================
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
|
الدين في خدمة السياسة (2)
زواج المتعة
إحياء لطقوس فارسية قديمة
|
شبكة البصرة
|
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
|
"إنما المتعة كانت رخصة في أول الإسلام نهى عنها رسول الله زمن خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية" الأمام علي (رض)
"ليس لعمر أن يحرِّم ما أحلَّ الله، ولكنَّ عمر قد نهى عنها". عمر بن الخطاب(رض)
حقيقة موقف الإسلام من زواج المتعة
أباح الإسلام الزواج المؤقت لفترة محدودة وتشير الروايات بأن النبي محمد(ص) قد حرمه يوم خيبر، فقد ذكر الصحابي (سبرة الجهني) الحديث الشريف "يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الأستمتاع، ألا وإن الله قد حرمها إلى يوم القيامة, فمن كان عنده منهن شيء فَلْيُخَل سبيلها, ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً". في حين ذكر بعض الصحابة بأنها حرمت بعد فتح مكة. والصحيح إن الاسلام حرم جميع أنواع الزيجات الجاهلية التي لا تتم من خلال الخطبة والعقد والمهر كزواج الشغار(المقايضة) والرهط والخدن والخطف والضيز والمقت وغيرها. فعلام يستثني زواج المتعة طالما انه يخلو من الخطبة والمهر والعقد وبقية الشروط التي ثبتها الاسلام بوضوح؟ وقد جاء في الذكر الحكيم "وما فرطنا في الكتاب من شيء" سورة الانعام/388 فهل يعقل بعد هذا إن ندعي بأن القرآن قد فرط في زواج المتعة فلم يوفه حقه؟ من جهة ثانية هناك العديد من الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالزواج ومتعلقاته من الخطبة حتى إنقضاء الزواج. وهناك عشرات الأجوبه من الرسول(ص) وأزاوجه على أسئلة إستفهم عنها المسلمون والمسلمات عن أمور تتعلق بالزواج! فلماذا لا توجد أحاديث وأجوبة مماثلة عن زواج المتعة إن كان بتلك الأهمية التي صورها لنا الأئمة كما نسب لهم العلماء؟
إن الغرض من تحريم زواج المتعة واضح ولا يحتاج إلى تأويل فهو لجعل الزواج حرمة من حرمات الله عزً وجل، ومسئولية شرعية للمحافظة على النظام الأسري بميثاق مقدس متكامل القواعد والاحكام يتضمن الوعد والعهد وإحقاق الحقوق للزوجة والأبناء حاضرا ومستقبلا ويضمن للمرأة مكانتها وكرامتها من مرحلة الخطبة لغاية إنقضاء الزواج سواء بالموت أوالطلاق من ثم يسري لما بعد الممات من خلال ضوابط الإرث. ويكفل الزواج الدائمي بناء مجتمع اسلامي متميز يستند على ركائزاخلاقية متينة وأسس شرعية واجتماعية مستديمة ومتواصلة تؤمن الإستقرار والطمأنينة والقدرة على بناء أسرة متماسكة تساهم في بناء وتطوير المجتمع. وماعدا ذلك فهو إلتفاف وتحايل على شرع الله والعودة إلى الجاهلية الأولى.
تحميل الخطاب مسئولية تحريم المتعة
العدو الثابت للفرس الشعوبيين منذ الفتح الإسلامي هو عمر بن الخطاب(رض) إنه عدو الماضي والحاضر والمستقبل. لذلك تنصب جهود علمائهم على تكرار طعنة أبو لؤلؤة لتجريحه وتشويه ملامح صورته الناصعة. مع إن الفاروق رفع اذاهم وعاملهم معاملة حسنة عندما فتح بلادهم فقد كتب حينها للولاة" إني أعلم ما عليه المجوس. عندهم شريعة يعملون بها، فعاملوهم معاملة أهل الكتاب". وقد أشار المؤرخ المشهور ارنولد توينبي في كتابه (مختصر دراسة التأريخ) بأن "عمر بن الخطاب ساوى بين معاملة المسلمين مع الذميين من اليهود والنصارى".ومن الطبيعي أن يتجاهل الفرس النص القرآني الصريح (سورة المؤمنون) الآيات (5 ـ 7)"والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فأنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فألئك هم العادون". والأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الصحابة التي حرمت زواج المتعة. فقد روجوا حديثا إتهم فيه الفاروق بتحريم زواج المتعة
الحقيقة إن عمر بن الخطاب لم يحرم زواج المتعة كما يروج الجهلاء والدجالين فهو أدرى بحكم الله وشرع نبيه بأن لا يجوز له أن يحرم ما أحله الله ورسوله ولا يجرؤ هو أو غيره من الصحابة على تغيير شرع الله بما فيهم النبي محمد نفسه, إنها صلاحية منوطة بالذات الإلهية فقط ويطلق عليها(الناسخ والمنسوخ). وإنما تمسك الفاروق بتحريم هذه الزواج مستندا إلى الحديث النبوي الشريف السابق ذكره. فقد خطب في الناس بعد توليه الخلافة قائلا "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذِنَ لنا في المتعة ثلاثاً, ثم حرمها والله لا أعلم أحد يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة. إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد أن حرمها". ولم يأته اربعة شهود طوال خلافته وخلافة من بعده ليشهدوا بأن الرسول(ص) قد حللها بعد تحريمها! وهذا الأمر محير فعلا فلم يستطيع أن يفسر لنا علماء الإمامية القدامى منهم والمعاصرين: لماذا عجز كل الصحابة(رض) والمسلمون الأولون عن الإتيان بأربعة شهود ليثتبوا عدم تحريمها ويدحضوا أمر الفاروق؟ وقد عرفنا بعضهم معارضا قويا لسياسة عمر في مواقف كثيرة ومسائل أقل أهمية من زواج المتعة، فمال الخطاب للحق وإعترف بخطأه ليس للصحابة فحسب وإنما لأمرأة بسيطة جادلته وغلبته فإعترف بصحة رأيها أمام حشد من المسلمين، أخذ بقول المرأة دون أن يشعر بخجل أو وجل؟ أليس هو صاحب الإعتراف الشهير" لولا علي لهلك عمر". ويؤكد المجلسي كبير علماء الإمامية في كتابه بحار الأنوار هذا النهي ومصدر الحديث هو أبو عبد الله وليس معاوية" عن الفضل قال: سمعتأباعبدالله(ع) يقول: " بلغ عمر أنّ أهل العراق يزعمون أنَّ عمر حرّم المتعة فأرسل فلاناً ـ سمّاه ـ فقال: أخبرْهم أني لم أُحرمّها. وليس لعمر أن يحرِّم ما أحلَّ الله، ولكنَّ عمر قد نهى عنها". ويلاحظ من هذا الحديث إن الشكوى بشأن تحريم المتعة لم تأت إلا من أهل العراق فقط وليس بقية الأمصار. مما يؤكد بأن المسلمين في بقية الولايات لم يكن لديهم إدنى شك في التحريم! كما إن الخطاب أسرع بإرسال مندوبا عنه ليلبغهم بالنهي وليس التحريم. ولم يجادله العراقيون بأن لديهم أربعة شهود يشهدون بأن رسول الله (ص) أحلها بعد أن حرمها. لذلك إلتزموا بالنهي ولم يسمع عنهم مخالفة الأمر.
ويلاحظ إن نهي الفاروق- إذا إفترضنا جدلا نفي حديث الرسول(ص) حول تحريم زواج المتعة- ربما إستوجبته الظروف حينها ولكل مرحلة ظروفها الخاصة. على سبيل المثال: طلب الخطاب من (حذيفة بن اليمان) وقد تزوج امرأة يهودية من المدائن بأن يخلو سبيلها! فسأله حذيفة: أحرام يا أمير المؤمنين؟ فأجابه الفاروق: بل خشية على المسلمين بأن يقتدوا بك فيختاروا نساء من أهل الذمة ويتركوا المسلمات؟ علما أن الفتوحات الواسعة التي قام بها الفاروق نفت الحاجة إلى زواج المتعة بوفرة (ملك اليمين) بسبب كثرة الفتوحات. ومن الجدير بالإشارة إن المذاهب الإسلامية الأربعة والفرق الشيعية حرمت جميعها زواج المتعة بإستثناء الإمامية. بل أن الحنفية والشافعية ابطلوا صحة الزواج إن كانت النية منه المتعة فقط. ويرى الحنفية والمالكية بأن عقد الزواج إذا تضمن توقيت لمدة زمنية فإنه يعد باطلا ايضا. فقد سئل الإمام مالك: " أيبطل الزواج إذا قيل أتزوجك شهرا"؟ فأجاب" هذا النكاح باطل ويفسخ. إنها متعة حرمها رسول الله(ص)". بل أن الإمام الأوزاعي ذكر بأن الرجل إذاتزوج المرأة وفي نيته الطلاق فتلك تعتبر متعة وليس زواجا؟ الحديث هنا عن النوايا فكيف بالأفعال!
موقف إبن عباس وبقية الصحابة من زواج المتعة
من الغرائب المثيرة، إنه في الوقت الذي يعتمد فيه مراجع الامامية على روايات آل البيت في مذهبهم فإنهم هذه المرة تنصلوا من موقف الإمام علي(رض) وأخذوا برأي إبن عباس(رض)! بالرغم من أن الإمام علي جادل إبن عباس حول المتعة وقال له" إنك امرؤ تياه إنما المتعة كانت رخصة في أول الإسلام نهى عنها رسول الله زمن خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية".والإشكال المحير: إذا لم يكن للخطاب الحق في أن يحرم ما أحلً؟ فلماذ أعطي الحق لإبن عباس في أن يحلً ما حرم؟ ومن الجدير بالإشارة إن الأمامية لهم موقف متشدد مع إبن عباس بسبب مشاكله مع الإمام علي الذي إتهمه بنهب مال المسلمين! فقد نقل عن الزهري حديثه "سمعت الحارث يقول: إستعمل علي(ع) عبد الله بن عباس على البصرة، فحمل كل مال في بيت المال بالبصرة ولحق بمكة وترك علياً(ع) وكان مبلغه ألفي ألف درهم. فصعد علي(ع) المنبر حين بلغه ذلك فبكى فقال: هذا إبن عم رسول الله صلى اللّه عليه وسلم في علمه وقدره يفعل مثل هذا، فكيف يؤمن من كان دونه؟ اللهم إني قد مللتهم فأرحني منهم".
كما جاء في عدد من الروايات إن الإمام علي سخر من أبن عباس ووصف عقله بالبلادة. منها ما جاء عن الحسن بن عباس بن حُرَيش عن أبي جعفر الثاني قال "ذكر أبوعبد اللّه(ع): بينما أبي جالس وعنده نفر إذ إستضحك حتى إغرورقت عيناه دموعاً ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ فقالوا: لا. قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا. فقلت له: هل رأيت الملائكة يا إبن عباس تخبرك بولائها لك في الدنيا والآخرة مع الأمن من الخوف والحزن؟ فقال: إن اللّه تبارك وتعالى يقول {إنَّما المؤمنونَ إخْوَةٌ} وقد دخل في هذا جميع الأمة"فسخر الإمام علي من مقولته! من جهة ثانية نجد إن إبن عباس يكتب رساله خطيرة للإمام علي محملا أياه المسئولية عن سفك دماء مسلمين إثناء الفتنة الكبرى وما بعدها "فقد أكثرت يا عليّ، فواللّه لئن ألقى الله بجميع ما في الأرض من ذهبها وعقيانها أحبّ إليّ من ألقى اللّه بدم رجل مسلم". فأحرج بها الإمام علي ولم بردً على خطابه.
وجه الغرابة أيضا إن الإمامية بإباحة زواج المتعة أخذوا برأي من يبغضونهم أشد البغض كمعاوية بن أبي سفيان وأسماء بنت أبي بكر(أم عبد الله بن الزبير وأخت أم المؤمنين عائشه) وعدد من الصحابة معظمهم من بني أمية ممن أحلوا المتعة, وهذا ما سنفصله لاحقا. والأنكى منه إنهم نسبوا للإمام علي أحاديثا مختلقة بإباحتة المتعة فجعلوا منه شخصية قلقة متناقضة متذبذبة بلا رأي ثابت وهذا مخالف لما عرف عنه من حزم في الرأي وإصرار على الحق! إنها بربًي لجريمة بشعة بحق إمامنا الجليل. فقد ورد عن الإمام علي "حرم رسول الله نكاح المتعة ولحوم الحمرالأهلية يوم خيبر" وهذا الحديث مثبت في أبرز المصادر الشيعية كإستبصار الطوسي ووسائل الشيعة. إذن فلماذا لا يلام الإمام علي(ع) كملامة عمر طالما أنه نسب أيضا حديثا لرسول الله بتحريمها وذلك قبل أن يتولي عمر بن الخطاب الخلافة وينهي عنها. ولماذا التزم الإمام علي برأي عمر بالنهي عن المتعة طوال خلافته ولم يبيحها للمسلمين؟
هل إبن عباس متهم أم بريء من فتواه؟
يظن البعض أن إبن عباس أحل زواج المتعة بقراءة منفردة للآية الكريمة " فما إستمتعتم به منهن إلى أجل مسمى" دون أن يلتفت إلى ما جاء في سورة (المؤمنون)" والذين هم لفروجهم حافظون" ولكن فقيه الأمة لايمكن أن يغفل ذلك وهو الأدرى بأن المتمتعة ليست حافظة لفرجها؟ آخرون يدعون بأن إبن عباس أحل زواج المتعة عند الضرورة فقط شأنها شأن بقية المحرمات ومنهم إبن حمزة حيث ذكر "إنما في الحاجة الشديدة والضرورة". البعض الآخر يروي بأن إبن عباس تراجع عن فتواه في أواخر حياته لكن بعد خراب البصرة كما يقول المثل. فقد عاتبه سعيد بن جبير قائلا: ما صنعت بفتواك هذه؟ حتى قالوا فيها:
قد قلت للشيخ لما طال محبسه يا صاح هل لك في فتيا إبن عباس
هل لك في رخصة الأطراف آنسة تكون مثواك حتى رجعة الناس
فردً إبن عباس بألم وحسرة "إنا لله وإنا إليه راجعون. والله ما أفتيت بهذا ولا أردته ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير". إي تحلً المحرمات عند الضرورات. ومهما أختلفت الروايات التي معظمها ترجح تراجعه عن فتواه(بإستثناء الإمامية) فإنما ذلك لا يلغي مسئوليته الجسيمة عن تلك الخطيئة الكبرى وتحمله وزرها ووزر ما نجم عنها منذ صدور فتواه للوقت الحاضر. حيث أستخدمت كذريعة لممارسة الزنا المغلف بالدين. كما إن تبريره بأنه أحلها عند الضرورة تبريرا بلا قيمة ولا جدوى أومعنى له! فعند الضرورة يعلم كل المسلمين بأن الله عزً وجلً أحل كافة المحرمات شريطة لا (باغيا ولاعاديا) فعلام يفسر الماء بعد الجهد بالماء؟ المثير في الأمر أن إبن عباس إنفرد عن بقية الصحابة مع نفر قليل ـ تهربوا من مواجهة الفاروق ليشهدوا بإن الرسول(ص) أحل المتعة عندما طلب الخطاب أربعة شهود فقط! علما أن إبن عباس(أحل) وعمر(أنهى) بقوله "وأنا انهي عنهما وأعاقب عليهما: متعتا الحج ومتعة النساء". وهناك فرق كبير بين النهي والتحريم.
حاول البعض أن يبررلأبن عباس إحلاله المتعة بأنه لم يكن يعرف بأن النبي محمد (ص) قد حرمها! ولكن أبن عباس نفسه يفني هذا الإدعاء بقوله "إني كنت لاسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي(ص)" قبل أن يفتي في مسألة ما! فلماذا لم يسأل ثلاثين من كبار الصحابة في موضوع المتعة قبل أن يفتي بحلها إن صحت فتواه؟ وإذا سأل فمن هم أولئك الثلاثين صحابيا الذين سألهم وأغفلهم التأريخ؟ وقد عجز عمر بن الخطاب في العثور على (4) منهم وليس ثلاثين صحابيا كي يتراجع عن قراره!
العلاقة بين إبن عباس والإمام علي
لازم إبن عباس الرسول(ص) أقل من ثلاث سنوات وكان آنذاك غلاما لا يعتد برأيه, لكنه روى عنه(1660) حديثا، لم يصح منها لمسلم سوى(9) أحاديث. وأخذ البخاري في صحيحه (120) حديثا منه. والمثير في مسأله تمسك إبن عباس بزواج المتعة دون بقية الصحابة كما أشار القرطبي بقوله "جزمت جماعة الأئمة بتفرد إبن عباس بإباحتها" إن الأمام علي خاطبه" إنك رجل تائه". ويبدو أن إبن عباس(رض) برأي الإمام علي شخصية إسلامية قلقة لذلك وصفه بالتائه مما يعقد المسألة أكثر. الدوامة الأخرى هي رواية عطاء بن يسار بأنه سمع عبد الله إبن عباس يقول "ما كانت المتعة إلا رحمة. رحم لله بها أمة محمد. فلولا نهيه (أي النبي) عنها ما أحتاج إلى الزنا أحد إلا شفى" وهذا يعني علمه بتحريمها من قبل النبي(ص) وليس كما أشارت بعض الروايات بأن عددا من الصحابة لم يبلغهم تحريمها من قبل النبي(ص)! ونتساءل هنا: هل من المعقول أن ينتقد إبن عباس النبي بهذه الصورة المجحفة؟
الأنكى منه إن ابن عباس(رض) أفتى بحرمة زواج المحلل ـ عندما يتزوج الرجل مطلقة وفي نفسه أن يحللها لزوجها الأول، أي نكاح فيه دلسة وإلتفاف على شرع الله ـ فقد ذكر "إن النكاح المباح هو الذي يحتاج فيه إلى إقامة حدود الله في المعاشرة ونكاح المحلل ليس من هذا"! وهو نفس ما ذكره الإمام علي(رض) بقوله "لا ترجع إليه إلا بنكاح رغبة غير دلسة ولا إستهزاء بكتاب الله"! ونتساءل هنا: لماذا لم يعترض علماء الإمامية على إبن عباس وقد حرم نكاح المباح في حين إعترضوا على الفاروق لأنه إنهى – لنفترض جدلا بأنه حرم زواج المتعة- وكلاهما تحريم؟ ثم كيف يحل إبن عباس زواج المتعة ويحرم نكاح المباح وكلاهما يفتقر لشروط زواج الدائم؟
الجانب الآخر في موضوع إبن عباس كما ورد في (مصنف عبد الرزاق)." قيل لإبن عمر بأن إبن عباس يقول بالمتعة فأجاب" ما أظنّ ابن عبّاس يقول هذا. قالوا: بلى والله إنّه ليقوله. قال: أما والله ما كان ليقول هذا في زمن عمر، وإن كان عمر لينكّلهم عن هذا، وما أعلمه إلاّ السفاح". وفي رواية أخرى وردت في (مصنف إبن أبي ريشة) إنه: سئل إبن عمر عن المتعة فأجاب بحرمتها! فقيل له "ولكن إبن عباس يفتي بها! فأجاب: فهلاّ تزمزم (أي نطق بها) بها في زمن عمر؟ كما روى الترمذي في (الجامع الصحيح) عن ابن عبّاس قوله: إنّما كانت المتعة في أوّل الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوّج المرأة بقدر ما يرى أنّه يقيم، فتحفظ له متاعه، وتصلح له شيئه، حتى إذا نزلت الآية الكريمة "إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" قال ابن عبّاس: فكلّ فرج سوى هذين حرام". لذلك يمكن الجزم بأن موقف أبن عباس ربما شوهته الروايات المتناقضة عن عمد، ولايمكن الركون إلى هكذا فتوى مطلقا.
سنتحدث في الجزء القادم عن موقف بقية الصحابة(رض) من زواج المتعة. ونود الإشارة بأن هذه المجموعة (الدين في خدمة السياسة/زواج المتعة) تتكون من تسعة أجزاء. ويليها المجموعة الثانية (الدين في خدمة السياسة/الإمام المهدي إسطورة قديمة) من تسعة أجزاء أيضا. والمجموعة الثالثة (الدين في خدمة السياسة/المرجعية الفارسية بين تعظيم النار وتحقير من أطفأها) من عدة أجزاء إنتهينا من بعض أجزائها ونعكف على إكمال بقية الأجزاء... مستمدين العون من الله جلً جلاله وحده لا غيره.
ملاحظة أخيرة: كل الأحاديث الواردة والتي سترد في بقية الأجزاء مثبته أسانيدها عندنا ولم نذكر رقم الصفحة وطبعة الكتاب خشية من الإطالة والتكرار، ويمكن الرجوع إليها بسهولة في المصادر المذكورة.
|
شبكة البصرة
|
الخميس 11 رمضان 1432 / 11 آب 2011
المتعة محرمة زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم /وليس زمن الفاروق عمر رضي الله عنه |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق