختاره على ما سواه من أحاديث الناس . إنه أحسن الحديث وأبلغه ، أحبوا من أحب الله وأحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقس عنه قلوبكم ، أعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً واتقوه حق تقاته ، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم ، وتحابوا بروح الله بينكم ، إن الله يغضب أن ينكث عهده .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
( رواه البخارى، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى.. وغيرهم )
خطبة له صلي الله عليه وسلم في التوبة و المبادرة بالأعمال الصالحة
" يأيها الناس .. توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا ، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذى بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة فى السر و العلانية : ترزقوا وتؤجروا، وتنصروا ، وتحمدوا وتجبروا. واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة فى مقامى هذا، فى يومى هذا، فى شهرى هذا فى عامى هذا، إلى يوم القيامة فريضة مكتوبة من وجد إليها سبيلاً، فمن تركها فى حياتى أو بعد مماتى جحوداً بها واستخفافاً بحقها وله إمام عادل أو جائر، فلا جمع الله له شمله ، ولا بارك له فى أمره، ألا ولا صلاة له ألا ولاصوم له، ألا ولا وضوء له ألا ولا حج له،ألا ولا صدقة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا بر له حتى يتوب. من تاب تاب الله عليه، ألا لا تؤمن امراة رجلاً، ولا يؤم أعرابى مهاجراً ولا يؤم فاجر مؤمناً إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه وسوطه " .
(أخرجه ابن ماجه و البيهقي)
خطبة له صلي الله عليه وسلم في ضرورة أن تنتهي إلى معالمنا
" أيها الناس .. إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم ، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم ، إن المؤمن بين مخافتين : بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه وبين أجل قد بقى لا يدرى ما الله تعالى قاض عليه فيه : فلياخذ العبد لنفسه من نفسه، ومن دنياه لأخرته، ومن الشبيبة قبل الكبر، ومن الحياة قبل الموت .
والذى نفس محمد بيده : ما بعد الموت من مستعتب ، ولا بعد الدنيا دار .. إلا الجنة أو النار" .
( ذكره أبو بكر الباقلانى فى كتابه إعجاز القرآن )
خطبة جامعة له صلي الله عليه وسلم في التحذير من الفتن
" أما بعد .. فإن الدنيا خضرة حلوة ، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بنى إسرائيل كانت فى النساء ألا إن بنى آدم خلقوا على طبقات شتى : منهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت مؤمناً، ومنهم من يولد كافراً، ويحيا كافراً، ويموت كافراً، ومنهم من يولد مؤمناً ويحيا مؤمناً ويموت كافراً ، ومنهم من يولد كافراً ويحيا كافراً ويموت مؤمناً ، ألا إن الغضب جمرة توقد فى جوف ابن آدم ، ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ؟ فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال من كان بطئ الغضب سريع الرضا ، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطئ الرضا . فإذا كان الرجل بطئ الغضب بطئ الفئ ، وسريع الغضب سريع الفئ : فإنها بها . ألا إن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب ، وشر التجار من كان سيئ القضاء سيئ الطلب . فإذا كان الرجل حسن القضاء سيئ الطلب أو كان سيئ القضاء حسن الطلب : فإنها بها . ألا إن لكل غادرٍ لواءً يوم القيامة بقدر غدرته ، ألا و أكبر الغدر غدر أمير عامة ، ألا لا يمنعن رجلاً مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه ، ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ألا إن مثل ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه " .
( أخرجه أحمد، والترمذى، والحاكم، والبيهقى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في وصف الدارين
" ألا إن الدنيا عرض حاضر ، يأكل منها البر و الفاجر ، ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضى فيها ملك قادر ، ألا وإن الخير كله بحذافيره فى الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره فى النار . ألا فاعملوا وأنتم من الله علي حذرٍ ، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم .. ( فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره ) .. "
( أخرجه البيهقى، وأخرجه الطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الإتباع
" أما بعد .. فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأوثق العرى كلمة التقوى، وخير الملل ملة إبراهيم، وخير السنن سنة محمد صلي الله عليه وسلم ، وأشرف الحديث ذكر الله، وأحسن القصص هذا القران، وخير الأمور عوازمها، وشر الأمور محدثاتها، وأحسن الهدى هدى الأنبياء، وأشرف الموت قتل الشهداء وأعمى العمى الضلالة بعد الهدى، وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع ، وشر العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السفلى، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وشر المعذرة حين يحضر الموت،وشر الندامة يوم القيامة، ومن الناس من لا يأتى الصلاة إلا دبراً ، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجراً، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله، وخير ما وقر فى القلوب اليقين، والارتياب من الكفر، والنياحة من عمل الجاهلية ، و الغلول من جثا جهنم ، والكنز كى من النار، والشعر من مزامير إبليس، والخمر جماع الإثم، و النساء حبالة الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، وشر المكسب كسب الربا،وشر المأكل مال اليتيم والسعيد من وعظ بغيره ،والشقي من شقي في بطن أمه، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرعٍ، والأمر بآخره، وملاك العمل خواتمه، وشر الروايا روايا الكذب، وكل ما هو آت قريب، وسباب المؤمن فسوق، وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه، ومن يتأل على الله يكذبه، ومن يغفر يغفر الله له، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله، ومن يتبع السمعة يسمع الله به ومن يصبر يضعف الله، له، ومن يعص الله يعذبه. اللهم اغفر لى ولأمتى . اللهم اغفر لى ولأمتى. أستغفر الله لى ولكم".
( أخرجه البيهقى فى الدلائل )
خطبة جامعة له صلي الله عليه وسلم في التحذير من الابتداع
" أما بعد .. إنما هما اثنتان : الكلام و الهدى، فأحسن الكلام كلام الله، وأحسن الهدى هدى محمد، ألا وإياكم ومحدثات الأمور، فإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، ألا لا يطولن عليكم الأمد، فتقسو قلوبكم، ألا إن كل ما هو آت قريب، وإنما البعيد ما ليس بآت، ألا إنما الشقى من شقى فى بطن أمه، و السعيد من وعظ بغيره، ألا إن قتال المؤمن كفر، وسبابه فسوق، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ألا وإياكم و الكذب، فإن الكذب لا يصلح لا بالجد ولا بالهزل، ولا يعد الرجل صبيه فلا يفى له، وإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار، وإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدى إلى الجنة.
وإنه يقال للصادق صدق وبر، ويقال للكاذب كذب وفجر. ألا وإن العبد يكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " . .
( أخرجه ابن ماجه بسند جيد )
خطبة له صلي الله عليه وسلم في التنفير من الغفلة
" أما بعد، أيها الناس.. كأن الموت فيها على غيرنا قد كتب، وكأن الحق فيها على غيرنا قد وجب، وكأن الذى نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم، ونأكل من تراثهم كأنا مخلدون بعدهم. قد نسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة .
طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس . طوبى لمن طاب كسبه وصلحت سريرته وحسنت علانيته، واستقامت طويته. طوبى لمن تواضع لله في غير منقصة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، وجالس أهل الفقه والحكمة، وخالط أهل الذل والمسكنة . طوبى لمن زكت وحسنت خليقته، وطابت سريرته، وعزل عن الناس شره. طوبى لمن أنفق الفضل، من ماله وأمسك الفضل من قوله، ووسعته السنة، ولم تستهوه البدعة" .
( أخرجه أبو نعيم، وقد ورد بألفاظ متقاربة )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التوبة و العمل
" توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذى بينكم وبين ربكم تسعدوا، وأكثروا الصدقة ترزقوا، وأمروا بالمعروف تخصبوا، وانهوا عن المنكر تنصروا.
أيها الناس .. إن أكيسكم، أكثركم ذكراً للموت، وأكرمكم أحسنكم استعداداً له. ألا وإن من علامات العقل التجافى عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والتزود لسكنى القبور والتأهب ليوم النشور .
( أخرجه ابن ماجه، وتقدم من حديث جابر بن عبد الله بلفظ آخر )
خطبة له صلى الله عليه وسلم بمنى
" نضر الله عبداً سمع مقالتى فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىٍ مسلمٍ:
إخلاص العمل لله، والنصح لأئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم. فإن دعوتهم تحوط من ورائهم".
( أخرجه أحمد، وابن ماجه )
خطبته صلى الله عليه وسلم لما دعا قومه
" إن الرائد لا يكذب أهله، و الله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم، ولو غررت الناس جميعاً ما غررتكم، و الله الذى لا إله إلا هو‘ إنى لرسول الله إليكم خاصة وإلى الناس كافة.
والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحساناً، وبالسوء سوءاً و إنها لجنة أبداً أو نار أبداً "
( ذكره الحلبى فى السيرة )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في تذكر الموت
" أيها الناس .. أكثروا من ذكر هاذم اللذات، فإنكم إذا ذكرتموه فى ضيق وسعه عليكم وإن ذكرتموه فى غنى بغضه إليكم. إن المنايا قاطعات الآمال، والليالي مدنيات الآجال.
وإن العبد بين يومين، يوم مضى أحصى فيه عمله فختم عليه، ويوم قد بقى لا يدرى لعله لا يصل إليه. وإن العبد عند خروج نفسه وحلول رمسه، يرى جزاء ما أسلف، وقلة غناء ما خلف.
أيها الناس .. إن فى القناعة لغنى، وإن فى الاقتصاد لبلغة، وإن فى الزهد لراحة، ولكل عمل جزاء، وكل آت قريب " .
( ذكرها العلامة بهلء الدين محمد العاملى فى الكشكول )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في فضل رمضان
" يا أيها الناس .. قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعاً. من تقرب فيه بخصلة، من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر، و الصبرثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد رزق المؤمن فيه، ومن فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شئ". قالوا يا رسول الله .. ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم . فقال رسول الله صلي الله عليه وعلى أله وسلم : " يعطى الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة بن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وأخره عتق من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه. وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار. ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضى شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة " .
( أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه. )
خطبة له صلي الله عليه وسلم في وصف الدنيا
" الدنيا دار بلاء، ومنزلة بلغة، وعناء، قد نزعت عنها نفوس السعداء، وانتزعت بالكره من أيدى الأشقياء. فأسعد الناس بها أرغبهم عنها، وأشقاهم بها أرغبهم فيها، فهى الغاشة لمن استنصحها، والمغوية لمن أطاعها. الفائز من أعرض عنها، والهالك من هوى فيها. طوبى لعبد اتقى فيها ربه، وقدم توبته، وغلب شهوته، من قبل أن تلقيه الدنيا إلى الآخرة، فيصبح فى بطن موحشة غبراء مدلهمة، ظلماء لا يستطيع أن يزيد فى حسنة ولا ينقص من سيئة، ثم ينشر فيحشر إما إلى جنة يدوم نعيمها، أو إلى نار لا ينفد عذابها " .
( ذكره فى الكشكول )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التنفير من الدنيا
" أيها الناس .. إن هذه الدار دار التواء، لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح. فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء ألا وإن الله تعالى خلق الدنيا دار بلوى، والآخرة دار عقبى، فجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سبباً، وثواب الأخرة من بلوى الدنيا عوضاً، فيأخذ ليعطى، ويبتلى ليجزى .إنها لسريعة الذهاب، وشيكة الانقلاب، فاحذروا حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واحذروا لذيذ عاجلها لكريه آجلها، ولا تسعوا فى تعمير دارٍ قد قضى الله خرابها، ولا تواصلوها – فقد أراد الله منكم اجتنابها- فتكونوا لسخطه متعرضين، ولعقوبته مستحقين.
( ذكره فى الكشكول )
خطبة له صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ألا كل مأثرة، أو دمٍ، أو مالٍ يدعى فهو تحت قدمى هاتين إلا سدانة البيت، وسقاية الحاج. ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل: أربعون منها فى بطون أولادها.
يا معشر قريش .. إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء. الناس من آدم وآدم خلق من تراب " .
ثم تلا هذه الاية:
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
ثم قال :
" يا معشر قريش .. ما ترون أنى فاعل بكم " ؟ .. قالوا : خيراً أخ كريم، وابن أخٍ كريمٍ. قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .
( ذكرها ابن هشام )
خطبة حجة الوداع
" إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.
أوصيكم – عباد الله – بتقوى الله، واحثكم على طاعة الله، واستفتح بالذى هو خير.
أما بعد: أيها الناس .. اسمعوا منى أبين لكم، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا، فى موقفى هذا .
أيها الناس .. إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا، فى شهركم هذا، فى بلدكم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم، وقد بلغت، فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائمنته عليها، وإن كل رباً موضوع، ولكن لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلموا. قضى الله أنه لا رباً. وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله . وإن كل دم كان في الجاهلية موضوع . وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب – وكان مسترضعاً فى بنى ليث، فقتلته هذيل – فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية. وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة و السقاية. و العمد قود، وشبه العمد ما قتل بالعصا و الحجر وفيه مائة بعير، فمن زاد فهو من أهل الجاهلية .
أيها الناس .. إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه أبداً ، ولكنه رضى أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم، فاحذروه على دينكم .
أيها الناس ( إنما النسئ زيادة فى الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ) .
ويحرموا ما أحل الله. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض. وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم. ثلاث متوالية، وواحد فرد : ذو القعدة، وذو الحجة، و المحرم، ورجب مضر الذى بين جمادى وشعبان .
أيها الناس .. إن لكم على نسائكم حقاً، ولهن عليكم حقاً، لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، وعليهن ألا يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن فى المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن انتهين وأطعنكم فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف . واستوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله فى النساء واستوصوا بهن خيراً. فاعقلوا أيها الناس قولى، فإنى قد بلغت.
وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً أمراً بيناً: كتاب الله وسنة نبيه.
أيها الناس .. اسمعوا قولى واعقلوه، تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم، وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تظلمن أنفسكم. اللهم هل بلغت " ؟ قالوا : اللهم نعم . فقال رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وسلم : " اللهم اشهد، فلا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم أعناق بعض .
أيها الناس .. إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أنقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت " ؟ . قالوا : نعم . قال : " فليبلغ الشاهد منكم الغائب .
أيها الناس .. إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا تجوز وصية فى أكثر من الثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته " .
( ذكره ابن هشام مختصراً، وابن عبد ربه فى " العقد الفريد " مطولاً )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التحذير من الشرك
" يا أيها الناس .. اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل " .
فقال له من شاء أن يقول : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ؟ . قال : " قولوا : اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئاً نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه " .
( رواه أحمد والطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الحث على أداء الحقوق لأصحابها
" إن الله قد أعطى كل ذى حق حقه، إن الله قد فرض فرائض وسن سنناً وحد حدوداً وأحل حلالا، وحرم حراماً، وشرع الدين فجعله سهلاً سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً . ألا إنه لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له. ومن نكث ذمة الله طلبه، ومن نكث ذمتى خاصمته، ومن خاصمته فلجت عليه، ومن نكث ذمتى لم ينل شفاعتى ولم يرد على الحوض " ..
( الحديث، ورواه الطبرانى فى الكبير )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترهيب من ترك السنة وارتكاب البدع والأهواء
عن جابر رضى الله عنه، قال : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته، واشتد غضبه كأنه منذر جيش، يقول صبحكم ومساكم، ويقول:
" بعثت أنا و الساعة كهاتين " . ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى، ويقول :
" أما بعد .. فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة " .
ثم يقول : " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً فإلى وعلى ".
( رواه مسلم، وابن ماجه، وغيرهما )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترغيب في البداءة الخير ليستن به، والترهيب من عكسه
عن جرير رضي الله عنه ، قال : كنا فى صدر النهار عند رسول الله صلي الله عليه وسلم فجاءه قوم غزاة مجتابى النمار و العباء ، متقلدى السيوف ، عامتهم من مضر ، بل كلهم من مضر ، فتمعر وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم لما رأى ما بهم من الفاقة ، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلي، ثم خطب فقال:
( أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة .. ) الى آخر الآية ( إن الله كان عليكم رقيباً ) و الآية التى في الحشر ( اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد ) . تصدق رجل من ديناره، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال : ولو بشق تمرة. قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل عجزت. قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله – صلي الله عليه وسلم :
" من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شئ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ ".
( رواه مسلم والنسائى، وابن ماجه والترمذى .. باختصار القصة )
خطبة له صلي الله عليه وسلم في الترغيب في تعليم الناس وتفقيههم، و الترهيب من ترك ذلك
ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم، ولا يعلمونهم ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم، ولا ينهونهم وما بال أقوامٍ لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يتفقهون ولا يتعظون. والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم، ويعظونهم ويأمرونهم، وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتفقهون، ويتعظون أو لأعاجلنهم العقوبة". ثم نزل فقال قوم : من ترونه عنى بهؤلاء ؟ . قال: الأشعريون، هم قوم فقهاء، ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب . فبلغ ذلك الاشعريين، فأتوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ... ذكرت قوماً بخير، وذكرتنا بشر فما بالنا ؟ فقال :
" ليعلمن قوم جيرانهم، وليعظنهم، وليأمرنهم، ولينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتعظون، ويتفقهون، أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا " . فقالوا : يا رسول الله .. أنفطن غيرنا ؟. فأعاد قوله عليهم، فأعادوا قولهم : أنفطن غيرنا ؟. فقال ذلك أيضاً، فقالوا : أمهلنا سنة . فأمهلهم سنة ليفقهوهم، ويعلموهم، ويعظوهم، ثم قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الآية :
( لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم )
( رواه الطبرانى فى الكبير عن بكر بن معروف عن علقمة ).
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التبشير بمستقبل الإسلام والمسلمين
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قام ليلة بمكة من الليل، فقال:
" اللهم هل بلغت – ثلاث مرات – فقام عمر بن الخطاب، وكان أواهاً، فقال : اللهم نعم، وحرضت وجهدت ونصحت، فقال :
" ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه ولتخاضن البحار بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون فيه القرآن، يتعلمونه ويقرأونه، ثم يقولون قد قرأنا وعلمنا، فمن ذا الذى هو خير منا ؟ فهل فى أولئك من خير " . قالوا يا رسول الله، من أولئك ؟ .. قال :
" أولئك منكم، وألئك هم وقود النار "
. ( رواه الطبرانى في الكبير، واسناده حسن، إن شاء الله تعالى ) .
خطبة له صلى الله عليه وسلم فى الحث على الصلوات الخمس وصوم رمضان و الزكاة واجتناب الكبائر السبع
عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما، قالا: خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال:" والذي نفسي بيده" - ثلاث مرات – ثم أكب، فأكب كل رجل منا يبكى لا يدرى على ماذا حلف ؟ .. ثم رفع رأسه، وفى وجهه البشرى فكانت أحب إلينا من حمر النعم.. قال:
" ما من عبد يصلي الصوات الخمس، ويصوم رمضان، ويخرج الزكاة، ويجتنب الكبائر السبع، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصفق / ثم تلا:
( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاًكريماً )
(رواه الحاكم )
خطبة له صلي الله عليه وسلم في الترغيب في التقرب إلى الله في رمضان والبر بالوالدين، والإكثار من الصلاة على رسول الله صلي الله عليه وسلم
" إن جبريل عليه السلام عرض لى، فقال : بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له، قلت : أمين . فلما رقيت الثانية، قال : بعد من ذكرت عنده، فلم يصل عليك ( قلت : أمين ) فلما رقيت الثالثة، قال : بعد من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما، فلم يدخلاه الجنة قلت : أمين "
( رواه الحاكم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التحذيرمن الغلول والتشديد فيه
" لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول : يا رسول الله أغثنى فأقول : لا أملك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثنى، فاقول : لا أملك لك شيئاً لقد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجى يوم القيامة على رقبته شأة لها ثغاء يقول: يا رسول الله أغثنى ، فاقول لا أملك لك شيئاً، قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجى يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول : يا رسول الله أغثني، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجئ يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك " .
( رواه البخارى ومسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترغيب في صلة الأرحام والترهيب من البغى، وعقوق الوالدين
" يا معشر المسلمين .. اتقوا الله وصلوا أرحامكم، فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم، وإياكم والبغى، فإنه ليس من عقوبة أسرع من عقوبة بغى، وإياكم وعقوق الوالدين فإن ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام، والله لا يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء، إنما الكبرياء لله رب العالمين" .
( رواه الطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترهيب والتحذير من الخيانة و الظلم، والشح
" إياكم و الخيانة فإنها بئست البطانة، وإياكم و الظلم، فإنه ظلمات يوم القيامة وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح حتى سفكوا دماءهم، وقطعوا أرحامهم " .
( رواه الطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترغيب في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر
" يا أيها الناس .. إن الله يقول لكم : مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا أجيب لكم، وتسألونى فلا أعطيكم، وتستنصرونى فلا أنصركم " ...
( رواه ابن ماجه )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترغيب في أداء الأمانة، وحفظ العهد
" لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له " .
( رواه احمد، والبزاز، والطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التنبؤ بالفتح الإسلامي للشام و العراق و اليمن
" أيها الناس .. توشكون أن تكونوا أجناداً مجندة: جند بالشام، وجند بالعراق، وجند باليمن" . فقال ابن حوالة : يا رسول الله .. إن أدركنى ذلك الزمان فاختر لى، فقال صلي الله عليه وسلم
" إنى أختار لك الشام، فإنه خيرة المسلمين، وصفوة الله من بلاده، يجتبى إليها صفوته من خلقه. فمن أبى فليحلق بيمنه، وليسق من غدره، فإن ذلك قد تكفل لى بالشام وأهله " .
( رواه الطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترغيب في فعل الخير والبعد عن الشر
" يا أيها الناس .. هلموا إلى ربكم، فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى . يا أيها الناس .. إنما هما نجدان : نجد خير، ونجد شر، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ؟ " .
" وعن فضالة ابن عبيد أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم ، يقول : " طوبي لمن هدى للإسلام ، وكان عيشه كفافاً وقنع "
( رواه الترمذى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترهيب من زهرة الدنيا وزينتها
" إن مما أخاف عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها "
( رواه البخارى – ومسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الحث على الاستحياء من الله حق الحياء
" أيها الناس .. استحيوا من الله حق الحياء . فقال رجل : يا رسول الله .. إنا لنستحيى من الله تعالى . فقال " من كان منكم مستحيياً فلا يبيتن ليلة إلا وأجله بين عينيه، وليحفظ البطن وما وعى، و الرأس وما حوى ، وليذكر الموت والبلى، وليترك زينة الدنيا " .
( رواه الطبرانى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التذكير بالآخرة وما فيها من خير وشر
" لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً "
فغطى أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم وجوههم، لهم خنين " .
( رواه البخارى )
وفى رواية : " بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أصحابه شئ فخطب، فقال " عرضت على الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً " .
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التذكير بيوم الحشر وما فيه من أسرار
" إنكم ملاقون الله حفاة عراة غرلاً " .... وزاد فى رواية: " مشاة " .
وفي رواية، قال قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم بموعظة، فقال:
" يا أيها الناس .. إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلاً ..
( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) .
ألا وإن أول الخلائق يكسى: إبراهيم عليه السلام، ألا وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب .. أصحابى، فيقول: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك ؟ فأقول كما قال العبد الصالح : ( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم .. ) إلى قوله: ( العزيز الحكيم) . قال: فيقال لى إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم "
وزاد فى رواية: " فأقول سحقاً سحقاً "
( رواه البخارى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في إنذار عشيرته وأمرهم بإنقاذ أنفسهم من النار
" يا بنى كعب بن لؤى .. أنقذوا أنفسكم من النار ، يا بنى مرة بن كعب .. أنقذوا أنفسكم من النار، يا بنى هاشم .. أنقذو أنفسكم من النار، يا بنى عبد المطلب .. أنقذو أنفسكم من النار، يا فاطمة .. أنقذى نفسك من النار: فإنى لا أملك لكم من الله شيئاً "
( رواه مسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الحث على الجهاد في سبيل الله وعدم تمنى لقاء العدو
" يا أيها الناس .. لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا وأعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف " .. ثم قال النبي صلي الله عليه وسلم :
" اللهم منزل الكتاب، ومجرى السحاب، وهازم الآحزاب، أهزمهم وانصرنا عليهم " .
( وراه البخارى ، ومسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الترهيب من استغلال الوظيفة في أخذ ما ليس بحق
" أما بعد .. فإنى أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولانى الله، فيأتى فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت إلى، أفلا جلس فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقاً والله لا ياخذ أحد منكم شيئاً بغير حقه إلا لقى الله تعالى يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحداً منكم لقى الله يحمل بعيراً له رغاء. أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر " – ثم رفع يديه حتى رؤى بياض إبطيه – فقال : اللهم هل بلغت ؟ .. "
( متفق عليه )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في الحث على الجهاد في سبيل الله والترهيب من الفرار يوم الزحف
" نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر " ثم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم .
" كيف قلت " ؟ .. قال : أرأيت إن قتلت فى سبيل الله أتكفر عنى خطاياي ؟ .. فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" نعم إن قتلت وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين، فإن جبريل قال لى ذلك "
( رواه مسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في ضرورة الأخذ بكتاب الله والتذكير بأهل بيته رضوان الله عليهم، والتعريف بهم
" أما بعد، ألا أيها الناس .. فإنما أنا بشر يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به " فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال :
" وأهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتى، أذكركم الله فى أهل بيتي "
( رواه مسلم )
خطبة له صلي الله عليه وسلم فى الترغيب فى إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة الأرحام، والصلاة باليل و الناس نيام، طمعاً في دخول الجنة بسلام
" يا أيها الناس .. أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام: تدخلوا الجنة بسلام "
( رواه الترمزى )
خطبة له صلى الله عليه وسلم فى الأمر بالحج و النهى عن كثرة السؤال واجتناب المنهى عنه وعدم فعله، وفعل المستطاع
" يا أيها الناس .. إن الله قد فرض عليكم الحج فحجوا " .
فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ .. فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :
" لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم " ثم قال :
" ذرونى ما تركتم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه " .
( رواه مسلم )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التحذير من التنافس فى حب الدنيا و الترغيب فى أعمال الأخرة
" إني بين أيديكم فرط، وأنا شهيد عليكم، وإن موعدكم الحوض وإنى لأنظر إليه من مقامي هذا وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوها "
( متفق عليه )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في يوم أحد
" أيها الناس .. أوصيكم بما أوصانى الله فى كتابه، من العمل بطاعته، و التناهى عن محارمه ، ثم إنكم اليوم بمنزل أجر وذخرٍ لمن ذكر الذى عليه، ثم وطن نفسه على الصبر واليقين، والجد و النشاط، فإن جهاد العدو شديد كريه، قليل من يصبر عليه، إلا من عزم له على رشده، إن الله مع من أطاعه، وإن الشيطان مع من عصاه، فاستفتحوا أعمالكم بالصبر على الجهاد، و التمسوا بذلك ما وعدكم الله، وعليكم بالذى أمركم به، فإنى حريص على رشدكم إن الاختلاف و التنازع و التثبيط من أمر العجز و الضعف، وهو مما لا يحبه الله، ولا يعطى عليه النصر .
أيها الناس .. إنه قذف فى قلبي أن من كان على حرام فرغب عنه ابتغاء ما عند الله، غفر الله له ذنبه، ومن صلي على محمد صلاة : صلي الله عليه وملائكته عشراً، ومن أحسن وقع أجره على الله في عاجل دنياه، أو آجل آخرته، ومن كان يؤمن بالله و اليوم الآخر، فعليه الجمعة يوم الجمعة، إلا صبياً أو أمراة أو مريضاً أو عبداً مملوكاً ومن استغنى عنها استغنى الله عنه، و الله غنى حميد .
ما أعلم من عمل يقربكم إلى الله إلا وقد أمرتكم به، ولا أعلم من عمل يقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه، وإنه قد نفث الروح الأمين في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفى أقصى رزقها لا ينقص منه شى وإن أبطأ عنها، فاتقوا الله ربكم ، وأجملوا فى طلب الرزق، ولا يحملنكم استبطاؤه على أن تطلبوه بمعصية ربكم فإنه لا يقدر على ما عنده إلا بطاعته، قد بين لكم الحلال و الحرام، غير أن بينها شبهاً من الأمر لم يعلمها كثير من الناس إلا من عصم، فمن تركها حفظ عرضه ودينه، ومن وقع فيها كان كالراعى إلى جنب الحمى أوشك أن يقع فيه، وليس ملك إلا وله حمى ألا وإن حمى الله محارمه، والمؤمن من المؤمنين كالرأس من الجسد، إذا ما اشتكى تداعى إليه سائر جسده، .. والسلام عليكم " .
( جمهرة خطب العرب )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في التحذير من الدنيا
" ألا إن الدنيا خضرة حلوة، ألا وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، وألا لا يمنعن رجلاً مخافة الناس أن يقول الحق إذا علمه "
ولم يزل يخطب حتى لم تبق من الشمس إلا حمرة على أطراف السعف ، فقال :
" إنه لم يبق من الدنيا فيما مضى إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى "
(إعجاز القران )
خطبة له صلى الله عليه وسلم في زواج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها
" الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المرهوب من عذابه، المرغوب فيما عنده النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته، وميزهم بأحكامه، وأعزهم بدينه واكرمهم بنبيه محمد صلي الله عليه وسلم ثم إن الله تعالى جعل المصاهرة نسباً لاحقاً وأمراً مفترضاً، ووشج به الأرحام، وألزمه الأنام قال تبارك اسمه وتعالى ذكره
( وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله وصهرا وكان ربك قديراً )
فأمر الله يجرى إلى قضائه، ولكل قضاء قدر ، ولكل قدر أجل :
( بمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب )
ثم إن ربي أمرنى أن أزوج فاطمة من على بن أبى طالب ، وقد زوجتها إياه على أربعمائة مثقال فضة إن رضى بذلك على "
( جمهرة خطب العرب )
أخر خطبة له صلى الله عليه وسلم
آخر خطبة للرسول (صلى الله عليه و سلم):
لما تعذر عليه الخروج إلى الصلاة قال: مروا أبوبكر فليصل بالناس، فرضيه عليه الصلاة والسلام خليفة له في حياته، ولما رأت الأنصار اشتداد وجع الرسول أطافوا بالمسجد، فدخل العباس رضي الله عنه وأعلمه بمكانهم وإشفاقهم فخرج متوكئاً على الإمام علي بن أبي طالب والفضل رضي الله عنهما، وتقدم العباس أمامهم والنبي معصوب الرأس يخط برجليه حتى جلس في أسفل مرقاة المنبر وثار الناس إليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خُلِّدَ نبي قبلي فيمن بعث الله فأخلد فيكم؟ ألا إني لاحق بربي وأنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيراً وأوصي المهاجرين فيما بينهم، وأن الأمور تجري بإذن الله ولا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله فإن الله عز وجل لا يعجل بعجلة أحد، ومن غالب الله غلبه ومن خادع الله خدعه {هل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم}.
وأوصيكم بالأنصار خيراً فهم الذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم في الثمار؟ ألم يوسعوا لكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسهم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولى أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي، ألا فـــإن موعـــدكم الحوض، ألا فمن أراد أن يرده عليَّ غداً فليكفف يده ولسانه إلا فيما ينبغي
وفي نص :
" إني بين أيديكم فرط وأنا شهيد عليكم ، وإن موعدكم الحوض وإنى لأنظر إليه من مقامي هذا، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا، ولكنى أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها " .
( اخرجه البخارى )التعديل الأخير تم 01-01-2008 الساعة 10:10 PM
- 01-01-2008#6
- تاريخ التسجيل
- Nov 2005
- المشاركات
- 5,532
- المذهب أو العقيدة
- مسلم
ومن خطب الرسول صلى الله عليه وسلم
قام الشيخ (عبد العظيم بن بدوي) بجمع شيء خطب الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب اسمه ( الخطب المنبرية)
وجمع فيه اربعون خطبة فقط وركز على احاديثها بالشرح والتعليق
أضع بين يديك إجابة للدكتور (د. محمد بن عبد الله القناص ) ... ردا على سؤال مشابه لسؤالك تفضل
به أحد الاخوة , و هو:
(أين خطب الرسول – صلى الله عليه وسلم- لكل يوم جمعة؟ لماذا لم تدوَّن كأحاديثه وسيرته، وحركاته،وصفاته، ومجالسه؟ إن كان هناك الكثير من أقوال الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأفعاله قد نقلت إلينا صغيرة وحتى كبيرة. ؟)
أجاب الدكتور (د. محمد بن عبد الله القناص ):
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
كان العرب قبل الإسلام يعتمدون على الحفظ في نقل أشعارهم وتاريخهم، وأيامهم ومآثرهم، وأنسابهم، واشتهروا بقوة الذاكرة وسرعة الحفظ، ووصفهم الله -عز وجل- بالأميين، قال –تعالى-: " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ " [الجمعة:2]، وكان الكتاب فيهم ندرة، ثم جاء الإسلام، وحثّ على العلم والكتابة، ووجد كُتاب في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقاموا بتدوين القرآن الكريم، ولكنهم لم يقوموا بجمع حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكتابته بشمول واستقصاء، بل اعتمدوا على الحفظ والذاكرة في أغلبه، ولم يأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-بذلك، ولعله أراد المحافظة على ملكة الحفظ عندهم لاسيما وأن الحديث تجوز روايته بالمعنى، ولا يقصد بألفاظه التعبد والإعجاز بخلاف القرآن الذي هو معجز بلفظه ومعناه، ومتعبد به، ثم كان هناك خشية في أول الإسلام أن يحدث إلتباس عند عامة المسلمين، فيخلطوا القرآن بالحديث إذا حصل كتابة القرآن، والحديث في صحيفة واحدة، أو أن تخلط الصحف التي يكتب فيها الحديث بالصحف التي يكتب فيها القرآن، وكذلك خشية انشغال المسلمين بالحديث عن القرآن وهم حديثو عهد به، ولهذا جاء في حديث أبي سعيد-رضي الله عنه- النهي عن كتابة الحديث، فعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " لَا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ" أخرجه مسلم ( 3004 ).
قال الرامهرمزي: " وحديث أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه-، فأحسبه أنه كان محفوظاً في أول الهجرة، وحين كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن " ( المحدث الفاصل 71 )، وقال الخطابي – عن الحديث -: " وجهه – والله أعلم – أن يكون إنما كره أن يكتب شيء من القرآن في صحيفة واحدة، أو يجمع بينهما في موضع واحد؛ تعظيماً للقرآن وتنزيهاً له أن يسوى بينه وبين كلام غيره " ( غريب الحديث 1/632)، وقد اعتنى الصحابة –رضي الله عنهم- بحفظ السنة، وبلغوها إلى من بعدهم، ثم دونت في المعاجم، والمصنفات والمسانيد كما هو معلوم، وخطب النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحصل تدوينها وكتابتها في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكنها توجد في الغالب مفرقة فيما نقله الصحابة –رضي الله عنهم- ، وقد لا ينص على أن هذا الكلام قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- في الخطبة، ثم إن الصحابة –رضي الله عنهم- قد ينقل بعضهم أول كلامه -صلى الله عليه وسلم -في الخطبة، وينقل صحابي آخر آخرها أو وسطها، ولهذا جاء في حديث أبي زيد عمرو بن أخطب –رضي الله عنه- أنه قال: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْفَجْرَ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتْ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِن،ٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا " أخرجه مسلم ( 2892 )، وقد يحصل النص في بعض الأحاديث أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله في خطبة الجمعة ومن ذلك على سبيل المثال:
- ما رواه مسلم ( 867 ) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاه،ُ وَعَلَا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ، يَقُولُ: "صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ "، وَيَقُولُ: " بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ"، وَيَقْرُنُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَيَقُولُ: " أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ " ثُمَّ يَقُولُ: " أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ "
وفي لفظ: كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهَ، وَيُثْنِي عَلَيْه،ِ ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِك،َ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ، ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ .
- ومما حفظ من خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يكثر أن يخطب بالقرآن وسورة (ق) كما جاء في صحيح مسلم ( 873 ) عن أم هشام بنت الحارث بْنِ النُّعْمَانِ - رضي الله عنها- قَالَتْ: " مَا حَفِظْتُ ق إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ".
- وكما جاء في مسند الإمام أحمد ( 20325 ) من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: "بَرَاءَةٌ "وَهُوَ قَائِمٌ يُذَكِّرُ بِأَيَّامِ اللَّهِ ...."
- وفي رواية عند ابن ماجة ( 1101 ) من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تَبَارَكَ وَهُوَ قَائِمٌ فَذَكَّرَنَا بِأَيَّامِ اللَّهِ.. "
- ومما حفظ من خطبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضاً ما أخرجه ابن ماجة (1071) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنهما- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا، وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ، وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدْ افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا، فِي يَوْمِي هَذَا، فِي شَهْرِي هَذَا، مِنْ عَامِي هَذَا، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ اسْتِخْفَافًا بِهَا، أَوْ جُحُودًا لَهَا فَلَا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ، وَلَا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ، أَلَا وَلَا صَلَاةَ لَه،ُ وَلَا زَكَاةَ لَهُ، وَلَا حَجَّ لَه،ُ وَلَا صَوْمَ لَهُ، وَلَا بِرَّ لَهُ، حَتَّى يَتُوبَ فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، أَلَا لَا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلًا، وَلَا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا، وَلَا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا إِلَّا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ " وفي إسناد هذا الحديث علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف .
- وحفظ من خطبته أيضاً ما أخرجه أبو داود ( 925 ) من حديث ابْنِ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه-أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا تَشَهَّدَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ نَسْتَعِينُه،ُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَه،ُ وَمَنْ يُضْلِل،ْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَة،ِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ إِلَّا نَفْسَه،ُ وَلَا يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا"
- ومن خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أيضاً ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
(7/360) عن الحسن البصري قال: طلبت خُطَبَ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الجمعة فأعيتني فلزمت رجلاً من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسألته عن ذلك، فقال: كان يقول في خطبته يوم الجمعة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أيها الناس إن لكم علماً فانتهوا إلى علمكم، وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، فإن المؤمن بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري كيف الله بصانع فيه، فليتزود المرء لنفسه ومن دنياه لآخرته، ومن الشباب قبل الهرم، ومن الصحة قبل السقم، فإنكم خلقتم للآخرة، والدنيا خلقت لكم، والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب، وما بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار، وأستغفر الله لي ولكم ."
وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعلم أصحابه – رضي الله عنهم- في خطبته قواعد الإسلام، وشرائعه، ويأمرهم، وينهاهم في خطبته إذا عرض له أمر أو نهي كما جاء في صحيح البخاري ( 930 )، ومسلم ( 875 ) من حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ –رضي الله عنهما- قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟" قَالَ: لَا، قَالَ: "قُمْ فَارْكَعْ".
ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك ، وأمره بالجلوس، كما جاء فيما رواه أبو داود
(923) من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ –رضي الله عنه- قال: جَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ، وربما قطع خطبته للحاجة تعرض، أو السؤال من أحد من أصحابه –رضي الله عنهم- فيجيبه ثم يعود إلى خطبته فيتمها، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ثم يعود، فيتمها كما جاء في سنن أبي داود ( 935 ) من حديث بُرَيْدَةَ – رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَقْبَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثُرَانِ وَيَقُومَانِ فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ ثُمَّ قَال: صَدَقَ اللَّهُ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ ثُمَّ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ، وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان، اجلس يا فلان، صل يا فلان، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة أمرهم بالصدقة وحضهم عليها، كما جاء في صحيح مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله –رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوْ الْعَبَاءِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا – رضي الله عنه- فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى آخِرِ...." الحديث.
وكان يستسقي بهم إذا قحط المطر في خطبته، كما جاء في صحيح البخاري (933) من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ –رضي الله عنه- قَالَ: أَصَابَتْ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه:ِ هَلَكَ الْمَال،ُ وَجَاعَ الْعِيَال،ُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-....."
وقد حفظت بعض كتب التاريخ نصاً كاملاً لبعض خطبه -صلى الله عليه وسلم- مثل ما جاء في تاريخ الطبري ( 2/394 – 396 )، قال ابن جرير: حدثني يونس بن عبد الأعلى
أخبرنا ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عمرو بن عوف -رضي الله عنهم-: " الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأؤمن به ولا أكفره ،وأعادي من يكفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى، ودين الحق والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط، وضل ضلالاً بعيداً، وأوصيكم بتقوى الله فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة وأن يأمره بتقوى الله فاحذروا ما حذركم الله من نفسه، ولا أفضل من ذلك نصيحة، ولا أفضل من ذلك ذكرى، وإنه تقوى لمن عمل به على وجل، ومخافة، وعون، صدق ما تبتغون من أمر الآخرة، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمر السر والعلانية لا ينوي بذلك إلا وجه الله، يكن له ذكراً في عاجل أمره، وذخراً فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم، وما كان من سوى ذلك يود لو أن بينه وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد والذي صدق قوله وأنجز وعده لا خُلْفَ لذلك فإنه يقول –تعالى-: " مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ "، واتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية، فإنه من يتق الله فقد فاز فوزاً عظيماً، وإن تقوى الله توقي مقته، وتوقي عقوبته، وتوقي سخطه، وإن تقوى الله تبيض الوجه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، خذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، قد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا أعداءه، وجاهدوا في الله حق جهاده، هو اجتباكم وسماكم المسلمين؛ ليهلك من هلك عن بينة، ويحي من حي عن بينة، ولا قوة إلا بالله، فأكثروا ذكر الله، واعملوا لما بعد الموت، فإنه من أصلح ما بينه وبين الله، يكفه ما بينه وبين الناس، وذلك بأن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه، ويملك من الناس ولا يملكون منه، الله أكبر، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "
وقال البيهقي: ( دلائل النبوة 2/523- 525 ): باب أول خطبة خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس الأصم حدثنا أحمد بن عبد الجبار حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني المغيرة بن عثمان بن محمد بن عثمان، والأخنس بن شريق، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف –رضي الله عنه- قال: كانت أول خطبة خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة أن قام فيها فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: " أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم، تعلمن والله ليصعقن أحدكم، ثم ليدعن غنمه ليس لها راعٍ ثم ليقولن له ربه - ليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه-: ألم يأتك رسولي فبلغك، وآتيتك مالاً، وأفضلت عليك، فما قدمت لنفسك ؟ فينظر يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً، ثم ينظر قدامه فلا يرى غير جهنم، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق تمرة فليفعل، ومن لم يجد فبكلمة طيبة، فإن بها تجزئ الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، والسلام على رسول الله ورحمة الله وبركاته"، ثم خطب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرة أخرى فقال: " إن الحمد لله أحمده وأستعينه، نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره، ولا تقس عنه قلوبكم، فإنه من يختار الله ويصطفي فقد سماه خيرته من الأعمال، وخيرته من العباد، والصالح من الحديث، ومن كل ما أوتي الناس من الحلال والحرام، فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، واتقوه حق تقاته، واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، وتحابوا بروح الله بينكم، إن الله يغضب أن ينكث عهده، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . ".
وفي إسناد ابن جرير والبيهقي إرسال، قال ابن كثير بعد أن ذكر أن طريق ابن جرير والبيهقي فيهما إرسال قال: إلا أنها – أي رواية البيهقي – مقوية بما قبلها وإن اختلفت الألفاظ (البداية والنهاية (4/528) .
ويستدل بما نقل من خطبه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على طريقته في الخطبة وهديه فيها فمن ذلك: يقول ابن القيم – رحمه الله - : كانت خطبته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما هي تقرير لأصول الإيمان من الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ولقائه، وذكر الجنة والنار، وما أعد الله لأوليائه، وأهل طاعته، وما أعد لأعدائه وأهل معصيته، فيملأ القلوب من خطبته إيماناً وتوحيداً ومعرفة الله وأيامه.
وقال: " ومن تأمل خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجدها كفيلة ببيان الهدى، والتوحيد، وذكر صفات الرب -جل جلاله-، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه –تعالى- التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره، وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته، وأسمائه، ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته، وشكره، وذكره ما يحببهم إليه ." زاد المعاد ( 1/ 423).
وهناك من المؤلفين من اعتنى بتتبع خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفردها بالتصنيف مثل:
1- خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لـ علي بن محمد المدائني (ت 215 هـ9).
2-خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لـ / أبي الشيخ محمد بن جعفر ابن حيان الأصبهاني (ت 369 هـ) .
3- خطب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لـ / أبي العباس جعفر بن محمد المستغفري
(ت433 هـ).
4- أربعون خطبة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع شرحها، لـ / ابن ودعان محمد بن علي ( ت 494 هـ )، وهذه الكتب حسب إطلاعي لم تصل إلينا.
هذا؛ والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.للحق وجه واحد
ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
"بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ" - 01-01-2008#7
- تاريخ التسجيل
- Nov 2005
- المشاركات
- 5,532
- المذهب أو العقيدة
- مسلم
خطبه(صلى الله عليه وسلم ) موثقة ومبثوثة في كتب الحديث والسيرة
اننى اذ أعترض على الصيغة التى ورد بها هذا السؤال واقول انه كان من الأولى ان يكون السؤال هل جمعت خطب النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب ؟
خلافا لصيغة السؤال ( !!!!! ) التى توهم بالاهمال او بأن شيئا من الاندثار قد اعترى بعضا مما تلفظ به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -
على الأقل فى باب العلم وهذا مما لم يقل به أهل العلم فيما أعلم ....
والله تعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين الذى أتمّه
" الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دينا.." المائدة 3
فإن ذلك لا يتاتى الا بحفظ وعائي هذا الدين : القرأن الكريم والسنة النبوية واللذان هما العاصم من الغواية والواقى من الضلال كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه الحاكم فى مستدركه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي »
فهل يقول قائل بعد ذلك بأن شيئا من قول النبى - صلى الله عليه وسلم - وفعله قد خفى علمه او اهمل ؟!
كيف وقد شرع الله لرسوله الزواج باكثر من اربعة لحِكَمٍ عظيمةٍ : منها ان تحيط نساؤه رضى الله عنهن بكافة امره التى لا يطلع عليه سواههن فيخبرْن بها ويعلمْنها للناس
هذا فضلا عن اصطفائه - سبحانه وتعالى - لنبيه أصحابا هم أفضل الخلق ما خلا الرسل.. وقد اودع الله فى نفوس هؤلاء الصحب من تمام الامانه ، وكمال الحفظ ، ودقة الضبط , ماتفرق فى صدور العالمين بعدالرسل - صلوات ربى وسلامه عليهم اجمعين -
خلاصة ما ارمى اليه وأود التنبيه عليه أن سنة النبى صلى الله عليه وسلم قد حفظت ودونت وكل ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم- خطبا او غيره - تلقفه اصحابه مقبلين عليه اقبال ذى الغُلة الصادى على الماء البارد فى لفح الهجير ، وأدّوه خير اداء صادرين من قول النبى صلى الله عليه وسلم فى صحيح البخارى عن عبد الله بن عمرو ان النبى صلى الله عليه وسلم قال:
"بلغوا عنى ولو آية "
وحذرين من قول الله عز وجل :" ...لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ .... " آل عمران187
واقول لمن يبحث عن خطب للنبى صلى الله عليه وسلم بتمامها : أن خطب النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - كلها مبثوثة فى بطون أمهات كتب المتون وموزعة على ابوابها حسب طريقة الجمع والعرض والتبويب التى عنى بها المصنف
فمثلا الامام البخارى - رضى الله عنه - قد بوب صحيحه على ابواب العلم ولا يأخذ من حديث النبى صلى الله عليه وسلم الا ما يشهد لما ذهب اليه خلافا للامام مسلم - رضى الله عنه - الذى ينفرد بمزية ايراد الحديث بتمامه ، وعليه فقد تجد الحديث الواحد عند مسلم هو احاديث كثيرة عند البخارى مجزاة وموزعة على ابواب العلم .. وهكذا فى السنن والمسانيد وغيرها . .
واما اذا كنا نبغى من جمع الخطب بتمامها ان نعرف هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى امر الخطابة حتى يتسنى لنا حسن الاقتداء ؛ فاقول بان النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديثه قد حدد لنا القواعد التى يجب ان نستوفيها جميعا اذا قام احدنا خطيبا ولمن ارادها فليرجع الي مظانها من كتب العلم
ويوجد ايضا , كتابان جمعا ما ورد في السنن حول خطبه صلى الله عليه وسلم ...
: الأول الجانب الأعلامي في خطب الرسول صلى الله عليه وسلم لمؤلفه محمد إبراهيم محمد إبراهيم . الصادر عن المكتب الأسلامي بيروت ..عام 1986
الكتاب الثاني : وهو أتم ما وجدت في موضوع خطبه صلى الله عليه وسلم :وعنوانه :
إتحاف الأنام بخطب رسول الأسلام سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام -(خطب المصطفى صلى الله عليه وسلم) ..جمعها وشرحها ..محمد خليل الخطيب ..دار ألأعتصام عام 1983
ويوجد كتاب اسمه "خطب النبي" من جمعية المكنز الإسلامي .. هذا الكتاب عبارة عن جمع لكل الأحاديث النبوية من الكتب السبعة (صحيح البخاري ومسلم وأبو داود وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه ومسند أحمد) والتي تحتوي على خطب للنبي .. باعتبارها من أصح الكتب في الحديث..
وهذا الكتاب نشر سنة 2003 ، المؤلف والناشر جميعة المكنز الإسلامي ..
وكل المعلومات الخاصة بالكتاب موجودة هنا
http://www.tradigital.de/products/Sermons.htm
هذا الكتاب هو محاولة لجمع الأحاديث الموجودة في الكتب السبعة
وهناك بالتأكيد خطب أخرى موجودة في باقي كتب الحديث.
ويوجد عدة كتب جمعت خطب او بعض خطب رسول الله عليه الصلاة والسلام ايضا وبعضها مذكور سابقا
هذه المواقع عن بعض خطب الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
http://sirah.al-islam.com/display.asp?f=rwd4227.htm
http://www.houla.org/Word/ramadan.htm
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=27258
http://www.alseraj.net/fikh/manar-alhakam/seam.htm
وهذه تجد فيها عشرات من خطبه صلى الله عليه وسلم
http://www.islamweb.net/ver2/Library...y.php?ID=30686
ولا تنسى ان منها ما حدّث به الصحابة على أجزاء او حتى فقرات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق